
ما نعرفه عن عرب 48
وربما فإن هذه المظاهرة المستهجنة تجعلنا نسلط الضوء على فلسطينيى الداخل أو عرب ٤٨، من هم وكم عددهم وما خريطة انتشارهم الجغرافى فى فلسطين التاريخية وتوجهاتهم السياسية؟
عرب ٤٨ كانوا أغلبية وموجودين فى معظم مناطق فلسطين التاريخية قبل نكبة ١٩٤٨، وبعد قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين فقد ظل الكثير من هؤلاء الفلسطينيين فى الأراضى التى تم ضمها لإسرائيل، خصوصًا فيما يعرف بمنطقة المثلث أى الناصرة وأم الفحم والجليل. وفيها يتركز عدد كبير من الفلسطينيين، إضافة لمناطق أخرى ومنها يافا وحيفا وبالطبع فى النقب.
عرب ٤٨ أو عرب إسرائيل أو فلسطينيو الداخل يبلغ عددهم الآن نحو ٢ مليون نسمة وهو ما يعادل ٢١٪ من سكان إسرائيل، ويمثلون ١٧٪ من القوة التصويتية فى انتخابات الكنيست، ورغم ذلك ليس لديهم إلا عشرة مقاعد فى البرلمان بنسبة 8.3% لأن ٥٥٪ منهم فقط يشاركون فى الانتخابات.
البعض يعتقد أن إخوان إسرائيل يمثلون كل العرب، وهو أمر خاطئ تماما فغالبية القوى السياسية العربية فى الداخل قدمت تضحيات كثيرة فى الصراع ضد إسرائيل منذ عام ١٩٤٨، وحتى الآن، وإن كانت هذه التضحيات ليست عسكرية بالضرورة بل هى سياسية بالأساس، ومعظم هذه القوى، باستثناء الإخوان، تعرف دور وقيمة وتضحيات مصر منذ عام ١٩٤٨ وحتى هذه اللحظة.
قلة من عرب ٤٨ اندمجت تماما فى المجتمع الإسرائيلى، لكن الغالبية ما تزال تعتز بهويتها العربية، وتواجه صعوبات وهجمات وتضييقات وانتقادات دائمة من القوى والأحزاب العنصرية فى إسرائيل.
أبرز القوى السياسية الرئيسية فى عرب ١٩٤٨ هو تحالف الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير «حداش ـ تعال» ولها خمسة مقاعد فى الكنيست، وأبرز قياداتهم أحمد الطيبى من «تعال» وأيمن عودة من «حداش» أو الحزب الشيوعى وتوجهاتها قومية عربية ويسارية وعلمانية. وهى تعارض تماما محاولات إسرائيل لجعلها دولة يهودية على أساس قومى، وتؤيد حل الدولتين، وتعارض المشاركة فى أى حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، ويتعرض قادتها لعمليات تضييق ومحاربة طوال الوقت.
الكتلة الثانية هى «القائمة العربية الموحدة» أو «راعام» وهى الجناح أو الحركة الإسلامية الجنوبية ولها خمسة مقاعد أيضا فى الكنيست ويرأسها عباس منصور وهى الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فى داخل إسرائيل، وقد انشقت عن الحركة الإسلامية الشمالية التى يرأسها رائد صلاح، وهى تعترف بإسرائيل وتمارس العمل السياسى، وكانت مفارقة صارخة أن هذه الحركة الإخوانية شاركت فى حكومة نفتالى بينت اليمنية عام ٢٠٢١، وهى المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك منذ زرع إسرائيل فى المنطقة.
وهناك قوة ثالثة أساسية هو حزب «التجمع الوطنى الديمقراطى» ويرأسه سامى أبو شحاذة وتوجهه قومى فلسطينى، ويرفع شعار «دولة لكل مواطنيها» ويعارض أى تعاون مع الحكومات الإسرائيلية.
هذا الحزب لم يتمكن من دخول الكنيست فى الانتخابات الأخيرة لعدم حصوله على نسبة الحسم وهى ٣٫٢٥٪ من الأصوات، رغم حصوله على ٢١٪ من أصوات عرب إسرائيل.
