logo
إعادة بناء الجيش السوداني .. بين آمال الثورة ومصالح الإسلاميين

إعادة بناء الجيش السوداني .. بين آمال الثورة ومصالح الإسلاميين

التغييرمنذ يوم واحد
منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018 وأصوات المطالبة بإصلاح المؤسسة العسكرية تعلو تحت هتافات «الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش الكيزان»، ولكن بعد اندلاع حرب الـ «15» من أبريل أصبح الحديث عن الجيش أحد التابوهات ورفع أنصار النظام البائد شعار «جيش واحد شعب واحد» في إطار الدعاية الحربية التي لا تسمح بالحديث عن القوات المسلحة إلا في إطار من «التقديس».
تقرير ــ التغيير
مطالب الإصلاح
سعت القوى الثورية لقيادة حملة مطالبة بإعادة هيكلة كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية، لتشمل العملية الجيش السوداني إلى جانب جهاز الأمن والشرطة التي لعبت دوراً محورياً في قمع الثورات وقتل الثوار.
وأبرز المطالب تمثلت في تطهير تلك المؤسسات من المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و محاسبة جميع الضباط والعناصر المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان إلى جانب المطالبة بإبعاد النظاميين من العمل السياسي والاقتصادي.
في المقابل تعمل الدعاية الحربية التي يقودها أنصار النظام البائد على منح الجيش هالة من القدسية بوصفها المؤسسة الحامية للدين والوطن والدعوة للاصطفاف خلفه وعدم الحديث عن أي اخفاقات أو تجاوزات من قيادته بوصف المرحلة بالحرجة كون البلاد تمر بحالة حرب مدعومة من أطراف خارجية حد تعبيرهم وربط دعم الجيش بالوطنية ووصف أي حديث عن إصلاحه بالخيانة والعمالة.
ورشة الترتيبات الأمنية
على الرغم من اختتام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري أعمالها في الـ 29 من مارس للعام 2023 قبيل أيام قليلة من اندلاع الحرب من دون تلاوتة البيان الختامي، إلا أن أعمال تلك الورشة كانت مفيدة جدا واستثنائية وفق عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير الريح محمد الصادق.
والذي أشار في حديثه مع «التغيير» إلى أنها المرة الأولى التي تجتمع فيها كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية «الجيش، وقوات الدعم السريع، جهاز المخابرات، والشرطة» سوياً وتناقش ادائها تقدم رؤيتها لدورها المستقبلي.
وقال الصادق إن القوى المدنية من جانبها قدمت رؤيتها وتم الاتفاق بين المدنيين والعسكريين على أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري.
وأضاف: تم تكوين لجنة فنية مشتركة بين الجيش والدعم السريع تعمل على الوصول إلى مصفوفة لإصلاح المؤسسة العسكرية لدمج القوات وتطهيرها من عناصر المؤتمر الوطني إلى جانب تحديد دور القوات المسلحة في العمل السياسي والقضاء على الانقلابات العسكرية.
وقطع عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير بأن هذه الورشة كان مقدر لها أن تضع السودان في الطريق الصحيح لجهة أنها عملت على وضع أسس للإصلاح العسكري وتوحيد الجيوش والقضاء على ظاهرة تكوين المليشيات.
و تابع «لكن العسكريين كانت تنقصهم الإرادة السياسية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بسبب الاستقطاب السياسي داخل الجيش».
شأن عسكري
«من الناحية المهنية لا يوجد ما يدعو إلى الاصلاح» هذا ما أكده خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية اللواء أمين اسماعيل مجذوب مشيرا إلى أن المطلوب في المؤسسة العسكرية هو عملية تغيير في البرامج والقوانين والاستراتيجيات.
وأضاف: «هذه أمور عسكرية فنية يعرفها العسكريون» مستنكرا التدخل المدني الذي وصفه بأنه استعراضاً و إعلامياً.
وقطع الخبير العسكري على جهل المدنيين بتفاصيل التدريب وقوانين الاستيعاب في المؤسسة العسكرية وقوانين الإعفاء منها واصفا دعاوى الاصلاح بحلقة تنافس بين القوى السياسية والعسكرية.
وقال اللواء مجذوب في حديثه لــ «التغيير» إن دعوات الإصلاح صدرت عن بعض النخب السياسية بعد العام 2019 مشيرا إلى أن مطالبهم سببها وجود تكتلات سياسية داخل القوات المسلحة، حد زعمهم، نافيا بصورة قاطعة أن يكون اتهامهم صحيحاً.
وأشار الخبير العسكري إلى أن عمر القوات المسلحة 100 عام وأنها تعرضت لهذه الاتهامات حتى من قبل الاستقلال بأنها تنفذ توجيهات المستعمر، ثم لاحقتها الاتهامات الحزبية مع الانقلابات العسكرية التي حدثت خاصة في يوليو 1971.
وأضاف أن القوات المسلحة طالتها أيضاً اتهامات بالعنصرية وأخيرا اتهام ارتباطها بالجماعات الإسلامية بعد العام 1989، وقال إن «دعاوى الإصلاح مرتبطة بقوى سياسية تختلف فيما بينها وتتهم القوات المسلحة بالانحياز !».
كتلة 'الأخوان» الصلبة
اختلف مع الخبير العسكري الاستاذ شمس الدين الأمين ضو البيت مدير مشروع الفكر الديمقراطي والقراءة من أجل التغيير، والذي شدد على أن المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد تحتاج لإعادة بناء على مستوى الأهداف والممارسات والعقيدة العسكرية والقتالية.
وقال ضو البيت في حديثه مع «التغيير» إن عملية إعادة البناء تتطلب استيعاب مجموعات جديدة وسن قوانين جديدة بالإضافة إلى عقيدة عسكرية وقتالية جديدة.
وقطع مدير مشروع الفكر الديمقراطي بأن أهم بنود عوامل البناء تكمن في التخلص من القوى الاخوانية الصلبة داخل الجيش أو على أقل تقدير اضعافها وتحييدها بإضافة عناصر أخرى تعبر عن مناطق جغرافية متنوعة.
خلل المؤسسة العسكرية
وأعاد ضو البيت الخلل في المؤسسة العسكرية إلى عدة عوامل بدأت منذ ممارسات الاسترقاق في العهد التركي، والتي خلقت خللا في التراتبية الاجتماعية لم يتم التعامل معها في الفكر السياسي، ثم لاحقا مسألة الاستعمار المركب الذي أدى إلى احتكار المناصب المفتاحية لمجموعات معينة من وسط وشمال السودان، وغالبا من شماله.
مشيرا إلى أن أخطر العوامل يعود لفترة الحركة الإسلامية التي ما عاد الحديث عن الإصلاح ممكنا بعد ما فعلته! حيث مارست «3» حزم سياسية أعادت بها صياغة كل مؤسسات الدولة خاصة العسكرية، وهي التأصيل والتمكين والجهاد!
وقطع مدير مشروع الفكر الديمقراطي إلى أن الحركة الإسلامية عملت على تحويل القوة العسكرية لخدمة برامجها ما دفعها لإدخال كوادرها في الجيش «أحد قيادات الحركة قال إن هناك دفعا كاملة في الكلية الحربية محتكرة تماما لعضويتهم»!.
وقطع ضو البيت بأن الضغط الشعبي، مثلما حدث في ديسمبر، هو ترياق الإرهاب العسكري والذي يملك القدرة على تحييد الجيش. و أضاف «في حال استمرت ثورة ديسمبر بذات الزخم لأمكن إعادة هيكلة القوات المسلحة وإزالة التمكين والتأصيل والجهاد من جميع مؤسسات الدولة».
وأعرب مدير مشروع الفكر الديمقراطي عن حسرته مما وصفه بالتفريط في الحشد الجماهيري المليوني بما فتح الباب أما قوى الثورة المضادة وإشعال الحرب الحالية.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصحافة والحرب: التحدي والاستجابة
الصحافة والحرب: التحدي والاستجابة

