
"روسيا الأم".. تقديرات استخباراتية أميركية: بوتين لم يتراجع عن أهدافه في أوكرانيا
أثارت تقارير استخباراتية أميركية "سرية"، بما في ذلك تقرير صدر في وقت سابق من الشهر الجاري، شكوكاً بشأن رغبة الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين في إنهاء حرب أوكرانيا، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي "لم يحدّ عن هدفه المتمثل في الهيمنة على جاره الغربي"، حسبما نقلت "واشنطن بوست" عن مصادر مطلعة.
وذكر مصدر مطلع على التقرير، التي تم تقديمه إلى صناع القرار في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والمؤرّخ في 6 مارس الجاري، أن "بوتين لا يزال مُصمّماً على التمسك بزمام الأمور في أوكرانيا".
وذكرت الصحيفة الأميركية، أن هذه التقارير السّرية، "لا تهدف إلى تقييم دبلوماسية الرئيس ترمب عالية المخاطر لإنهاء حرب أوكرانيا المُستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، أو احتمالات اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً الذي اتفق عليه المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون هذا الأسبوع. لكنها تُبرز المهمة الصعبة التي يواجهها ترمب وفريقه للأمن القومي، وتُثير تساؤلاً بشأن ما إذا كان البيت الأبيض يُسيء فهم رغبة بوتين في السعي للسلام".
وردّ بوتين، الخميس، بحذر، على اقتراح وقف إطلاق النار. وبينما لم يرفضه رفضاً قاطعاً، ألمح إلى أن موسكو قد تضع شروطاً على أي اتفاق. وتحدث الزعيم الروسي مُسبقاً عن اجتماع مُخطط له في موسكو مع مبعوث ترمب ستيف ويتكوف لمناقشة خطة وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، تُحرز القوات الروسية تقدماً ملحوظاً في طرد القوات الأوكرانية من شريط من الأراضي في مقاطعة كورسك الروسية، والتي كانت كييف تأمل في استخدامها كـ"ورقة مساومة إقليمية" في المفاوضات المنتظرة.
استعادة "روسيا الأم"
وقال بعض المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين إن الزعيم الروسي، حتى لو وافق على هدنة مؤقتة، "سيستخدمها لإراحة قواته وتجهيزها مرة أخرى"، و"من المُرجح أن يُخالف شروط الاتفاق بإثارة استفزاز يُلقي باللوم فيه على أوكرانيا"، على حد وصفهم.
وقال مسؤولون آخرون، إن التقارير كانت أكثر حذراً بشأن شروط السلام، التي قد يقبلها بوتين. لكنهم أقروا بأنه لا يوجد ما يشير إلى تراجع بوتين عن مطلبه بضم أوكرانيا إلى فلك روسيا الأمني والاقتصادي. وقال أحد المسؤولين: "لديه رغبة راسخة في استعادة روسيا الأم".
وقال يوجين رومر، المسؤول الاستخباراتي الأميركي السابق والخبير في الشؤون الروسية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "لا أعتقد أن وقف إطلاق النار أو حتى الهدنة أو المعاهدة سينهي القصة". وأضاف: "هذه هي المواجهة الدائمة الجديدة بين روسيا وبقية أوروبا".
وقال محللون آخرون، إنهم يعتقدون أن "المحادثات قد تُسفر عن نتيجة إيجابية إذا أحسنت واشنطن وأوروبا إدارة أوراقهما".
وقال إريك سيراميلا، وهو أيضاً مسؤول استخباراتي أميركي سابق وخبير في الشؤون الروسية بمؤسسة كارنيجي: "لكي يتوقف بوتين عن القتال، عليه أن يعتقد أنه قادر على الفوز في المفاوضات". وتابع: "لكن هذا لا يعني أنه سيفوز".
واعتبر سيراميلا، في مقابلة مع "واشنطن بوست"، أن "مفتاح التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار ملائم ودائم يكمن في وضع ترتيبات أمنية لأوكرانيا تسمح لها بإعادة بناء قوتها العسكرية وردع أي هجوم متجدد".
في حين أنه من غير الواضح ما إذا كان ترمب قد أُطلع شخصياً على تقرير الاستخبارات الصادر في 6 مارس، قال المصدر المطلع إنه "من نوع التحليلات التي جرت العادة على إطلاع الرئيس عليها".
"تعنت بوتين"
وقال مصدر آخر مطلع على الأمر، إن بعض التقييمات الأميركية بشأن تعنت بوتين بدت وكأنها تُثير حفيظة ترمب. في الواقع، أثار ترمب ومساعدوه في الأيام الأخيرة احتمال فرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا إذا رفضت الموافقة على إنهاء الحرب. لم يحددوا ماهية تلك العقوبات، مع أن ترمب قال، الأربعاء، إنها "قد تكون مدمّرة".
وقال المصدر: "الرئيس يريد بشدة التوصل إلى اتفاق. والروس لا يُظهرون أي بوادر تراجع. إنهم يُصعّدون مطالبهم".
وسيشمل اقتراح وقف إطلاق النار، الذي أُعلن عنه، الثلاثاء الماضي، بعد محادثات أميركية-أوكرانية في السعودية، وقفاً للقتال لمدة 30 يوماً لتجميد المواقع العسكرية على طول 1800 ميل من خطوط المواجهة. كان هذا أحدث تحول في سلسلة أسبوعين شهدتا شبه قطيعة في العلاقات بين واشنطن وكييف، عقب اجتماعٍ اتسم بالمواجهة في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقطع ترمب المساعدات العسكرية والاستخباراتية الأميركية عن أوكرانيا الأسبوع الماضي لحث زيلينسكي على الانخراط في محادثات سلام. وبمجرد التوصل إلى الاتفاق في السعودية، أعلنت واشنطن رفع الحظر المفروض على الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
ورفض ترمب تقييم احتمالات التوصل إلى اتفاق مع بوتين. وقال للصحافيين، الأربعاء: "أعتقد أن الأمر منطقي بالنسبة لروسيا. لقد ناقشنا أيضاً مسألة الأراضي".
تسيطر روسيا، التي استولت على شبه جزيرة القرم وضمتها في عام 2014، قبل أن تشن غزواً شاملاً في عام 2022، على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، وضمت أربع مقاطعات شرقية بالقرب من حدود روسيا.
ويقول المسؤولون الأوكرانيون إنهم يريدون استعادة كامل حدود البلاد التي كانت قائمة قبل عام 2014، على الرغم من أن العديد من المسؤولين والمحللين يستبعدون استعادة شبه جزيرة القرم بالدبلوماسية أو القوة.
ولم تتضح معالم أي تسوية إقليمية محتملة، فيما رفض وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الشهر الماضي، رفضاً قاطعاً اقتراحاً فرنسياً بريطانياً بنشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا، لحماية أي اتفاق سلام.
وطوال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، صرّح رؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية علناً بأنهم لم يروا أي مؤشر على تراجع الزعيم الروسي عن أهدافه في أوكرانيا، على الرغم من الانتكاسات العسكرية الكبيرة التي شهدتها البلاد في الأشهر التي أعقبت غزوها في فبراير 2022.
وصرّح بوتين علناً بأن شروطه لاتفاق السلام تشمل الحفاظ على السيطرة الكاملة على المقاطعات الأربع التي احتلتها روسيا في شرق أوكرانيا، والحفاظ على "جسر بري" بين روسيا وشبه جزيرة القرم، والاستيلاء على الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا حالياً، مثل مدينتي خيرسون وزابوريزهيا. كما يريد بوتين أن تكون أوكرانيا مستقلة اسمياً، لكن خاضعة لموسكو، وفقاً لمسؤول أميركي سابق.
وقال المسؤول السابق، إن حسابات بوتين "قد تتغير إذا بدأ وضعه العسكري في التدهور. على الرغم من أن روسيا أكبر مساحةً وأكثر سكاناً من أوكرانيا، إلا أنها خسرت أكثر من 95 ألف جندي من جنودها خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقاً لتحليل أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC. وتشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي الضحايا والجرحى يقارب 500 ألف.
"ضعف ترمب"
في غضون ذلك، قال مسؤول استخباراتي أوروبي، مستشهداً بمعلومات استخباراتية جُمعت خلال الشهر الماضي، إن المسؤولين في موسكو يعتقدون أن "ترمب ضعيف"، و"يفتقر إلى مجموعة أساسية من المبادئ، وقد يكون عرضة للتلاعب".
وقال المسؤول الاستخباراتي الأوروبي، إنه في حال التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، فمن المرجح أن تلجأ موسكو إلى "وسائل هجينة" أو غير عسكرية لتقويض أوكرانيا، كما فعلت في عام 2014 بعد غزو شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا، وصولًا إلى الغزو الشامل في عام 2022.
وأضاف المسؤول أن "هذه الوسائل تشمل الإكراه الاقتصادي والدبلوماسي؛ والتغلغل في النخب الأوكرانية، ودوائر الأعمال، وأجهزة الأمن، والجيش؛ وممارسة النفوذ من خلال الكنيسة الروسية في أوكرانيا. لطالما صوّر قادة روسيا زيلينسكي على أنه دمية في يد الغرب، وسعوا إلى تقويض شرعيته".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
إدارة ترمب تستأنف قرار محكمة فيدرالية إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة
استأنفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأربعاء حكماً أصدرته محكمة فيدرالية أميركية في اليوم نفسه وألغت بموجبه معظم الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الملياردير الجمهوري على واردات بلاده من دول العالم بأسره. وقالت إدارة ترمب في ملف الدعوى إن "هذا إخطار بأن المدعى عليهم يستأنفون أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية الأميركية رأي المحكمة وحكمها النهائي الصادر في 28 مايو/ أيار 2025". تنديد إثر وقف الرسوم وكان متحدث باسم البيت الأبيض ندد أمس الأربعاء بـ"قضاة غير منتخبين يفتقرون إلى القدرة على اتخاذ قرار في شأن كيفية إدارة حالة طوارئ وطنية على النحو السليم"، وذلك عقب قرار قضائي بوقف الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترمب على جميع المنتجات الداخلة إلى الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي في بيان إن "تعهد الرئيس ترمب بوضع أميركا في المقام الأول، والإدارة ملتزمة باستخدام كل أدوات السلطة التنفيذية للاستجابة لهذه الأزمة واستعادة عظمة أميركا". وقضت محكمة أميركية متخصصة بقضايا التجارة الدولية، في حكم نشر أمس الأربعاء، بإلغاء الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي فرضها الرئيس دونالد ترمب بنسبة 10 في المئة على كل السلع التي تستوردها بلاده، معتبرة أن الكونغرس وحده يملك صلاحية فرض مثل تعريفات كهذه. وقالت محكمة التجارة الدولية الأميركية في حكم اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية إنه لا يمكن للرئيس أن يتذرع بقانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977، "لفرض رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريباً". قررت المحكمة منع رسوم "يوم التحرير" التي فرضها ترمب من دخول حيز التنفيذ، وقضت بأن الرئيس تجاوز سلطته بفرض رسوم شاملة على الواردات من الدول التي تبيع للولايات المتحدة أكثر مما تشتري. وقالت محكمة التجارة الدولية التي مقرها مانهاتن إن دستور الولايات المتحدة يمنح الكونغرس سلطات حصرية لتنظيم التجارة مع الدول الأخرى، التي لا تخضع لسلطات الطوارئ التي يتمتع بها الرئيس لحماية الاقتصاد الأميركي. وكانت الدعوى القضائية، التي رفعها مركز ليبرتي جاستس غير الحزبي نيابة عن خمس شركات أميركية صغيرة تستورد سلعاً من دول استهدفتها الرسوم، أول طعن قانوني كبير على رسوم ترمب الجمركية. وتقول هذه الشركات إن الرسوم الجمركية ستضر بقدرتها على ممارسة الأعمال التجارية. وهذه الدعوى القضائية واحدة من سبعة طعون قانونية على سياسات الرسوم الجمركية التي يتبناها ترمب، وذلك إلى جانب طعون من 13 ولاية أميركية ومجموعات أخرى من الشركات الصغيرة.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
سلام إسرائيلي يلوح من دمشق وصمت مفروض في بيروت
تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية متسارعة توحي بأن "ورشة سلام" جديدة بدأت تنسج خيوطها خلف الأبواب المغلقة، ليس كنتاج قناعة بالسلام نفسه، بل كحاجة فرضتها الوقائع الجيوسياسية والعسكرية ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، أو ما عرف بـ"طوفان الأقصى". ونقلت وكالة "رويترز" أمس الثلاثاء عن خمسة مصادر مطلعة أن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وأجرتا خلال الأسابيع الأخيرة لقاءات وجهاً لوجه، بهدف احتواء التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين البلدين. وأضافت الوكالة أن اللقاءات ركزت على الملفات الأمنية، وقادها من الجانب السوري أحمد الدالاتي، لكن قناة "الإخبارية" السورية نقلت نفي قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء العميد الدالاتي حول ما أشيع عن مشاركته في محادثات مباشرة مع إسرائيل، وأكد أنه "ينفي بصورة قاطعة مشاركته في أية جلسات تفاوضية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي"، مشدداً على أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى الدقة والمصداقية. من محادثات السلام السورية- الإسرائيلية في البيت الأبيض 1999 (أ ف ب) لكن الرئيس السوري أحمد الشرع وخلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بداية مايو (أيار) الجاري، أعلن أن هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لـ"تهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة". وخلال ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 إبان تسلمه للسلطة، قال الشرع "لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا حِمل معركة ضدها"، وفي تصريحات إعلامية سابقة كان أشار إلى أننا "نريد السلام مع جميع الأطراف". في هذا السياق يطرح سؤال جوهري، هل نقترب فعلاً من رؤية مشهد كان يبدو حتى الأمس القريب ضرباً من الخيال؟ علم إسرائيلي يرفرف في دمشق، والواقع أن مجرد تداول هذه الفرضية في الإعلام يظهر حجم التحول في المزاج الإقليمي، فدمشق التي كانت لعقود رأس حربة ما يعرف بـ"جبهة الرفض" أو "جبهة الصمود والتصدي"، ولاحقاً عموداً رئيساً في "حلف الممانعة"، تجد نفسها اليوم أمام خيارين، سلام مشروط يعيد لها ربما بعض شرعيتها الدولية، أو استمرار العزلة والانهيار الاقتصادي الكامل، علماً أن مفاوضات سلام جدية جرت بين دمشق وتل أبيب خلال عهد النظام السابق برئاسة حافظ الأسد، بخاصة بعد "مؤتمر مدريد" 1991، واستمرت بصورة متقطعة حتى عام 2000، لكنها لم تصِل إلى اتفاق نهائي. دمشق البقاء في المدار الإيراني لم يعُد مجدياً إذاً ما كان يُعد خطاً أحمر في السياسة السورية منذ عقود، بات اليوم مطروحاً للنقاش في أروقة القرار، مفاوضات مباشرة مع إسرائيل برعاية إماراتية وربما بغطاء روسي – أميركي مزدوج، ذلك أن النظام الجديد في دمشق بقيادة الشرع يدرك تماماً أن البقاء في المدار الإيراني لم يعُد مجدياً، لا سياسياً ولا اقتصادياً، فطهران المثقلة بالعقوبات والانهيارات الداخلية لم تعُد الحليف القادر على انتشال سوريا من عزلتها، بل أصبحت عبئاً مهدداً. هنا من المحتمل أن تكون دمشق اليوم تحاول المناورة بين المحاور، ذلك أن التلويح بالتقارب مع إسرائيل ربما يكون وسيلة لاجتذاب الاستثمارات الخليجية، وفتح الأبواب المغلقة مع الغرب، وحتى كسب ورقة تفاوض قوية بوجه طهران نفسها، وإذا ما رُفع العلم الإسرائيلي فعلاً على الأراضي السورية، فسيكون ذلك إعلاناً بانتهاء مرحلة كاملة من الصراع العربي – الإسرائيلي، وبداية شرق أوسط جديد تُعاد فيه كتابة خرائط النفوذ والتحالفات، ولكن لا تزال تفصلنا عن ذلك عقبات ومواجهات ومواقف متباينة عدة من الدول التي تعد نفسها، ولا تزال في صراع مع إسرائيل، ومن بينها لبنان. كما أن سوريا تعلم أن هذا "السلام" المحتمل لن يكون بلا ثمن، فالثمن الأكبر قد يكون التخلي التدريجي عن حلفاء الأمس، وربما مواجهة اضطرابات داخلية من قوى ترفض السلام مع "العدو التاريخي"، ولا سيما في أوساط الجيش والأمن الذين نشأوا على عقيدة المواجهة، في المقابل إسرائيل لا تزال تقرع طبول الحرب وما زالت حربها في غزة وغاراتها وتوغلاتها في الداخلين اللبناني والسوري، لم تتوقف. لبنان "الرهينة" في مشاريع الآخرين ولكن أين لبنان مما يجري في المنطقة؟ وهل يمكن الحديث عن سلام بين لبنان وإسرائيل؟ للبنان قصة مختلفة، وهو من أكثر الدول العربية التي "دفعت" ثمن احتضان القضية الفلسطينية والفلسطينيين، فهو الذي اختل أمنه وشهد حرباً أهلية لمدة 15 عاماً، شكلت "القضية" أحد أبرز عواملها، ولا يزال يعيش تداعيات الحرب الضروس التي شنتها إسرائيل على كامل الأراضي اللبنانية، رداً على "حرب إسناد غزة" التي بدأ بها "حزب الله" من على الحدود الجنوبية في أكتوبر عام 2023. تشعر إسرائيل أنها تملك اليد العليا عسكرياً في الشمال (الجيش الإسرائيلي) وعلى ما يبدو أن مسؤوليه يعيشون في كوكب آخر، وكعادتهم يسيرون عكس التيار، ذلك أن كل المنطقة تسير باتجاه التهدئة ومشروع شرق أوسط جديد، لكن بعضاً من الداخل اللبناني وعلى رأسهم "حزب الله" لا يزال مصراً على حمل البندقية ورفض مجرد الحديث عن السلام. وكل من تسول له نفسه الحديث عن سلام أو تهدئة مع إسرائيل يُخوّن وربما تفتح بحقه ملفات أمنية، فالدولة التي لا تزال "مأسورة" بيد الحزب، مرتبطة عضوياً بمحور طهران، ولا تملك قرار الحرب ولا السلام، وأي انضمام لبناني إلى ورشة السلام سيبقى شكلياً ما لم تُحسم مسألة السلاح غير الشرعي، بالتالي، فإن بيروت تتحول إلى ساحة تقاطع مصالح، لا شريكة فعلية في رسم مستقبل المنطقة. في السياق كان الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم أكد أن "لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح 'المقاومة'، وهذا السلاح هو الذي أعطى الحرية لشعبنا وحرر وطننا"، وقال "سنواجه من يعتدي على الحزب ومن يعمل على نزع سلاحه، كما واجهنا إسرائيل". وعلى رغم كل التغيرات التي حصلت على الساحة اللبنانية، من افتتاح لعهد جديد، وشروع الدولة في تيسير عمل المؤسسات، فإن هناك جواً سائداً بأن قراره الخارجي لا يزال مصادراً، ولا يملك حرية توقيع السلام حتى لو أراد لأن قراره النهائي يصاغ في طهران. من هنا يجد لبنان نفسه ضمن "ورشة السلام"، العنصر الغائب-الحاضر، إذ تخاض حروب الآخرين على أرضه وتصنع قرارات السلم والحرب خارجه، بالتالي فإن أية تسوية إقليمية لن تمر عبر بيروت، بل فوقها. الذاكرة الوطنية وجرح الاحتلال لكن هناك عوامل أخرى تجعل من الحديث عن السلام مع إسرائيل محظوراً ليس فقط بسبب المعطيات التي ذكرناها، بل نتيجة تشابك عميق بين الذاكرة الجماعية والسردية الوطنية وتوازنات القوى الداخلية والإقليمية، فلبنان عانى احتلالاً إسرائيلياً دام 22 عاماً للجنوب، رافقته اعتداءات وجرائم وثقتها صور المعتقلين في الخيام ومجازر مثل قانا، وهذه الذاكرة لا تزال حية في وجدان بعض اللبنانيين، خصوصاً الجنوبيين، مما يجعل أي حديث عن سلام مع إسرائيل يبدو وكأنه سلام مع الجلاد، أو إنكار لمعاناة لم تُشفَ بعد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الدور المركزي لـ"حزب الله" بُني "حزب الله" على شعار "المقاومة ضد إسرائيل"، وهو لا يزال يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة ونفوذاً سياسياً هائلاً، بالتالي، أي نقاش عن السلام مع إسرائيل يعد تهديداً مباشراً لشرعية سلاحه، ويُقابل بردّ عنيف سياسياً وإعلامياً وربما أمنياً، فالحزب لا يملك فقط القوة لفرض هذا "الحظر"، بل لديه جمهور يتبنى هذه الرؤية كجزء من الهوية. ويشار إلى أن الكل في لبنان يتخوف من تخلخل التوازنات الطائفية، فالطوائف اللبنانية لا ترى في السلام مع إسرائيل مسألة تقنية، بل خياراً مصيرياً من الممكن أن يهدد وجودها، فيتخوف المسيحيون من أية تسوية توطن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويرتبط السُنة تاريخياً بسردية قومية ترفض إسرائيل، والشيعة بقيادة "حزب الله" يعدونها عدواً وجودياً، لذا، فإن أي خطاب سلمي يعتبر تفجيراً محتملاً لهذه التوازنات الهشة. قرار السلام "مصادر" ولبنان، بخلاف دول عربية أخرى، لا يملك سلطة مستقلة لاتخاذ قرار كهذا، فإيران، وسوريا سابقاً، و"حزب الله" حالياً، ترى في لبنان ساحة مواجهة استراتيجية مع إسرائيل، بالتالي حتى إن وجدت إرادة داخلية للسلام، فإن القرار في جزء كبير منه "مصادر"، ثم إن إسرائيل نفسها لا تبدي رغبة في سلام مع دولة ضعيفة، حدودها مستباحة، ولا سلطة مركزية موحدة فيها. ومع ذلك، فإن الحدود اللبنانية – الإسرائيلية هي الجبهة الأكثر اشتعالاً، وأية تسوية من دون تهدئة دائمة في الجنوب ستكون منقوصة، وهنا تبرز معضلة نزع سلاح "حزب الله"، وهي عقدة لا يمكن تفكيكها إلا في إطار صفقة شاملة تشمل إيران، وربما سوريا، وفي حال جرى التوصل إلى تسوية كبرى، من الممكن أن يطلب من الدولة اللبنانية استيعاب الحزب داخل الجيش، أو إدماجه في معادلة أو استراتيجية دفاعية رسمية، على غرار النموذج العراقي مع "الحشد الشعبي"، لكنها صيغة محفوفة بالأخطار، ولذلك بحث آخر، وفي المحصلة الحديث عن السلام مع إسرائيل في لبنان ليس مجرد وثيقة سياسية أو أمنية، في بلد لا يزال يعيش نصف حرب، ونصف سلم، تبدو كلمة "سلام" أخطر من أي إعلان حرب. هل تريد إسرائيل السلام فعلاً؟ ولكن ماذا عن الجانب الآخر من الحدود؟ هل تريد إسرائيل فعلاً الذهاب إلى سلام في المنطقة؟ وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال خلال حديث إعلامي إن إسرائيل تريد السلام مع لبنان، لكن "حزب الله" هو العائق أمام تحقيق ذلك، لافتاً إلى أن إسرائيل "ليس لديها صراع حقيقي مع دولة لبنان وإنما المشكلة تكمن في 'حزب الله' الذي يمثل إيران واستولى على لبنان". في العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية السلام ليس هدفاً بحد ذاته (أ ف ب) وأشار ساعر إلى أنه "قد يكون من المبكر للبنان اليوم الحديث عن السلام، لكننا نريد السلام حقاً وأعتقد بأنه سيكون ممكناً في المستقبل"، مضيفاً أن "الشرط الأساس هو أن تتوقف إيران عن احتلال لبنان من خلال 'حزب الله'، هذا هو العائق أمام السلام هناك"، وأردف أن "لبنان استمر تحت الاحتلال الإيراني لعقود، وعندما نصل إلى اللحظة التي يكون فيها الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية أقوى من 'حزب الله' أعتقد بأنه ستكون لدينا آفاق جديدة". لكن إسرائيل لا تبدو متحمسة للذهاب نحو سلام لأن كلفته في ظل الظروف الحالية، تفوق فوائده من وجهة نظرها الاستراتيجية، فلبنان ليس دولة موحدة القرار، والسلطة فيه ضعيفة ومقسمة بين أطراف متناحرة، أبرزها "حزب الله" الذي يعد في نظر إسرائيل عدواً وجودياً، بالتالي، أي سلام مع الحكومة اللبنانية سيكون شكلياً لأن الطرف الأقوى على الأرض لا يعترف به، بل يحاربه، فمن منظور إسرائيلي، ما فائدة توقيع سلام مع سلطة لا تملك قرار الحرب والسلم؟ أضف إلى ذلك أن وجود الحزب على حدودها يمنح إسرائيل مبرراً دائماً للبقاء في "وضع تأهب"، بالتالي هذا يبرر استمرار حال التعبئة العسكرية والتحصينات الأمنية والضغط السياسي الدولي على لبنان وإيران، إذاً السلام سيفقدها هذا "العدو الواضح" الذي تبرر من خلاله كثيراً من سياساتها العسكرية والإقليمية. وإسرائيل لا تريد السلام بمعناه الكلاسيكي، أي سلام متكافئ قائم على الحقوق والاعتراف المتبادل، بقدر ما تسعى إلى سلام بشروطها، يحقق لها الأمن أولاً والهيمنة الإقليمية ثانياً. السلام ليس هدفاً وفي العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية، السلام ليس هدفاً بحد ذاته، بل أداة لضبط الحدود وتفكيك الخصوم وخلق بيئة إقليمية تسمح لإسرائيل بأن تعيش بلا تهديد وجودي، والدليل هو ما فعلته بعد "اتفاقات أبراهام"، إذ إنها وقعت سلاماً مع دول ليس لديها نزاع مباشر معها، في مقابل تجاهل كامل للقضية الفلسطينية التي تركت بلا أفق. وعلى عكس السلام مع دول الخليج (التطبيع الاقتصادي والتكنولوجي)، أو السلام مع مصر (تأمين حدود سيناء)، لا ترى إسرائيل في لبنان مكسباً استراتيجياً كبيراً، فهو بلد فقير منهار اقتصادياً ومحكوم من قوى معادية وليست لديه سوق استهلاكية ولا يملك عمقاً جغرافياً يمكن الاستثمار فيه. إسرائيل تفضل "الردع" على "المعاهدات" في الجبهة الشمالية وتشعر إسرائيل بأنها تملك اليد العليا عسكرياً في الشمال، وتحقق ما تريده من خلال القوة والاغتيالات والضربات الجوية وردع "حزب الله" من دون أن تدفع ثمن سلام، فلماذا تذهب إلى تنازلات والتزامات دبلوماسية مقابل دولة مفككة؟ ولماذا توقع سلاماً الآن، بينما "حزب الله" في أضعف حالاته والسلطة اللبنانية عاجزة والاقتصاد منهار؟ هي تفضل مواصلة الضغط والاستثمار في الضعف اللبناني، بدلاً من تقديم "هدية سياسية" عبر اتفاق سلام يشرعن الدولة اللبنانية ويعطيها مكاسب، من هنا فإنها قد تكون ساعية وراء سلام شكلي، وهي تفضل بقاء الوضع الحالي، من دون اتفاق وبلا حرب شاملة، مع "ردع من بعيد" يتيح لها قصف أهداف في العمق متى شاءت، ما دام أن "حزب الله" لا يرد على نحو يغير المعادلة، أضف إلى أنها تعتبر لبنان ساحة نفوذ إيرانية، لا دولة قابلة للشراكة، ولذلك فهي تتحدث مع طهران عبر بيروت، لا مع بيروت نفسها. أما في الحالة السورية، فإذا رأت تل أبيب أن النظام الجديد مستعد للانفصال عن طهران، والتوصل إلى اتفاق سلام مقابل ضمانات أمنية على الجبهة الشمالية، فقد تدفع نحو سلام "تكتيكي" وليس "تاريخياً"، أشبه بهدنة دائمة أكثر منه تسوية شاملة. إسرائيل إذاً، لا تريد "سلاماً عادلاً" يفتح صفحة جديدة مع الشعوب، بل "سلاماً مفصلاً" على قياس مصالحها الاستراتيجية، فإسرائيل تريد "سلاماً بارداً" مع دول الطوق، مشروطاً بالتخلي عن أي طموح سيادي في ملفات رئيسة، مثل عودة اللاجئين والانسحاب من أراضٍ محتلة خارج التفاوض والسلاح في يد أية قوة قد تشكل تهديداً مستقبلياً، وهنا يكمن التحدي الحقيقي لأية ورشة سلام مقبلة في المنطقة، هل هي لإنهاء الصراع، أم لتجميده على شروط المنتصر؟


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
وسط ضعف القدرات الدفاعية.. أوكرانيا تتأهب لهجوم روسي واسع خلال الصيف
توقع مسؤولون عسكريون أوكرانيون ومحللون، أن تشن روسيا هجوماً واسع النطاق هذا الصيف على إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، وهو الإقليم الذي تسعى موسكو للسيطرة عليه منذ بداية الحرب، حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأربعاء. وتزامنت التحذيرات من الهجوم المرتقب، والذي يقول بعض المحللين إنه بدأ بالفعل، مع تعثر مسار السلام الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة، إذ اقتصر حتى الآن على اجتماعات غير حاسمة ولم يفضِ إلى نتائج ملموسة. في المقابل، رفضت روسيا مراراً دعوات أميركية وأوروبية إلى وقف فوري لإطلاق النار، بينما تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حشد روسي لـ50 ألف جندي قرب منطقة سومي شمالي أوكرانيا. وقال محللون أميركيون إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يبدو واثقاً من قدرته على حسم الحرب عسكرياً، رغم أن العقوبات الغربية والخسائر البشرية الفادحة بدأت تُضعف آلة الحرب الروسية تدريجياً. ويرون أن أشهر الصيف الحالية ربما تكون فرصته الأخيرة لشن هجوم واسع النطاق. وتمثل السيطرة الكاملة على دونيتسك، أولوية لروسيا منذ بداية الحرب في عام 2022. وفي سبتمبر من العام نفسه، أعلن بوتين ضم دونيتسك وثلاثة أقاليم أوكرانية أخرى إلى الاتحاد الروسي، رغم أن أياً منها لم يكن تحت سيطرة قواته بالكامل حينها. مكاسب ميدانية وتأتي التحليلات التي تشير إلى سعي روسيا لكسب المزيد من الأراضي في وقت تؤكد فيه موسكو اهتمامها بمناقشة السلام، لكنها تشدد على أن وقف الأعمال القتالية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال معالجة "الأسباب الجذرية" للنزاع. وعقب المحادثات المباشرة التي جرت بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول في 16 مايو الجاري، اتفق الطرفان على صياغة مذكرة تتضمن مبادئ كل منهما لأي اتفاق محتمل. وفي الأثناء، شنت روسيا خلال نهاية الأسبوع واحدة من أكبر موجات القصف الجوي على أوكرانيا منذ بداية الحرب. وإلى جانب الهجوم الرئيسي على دونيتسك، التي تسيطر روسيا على نحو 70% منها، يخطط الكرملين لتنفيذ هجمات أصغر على طول الحدود الشمالية الشرقية لأوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف، بهدف زيادة الضغط على القوات الأوكرانية المنتشرة بكثافة على خطوط المواجهة، وفقاً لمحللين. وقال ميكولا بيلييسكوف، الباحث في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في أوكرانيا، إن خطة روسيا تقوم على "محاولة تثبيت القوات الأوكرانية على طول خط الجبهة، بما في ذلك في منطقتي سومي وخاركيف، لكنها ستركز بشكل أساسي على بوكروفسك وكوستيانتينيفكا"، في إشارة إلى المدينتين الواقعتين في دونيتسك، واللتين تحاول روسيا السيطرة عليهما منذ قرابة عام. وأضاف أن مدينة كوستيانتينيفكا، ليست على وشك السقوط حالياً، لكنها تُعد هدفاً "واعداً" بالنسبة للروس في الوقت الراهن، نظراً لقدرتهم على مهاجمتها من ثلاث جهات مختلفة. الدفاعات الأوكرانية كان محللون قد توقعوا في صيف العام الماضي أن تسقط المدينتان بحلول ديسمبر الماضي، إلا أن تعثر روسيا في السيطرة عليهما يعكس حجم الجهود الهائلة التي تبذلها أوكرانيا في الدفاع عنهما. ومع ذلك، لا تزال كييف تواجه صعوبات في التجنيد وتوفير القوة النارية، ما يعني أن الأشهر المقبلة ستكون تحدياً جديداً لها. وفي المقابل، تجاوزت روسيا أهدافها في عمليات التجنيد العسكري، لكنها لا تزال تفتقر إلى الأعداد اللازمة لتنفيذ عدة هجمات ناجحة في آنٍ واحد، وفقاً لما قاله محللون ومسؤولون عسكريون أوكرانيون لـ"واشنطن بوست". وقال بيلييسكوف: "أتوقع أن يركزوا على منطقة دونيتسك، وكل ما عدا ذلك سيكون مجرد تشتيت للموارد والانتباه الأوكراني"، مضيفاً أن إعطاء الأولوية لمنطقتي سومي أو خاركيف لن يمنح الروس مساحة الأراضي التي يسعون إلى السيطرة عليها. احتاجت روسيا إلى 80 ألف جندي للسيطرة على مدينة أفدييفكا الصغيرة في دونيتسك في فبراير 2024، بعد حصار مرهق. وفي الوقت الراهن، ينتشر نحو 125 ألف جندي روسي على حدود منطقتي سومي وخاركيف، وهو عدد لا يكفي للسيطرة على عاصمتين إقليميتين، بحسب أرقام أوردتها الاستخبارات العسكرية الأوكرانية. ورجح أندريي تشيرنياك، ممثل الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أن تُستخدم هذه القوات لاحتلال أجزاء صغيرة من الأراضي الأوكرانية على طول الحدود. "مناطق عازلة" وكانت روسيا قد أعلنت بالفعل أنها تسعى إلى إنشاء "مناطق عازلة" على طول الحدود لمنع أي توغلات أوكرانية جديدة في منطقتي كورسك أو بيلجورود الروسيتين. مع ذلك، قال تشيرنياك إن القوات الروسية ستستغل هذه الجيوب الجديدة داخل الأراضي الأوكرانية للضغط على العاصمتين الإقليميتين، وخصوصاً مدينة سومي. وقد استولت القوات الروسية بالفعل على أربع قرى حدودية، وفق ما كتبه حاكم سومي، أوليه هريهورو، على فيسبوك، الثلاثاء. وتفتقر أوكرانيا حالياً إلى الأعداد الكافية من الجنود والعتاد لتنفيذ هجوم، لذلك ستستمر في تبني الاستراتيجية الدفاعية التي اعتمدتها منذ عام 2024، من خلال التمسك بخطوط المواجهة وجعل استيلاء قوات موسكو على أي أرض مكلفاً قدر الإمكان. ويُعد استمرار تدفق الأسلحة الأجنبية عنصراً أساسياً في تلك الاستراتيجية، وهو أمر غير مضمون من جانب الولايات المتحدة. أما أوروبا، فقد سعت في الآونة الأخيرة إلى تعزيز مساهماتها في هذا الجانب.