logo
إيران تواصل الاتصالات بالترويكا الأوروبية دون تحديد موعد التفاوض

إيران تواصل الاتصالات بالترويكا الأوروبية دون تحديد موعد التفاوض

الجزيرةمنذ 15 ساعات

أعلنت إيران -اليوم الاثنين- أنها لم تتخذ قرارا نهائيا بعد، أو تحدد موعدا للجولة القادمة من المفاوضات مع "الترويكا الأوروبية" (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) لكنها أفادت باستمرار الاتصالات مع تلك الدول الثلاث التي نددت اليوم بـ"التهديدات" الموجهة إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن بلاده "كانت تطالب دائما بأن يلتزم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحدود مهامه التقنية ويتجنب التأثر ببعض الدول".
واستدرك بقائي قائلا "لكن الوكالة لم تتجاوب، وتقرير مديرها كان إحدى الذرائع للهجوم على منشآت إيران النووية. كما ألحق ضربة قوية بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".
وأشار إلى أنه "لا يمكن للوكالة أن تتوقع من إيران الالتزام بتعهداتها في ظلّ صمت الوكالة أو تبريرها لهذا العدوان".
الترويكا تندد
نددت كل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة -في بيان مشترك لهم اليوم- بالتهديدات التي وُجهت إلى غروسي، وأكدت دعمها الكامل له وللوكالة في أداء مهامها.
ودعت الدول الثلاث -في بيان مشترك- السلطات الإيرانية إلى الامتناع عن أي إجراءات من شأنها إنهاء التعاون مع الوكالة. كما حثت طهران على "استئناف التعاون الكامل والفوري بما يتماشى مع التزاماتها القانونية، واتخاذِ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة وأمن موظفي الوكالة".
يُذكر أن طهران اتهمت غروسي بـ"خيانة التزاماته" لعدم إدانته الضربات الإسرائيلية والأميركية. وقد صوّت المشرّعون الإيرانيون الأسبوع الماضي على تعليق التعاون مع هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وفي تصريحات له يوم الجمعة الماضي، اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن "إصرار غروسي على زيارة المواقع التي تعرضت للقصف بحجة الضمانات لا معنى له، وربما ينطوي على نية خبيثة".
وتعتبر طهران أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية -الصادر في 12 يونيو/حزيران الجاري والذي اتهم إيران بتجاهل التزاماتها النووية- كان بمثابة "ذريعة" للحرب التي شنتها إسرائيل في 13 حزيران/يونيو.
ولم يتم تحديد التهديدات التي كانوا يشيرون إليها، غير أنّ صحيفة "كيهان" الإيرانية المحافظة قالت مؤخرا إن هناك وثائق أظهرت أن غروسي كان "جاسوسا للكيان الصهيوني ويجب إعدامه".
ونفت إيران أمس توجيه "أي تهديد" لغروسي. وقال سفيرها في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني بمقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأميركية "ليس هناك أي تهديد" للمدير العام أو المفتشين، مؤكدا أن مفتشي الوكالة موجودون بإيران "في ظروف آمنة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران
مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران

أعلن وزراء خارجية دول مجموعة السبع في بيان مشترك الاثنين، دعمهم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وطالبوا باستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي. وجاء في بيان الوزراء "ندعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران وندعو لاستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي". وطالب البيان بمفاوضات تؤدي إلى اتفاق شامل وقابل للتحقق ودائم بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقال وزراء مجموعة السبع "نؤكد دعمنا أمن إسرائيل". في سياق متصل قال مندوب إيران بالأمم المتحدة، إن استناد واشنطن للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لتبرير الهجوم علينا تحريف للقانون. وأضاف أن الهجوم الأميركي على "منشآتنا النووية عمل عدواني مخالف لميثاق الأمم المتحدة". وطالب الدبلوماسي الإيراني بإجراءات تنفيذية بموجب الفصل السابع لمحاسبة أميركا وإسرائيل. وكانت إسرائيل شنت عدوانا جويا على إيران في 13 يونيو/حزيران، حيث قصفت العديد من المنشآت النووية والقواعد العسكرية وحتى المرافق المدنية، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى، منهم كبار القادة العسكريين. وفي المقابل، ردت إيران بضربات صاروخية استهدفت مناطق حساسة في إسرائيل، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى وأكثر من 3 آلاف جريح. وقد تدخلت الولايات المتحدة في الحرب إلى جانب إسرائيل واستهدفت 3 منشآت نووية في إيران في 22 يونيو/حزيران. وتحت ضغط أميركي توصلت إيران وإسرائيل لاتفاق لوقف إطلاق النار في 24 يونيو/حزيران.

