
'الروتا' يهدد أطفال لبنان… فهل هم في خطر؟ (نداء الوطن)
ازدادت حالات الإصابة بفيروس 'الروتا' في الأسابيع الأخيرة في البلاد، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى الظروف الصعبة التي نمر بها من نزاعات مستمرة، ونقص الخدمات، وتدهور معايير النظافة العامة. يُعرف 'الروتا'، الذي ينتمي إلى عائلة Reoviridae، بكونه 'فيروسًا ديمقراطيًا' يصيب الجميع حول العالم، سواء في الدول المتقدمة أو النامية. ومع ذلك، فإن وطأته تكون أشد قسوة في بلد مثل لبنان، حيث تزداد احتمالية المضاعفات الخطيرة والمميتة لدى الأطفال بسبب محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية المتقدمة مقارنة بالدول الأكثر تطورًا. يزداد الأمر تعقيدًا بسبب النقص الحاد في البيانات؛ فمنذ عام 2018، لا تتوافر أي إحصاءات وطنية شاملة حول انتشار الفيروس، مما يعيق بشكل كبير جهود المكافحة والوقاية الفعالة.
يُعدّ 'الروتا' المسبب الرئيسي وراء حالات التهاب الأمعاء الشديدة التي تظهر على شكل إسهال وقيء حاد لدى الأطفال. 'ينتقل بسرعة فائقة'، كما يوضح الدكتور أنطوان يزبك، اختصاصي طب الأطفال وحديثي الولادة. لكن هل كل نوبة إسهال أو تقيؤ لدى الأطفال تشير إلى الإصابة بهذا الفيروس؟ يجيب: 'ليس كل إسهال، لا سيما إذا كان عدد المرات قليلاً، يعني التهابًا شديدًا في الأمعاء'. ويوضح أنّ التهاب الأمعاء (Gastroenteritis) يمكن أن ينجم عن عدة أسباب محتملة تتنوع بين الفيروسات، البكتيريا، والطفيليات. 'لكن في الحالات التي تصيب الأطفال، فإن الفيروسات هي المسبب الأكثر شيوعًا؛ ويتصدر 'الروتا' القائمة، حيث يُعزى إليه حوالى 75 % من حالات التهاب الأمعاء الفيروسية لديهم'.
بؤر في المسابح؟
صحيح أن فيروس 'الروتا' ينتشر عادةً بكثرة خلال فصلي الشتاء والربيع، لكنه لا يغيب تمامًا عن بقية العام، بل قد يستمر في الانتشار، لا سيما مع تقلبات الطقس التي نشهدها حاليًا. ينتقل هذا الفيروس بشكل أساسي عن طريق التلامس الفموي-البرازي (oro-fecal)، أي عبر تلوث اليدين بالبراز ثم ملامسة الفم. يشرح د. يزبك: 'هذا النمط من الانتقال يجعله شديد العدوى، خصوصًا في بيئات مثل الحضانات حيث ينتشر بسهولة من طفل لآخر. على سبيل المثال، قد ينتقل الفيروس عند تغيير حفاض الطفل على طاولة غير معقمة، أو عند عدم غسل الأيدي جيدًا بعد ذلك، ما قد يؤدي إلى تلويث الطعام أو الأسطح'.
ومع حلول الصيف، تزداد المخاوف من انتشار 'الروتا' عبر المسابح. يحذر د. يزبك من أن المياه العذبة التي لا تحتوي على كمية كافية من الكلور تُعد بيئة مثالية لانتقال الفيروسات، خاصةً إذا كانت ملوثة بمياه الصرف الصحي. لذا، يجب التأكد من وجود النسبة المناسبة لقتل الجراثيم. لكن حتّى الكلور وحده لا يكفي دائمًا؛ فعلى الأهل الانتباه لعدم السماح للأطفال الذين يرتدون الحفاضات بالنزول إلى المسبح دون حفاض سباحة مخصص. فتبرز الطفل المصاب بـ 'الروتا' في المسبح قد ينقل العدوى للآخرين، خصوصًا إذا كانت كمية البراز الملوثة كبيرة'.
جفاف الجسم… خطر حقيقي
ينتشر الفيروس بسرعة مذهلة، فكمية صغيرة جدًا منه في براز الشخص المصاب تكفي لنقل العدوى. الأسوأ، أنه يبقى في براز الطفل لأسابيع أو حتى أشهر بعد التعافي، ما يجعله مصدرًا مستمرًا للعدوى إذا أُهملت إجراءات الوقاية.
