
هل ينوي نتنياهو فعلاً احتلال قطاع غزة؟ قراءة في الأبعاد العسكرية والسياسية
في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في إسرائيل، تصدر حديث كثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية عن نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لشن عملية احتلال شامل على قطاع غزة، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الساحة السياسية الإسرائيلية وفي الأوساط الدولية.
رغم ما تروج له بعض التقارير عن توجه نتنياهو نحو احتلال كامل لقطاع غزة، تشير مصادر حكومية في إسرائيل، كما نقلت صحيفة "هآرتس"، إلى تشكك حقيقي في أن يكون هذا التوجه فعلياً نية حقيقية أو خطة تنفيذية، بل ترى أن التلويح بالاحتلال قد يكون مجرد مناورة تكتيكية لزيادة الضغط على حركة حماس في مفاوضات الأسرى ووقف إطلاق النار.
وبحسب تقديرات الصحيفة، فإن نتنياهو يسعى إلى الموازنة بين مطالب جناحه اليميني المتطرف وبين الضغوط السياسية الداخلية، لذلك من المرجح ألا يلجأ إلى إقالة رئيس الأركان إيال زامير، بل التوصل إلى "خطوة عسكرية محدودة" تفرض موقفاً حازماً دون الانجرار إلى احتلال شامل يعقد المشهد.
وأوضح المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل في مقال بصحيفة "هآرتس"، أن لا مؤشرات جدّية على وجود نية حقيقية لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاستكمال السيطرة الكاملة على قطاع غزة، رغم التصريحات المتكررة حول أهداف العملية العسكرية.
وأشار هرئيل إلى أن السيطرة على كامل القطاع تتطلب تعزيزات عسكرية ضخمة ومناورة معقدة وسط مليوني فلسطيني، وهو ما يبدو أن الجيش غير مهيأ له حاليًا، خاصة مع إخراج أعداد كبيرة من القوات النظامية في الفترة الأخيرة لمنحها استراحة.
وأكد أن الجيش يواجه أزمة التزام غير مسبوقة في صفوف قوات الاحتياط والوحدات النظامية، ما يدفع إلى الحديث عن حملة تجنيد جديدة، على خلاف ما تصر عليه التصريحات الرسمية.
صراع حول استراتيجية التصعيد
ويرى أن أزمة العلنية بين نتنياهو ورئيس الأركان تعكس خلافاً جوهرياً حول مستقبل العملية العسكرية في غزة، ونتنياهو يستخدم هذه المواجهة لتأكيد جديته أمام حلفائه اليمينيين، وللضغط على حركة حماس في ظل تعثر صفقة تبادل الأسرى.
في المقابل، يتخوف زامير من تكاليف العملية العسكرية، ويميل إلى "خطة تطويق" تكتيكية محدودة، تهدف إلى تعزيز الضغط على حماس من دون توسيع نطاق الحرب، خصوصاً أن الجيش في وضع ركود نسبي في غزة، ويحتاج إلى استدعاء احتياطيات وتعزيزات، وهو ما قد يستغرق وقتاً يصل إلى أسابيع.
تحديات الاحتلال العسكري
وبحسب تقديرات المؤسسة العسكرية، فإن "تطهير" ما تبقى من القطاع قد يستغرق ما بين سنة إلى سنتين، ما يزيد من الشكوك حول جدّية نية القيادة السياسية بتنفيذ ذلك، خاصة في ظل التباطؤ والتأخير في التحرك الميداني.
وأشار أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية إستيبان كلور إلى أن احتلال غزة سيكلف إسرائيل حوالي 10 مليارات دولار سنوياً فقط لتغطية رواتب الجنود والخدمات المدنية، ما يمثل نحو 2% من الناتج المحلي الإسرائيلي، فضلاً عن تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة في القطاع.
أما عن المسؤولية المدنية والأمنية، بحسب كلور إلى أن الاحتلال يعني تولي إسرائيل مسؤولية الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين في غزة، من غذاء وتعليم ورعاية صحية، وسط بيئة معادية بشدة، مما يفرض تحديات أمنية وإنسانية غير مسبوقة.
وحذر أسرى سابقون من أن حماس تستخدم تقنيات مراقبة متطورة لحماية أماكن احتجاز الأسرى، وأن أي تحرك عسكري واسع قد يعرض حياة الأسرى للخطر، وهو ما يزيد من تعقيد أي عملية عسكرية شاملة.
فيما يرى بعض المحللين أن الاحتلال العسكري قد يعزز مقاومة حماس، إذ سيكسبها زخماً شعبياً ويجبرها على مواصلة حرب العصابات من داخل القطاع، مما قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد لقوات الاحتلال.
ويتزايد العزلة الدولية لإسرائيل بسبب استمرار الحرب، ويدعو معظم العالم إلى وقف فوري للأعمال العسكرية. احتلال غزة سيُثير إدانات دولية واسعة، وقد يزيد من الضغوط على تل أبيب، ويقود إلى تدهور صورة إسرائيل على الصعيد العالمي.