خروقات تفضح إسرائيل في حربها مع إيران
خروقات تفضح إسرائيل في حربها مع إيران

جريدة الوطن

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الوطن

خروقات تفضح إسرائيل في حربها مع إيران

لم تكن الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران في يونيو/‏ حزيران 2025 مجرّد تصعيد تقليدي في صراع إقليمي مزمن، بل مثّلت تحوّلًا نوعيًا في مسار العلاقات العدائية بين الطرفين، وحملت في طياتها تساؤلات حادّة حول مدى احترام قواعد القانون الدولي العام والإنساني. فللمرة الأولى منذ عقود، يستهدف طرفٌ في نزاع منشآت نووية خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة تضع المجتمع الدولي أمام اختبار غير مسبوق: هل يمكن تبرير استخدام القوّة ضد منشآت مدنية ذات طبيعة استراتيجية؟ وهل يسمح القانون الدولي بما يُسمّى «الضربة الوقائية» في ظل غياب خطر وشيك؟ في هذا السياق، يقدّم هذا المقال قراءة قانونية تحليلية لمسار الحرب بين إسرائيل وإيران، انطلاقًا من القاعدة القانونية العامة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مرورًا بتقييم موقفي الطرفين استنادًا إلى مبادئ «الضرورة» و«التناسب»، وصولًا إلى مساءلة موقف الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية، ومدى التزامها بحماية النظام الدولي من التفكك تحت وطأة ازدواجية المعايير. أولًا: الخلفية والقاعدة القانونية العامة يحكم ميثاق الأمم المتحدة استخدام القوّة بين الدول، وبشكل خاص تنص المادة 2 (4) منه على حظر التهديد أو استخدام القوّة في العلاقات الدولية. كما تنص المادة 51 على أن من حق الدول استخدام القوّة دفاعًا عن النفس، فقط في حال وقوع «هجوم مسلّح»، شريطة احترام معايير الضرورة والتناسب، مع إبلاغ مجلس الأمن فورًا بالإجراءات المتخذة. وبناءً عليه، فإن أي عمل عسكري لا يستوفي هذه الشروط ولا يصدر بموجبه تفويض صريح من مجلس الأمن يُعدّ غير مشروع في القانون الدولي. ثانيًا: تقييم موقف إسرائيل فجر 13 يونيو/‏ حزيران 2025، شنّت إسرائيل عملية جوية واسعة النطاق حملت اسم «الأسد الصاعد»، استهدفت خلالها عشرات المواقع داخل الأراضي الإيرانية، من بينها منشآت نووية ومنصات صاروخية، بالإضافة إلى مراكز قيادة وأبحاث عسكرية. وأسفرت الضربات عن مقتل عدد من كبار الضباط في الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب علماء نوويين بارزين. برّرت تل أبيب هذه العملية باعتبارها «هجومًا وقائيًا» يهدف إلى إحباط تهديد وشيك من إيران، يتمثل في هجوم مرتقب بواسطة صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة كانت إيران – بحسب الرواية الإسرائيلية – بصدد إطلاقها عبر شبكة من الحلفاء في المنطقة. من هذا المنطلق، رأت إسرائيل أن ضرباتها جاءت في إطار «الضرورة الإستراتيجية» لمنع تعاظم التهديد الإيراني قبل تحوّله إلى واقع عملي يصعب احتواؤه لاحقًا. المآخذ القانونية على العمليات العسكرية الإسرائيلية: معيار الخطر الوشيك: يُعدّ معيار «الوشيك» في العرف الدولي من أكثر المعايير صرامة فيما يتعلق بشرعية اللجوء إلى القوة، فلا يُعدّ التهديد المسوَّغ لضربة استباقية مشروعًا، إلا إذا كان الهجوم المعادي على وشْك الوقوع فعلًا،.