تظهر الأعراض عادةً بعد يوم إلى ثلاثة أيام من التعرض للفيروس، وتشمل قيئًا وإسهالًا حادين بكميات كبيرة، مع تغير لون البراز ليصبح فاتحًا وقد يحتوي على دم أحيانًا. يرافق ذلك ارتفاع في درجة الحرارة، إرهاق، خمول، وشحوب، بالإضافة إلى آلام في الجسم والبطن. ويؤكد د. يزبك أن الخطر الأكبر يكمن في الجفاف الشديد، الناتج عن القيء والإسهال الحادين. فرغم إمكانية علاج هذه الأعراض مبدئيًا في المنزل، إلا أن جفاف جسم الطفل، خاصةً كلما كان أصغر سنًا، يتطلب تدخلاً طبيًا سريعًا وعناية فائقة لتجنب المضاعفات الخطيرة على أعضائه الحيوية أو حتّى الوفاة.
مفاهيم خاطئة
تُشخص الإصابة من خلال اختبار PCR للبراز أو زرعه، لكن يمكن للأطباء تحديده أيضًا بناءً على الأعراض السريرية الواضحة، خاصةً في ظل انتشاره. يظن الأهل غالبًا أن أطفالهم قد تعافوا بعد 5-6 أيام من بدء الأعراض، لكن قد تعود بعضها الأسبوع التالي بسبب عدوى متجددة أو استمرار إفراز الفيروس، إلا أنها تكون أخف حدة بفضل المناعة الجزئية التي يكتسبها الطفل.
في لبنان، يركز الكثير من الأهل على إيقاف الإسهال؛ يوضح د. يزبك أن هذا المفهوم خاطئ تمامًا؛ فالإسهال هو وسيلة الجسم للتخلص من الفيروس أو البكتيريا؛ وإيقافه قد يحبس المسبب المرضي داخل الأمعاء ويزيد الحالة سوءًا، مشدداً على 'على أنّ الهدف الأساسي من العلاج هو تعويض السوائل والأملاح والسكريات التي يفقدها الطفل بسبب الإسهال والقيء، من خلال محاليل الإماهة الفموية، أو وريديًا في الحالات الشديدة بالمستشفى. إضافة إلى ذلك، يمكن إيقاف التقيؤ بالأدوية المناسبة لتجنب الحاجة للمصل الوريدي. كما يُنصح بإعطاء البروبيوتيك لدعم البكتيريا النافعة في الأمعاء'.
ويُحذر بشدة الأهل من إعطاء المضادات الحيوية، خاصة 'الفلاجيل'، دون استشارة الطبيب. فـ 'الروتا' عدوى فيروسية، والمضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وقد تضر بصحة الطفل وتزيد من مقاومة البكتيريا.
تشكيك 'لبناني' باللقاح؟
النظافة أساسًا لا غنى عنها في كسر سلسلة عدوى الفيروس، لكن اللقاح يبقى السلاح الأكثر فعالية في الوقاية منه. منذ اكتشافه قبل نحو 15-20 عامًا، أحدث فعلًا ثورة حقيقية. فبعدما كانت الإحصاءات العالمية تشير إلى أكثر من 100 مليون إصابة و500 ألف وفاة سنويًا بين الأطفال، انخفضت هذه الأرقام بنحو 60 % بفضله، خصوصًا في الدول المتقدمة.
في لبنان، ومع تزايد الإصابات والحاجة لدخول المستشفيات حاليًا، قد يتساءل بعض الأهل عن فعاليته إذا أصيب طفلهم بأعراض حادة بعد تلقيه. يوضح د. يزبك أنّ 'اللقاح يعمل على محاكاة الإصابات الأولية الشديدة لتكوين مناعة، وبالتالي يقلل من حدة التهاب الأمعاء'. ويؤكد على الرغم من أن بعض الأطفال قد يحتاجون لدخول المستشفى رغم الحصول عليه بسبب كمية الفيروس الكبيرة، إلا أن التطعيم يبقى حاسمًا في تقليل خطر الإصابة الشديدة والوفيات، مما يجعله خطوة ضرورية لحماية أطفالنا'، مشيراً الى أن 'الأطفال يمكنهم تلقيه من عمر 6 أسابيع وحتى 7 أشهر تقريبًا'، لافتًا إلى 'نوعين رئيسيين من اللقاحات الموصى بهما عالميًا: Rotarix الذي يُعطى على جرعتين، وRotateq الذي يُعطى على ثلاث جرعات، وهما الأكثر فعالية'.