تاريخيا كانت الأحزاب العربية ذات التوجه القومى هى الأكثر تأثيرا وانتشارا داخل عرب ١٩٤٨، لكن فى السنوات الأخيرة تراجع هذا التأثير نسبيا، ورأينا صعودا للتيار الدينى متمثلا فى تنظيمات مختلفة ينتمى معظمها لجماعة الإخوان سواء كانت الحركة الإسلامية الجنوبية «عباس منصور»، أو الحركة الشمالية «رائد صلاح».
فلسطينيو الداخل وبعيدا عن السقطة التاريخية التى ارتكبها «إخوان إسرائيل» لعبوا ويلعبون دورا كبيرا فى الحفاظ على الهوية العربية والدفاع عن حقوقهم فى إسرائيل، فى حين أن الأخيرة وخلال التفاوض مع الفلسطينيين بعد اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣عرضت ضم منطقة المثلث للدولة الفلسطينية المقترحة مقابل ضم مستوطنات الضفة الغربية، والهدف كان التخلص من القنبلة الديموجرافية العربية حيث إن عدد سكان العرب فى فلسطين التاريخية الآن يساوى عدد الإسرائيليين وهو الأمر الذى تخشاه إسرائيل كثيرا فى المستقبل وربما يفسر لنا ذلك سر إصرارها على تهجير الفلسطينيين وتطبيق خطة الحسم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 15 دقائق
- عمون
رئاسة الجامعات: ما بين الاستقالة وعدم التجديد
مع انقضاء مراسم التعديل الوزاري واجتماع مجلس الوزراء بتشكيلته المعدّلة، مرّت بعض القرارات بهدوء لم يُلفت الانتباه، رغم ما تحمله من مؤشرات غائرة المعنى، لا تقل أهمية عن الحدث نفسه. من بين هذه التفاصيل التي تبدو للوهلة الأولى عادية أو ثانوية، تبرز استقالة أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الأستاذ الدكتور مأمون الدبعي، في لحظة لا يمكن وصفها بالعرضية أو المجردة من التوقيت المدروس. ورغم أن الاستقالة تبدو ـ في ظاهرها ـ إجراءً إداريًا روتينيًا، إلا أن ما خلفها يشي بحراك خفيّ في عمق المشهد الأكاديمي الأردني، يقود إلى إعادة تشكيل قيادات بعض الجامعات الرسمية، لا سيما تلك التي شغر موقع رئاستها، سواء بانتهاء المدة القانونية، أو بقرارات إعفاء غير معلنة الأسباب. وفي هذا السياق، يبرز اسم جامعة اليرموك وجامعة الطفيلة التقنية كمرشحتين بارزتين للتغيير، في ظل تسريبات عن ترشيحات 'جاهزة' تنتظر فقط إخراجها بصيغة رسمية. ولعل فتح باب الترشح لرئاسة هذه الجامعات، ما هو إلا إجراء 'تزييني'، يُراد به استكمال الشكليات، أكثر من كونه نافذة حقيقية للمنافسة والعدالة الأكاديمية. فالأسماء المختارة غالبًا ما تُحسم خلف الأبواب المغلقة، ثم يُفتح الباب العام لاحقًا لإضفاء شرعية شكلية لا تغيّر من جوهر القرار شيئًا. إن قراءة هذا المشهد لا تكتمل إذا ما نظرنا إلى الاستقالة باعتبارها فعلًا فرديًا، بل ينبغي التعامل معها كجزء من تركيب أوسع، يعاد رسمه على مهل، بعيدًا عن الأضواء، وفي ظل حالة من الترقب والانتظار داخل الأوساط الأكاديمية، التي أضحت تدرك أن كثيرًا من القرارات تُتخذ قبل أن تُعلَن. وهكذا، تظل رئاسة الجامعات ـ كما هي دومًا ـ بين مطرقة التغيير 'المعدّ سلفًا'، وسندان النزاهة 'المؤجلة'.