لذلك، يرجّح معظم الفقهاء أن ما جرى هو ضربة وقائية تهدف إلى تحييد قدرات عدو محتمل في المستقبل. شرط التناسب: يفرض القانون الدولي، ضمن مبدأ الدفاع الشرعي، أن يقتصر أي ردّ مسلّح على الهدف المباشر المتمثل في إزالة التهديد، وعليه، إذا ثبت أن الضربات الإسرائيلية هدفت إلى تحقيق ردع إستراتيجي شامل أو إعادة صياغة ميزان القوى مع إيران، فإن ذلك يشكّل خروجًا عن شرط التناسب، ويُعدّ استخدامًا مفرطًا وغير مشروع للقوة وفق قواعد القانون الدولي. الإخطار والشفافية: تنصّ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أن تُبلغ الدولة التي تستخدم حقّ الدفاع عن النفس مجلس الأمن «فورًا» بالإجراءات المتخذة. ويُعدّ هذا الإخطار جزءًا جوهريًا من شرعية العمل العسكري، إذ يسمح للمجتمع الدولي بمراقبة مدى احترام القواعد التي تنظّم استخدام القوة. ثالثًا: تقييم موقف إيران ردّت طهران على الضربات الإسرائيلية باعتبارها عملًا عدوانيًا صارخًا يرقى إلى مستوى «الهجوم المسلح» بالمعنى المقصود في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مما يتيح لها -وفق تعبيرها- ممارسة حقّها في الدفاع عن النفس بشكل فردي ومشروع. من حيث المبدأ، تملك إيران حقًا أصيلًا في الدفاع عن نفسها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بعد تعرّضها لهجوم إسرائيلي واسع النطاق دون مبرر قانوني ظاهر. بيدَ أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل يخضع لشرطَي الضرورة والتناسب، ويُشترط أن يهدف الرد إلى صد العدوان ومنع تكراره، لا إلى العقاب أو الانتقام. أطلقت إيران صواريخ ومسيّرات أصابت مناطق في تل أبيب وحيفا، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، إضافة إلى أضرار مادية. يمنح القانون الدولي إيران حق الدفاع عن النفس ردًا على الهجوم الإسرائيلي، بشرط أن يكون الردّ ضروريًا ومتناسبًا. ويمكن لإيران أن تُبرّر ضرباتها بأنها جزء من ردّ دفاعي مستمر في ظل استمرار التهديد، وليست عملًا انتقاميًا محظورًا. رابعًا: الإطار القانوني لتوقف الحرب بين إسرائيل وإيران لم يأتِ توقّف العمليات العسكرية بين إسرائيل وإيران نتيجة اتفاق سلام شامل أو معاهدة مُلزمة، بل جاء في إطار تفاهم مؤقت لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه. .. وبالتالي، يبقى هذا التفاهم أقرب إلى «هدنة غير رسمية» أو «وقف إطلاق نار ميداني»، لا يتمتّع بضمانات قانونية كافية. وعليه، فإن غياب إطار قانوني متين وواضح لوقف القتال يُثير مخاوف جدّية من إمكانية تجدّد النزاع في أي لحظة، ويبرز الحاجة إلى اتفاق مكتوب برعاية أممية يتضمّن ضمانات حقيقية لحماية المدنيين، ويحدّد مسؤوليات الطرفين، ويهيّئ الطريق لتسوية قانونية شاملة للنزاع.

