
موقف بريطانيا حول مغربية الصحراء.. أخر مسمار يدق في نعش كبرانات الجزائر
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في تحول دبلوماسي مفاجئ، أعلنت المملكة المتحدة في خطوةٍ غير مسبوقة ، نهاية الأسبوع المنصرم ، عن تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي الذي تقدمت بها المملكة المغربية لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي كان ينتظره العديد من المراقبين الدوليين في وقت تزداد فيه أجواء التوتر بالمنطقة.
هذا التغيير يفتح بابًا جديدًا في مسار الصراع التاريخي بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، ويعزز من موقف المملكة المغربية في سياق الحملة الدبلوماسية العالمية لتثبيت سيادتها على الصحراء.
– تأييد بريطاني يضاف إلى الاتجاهات الأوروبية
أتى الموقف البريطاني في وقت يزداد فيه تزايد دعم بعض الدول الأوروبية لمقترح الحكم الذاتي المغربي، ليشكل تحولا عميقًا في استراتيجية لندن التي كانت تساند حتى وقت قريب المبادرات الأممية التي تحث على البحث عن 'حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي حق تقرير المصير'، إلا أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أثناء زيارته للرباط، أكد أن المملكة المتحدة ترى في مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب عام 2007 'الأساس الأكثر مصداقية واستدامة' لحل النزاع في المنطقة، مما يعكس التزامًا جديدًا في سياسة المملكة تجاه النزاع الإقليمي.
الموقف البريطاني هذا ينسجم مع توجهات العديد من الدول الأوروبية التي أدركت أن حلاً واقعيًا ومستدامًا يتطلب تحقيق توافق سياسي مبني على المصالح الإقليمية والدولية، و بهذا التصريح، تغلق لندن الباب أمام محاولات تصعيد الأزمة وتمد يدًا لدعم المقترح الذي وصفته الرباط بأنه 'الطريق الوحيد لإنهاء الصراع'.
– الجزائر بين الرفض والقلق
من جانبه، لم تكن الجزائر بعيدة عن ردود الفعل السلبية تجاه هذه التطورات، إذ عبرت وزارة خارجيتها عن 'أسفها' لهذا التغيير في الموقف البريطاني، والذي اعتبر بلاغها الذي قام بصياغته كبرانات العسكر، أنه بحسب رأيهم يمثل هذا القرار انحرافًا عن مسار الدعم الأممي للمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع الأطراف المعنية، في إشارة منها لمرتزقة البوليساريو التي لم تعد ناطقا باسم أهل الصحراء، وأن حتى تقارير الاحصاء تكشف ان سكان مخيمات تيندوف اغلبهم تم جلبه من قرى جزائرية وبعضهم من موريتانيا وجنسيات اخرى، وان جزء آخر من مواطنين مغاربة من الاقاليم الجنوبية للمملكة محاصرين هناك تحت حراسة بنادق مليشيات البوليساريو.
لكن مع زيادة التأييد الدولي لمبادرة المغرب، لا يمكن إنكار أن هذا الموقف البريطاني يعكس تحولًا كبيرًا في موازين القوى الدولية حول هذا الملف، وهو ما من شأنه أن يعقد موقف الجزائر ويساهم في تقليص هامش مناورتها الدبلوماسية في الساحة الدولية.
– الدعم البريطاني: أبعاد اقتصادية ودبلوماسية
يعد الدعم البريطاني لمقترح الحكم الذاتي أيضًا محملاً بأبعاد اقتصادية هامة، فقد شمل الاتفاق الأخير بين لندن والرباط التزامًا بتعاون اقتصادي واسع النطاق، حيث أعلنت بريطانيا استعدادها لدعم مشاريع في الصحراء المغربية بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني، كما تضمن الاتفاق توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجالات مثل التعليم والمياه والصحة والموانئ، هذا الانفتاح الاقتصادي يمكن أن يكون له تأثير بالغ على استقرار المنطقة، ويعزز من قدرة المغرب على تقديم رؤية تنموية تؤثر بشكل إيجابي على سكان الأقاليم الصحراوية.
– تأثيرات الموقف البريطاني على المدى البعيد
من خلال هذه الخطوة الاستراتيجية، يبدو أن بريطانيا تسعى إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية في شمال إفريقيا، مع التوجه نحو تقوية العلاقات مع المغرب، بما يتماشى مع التحولات السياسية العالمية، ومن خلال دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي، تؤكد المملكة المتحدة التزامها بالحفاظ على استقرار المنطقة ودعم الحلول السياسية التي تعزز من السيادة الوطنية للدول.
