
جهود أهلية لتسهيل عودة المهجرين من مخيمات النزوح شمال سوريا
رغم تسارع وتيرة عودة المهجرين قسرياً من مخيمات النزوح في الشمال السوري إلى مناطقهم الأصلية، فإنها لا تزال عودة طوعية تتم بتنظيم لجان مجتمعية محلية والتبرعات الأهلية لتغطية نفقات الانتقال العائلات الفقيرة، والتي تتراوح بين المليون والمليون ونصف المليون ليرة سورية، حيث يواجه العائدون ظروفاً معيشية في مناطقهم المدمرة أشد من ظروف مخيمات النزوح، فلا تخلو من نزاعات محلية ومخاوف من تضاعف الكثافة السكانية في بعض المناطق التي تفتقر للخدمات والبنى التحتية، في ظل غياب دعم المنظمات الدولية المعنية وخطة حكومية متكاملة.
مخيم نزوح في شمال شرقي سوريا (الأمم المتحدة)
رئيس اللجنة المجتمعية الخدمية في مدينة كفرزيتا، علي خلف، قال لـ(الشرق الأوسط)، إن عودة المهجرين من مخيمات النزوح في الشمال، لا تزال ضمن إطار العمل التدريجي، ولا يوجد جدول زمني نهائي حتى الآن، إذ تعتمد العودة على توفر الظروف اللوجيستية المناسبة لكل دفعة.
المسؤول شدد على أن «العودة اختيارية بالكامل» وتنظيم قوافل العودة الطوعية يأتي «استجابة لرغبة الأهالي بالعودة إلى منازلهم رغم التحديات». وأضاف: «بعض المنازل التي تعود إليها العائلات تعاني من أضرار بالغة، وتفتقر للأبواب والنوافذ، إلا أن الأهالي بانتظار بدء خطوة الترميم والصيانة بدعم من الجهات المعنية»، لافتاً إلى أنه يتم تأميم المنازل للعائدين بشكل ذاتي من قبل العائدين، مع تطلعات كبيرة نحو تدخل المنظمات الإنسانية والدولية لتقديم الدعم في أعمال الترميم، وتوفير المستلزمات الأساسية، داعياً المنظمات الإنسانية إلى دعم هذه «المبادرة الأهلية لما لها من أثر كبير على استقرار الأهالي، واستعادة حياتهم الطبيعية».
تصريح علي خلف لـ(الشرق الأوسط) جاء في سياق تصريح حول تسيير «قافلة العودة 4» من مخيمات منطقة أطمة في الشمال السوري إلى مدينة كفرزيتا في ريف حماة الشرقي، وقال إن جهود تنظيم «قوافل العودة» مستمرة لدعم العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية. وقد انطلقت، السبت، قافلة العودة الرابعة من مخيمات أطمة باتجاه مناطق مدينة كفرزيتا، السبت، مشيراً إلى عودة عشرات العائلات إلى مناطق مختلفة في ريف حماة، خصوصاً كفرزيتا، وقد ضمت قافلة العودة الرابعة نحو 25 سيارة كبيرة و15 فان لنقل العائلات وأثاثهم، بمساعدة عمال مخصصين للتحميل والتنزيل، لتسهيل عملية الانتقال بشكل منظم وآمن.
مهجَّرو بلدة التريمسة في ريف حماة يغادرون مخيمات أطمة في شمال سوريا عائدين إلى ديارهم (سانا)
وفيما يتعلق بحصول نزاعات بعد عودة النازحين مع الأهالي الذين لم يغادروا المناطق فترة النظام السابق، على خلفية اتهامهم بالتعامل مع النظام نفى علي خلف «وجود أي نزاعات أو خلافات» في كفر زيتا وقال إن «أجواء التعاون والتكافل تسود بين الأهالي، ويتم التعامل مع أي إشكاليات محتملة بروح المسؤولية والمجتمع الواحد».
ومع وصول آخر مائة عائلة من مهجري بلدة التريمسة في ريف حماة إلى بلدتهم، أُعْلِنَ مخيم التريمسة في منطقة أطمة في الشمال السوري أول مخيم في الشمال يخلى بالكامل، وتشير التقديرات إلى وجود 1500 مخيم في محافظتي حلب وإدلب شمال وغرب سوريا كان يعيش فيها حتى يناير (كانون الثاني) الماضي، أكثر من 3.4 مليون نازح من مختلف المناطق السورية، بحسب أرقام الأمم المتحدة، معظمها يفتقر لأبسط مقومات الحياة الطبيعية.
الشرع خلال زيارته مخيماً للاجئين في محافظة إدلب (سانا)
وفي أول زيارة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى محافظة إدلب بعد إسقاط نظام الأسد، منتصف فبراير (شباط) زار مخيمات شمال غربي إدلب، وخلال لقائه من النازحين هناك وعد بالعمل على إخلاء تلك المخيمات وعودة الجميع إلى مناطقهم بعد 13 عاماً من التهجير.