التغيير

timeمنذ 6 ساعات

  • التغيير

الصحافة والحرب: التحدي والاستجابة

عجلت حرب 15 أبريل ٢٠٢٣ بنهاية الصحافة الورقية، المينستريم، التي تفاجأت بها، مثلما تفاجأت بها مكونات المجتمع السوداني الأخرى. وأصبح السودان، بين يوم وليلة، بلدا بلا صحافة. ومع أن السودان الحديث، الذي تزامنت صرخة ميلاده مع انطلاقة الرصاصة الأولى للتمرد الاول في جنوبه، يكاد، منذ ذلك الوقت، ان يكون دار حرب، أكثر منه دارا للسلام، فإن صحافته العريقة لم تكن مهيأة، من حيث الخبرة والتجربة والوعي، للتعامل مع هذا الحدث، اعلاميا، وهو حدث أكدت التطورات الميدانية المتلاحقة خطورته، الأمر الذي يمكن تلمسه في تغطيتها الحرب وما جرياتها اليومية. فهي، على الاقل، لم تتوفر على كادر متخصص في هذا المجال، في حين يمكن، بنظرة عابرة، ملاحظة ، أن عديدا من المشاهير، بينهم صحفيون، قد بدأوا حياتهم المهنية، يوما، كمراسلين حربيين، مثل وينستون تشرشل، وألان مورهيد، ومحمد حسنين هيكل. وقد أقر الدكتور عبدالعظيم عوض، الذي شغل موقع الأمين العام لمجلس الصحافة، في الفترة الأخيرة من عهد الرئيس المعزول عمر البشير، بتدهور الصحافة خلال تلك الفترة، واستمرار هذا التدهور، في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق، عبدالله حمدوك، إلى أن انفجرت الحرب ' ووجهت لها رصاصة الرحمة '، على حد تعبيره، في الحديث الذي أدلى به للجزيرة نت. وأوضح عوض أن عدد الصحف، قبل الحرب، قد تراجع من ٤٩ صحيفة سياسية ورياضية واجتماعية، إلى ١٢ صحيفة، كانت غالبيتها متعثرة. وان توزيع الصحف قد تراجع، بدوره، بنسبة كبيرة جراء ارتفاع كلفة التشغيل والطباعة، حيث بلغت ٢٨٪ عام ٢٠١٧، حتى عجزت صحف كثيرة، كما قال، عن الالتزام بدفع أجور الصحفيين. وبعد ١٨ شهرا من اندلاعها، كانت الحرب، وفق الجزيرة نت، قد دمرت المؤسسات الإعلامية، وبنيتها، وتوقفت الصحف الورقية بصورة كاملة ' للمرة الأولى، منذ ١٢٠ عاما '. وقدر للصحفيين، الذين أصبحوا في عداد العاطلين عن العمل ، أن يقتسموا مع مواطنيهم من المدنيين معاناة الحرب. فضربوا في ارض الله الواسعة لاجئين ونازحين. ووفقا لنقابة الصحفيين السودانيين، فإن أكثر من ٥٠٠ صحفي وصحفية، لجأوا إلى خارج السودان، حيث يواجهون، وفق النقابة، ضغوطا قانونية ومعيشية. واحصت النقابة، في بيان لها، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، في ٣ مايو ٢٠٢٥، الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون، خلال العامين الماضيين، من عمر الحرب، موثقة مقتل ٣١ صحفيا وعاملا في المجال الإعلامي، خلال حوادث اغتيال وقصف مباشر، إضافة إلى اعتقال واحتجاز ما لا يقل عن ٢٣٩ صحفيا، وتعرض العشرات للضرب والتنكيل والملاحقة والتهديد، ليبلغ إجمالي الانتهاكات الموثقة ، حوالي ٥٥٦ حالة. إن موت الصحافة، والتي خرجت للتو من نفق التمكين الخانق، في ساحة الحرب الفاجرة، يفرض تحديين، اثنين: * تكريس الصحافة الإلكترونية كبديل، لشغل الفراغ الذي خلفه غياب الصحافة التقليدية. * احياء الورقية، ولو بعد حين. ومع أنه لا ينقصها الحد الأدنى الضروري من الخبرات والوعي والمعارف، ولا تنطلق من فراغ، فأنها تجد نفسها مرة أخرى، موضوع اختبار في مجال تقديم خدمة ذات مصداقية، في مناخ يغلب عليه التنافس، الذي يجتذب اليه العديد من الناشطين الإعلاميين وغيرهم، بجانب منصات السوشال ميديا والمواقع الالكترونية، بدء من تغطية وقائع الحرب اليومية، وهي مهمة تنهض بمثابة