
الصين وآسيان.. شراكة متنامية على صفيح ساخن
"آسيا هي موطننا المشترك، ومستقبلنا يرتبط باستقرارها وتعاون شعوبها"، بهذه الكلمات لخّص الرئيس الصيني شي جين بينغ رؤية بلاده للمنطقة، مؤكدًا أنّ آسيا ليست مجرد جوار جغرافي، بل هي عمق إستراتيجي وحيوي لأمن الصين القومي ومجالها الحيوي في مواجهة التحديات الدولية.
تعتبر جمهورية الصين قارة آسيا وخاصة جنوبها الشرقي حلبة الصراع الحقيقية بينها وبين التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة وربما ميدان المواجهة المقبلة.
ومع تزايد الحديث الغربي عن مواجهة الصعود الصيني خاصة في بحر جنوب الصين، تتشكل ملامح صراع ناعم ومعقد بين القوى الكبرى في المنطقة، ومع اشتداد الصراع الدولي على النفوذ، تحولت رابطة (آسيان) إلى ما يشبه ساحة مواجهة وصراع على التحالفات العسكرية والاقتصادية.
وفيما تروّج بكين نفسها كـ"شريك اقتصادي تنموي" للرابطة، ترى واشنطن الوجود الصيني خطرًا على مكانة الرابطة العالمية وسيطرتها على المنطقة، في حين تحاول دول الرابطة الموازنة في العلاقة بين الطرفين.
علاقات تاريخية واقتصادية
شهدت العقود القليلة الماضية تحولًا ملحوظًا في طبيعة العلاقة بين الصين وجيرانها، خاصة دول رابطة "آسيان" التي تحولت إلى قوة اقتصادية متنامية، يُصنف اقتصادها في المرتبة السابعة عالميًا، وتضم 10 دول هي إندونيسيا، وتايلاند، وفيتنام، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، وميانمار، وكمبوديا، ولاوس، وبروناي.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول آسيان مجتمعة حوالي 3.86 تريليونات دولار أميركي في عام 2023، مما يضعها ضمن أكبر الكتل الاقتصادية في العالم، كما تُظهر بيانات عام 2023 أن إندونيسيا تصدرت دول الرابطة من حيث الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 1.42 تريليون دولار، تليها تايلاند، سنغافورة، والفلبين.
ومنذ عام 2009 أصبحت الصين شريكًا اقتصاديًا لا غنى عنه للرابطة، حيث تجاوز التبادل التجاري بين الطرفين 975 مليار دولار عام 2023، إضافة لتقديمها مشاريع ضخمة في البنية التحتية ضمن مباردة " الحزام والطريق"، وقروضًا بمليارات الدولارات.
وتلعب مبادرة "الحزام والطريق" التي أعلن عنها الرئيس شي جين بينغ عام 2013، دورًا محوريًا في ترسيخ النفوذ الصيني بالمنطقة، حيث تسعى من خلال مشاريع البنية التحتية إلى بناء شبكات لوجستية وتجارية تضمن لها مرورًا آمنًا ومستقرًا لبضائعها نحو المحيط الهندي.
وتُعتبر اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وآسيان، الموقعة عام 2010، واحدة من أقوى المحفزات للنمو التجاري بين الطرفين، إذ أزالت كثيرًا من القيود الجمركية وساهمت في تعزيز التعاون الاقتصادي العابر للحدود.
وساهم النهوض الصيني في التأثير إيجابيا على دول آسيان، خاصة من خلال نقل الإنتاج من الصين إلى هذه الدول، وزادت صادرات الصين إلى دول آسيان في عام 2023 حوالي 14.2% مقارنة بالعام السابق، واستثمرت الشركات الصينية حوالي 24 مليار دولار في قطاع التصنيع في دول آسيان، مع تركيز كبير على فيتنام وماليزيا.
لكن هذا التعاون الاقتصادي، يمتزج بخلافات سياسية عميقة وتاريخية خصوصًا مع دول مثل فيتنام والفلبين وماليزيا، تتنازع مع الصين على السيادة في بحر جنوب الصين، بالإضافة إلى تصاعد المخاوف من الوقوع في "فخ الديون" أو فقدان السيطرة على مشاريع إستراتيجية ممولة من الصين، كما هو الحال في لاوس وكمبوديا، حيث تشير تقارير إلى ارتفاع نسبة الديون الصينية وتنامي النفوذ الاقتصادي لبكين على حساب السيادة الوطنية.
