
السياسيون الروس يشيدون بقمة ألاسكا باعتبارها انتصاراً لموسكو
اضافة اعلان
قال أندريه كليتشاس، وهو نائب بارز عن حزب "روسيا الموحدة" الذي يتزعمه الرئيس فلاديمير بوتين: "أكد اجتماع ألاسكا رغبة روسيا في السلام، على المدى الطويل وبشكل عادل".
ووصف كليتشاس القمة بأنها مكسب كبير لروسيا وخسارة لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين الذين يضغطون من أجل وقف إطلاق نار غير مشروط. وأضاف: "مهام العملية العسكرية الخاصة ستُنجز سواء بالوسائل العسكرية أو الدبلوماسية. هناك هندسة أمنية جديدة لأوروبا والعالم على جدول الأعمال، ويجب على الجميع قبولها".
القمة التي عُقدت يوم الجمعة في أنكوراج، والتي كانت محط ترقب كبير، لم تسفر عن أي اتفاق لإنهاء أو حتى تعليق النزاع المستمر منذ أربع سنوات، رغم أن بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترمب وصفا المحادثات بأنها مثمرة.
التقى الزعيمان لما يقرب من ثلاث ساعات، قبل أن يظهرا بإيجاز أمام وسائل الإعلام، ثم استقلا طائرتين منفصلتين للعودة إلى بلديهما.
وقال ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق المعروف بمواقفه المتشددة، إن القمة أثبتت إمكانية إجراء محادثات بلا شروط مسبقة – كما تصر موسكو – رغم استمرار القتال في أوكرانيا.
أما نشرة الأخبار الصباحية الرئيسية على القناة الروسية الأولى، فأبرزت المراسم المصاحبة للقمة، وحجمها العالمي، وحفاوة الاستقبال التي حظي بها بوتين، الذي كان معزولاً عن قادة الغرب منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022.
وجاء في التقرير: "السجاد الأحمر، والمصافحات، واللقطات والصور التي ظهرت في جميع وسائل الإعلام العالمية، وقنوات التلفزة"، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يستقبل فيها ترمب زعيماً أجنبياً على مدرج المطار.
ونقلت القناة عن بوتين قوله: "أعتقد أننا أجرينا اجتماعاً مثمراً للغاية. كانت هناك نقاط عديدة اتفقنا عليها". وأفاد مراسلها في ألاسكا بأن الزعيمين اتفقا بوضوح على كثير من الأمور، لكنه لم يوضح ما هي.
من جانبه، كتب كونستانتين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، عبر تليغرام: "مجرد عقد الاجتماع في ألاسكا، ونبرته، ونتيجته، تمثل نجاحاً كبيراً ومشتركاً لكلا الرئيسين، حيث قدّم كل منهما إسهاماً شخصياً هائلاً لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة في هذا الوقت".
لكن معلقين آخرين تبنوا نبرة أكثر تشككاً. ففي قناة "وور غونزو" الموالية للحرب على تليغرام، والتي تضم أكثر من 800 ألف مشترك، وصف أحد المدوّنين تصريحات بوتين بأنها "قوية جداً"، لكنه أشار إلى أن الاجتماع لم يسفر عن نتائج ملموسة سوى مجرد انعقاده.