تحد يومي لجدارة الصحافة البديلة، واهليتها لتزويد المواطنين بالمعلومات الصحيحة. وفي وقت تفرض الحرب نفسها، وتتأرجح فرص السلام، فان على الصحافة الجادة، ومن موقع التزامها تجاه تحقيق السلام واستعادة الديموقراطية، وهي مواجهة بصعوبات عملية، في مقدمتها صعوبات ومشكلات العمل من الخارج، بعد أن استحال العمل من داخل البلاد ، التي توزعت بين معسكري الحرب، واستقطبت بين المعسكرين، وبين من هم مع ومن هم ضد الحرب، وما يقابل ذلك، بالضرورة، من مشكلات، لا تقتصر على البعد من ميدان الأحداث، حسب، لكنها تشمل قلة المصادر، وشح المعلومات، فضلا عن قطع الانترنت والاتصالات التلفونية، مما ينعكس على أدائها المهني، وعلى قدرتها على كسب ثقة جمهور المتلقين، بينما تختلط الحقائق بالاكاذيب، والحرب النفسية بالدعاية السوداء، وخطاب الكراهية، وبجانب صعوبة التحقق من صحة المعلومات المتداولة. وقد أثرت الشروط الذاتية والموضوعية، التي تعمل ضمنها الصحافة على أدائها، بشكل عام. فقد خلت تغطيتها الخبرية لوقائع الحرب اليومية من السبق والانفراد، وشابها قصور بين في توظيف تقنيات الملتيميديا في نقل الأحداث، فضلا عن افتقارها للمصادر الوثيقة الصلة بالحدث موضوع التغطية، والاعتماد، لحد كبير، على توليفة مما يتداوله الناشطون في السوشال ميديا من اخبار ينقصها التحقق من صحتها، ومعلومات غير موثوقة، وشائعات. وفي ظل شح الاخبار، الذي يسم الصحافة، عادة ، فقد غلب عليها طابع الرأي. ربما لم يئن الأوان، للتقرير بشأن نجاح الصحافة الالكترونية في الاستجابة للتحدي الذي يواجهها، بملء الفراغ الناشئ عن انسحاب الصحافة التقليدية، من جهة، والتكريس كصحافة بديلة، من الجهة الاخرى، والخروج، بالتالي، من حيز البلبلة الإلكترونية، إلى مظان اليقين الرقمي، رغم سموق منارات من قبيل الراكوبة والتغيير ومداميك وسودانايل ومواطنون، وأخرى حزبية، وثالثة تعود لأفراد وغيرها. الى ذلك فان الكلمة الأخيرة بشأن الصحافة التقليدية لم تقال بعد. إذ لم ينته السجال بشأن مصائرها، في ظل صعود الإعلام الجديد، إلى نتيجة حاسمة. لذا فان من المرجح أن يكون لها حضور استثنائي في ثنايا مشاريع إعادة البناء والإعمار، التي تعقب الحرب، مقرونا بالبناء والإعمار الاقتصادي. مع ذلك، ثمة مكان للصحافة الورقية، بدلالة المقروئية. ففي وقت سابق كشف تقرير لمجلس الصحافة أن مانسبته ٧٦٪ من المطبوع من الصحف يتم توزيعه بالعاصمة، مما يؤشر كون الصحافة امتيازا للنخبة الخرطومية، خاصة، أو الحضرية، بصورة عامة ، قد يمكن تعميم القول على الصحافة الإلكترونية، التي ترتبط بامتلاك الحواسيب والهواتف الذكية، مما يجعل من توسع قاعدة مقروئيتها تحديا إضافيا، يتعين أخذه في الحسبان، في المستقبل. ان إعادة بعث الصحافة الورقية من جديد ، سيشكل، بغير شك، جزء من برنامج إعادة الإعمار، بعد الحرب. ويعني، في المجال الإعلامي، إعادة بناء المؤسسة الصحفية، التي دمرتها الحرب، على أسس جديدة، تتجاوز سلبيات التجربة السابقة. وترتهن بإعادة الإعمار الاقتصادي للبلاد، وتحقيق تقدم ملموس في هذا المجال، ينعكس ترقية الأوضاع المعيشية للمواطنين، وهو ما قد يبطيء من عودتها متدرجة، مثلما يشترط ترسيخ الديموقراطية، والانحياز لجانب التقدم التكنولوجي في ميدان الاتصالات، . كما ان تكريس الصحافة الرقمية، يرتبط، بدوره، بتوسع قاعدة التعليم وتعزيز الديموقراطية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي والتحول الديموقراطي.