يمكن للأطفال الإصابة بفيروس 'الروتا' عدة مرات في حياتهم، خاصة قبل بلوغ الخامسة. فكل تعرض للفيروس يكسب الجسم مناعة جزئية، مما يخفف من حدة الأعراض في المرات اللاحقة. حتى البالغين قد يُصابون بـ 'الروتا'، وإن كانت الأعراض لديهم غالبًا ما تكون خفيفة. ويختتم د. يزبك حديثه بالقول: 'لا داعي للخوف؛ إنه فيروس موسمي يصيب الأطفال حول العالم كل عام. الأهم هو التركيز على النظافة واللقاح كخطوات أساسية للتخفيف من حدة الأعراض، إذ لا يمكن القضاء عليه بشكل كامل'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اخبار لبنان
١١-٠٧-٢٠٢٥
- اخبار لبنان
الجمعية الطبية اللبنانية الاوروبية: الحفاظ على المعايير الصحية الاساسية ضروري للوقاية من فيروس « الروتا » وهو يشكل خطراً على الاطفال
أشارت الجمعية الطبيّة اللبنانية الأوروبية الى أنه من البديهي أن تزداد نسبة الفيروسات في منطقة الشرق الأوسط بسبب الحروب التي وقعت، وبالرغم من عدم وجود دراسات حتى الساعات تثبت هذا الامر وتحدّد نوع تلك الفيروسات إلا أن الواضح أن هناك تزايد في نسبة الاصابة بعوارض الزكام في بعض الاحيان وفي أحيان أخرى الاسهال وارتفاع الحرارة.وهنا أكد عضو الجمعية الاخصائي في الامراض الجرثومية الدكتور كريستيان حداد أنه « لا يوجد دراسات تؤكد وجود فيروسات في هذه المناطق إلا أنه حكماً سيكون كذلك نظراً لغياب النظافة ». ومضيفا: نرى اصابة بفيروس « الروتا » لدى الاطفال والكبار ولدى الصغار بشكل أكبر ومن أبرز عوارضه الاسهال »، معتبرا أنه « يشكل خطرا على الاطفال لأنهم يخسرون كمية كمية من المياه من جسدهم نتيجة عدم الترطيب ».وشدد الدكتور كريستيان حداد على « ضرورة الحفاظ على المعايير الصحية الاساسية عبر غسل اليدين بشكل دائم لأن أبرز العدوى تتم نتيجة عدم القيام بذلك »، لافتا الى أن « البالغين يصابون « بالروتا » لكن بنسبة أقلّ من الاطفال الذين يشكل خطراً على حياتهم ».


ليبانون 24
١١-٠٧-٢٠٢٥
- ليبانون 24
يشكل خطراً على الأطفال.. إليكم آخر تطورات فيروس "الروتا"
أشارت الجمعية الطبيّة اللبنانية الأوروبية في بيان الى أنه" من البديهي أن تزداد نسبة الفيروسات في منطقة الشرق الأوسط بسبب الحروب التي وقعت، وبالرغم من عدم وجود دراسات حتى الساعات تثبت هذا الامر وتحدّد نوع تلك الفيروسات إلا أن الواضح أن هناك تزايد في نسبة الاصابة باعراض الزكام في بعض الاحيان وفي أحيان أخرى الاسهال وارتفاع الحرارة". وأكد عضو الجمعية الاختصاصي في الامراض الجرثومية الدكتور كريستيان حداد أنه "لا يوجد دراسات تؤكد وجود فيروسات في هذه المناطق إلا أنه حكماً سيكون كذلك نظراً لغياب النظافة". واصاف:" "نرى اصابة بفيروس "الروتا" لدى الاطفال والكبار ولدى الصغار بشكل أكبر ومن أبرز اعراضه الاسهال"، معتبرا أنه "يشكل خطرا على الاطفال لأنهم يخسرون كمية كمية من المياه من جسدهم نتيجة عدم الترطيب". وشدد على "ضرورة الحفاظ على المعايير الصحية الاساسية عبر غسل اليدين بشكل دائم لأن أبرز العدوى تتم نتيجة عدم القيام بذلك"، لافتا الى أن "البالغين يصابون "بالروتا" لكن بنسبة أقلّ من الاطفال الذين يشكل خطراً على حياتهم".