كيف تخبرنا حرب إيران وإسرائيل بقرب انتهاء المشروع الصهيوني؟
كيف تخبرنا حرب إيران وإسرائيل بقرب انتهاء المشروع الصهيوني؟

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

كيف تخبرنا حرب إيران وإسرائيل بقرب انتهاء المشروع الصهيوني؟

عمليًا توقفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية يوم الثلاثاء 24 يونيو/ حزيران 2025 بعد إعلان دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين الطرفين، مباشرة بعد أن شنت الولايات المتحدة الأميركية قصفًا جويًا مكثفًا على أهم المفاعلات النووية الإيرانية، وهي: نطنز وفوردو وأصفهان، أحدث فيها دمارًا كبيرًا حسب الرواية الأميركية، وبعد أن قصفت إيران قاعدة العديد القطرية، بعد إخطار مسبق لأميركا وقطر. وبعيدًا عن خلفيات ومرجعيات هذه العمليات العسكرية، خاصة في ظل نفي إيران النيل من ترسانتها من اليورانيوم المخصب، وفي غياب الإعلان من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن وجود إشعاعات في منطقة المفاعلات، مما ينفي تدمير اليورانيوم الذي قيل إنه تم نقله إلى مناطق أخرى، وفي ظل وجود تسريب لخبر عمليات القصف الأميركية على إيران حسب وزير الدفاع الأميركي، فإن المؤكد من خلال التحقيقات الصحفية الغربية ذاتها، أن إسرائيل توسلت بشكل سري من أطراف عربية وغربية، ضرورة السعي لوقف الحرب لما أحدثته من دمار كبير في تل أبيب، وحيفا، وعين السبع، ومناطق إسرائيلية أخرى. ولكن دون أن تتضح صورة هذه الحرب بالوكالة وتحديد المنهزم من المنتصر، ما دام الدمار والخسائر شملا الدولتين معًا، إذ يبدو أن ما أسفرت عنه المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران استوت فيه الهزيمة بالنصر لكلا الطرفين، إلا أن هذه الحرب من منظور إسرائيلي محض حققت عددًا من الإنجازات العسكرية، ولكنها حققت في المقابل إخفاقات سياسية وإستراتيجية، وإخفاقات عسكرية واضحة، خاصة فيما يتعلق بالقدرة الدفاعية الإسرائيلية. الشيء نفسه ربما ينطبق على الطرف الإيراني، وإن كانت الكفة الإيرانية راجحة، رغم فقدانها قادةً عسكريين من الصف الأول وعلماء ذرة كبارًا، لكونها استطاعت أن تواجه تحالفًا غربيًا وليس فقط إسرائيل، سواء بمد إسرائيل بالسلاح والعتاد، أو بالمعلومات الاستخبارية، أو بالضغط الدبلوماسي عبر الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما استطاعت أن تعري الجيش الإسرائيلي وأنظمته الدفاعية، كما فككت وهْم أقوى الجيوش والهيمنة والقوة الإسرائيلية بالمنطقة، وهذا وحده انتصار على المستوى الرمزي في تعضيد وتقوية السردية العربية الإسلامية المناهضة للصهيونية والاستعمار بشتى أشكاله المعاصرة. وتسنيد لسردية المقاومة بشكل غير مسبوق. من المؤكد أن المواجهة العسكرية قد انتهت مرحليًا، لتبدأ جولات من المفاوضات على قاعدة توازن الضعف الإستراتيجي بين إيران وإسرائيل، فإسرائيل لا يمكنها أن تصبح قوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط، وإيران لا يمكنها أن تكون كذلك، وهو توازن يشمل أيضًا توازن القوى، أو ما