
مخلفات الحرب غير المتفجرة عدو يستهدف أطفال السودان
وتتزايد مخاوف سكان الولايات التي جرى تحريرها من قبضة قوات "الدعم السريع" من أخطار تهدد حياة أطفالهم بخروجهم للعب أو العبث بمخلفات الحرب، نتيجة عدم اكتشاف مواقع أخرى للأجسام الغريبة القابلة للانفجار، التي تكون في الغالب مدفونة أرضاً أو مبعثرة على امتداد مساحات شاسعة، لا سيما أنها تصنع على أشكال أغراض أو أشياء لا تبدو أنها خطرة.
ألغام مصنوعة من البلاستيك يكون اكتشافها صعباً للغاية ويتطلب فرقاً متخصصة وأجهزة حديثة (اندبندنت عربية - حسن حامد)
حوادث وضحايا
بحسب المجلس القومي لرعاية الطفولة السوداني، فإن أكثر من 15 ألف طفل أصيبوا بسبب الأجسام المتفجرة في مناطق النزاع.
وتشهد ولايات عدة انفجارات يومية تقتل وتبتر أطراف الأطفال حتى في المدن التي حررها الجيش السوداني من قبضة "الدعم السريع"، وأسفر انفجار مقذوف مدفعي كبير داخل إحدى المدارس في قرية الغبشة شرق مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، عن سقوط ثلاث ضحايا وتسعة جرحى. وفي مدينة الأبيض عاصمة الولاية تسبب انفجار مقذوف سلاح بوفاة طفل وإصابة ثلاثة آخرين.
وفي شمال أم درمان شكا مواطنون من وجود نفايات حربية جرى تفريغها من قبل مجهولين غرب الحارة (80) بينها ذخائر متنوعة غير منفجرة تسببت في بتر أصابع يد طفل حاول العبث ببعضها.
مأساة طفل
في مدينة أم درمان يرقد مؤزر منذر (15 سنة) بلا حراك على سريره بمنزل الأسرة التي عادت من رحلة النزوح في ولاية الجزيرة منذ أربعة أشهر، إذ فقد أجزاء من أطرافه نتيجة انفجار جسم متفجر.
بسبب الحادثة بتر جزء من كفه، وقطعت أجزاء من أصبعيه السبابة والوسطى من يده اليمنى، وأصيبت قدمه اليمني بكسور وجروح عميقة، وتكسرت عظام اليسرى وقطع شريانها، ولا يزال ينتظر إجراء ثلاث عمليات جراحية إضافية.
كشف المركز القومي لمكافحة الألغام عن ثلاثة حقول ألغام محرمة دولياً في منطقة المقرن وغابة السنط جنوب غربي الخرطوم (اندبندنت عربية - حسن حامد)
تقول والدته ليلى "بعد رحلة النزوح في ولاية الجزيرة، عدنا إلى منزلنا بمدينة توتي بالخرطوم، وجدنا أن جدار المنزل تعرض للهدم من قبل قوات 'الدعم السريع' بهدف نهب وسلب العربات ذات العجلات الثلاث (ركشات)، فقررنا ترميمه، وخرج مؤزر ليساعد في إعادة البناء، وفور جلوسه على كرسي في ساحة المنزل، انفجر الجسم المتفجر من تحته". وأضافت "حين حدث الانفجار ظننت أن طائرة مسيرة استهدفت الحي، لكنني فوجئت بزوجي يحمل ابني وهو يصرخ، كان مشهداً مروعاً، وعلى وجه السرعة نقلناه إلى مستشفى السلاح الطبي، ومنه إلى مستشفى أم درمان، وبقينا هناك فترة شهرين".
ألغام محرمة
إلى ذلك كشف المركز القومي لمكافحة الألغام عن ثلاثة حقول ألغام مضادة للإنسان محرمة دولياً في منطقة المقرن وغابة السنط جنوب غربي الخرطوم، زرعتها المجموعات المسلحة خلال المعارك التي كانت دائرة في العاصمة.
وعد مدير المركز اللواء خالد حمدان أن "قيام الميليشيات بزرع مثل هذه الألغام يشكل إضافة خطرة لسلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها خلال الحرب الحالية، مما يتنافى مع الاتفاقات والمعاهدات الدولية".
وأشار إلى أن "اتفاق أوتاوا يحظر استخدام وتصنيع ونقل الألغام المضادة للأفراد، المخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، ويعد السودان من أوائل الدول المنضمة إليه".
وأضاف حمدان أن "هذه الألغام شديدة الخطورة كونها مصنوعة من البلاستيك مع كمية ضئيلة جداً من المعادن، مما يجعل اكتشافها صعباً للغاية ويتطلب فرقاً متخصصة وأجهزة حديثة ذات قدرة عالية على التقاط الإشارات".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أولوية قصوى
وفي السياق ذاته، أعرب الناشط في مجال حماية الأطفال معاوية حارن، عن أسفه لأن تكون شريحة الأطفال هي الأكثر تأثراً بمشكلة مخلفات الحرب من مقذوفات وذخائر غير منفجرة، كثيراً ما يظنها الأطفال مجرد ألعاب يعبثون بها، فتنفجر بهم، وأحياناً يجلبونها معهم إلى المنازل غير مدركين بخطورتها وما يمكن أن تسببه من أضرار، إذ ليس لديهم الإدراك الكافي لتأثير المخلفات الحربية فيهم".
ونوه بأن "أولوية السلطات في المدن والمناطق التي جرى تحريرها من قبضة قوات 'الدعم السريع' ينبغي أن تكون محصورة بتطهير وإزالة المخلفات، بخاصة الخرطوم والجزيرة، حيث يتجاوز عدد السكان 17 مليون نسمة".
وأشار حارن إلى أن "التقاعس في إزالة الأجسام غير المتفجرة يعني ببساطة القضاء على أي مستقبل أمام من بقي على قيد الحياة من أطفال السودان الذين يشكلون 40 في المئة من تعداد سكان البلاد البالغ أكثر من 45 مليون نسمة، وفق آخر إحصاء رسمي".
ولفت الناشط في مجال حماية الأطفال إلى أن "اليافعين العالقين في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار معرضون لخطر مخلفات المقذوفات غير المتفجرة الناتجة من الحرب وسط الأحياء السكنية، ومن ثم يجب على السلطات والمنظمات المعنية التعامل الفوري معها بالسرعة المطلوبة".
تعقيدات وأخطار
على نحو متصل، قال المسؤول في "مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الألغام" في السودان معتز عبدالقيوم لـ"اندبندنت عربية"، إن "عمليات إزالة المخلفات الحربية والأجسام غير المتفجرة مكلفة وطويلة، وإجراءات التدقيق والبحث تستغرق فترة زمنية طويلة قد تطرأ خلالها أحداث مؤسفة قد تترافق وعودة السكان بكثافة إلى أحياء الخرطوم المختلفة".
وأضاف أن "تنفيذ العمليات يحتاج إلى 10 فرق وسيكتمل العمل خلال أربعة أعوام، لأن المناطق التي تشهد زرع المخلفات في الخرطوم يجري اكتشافها بصورة دورية كل 60 يوماً".
وما يزيد الوضع تعقيداً، وفق عبدالقيوم، أن عمليات زرع الألغام في ولاية الخرطوم على وجه التحديد جرت بصورة عشوائية ومن دون أي خرائط أو ترك أي دليل على مناطق وجودها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
قتيلان في هجوم بمسيرة استهدف احتفالا عسكريا وسط السودان
قُتل ما لا يقل عن شخصين أحدهما طفل أمس الأربعاء في هجوم بمسيرة استهدف بلدة تمبول السودانية الواقعة جنوب شرق الخرطوم خلال احتفال عسكري، حسبما أفاد مصدر طبي وكالة الصحافة الفرنسية. ولم يصدر أي تعليق من الجيش أو قوات الدعم السريع على الهجوم، الذي يُعد الأول من نوعه في وسط البلاد منذ أشهر. ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب العام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". وقد أسفر هذا الصراع عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين. والأربعاء، قال مصدر في مستشفى تمبول إنّ "شخصين قُتلا وأصيب آخرون في انفجار ناجم عن طائرة مسيّرة"، مضيفاً أنّ أحد الضحايا "طفل يبلغ من العمر 11 سنة". وطلب المصدر عدم الكشف عن هويته من أجل سلامته، لا سيما أنّ العاملين في مجال الرعاية الصحية يُستهدفون بشكل متكرّر منذ بداية الحرب. وقال أحد سكان تمبول إن "حالة من الهرج" سادت أمس الأربعاء، بعدما "تجمّع مئات" الأشخاض لحضور احتفال لمناسبة عيد الجيش، مشيراً إلى "انطلاق المضادات" الجوية. وخلال الأشهر الأخيرة، اتُهمت قوات الدعم السريع بشنّ هجمات بمسيّرات على مناطق شاسعة يسيطر عليها الجيش، مستهدفة البنية التحتية المدنية ومتسببة في انقطاع التيار الكهربائي الذي أثر على ملايين السكان. وتشهد ولاية الجزيرة هدوءا نسبيا منذ استعادتها من قوات الدعم السريع في يناير (كانون الثاني)، في هجوم مضاد شهد استعادة