صدى البلد
١٠-٠٧-٢٠٢٥
- صدى البلد
عفن الحوائط والأسقف مشكلة الصيف الأزلية .. أسباب وحلول
مشكلة عفن الحوائط والأسقف التي تظهر سنويًّا في فصل الصيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة في الخارج وانخفاضها في الداخل، لذا يتشكل عفن الحوائط والأسقف في المنزل، لكن بشكل علمي ما أسباب تكوّن عفن الحوائط والأسقف؟ وما مخاطره الصحية؟ وكيف يمكن مواجهته؟ الرطوبة للإجابة عن هذه الأسئلة، يقول إنجو فاجنر، من مركز استشارات المستهلك في ولاية شمال الراين-وستفاليا الألمانية، لـ دي بي إيه، إن عفن الحوائط والأسقف ينشأ في المنازل حتى في الصيف، إذ يمكن للهواء الدافئ أن يمتص مزيدًا من الرطوبة، وينقلها إلى غرف أكثر برودة، ومن ثم يتكثف الهواء الرطب ويعزّز نمو عفن الحوائط والأسقف، ويزداد الخطر، خصوصًا في الأقبية أو الشقق تحت مستوى الأرض. واقرأ أيضًا: وأوضح فاجنر أن الرطوبة تنشأ في الغرف حين الاستحمام والطهي وتجفيف الملابس ووجود كثير من النباتات، وكذلك عن طريق التنفس أو التعرّق، مشيرًا إلى أن الأسباب قد تكون أخطر من ذلك، مثل تسرب أنابيب المياه أو الأضرار الهيكلية. من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن العفن الأسود أكثر خطورة من الأنواع الأخرى، إذ إن جميع أنواع عفن الحوائط والأسقف قد تكون ضارة بالصحة، خاصةً إذا كان سكان المنزل أو الشقة يعانون من الربو أو ضعف في جهاز المناعة. التهوية الجيدة لذلك، يجب دائمًا إزالة عفن الحوائط والأسقف في أسرع وقت ممكن، إذ تعد التهوية الجيدة مهمة لإزالة الرطوبة من الغرف، خاصةً خلال ساعات البرد، ولمنع عفن الحوائط والأسقف، يجب الحفاظ على نسبة الرطوبة الداخلية أقل من 60%. وأشار فاجنر إلى أن الخل ليس علاجًا مناسبًا للعفن، بل على العكس غالبًا ما يُغذي الخل الفطريات فقط، وبالنسبة إلى المناطق الصغيرة، يمكن استخدام المنظفات المنزلية أو محاليل الكحول. أما بالنسبة إلى الأضرار الأكبر أو العميقة، فينبغي حينئذ الاستعانة بمتخصصين، نظرًا إلى أن عفن الحوائط والأسقف يمكن أن يُسبب مخاطر صحية طويلة الأمد. أسباب ظهور عفن الحوائط والأسقف في منزلك تسرب الأنابيب التي قد تحتاج إلى إصلاح ارتفاع الرطوبة في المكان تسرب الأمطار بسبب الأضرار التي لحقت بالسقف أو حول إطارات النوافذ تكاثف بخار الماء على النوافذ والجدران طريقة التخلص من عفن الحوائط والأسقف تعتمد الطريقة على نحو رئيسي على استخدام محلول من الكلور وقليل من الماء، لكن من دون الحاجة إلى مسح الأسطح أو لمسها، ويجب اتباع إجراءات سلامة لحمايتك وحماية الأثاث من أي تلف قد يحدث نتيجة استخدام الكلور. إجراءات قبل البدء بعملية معالجة العفن مبدئيا اختر يوما يكون فيه الطقس مشمسا كي تتمكن من فتح النوافذ وتهوية الجدران والتخلص من رائحة الكلور. ابعد أي قطع أثاث أو سجاد أو ستائر حول المنطقة المتعفنة المُراد معالجتها. ارتدِ ملابس مناسبة للعمل أو واقيًا لحماية الملابس من التلف في حال تطاير بعض الرذاذ. ارتدِ نظارة شفافة واقية للعيون تحميها في الرذاذ المتطاير (ويمكن استخدام نايلون تغليف الطعام). تجهيز محلول معالجة عفن الحوائط والأسقف في عبوة فارغة تحتوي على بخاخ (مثل علب سائل تنظيف الزجاج) ضع كمية من الكلور، بحيث يتكون المحلول من 3 أرباع الكمية كلور، وربعها ماء (ارتفاع تركيز الكلور في المحلول يعطي نتيجة أفضل). على مقدمة أداة الرش، ستجد قطعة يمكن تدويرها لتحديد شكل الرذاذ (إما Spray أو Stream)، اختر »Stream» كي يخرج المحلول بشكل خط مُركز. بدء عملية معالجة عفن الحوائط والأسقف