وكتب المدوّن الملقب بـ"المنقّب العجوز": "ماذا سيحدث بعد ذلك؟ إذا استأنفنا ضرب أهداف النظام الأوكراني، سيكون لدى ترمب سبب ليعلن مجدداً أن 'بوتين يتحدث هراء'، ويفرض عقوبات، ويوقف عملية التفاوض التي بدأت. من ناحية أخرى، هل ينبغي على روسيا أن توقف عمليتها العسكرية الخاصة بسبب محادثات لا تنتهي؟".- رويترز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا
منذ ساعة واحدة
- رؤيا
صور تهز "إكس".. كيف جلس قادة أوروبا أمام ترمب يثير جدلاً ولغة الجسد تكشف التوتر؟
أشعلت صور رسمية نشرها البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع عدد من أبرز قادة أوروبا، عاصفة من الجدل والتحليلات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحولت طريقة جلوس الزعماء ولغة أجسادهم إلى قضية رأي عام رقمية. وتداول النشطاء بشكل واسع صوراً ولقطات من الاجتماع، الذي عُقد في المكتب البيضاوي، الثلاثاء، وضم قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا، وركزوا على تفاصيل دقيقة اعتبروها كاشفة لطبيعة العلاقة الحالية بين ضفتي الأطلسي. "صف التلاميذ".. ترتيب الجلوس يثير التساؤلات كان أبرز ما لفت انتباه المتابعين هو الأسلوب الذي جلس فيه قادة أوروبا، حيث تم وضعهم على مقاعد في صف واحد أمام المكتب الرئاسي، بينما جلس الرئيس الأمريكي ترمب خلف مكتبه في وضعية بدت مهيمنة. واعتبر الكثير من المحللين أن هذا الترتيب غير مألوف في البروتوكولات الدبلوماسية لاجتماعات من هذا المستوى، والتي عادة ما تتخذ شكلاً دائرياً أو متساوياً يعكس الندية والشراكة. لغة الجسد: نظرة ميلوني تفضح كل شيء إلى جانب ترتيب الجلوس، خضعت لغة أجساد القادة لتحليل دقيق من قبل النشطاء. وكانت النظرة التي ارتسمت على وجه رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، هي الأكثر تداولاً، حيث فسرها الكثيرون على أنها تعكس حالة من القلق وعدم الرضا. كما أشار محللون آخرون إلى أن تعابير وجوه بقية الزعماء كانت متجهمة وتفتقر إلى الود المعتاد في مثل هذه اللقاءات. رواية البيت الأبيض: "يوم تاريخي ورئيس السلام" في المقابل، حاول البيت الأبيض تقديم رواية مختلفة تماماً، فقد نشر صورتين من اللقاء، إحداهما لترمب أمام الزعماء، والأخرى للزعماء أمامه، مع تعليق جاء فيه: "يومٌ تاريخيٌّ في البيت الأبيض، حيث انضمّ قادةٌ أوروبيون إلى الرئيس ترمب في المكتب البيضاوي.. الرئيس دونالد ج. ترمب هو رئيس السلام". سياق اللقاء الحاسم يأتي هذا الاجتماع في وقت حرج، بعد أيام قليلة من القمة التي جمعت الرئيس ترمب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، والتي تمحورت حول إيجاد حل للحرب الروسية في أوكرانيا. ويهدف لقاء ترمب مع الحلفاء الأوروبيين إلى إطلاعهم على نتائج مباحثاته مع بوتين، وهو ما يفسر حالة الترقب والتوتر التي ربما كانت سائدة في الاجتماع، حيث يتعلق الأمر بمستقبل أمن القارة الأوروبية بشكل مباشر.


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
شبح «السيطرة المالية» يعود... هل يضحي «الفيدرالي» باستقلاليته لتمويل ديون أميركا؟
مع ازدياد الدين الأميركي وضغط البيت الأبيض على «بنك الاحتياطي الفيدرالي» لخفض أسعار الفائدة، يقيّم المستثمرون خطر «السيطرة المالية»، وهو سيناريو تصبح فيه ضرورة تمويل الحكومة بأسعار منخفضة أكبر أهمية من مكافحة التضخم. ومن المتوقع أن يزيد مشروع قانون الموازنة الذي أقره الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، الشهر الماضي الالتزامات على الدين الأميركي بمليارات الدولارات؛ مما يرفع تكلفة خدمة هذا الدين. وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، صراحةً «الاحتياطي الفيدرالي» إلى خفض أسعار الفائدة جزئياً لتخفيف تكاليف الفائدة على الحكومة الأميركية. وقد أثارت حملة الضغط هذه مخاوف من أن الإدارة تسعى لإعادة «الاحتياطي الفيدرالي» إلى فترة سابقة، حين أبقى أسعار الفائدة منخفضة لتسهيل الاقتراض بتكلفة منخفضة، وفق «رويترز». وقال نيت ثوف، الرئيس التنفيذي للاستثمارات في إدارة حلول الأسهم والأصول المتعددة لدى «مانولايف»: «السيطرة المالية مصدر قلق... هناك مخاطر في الأفق، سواء من زيادة مستويات الدين، ومن احتمال ارتفاع التضخم الهيكلي، أو على الأقل، زيادة تقلبات الأسعار». وأضاف: «السبب الذي يجعل إدارة ترمب والسياسيين عموماً يرغبون في رؤية أسعار فائدة منخفضة هو أنها ضرورية لتحمل مستويات الدين الحالية». «السيطرة المالية» في التجربة الأميركية وشهدت الولايات المتحدة «السيطرة المالية» خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، عندما كان على «الاحتياطي الفيدرالي» إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لتمويل جهود الحرب؛ مما أدى لاحقاً إلى ارتفاع التضخم الذي تسبّب في اتفاقية وزارة الخزانة و«الاحتياطي الفيدرالي» عام 1951 لإعادة استقلال «البنك المركزي». ويشير بعض المحللين إلى أن ارتفاع العوائد على سندات الخزانة طويلة الأجل، وضعف الدولار، يعكسان بالفعل هذا الوضع الاقتصادي، حيث يطالب المستثمرون بتعويض أعلى للاحتفاظ بالأصول الأميركية التي قد تفقد قيمتها إذا ارتفع التضخم. وقالت كيلي كوالسكي، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في «ماسميتشوال»: «الإدارة تريد التغلب على الدين... والطريقة الأخرى للتعامل معه هي التضخم». ويعني ارتفاع التضخم انخفاض القيمة الحقيقية للدين الحكومي. وقال ترمب الشهر الماضي إن معدل الفائدة القياسي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» يجب أن يكون أقل بـ3 نقاط مئوية من النطاق الحالي البالغ ما بين 4.25 و4.50 في المائة، مؤكداً أن هذا التخفيض سيوفر تريليون دولار سنوياً. وأضاف أن «البنك المركزي» قد يرفع الفائدة مرة أخرى إذا ارتفع التضخم. وخلال الأشهر الـ12 المنتهية في يونيو (حزيران)، سجل التضخم، وفق مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، 2.6 في المائة، وهو لا يزال أعلى من هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ اثنين في المائة. ومع ذلك، أكد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، أن «البنك المركزي الأميركي» لا يأخذ إدارة الدين الحكومي في الحسبان عند وضع السياسة النقدية. ويشير بعض المستثمرين إلى أن «السيطرة المالية» لا تزال على أفق غير مؤكد؛ إذ لم تؤدِ زيادة الدين بعد إلى ارتفاع أسعار الفائدة بشكل غير مستدام، في حين يرى آخرون أنها بدأت تؤثر على الأسواق بالفعل؛ إذ تظل العوائد طويلة الأجل مرتفعة حتى مع توقعات خفض الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي». وقال كوش ديزاي، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن إدارة ترمب تحترم استقلالية «الفيدرالي»، لكن مع انخفاض التضخم بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، يعتقد ترمب أن الوقت مناسب لتخفيض الفائدة. وحتى الآن، قاوم «البنك المركزي» هذه المطالب، لكن من المتوقع أن يخفض تكاليف الاقتراض في اجتماعه المقرر يومي 16 و17 سبتمبر (أيلول) المقبل. تفويض «الاحتياطي الفيدرالي» انخفض الدولار هذا العام بنحو 10 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية، بينما تظل العلاوات على السندات طويلة الأجل مرتفعة، حتى مع تراجع العوائد مؤخراً بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. وقال أوليفر شيل، مختص الاستثمار في «روفّر»: «من الصعب التفاؤل بالسندات طويلة الأجل في هذا المناخ»، مشيراً إلى الإنفاق الحكومي الذي قد يبقي التضخم مرتفعاً ويقلل من قيمة السندات. وأضاف: «إذا كان الاقتصاد يعمل فوق طاقته الطبيعية، فهذا سيؤدي إلى التضخم أو له آثار مهمة على