
منظومة الدعاية الإسرائيلية تخفق في التغطية على الإبادة في غزة
على الرغم من رصدها موارد هائلة لماكينتها الدعائية التي تمارس من خلالها التضليل على العالم، بما يكفل ضخ مزيد من الوقود في محركات طائراتها الحربية لمواصلة الاحتلال والإبادة في قطاع غزة المحاصر، ادعى موقع "واينت" العبري أنه ثبت اليوم أنه "لا توجد لدى
إسرائيل
منظومة شرح ودعاية"، رابطاً الأمر بتصدّر
مذبحة المجوّعين
جنوبي القطاع صباح اليوم عناوين وسائل الإعلام الأجنبيّة.
وفي حين أسفرت المذبحة التي دارت وقائعها عند مركز توزيع المساعدات الأميركي-الإسرائيلي في رفح، عن استشهاد وجرح مئتي فلسطيني، اختصر الموقع ما حدث بـ"مقتل 26 مواطناً"، وما سبق انتشر كالنار في الهشيم في غضون دقائق قليلة ليغزو الشبكات العالمية، في وقتٍ "احتفظت إسرائيل بالصمت". وحين ردّت أخيراً "اتضح أن الأوان قد فات، وتحددت السردية". والسبب وراء صمت إسرائيل عزاه الموقع إلى "حقيقة مثيرة للقلق"، مفادها بأن "إسرائيل ومنذ أكثر من سنة تفتقر لرئيس لجهاز الدعاية الوطني، منذ استقالة موشيك أفيف". فمنذ مغادرة الأخير المنصب، لم يعيّن مكتب رئيس الحكومة،
بنيامين نتنياهو
الصورة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولد في يافا عام 1949، تولى منصب رئاسة الوزراء أكثر من مرة، منذ 1996، وعرف بتأييده للتوسع في المستوطنات، ودعم حركة المهاجرين الروس، وتشدده تجاه الفلسطينيين. وشارك في العديد من الحروب والعمليات العسكرية التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأثناء رئاسته للوزراء شن 6 حروب على قطاع غزة بين عامي 2012 و2023.
، مسؤلاً يخلفه، فيما الأجهزة الأمنيّة "لا يوجد فيها مسؤول واحد يقود خطاً إعلامياً واضحاً".
إعلام وحريات
التحديثات الحية
الدعاية الإسرائيلية ستنفق 150 مليون دولار ضد غزة في 2025
أمّا رئيس الأركان، إيال زامير، الذي تولى منصبه في ذروة الحرب على غزة "فلا يظهر في وسائل الإعلام، ولا يتواصل مع الجمهور سواء باللغة الإنكليزية أو العبرية". ولا يختلف حال المتحدث باسم الجيش، آفي دفرين، الذي لا يُشاهد تقريباً، فيما الوزراء أنفسهم "يتساءلون أين الدعاية الإسرائيلية"، وفقاً للموقع.
وعلى ما يبدو، فإن رئيس الحكومة الأسبق،
نفتالي بينت
، الذي يسن أسنانه للعودة إلى المشهد السياسي، كان الصوت الأبرز صباح اليوم الأحد، ضد أداء الحكومة؛ إذ كتب في منشور له على منصة إكس أنه "لا توجد دعاية لإسرائيل. العمل لا يُدار". وتابع مهاجماً الحكومة: "الإعلام العالمي يقحم إسرائيل وينسب لها المذبحة التي لم تحدث"، عاداً ذلك "أحد الإخفاقات الكبيرة للحكومة خلال هذه الحرب. والنتيجة انهيار سياسي وحظر خطير. لا يمكن الاستهانة بأهمية الدعاية. الفشل ببساطة صادم".
بحسب بينت، الذي يتصدّر منذ زمن استطلاعات الرأي الانتخابية في إسرائيل، فإنه "على مدار أربع ساعات ألقت وسائل الإعلام مسؤولية المذبحة على الجيش بصفته من نفذها للوهلة الأولى. وفقط الآن، بدأ النفي بالصدور. لم تكن ثمة مذبحة وحتى أن الجيش لم يطلق النار. يدور الحديث حول إطلاق شركة الحراسة الأميركية النار، وتحديداً القنابل الدخانية بهدف تفريق (المواطنين)"، على حد زعمه.
وبعد ظهر اليوم، نشر "صندوق غزة الإنساني"- أو الشركة الوهمية التي أقامتها إسرائيل للتحكم بالفلسطينيين من خلال السيطرة على حقهم الطبيعي بالحصول على الغذاء، ما قال إنه توثيق من كاميرات المراقبة الأمنية في مركز توزيع المساعدات، وفيه لم تظهر أيّة أحداث خارجة عن المألوف. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين وثّقوا إطلاق النار بالصوت والصورة وكل من وصل إلى المستشفيات عقب المذبحة كان بحسب وزارة الصحة الفلسطينية مصاباً بطلق في الجزء العلوي من الجسد وخصوصاً الصدر والرأس، فإن الصندوق وفي بيان رسمي صدر عنه، زعم أنه "لم يكن ثمة إطلاق للنار في أي مركز أو في محيطه القريب".
قضايا وناس
التحديثات الحية
فاجعة عائلة النجار إسرائيلياً... مجرد طنين ذبابة
أمّا بالنسبة للتقارير الفلسطينية حول القصف الذي شنّته الطائرات على ما تبقى من المباني المتداعية في حارات غزّة وخانيونس، والذي تسبب بمذبحة هو الآخر، فقد أنكرته إسرائيل، وفي رأي الموقع فإن توقيت الإنكار سواء من جانب إسرائيل، أم الصندوق "كان متأخراً".
التدهور الذي لحق بالدعاية الإسرائيلية، ربطه الموقع أيضاً بإقالة مكتب نتنياهو لأيالون ليفي، الذي كان يُشاد به باعتباره خطيباً فصيحاً في ساحة دولية "مُعادية"، واستبدله بأشخاص وُصفوا بـ"الشاحبين"، بحسب الموقع، الذي لفت إلى أن ليفي كان يُعتبر من أفضل المتحدثين الرسميين في منظومة الدعاية، ويُنظر إلى إنهاء خدمته حتى من المنظومة نفسها على أنه خطوة "أضرت بالقدرة الدعائية لإسرائيل في خضم الحرب".
طبقاً للموقع، فإن الأزمة التي تعانيها إسرائيل على مستوى الدعاية تنعكس أيضاً بغياب شبه تام للمتحدثين باسمها عن الشاشات العالمية - وعندما يظهرون، كما في حالة السفيرة الإسرائيلية لدى بريطانيا، تسيبي حوتوفلي، التي واجهت بيرس مورغان، والذي كان في السابق أحد قادة الخط المؤيد لإسرائيل وأصبح ناقداً لاذعاً لها، فإن ذلك لا يحدث إلا بعد إلحاق ضرر بالغ بإسرائيل ودعايتها. واليوم، بحسب الموقع "اتضح مجدداً: من دون منظومة دعاية فعّالة، حتّى مع وجود مقاطع فيديو وحقائق، تتأخر إسرائيل في التعليق، إن علّقت أصلاً".
وتكرر ذلك في عدة مجازر، أهمها إعدام المُسعفين في رفح، حيث تصدّرت المجزرة وسائل الإعلام العالمية التي حمّلت إسرائيل المسؤولية، والتي احتفظت بدورها بالصمت. وعلى خلفية هذه المجزرة، تقرر إقصاء نائب قائد سريّة في لواء غولاني، وتوجيه ملاحظة قيادية لقائد اللواء 14، ومع ذلك "ظلت وسائل الإعلام العالمية تردد مصطلح الإعدام، وحتّى أنها ادعت أن المسعفين وعمّال الدفاع المدني كُبّلوا قبل إطلاق النار عليهم". وتابع الموقع، مستنداً إلى تحقيق الجيش وكأنه الحقيقة المطلقة لما جرى، والذي ادعى فيه أنه حدثت "عدة إخفاقات"، بالإضافة إلى "انتهاكات للأوامر وعدم الإبلاغ الكامل عن الحادث". وزعم أن جنوده "لم يعدموا المسعفين".