وبالنسبة للمغرب، يمثل هذا الدعم نقطة حاسمة في الترويج لمقترح الحكم الذاتي على المستوى الدولي، ولا شك أن التأييد البريطاني سيزيد من الضغط على دول أخرى، رغم إستعداد ما تبقى من هذه الدول تسير في اتجاه إعلان دعمها للموقف المغربي، في وقتٍ تواجه فيه الجزائر عزلة دبلوماسية متزايدة.
– أخر مسمار في نعش كبرانات الجزائر
يبدو أن الموقف البريطاني قد يكون آخر مسمار في نعش الرؤية الجزائرية بشأن حل النزاع في الصحراء المغربية. مع تزايد دعم القوى الكبرى لموقف المغرب، تتضاءل فرص الجزائر في تحقيق أهدافها الدبلوماسية، خاصة في ظل تصاعد دعم المبادرة المغربية على المستوى الدولي. إذا استمر هذا الاتجاه في المستقبل، فقد تزداد العزلة السياسية للجزائر في هذا الملف، ما يجعل من التسوية السلمية في المنطقة أمرًا أكثر تعقيدًا.
ومع تزايد ديناميكيات جديدة في المفاوضات الأممية ودعم القوى الدولية الرئيسية للمقترح المغربي، يبقى السؤال: هل سيستطيع هذا التحول الدبلوماسي البريطاني أن يفرض واقعًا جديدًا في المنطقة؟ الإجابة على هذا السؤال ستكشفها الأيام القادمة، ولكن لا شك أن الموقف البريطاني يشكل منعطفًا حاسمًا في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 2 ساعات
- هبة بريس
وجدة تجمّل صورتها البيئية عبر مشروع متكامل لتطوير الغابة الحضرية
هبة بريس – أحمد المساعد في ظل التدهور البيئي الذي تعرفه المدينة نتيجة التصحر، قلة التساقطات، اختفاء بعض الأنواع النباتية، وغياب مقاربة فعّالة لحماية المساحات الخضراء، تطلب إعادة تأهيل صورتها البيئية من خلال مشروع متكامل لتطوير الغابة الحضرية سيدي معافة وتحسين جودة الحياة. في السنوات الأخيرة، كثّفت ولاية جهة الشرق مبادراتها البيئية في إطار رؤية شاملة يشارك فيها عدد من المتدخلين، وعلى رأسهم الوكالة الوطنية للمياه والغابات، من أجل تحويل الغابة الحضرية إلى فضاء ترفيهي بيئي يجذب الزوار ويوفر متنفساً للسكان. *مبادرات لتحسين الغطاء النباتي* شملت المبادرات غرس أنواع مقاومة للمناخ الجاف مثل الأكاسيا، البطم، التين، النخيل الأطلسي، وأشجار أخرى تتحمل الظروف المناخية القاسية. كما تم إنشاء فضاءات للراحة والترفيه داخل الغابة، مثل منتزهات لالة عائشة ولالة مريم، إلا أن العديد من هذه الفضاءات لم يُحسن تدبيرها أو لم يتم استغلالها بالشكل المطلوب. وأوضحت دراسة أجراها باحثون من جامعة محمد الأول، أن تأهيل الغابة الحضرية يتطلب مقاربة علمية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار نوعية التربة ونمط العيش المحلي، وهو ما يتم تطبيقه حالياً بشكل تدريجي. *مشاريع لتحسين البيئة ومواجهة التغير المناخي* البرنامج البيئي الجديد يهدف إلى مواجهة آثار التغير المناخي وتحسين جودة الحياة في المدينة. ويشمل غرس الأشجار، تحسين نوعية التربة، واستعمال مياه معالجة للري. كما يتم التخطيط لإنشاء مساحات لعب للأطفال، مسارات للرياضة والمشي، وتعزيز الأمن البيئي من خلال فرق مراقبة ميدانية. وقد خصص لهذا المشروع غلاف مالي قدره 87 مليون درهم، وسيمتد على مدى ثلاث سنوات، حيث سيتم غرس 1300 هكتار من المساحات الخضراء ضمن الغابة الحضرية. *التزام جماعي من أجل بيئة أفضل* وفقاً لما صرّحت به الوزيرة ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، فإن هذا المشروع يُعد نموذجاً جديداً في التنمية المستدامة، يستند إلى تشاركية فعالة بين مختلف المتدخلين من سلطات محلية، مجالس منتخبة، وفاعلين مدنيين. وفي هذا السياق، تم إنشاء تنسيقية محلية تحت اسم 'وجدة أماكن'، تتولى التنسيق بين الوكالة الوطنية للمياه والغابات، المجلس الإقليمي، والسلطات المحلية، لضمان تنفيذ ناجح للمشروع. وستتكفل جماعة وجدة بتنفيذ الأشغال التي تشمل تهيئة المسارات، فضاءات الترفيه، مناطق الألعاب، وأماكن للراحة تحت إشراف مباشر من رئيس المجلس الجماعي. *نحو عدالة بيئية حقيقية* يُعد هذا المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز العدالة البيئية في المدينة وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين، كما يعكس توجهاً جديداً في السياسات البيئية الجهوية والوطنية، وفقًا لما أكده مسؤولو وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة خلال زيارتهم الأخيرة لوجدة.