مخيم زمزم.. قتل وهروب متجدد ومآسي نزوح بلا نهاية
مخيم زمزم.. قتل وهروب متجدد ومآسي نزوح بلا نهاية

التغيير

timeمنذ 6 ساعات

  • التغيير

مخيم زمزم.. قتل وهروب متجدد ومآسي نزوح بلا نهاية

شمال دارفور، 16 أغسطس 2025، (سودان بكرة)- كأن القدر كتب عليهم الفرار والتهجير والحياة وسط بؤس وخوف دائم. النازحون في (مخيم زمزم)، الذي يقع على بعد 15 كلم جنوب الفاشر، كان ملاذا لمئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من النزاع في دارفور منذ أكثر من عشرين عاما، لكن من ظنوا أنه موقع أمنهم تحول فجأة إلى مسرح لكارثة إنسانية جديدة، أُلقي عليها ستار من الصمت الدولي، بعد هجوم قوات الدعم السريع والسيطرة عليه، وتعرض النازحين لصنوف من الانتهاكات، ليختفى المخيم من على خريطة المساعدات والإغاثة، تاركا وراءه آلاف القصص المأساوية التي لم تُروَ بعد. مخيم كان 'مدينة' في قلب الصحراء تأسس مخيم زمزم في عام 2004، ليصبح على مر السنين واحدا من أكبر مخيمات النزوح في السودان. حيث كان يضمّ، قبل الحرب وتصاعد النزاع في عام 2023، أكثر من 120.000 نازح. ومع بداية عام 2024، تزايد العدد ليُقدّر بين 500,000 و 700,000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن. ويشكل المخيم مجتمعا مصغرا يضم أسواقا ومراكز صحية ومدارس مدعومة من منظمات إنسانية دولية ومحلية. وخلال فبراير ومارس 2025 تغيرت الصورة بالكامل، حيث تصاعدت الهجمات على (مخيم زمزم) والمناطق المحيطة، ما أدى إلى تعليق منظمة (أطباء بلا حدود) لأنشطتها بما فيها المستشفى الميداني بالمخيم. إلا أن الهجوم الأكبر الذي دام لثلاثة أيام، 11- 13 أبريل 2025 كان الأعنف، وأسفر عن مئات القتلى يقدر عددهم بأكثر من 400 شخص، وفرار نحو 400,000 من سكان المخيم إلى مناطق أخرى، تاركين وراءهم كل ما يملكون. وتشير التقارير إلى أن المهاجمين نهبوا وحرقوا الممتلكات، وحولوا المخيم إلى منطقة خالية من الحياة. شهادات من قلب الكارثة النازحون يروون التدهور في أحوالهم من بدايات الفرار من الحرب، حين كانت المساعدات الغذائية والسكنية متوافرة، على عكس الوضع اليوم، إذ انقطع الغذاء والخيم، وفُقد الأمن معهما. يروي محمد يوسف، 65 عاما، والذي نزح من (مخيم زمزم) إلى منطقة (طويلة)، قصة أيامه الأخيرة في المخيم بصوتٍ يملؤه الألم: ' كنا نعيش في خوف دائم، لكننا لم نتوقع أن يأتي اليوم الذي نضطر فيه إلى ترك كل شيء.. رأيت بأم عيني كيف كانوا يطلقون النار عشوائيا على الناس.. كنا نركض ونحن لا نعرف إلى أين نذهب '. ويضيف محمد يوسف: 'هذه ليست المرة الأولى التي أُهجّر فيها، لكنها الأكثر قسوة.. في السابق كانت هناك خيم، طعام، ومساعدات.. اليوم، ليس لدينا شيء، ننام تحت الأشجار، ونأكل مما نجده.. لا أحد يهتم بنا'. وفي داخل مدينة الفاشر، تعيش فاطمة علي، التي نزحت من المخيم مع أطفالها الثلاثة، حياة جديدة من المعاناة. تقول: 'كنت أبيع الشاي في المخيم لأُطعم أولادي.. الآن لا أستطيع الخروج من المنزل خوفا من القتل أو الاغتصاب.. ليس لدينا طعام، ولا مال.. أطفالي يبكون من الجوع، وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئا لهم'. ووفقا لصحيفة (الغارديان) أكدت كلير نيكوليه، نائبة رئيس قسم الطوارئ في منظمة (أطباء بلا حدود)، إن الهجوم استهدف 'أحد أكثر الشعوب ضعفا على وجه الأرض'. وأشارت إلى أن من نجا منهم تعرض لـ 'عمليات نهب واسعة النطاق، وعنف جنسي، وهجمات أخرى أثناء الطريق، بالإضافة إلى أوضاع معيشية مروعة في مواقع النزوح المؤقتة'. الانتهاكات ضد النساء نزحت 'أمينة' من (مخيم زمزم) بسبب العنف، إذ تعرّضت للاغتصاب من مسلحين أثناء محاولتها العودة إلى منطقتها بعد سقوط المخيم. ووفقا لشهادتها، كان المهاجمون يختارون الفتيات الصغيرات ويطلقون النساء الأكبر سنا، وهو ما وصفته بـ'الأمر الفظيع'. تُعاني فاطمة حاليا من اضطرابات نفسية حادة نتيجة للصدمات المتكررة والانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها، وتؤكد أن غياب الحماية وانعدام الأمن جعل النساء أهدافا سهلة أثناء التنقل والفرار. ووثقت (الغارديان) أن أعدادا كبيرة من النساء قد اختُطفن وما زلن في عداد المفقودين، وهناك أكثر من 20 امرأة نُقلن إلى نيالا، المعقل الرئيسي لقوات الدعم السريع، والواقعة على بعد 160 كيلومتر من زمزم. أرقام تُخجل الصمت تقدم الأرقام التي وثّقتها المنظمات الإنسانية صورة أكثر وضوحا لحجم الكارثة. وفقا لشبكة (صيحة) SIHA، وصل عدد القتلى المدنيين الموثقين حتى 13 أبريل إلى نحو 330 شخصا، من بينهم 42 امرأة، إضافة إلى 200 امرأة مصابة وعدد من الأطفال. هذه الأرقام هي مجرد جزء من الصورة الكاملة، فعدد الضحايا الفعلي يقدر بأكثير من ذلك. ويُظهر تقرير للأمم المتحدة أن الأزمة الغذائية في المخيم وصلت إلى مستويات حرجة، حيث كان نحو نصف السكان يعانون من نقص الغذاء قبل الهجوم. ومع تشتت النازحين في مناطق جديدة لا تتوفر فيها المساعدات، من المتوقع أن تتفاقم هذه الأزمة. وتؤكد التقارير أيضا أن أكثر من 825,000 طفلا في المنطقة أصبحوا معرضين للخطر الشديد بسبب النزوح، ونقص الغذاء، وتوقف الخدمات الصحية والتعليمية. هذه الأرقام تُشير إلى جيل كامل يُدمّر مستقبله بسبب النزاع. موقف المنظمات الإنسانية والحاجات العاجلة كانت المنظمات الإنسانية تعمل بجهد داخل المخيم لتقديم المساعدات، لكن بعد الهجوم، توقفت أعمالها، وانقطع التواصل مع الكثير من النازحين. 'كنا نقدم المساعدة الغذائية والصحية لمئات الآلاف من الأشخاص، لكن اليوم لا نعرف مصيرهم.. نحن قلقون للغاية من أن الكارثة التي كنا نخشاها قد وقعت بالفعل'، يقول أحد العاملين في منظمة إغاثية كانت تعمل في المخيم. يُشير العامل إلى أن الحاجة الملحة الآن هي التدخل العاجل من المجتمع الدولي لفتح ممرات آمنة للنازحين، وتوفير المساعدات الإنسانية في المناطق التي فروا إليها، والضغط على الأطراف المتنازعة لحماية المدنيين. ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد (سودان بكرة) حول قصة (مخيم زمزم) تُعبر عن الانتهاكات وما تعرض له من تحديات، لأكبر مخيم للنزوح في البلاد، في ظل غيابٍ شبه كامل للمتابعة الإعلامية والدعم الدولي. وهي معاناة تتفاقم مع مضي الوقت وفقدان الأمن، ما يتطلب تحركا عاجلا للحؤول دون تجدد كارثة إنسانية تُهدد مئات آلاف النازحين.

ناجيات من «الجنينة».. قصص مروعة عن الحرب والهروب والانتهاكات
ناجيات من «الجنينة».. قصص مروعة عن الحرب والهروب والانتهاكات

التغيير

timeمنذ 6 ساعات

  • التغيير

ناجيات من «الجنينة».. قصص مروعة عن الحرب والهروب والانتهاكات

منتدى الإعلام السوداني أمل يحيى الجنينة، 16 أغسطس 2025، (شبكة إعلاميات)- شهادات صادمة ومروعة ترويها ناجيات من أحداث الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، التي عاشت أحداثا دامية منذ سنوات، لم تتعاف منها بعد. المدينة التي ظلت تشهد معارك وحروب مستمرة وسلسلة من المجازر والهجمات العنيفة، وسقوط العديد من الضحايا من النساء والأطفال، وحركات نزوح واسعة . لكن تاريخ الخامس عشر من أبريل 2023 سجل أحداثا ومآسي كانت الأكثر قسوة على الإطلاق. في مسيرة الهروب ماتت طفلتي على ظهري 'كانت الأوضاع هادئة بالمدينة في يوم 15 أبريل 2023، فقد بثت تطمينات من قوات الجيش وقوات الدعم السريع بالاتفاق على عدم إشعال الحرب بـ (الجنينة)'. بهذه الكلمات حكت (م. أبكر) التي تسكن بـ (حي المدارس) بالقرب من سوق المدينة قائلة: 'كنت استعد للذهاب إلى السوق لشراء بعض المستلزمات للإفطار، وكانت الأوضاع هادئة، لكن عند خروجي سمعت أصواتا كنت أعلمها جيدا، فهذه ليست المرة الأولى فقد شهدت الكثير من الحروب والمعارك بدارفور منها حرب 2003. وأضافت: 'كنت أقيم في حي المدارس الذي يبعد أمتارا قليلة من سوق الجنينة.. كنا نسأل: ماذا يحدث'؟ قالت: ازدادت أصوات المدافع والقذائف، أصوات صراخ تعلو.. وفجأة دخل علينا أفراد من مليشيات الدعم السريع وقاموا بضربنا، ومن هنا تفرقنا كأسرة. كنت أنا وأبي وبناتي التوأم، وفاطمة ابنتي الكبرى مع أمي، هربنا مسرعين نحو الحدود السودانية التشادية في مسيرة يومين كاملين. وفي الطريق كانت الجثث مبعثرة، رجالا وأطفالا ونساء. وتواصل (م. أبكر) روايتها: لم تكن حالنا بأفضل من تلك الجثث فقد كنت أحمل إحدى بناتي على ظهري والثانية على كتفي. وفجأة سقطت قذيفة (دانة) بالقرب منا، بعد دقائق نهضت والدماء تغطي جسدي كله. نظرت حولي وجهة أبي، كان مصابا وقطعت إحدى يديه، وابنتي على ظهري أصيبت أيضا. مرت لحظات حتى استوعبنا أن ما حدث. كنت خائفة على بناتي، ساعدت أبي ومعنا مجموعة من الأطفال والنساء، واصلنا الركض نحو الحدود، فنحن نعلم الطريق جيدا، فهذه ليست المرة الأولى التي نسير فيها عليه. تقول: 'قبل أن نصل توفيت ابنتي فوق ظهري ولم أكن أعلم لحظات احتضارها'. كان هناك مصابين في الطريق إلى جانب جثث يطلبون المساعدة ولكن، كلنا نريد الفرار والنجاة بحياتنا. وتابعت: عندما وصلنا الحدود، وجدنا مجموعة من المسلحين، كانوا يضربوننا ويقتلون الرجال والأطفال من الذكورأ مام أعيننا، كانوا يقولون: 'رجالكم وين؟ احنا بنقتل أي راجل من المساليت، والجنينة دي تكون حقتنا'. وتقول 'ما حدث في الجنينة كان استهدافا لإثنية المساليت وهي جريمة حرب وإبادة جماعية'. قتلوا ابني وزوجي أمامي وأصابوا ابتتي مروة محمد، أم لأربعة أطفال وربة منزل، تقطن (حي الجمارك)، تروي عن ذلك اليوم: ' شعرت بالخوف، لذلك لم نتحرك مع أبنائي وزوجي، مكثنا داخل المنزل لأيام، وبعدها سمعنا أصوات الجيران وتحديدا أصوات النساء يستنجدن.. هنا كنت واثقة تماما أن نهاية حياتنا قد حانت.. طلبت من أبنائي أن ينطقوا بالشهادة.. بعد نصف ساعة، فُتح بابنا، كنا نختبئ تحت الأسرة.. فقاموا بإطلاق نار كثيف'. وتروي مروة في شهادتها: طالبونا بالخروج إلى فناء المنزل، خرجنا، فقاموا بإطلاق النار على زوجي وابني الأكبر (15 عاما) أمامي وبناتي. طلبوا مني النقود والذهب، وأخبرتهم أني لا أملك شيئا، فقاموا بضربنا، أنا وبناتي، وتفتيش المنزل، وهددوني بالقتل.. ثم أطلقوا علينا النار وأصابوا ابنتي الوسطى (10 سنوات)، برجلها اليمنى. وتضيف في حديثها: 'أحداث الجنينة، وتحديدا (حي الجبل)، شاركت فيه نساء.. قمن بضرب النساء وسرقة الذهب والممتلكات من المنازل، نعرفهن جيدا لأننا نقطن في حي واحد.. وعند فرارنا، كن يضحكن ويزغردن، ورجالهم يقتلون الرجال ويغتصبون النساء والفتيات'. وتكمل: 'تركنا جثتي زوجي وابني في فناء المنزل وفررنا نحو الحدود خوفا من اغتصاب بناتي.. كنا نسمع على الطريق صراخ الأطفال، نرى جثث لأشخاص أغلبها جثث لرجال وشباب وأطفال ذكور'. قوات الدعم السريع ارتكب مجزرة في (اردمتا) تحولت إلى حرب أهلية قالت فاطمة أبكر، معلمة من (حي أردمتا): عندما بدأت الأحداث في الجنينة كنا بعيدين عنها، ولكن بعد مقتل الوالي، خميس عبدالله أبكر، في يونيو، أشار علي أخي بعد مشاهدة فيديو مقتل الوالي بالمغادرة إلى تشاد فورا، فالدعم السريع ومليشياته قادمون لا محال لوجود قيادة الفرقة العسكرية في (أردمتا). وأضافت: لكن الأوضاع لم تكن آمنة، حيث سيطرت قوات الدعم السريع على المدينة وقامت بنهب الممتلكات والأسواق والمستشفيات. وبعدها بيومين هاجمت تلك القوات المدينة، فكانت مجزرة دامية، بعد اندلاع الاشتباكات بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وتحولت إلى حرب أهلية بين مجموعة 'المساليت' والمجموعات العربية في مدينة الجنينة. قالت: 'سمعنا بأن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ستهجم على الأحياء والمعسكرات، فقررنا الخروج في نفس اليوم.. لكنها كانت تحاصر (أردمتا) من أربعة اتجاهات في ليلة بائسة.. مرت علينا ساعات ونحن نفر من مكان لآخر طلبا للخروج لكن كانت الطرق جميعها مغلقة.. وفي الصباح، بدأ الهجوم بسيارات وخيول ومواتر، كانوا يقتلون الرجال والأطفال الذكور، وآخرين يصورون مشاهد الأحداث.. قاموا بتعذيب الرجال وقتلوهم بطرق وحشية طوال ذلك اليوم.. اغتصبوا عددا كبيرا من فتياتنا، بينهن ابنتي القاصر. كانوا يقولون لنا أين رجالكن؟ أين هم الآن بينما نحن نغتصبكن؟ ويضحكون بأصوات عالية.. وكان أغلبهم سكارى، فلا يمكن لشخص أن يقتل أشخاصا بالطرق الوحشية تلك وهو على وعي'. وتكمل فاطمة روايتها: بعد يوم هدأت الأوضاع فخرجنا سيرا على الأقدام لأربعة أيام وصولا إلى الحدود التشادية نحو منطقة (أدري). تقول: 'كنت أبحث عن أمي وأخواتي، وجدت بعضهم وأخبروني بأن أبي قتل أمام المنزل. وأخي الأصغر حتى الآن مفقود.. لقد تفرقنا'. وأضافت: إحدى المنظمات قدمت الدعم النفسي لابنتي عند وصولنا الحدود، ولكنها حتى الآن تعاني، أحيانا تصرخ ليلا بأصوات عالية، أقوم بتهدئتها، ولكنها نفسيا أصبحت غير سوية. كنت حاملا.. قيدوني وضربوني بعصاة قالت مريم عبدالله، ناشطة حقوقية ومدافعة عن حقوق المرأة: 'كنت حاملا في منزلي بالجنينة عند هجوم قوات الدعم السريع، تم تقييدي بحبل وضربي بعصا.. شهدت اغتصابات في طريق عام. ورأيت جثثا في الطريق، وفقدت العديد من أفراد عائلتي، زوجي الحافظ يوسف يحيى، وابني أبي إبراهيم عبدالله آدم، وابنة خالي خديجة شرف الدين حامل بـ 9 أشهر، جميعهم مفقودين.. هربت بصعوبة مع