وادعى الموقع أن إسرائيل أيضاً لم تعرف كيف تتصرف في جريمة
قتل أطفال الطبيبة آلاء النجار التسعة
، وزوجها الطبيب حمدي الذي استشهد أمس متأثراً بإصابته البالغة؛ حيث تصدّرت هذه الجريمة وسائل الإعلام العالمية. ورأى الموقع أن انعدام الردود والتعليقات من جانب إسرائيل في هذه الفترة "ليس إخفاقاً دعائياً فحسب، وإنما من شأنه التسبب بضرر سياسي كبير". وبحسب ما نقله الموقع عن مسؤولين سياسيين في إسرائيل فإنه "عندما يُشاهد المستشار الألماني (فريدريش ميرز)، أو المشرعون في الكونغرس الأحداث في غزة، ولا يسمعون أقوال إسرائيل وتوضحياتها بشأن ما حصل، فإن الأمر يتسبب في تدهور إضافي للمكانة المهتزّة أصلاً لإسرائيل".
وبحسب المسؤولين أنفسهم، فإن ما حصل والصمت الإسرائيلي المحيط به "قد يُشكّلان نقطة تحول في الحرب"، محذّرين من أن "الشرعية العالمية الممنوحة لعمليات الجيش قد تنتهي، واستمرار القتال قد يؤدي في المدى المنظور إلى عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية، وربما حتى إلى قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف القتال".
من جهتها، تحاول وزارة الخارجية الإسرائيلية بالفعل وقف تدفق الصور المروعة من غزة، لكن "المحاولة متأخرة عاما ونصفا". ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، ومع انضمام وزير الخارجية جدعون ساعر إلى الائتلاف، صدّقت الحكومة بالإجماع على تخصيص 545 مليون شيكل للدعاية الإسرائيلية حول العالم لعام 2025. ثم خُفِّض المبلغ إلى 532 مليون شيكل، ولم تبدأ الميزانيات بالتدفق إلى وزارة الخارجية إلا قبل شهر. وبسبب هذا التأخير، "لم يُستخدَم حتى الآن سوى 60 مليون شيكل".
إلى ذلك، صرحت وزارة الخارجية بأن تحويل الميزانيات في مراحله الأولية، وقد بدأ يؤتي ثماره بالفعل: "منذ بداية عام 2025، انتقلت وزارة الخارجية إلى أسلوب النشاط الهجومي. خلال الأسبوع الماضي، أجرى ممثلو وزارة الخارجية أكثر من 130 مقابلة مع وسائل إعلام حول العالم، ومنذ بداية عام 2025، عُقدت أكثر من 25 إحاطة ومؤتمراً صحافياً في مقر وزارة الخارجية بالقدس لوسائل الإعلام الأجنبية". وأكّدت أنه "يُعقد مؤتمر صحافي واحد على الأقل أسبوعياً لوسائل الإعلام الرائدة في العالم، وأحياناً تُعقد عدة مؤتمرات صحافية في الأسبوع الواحد. وللمقارنة، عُقدت أربعة مؤتمرات صحافية فقط في عام 2024، وفي عام 2023، لم تُعقد أي مؤتمرات صحافية في وزارة الخارجية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
خبراء أمميون يطالبون بتوفير 'ممر آمن' لسفينة مادلين.. وأسطول الحرية يحذر إسرائيل من استهدافها- (فيديو)
تونس – 'القدس العربي': دعا خبراء الأمم المتحدة، الاثنين، إلى توفير ممر آمن لسفينة تحالف أسطول الحرية 'مادلين' التي تحمل انطلقت الأحد من سواحل جزيرة صقليا الإيطالية، وتحمل نشطاء من مختلف دول العالم، فضلا عن مساعدات طبية أساسية وأغذية ولوازم أطفال إلى غزة. وقال الخبراء، في بيان على موقع الأمم المتحدة، 'إن شعب غزة في أمسّ الحاجة إلى المساعدة لمنع الإبادة، وهذه المبادرة جهد رمزي وقوي لتقديمها. على إسرائيل أن تتذكر أن العالم يراقب عن كثب، وأن تمتنع عن أي عمل عدائي ضد تحالف أسطول الحرية وركابه'. وأضاف البيان: 'لشعب غزة الحق في تلقي المساعدات عبر مياهه