هبة بريس
منذ 2 ساعات
- هبة بريس
تطوان.. الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يقاطع ندوة العثماني بسبب "التطبيع مع إسرائيل"
هبة بريس قاطع طلاب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الندوة التي كان من المقرر أن يُلقيها رئيس الحكومة السابق، الدكتور سعد الدين العثماني، يومه الاربعاء, بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان. وأفادت مصادر طلابية أن المقاطعة جاءت احتجاجاً على ما وصفوه بـ'تطبيع العثماني مع الكيان الصهيوني' خلال فترة توليه رئاسة الحكومة، حيث وقع اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل أواخر سنة 2020. وقد عرفت الندوة التي كانت مبرمجة ضمن الأنشطة الأكاديمية للكلية، توتراً في الأجواء بعد إعلان المقاطعة، ما أدى إلى إلغاءها في اللحظات الأخيرة. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
شركة هولندية تدخل على خط أزمة مارشيكا.. 80 مليار سنتيم بين شراكة مشبوهة وشكوك الفساد
هبة بريس – محمد زريوح رغم تغيير الإدارة وتولي مديرة جديدة، يبدو أن وكالة مارشيكا تسير على نفس الخطى التي سلكتها في عهد سعيد زارو، الذي صرف خلال ولايته ما يقارب 2600 مليار سنتيم دون أن تظهر نتائج ملموسة تبرر هذه الأموال الطائلة. في الأيام الأخيرة، أعلنت الوكالة عن شراكة مع شركة هولندية للاستثمار في بناء فيلات وفندق أربع نجوم، بمبلغ وصل إلى 80 مليار سنتيم، وفقًا لما صرحت به الوكالة. اللافت في الأمر أن أحد شركاء هذه الشركة ينحدر من منطقة الريف، وله دور بارز في استقطاب هذه الشركة الهولندية للاستثمار في المنطقة. هذا الإعلان أثار تساؤلات عديدة بين الفعاليات الناظورية، خاصة بشأن تكلفة بناء الفندق التي تبدو مرتفعة بشكل غير مبرر، مقارنةً بفنادق عالمية تم إنشاؤها بتكاليف تتراوح بين 5 و10 مليارات سنتيم، ما يفتح الباب واسعًا للشكوك حول شفافية صرف الأموال. كما أن تكاليف بناء الفيلات، التي عادة لا تتجاوز 100 مليون سنتيم للفيلا الواحدة، تثير علامات استفهام كبيرة، خصوصًا مع إعلان الوكالة عن تخصيص مبلغ 80 مليار سنتيم فقط لإنجاز المشروع بأكمله، مما يطرح السؤال حول مصير الأموال الأخرى المخصصة للوكالة. موقع المشروع كان مجهزًا بالفعل، إذ يشمل طرقًا معبدة وأرضًا مؤهلة، بالإضافة إلى بنية تحتية من إنارة وواد حار تم إصلاحهما بمليارات السنتيم خلال فترة زارو، ما يزيد من الشكوك حول إمكانية تضخيم تكلفة المشروع أو استغلال جزء من التمويل في أمور أخرى. هذا كله يدفع إلى التساؤل عن مصير الأموال التي صُرفت على مدى سنوات في وكالة مارشيكا، وهل ستنجح الإدارة الجديدة في كسر دائرة الهدر والزبونية التي لازمت الوكالة أم ستظل مجرد نسخة من الماضي؟ من جانب آخر، يثار تساؤل حول مدى شفافية صفقة الشراكة مع الشركة الهولندية، وهل تم فتح باب المناقصات أمام جميع الشركات المؤهلة، أم أن الاتفاق تم بصورة سرية بعيدًا عن الأعين، وسط شبهات المحسوبية والصفقات المشبوهة. يُذكر أن الفرقة الوطنية فتحت تحقيقات حول اختلاسات في عهد سعيد زارو، خصوصًا علاقته مع شركة هندسة بلجيكية تلقت مبالغ مالية ضخمة لقاء تصاميم يصفها البعض بأنها مبالغ فيها بشكل غير مبرر. في النهاية، يبقى السؤال الملح: هل ستتمكن إدارة وكالة مارشيكا الجديدة من تحقيق قفزة نوعية في التنمية الحقيقية بمنطقة الريف، أم أنها ستظل محكومة بأطماع وتيارات الفساد التي أضعفت المشروع طيلة السنوات الماضية؟ تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة