logo
من زنزانة إلى طائرة.. جورج عبد الله على أعتاب العودة إلى لبنان

من زنزانة إلى طائرة.. جورج عبد الله على أعتاب العودة إلى لبنان

الجزيرةمنذ 6 أيام
باريس، بيروت- بعد اعتقال دام أكثر من 40 عاما، أمر القضاء الفرنسي، اليوم الخميس، بالإفراج عن المناضل اليساري اللبناني جورج إبراهيم عبد الله (74 عاما)، المعتقل في فرنسا على خلفية اتهامه في قضية اغتيال دبلوماسي إسرائيلي وآخر أميركي عام 1982.
وبناء على القرار، سيفرج عن عبد الله، الذي اعتقل عام 1984 ويعتبر من أقدم السجناء في فرنسا والعالم، في 25 يوليو/تموز الحالي، حيث أصدرت محكمة الاستئناف قرارها -بعد تأجيله مرتين- في جلسة غير علنية في قصر العدل في باريس ، وسط غياب المعتقل.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال جان لوي شالانسيه، محامي المعتقل جورج عبد الله، إن "المحكمة أيدت الحكم الصادر بالإفراج المشروط، أي أن على الناشط عبد الله، مغادرة فرنسا في 25 يوليو/تموز الجاري، وهو يوم إطلاق سراحه، إلى لبنان".
الإبعاد مباشرة
وأضاف المحامي شالانسيه "اليوم، لا يزال عبد الله في السجن، لأنهم لا يريدونه أن يتحدث أو يخطب أو أن يكون حرا لدقيقتين على الأراضي الفرنسية"، وعليه فإن الشرطة ستأخذه مباشرة من السجن باتجاه مطار باريس رواسي، وتضعه على متن طائرة متجهة إلى لبنان.
وذكر أن للمدعي العام 10 أيام لاستئناف قرار الإفراج، لكنه لن يتمكن من تحقيق ذلك ولن يتمكن أيضا من منع إطلاق سراح موكله عبد الله.
ولفت المحامي الفرنسي إلى أن جورج عبد الله سعيد بقرار المحكمة، لكنه قلق بشأن عودته إلى لبنان، خاصة سلامته وعائلته في ظل التهديدات الإسرائيلية المحتملة.
واعتبر أن قرار المحكمة انتصار قانوني، لكنه "مرير"، حسب وصفه، إذ كان يجب أن يتحقق قبل 15 عاما، لكن أميركا لطالما عارضته، واتفق معها المدعي العام على ضرورة إبقائه في السجن، حسب المحامي.
نشاط حقوقي
وكانت جمعيات ومنظمات حقوقية قد نظمت، مساء أمس الأربعاء، مظاهرة في ساحة شاتليه وسط العاصمة الفرنسية، تحت شعار "حرروا جورج الآن"، قبل يوم واحد من صدور قرار الإفراج.
ورفع النشطاء الأعلام اللبنانية والفلسطينية، مطالبين بإنهاء الاحتجاز، معتبرين أن عبد الله "سجين سياسي انتهت مدة محكوميته القانونية منذ 1999″، مؤكدين ضرورة رفع الأصوات الداعمة قبل قرار المحكمة، لتكثيف الضغط على السلطات الفرنسية التي اتهموها بالمماطلة والتأجيل بهدف إبقائه خلف القضبان.
وأكدت المتحدثة باسم الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبد الله، المحامية فداء عبد الفتاح، أنّ الحملة كانت على دراية مسبقة بانعقاد الجلسة، وعلى تواصل دائم مع أصدقاء في فرنسا يتابعون الملف من داخل المحكمة، وعلى اتصال مباشر بمحاميه، حيث كان متوقعًا صدور القرار صباح اليوم.
وأوضحت للجزيرة نت، أن "القلق كان حاضرًا -ككل مرة- خشية افتعال عراقيل جديدة تؤخر الإفراج، خاصة في ظل تجربة عام 2013″، وأضافت أن "الفريق القانوني والداعم للأسير لم يكن يعلم بمضمون القرار، فتم الاستعداد لكافة الاحتمالات، بما في ذلك الأسوأ".
وبحسب عبد الفتاح، فقد وصلهم الخبر متأخرا، ما أثار حالة من الذهول في البداية، قبل استيعاب حجم التطور، واعتبرت أن القضاء الفرنسي اقتنع أخيرًا بعدم مشروعية استمرار احتجاز عبد الله بلا أي مبرر قانوني أو إنساني.
وعن قرار ترحيله إلى لبنان مباشرة، أكدت المحامية ضرورة استكمال بعض الإجراءات اللوجيستية، وفي مقدّمتها إصدار جواز سفر لبناني، "وهو ما يفترض بالدولة اللبنانية تأمينه لضمان عودته وتنظيم دخوله"، حسب قولها.
كما لفتت عبد الفتاح إلى أن "الفارق الجوهري بين قرار اليوم وما صدر عام 2013، يكمن في أن الإفراج حينذاك كان مشروطًا بتوقيع وزير الداخلية الفرنسي على قرار الترحيل ، وهو ما لم يحصل، في حين تضمّن القرار الصادر بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول الماضي عن محكمة الاستئناف أمرا قضائيا واضحا بالترحيل الفوري دون الحاجة إلى توقيع الوزير".
واعتبرت أن هذا التطور يُسقط العائق السياسي الذي ظل سنوات أداة رئيسية للعرقلة، بفعل الضغوط الأميركية والإسرائيلية، مشددة على أن القرار هذه المرة قضائي بحت، وأن القضاة قرروا ترحيل جورج عبد الله إلى بلده في الموعد المحدد.
"قرار صادم"
تابعت عائلة جورج عبد الله مجريات القضية من كثب عبر وسائل الإعلام، وخاصة من المقابلات التي أجريت مع المحامي، وفق ما أكد شقيقه روبير عبد الله، وقال "كنا نترقب صدور القرار سلبا أو إيجابا اليوم".
وأضاف روبير للجزيرة نت، "عُقدت جلسة محكمة الاستئناف في 19 من الشهر الماضي، وأعلن حينها أن القرار سيصدر في 17 يوليو/تموز الحالي، فبقينا ننتظر، وها هو قد صدر".
وتابع إن "القرار كان صادمًا إلى حد كبير، خاصة بعد 41 سنة من القرار القاسي، حيث كان متوقعا إطلاق سراحه وعودته إلى أحضان عائلته، لكن وقع الصدمة كان كبيرًا بسبب الطريقة التي جاء بها القرار، لا سيما في ظل العراقيل التي واجهت قضيته طوال هذه السنوات".
وعن التحضيرات لاستقبال شقيقه، قال روبير إنهم لا يزالون في مرحلة تبادل الآراء بين أفراد العائلة والأصدقاء، ولم يبدؤوا بعدُ الاستعدادات الفعلية، مضيفا "ندرك تمامًا أن هذه اللحظة مفصلية، وتحمل في طياتها مشاعر متضاربة بين الفرح والذهول، ونحتاج وقتا لنرتب أفكارنا ونقرر كيف سنتعامل مع هذا الحدث الكبير".
ورغم أن القضاء الفرنسي وافق عام 2013 على إطلاق سراحه بشرط ترحيله، لكن القرار لم يُنفذ حينها، إلا أن بارقة أمل جديدة لاحت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين أصدرت محكمة مكافحة الإرهاب قرارا بالإفراج عنه وترحيله فورًا إلى لبنان، وهو ما كان يطالب به عبد الله منذ سنوات، لكن النيابة العامة المتخصصة بقضايا الإرهاب سارعت إلى استئناف القرار، مما أوقف تنفيذه.
غياب الأدلة
كان عبد الله قد اتهم بالتواطؤ لاغتيال الدبلوماسيين؛ الإسرائيلي ياكوف برسيمانتوف والأميركي تشارلز روبرت داي في باريس مطلع الثمانينات، إضافة إلى محاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ.
وفي عام 1987، قضت محكمة جنايات فرنسية بالسجن المؤبد عليه رغم غياب أدلة مؤكدة تثبت تورطه المباشر في الاغتيالات، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية حتى يومنا هذا.
لكن قضية الناشط اللبناني لم تنته بالحكم، فمنذ عام 1999، بات جورج عبد الله مؤهلا قانونيا للإفراج المشروط، إلا أن جميع طلبات محاميه قوبلت بالرفض بذريعة تهديد النظام العام والعلاقات الدبلوماسية.
ويقبع الناشط عبد الله، الذي يعرف بتأييده للفلسطينيين، في سجن لانميزان بمقاطعة أوت-بيرينه جنوب فرنسا منذ أكثر من 4 عقود، في واحدة من أطول فترات الاحتجاز السياسي في أوروبا المعاصرة.
وينتمي عبد الله إلى الحزب الشيوعي اللبناني، وهو مناضل يساري التحق بصفوف المقاومة الفلسطينية خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في أواخر السبعينيات، قبل أن يتزعم مجموعة صغيرة تُعرف بـ"الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، تضم لبنانيين وناشطين متضامنين مع القضية الفلسطينية، وقد وُصِف يوم إدانته بأنه "رمز من رموز النضال الفلسطيني" في أوروبا.
يعتبر جورج نفسه مناضلا ضد ما يصفه بـ"الهيمنة الأميركية والإسرائيلية"، ولم يُقرّ يومًا بمسؤوليته المباشرة عن العمليات التي أُدين بها، معتبرًا إياها جزءًا من مقاومة مشروعة في سياق الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1978 و الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بين عامي 1975 و1990.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الشرطة الإسرائيلية تعلن إحباط مخطط لاغتيال نتنياهو وتعتقل امرأة
الشرطة الإسرائيلية تعلن إحباط مخطط لاغتيال نتنياهو وتعتقل امرأة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الشرطة الإسرائيلية تعلن إحباط مخطط لاغتيال نتنياهو وتعتقل امرأة

أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) اعتقلوا امرأة من سكان وسط إسرائيل بعد الاشتباه في تواصلها مع آخرين بهدف استهداف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وذكرت الشرطة الإسرائيلية أن المرأة خططت لتنفيذ الهجوم باستخدام عبوة ناسفة. وأضافت أن جهاز الشاباك يتولى التحقيق مع المرأة، وسيوجه لها تهمة التآمر لارتكاب عمل إرهابي. وفي سبتمر/أيلول الماضي، قال موقع والا الإخباري الإسرائيلي إنه جرى اعتقال مواطن إسرائيلي بشبهة التعامل مع إيران والتخطيط لاغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران جندت المواطن الإسرائيلي لاستهداف نتنياهو ووزير الدفاع حينها يوآف غالانت ورئيس جهاز الشاباك حينها رونين بار. وقال الشاباك وجهاز الشرطة الإسرائيلي إنه جرى اعتقال المواطن الإسرائيلي في أغسطس/آب الماضي بعد أن ثبت أنه أقام اتصالات مع جهات استخباراتية إيرانية خلال وجوده في تركيا. وأضافا أن المعتقل، وهو رجل أعمال إسرائيلي، دخل الأراضي الإيرانية عبر الحدود التركية والتقى هناك بجهات استخباراتية.