لا يقتصر الدور الصيني في آسيان، على الجانب الاقتصادي، بل يمتد إلى الجانب السياسي والعسكري، إذ وفرت الصين على سبيل المثال غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا للنظام العسكري في ميانمار، الذي جاء نتيجة انقلاب في فبراير/شباط 2021، وأطاح بالحكومة المدنية المنتخبة بقيادة أونغ سان سو تشي، عبر منع صدور قرارات من مجلس الأمن ضده، ودعمه ضمنيًا في المحافل الدولية بما فيها اجتماعات آسيان، رغم أنها لم تُعلن تأييدها الصريح للانقلاب.
وأثار هذا الدعم قلق عدد من دول آسيان، التي رأته يُضعف موقف الرابطة في دفع عملية السلام وإعادة الديمقراطية، ويُعقّد من إمكانية التوصل إلى موقف موحد تجاه ميانمار.
وفي عام 2018، اعتُبر موقف الصين من الأزمة السياسية في جزر المالديف -عندما أعلن الرئيس عبد الله يمين حالة الطوارئ واعتقل قضاة المحكمة العليا ومعارضين سياسيين متجاهلا أوامر المحكمة بالإفراج عن السجناء السياسيين- دعما ضمنيا للرئيس، وخلال حكم الرئيس يمين، وقّعت المالديف اتفاقية تجارة حرة مع الصين، ضمن مبادرة "الحزام والطريق".
التوتر في بحر جنوب الصين
تُعد قضية بحر جنوب الصين المحور الأخطر في العلاقة بين الصين ودول آسيان، إذ تدّعي بكين أن لها حقوقا تاريخية على مساحات واسعة في هذه النقطة المائية، أو ما يُعرف بـ"خط التسع نقاط"، الذي يغطي مياهًا في تلك الدول، وتزعم أنّ هذا البحر يُعد تاريخيا جزءا من "التراب الأزرق" وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى المناطق البحرية التي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها الوطنية.
ويتضمن النزاع مناطق أرخبيل "سبراتلي" وجزر "باراسيل" في بحر جنوب الصين، وهي مناطق تزخر بالموارد الطبيعية، وبينما تطالب الفلبين وماليزيا وفيتنام وبروناي بالسيادة على مناطق متنازع عليها في البحر، تؤكد الصين أنها صاحبة الحق التاريخي على نسبة 90% من جُزره والمياه المحيطة بها.
ومنذ عام 2013، عززت الصين من وجودها العسكري في المنطقة عبر بناء جزر صناعية وتحويل الشعاب المرجانية إلى قواعد جوية وبحرية، مزودة بأنظمة دفاع جوي ورادارات ومهابط للطائرات.
وتسببت هذه التحركات في احتجاجات متكررة من دول مثل الفلبين، التي حصلت في 2016 على حكم من محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، يبطل المزاعم الصينية، لكن بكين رفضت الاعتراف بالحكم.
وتبنى الرئيس الفلبيني آنذاك رودريغو دوتيرتي موقفًا براغماتيًا مرنًا تجاه الصين، يظهر حرصه على عدم الإضرار بالعلاقة معها، حيث وصف الحكم بأنه "مجرد ورقة يمكن وضعها في الدرج والعودة إليها لاحقًا"، وأكد أن بلاده لا تستطيع "الدخول في حرب" مع الصين.
تعكس هذه المعادلة الحرجة على نطاق أوسع محاولات دول آسيان للمحافظة على التوازن في العلاقة مع الصين، فهي لا تريد مواجهة مع بكين، وفي نفس الوقت لا تريد أيضا أن تتخلى عن سيادتها على المياه المتنازع عليها. أما دول مثل كمبوديا ولاوس، فتبدو أكثر قربًا لبكين، بل تُتهم أحيانًا بأنها "تتحدث باسم الصين" داخل آسيان، مما يثير انقسامًا داخل التكتل نفسه.
هذا التباين أضعف قدرة آسيان على اتخاذ مواقف موحدة تجاه الملفات الإقليمية الكبرى، وأدى إلى فتور في مفاوضات طويلة الأمد مع الصين حول مدونة سلوك ملزمة لتنظيم النزاعات في بحر جنوب الصين.
دور أميركي في العلاقة
لا يمكن الحديث عن العلاقة بين الصين وجيرانها من الدول الآسيوية وخاصة دول آسيان دون أخذ السياسة الأميركية ودورها في المنطقة بالاعتبار، فالولايات المتحدة لا تزال حاضرة بقوة عبر قواعدها العسكرية، وتحالفاتها الإستراتيجية، ووجودها في بحر جنوب الصين، خاصة في الفلبين وتايلاند وسنغافورة، وكذلك عبر مشاريعها في مجالات التكنولوجيا والطاقة.
وتحاول الولايات المتحدة حصار الصين في محيطها، وترى أن تحركات بكين تمثل تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة البحرية، وتحاول عبر إستراتيجيات متعددة التصدي لما تصفه بـ"التمدّد الصيني".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، قال وزير الخارجية الأميركي آنذاك، أنتوني بلينكن، في قمة آسيان 2024، إن "الولايات المتحدة ستواصل دعم حرية الملاحة والتحليق في منطقة المحيطين الهندي والهادي".
وترى الولايات المتحدة واليابان وأستراليا أنّ حرية الملاحة ستكون معرضة للخطر إذا فرضت الصين سيادتها على البحر، الذي يُعتبر ممرًا مائيا رئيسيًا وأهم شرايين التجارة العالمية في يدها.
وبدأت واشنطن مع حلفائها من الدول الغربية، تعزيز التحالفات في جنوب شرق آسيا منذ سنوات، مثل التحالف "الرباعي" الذي يضم أميركا واليابان والهند وأستراليا، وتحالف "أوكوس" (AUKUS) الأمني مع بريطانيا وأستراليا، الذي بدأ تنفيذ دوريات بحرية في المنطقة منذ 2015، تحت شعار "حماية حرية الملاحة"، بهدف تعميق التعاون الدبلوماسي والأمني والدفاعي في منطقة المحيطين الهندي والهادي، والعمل على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، في إشارة غير صريحة أيضا إلى الصين.
كما أطلقت واشنطن مبادرات بديلة لمبادرة "الحزام والطريق"، والتي تعتبر عنوان النفوذ الاقتصادي والسياسي الصيني، وأبرزها مبادرة "الممر الاقتصادي" التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة العشرين 2023 في نيودلهي، حيث يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، ويضم استثمارات في السفن والسكك الحديدية، ويربط الهند أيضا بأنحاء أوروبا، عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل.
عسكرة البحر
وتدعم الولايات المتحدة جهود دول آسيان في مواجهة المطالب الصينية، حيث تسيّر دوريات بحرية مشتركة مع الفلبين، وتقدم مساعدات عسكرية وتكنولوجية لدول مثل فيتنام وإندونيسيا.
وعززت وجودها العسكري والدبلوماسي مع دول "آسيان"، خاصة عبر اتفاقيات دفاع مع الفلبين وتايلاند، وتعاون وثيق مع سنغافورة وفيتنام، وهو ما تراه الصين تهديدًا مباشرًا لأمنها الإقليمي، متهمة واشنطن بأنها تزرع "الفتن البحرية" وتشجع الدول على تحدي المطالب الصينية في بحر جنوب الصين.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في 2020، إن الولايات المتحدة أصبحت "أكبر محرك لعسكرة بحر الصين الجنوبي" و"العامل الأكثر خطورة.. في المنطقة".
وفي مارس/آذار 2023 حذرت الصين من "الاستفزازات الأميركية" بعد دخول مدمرة أميركية المياه الإقليمية لجزر شيشا الصينية دون إذن، وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، حضّت واشنطن بكين على إنهاء أعمالها "الخطرة والمزعزعة للاستقرار" في بحر جنوب الصين بعد اصطدام زورق فلبيني وسفينة لخفر السواحل الصيني قرب منطقة شعاب مرجانية متنازع عليها.
وأعلنت الفلبين في أغسطس/آب 2024 إجراء مناورات مشتركة مع كل من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، في منطقة بحر جنوب الصين، الأمر الذي ردت عليه الصين بتسيير دوريات مشتركة في المجال البحري والجوي قرب الجزر المرجانية المتنازع عليها مع مانيلا.
وبدأت الصين عام 2021، في نشر صواريخ طويلة المدى مضادة للسفن على طول سلسلة الجزر التي تمتد من اليابان إلى تايوان والفلبين، ونشرت قوات قادرة على تنفيذ عمليات في ما تصفه بـ"ما بعد السلاسل الأولى من الجزر"، ما يعني استعدادها لعمليات عسكرية بعيدة المدى.
وترى بكين أن السيطرة على بحر جنوب الصين ليس مسألة سيادة فقط، بل مسألة بقاء إستراتيجي، خاصة مع إمكانية تطور النزاع حول تايوان إلى مواجهة أوسع تشمل المنطقة بأكملها.
نظرة مستقبلية
يبدو أن العلاقة بين الصين وآسيان ستظل رهينة للتوازنات الدقيقة بين الاقتصاد والسياسة، بين المصالح المشتركة والخلافات المتجذّرة، لكنها ستميل على الأرجح باتجاه تحسين العلاقة مع الصين كونها قوة صاعدة ومجاورة، أمام السياسة الانسحابية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب، وسياساته الاقتصادية الشرسة.
وتحاول الصين تعزيز استثماراتها مع دول الرابطة والحفاظ على علاقات جيدة دون الوصول إلى مرحلة المواجهة، حيث أعربت في أبريل/نيسان 2023، عن استعدادها لتسريع المشاورات مع دول آسيان بشأن مدونة قواعد السلوك في بحر جنوب الصين، بهدف تقليص احتمالات تفجر الصراعات البحرية في المنطقة، لكنها مع ذلك يمكن أن تواجه مقاومة متزايدة في ظل تنامي المشاعر القومية في بعض الدول وإثارة الخلافات الحدودية.
أما آسيان، فسيكون هاجسها المستمر الحفاظ على استقلال قرارها، دون الانجرار إلى محور ضد الآخر، رغم الضغوط المتزايدة من واشنطن وبكين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار قطر
منذ 2 ساعات
- أخبار قطر
تراجع بغداد عن اتهام كردستان ببناء علاقة مع واشنطن
بعد ما حصلت على العقود النفطية اللي اتوقعها حكومة إقليم كردستان مع شركات أميركية، بقيمة تقريبا عشرات مليارات الدولارات، حسيت الحكومة العراقية بتضايق، عشان اتوقعتها من غير ما تخبر بغداد، بس بعدين خفت الحكومة العراقية من لهجتها وبسأل على 'التزام الدستور' في حل موضوع سيادي مهم زي كده. وبالرغم من جدل الاتفاقيتين اللي اتوقعهم رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، مع شركتين أميركيتين، لتطوير حقول الغاز في منطقتي ميران، وتوبخانة – كوردمير، بمحافظة السليمانية، بقيمة إجمالية 110 مليار دولار، واللي هيغطوا فترة المشروع كلها، المشكلة بين بغداد وأربيل ما زالت قايمة لأن ما لقوا حل لـ 'قانون النفط والغاز'، اللي بيسبب توتر شديد بين الطرفين. الخبر يذكر إن 'مشروع قانون النفط والغاز' من أهم المشاريع القانونية اللي تم طرحها من 2007، عشان أهميته الاستراتيجية لمستقبل البلاد، ولتنظيم العلاقة العصبية بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان. بالرغم إنه تم تضمينه أكتر من مرة في جدول أعمال البرلمان، الاختلافات العميقة بين بغداد وأربيل، خصوصا تعنت بعض القوى الشيعية، ما زالت عقبة كبيرة أمام اعتماده.