الخرطوم في مارس (آذار). ووفقاً للأمم المتحدة، عاد ما يقرب من مليون شخص إلى منازلهم مستفيدين من الهدوء النسبي في الولاية منذ يناير (كانون الثاني). اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكان من المتوقع أن يحضر احتفال الأربعاء في تمبول أبو عاقلة كيكل قائد "قوات درع السودان" المتحالفة حالياً مع الجيش، والتي اتُهمت بارتكاب فظائع أثناء قتالها إلى جانب طرفي النزاع. وكيكل الحليف السابق لقوات الدعم السريع، انشق وانضم إلى الجيش العام الماضي، وساهم في استعادة ولاية الجزيرة التي تضم تمبول. وتسببت الحرب التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" في انقسام البلاد بحكم الأمر الواقع بين المتحاربين، إذ يسيطر الجيش على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات الدعم السريع على كل دارفور تقريبا وأجزاء من الجنوب. يأتي الهجوم في تمبول غداة لقاء سري في سويسرا بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان والمبعوث الأميركي لشؤون أفريقيا مسعد بولس، حسب مصادر حكومية سودانية. وتناول اللقاء مقترح سلام أميركيا، علما أن جهود الوساطة السابقة التي قادتها واشنطن والرياض فشلت في وقف إطلاق النار. واتُّهمت قوات الدعم السريع بارتكاب تطهير عرقي في دارفور، حيث شنّت في وقت سابق من هذا الأسبوع هجوماً على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي المدينة الكبرى الوحيدة في المنطقة التي لا تخضع لسيطرتها. والأربعاء، دانت الأمم المتحدة الهجمات الدامية التي أسفرت عن مقتل 57 مدنياً. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك "نشهد بأسف شديد مرة أخرى فظائع لا تُطاق ترتكب بحق المدنيين في الفاشر حيث يعيشون منذ أكثر من عام تحت الحصار والهجمات المتواصلة والظروف الإنسانية الكارثية". وأضاف "مرة أخرى، أُحذّر من خطر الاضطهاد بدوافع عرقية في ظلّ محاولات قوات الدعم السريع السيطرة على الفاشر ومخيم أبو شوك". والإثنين، هاجمت قوات الدعم السريع مخيم أبو شوك وفتحت النار على المدنيين وفقا لخلية الطوارئ في المخيم، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 مدنيا وإصابة 19 آخرين على الأقل. وأكدت الأمم المتحدة صحة الحصيلة، مضيفة أنّ 17 مدنيا آخرين قُتلوا في أماكن أخرى، ومشيرة إلى أنّها "تتابع معلومات عن حالات إعدام" نازحين في المخيم.


الشرق الأوسط
منذ 16 ساعات
- الشرق الأوسط
مسيّرات تستهدف احتفالاً بعيد الجيش في وسط السودان
استهدفت مسيّرات بلدة تمبول السودانية في جنوب شرق العاصمة الخرطوم اليوم (الأربعاء) أثناء احتفال أقامه الجيش، وفق ما أفاد شاهدان «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال شاهد عيان من بلدة تمبول في شرق ولاية الجزيرة: «أثناء تجمع المئات في ميدان الاحتفال سمعت صوت محرك، انطلقت المضادات وحدثت حالة من الهرج». ولم ترد أي تقارير بعد عن سقوط ضحايا. كما لم تصدر أي تعليقات عن الجيش أو «قوات الدعم السريع» على الضربة التي تعد الأولى في المنطقة منذ شهور. وبقيت ولاية الجزيرة حيث تقع تمبول هادئة نسبيا منذ استعادها الجيش السوداني من «الدعم السريع» في يناير (كانون الثاني). وأدت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ اندلاعها في أبريل (نيسان) 2023 إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتسببت بأكبر أزمة جوع ونزوح في العالم. وبحسب الأمم المتحدة، عاد حوالى مليون شخص إلى منازلهم في الجزيرة بعد عملية الجيش العسكرية في وسط السودان هذا العام والتي استعاد السيطرة بموجبها على الخرطوم في مارس (آذار). وكان من المقرر أن يحضر قائد «قوات درع السودان» المتحالفة مع الجيش أبوعاقلة كيكل الاحتفال. وانشق كيكل عن صفوف «قوات الدعم السريع» وانضم إلى الجيش العام الماضي. واتُّهم من طرفي النزاع بارتكاب فظاعات. وبات الجيش حاليا يسيطر على وسط السودان وشماله وشرقه، فيما تخضع مناطق الغرب بأكملها تقريبا وأجزاء من الجنوب لسيطرة «قوات الدعم السريع».