وتتخوف الأمم المتحدة من أن حركة قوية في العودة على النحو الذي تتم فيه قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في الكثافة السكانية في ظل تردي الخدمات والبنى التحتية، ووفق الأمم المتحدة تحتاج سوريا إلى دعم عاجل لإعادة البناء بعدما دمرت سنوات الصراع الاقتصاد والبنية التحتية، ما جعل 90 في المائة من السكان يعتمدون على المساعدات. وتشكو الأمم المتحدة من نقص في التمويل، إذ تلقت أقل من 10% من إجمالي 1.2 مليار دولار أمريكي اللازمة لمساعدة 6.7 مليون سوري حتى شهر مارس (آذار) الماضي.
نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)
وقدرت الأمم المتحدة عدد العائدين من النزوح الداخلي بنحو مليون ونصف المليون مهجر، ونحو 400 ألف عائد من دول الجوار خلال الأشهر الخمسة الماضية، ومن المتوقع ازدياد الأعداد مع قدوم فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي.
ويواجه العائدون صعوبات تبدأ بعدم مقدرتهم على تغطية تكاليف النقل، ولا تنته عند دمار منازلهم الأصلية، والحاجة لتأمين سكن بديل ريثما يعاد تأهيل أو إعادة إعمار منازلهم، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء، وفقدان مصدر الدخل ودمار البيئة الزراعية في معظم الأرياف وانتشار الألغام ومخلفات الحرب.
وفي ظل العجز الحكومة علن النهوض بأعباء عودة المهجرين تبادر لجان مجتمعية محلية ومنظمات أهلية لتسهيل عودة المهجرين حمص وحماة ودمشق وحلب، وجبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 26 دقائق
- صحيفة سبق
عقب دعوة سعودية الأسبوع الماضي.. الاتحاد الأوروبي يرفع كل العقوبات عن سوريا
في خطوة تعكس تنامي التأثير الدبلوماسي السعودي، كشفت مصادر دبلوماسية لوكالة "فرانس برس" أن الاتحاد الأوروبي وافق، اليوم الثلاثاء، على رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بعد أيامٍ من دعوة المملكة العربية السعودية إلى الاتحاد، لاتخاذ خطوة مماثلة للقرار الأمريكي الأخير. وكانت الرياض قد أكّدت خلال الأسبوع الماضي، وعلى هامش إعلان واشنطن، رفع العقوبات عن سوريا، ضرورة تحرُّك أوروبي مشابه يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، ودفع عجلة الاستقرار في سوريا. ولاقت هذه الدعوة أصداءً إيجابية داخل أروقة الاتحاد، الذي أعلن رسمياً اليوم قراره الشامل برفع العقوبات.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يعتزمون رفع العقوبات عن سوريا اليوم
أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، لدى وصولها إلى اجتماع وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، أن وزراء خارجية الاتحاد يعتزمون رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. سوريا توقع مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع "دي بي ورلد" الإماراتية بعد رفع العقوبات وقالت كالاس "نعتزم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا اليوم"، وفقا لوكالة "تاس" الروسية للأنباء. يشار إلى أن أميركا بدأت عملها لرفع العقوبات عن سوريا، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض قبل أيام رفع العقوبات كاملة عن سوريا. وأكد 3 مسؤولين أميركيين أن إدارة ترمب بدأت مراجعات فنية للعقوبات المفروضة على دمشق، تمهيدا لرفعها. وأوضحوا أن وزارة الخزانة الأميركية ستصدر تراخيص لسوريا حتى رفع العقوبات، وفق ما نقلت شبكة "سي أن أن". كما أشاروا إلى أن إدارة ترامب سترفع القيود على صادرات سوريا لمساعدتها في بناء اقتصادها.