العرب القطرية
منذ 5 ساعات
- العرب القطرية
بمشاركة كبرى المؤسسات المالية العالمية.. «القطرية» تستعرض إستراتيجيتها المستقبلية
الدوحة - العرب استضافت الخطوط الجوية القطرية مؤتمرها السنوي للمستثمرين 2025 في مدينة الدوحة، بمشاركة نخبة من كبريات المؤسسات المالية العالمية، للاطلاع على الأرباح القياسية التي حققتها المجموعة واستراتيجيتها الطموحة في مسيرة التحول. واستعرضت الخطوط القطرية استراتيجيتها خلال السنوات المقبلة بحضور أبرز شركات التمويل العالمية في مجال الطيران، بما في ذلك شركات التأجير والخدمات المصرفية والتأمين، للحصول على لمحة شاملة عن الأداء المالي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، وتوسع أسطولها وشبكة وجهاتها، وتميزها التنافسي، وجهودها الحثيثة في مجال الاستدامة، وخططها لتفعيل دور موظفيها، بالإضافة إلى رؤيتها للسنة المالية 2024/2025 وما بعدها. وترتكز استراتيجية الخطوط الجوية القطرية على أربع ركائز رئيسية وهي: تطوير التكنولوجيا من خلال تحديث الأسطول، وتعزيز العمليات، واستخدام وقود الطيران المستدام ووقود الطيران منخفض الكربون، والمشاركة في خطة تعويض الكربون وخفضه في قطاع الطيران الدولي (CORSIA). وحققت الخطوط الجوية القطرية أداءً مالياً خلال العام 2025/2024 يعد الأقوى في تاريخها وفي جميع أقسامها بما في ذلك القطرية للشحن الجوي والشركة القطرية لتموين الطائرات والسوق الحرة القطرية، حيث بلغ صافي الأرباح 7.85 مليار ريال (2.15 مليار دولار أمريكي)، محققة بذلك زيادة قدرها 1.7 مليار ريال (0.5 مليار دولار أمريكي) مقارنة بالعام الماضي. كما قدمت القطرية للشحن الجوي، الشركة الرائدة عالمياً في قطاع الشحن الجوي، أداءً مالياً مبهراً حيث سجلت زيادة في الإيرادات بلغت نسبتها 17 بالمئة، محققةً بذلك أرباحاً تعدّ الأفضل منذ جائحة كوفيد-19. ويعزى ذلك إلى مرونة الشركة في التكيف مع ظروف سوق الشحن المتغيرة، والتركيز على الاستثمار في مجالات الرقمنة، والتحليلات العميقة المستندة إلى البيانات وموثوقيتها التي تعد الأفضل في فئتها.


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
المنتدى الاقتصادي يناقش الفرص والتحديات.. الرئيس التنفيذي لـ «أريدُ»: 26 ألف وظيفة في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة
الدوحة - العرب أكد سعادة الشيخ علي بن جبر بن محمد آل ثاني، الرئيس التنفيذي لـ «أريدُ قطر»، أن الشركة ملتزمة بالاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، وأحدثها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بهدف تمكين مختلف القطاعات الاقتصادية، ودعم مسيرة التحول الرقمي لدولة قطر. وأوضح الرئيس التنفيذي لـ «أريدُ قطر»، خلال جلسة بعنوان: تحقيق إمكانات الذكاء الاصطناعي ضمن منتدى قطر الاقتصادي 2025، أن الشركة مستمرة في الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة بما يتماشى مع مسيرة التحول الرقمي في دولة قطر. وقال سعادته:» نعمل على أن تكون بنيتنا التحتية أكثر ذكاء، ولتحقيق ذلك علينا الاستثمار وتوسيع مراكز البيانات لدينا، وتحقيق ذلك يتطلب تسريع وتيرة تبني أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ نحتاج الذكاء الاصطناعي لإدارة البنية التحتية، وخدمات العملاء، وتحويل أنظمتنا من أنظمة تفاعلية إلى استباقية، خاصة وأن الاستثمار في الأدوات المناسبة سيحسن عمليات الصيانة الوقائية لدينا». وأضاف قائلا:» نحن ملتزمون بالقيام بما يجب فعله للاستفادة من هذه التكنولوجيا، ولهذا يجب أن نواصل الاستثمار في المجالات المناسبة، والاستثمار في الابتكارات المناسبة، ولا يتعلق الأمر فقط بالاستثمار في البنى التحتية، لكن يجب أن يكون هناك استثمار في الابتكار، وأن نكون رائدين في هذا المجال». مبادرات الذكاء الاصطناعي وأكد سعادة الشيخ علي بن جبر بن