الإقليمية حتى في ظل الاحتلال، ولسفينة التحالف الحق في المرور بحرية في المياه الدولية للوصول إلى سكان غزة. ويجب على إسرائيل ألا تتدخل في حرية الملاحة، المعترف بها منذ زمن طويل بموجب القانون الدولي'. كما أعربوا عن قلقهم البالغ على سلامة المشاركين في أسطول الحرية، في ظل الهجمات الإسرائيلية العنيفة المتكررة على المدافعين عن حقوق الإنسان والبعثات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والبعثات المدنية. وتحمل السفينة على متنها 12 شخصية دولية معروفة، على غرار الناشطة السويدية في مجال المناخ، غريتا ثونبرغ، والبرلمانية الأوروبية الفرنسية- الفلسطينية ريما حسن، والفنان والمخرج الهولندي ليام كونينغهام، والعقيد المتقاعد من الجيش الأمريكي، ماري آن رايت، والناشطة اليهودية زوهار تشامبرلين ريجيف، وغيرهم. يذكر أن تحالف أسطول الحرية أرسل سفينة مماثلة (الضمير) في أوائل أيار/مايو، وتعرضت للقصف بمسيرة إسرائيلية قبالة سواحل مالطا. وكان عدد من مشاهير العالم انضموا للحملة الإلكترونية التي أطلقها التحالف وتهدف لإرسال خطابات تحذيرية لدولة الاحتلال، وذلك لضمان عدم استهداف السفينة أو المتطوعين على متنها. كما حمّل التحالف إسرائيل مسؤولية أي ضرر يلحق بالطاقم أو السفينة، مؤكدا أن 'مادلين' لا تشكل أي تهديد، فهي 'تُبحر ملتزمةً التزاماً كاملاً بالقانون الدولي. أي هجوم أو تدخل يُعدّ اعتداءً متعمداً وغير قانوني على المدنيين'. فيما دعا زاهر بيراوي – رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار والعضو المؤسس في تحالف أسطول الحرية الدول التي لها رعايا على متن السفينة إلى القيام بواجبها لضمان الحفاظ على أمن وسلامة المشاركين. وكان عضو الكونغرس الأمريكي ليندسي غراهام نشر على حسابه على منصة إكس صورة السفينة مادلين وتظهر فيها الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، وعلق ساخرا: 'أتمنى أن تكون غريتا وأصدقاؤها يتقنون السباحة'. وقال بيراوي لـ'القدس العربي' إن 'التحريض المباشر وغير المباشر من قبل المتطرفين في الكونغرس الأمريكي أمثال ليندسي غراهام سيجعلهم شركاء في الجريمة في حال تعرض السفينة لأي خطر أو هجوم من دولة الاحتلال'. وكان جيش الاحتلال أكد، الاثنين، أنه يستعد لعدة سيناريوهات، لم يحددها، للتعامل مع سفينة 'مادلين'، مؤكدا مواصلا حصاره البحري لسواحل غزة.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
الكاميرون تتصدّر قائمة أزمات النزوح الأكثر إهمالاً لسنة 2024
تصدّرت الكاميرون عام 2024 قائمة تضمّ الدول التي تواجه أكثر أزمات النزوح إهمالاً في العالم، بعدما كانت بوركينا فاسو تحتل المرتبة الأولى سنة 2023 في التصنيف الذي يضعه المجلس النرويجي للاجئين. وتنشر هذه المنظمة غير الحكومية الاسكندنافية قائمة سنوية تضمّ عشر أزمات نزوح "مهملة"، بناء على ثلاثة معايير، هي "نقص التمويل الإنساني وقلة التغطية الإعلامية وغياب التفاعل السياسي الفعّال لوضع حدّ للنزاع وتحسين أوضاع النازحين ". وأشار المجلس إلى أن "الكاميرون لطالما كانت ضمن المراتب العليا في القائمة، ولا تزال تعاني من ثلاث أزمات مزمنة ومتفشية أدت إلى نزوح مئات الآلاف"، مضيفا "إنها مثال حي على الإهمال العالمي: دبلوماسية شبه غائبة، وتمويل ضئيل، وتغطية إعلامية