"التّفَرعُن" الإسرائيلي، هل يُطيح بالمسجد الأقصى!
من حُسن "حظ" المسلمين والعرب أنّ بن غفير وسموتيريتش لا يتقنان العربية، وعلى الأرجح أنهما يزدريانها كما يزدريان الناطقين بها. ومع ذلك لا تبدو العلة في أنّ الأمّة العربية لا تفهم العبرية، أو أنّ بن غفير وسمتيرتش لا يتقنان العربية، بل في كون لسانهما العبري الأرعن، المُفهوم عربياً، وأفعالهما الأكثر رعونة، ما عادت تَقُضّ للأمّة العربية "الميتة أصلاً" مضجعاً، أو تُحرّك فيها ساكناً!
والمؤكّد أنّ "ثنائي التوحّش"، ومن لفّ لفيفهما في المجتمع الإسرائيلي، أدركوا هذا الأمر مبكراً، مع بداية حربهم التدميرية على القطاع والضفة وغيرهما، فلم يعودوا يخشون المجاهرة بنيّاتهم أو يستترون من فظاعة أفعالهم، فظاهرهم سبق باطانهم في فضح سواد قلوبهم وسوء نيّاتهم.
وليت الأمة العربية وقفت عند حدّ "الموت السريري" لضميرها ونخوتها وعروبتها، بل إنّ بعض العرب "تَصهين" ضميره و"تَعَبرَن" قوله وفعله، فصار لسان حالٍ لبن غفير وسموتريتش، يقول بما يقولان ويطالب بما يطالبان من دون خجل أو وجل، ما فتح شهية اليمين الصهيوني على مزيد من التغوّل والتوحّش تجاه الأمة العربية والإسلامية ورموزها ومقدّساتها.
وليس مستغرباً، والحال هذه، أن وصل الأمر بأحد الصهاينة القول، ساخراً من العرب،: "قالوا لنا بأنّ صلاة يهـودي واحد في المسجد الأقصى ستُغضب العرب وستُشعل الشرق الأوسط، واليوم الآلاف من اليهـود صلّوا، رقصوا، غنّوا، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية هناك، ولم يحدث شيء". وهو نفسه الذي قال قبل أيام، متبجّحاً أيضاً: "بتنا نَقتُل في غزة 100 فلسطيني في اليوم ولا أحد يبالي".
في أيلول/سبتمبر 2000، أقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "أرييل شارون" على اقتحام المسجد الأقصى، فقامت الدنيا ولم تقعد، واندلعت انتفاضة الأقصى وضجّت الأمة بالتظاهرات والمواقف السياسية المُندّدة.
أما اليوم، فهذا هو ثامن اقتحام استعراضي استفزازي لبن غفير للأقصى، ثاني أقدس مقدّسات المسلمين، منذ تولّيه وزارة "الأمن القومي الإسرائيلي"، يمرّ هادئاً سَلِساً كأنّ شيئاً لم يحدث، إذ يبدو أنّ العرب اعتادوا المشهد الذي درج بن غفير على فعله في المسجد الأقصى، الذي يسمّيه "جبل الهيكل"، أهم الأماكن بالنسبة إلى "شعب إسرائيل"؛ والتدرّج تعويد والتعويد مصمّمٌ للوصول إلى حيث تصبو "إسرائيل" وتحيك لهذا المكان الإسلامي المُقدّس.
وما "تفرعن فرعون إلّا بمَن فرعنوه"، حتى قال سموتريتش في كلمته أمام حائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك قبل أيام فيما يُدعى "احتفال إسرائيل بتوحيد القدس": "نحن نحرّر غزة، نستوطن غزة، وننتصر على العدو، وسنعمل على توسيع حدود إسرائيل وسنبني الهيكل مكان المسجد الأقصى وفي أيامنا، وبتمويلٍ من وزارتي".
ولو أنّ هذا الأرعن، بناء على طبائع الأشياء، ونواميس الكون، وجد أمّة حيّةً تعرف مصلحتها وتدافع عن أبنائها ومقدّساتها وتحميها، لوقف عند حدوده ولما تمادى في غيّه حتى فاخر علانيةً في نيّته هدم المسجد الأقصى، ولذلك قال بلسان الحال: "تفرعنت لأني لم أجد من يردعني ويقف في وجهي"، فقد فعل ما لم يفعله سابقوه من الصهاينة المجرمين، فجاوز الحدّ في القتل والدعوة إلى استمرار الإبادة والاحتلال وهدم المقدّسات.