Independent عربية
منذ 18 ساعات
- Independent عربية
مخلفات الحرب غير المتفجرة عدو يستهدف أطفال السودان
على رغم خفت أصوات الرصاص ودوي القذائف في العاصمة السودانية بمدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، وكذلك ولايات الجزيرة وسنار وسنجة، لا تزال التهديدات تلاحق السكان العالقين والآتين من مناطق النزوح واللجوء، بخاصة بعد تزايد أعداد ضحايا مخلفات الحرب، إذ حصدت الذخائر غير المنفجرة أرواح مئات الأطفال، فضلاً عن آلاف الإصابات وحوادث الانفجار التي تتكرر فصولها بصورة لافتة بين البيوت المدمرة. وتتزايد مخاوف سكان الولايات التي جرى تحريرها من قبضة قوات "الدعم السريع" من أخطار تهدد حياة أطفالهم بخروجهم للعب أو العبث بمخلفات الحرب، نتيجة عدم اكتشاف مواقع أخرى للأجسام الغريبة القابلة للانفجار، التي تكون في الغالب مدفونة أرضاً أو مبعثرة على امتداد مساحات شاسعة، لا سيما أنها تصنع على أشكال أغراض أو أشياء لا تبدو أنها خطرة. ألغام مصنوعة من البلاستيك يكون اكتشافها صعباً للغاية ويتطلب فرقاً متخصصة وأجهزة حديثة (اندبندنت عربية - حسن حامد) حوادث وضحايا بحسب المجلس القومي لرعاية الطفولة السوداني، فإن أكثر من 15 ألف طفل أصيبوا بسبب الأجسام المتفجرة في مناطق النزاع. وتشهد ولايات عدة انفجارات يومية تقتل وتبتر أطراف الأطفال حتى في المدن التي حررها الجيش السوداني من قبضة "الدعم السريع"، وأسفر انفجار مقذوف مدفعي كبير داخل إحدى المدارس في قرية الغبشة شرق مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، عن سقوط ثلاث ضحايا وتسعة جرحى. وفي مدينة الأبيض عاصمة الولاية تسبب انفجار مقذوف سلاح بوفاة طفل وإصابة ثلاثة آخرين. وفي شمال أم درمان شكا مواطنون من وجود نفايات حربية جرى تفريغها من قبل مجهولين غرب الحارة (80) بينها ذخائر متنوعة غير منفجرة تسببت في بتر أصابع يد طفل حاول العبث ببعضها. مأساة طفل في مدينة أم درمان يرقد مؤزر منذر (15 سنة) بلا حراك على سريره بمنزل الأسرة التي عادت من رحلة النزوح في ولاية الجزيرة منذ أربعة أشهر، إذ فقد أجزاء من أطرافه نتيجة انفجار جسم متفجر. بسبب الحادثة بتر جزء من كفه، وقطعت أجزاء من أصبعيه السبابة والوسطى من يده اليمنى، وأصيبت قدمه اليمني بكسور وجروح عميقة، وتكسرت عظام اليسرى وقطع شريانها، ولا يزال ينتظر إجراء ثلاث عمليات جراحية إضافية. كشف المركز القومي لمكافحة الألغام عن ثلاثة حقول ألغام محرمة دولياً في منطقة المقرن وغابة السنط جنوب غربي الخرطوم (اندبندنت عربية - حسن حامد) تقول والدته ليلى "بعد رحلة النزوح في ولاية الجزيرة، عدنا إلى منزلنا بمدينة توتي بالخرطوم، وجدنا أن جدار المنزل تعرض للهدم من قبل قوات 'الدعم السريع' بهدف نهب وسلب العربات ذات العجلات الثلاث (ركشات)، فقررنا ترميمه، وخرج مؤزر ليساعد في إعادة البناء، وفور جلوسه على كرسي في ساحة المنزل، انفجر الجسم المتفجر من تحته". وأضافت "حين حدث الانفجار ظننت أن طائرة مسيرة استهدفت الحي، لكنني فوجئت بزوجي يحمل ابني وهو يصرخ، كان مشهداً مروعاً، وعلى وجه السرعة نقلناه إلى مستشفى السلاح الطبي، ومنه إلى مستشفى أم درمان، وبقينا