شبه معدومة. ونادرا ما تم ذكر أزمة النزوح في الكاميرون في وسائل الإعلام العالمية، ما جعل معاناة المتأثرين بالنزاع والنزوح غير مرئية للكثيرين". وجاءت إثيوبيا في المرتبة الثانية، وهو أعلى مركز تصل إليه على الإطلاق في هذه القائمة، بينما حلّت موزمبيق في المرتبة الثالثة لأول مرة. أما بوركينا فاسو التي تصدرت القائمة في العامين الماضيين، فاحتلت المركز الرابع. وجاءت جمهورية الكونغو الديمقراطية في المرتبة الثامنة بعد أن كانت في المراتب الثلاث الأولى منذ بدء إصدار هذه التقارير. وقال المجلس إنّ "هذه التغيرات لا تعكس تحسنا حقيقيا، بل تسلط الضوء على حقيقة قاسية: كل الأزمات الإنسانية طويلة الأمد تقريبا أصبحت الآن مهملة"، مشيرا إلى أن "الفجوة بين ما كان مطلوبا لتلبية الاحتياجات الإنسانية في عام 2024 وما تم توفيره بلغت 25 مليار دولار أميركي، ما يعني أن أكثر من نصف الاحتياجات لم تتم تلبيتها. وهذا الرقم كبير، لكنه يعادل نحو 1% فقط مما أنفقه العالم على الدفاع في عام 2024". وقال الأمين العام للمجلس يان إيغلاند "لقد طغت السياسات الانعزالية والقومية بشكل متزايد في الدول المانحة، التي كانت كريمة في السابق، على روح التضامن الدولي. وهذا يزيد من إهمال المتضررين من الأزمات والنزوح في وقت بلغ فيه عدد المهجّرين من منازلهم رقما قياسيا. لقد شاهدنا كيف أدارت الدول المانحة في أوروبا، والولايات المتحدة، وأماكن أخرى، ظهرها للناس في أشد لحظاتهم احتياجاً". وأضاف "من الضروري ألا نتعامل مع انسحاب المانحين من تقديم المساعدات باعتباره أمراً محتوماً. النزوح ليس أزمة بعيدة، إنه مسؤولية مشتركة. علينا أن نقف ونطالب بوقف التخفيضات القاسية في المساعدات التي تودي بحياة المزيد من الناس كل يوم". لجوء واغتراب التحديثات الحية إدارة ترامب تنهي وضع الحماية لآلاف المهاجرين الأفغان والكاميرونيين وجمّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، المساعدات الخارجية الأميركية وحلّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، التي كانت تدير ميزانية سنوية قدرها 42.8 مليار دولار، أي ما يُمثل 42% من المساعدات الإنسانية العالمية. (فرانس برس)

العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
في "التنوير" السوري
أن تتعلّق أولى اتفاقيات الاستثمار في سورية مع شركات عالمية كبرى، وبقيمة سبعة مليارات دولار، بالكهرباء والطاقة الشمسية، كما عوين بمراسم توقيعها في 28 الشهر الماضي (مايو/ أيار) في قصر الشعب في دمشق، وبحضور الرئيس أحمد الشرع، قد يجيز الاستعانة بمجازات التعبير والإنشاء، لإنعاش حالةٍ من التفاؤل تبقى سورية في أمسّ الحاجة إليها، فبالإضافة إلى ما تلبّيه هذه الاتفاقيات من احتياجاتٍ واسعةٍ من الكهرباء والطاقة لتشغيل مصانع ومرافق ومنشآت عديدة، فإنها توفّر إنارة في الطرق والمنازل، فضلاً عن "خدماتٍ" أخرى عديدة تيسّرها الكهرباء للناس أينما كانوا. وفي الوُسع، هنا، أن يُرى الأمر، على نحوٍ مجازيٍّ مواز، كأن يُؤتى على إحالةٍ إلى شديد الحاجة في سورية لإنارة طرقٍ أخرى، طرق المجتمع، في عمومه، في وجهته إلى إعادة بناء بلده، وإلى تشكيل مؤسّساتٍ سورية الجديدة، من قبيل أن يكون التنوير عماد العمل العام، الثقافي والسياسي والاجتماعي، والمنطلق الذي تصدُر عنه مختلف