حين تغيب الدولة تظهر الوحوش
حين تغيب الدولة تظهر الوحوش

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

حين تغيب الدولة تظهر الوحوش

في السياقات المعقّدة التي تمر بها دول ما بعد الاستعمار، أو تلك الخارجة من نزاعات داخلية، كثيرًا ما تنظر الأقليات إلى الدولة المركزية باعتبارها تهديدًا لهويتها ووجودها؛ فهي بالنسبة لها لا تمثل عقدًا اجتماعيًّا متوازنًا، بل أداة للهيمنة، تارة قومية، وتارة طائفية أو سلطوية. هذا التصوّر المتراكم يدفع بعض الجماعات إلى المطالبة بالانفصال، أو على الأقل تحجيم دور الدولة في مناطقها، أملاً في تحقيق ما يُسمّى 'التحرر'، والحفاظ على الخصوصية الثقافية أو الدينية. لكن المفارقة القاسية أن غياب الدولة لا يقود بالضرورة إلى الحرية، بل غالبًا ما يُنتج ما يُعرف بـ'الحرية السلبية'، التي يكون أول مظاهرها الفوضى، التي ينتج عنها انفلات السلاح، وتصاعد الصراعات بين الهويات، وانهيار القانون، وسقوط الحد الأدنى من الأمان. لقد رأينا هذا المشهد يتكرر في أكثر من بلد؛ ففي العراق بعد عام 2003، ظنّ البعض أن سقوط الدولة القمعية سيفتح الباب لعهد جديد من الحقوق، لكن ما أعقب ذلك كان تفككًا مؤسساتيًّا أدى إلى حرب أهلية، وظهور كيانات طائفية مسلحة. وفي لبنان، خلال الحرب الأهلية، انهارت الدولة لصالح ميليشيات متناحرة، فدفع الجميع، دون استثناء، ثمن انكشافهم أمام منطق السلاح. أما في سوريا اليوم، فالصورة أكثر تعقيدًا.. إذ نجد أن بعض الكيانات المحلية، خصوصًا في مناطق الأقليات، رفضت تدخل الدولة في مؤسساتها إن لم يكن عبر شخصيات محلية، في تعبير واضح عن انعدام الثقة بالحكومة الجديدة، لأسباب تتعلق بالخلفية الدينية، والطبيعة الاجتماعية، والمواقف الأيديولوجية المتحفّظة. الدولة كـ"عدو مشترك" أم كـ"إطار مرفوض"؟ في مناطق ذات غالبية كردية أو درزية أو مسيحية، لم يعد يُنظر إلى الدولة السورية كضامن للحياة المشتركة، بل كخصم تاريخي، أو حتى كيان غريب. لكن حين تراجعت مؤسسات الدولة في هذه المناطق، لم يظهر بديل موحّد، بل تفككت البنى الإدارية والاجتماعية إلى كانتونات محلية، متنافرة، وعاجزة عن فرض الاستقرار. في السويداء، على سبيل المثال، أدى غياب الثقة في الدولة إلى نوع من "الاستقلال الذاتي غير المعلن"؛ فغالبية الفعاليات الشعبية ترفض تسليم السلاح، وترفض تدخل دمشق إلا عبر وسطاء محليين. هذه الرغبة، وإن كانت مفهومة في ظل الإرث التاريخي للطائفة، فإنها تحوّلت مع الوقت إلى بيئة خصبة للفوضى؛ إذ ظهرت أنماط من العدالة البديلة، والانتقام الذاتي، وميليشيات محلية تحتمي بعصبيات ضيقة، في ظل غياب قضاء فعّال وأمن مؤسسي. حادثة الاعتداء على محافظ السويداء كانت دليلًا صريحًا على انسداد قنوات الحوار مع دمشق.. صحيح أن المعتدين لا يمثلون المحافظة كاملة، لكن سلاحهم