والاستبداد كما يُخبر علماء النفس، يمثّل جنون العظمة والنرجسية، ولذلك وصَفَ القرآن فرعون بأنه "علا في الأرض" وهو تعبيرٌ عن تكبّره واعتقاده بأنه فوق الجميع.
مثل هذا السلوك ينشأ من إحساس داخلي بالأمان والاطمئنان وعدم الخوف من العواقب فيتجرّأ "الطاغية" على طلب المزيد، ولا يَلزَمُه إلا شعورٌ بضعف من حوله من العرب ممن يجعلونه قدراً وينفخون فيه الشعور بالعظمة، فيتماهى مع هذا الدور وتمتلئ نفسه غروراً وتفوّقاً وعلوّاً عليهم وعلى كلّ ما يمثّلهم مهما كانت درجة قداسته، فيراهم أذلة حُقراء وتافهين، فلا يقيم وزناً لحياتهم ولا لمقدّساتهم.
زد على ذلك، أنّ التمرُّدَ على صفاء الفطرة البشرية، والسعي للسطو على آدمية الآخرين عبر الأفكار الاستعلائية، أو من خلال السلوك الذي ينتقص من قَدْرهم ويجرح كرامتهم ومشاعرهم، هما ما يحكم علاقة "إسرائيل" بمحيطها العربي أصلاً.
لكنّ مجاراة هذا السلوك والنسج على منواله، من جانب العرب، رسميين وشعبيين، هما مؤشّرٌ ينذر بالسوء وبمزيد من إشاعة التغوّل الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخارج حدودها، كما بتنا نشهد اليوم.
إنّ ما يهمّنا هنا هو أن نفهم خطورة تعاطي العرب والمسلمين إيجاباً في تعزيز هذه "النرجسية" الإسرائيلية المقيتة وتضخيمها، إذ إنّ استمرار شعور الإسرائيلي بهذا الاستعلاء "السيادي" مبنيّ، بالإضافة إلى منابع التربية الدينية الاستعلائية، على مدى تساوق العرب مع تلك النظرة.
ولعل شواهد التصريحات والسلوك الإسرائيلي الحالي المُنفلت من كلّ ضابط، هي خير دليلٍ على أنه ما كان للإسرائيلي أن يتفوّه بهذه الخُزعبلات، فضلاً عن الانحدار إلى مستوى التنظير لها وطرحها علانيةً، لولا أنه اختبر العرب فاعتدى وبطش وقتل وحرق، ووجد ساحةً فارغةً إلّا من بعض الجعجعة والشجب والاستنكار، ولم يجد من العرب والمسلمين، على السواء، من يُعيدُه إلى سياق مكانته المُفترضة.
لم يكتفِ بن غفير، على وقع صيحات "الموت للعرب" و"محمد مات"، بالمشاركة في رفع أعلام الاحتلال وأداء طقوس تلمودية عند المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك في مسيرة الأعلام التي جرت قبل أيام، بل ألقى خطبة سياسية بامتياز تتجاوز المناسبة والشعائر الدينية اليهودية، فحَرّضَ على احتلال قطاع غزة أسوة بالقدس، واستنكر السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، مذكّراً رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنّ "أعداءنا لا يستحقون سوى طلقة في الرأس".
فيما ألقى زميله في الحكومة وشريكه في التطرّف والفاشية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خطبة استفزازية أمام حائط البراق كرّر خلالها أحلامه الإجرامية ببناء الهيكل مكان المسجد الأقصى في حياته وبتمويل من وزارته، وذكّر بأنّ الكيان الصهيوني لا يخاف من كلمة احتلال وسوف يحرّر غزة ويستوطن فيها.
هذه التصريحات الهستيرية ليست غريبة عن سموتريتش، الذي اعتبر في السابق أنّ حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وأنّ واجب "دولة" الاحتلال بسط سيطرتها على شرق الأردن. فهل بقي لدى العرب شكّ في نيّات هؤلاء وحدود ما يمكن أن يقودهم شعور الغطرسة والاستعلاء إلى قوله وفعله!