الشرق الأوسط
منذ 12 ساعات
- الشرق الأوسط
قراءة في خطاب ترمب بالسعودية
مائة يوم على ولايته ولا يزال يفاجئ العالم، ويُثبت دائماً استحالة التنبؤ بما سيفعله غداً؛ يوم الثلاثاء 13 مايو (أيار) وخلال أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية، للمملكة العربية السعودية، كشف الرئيس ترمب أمام منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي عن ثلاث مفاجآت من العيار الثقيل: رفع العقوبات عن سوريا، وعرض ملغوم لإيران، ورؤية للشرق الأوسط. قال إن رفع العقوبات عن سوريا كان بطلب من ولي العهد السعودي. هذا القرار لم يبرره استراتيجياً بل اكتفى أن يظهره هدية لولي العهد وللشعب السوري؛ هذا لا يعني أن ترمب مزاجي، بل يعني أن نهجه يعطي الأولوية للعلاقة الشخصية على حساب المؤسسات؛ فالعلاقة الشخصية ميزتها سرعة التواصل مع القادة، والثقة القوية، وحل المشكلة بسرعة، بينما المؤسسات مداولاتها معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، ومع ذلك فإن قراره ليس سهلاً؛ لأن الرئيس أحمد الشرع كان مطلوباً أميركياً، ويصف نتنياهو حكومته بالتطرف، ويحاول إسقاطها باحتلاله أرضاً سورية، ودعمه لشرائح سورية محددة. بعد محادثاته مع ولي العهد، اقتنع ترمب، كما يبدو، بدقة الوضع السوري، وخطورته على أمن المنطقة، وأن دعم السلطة في دمشق سيمنع انهيار سوريا وعودة الإرهاب. هذا يثبت أن ترمب واقعي بامتياز ولا يهمه، كما يقول الرئيس الصيني الراحل دنغ هسياو بينغ، لون القطة أسود أم أبيض بل يهمه صيدها للفئران، وترمب يرى الشرع قادراً على ضبط الوضع، وكذلك حلفاؤه، ما عدا إسرائيل، لكن ثقة ترمب بأصدقائه جعلته يتجاوز المؤسسات، ولا يكترث باللوبي الإسرائيلي، ولا بحكومة نتنياهو، بل فاجأهم بلقاء شخصي مع الشرع، بصحبة ولي العهد السعودي. المفاجأة الثانية مقاربة إيران بمنطق السلام، فقال إن السلام يكون مع الأعداء وهو يحب التحدث مع الأعداء لصناعة السلام. ورأى أن الشعب الإيراني يستحق ألا يرى أمواله تُصرف على ميليشيات؛ فإيران يمكن أن تكون عظيمة ومؤثرة، إنما ليس ببناء ترسانة نووية تكون تهديداً لجيرانها وأمن المنطقة. أما التهديد فعلّقه على رفض إيران تفكيك برنامجها النووي، وقال إنه سيمنعها من بيع برميل نفط واحد، وقد يضطر لاستخدام القوة. هذه المقاربة تركت قيادة إيران أمام خيارين: القبول بالسلام، وهو بذاته خطر على نظام مغلق، أو تفكيك برنامجها النووي والتضحية بكل معاناتها في العقود الماضية؛ بكلتا الحالتين ستكون النتيجة: انهيار النظام الإيراني. لذلك، فإن احتمال قبول إيران مقاربته صعب جداً، وسيكون رفضها تحدياً له، وعليها إما المواجهة وإما الاستسلام؛ هكذا ستصبح المواجهة حتمية، وبكل تبعاتها الكارثية على المنطقة برمتها ولربما على العالم اقتصادياً. وقد يستوعب ترمب، وكذلك قادة إيران، هذا المأزق، ويصبح التراجع عن حافة الهاوية مخرجاً للجميع، لكن ذلك يتطلب جهوداً روسية وصينية وعربية كبيرة. المفاجأة الثالثة هي رؤيته للشرق الأوسط بوصفه مركزاً كونياً للتجارة والاستثمار، والسلام فيه ضرورة قصوى؛ هذه الرؤية لن تتحقق إلا بتسوية الملف النووي ثم الملف الفلسطيني. ترمب يعتقد أن الملف الفلسطيني سيجد حلاً من خلال إجبار إسرائيل على حل الدولتين أو ما يعادله ما دام يضمن أمن إسرائيل وحكماً ذاتياً للفلسطينيين؛ ولكن المشكلة أن إسرائيل لا تعترف أساساً بوجود شعب فلسطيني، بل تريدهم أن يعيشوا في دول عربية مجاورة. هذا النهج الإسرائيلي لا يعجب ترمب، ولهذا رأيناه يقفز فوق نتنياهو من خلال تفاوضه مع «حماس»، ويتجاهله في الملف الإيراني، بل لم يعطه امتيازاً بتخفيض الرسوم الجمركية عندما زاره في البيت الأبيض؛ ترمب مثل جميع رؤساء أميركا من كينيدي وحتى بايدن، لا يعارضون إسرائيل في أفعالها ما دام ذلك لا يمس مصالحهم، لكن ترمب يختلف عنهم أنه لا يخضع لضغوطات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، ولا يأبه للصحافة المعارضة، وإذا ما فكر نتنياهو لحظة أن يتجاوزه ويذهب مباشرة للكونغرس للتحريض ضده، كما فعل مع الرئيس أوباما، فإن ذلك سيجلب غضب ترمب ونهاية نتنياهو السياسية، فلا أحد من الجمهوريين في الكونغرس يجرؤ على معارضة ترمب ولا مستشاريه أو وزرائه وجميعهم يؤمنون بمصلحة أميركا أولاً. وقد أظهر ترمب لنتنياهو وللعقلاء في إسرائيل ومن خلال زيارته للمملكة وقطر والإمارات، ودون المرور بإسرائيل، أن لديه حلفاء آخرين موثوقين، وأن على نتنياهو أن يفهم الواقع ويتصرف قبل أن يخسر أكبر حليف لبلده. المفاجآت الثلاث أعلاه تحمل بشائر ومخاوف؛ البشائر أن يتمكن ترمب من تحقيق السلام، ومن تخفيف وجود قواته العسكرية في المنطقة، والتفرغ لتهديدات في شرق آسيا وجنوبها، والمخاوف أن ترفض إيران تفكيك برنامجها النووي، ويرفض نتنياهو مبادرات ترمب للسلام. السؤال: كيف يرد ترمب على إيران ونتنياهو؟ لا أحد يعرف، لننتظر مفاجأة أخرى!