المقاربات في التعليم والتأهيل والتخطيط والإدارة والتسيير. أما عن كيفيات هذا الأمر، والخروج به من مستوى التنظير إلى الأداء والفعل، فأهل مكّة أدرى بشعابها، ولا حاجة لأدمغةٍ وكفاءاتٍ سورية بلا عدد، في بلدها وخارجه، إلى وعظيّاتٍ من صاحب هذه الكلمات. ولئن اشتغل فلاسفة ومفكّرون كثيراً على مفهوم التنوير، فإن الذي يعنينا، في النهاية، أن نغادر العرَج إياه عند "تنويريين" عربٍ غير قليلين، عندما قصروه على مستوى الخطاب الديني، وصعّدوا ضد "الإسلام السياسي" بالمطلق، فراحوا يطنبون في الحديث عن "الاستبداد الديني"، بحقٍّ وبغير حقّ، وأغمضوا عيونهم الحوْلاء عن الاستبداد السياسي، فصمتوا عن انقلابيين دكتاتوريين في المنطقة العربية، وخرسوا عن شناعات بشّار الأسد المشهودة. ولئن نفض السوريون عنهم وعن بلدهم استبداد آل الأسد فهذا يجعلهم في يقظةٍ دائمةٍ ضد أي محاولة من أي سلطة، راهنة أو مقبلة، باتجاه الحدّ من الحرّيات، وتزبيط قوانين تنظم أصنافاً وألواناً من التسلّط على المجال العام. وهذا النقاش الواسع الذي يخوض فيه السوريون، وفيه النقد والنقد المضاد، ومطارحاتٌ تعاكس المسار الذي يمضي فيه وإليه الحكم القائم، ومطارحاتٌ أخرى تتعامل مع هذا الحكم بتشجيعه بعد كل خطوة إيجابية، وانتقاده بعد كل قرار يرى سلباً، هذا النقاش يؤشّر إلى مشهد يتصف بمقادير ظاهرة من الحيوية المحمودة، وإن ثمّة ملاحظة هنا أو هناك. البادي، في الأول والأخير، أن العموم السوري غادر التحديق في هيئة تحرير الشام وأرشيفها، وجبهة النصرة وما كانت عليه، وهم يُعاينون أداء السلطة القائمة، الانتقالية كما يجب التذكير والتشديد، فأولوية الأولويات لدى المواطنين، في مدنهم وقراهم وأريافهم وبواديهم، أن تتوفّر الكهرباء وفرص العمل والتشغيل، سيّما أنهم لم يلحظوا أداءً جهادياً سلفياً (أو سلفياً جهادياً؟) في أداء الرئيس ومعاونيه وحكومته، وإنْ يشدّدوا على واجب الضرورة بأن تتمأسس قوى الأمن وقطاعات الجيش بمهنية واحترافية، فلا تضم عناصر وضبّاطاً لا تعطي الصورة المهابة لها. ... ولكن مثقفين في نخبةٍ سورية في البلاد وخارجها يُغريهم المكوث في منطقة ذلك الكلام عن السلفيات و"النصرة" و"أحرار الشام". ومع كل الحق في حرية القول لهم ولغيرهم، يحسُن أن يعرفوا أن هذه الموضوعة ليس من مشاغل السوريين، ولا من أولوياتهم واهتماماتهم، لا بدليل استطلاعات رأيٍ وتحقيقاتٍ صحفية، إنما أيضاً بالمعاينة المُشاهدة وبالبديهي الذائع. وعندما يدخل الرئيس أحمد الشرع الإليزيه في باريس ويجتمع به دونالد ترامب في الرياض، وربما يلقي كلمة سورية في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، فهذا مما يدفع إلى التخفّف من تلك الحمولات الباهظة، والتي تُثقل على نفوس الذين لم يتصوّروا أن يجلس في قصر الشعب رئيس كنيته السابقة أبو محمد الجولاني، في بلد الحداثة والتجديد في الآداب والفنون والأفكار، ويدفع من قبل ومن بعد إلى التحرّر، كلّيا كما أعتقد، من ذلك الجنوح إلى التأسّي والتأسّف، والذهاب إلى ما يعضُد تفاؤلاً ممكنا (أو مطلوباً ربما؟)، تبشّر به اتفاقياتٌ لم يسبق أن شهدت مثلها سورية، من حيث ملياراتها السبعة، خصوصاً أن بالغ أهميتها أنها في الكهرباء والطاقة، وطاقة السوريين على العمل والبناء مشجّعة دائماً، والنور في أفيائهم واعد دائماً.