يبدو أن إسرائيل أمام خيار صعب يتطلب موازنة بين الضغط العسكري على حماس، والحفاظ على استقرار داخلي وشرعية دولية، وسط مطالب متزايدة بوقف النار وإطلاق الأسرى.
ومن المقرر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية (الكابينت) جلسة غدًا الخميس، لمناقشة خطة احتلال مدينة غزة والمعسكرات الوسطى.
وتأتي هذه التطورات بعد انسحاب إسرائيل، نهاية يوليو/تموز الماضي، من مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس كانت تجري في الدوحة، بسبب خلافات تتعلق بانسحاب الاحتلال وإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى.
وبحسب استطلاع حديث أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن 52% من الإسرائيليين يحمّلون حكومة نتنياهو مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق مع حماس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 7 ساعات
- معا الاخبارية
سموتريتش: فقدت الثقة في نتنياهو وقدرته على تحقيق نصر حاسم على حماس
بيت لحم معا- وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معلنًا فقدانه الثقة بقدرته ورغبته في قيادة الجيش نحو "نصر حاسم على حركة حماس وفي مقطع فيديو نشره اليوم، قال سموتريتش إن نتنياهو وحكومته "استسلموا للضعف وغلبت العاطفة على العقل"، مضيفًا أن القرار الأخير للحكومة "يكرر النهج الفاشل" ولن يحقق إعادة الأسرى أو الفوز في الحرب. وأكد: "لأول مرة منذ بداية الحرب، أشعر أنني لا أستطيع دعم هذا القرار، وضميري لا يسمح بذلك"


معا الاخبارية
منذ 8 ساعات
- معا الاخبارية
بشارة بحبح ينسحب من الوفد الأمريكي المفاوض
بيت لحم معا- أعلن رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح ، الذي عمل وسيطًا بين حماس والحكومة الأمريكية، وساهم في إطلاق سراح عيدان ألكسندر، انسحابه من فريق التفاوض الأمريكي. ولم يكن بحبح عضوًا رسميًا في الفريق، ولم يشغل منصبًا رسميًا، لكنه صرّح بأنه لن يعمل ضمن الفريق، بل سيتصرف بشكل مستقل. خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، كتب بحبح منشورًا على حسابه على فيسبوك موجهًا إلى سكان غزة. قال: "لستُ وسيطًا بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنني أشارككم معاناتكم. مهمتي هي إيصال صوتكم إلى جميع المسؤولين، كبارًا وصغارًا. لن أنساكم. مفاوضات وقف إطلاق النار متوقفة حاليًا". يُذكر أنه في نهاية مايو، روّج بحبح لخطة لوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا وإطلاق سراح 10 رهائن على مرحلتين. وصرح مسؤول إسرائيلي آنذاك بأن "الخطة، التي اقترحها رجل الأعمال الأمريكي الفلسطيني بشارة بحبح، أمرٌ لن تقبله أي حكومة إسرائيلية. حماس تضع شروطًا تعجيزية تعني فشلًا ذريعًا في تحقيق أهداف الحرب، وعجزًا عن إطلاق سراح الرهائن". كان بحبح عضوًا في الوفد الفلسطيني إلى محادثات السلام متعددة الأطراف في التسعينيات، وظلّ من أشدّ المؤيدين لحل الدولتين. شغل لاحقًا منصبا في صحيفة الفجر الفلسطينية، ونشط في منظمات إنسانية مختلفة. كما كتب العديد من المقالات حول القضايا السياسية والاجتماعية المتعلقة بالشرق الأوسط.


فلسطين أون لاين
منذ 9 ساعات
- فلسطين أون لاين
شهيد بقصف مُسيرة إسرائيلية سيارة في جنوب لبنان
استشهد شخص جراء استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية بأربعة صواريخ، السبت، سيارة بين بلدتي عيترون وعيناتا جنوبي لبنان، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ أواخر 2024. وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، إن مُسيّرة إسرائيلية نفذت عصر اليوم غارة جوية بأربعة صواريخ مستهدفة سيارة بين بلدتي عيترون وعيناتا. ونقلت الوكالة عن وزارة الصحة اللبنانية أن الغارة الإسرائيلية أدت إلى سقوط شهيد دون الكشف عن هويته. وفي وقت سابق، استشهد الإعلامي محمد شحادة مدير موقع "هوانا لبنان"، بغارة شنتها مسيرة إسرائيلية على سيارته في طريق صيدا ـ صور بقضاء النبطية جنوبي لبنان، وفق ما ذكرت الوكالة أمس. واستشهد الخميس الماضي، 8 أشخاص، بينهم سوري، وأصيب 12 آخرين جراء 3 غارات إسرائيلية استهدفت مناطق بشرق وجنوب البلاد في حصيلة هي الأكبر منذ 3 أسابيع. وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح. وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف لإطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، لكن تل أبيب خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أسفر عن 281 شهيدًا و586 جريحا، وفق بيانات رسمية. وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ جيش الاحتلال انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة. المصدر / فلسطين أون لاين