هناك فترة شهرين". ألغام محرمة إلى ذلك كشف المركز القومي لمكافحة الألغام عن ثلاثة حقول ألغام مضادة للإنسان محرمة دولياً في منطقة المقرن وغابة السنط جنوب غربي الخرطوم، زرعتها المجموعات المسلحة خلال المعارك التي كانت دائرة في العاصمة. وعد مدير المركز اللواء خالد حمدان أن "قيام الميليشيات بزرع مثل هذه الألغام يشكل إضافة خطرة لسلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها خلال الحرب الحالية، مما يتنافى مع الاتفاقات والمعاهدات الدولية". وأشار إلى أن "اتفاق أوتاوا يحظر استخدام وتصنيع ونقل الألغام المضادة للأفراد، المخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، ويعد السودان من أوائل الدول المنضمة إليه". وأضاف حمدان أن "هذه الألغام شديدة الخطورة كونها مصنوعة من البلاستيك مع كمية ضئيلة جداً من المعادن، مما يجعل اكتشافها صعباً للغاية ويتطلب فرقاً متخصصة وأجهزة حديثة ذات قدرة عالية على التقاط الإشارات". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أولوية قصوى وفي السياق ذاته، أعرب الناشط في مجال حماية الأطفال معاوية حارن، عن أسفه لأن تكون شريحة الأطفال هي الأكثر تأثراً بمشكلة مخلفات الحرب من مقذوفات وذخائر غير منفجرة، كثيراً ما يظنها الأطفال مجرد ألعاب يعبثون بها، فتنفجر بهم، وأحياناً يجلبونها معهم إلى المنازل غير مدركين بخطورتها وما يمكن أن تسببه من أضرار، إذ ليس لديهم الإدراك الكافي لتأثير المخلفات الحربية فيهم". ونوه بأن "أولوية السلطات في المدن والمناطق التي جرى تحريرها من قبضة قوات 'الدعم السريع' ينبغي أن تكون محصورة بتطهير وإزالة المخلفات، بخاصة الخرطوم والجزيرة، حيث يتجاوز عدد السكان 17 مليون نسمة". وأشار حارن إلى أن "التقاعس في إزالة الأجسام غير المتفجرة يعني ببساطة القضاء على أي مستقبل أمام من بقي على قيد الحياة من أطفال السودان الذين يشكلون 40 في المئة من تعداد سكان البلاد البالغ أكثر من 45 مليون نسمة، وفق آخر إحصاء رسمي". ولفت الناشط في مجال حماية الأطفال إلى أن "اليافعين العالقين في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار معرضون لخطر مخلفات المقذوفات غير المتفجرة الناتجة من الحرب وسط الأحياء السكنية، ومن ثم يجب على السلطات والمنظمات المعنية التعامل الفوري معها بالسرعة المطلوبة". تعقيدات وأخطار على نحو متصل، قال المسؤول في "مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الألغام" في السودان معتز عبدالقيوم لـ"اندبندنت عربية"، إن "عمليات إزالة المخلفات الحربية والأجسام غير المتفجرة مكلفة وطويلة، وإجراءات التدقيق والبحث تستغرق فترة زمنية طويلة قد تطرأ خلالها أحداث مؤسفة قد تترافق وعودة السكان بكثافة إلى أحياء الخرطوم المختلفة". وأضاف أن "تنفيذ العمليات يحتاج إلى 10 فرق وسيكتمل العمل خلال أربعة أعوام، لأن المناطق التي تشهد زرع المخلفات في الخرطوم يجري اكتشافها بصورة دورية كل 60 يوماً". وما يزيد الوضع تعقيداً، وفق عبدالقيوم، أن عمليات زرع الألغام في ولاية الخرطوم على وجه التحديد جرت بصورة عشوائية ومن دون أي خرائط أو ترك أي دليل على مناطق وجودها.