محمد آل ثاني، أن الرؤية الوطنية لدولة قطر 2030 أصبحت واقعا في طور التنفيذ الفعلي، بالإضافة إلى الأجندة الرقمية 2030 والتي تهم قطاع الاتصالات وباقي القطاعات، لافتا إلى أن دولة قطر خصصت نحو 2.5 مليار دولار من أجل مبادرات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. وأوضح أن جزءا من تلك الاستراتيجية يتمثل في خلق فرص عمل في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ومن المنتظر أن يتم توفير أكثر من 26 ألف فرصة عمل جديدة خلال السنوات المقبلة لتحقيق هذه الاستراتيجية. أداة تشغيلية فعالة بدورهم رأى متحدثون في الجلسة الحوارية المنعقدة تحت عنوان «نظرة المستثمرين في التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي أصبح واقعا فماذا بعد؟»، أن الموجة الحالية للتكنولوجيا تمثل نقطة تحول في طريقة اتخاذ القرار وإدارة الشركات، وتحديد مجالات الاستثمار التالية. وأجمع هؤلاء على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنية مستقبلية بل أداة تشغيلية فعالة تستخدم بالفعل في تقييم الاستثمارات، وتحليل البيانات، وتحسين الكفاءة التشغيلية داخل المؤسسات، مستعرضين رؤاهم حول كيفية تبني الذكاء الاصطناعي في نماذج الأعمال، والقطاعات الواعدة للاستثمار، والمخاطر الكامنة، إضافة إلى الأثر المتوقع على القوى العاملة. وأوضح هنري نغوين رئيس مجلس إدارة Phoenix Holdings، أن الذكاء الاصطناعي أداة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتوجيهها لحل مشكلات دقيقة وواقعية، وأن التقدم السريع في هذا المجال يعود إلى طفرة في قدرات الحوسبة التي مكنت النماذج الذكية من تقديم نتائج فورية، كما هو الحال في نماذج مثل «تشات جي بي تي» و VO3 من غوغل، والتي تمثل قفزات نوعية في سرعة المعالجة وتعدد الاستخدامات. اتخاذ القرار الاستثماري من جهته، شدد كريس فارمر الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة SignalFire، التي تعد أول شركة رأس مال مغامر مبنية على منصة ذكاء اصطناعي، على أن الأخيرة توظف هذه التقنية في جميع مراحل اتخاذ القرار الاستثماري، بدءا من جمع وتحليل البيانات عن أكثر من 650 مليون شخص، وصولا إلى التنبؤ بفرص النمو في الشركات الناشئة. وقال فارمر إن البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، رغم أهميتها، بدأت تشهد تحولها إلى سلعة عامة، وهو ما يحرك اهتمام المستثمرين نحو طبقة التطبيقات التي تحوي بيانات ضخمة داخل المؤسسات، يمكن جمعها وتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي لصنع قرارات استراتيجية. وأضاف: «السباق اليوم يدور حول تجميع البيانات، وتأثيرات شبكة البيانات هي جوهر أطروحتنا الاستثمارية». العناية القانونية والمالية بدورها، عرضت سمية بوعزة الرئيسة التنفيذية لمجموعة Multiply، كيف تبنت مجموعتها الذكاء الاصطناعي في مرحلتي الاستثمار والتشغيل، موضحة أنهم أضافوا منذ سنوات العناية التقنية، بما يشمل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إلى جانب العناية القانونية والمالية أثناء تقييم الفرص الاستثمارية. وأشارت إلى أن المجموعة أطلقت مؤخرا نظاما ذكيا يدعى «MAI»، يشبه مراقب مجلس إدارة افتراضي، يساعد على تحسين عملية اتخاذ القرار ويعزز الشفافية. كما دمجوا أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارات الموارد البشرية والمالية والقانونية، مما أدى إلى توفير أكثر من 140 ألف ساعة عمل. وفي ختام الجلسة، اتفق المشاركون ردا على سؤال حول تصورهم لما قد يقود إليه الذكاء الاصطناعي بعد خمس سنوات، على أن التقدم السريع يجعل من الصعب رسم خريطة طريق دقيقة، لكنهم أجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في أتمتة المهام المتكررة، مما يحرر الطاقات ويرفع كفاءة القوى العاملة للتركيز على مهام أعلى قيمة للبشرية من قبيل الابتكار.