إنّ كلّ تَحَدٍ جديد تمارسه وتفرضه "إسرائيل" ويمينها المتطرّف الذي يحكمها اليوم، يُقابل عربياً بالامتثال لمطالبها بمواقف مُستجيبة ضعيفة، تكون نتيجته مَنحَها ومستوطنيها مكافأةً مجانية للمضي في سحق ما تبقّى من لحمنا وعظمنا ومقدّساتنا، فهل يصمد الأقصى للعام المقبل أمام معاول الهدم الإسرائيلية التلمودية التي تُهدّد صراحة بإزالته وبناء "الهيكل" مكانه، فيما تكتفي أمة المليار، في كناية فاضحة عن العجز المُستفحل، بالدعاء على نتنياهو وبن غفير وسموتريتش بأن يجعل الله تدميرهم في تدبيرهم!
الميادين - محمد هلسة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت لبنان
منذ 4 ساعات
- صوت لبنان
دريان في رسالة عيد الأضحى: الإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم وضرورة وطنية قصوى وحاضرة
وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين من مكة المكرمة، لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك جاء فيها: "في كل عام ملايين المسلمين في ضيافة الرحمن، فيتقبل الله طاعتهم وحجهم ودعاءهم وصلاتهم، فيعود الحاج كيومَ ولدته أمه. فهي سلسلة الرحمة المتصلة منذ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا تنقطع، ولا تضعف، ولا تتراجع. وعندما نؤدي الفريضة التي كُتبت علينا، لا نتذكر دعوة إبراهيم عليه السلام فقط، بل نتذكر أيضا تضحيته وهي الرمز الذي يراعيه المسلمون في شعائر الحج. إنه الأصل الأصيل للعراقة في الدعوة والرسالة، وفي توجه النبي الخاتَم وهو من مكة موئل البيت الحرام وقد قال صلوات الله وسلامة عليه: إن مكة مسقط رأسه، وبسبب وجود البيت الحرام فيها، هي أحب بقاع الأرض إليه، ولولا أن القوم أخرجوه منها لما خرج. هو موسم ماجد من أي جهة أتيته، في الإخلاص لله، والتضحية والعبادة الخالصة لوجهه، ورجاء بل يقين الفرج بالدعاء عند البيت العتيق. منذ ما يزيد عن مائة عام يقاتل الفلسطينيون من أجل الحرية والدولة، وهم يتعرضون لمذابح وإبادة ما شهدت البشرية مثلها في غير الحروب الكبرى، لماذا يحصل ذلك؟ لأنه لا حساب ولا عقاب ولا عتاب على المستوى الدولي، والقُطُر المفروض أنها سائدة في العالم. أين السواد وأين الإصغاء لنداءات الأطفال والنساء والشيوخ والعجَّز وصرخاتهم؟ وأين هي حقوق الإنسان التي هي من شِرعة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تجاه هؤلاء المعذبين في فلسطين؟ وفي كل فترة آخرها قبل أيام، يقوم أحد الصهاينة المحتلين باقتحام المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين. كل الجهات تحذر من الحروب الدينية، لكن جهات النفوذ والتأثير وصُناع القرار لا تقول شيئا عندما يجري اقتحام المسجد الأقصى من جانب عصابات من المستوطنين. ما يزالون يبحثون عن آثار للهيكل المزعوم في هذه المساحة التي لا تتسع لهذه الأهوال، لكنه التعصب الأعمى الذي لم يعرفه المسلمون ولا البشرية في تاريخهم القديم، ولا يريدون معرفته في العصر الحاضر، لكنه يوشك أن يكون مفروضا عليهم. لا نريد أن نُخيف العالم، ولا أن نخاف منه، وإنما نريد العيش الآمن والعزيز في هذا العالم. في الواقع لا يريد أحد هذا النهر الجاري من الدماء البريئة المسفوكة. وكما يريد الفلسطينيون التخلص من المحتل، فكذلك لبنان وجنوبه. ما عادت الاعتداءات الإسرائيلية قابلة للهضم بأي صيغة، ولا بأي ثمن. ولذلك يكون على المجتمع الدولي المسارعة في إدانة حرب البغي والعدوان، والعمل على وقف