أسعار الفائدة والعملات». ورأى ثوف أنه متشائم بشأن سندات الخزانة طويلة الأجل؛ لأن ارتفاع التضخم سيستدعي علاوات أكبر على المدى الطويل. وعلى الرغم من سنوات النمو الاقتصادي، فإن العجز الأميركي استمر في التوسع، ليصبح الدين أكثر من 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بأعلى من مستواه بعد الحرب العالمية الثانية. وعادةً ما يدير «الاحتياطي الفيدرالي» التضخم بينما يلتزم الكونغرس بالانضباط المالي، لكن هذا التوازن ينقلب في سيناريو «السيطرة المالية»؛ إذ يصبح التضخم مدفوعاً بالسياسات المالية ويحاول «الاحتياطي الفيدرالي» إدارة عبء الدين، كما قال إريك ليبر، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا: «لا يمكن لـ(الاحتياطي الفيدرالي) التحكم في التضخم والحفاظ على دفعات الفائدة منخفضة في الوقت نفسه. هذان الأمران متعارضان». أحد المؤشرات السلبية للمستثمرين هو تقلص الفجوة بين أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي. فقد تراوحت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات حول 4.3 في المائة خلال الأسابيع الأخيرة، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل سنوي بلغ 5.02 في المائة خلال الربع الثاني. وعندما تتجاوز أسعار الفائدة معدل النمو، يرتفع الدين بوصفه نسبةً من الناتج المحلي الإجمالي حتى دون اقتراض جديد؛ مما يجعل الدين أكبر صعوبة في التحمل. وقالت تحليلات «بنك دويتشه»: «المخاطر على استقلالية (الاحتياطي الفيدرالي)، الناجمة عن السيطرة المالية، مرتفعة»، مشيرة إلى العجز المرتفع والعوائد طويلة الأجل القريبة من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. تحذيرات تاريخية التاريخ يقدم دروساً تحذيرية؛ فقد أدت السيطرة المالية القصوى إلى التضخم المفرط في ألمانيا في عشرينات القرن الماضي، وفي الأرجنتين في أواخر الثمانينات وأوائل الألفية. ومؤخراً في تركيا، أدى الضغط على «البنك المركزي»؛ للحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة، إلى تقويض مصداقية السياسة النقدية، وأثار أزمة عملة. وأعرب غالبية الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع «رويترز» الشهر الماضي عن قلقهم بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي». وعلى الرغم من انتقادات ترمب ومسؤوليه، فإن باول أكد عزمه على البقاء رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» حتى انتهاء ولايته في مايو (أيار) 2026. وقال أمار ريغانتي، استراتيجي الدخل الثابت في «هارتفورد فاندز» والمسؤول السابق في وزارة الخزانة: «يبدو واضحاً أن أي مرشح للمقعد، بغض النظر عن آرائه السابقة، من المحتمل أن يتبنى توجهاً متساهلاً ليجري ترشيحه». لكن أسعار الفائدة المنخفضة قد تكون حلاً مؤقتاً فقط. فالإدارة قد تأمل «زيادة النمو الاسمي» رغم خطر ارتفاع التضخم، للوصول إلى مستوى يجعل النمو الحقيقي دافعاً لجعل مسار الدين مستداماً، كما قال بريج خورانا، مدير محفظة الدخل الثابت في «ويلينغتون»... «المشكلة هي... أن البنك المركزي يقول: (لا أريد أن أخوض هذه المخاطرة معكم)».


العرب اليوم
منذ 8 ساعات
- العرب اليوم
لقاء ألاسكا؟!
أصعب المقالات هي تلك التي تأتي تعليقاً على حدث لا تزال أنفاسه سارية وتطوراته جارية ولا تفصح عن كثير من الحقائق، ولا تفضي إلا إلى ما ندر من الأسرار. القصة تبدأ بإعلان لقاء بين الرئيسَيْن الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب في قاعدة عسكرية على أرض ولاية ألاسكا التي نادراً ما تكون مركزاً للأحداث المهمة. ولكن الولاية لها قيمة رمزية، فهي في الأصل كانت امتداداً روسياً إلى القارة الشمالية الأميركية عبر مضيق «بيرنغ» الذي قيل عنه إنه كان طريق عبور البشر إلى العالم الجديد. وهناك روايتان حول بيع روسيا الولاية، الأولى أنه لما كانت