كان أعلى صوتًا من نخبها! وهكذا، تحوّلت مطالب الحكم الذاتي من أداة حماية إلى بوابة للفوضى. من مواجهة الاستبداد إلى احتضان الفوضى المفارقة الموجعة أن الثورة، التي انطلقت للمطالبة بالعدالة والدستور، أفضت في بعض المناطق إلى "تحرر من الدولة"، ولكن أيضًا من القانون والمؤسسات والضمانات. ففي ظل الفراغ، حلت سلطة البندقية بدل سلطة الدستور، وسلطة العشيرة بدل سلطة القاضي. الأسوأ من ذلك أن بعض الكيانات المحلية بدأت تعيد إنتاج ممارسات الدولة نفسها في القمع والتسلط، ولكن دون مؤسسات رقابية أو شرعية قانونية.. استُبدل الاستبداد لا بإصلاح، بل بفوضى أكثر خطرًا، وأكثر تفلّتًا. الدولة ليست النظام.. والفوضى ليست حرية هنا تظهر الحاجة إلى تمييز بالغ الأهمية: الدولة ليست النظام الحاكم، الدولة هي الإطار المؤسسي الذي يضم القضاء، والأمن، والتعليم، والصحة.. وهي، رغم عيوبها، المساحة الوحيدة المتاحة للنضال السلمي، وتحصيل الحقوق عبر أدوات قانونية. أما الفوضى، فهي لا تمنح حرية، بل تفتح الباب أمام منطق 'من يملك السلاح يملك القرار'، وهي لا توفر بدائل عادلة، بل تقوّض كل إمكانية للإصلاح. وبالتالي، فإن تفكيك ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية، تحت راية التحرر، لا يقرّبنا من العدالة، بل من فراغ أمني واجتماعي لا يرحم. على الجميع -من النظام إلى المعارضة، ومن الداخل إلى الخارج- أن يدرك أن البديل عن الدولة الموحدة ليس النظام الفيدرالي العادل، بل الانقسام الأهلي والانهيار التدريجي ولأن البديل ليس دائمًا الأجمل ما يغيب عن الأذهان أحيانًا هو أن الأقليات التي تخشى الذوبان في الدولة كثيرًا ما تذوب في الفوضى حين تغيب الدولة. فالدولة، مهما كانت مختلّة أو ظالمة، تظل إطارًا يمكن من داخله بناء الحركات، وصياغة الخطاب، وتحقيق التغيير تدريجيًّا. أما الفوضى، فلا تسمح إلا لمن يملك القوة، لا الفكرة. في الحالة السورية.. الدولة ضرورة واقعية إن سوريا لا تحتاج فقط إلى "حل سياسي"، بل إلى إعادة بناء الثقة في مفهوم الدولة، لا بوصفها جهازًا أمنيًّا، بل كإطار للحياة المشتركة. النظام ليس وحده المسؤول عن ذلك، بل المعارضة أيضًا، التي عليها أن تعيد تعريف خطابها تجاه الدولة بوصفها مشروعًا للمستقبل، لا مجرد عدو للماضي. على الجميع -من النظام إلى المعارضة، ومن الداخل إلى الخارج- أن يدرك أن البديل عن الدولة الموحدة ليس النظام الفيدرالي العادل، بل الانقسام الأهلي والانهيار التدريجي. وبغض النظر عن الموقف من حكومة الشرع، تبقى -شئنا أم أبينا- الضامن الوحيد حاليًّا لتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب طائفية أو فراغ أمني شامل. هذا لا يعني السكوت عن الظلم، ولا تبرير القمع، بل إدراك أن تفكيك الدولة بدعوى التحرر لا يؤدي إلى العدالة، بل إلى عودة الوحوش.