تبقى منها، لصالح الهيمنة الأميركية وتحكمها في مصير الشرق الأوسط إلى حين، لأن من مصلحة الولايات المتحدة الأميركية أن تبقي تحت مراقبتها توازنًا للقوة والضعف بين إسرائيل وإيران؛ خشية أن يدخل الصراع بينهما أطوارًا أخرى تبدأ على قاعدة تغيير الإستراتيجيات، بالنظر إلى كون إسرائيل تتوعد بمتابعة النَّيل من قوة إيران الإقليمية ومن نظامها السياسي، وإعلان إيران انسحابها من معاهدة الأسلحة النووية وعدم السماح للوكالة الذرية بالدخول إلى إيران. وعدم تنازلها أو تراجعها عن مقومات بلادها الدفاعية من الصواريخ الباليستية. ضمن هذا السياق، يبدو أن الصراع القادم، وهو صراع قديم حديث، سيتخذ أبعادًا سردية، حيث تعارض السرديات وصراعها هو ما سيغذي العلاقات بين إيران وإسرائيل والغرب من ورائها. فهناك سردية المقاومة والممانعة ورفض الاستعمار والاستيطان والاحتلال، في مقابل سردية الغرب الذي يزعم الدفاع عن الحق والعدل والسلم العالمي، ونشر الحضارة، والإنسانية والتقدم. لذلك، فالانتصار القادم ستحدده السردية التي سوف تنتصر. وإذا استحضرنا الدراسات الثقافية والديكولونيالية، يتضح أن انتصار السرديات من عدمه يتحدد بالعوامل الداخلية، أكثر من العوامل الخارجية، فكيف سيكون مآل السردية الغربية والإسرائيلية تحديدًا على وقع انتشار أصوات يهودية تنتقد علنًا وبصوت قوي السردية الإسرائيلية الصهيونية، والتي تشكلت كتيار مناهض منذ نكبة 1948، تاريخ تأسيس إسرائيل، والتي تقوَّت بشكل لافت فيما بعد، وإن كانت قد اتخذت أبعادًا دولية بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خاصة بعد الانقلاب الكبير الذي عرفه الوعي العالمي والغربي لما أحدثته إسرائيل منذ ما يقارب السنتين من دمار وتقتيل وإبادة جماعية لشعب أعزل، شملت الأطفال والشيوخ والنساء والرجال المدنيين العزل، كما شملت الحجر والشجر وكل كائن حي فوق أرض غزة. هذا التيار، من خلال بعض ممثليه، اعتبر أيضًا أن الحرب الإسرائيلية الغادرة على إيران حلقة من حلقات التغول الصهيوني وحلقة من سلسلة الصهيونية العالمية، وأن الخاسر الأكبر هو الشعب اليهودي، الذي بدا وكأن حكومة نتنياهو باتت تضحي به وبمستقبل السلم والسلام بالمنطقة من أجل أهداف سياسية شخصية، ووعود زائفة بأرض الميعاد، وأحلام صهيونية استعمارية ترتكز على الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والميز العنصري المطبق على تشكيلات اليهود الإثنية، وعلى الفلسطينيين من عرب الداخل في الوقت نفسه. الصراع الإسرائيلي الإيراني على ضوء التاريخ يستدعي الحديث عن الحرب الإسرائيلية الإيرانية استحضار التاريخ المعقد بين إسرائيل وإيران، من منطلق أن العلاقة بين الدولتين عرفت مدًا وجزرًا على امتداد تاريخ إسرائيل، فالتوترات العسكرية ابتدأت مع بداية الصراع مباشرة بعد سقوط نظام الشاه بهلوي عقب الثورة الإسلامية سنة 1979، خاصة أن نظام الشاه كان مواليًا للغرب، وأحد أذرعه في منطقة الشرق الأوسط. وبالتالي، فالصراع يتخذ أبعادًا دينية واضحة، وإن كان يخفي صراعًا حول المصالح في منطقة شديدة