النار. إنها صرخة تهتز لها القلوب والعزائم ومشاعر البشر. نريد أن يتوقف هذا القتل والإبادة للبشر والحجر، وهذا الازدراء للمقدسات، وهذا العمل العدواني على الأفراد والمجموعات، والأمل في مستقبل آخر وأجيال أخرى ستكون بالتأكيد أشد حرصا على مكافحة العدوان! أيها الإخوة، السلام قيمة كبرى ولا حياة ولا بقاء للبشر بدونه. لكن أهل العدوان لا يريدون ذلك لهذه الملايين في غزة، وفي خارج غزة. وهم لا يريدونه لنا في لبنان الذي ما يزالون يحتلون أرضه، ويضطهدون إنسانه. ولذلك وفي حضور الأضحى، أضحى إبراهيم ومحمد نقول ما قاله الله لإبراهيم عندما أرادوا به كيدا فجعلهم عز وجل الأخسرين، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم. نحن في لبنان كلنا أمل بهذا العهد والحكومة ورئيسها التي نريد منها أن تعمل على إخراجنا من أزمة السلاح ومن استمرار العدوان إلى رحاب السلام. ونريد منها الخروج من الأزمات المالية، والاقتصادية، والمعيشية، والاجتماعية. ونطالب بالسياسات الصالحة والمستقيمة أن نتجاوز أزمنة ما كانت قيم العدالة والإنصاف والاستقامة سائدة فيها. فالإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم، وضرورة وطنية قصوى وحاضرة، وهو دعوة الأنبياء والرسل، لبنان بحاجة إلى إصلاح متكامل في الحياة السياسية والوطنية والمؤسساتية في الأداء، ما كنا مسرورين بالأجواء المتشنجة في الانتخابات البلدية. لكننا كنا مطمئنين ومتفائلين بحضور الدولة ومؤسساتها الأمنية والسياسية وحياديتها وبنضالها، من أجل استعادة الثقة والاحترام، وبنزاهتها وتأمين كل سبل الحرية للمواطنين، ليتحملوا مسؤولية اختيارهم لهذه المجالس البلدية المؤتمنة على مصالح الناس في نطاق مهامها. أيها الإخوة، أيها المواطنون، نتشارك في الدولة الواحدة، والهوية الواحدة، والاحترام المتبادل، والعيش المشترك، وقيم المواطنة، والتضامن والسلام. ونريد لوطننا وإخواننا في الجوار الفلسطيني السوري أن تنفتح أجواؤهم وبيئاتهم على كل خير وسلام، وأمن بعد الشقاء، والقتل، والتهجير". وهنأ مفتي الجمهورية اللبنانيين عامة، والمسلمين خاصة بعيد الأضحى المبارك".


IM Lebanon
منذ 6 ساعات
- IM Lebanon
دريان في رسالة الأضحى: الإصلاح إرادة وضرورة وطنية قصوى
وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين من مكة المكرمة، لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك جاء فيها: 'في كل عام ملايين المسلمين في ضيافة الرحمن، فيتقبل الله طاعتهم وحجهم ودعاءهم وصلاتهم، فيعود الحاج كيومَ ولدته أمه. فهي سلسلة الرحمة المتصلة منذ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا تنقطع، ولا تضعف، ولا تتراجع. وعندما نؤدي الفريضة التي كُتبت علينا، لا نتذكر دعوة إبراهيم عليه السلام فقط، بل نتذكر أيضا تضحيته وهي الرمز الذي يراعيه المسلمون في شعائر الحج. إنه الأصل الأصيل للعراقة في الدعوة والرسالة، وفي توجه النبي الخاتَم وهو من مكة موئل البيت الحرام وقد قال صلوات الله وسلامة عليه: إن مكة مسقط رأسه، وبسبب وجود البيت الحرام فيها، هي أحب بقاع الأرض إليه، ولولا أن القوم أخرجوه منها لما خرج. هو موسم ماجد من أي جهة أتيته، في الإخلاص لله، والتضحية والعبادة الخالصة لوجهه، ورجاء بل يقين الفرج بالدعاء عند البيت العتيق. منذ ما يزيد عن مائة عام يقاتل الفلسطينيون من أجل الحرية والدولة، وهم يتعرضون لمذابح وإبادة ما شهدت البشرية مثلها في غير الحروب الكبرى، لماذا يحصل ذلك؟ لأنه لا حساب ولا عقاب ولا عتاب على المستوى الدولي، والقُطُر المفروض أنها سائدة في العالم. أين السواد وأين الإصغاء لنداءات الأطفال والنساء والشيوخ والعجَّز وصرخاتهم؟ وأين هي حقوق الإنسان التي هي من شِرعة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تجاه هؤلاء المعذبين في فلسطين؟ وفي كل فترة آخرها قبل أيام، يقوم أحد الصهاينة المحتلين باقتحام المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين. كل الجهات تحذر من الحروب الدينية، لكن جهات النفوذ والتأثير وصُناع القرار لا تقول شيئا عندما يجري اقتحام المسجد الأقصى من جانب عصابات من المستوطنين. ما يزالون يبحثون عن آثار للهيكل المزعوم في هذه المساحة التي لا تتسع لهذه الأهوال، لكنه التعصب الأعمى الذي لم يعرفه المسلمون ولا البشرية في تاريخهم القديم، ولا يريدون معرفته في العصر الحاضر، لكنه يوشك أن يكون مفروضا عليهم. لا نريد أن نُخيف العالم، ولا أن نخاف منه، وإنما نريد العيش الآمن والعزيز في هذا العالم. في الواقع لا يريد أحد هذا النهر الجاري من الدماء البريئة المسفوكة. وكما يريد الفلسطينيون التخلص من المحتل، فكذلك لبنان وجنوبه. ما عادت الاعتداءات الإسرائيلية قابلة للهضم بأي صيغة، ولا بأي ثمن. ولذلك يكون على المجتمع الدولي المسارعة في إدانة حرب البغي والعدوان، والعمل على وقف النار. إنها صرخة تهتز لها القلوب والعزائم ومشاعر البشر. نريد أن يتوقف هذا القتل والإبادة للبشر والحجر، وهذا الازدراء للمقدسات، وهذا العمل العدواني على الأفراد والمجموعات، والأمل في مستقبل آخر وأجيال أخرى ستكون بالتأكيد أشد حرصا على مكافحة العدوان! أيها الإخوة، السلام قيمة كبرى ولا حياة ولا بقاء للبشر بدونه. لكن أهل العدوان لا يريدون ذلك لهذه الملايين في غزة، وفي خارج غزة. وهم لا يريدونه لنا في لبنان الذي ما يزالون يحتلون أرضه، ويضطهدون إنسانه. ولذلك وفي حضور الأضحى، أضحى إبراهيم ومحمد نقول ما قاله الله لإبراهيم عندما أرادوا به كيدا فجعلهم عز وجل الأخسرين، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم. نحن في لبنان كلنا أمل بهذا العهد والحكومة ورئيسها التي نريد منها أن تعمل على إخراجنا من أزمة السلاح ومن استمرار العدوان إلى رحاب السلام. ونريد منها الخروج من الأزمات المالية، والاقتصادية، والمعيشية، والاجتماعية. ونطالب بالسياسات الصالحة والمستقيمة أن نتجاوز أزمنة ما كانت قيم العدالة والإنصاف والاستقامة سائدة فيها. فالإصلاح إرادة وقرار شجاع وحكيم، وضرورة وطنية قصوى وحاضرة، وهو دعوة الأنبياء والرسل، لبنان بحاجة إلى إصلاح متكامل في الحياة السياسية والوطنية والمؤسساتية في الأداء، ما كنا مسرورين بالأجواء المتشنجة في الانتخابات البلدية. لكننا كنا مطمئنين ومتفائلين بحضور الدولة ومؤسساتها الأمنية والسياسية وحياديتها وبنضالها، من أجل استعادة الثقة والاحترام، وبنزاهتها وتأمين كل سبل الحرية للمواطنين، ليتحملوا مسؤولية اختيارهم لهذه المجالس البلدية المؤتمنة على مصالح الناس في نطاق مهامها. أيها الإخوة، أيها المواطنون، نتشارك في الدولة الواحدة، والهوية الواحدة، والاحترام المتبادل، والعيش المشترك، وقيم المواطنة، والتضامن والسلام. ونريد لوطننا وإخواننا في الجوار الفلسطيني السوري أن تنفتح أجواؤهم وبيئاتهم على كل خير وسلام، وأمن بعد الشقاء، والقتل، والتهجير'. وهنأ مفتي الجمهورية اللبنانيين عامة، والمسلمين خاصة بعيد الأضحى المبارك.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 7 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