الاتحاد الأوروبي يلوّح بـ"أداة مكافحة الإكراه" كخط دفاع في حربه التجارية مع أميركا
الاتحاد الأوروبي يلوّح بـ"أداة مكافحة الإكراه" كخط دفاع في حربه التجارية مع أميركا

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

الاتحاد الأوروبي يلوّح بـ"أداة مكافحة الإكراه" كخط دفاع في حربه التجارية مع أميركا

ذكرت وكالة بلومبيرغ أن أداة مكافحة الإكراه تمثل أقوى وسيلة يمتلكها الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية، وتتيح له فرض إجراءات عقابية شاملة تتجاوز نطاق السلع إلى الخدمات والاستثمار، في حال تعرضه لما يعتبره "إكراها اقتصاديا" من قبل دولة ثالثة. فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة. تقييد الاستثمارات الأميركية في أوروبا. حظر الشركات الأميركية من التنافس على العقود العمومية داخل الاتحاد. ورغم أن جوهر الأداة ردعي وليس انتقاميا، بحسب التقرير، فإن طبيعة الإجراءات المنصوص عليها فيها تجعل من التهديد بتفعيلها وسيلة ضغط فعالة، حيث تدفع الشركاء التجاريين المحتملين إلى التراجع عن استخدام التجارة كسلاح دبلوماسي. وهو ما يراه مسؤولو الاتحاد ضروريا في ظل السياسات الأميركية المتصاعدة، التي باتت تربط التجارة بقضايا غير اقتصادية مثل الهجرة والضرائب ومكافحة المخدرات. فرنسا تتصدر الدعوة للتفعيل.. وبرلين تراقب وقالت بلومبيرغ إن فرنسا تقود التحرك داخل الاتحاد لحشد الدعم لتفعيل الأداة في حال مضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدما في فرض الرسوم دون التوصل إلى اتفاق بحلول مطلع أغسطس/آب. وبحسب ما نقلته الوكالة، تحظى هذه الدعوة بدعم متزايد بين الدول الأعضاء، رغم التحذيرات الأميركية بأن أي رد أوروبي سيقابل بإجراءات انتقامية أشد. وتتطلب عملية التفعيل موافقة الأغلبية المؤهلة داخل المجلس الأوروبي، أي دعم 55% من الدول الأعضاء تمثل ما لا يقل عن 65% من سكان الاتحاد، مما يجعل الموقفين الفرنسي والألماني حاسمين في ترجيح الكفة. وإذا قررت أن الوضع يستدعي استخدام الأداة، فعليها أولا فتح تحقيق لتأكيد وجود إكراه اقتصادي، ثم تقديم توصية رسمية إلى المجلس، الذي يملك 10 أسابيع لاتخاذ القرار. جذور الأداة وسياقها السياسي وأشارت بلومبيرغ إلى أن المفوضية الأوروبية كانت قد اقترحت الأداة عام 2021، استجابة لما وصفته بـ"سلسلة من الصدمات"، شملت آنذاك الحرب التجارية التي شنها ترامب خلال ولايته الأولى، فضلا عن الحظر التجاري غير الرسمي الذي فرضته الصين على ليتوانيا بسبب علاقاتها مع تايوان. وقد شكّلت هذه الحوادث، وفقا للتقرير، لحظة وعي أوروبي بضرورة التسلح بآليات سيادية لحماية المصالح الإستراتيجية في مواجهة الابتزاز التجاري. ومنذ ذلك الحين، تبنّى الاتحاد مبدأ "الاستقلال الإستراتيجي المفتوح"، الذي يتيح له التحرك منفردا في الملفات الحساسة، دون التخلي عن التعاون المتعدد الأطراف حين يكون ممكنا. ماذا يعني الإكراه التجاري؟ وبحسب بلومبيرغ، يُعرّف الاتحاد الإكراه التجاري بأنه استخدام أدوات مثل الرسوم أو الحصص أو تدابير مكافحة الإغراق بهدف فرض كلفة اقتصادية على طرف آخر ضمن نزاع سياسي أو دبلوماسي، دون مبرر في قواعد التجارة الدولية أو وجود اختلال تجاري حقيقي. وهذا التعريف ينطبق على سلوك ترامب الحالي تجاه أوروبا، كما ترى مصادر أوروبية مطلعة تحدثت للوكالة. وفي موازاة الأداة، يستعد الاتحاد لحزمة ردود إضافية في حال فشل التفاوض، على رأسها "رسوم إعادة التوازن" التي قد تطال صادرات أميركية بقيمة 72 مليار يورو (نحو 84 مليار دولار)، تشمل طائرات " بوينغ"، السيارات، ومشروبات "البوربون". وفي ختام تقريرها، قالت بلومبيرغ إن الاتحاد الأوروبي يواجه الآن اختبارا دقيقا لتوازن الردع والحوار، إذ أن أي قرار بتفعيل الأداة قد يفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق بين ضفتي الأطلسي. إلا أن مؤيدي تفعيل الأداة يرون أن الرسالة واضحة: لن يقف الاتحاد مكتوف الأيدي أمام ما يعتبره "ابتزازا اقتصاديا منهجيا"، وأنه مستعد لاستخدام كامل أدواته السيادية للحفاظ على مصالحه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store