الخصوصية والثراء. فمن صداقة وتبعية أيديولوجية للغرب، بزعامة أميركا في ظل نظام الشاه، إلى صراع خفي تارة، وواضح للعلن تارة أخرى، ظلت إسرائيل تنظر بعين الشك والريبة والرفض للدولة الإسلامية الناشئة مباشرة بعد ثورة الخميني. وإذا كانت السنوات الفاصلة بين 1948 تاريخ نشأة إسرائيل بقرار جائر من الأمم المتحدة، مقابل حل الدولتين الذي لم يحصل أبدًا بسبب استهتار إسرائيل، بدعم غربي- أميركي- بالقانون الدولي، دخلت هذه الأخيرة في صراع مع العالم العربي بسبب القضية الفلسطينية، والاحتلال الاستيطاني الذي ترافق بكل أشكال الإبادة العرقية والتجويع والتهجير، فإن نظام الشاه كان بعيدًا عن هذا الصراع، بل مناصرًا لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، إذ لم يكن لإيران أي دور أو وجود في الصراع العربي الإسرائيلي في سنوات حروب: 1956- 1967- 1973، بيدَ أن الأمر سيختلف جذريًا بعد سنة 1979. من هنا تحوّل الموقف الإسرائيلي من إيران رأسًا على عقب. وهو تحول ابتدأ بشيطنة نظام الخميني وولاية الفقيه؛ بسبب رؤيته المناصرة للقضية الفلسطينية. هكذا، نشأت حرب باردة بين الدولتين، كتجلٍّ حقيقي للحرب الباردة بين القطبين: الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، وهو ما استمر إلى حدود التسعينيات من القرن الماضي، خاصة بعد سقوط جدار برلين وانهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي، خاصة أن إيران الثورة الإسلامية كانت حليفًا إستراتيجيا للاتحاد السوفياتي، وفيما بعد لروسيا وريثة هذا القطب، مقابل عداء مستحكم للولايات المتحدة الأميركية وللغرب بشكل عام. وبالرغم من أن إيران لم تشكل يومًا تهديدًا مباشرًا لإسرائيل ولا لأميركا، ولم يكن في حسابها العمل على زوال دولة إسرائيل، بقدر ما كانت مناصرة للقانون الدولي وساعية إلى إنصاف الفلسطينيين بنفس قدر مناصري القضية من مختلف بلدان العالم المطالبة باحترام القانون الدولي، فإن الصراع مع إسرائيل لم يكن صراعًا دينيًا مع اليهود، بدليل وجود طائفة يهودية كبيرة في إيران، بقي بعضها مستقرًا ببلاد فارس حتى بعد قيام الثورة الإسلامية، بل كان صراعًا ضد الصهيونية العالمية، وضد الأطماع الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، وهنا افترقت السبل بين عهدَين ونظامَين في إيران، لتصبح بالنهاية جزءًا من الصراع العربي الإسلامي ضد إسرائيل. وهكذا، نشأ الصراع بين إيران وإسرائيل في الثمانينيات والتسعينيات، واشتدت حدته في الألفية الجديدة على قاعدة عداء سياسي وتوترات عسكرية وهجمات إلكترونية وحرب بالوكالة، وهو ما دفع إيران إلى العمل على صناعة أذرع أيديولوجية كامتداد للثورة الإسلامية في المنطقة، من خلال أحزاب تابعة لإيران في لبنان، وسوريا، واليمن، والعراق. وهنا منشأ الخطأ الإستراتيجي لإيران في خلق توترات إقليمية مع العالم العربي، وهي توترات غذتها السردية الغربية بامتياز، من جهة، ورغبة إيران في تصدير الثورة الإسلامية إلى العالم العربي من جهة أخرى، حيث دعمت إيران حزب الله في لبنان الذي سيصبح العدو رقم