ألاسكا بعيدة عن مركز الدولة الروسية فإن تكاليف الإشراف عليها ورعايتها واستغلال مواردها كان مكلفاً، ومن ثم كان بيعها تخلصاً من أعباء روسية. والأخرى أن روسيا في عام 1867 كانت من الفقر بحيث باتت في حاجة ماسة إلى تدفئة خزينتها، ووجدت أن ثمن ألاسكا 7.2 مليون دولار المقدم من الرئيس أندرو جونسون يكفي للمهمة. وقتها كانت الولايات المتحدة خارجة من الحرب الأهلية، ولكنها وجدت العرض نوعاً من المساعدة لروسيا التي كانت في صف الثوار إبان حرب الاستقلال؛ فضلاً عن حيادها في أثناء الحرب الأهلية! اختيار ألاسكا سوف يظل لغزاً، فهي بعيدة عن مركز الإعلام الدولي والمناطق اللامعة التي سبق اختيارها إعلامياً ولكن جانبها الصواب. ومع ذلك فقد كان إعلان اللقاء في حد ذاته مثيراً؛ لأنه آن أوان فض الاشتباك بين روسيا وأوكرانيا الذي وعد به ترمب في أثناء حملته الانتخابية، ولن يزيد وقت الوصول إليه على 24 ساعة. الواقع لم يسمح بذلك رغم أن ترمب في أول أيامه بالبيت الأبيض ضغط على أوكرانيا بأن التسوية سوف تتضمّن تنازلات جغرافية من قِبل كييف، وصاحب ذلك وقف المعونات العسكرية لأوكرانيا. كان ذلك مشجعاً بما فيه الكفاية لكي تشن موسكو مزيداً من الهجمات مع التوسع التدريجي في المواقع التي تحتلها. ما حدث بعد ذلك مع اعتذار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن ترمب غيّر اتجاهه باستئناف المساعدات إلى أوكرانيا، بعد أن تعهّد الأوروبيون بدفع ثمنها؛ وبعد أن وقعت أوكرانيا اتفاقاً مع روسيا تقوم فيه الأولى بفتح أبوابها لكي تستخرج واشنطن المعادن النادرة التي تذخر بها الأرض الأوكرانية. تاريخياً فإن علاقة ترمب مع بوتين معقدة؛ إذ بدأت قبل ترشيحه لفترته الرئاسية الأولى، فقد كانت له علاقات تجارية مع موسكو ظهرت آثارها عندما قام مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، بقيادة جيمس كومي، بالتحقيق في محاولات تدخل روسيا بالحملة الرئاسية الأميركية عام 2016. النتيجة لم تكن قاطعة، وانتهت بإطاحة كومي، ولكن تفاصيلها ظلت جزءاً من السياسة الداخلية الأميركية التي قد تثير الشكوك حول اختيار ألاسكا للقاء بين ترمب وبوتين. مثل هذه الظلال التاريخية لم تأخذ كثيراً من حقيقة أن الحرب الروسية - الأوكرانية هي مركز العلاقات الآن بين موسكو وواشنطن، وما تعنيه من زاوية التوازن والتنافس العالمي. ما ذُكر من مصادر البيت الأبيض من أن جوهر الاجتماع هو استماع كلا الرئيسَيْن إلى الآخر، يجعل اللقاء استكشافياً رغم أن ترمب ظل مصمماً على وقف الحرب، والتسوية لا بد أن تتضمن تنازلات إقليمية أوكرانية، وفي قول آخر للرئيس الأميركي إنه سوف يكون هناك تنازل متبادل عن الأراضي! هذه الإعلانات لم تلقَ تجاوباً إيجابياً من الطرفَيْن، ووقت كتابة هذا المقال قبل أسبوع فإن كلا الطرفين لم يكن على استعداد للتنازل عن مطالبه، سواء كانت الاستيلاء على إقليم دونباس من قبل روسيا، أو إقليم القرم من قبل أوكرانيا. مطالب الطرفين تضمنت ما هو أكثر. القائمة الروسية تشمل منع أوكرانيا من دخول حلف الأطلسي، وتغيير نظام الحكم، وتقييد التسلح. قائمة أوكرانيا تقوم على ما تعتقده كييف من أن المعتدي في الحرب هو روسيا، وبوتين شخصياً، ولذا فإنه لا ينبغي لها أن تحصل لا على مزايا إقليمية، أو تقييد عسكري على أوكرانيا لا يسمح لها بالدفاع عن نفسها. قوائم المطالب على الجانبَيْن أكثر من ذلك، فروسيا تريد رفع جميع العقوبات الاقتصادية الواقعة عليها من أوروبا وأميركا والامتناع عن فرض عقوبات جديدة، وأوكرانيا من جانبها تريد سيادتها الكاملة على كامل أراضيها مصحوبة بضمانات دفاعية تمنع روسيا من شن الحرب عليها مرة أخرى. الأمر لا يمنع أن روسيا لديها مطالب تخص مكانتها وموقعها على طاولة القوى العظمى في العالم مع الولايات المتحدة والصين. كل ذلك يعني أن لقاء ألاسكا ليس أول اللقاءات ولن يكون آخرها.