ابنتي وأختي، وأنا حامل في 6 أشهر، هربنا نحو تشاد سيرا على الأقدام. وفي طريقنا وجدنا مجموعة من الصعوبات من الدعم السريع، يقولون: 'أنتم زرقا، نوبة، عبيد، مساليت'، ألفاظ بذيئة وإساءات. وصلنا تشاد بعد 3 أيام'. قال: كانت رؤية جثث النساء والأطفال ترعبني، تم قتل زميل زوجي خاطر جمعة أمامي.. وصلت إلى تشاد ولم أجد مساعدة كافية من المنظمات، وكانت تجربة صعبة للغاية. تحولت حياتنا كلها إلى مسار حزين وكئيب، ولم نجد أبسط مقومات الحياة، من مأوى وطعام والرعاية الصحية الكافية، رغم أنني حامل. تقارير دولية داعمة للروايات قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن المقابلات التي أجريت مع الفارين من (الجنينة) إلى (أدري) في تشاد، كشفت وقائع مروعة عن قيام ميلشيا 'عربية' مدعومة بقوات الدعم السريع بقتل الفارين من المدينة سيرا على الأقدام. وفي ذات السياق قال آدم محمد رجال رئيس المنقسية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بدارفور، لـ (شبكة إعلاميات)، نشبت الأزمة في الجنينة في نهاية عام 2023، مما أدى إلى نزوح واسع النطاق للسكان. لا تتوفر إحصائيات دقيقة حول عدد النساء الناجيات، ولكن تشير التقديرات إلى أنهن قد يشكلن نسبة كبيرة من الناجين، ربما حوالي 70%، نظرا للخسائر الكبيرة في صفوف الذكور. شهدت الجنينة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل العمد، القتل خارج نطاق القانون، الاغتصاب، الحرق، الاختطاف والتعذيب. هذه الانتهاكات كانت فظيعة ومروعة، وتركت آثارا عميقة على السكان. وتعاني النساء الناجيات من صدمات نفسية شديدة بسبب المعاناة والانتهاكات التي تعرضن لها. خاصة في مراكز الإيواء والمعسكرات في تشاد، حيث يعشن في ظروف صعبة ويحملن ذكريات مؤلمة عن الأحداث التي شهدنها. وتوزع الناجيات من الجنينة على مناطق متعددة، حيث توجه بعضهم إلى شرق تشاد، بينما بقي البعض الآخر في دارفور. أعراض نفسية متعددة ظهرت على الناجيات والأطفال د. منى رحمة الله على طبيبة ونائبة اختصاصي قالت: شهدت منطقة الجنينة انتهاكات جسيمة خلال الحرب، هذه الانتهاكات ليست فقط جرائم حرب، بل تُخلّف آثارا نفسية عميقة على الناجين والمجتمع ككل. وأوضحت ملاحظة خلال جلساتها مع الناجيات من الجنينة، ظهور أعراض متعددة، بما في ذلك: اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD) وأعراض مثل التذكر القهري للتعذيب، الكوابيس، فرط اليقظة، وتجنب الأماكن والأشخاص المرتبطين بالصدمة. فضلا عن الاكتئاب الشديد نتيجة لفقدان الأطفال أو ذويهن، والشعور بالعجز وفقدان الأمل، والذي قد يصل إلى السلوك الانتحاري في بعض الأحيان. وتضيق د. منى، القلق الوجودي خاصة لدى الأطفال الذين فقدوا آباءهم دون تفسير، أو الذين قتلوا آباءهم أمام أعينهم. وكذلك من أثر الترويع على الأطفال، التبوّل اللاإرادي، صعوبات النطق، والرهاب الاجتماعي. هذه الأعراض تظهر مدى تأثير الانتهاكات على الصحة النفسية للناجين، وتبرز الحاجة إلى دعم نفسي متخصص لمواجهة تلك التحديات. ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (شبكة إعلاميات) لتسليط الضوء على ما وقع من انتهاكات جسيمة على المدنيين في مدينة (الجنينة) غرب دارفور، خلال الحرب الدائرة، وعلى النساء بشكل خاص وتأثير ذلك على حياتهن وصحتهن النفسية، ومدى ما وجدنه من دعم من عدمه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store