واحد لإسرائيل التي اعتبرت إيران أكبر تهديد أيديولوجي وإستراتيجي بعد نهاية الحرب الباردة. وهو ما دفعها لدعم الأكراد في إيران، أو العراق ضد النظام الإيراني، وعارضت أي نفوذ إيراني في سوريا ولبنان. لكن حدة الصراع سوف تشتد بعد أن أعلنت إيران تطوير برنامجها النووي المدني، بدعوى سعيها للحصول على أسلحة نووية حوالي 2004، لتقوم إسرائيل سنة 2010 بإطلاق فيروس ستوكسنت، وهو فيروس حاسوبي يُدمر أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية بدعم استخباراتي وتكنولوجي أميركي، لتتوالى بعدها، أي ما بين 2025-2020، الهجمات الإلكترونية، واغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين، وضربات لقواعد إيرانية في سوريا ولبنان… إلخ، وهو ما دفع إيران لتقوية تحالفها الإستراتيجي مع حزب الله، والمليشيات الشيعية العراقية، والحوثيين في اليمن. بيد أن سلسلة الاغتيالات -التي تنتهك القانون الدولي- لقادة عسكريين إيرانيين ستتخذ منحًى تصعيديًا غير مسبوق، ابتدأ باغتيال الجنرال قاسم سليماني ولم ينتهِ باغتيال الصف الأول من القادة العسكريين والعلماء في حرب يونيو/ حزيران 2025، خاصة بعد أن انحازت إيران، علنًا، لدعم القضية الفلسطينية في حرب غزة مباشرة بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث أدت هذه الحرب إلى اتساع نطاق الصراع. مفكرون يهود ضد الأطماع الصهيونية لم تنشأ الصهيونية العالمية وتبريرها الاستشراقي- الاستيطاني لقيام دولة إسرائيل على حساب فلسطين الأرض والشعب والتاريخ، إلا ونشأ ضدها فكر تنويري عالمي تحرري، تشكل من عدد من المفكرين اليهود أنفسهم، ظلوا يناضلون ضد الصهيونية، خاصة بعد نكبة 1948 وما تلاها من حروب وعدوان إسرائيلي على العالم العربي والإسلامي. ومن بين هؤلاء المفكرين نجد ألبرت أينشتاين، الذي كان داعية سلام ملتزمًا، وكثيرًا ما حذّر من مخاطر الأسلحة النووية، ودعا إلى حلول عادلة مع المجتمعات العربية، وسيغموند فرويد الذي رفض التوقيع على عريضة تطالب بوطن يهودي في فلسطين، معتبرًا أن المنطقة لا يمكن أن تصبح أبدًا دولة يهودية، في حين انتقدت، بشكل كبير، الفيلسوفةُ حنة أرندت استخدام المشاعر المعادية للسامية كمبرر للمشروع الصهيوني، مفككة الزعم الواصل بين الصهيونية ومعاداة السامية، حيث هناك فرق كبير بينهما. وهو ما ذهب إليه أيضًا الفيلسوف واللساني العالمي اليهودي نعوم تشومسكي الذي ألّف كثيرًا في القضية الفلسطينية مفككًا مزاعم الصهيونية الإسرائيلية إلى جانب المؤرخ إيلان بابيه، في حين كان نورمان فينكلشتاين من أشد منتقدي السياسات العسكرية الإسرائيلية، ولم يتوقف عن الدعوة إلى السبل الدبلوماسية والقانونية، منبهًا إلى ضرورة احترام الشرعية الدولية، فيما وصف ريتشارد فالك، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة، بعض السياسات الإسرائيلية بأنها "جرائم ضد الإنسانية" وانتقد بشدة نهجها العسكري. وإذا كان الفيلسوف الإسرائيلي يشعياهو ليبوفيتش ندد بالاحتلال ووصفه بأنه "نازي"، ودعا الجيش إلى ضرورة عصيان كل الأوامر غير