"تجمع العلماء": خطف العدو لصياد من مركبه انتهاك واضح للسيادة اللبنانية
اشار "تجمع العلماء المسلمين" في بيان، الى أن "الأمور في غزة وصلت إلى مرحلة بات معها جيش العدو الصهيوني لا يستطيع انجاز الأهداف التي رسمت له، وبات الغطاء الدولي الذي أعطى للكيان الصهيوني في بداية معركة الطوفان الأقصى يتضاءل شيئا فشيئا، فحتى الولايات المتحدة الامريكية لم تعد تستطيع الاستمرار في توفير الدعم للكيان الصهيوني، بل باتت تضغط من اجل إيقاف هذه الحرب، باعتبار أنها ترى ان المصلحة الصهيونية في إنهائها، وأن بنيامين نتنياهو يغامر بمستقبل الدولة والكيان باستمراره بهذه الحرب لأنه لا أفق لها، خصوصا وأن المقاومة الفلسطينية في غزة لم تزل تقاوم، وتوجه الضربات العنيفة لجنود الكيان الصهيوني". ولفت الى "العزلة التي يعيشها الكيان الصهيوني، خاصة بعد هروب الولايات المتحدة الامريكية من ساحة المواجهة مع اليمن، بعد الاصابات المُحَقَقَة لصواريخها بالبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية، إن هذا الواقع الذي وصلت اليه الأوضاع في غزة اضطرت الولايات المتحدة الامريكية لإعادة النظر بسياساتها في المنطقة التي ستتجه باتجاه الخروج من الوجود المباشر على أراضيها، كما حصل في سوريا واجتراح الحلول السياسية، وبرز ذلك من خلال تغيير الطاقم الدبلوماسي للموفدين الى منطقة الشرق الأوسط، ولذلك لن تعود مورغان أورتاغوس الى لبنان، ويضاف الى ذلك بدء الحديث عن تقدم في المفاوضات النووية مع إيران من خلال الإعلان عن موافقة الولايات المتحدة الامريكية على التخصيب ضمن الحدود الدنيا على الأراضي الإيرانية". واستنكر التجمع "إقدام العدو الصهيوني على اجتياز خط الطفافات مقابل رأس الناقورة، واختطاف الصياد علي فنيش من بلدة معروب من مركبه، في انتهاك واضح للسيادة اللبنانية، مما يفرض على الدولة القيام بواجباتها في إدانة الاعتداء الصهيوني امام الامم المتحدة واسترجاع الصياد علي فنيش المختطف". وحيا "الجمهورية الإسلامية الإيرانية على موقفها الداعم للبنان، والذي أعلنه وزير خارجيتها عباس عراقجي في لقائه مع فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة وجاهزة لتقديم الدعم لإعادة الاعمار، وتأكيده على فتح صفحة جديدة من العلاقة مع لبنان انطلاقا من الظروف المستجدة". كما حيا "المقاومة الفلسطينية التي أربكت حسابات العدو الصهيوني من خلال استمرارها بالعمليات العسكرية، وخاصة العملية العسكرية الأخيرة التي أصابت موكبا قياديا صهيونيا، ما أدى الى مقتل اربعة جنود واصابة آخرين جروح بعضهم خطرة"، مستنكرا "اقتحام المستعمرين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى وتأدية طقوس تلمودية، والتي سيؤدي تكرارها الى مواجهات مع المرابطين في المسجد". كذلك حيا "المقاومة في سوريا «كتائب الشهيد محمد الضيف» التي اعلنت عن عمليتها البطولية بإطلاق صواريخ من درعا باتجاه الجولان المحتل، وهو ما يؤكد ان الشعب السوري لن يقبل بمحاولات التطبيع التي تسعى لها السلطة الحالية غير المنتخبة من الشعب، المتحكمة بالقرار السياسي بالقوة العسكرية والقمع وتغذية الصراعات الطائفية والمذهبية". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News