الأخلاقية فيما يتعلق بالإبادة الجماعية للفلسطينيين، فقد وصف الفيلسوف وعالم الرياضيات موشيه ماخوفر الصهيونية بأنها مشروع استعماري، وعارض بقوة الحلول العسكرية. وعلى نفس المنوال رفض الحاخام الإصلاحي وأحد مؤسسي المجلس الأميركي لليهودية إلمر بيرغر القومية اليهودية والمشروع الصهيوني، وهو ما يوافق في العمق رؤية آرون صموئيل تاماريس وآخرين كثرٍ من قبيل أبراهام مليستر، وسيغموند باومان… إلخ. كلها أصوات شكلت تيارًا قويًا ضد الصهيونية وضد إسرائيل العسكراتية، ولم تتوقف عن الدعوة إلى التخلي عن الأحلام الصهيونية والاستعمارية الاستيطانية، مناصرة علنًا، ودون مواربة، السلم والسلام ومفككة المزاعم الإسرائيلية، ومن ثم السردية الغربية. هذه الدعوات لا تنفصل عن البعد الأخلاقي لليهودية التي اعتبرها هذا التيار الكبير والقوي ضحية للصهيونية والإمبريالية المتجددة، ومزاعم واهية تنال من الإنسانية بشكل عام. وإذا كان النقد الأيديولوجي والأخلاقي للقومية اليهودية (حنة أرندت، ألمر بيرغر، يشعياهو ليبوفيتش)، وصولًا إلى المعارضة السياسية للأساليب العسكرية (نعوم تشومسكي، ريتشارد فولك، دانيال ماشوفر)، وسياسة التمييز العنصري ضد الفلسطينيين والتضحية باليهود على أعتاب الصهيونية (مارك إيليس، يعقوب كوهين، عيكا إلدار)، فإن الأمر لم يتوقف عند حرب غزة وباقي حروب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وضد أطماع الصهيونية في إسرائيل الكبرى، أو الشرق الأوسط الجديد، بل استمر هذا التيار، من خلال ممثليه ومن ينتمي إليه من دعاة السلام ومناهضي الصهيونية في التعبير عن معارضتهم الشديدة وتنديدهم بإسرائيل العسكراتية وباليمين المتطرف في حرب إسرائيل الأخيرة ضد إيران. وإذا كانت غزة قد أسقطت كل الأقنعة والزيف عن الغرب وإسرائيل، فإن ذلك قد أحدث انقلابًا كبيرًا في رؤى مفكرين ومثقفين ومؤرخين ممن ناصروا قبلًا إسرائيل وناضلوا من أجلها، ومن بينهم المفكر والمحلل السياسي اليهودي بيتر بينارت، الذي أعلن انقلابه الفكري في تصريحات خاصة لشبكة "سي إن إن " الأميركية، معتبرًا أن وجهة نظره تغيرت بشأن الحرب الإسرائيلية، بعد إيمانه في وقت سابق بأن إسرائيل "تناضل" من أجل البقاء. ذلك أن وجهة نظره تغيرت تجاه إسرائيل، بعد اليوم الأول الذي قضاه رفقة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، موضحًا أن الظروف التي يعيش فيها الفلسطينيون "أكثر وحشية" مما يتخيل. وقد أصدر منذ أسابيع كتابًا مزلزلًا بعنوان: " أن تكون يهوديًا بعد دمار غزة: مراجعة أخلاقية"، معلنًا التمرد الأخلاقي على السردية الصهيونية. وفي ندوةٍ عقدها طلبة جامعة "برنستون" الأميركية، نهاية السنة المنصرمة، اعتبر المفكر والمؤرخ الأميركي اليهودي المناهض لسياسة الاحتلال، نورمان فنكلستين أن إسرائيل تواجه أزمة وجود لأول مرة منذ نشأتها، حيث اعتبر أنها عطلت كل الحلول الممكنة، وقوضت كل الآمال في حياة سلمية مع العالم العربي والإسلامي، معتبرًا إياها تعاني من أزمة وجودية شرعية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store