عمون
منذ 15 دقائق
- عمون
المهندس أبو السعود قائد المرحلة المائية بثقة متجددة
يُعد تجديد الثقة بمعالي المهندس رائد أبو السعود، وزير المياه والري، محطة تقدير مستحقة لرجل حمل أمانة المسؤولية بإخلاص، وسخّر خبراته وكفاءته لقيادة قطاع من أهم القطاعات الحيوية في المملكة، في ظل تحديات مائية متزايدة وواقع مناخي صعب. منذ تسلمه مهام الوزارة، أظهر رؤية استراتيجية واضحة تقوم على العمل الميداني والتخطيط المستدام، ونجح في تحويل التحديات إلى فرص، مرتقيًا بقطاع المياه إلى مستوى من التماسك والكفاءة، جعل منه أحد أعمدة الأمن المائي الأردني. فقد شهدت المرحلة التي قاد فيها الوزارة سلسلة من الإنجازات المهمة، كان من أبرزها اتفاقية مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمان، وهو مشروع مفصلي من شأنه أن يحدث تحولًا نوعيًا في إدارة الموارد المائية، ويُلبي احتياجات المواطنين والمشاريع التنموية وفق أفضل المعايير العالمية. ترتكز انجازاته على تطوير بنية القطاع وتحديث شبكاته، وخفض نسب الفاقد المائي، ومكافحة الاعتداءات على خطوط المياه، ما انعكس بشكل مباشر على تحسين مستوى الخدمة، وتعزيز الكفاءة التشغيلية. كما ساهم في توجيه الجهود نحو إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي، ورفع جاهزية الكوادر الفنية، في ظل تخطيط يستند إلى أولويات وطنية ومؤشرات أداء واضحة. ولم تقتصر جهوده على الداخل فقط، بل امتدت إلى تعزيز التعاون الدولي مع عدد من الدول والجهات المانحة، وخاصة الولايات المتحدة، حيث أثمرت هذه الشراكات عن تنفيذ مشروعات نوعية ساهمت في دعم البنية التحتية وتعزيز استدامة الموارد. ما يميزه ليس فقط حجم الإنجاز، بل أيضًا نمط القيادة الذي يتسم بالتواضع والفعالية. فهو ممن لا يلهثون خلف الإعلام، ولا يظهر إلا عندما تتطلب المصلحة الوطنية حضوره. يعمل بصمت، ويتحدث بلغة الأرقام والنتائج، واضعًا المصلحة العامة فوق كل اعتبار، مؤمنًا بأن العمل هو أبلغ رسالة يمكن أن يقدمها المسؤول لوطنه. لقد كان على قدر الثقة التي منحه إياها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، حيث جسّد روح المسؤولية قولًا وفعلًا، وكان نموذجًا للقيادة الوطنية التي تعمل بإخلاص وتفانٍ في خدمة الوطن والمواطن. واليوم، ومع تجديد هذه الثقة، يواصل معاليه مسيرته بخبرة متراكمة، ورؤية مستقبلية تتطلع إلى إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لأزمة المياه في الأردن، مستندًا إلى إرادة صلبة وإيمان راسخ بقدرة الأردنيين على تجاوز كل التحديات. نبارك لمعالي المهندس رائد أبو السعود هذه الثقة الغالية، ونتطلع إلى المزيد من النجاحات والإنجازات التي تخدم حاضر الوطن ومستقبله، في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.

عمون
منذ 15 دقائق
- عمون
عندما صار الاحتلال هدفاً معلناً
عندما كنا نقول، منذ الأيام الأولى لحرب غزة، إن هدف إسرائيل الحقيقي ليس فقط القضاء على المقاومة ، بل الاحتلال والاستعمار والتهجير القسري، كان كثيرون يواجهون هذا الكلام بالتهكم أو بالتقليل من جديته ، كانوا يعتبرونه خطابًا عاطفيًا أو تهويلاً إعلاميًا ، أما اليوم، فقد انتهى زمن الإنكار. اليوم، وبعد مرور عامين تقريباً على حرب الإبادة، تُعلن إسرائيل على لسان وزرائها وقادتها العسكريين خططًا علنية لإعادة احتلال قطاع غزة، والسيطرة عليه أمنيًا، وتشكيل إدارة محلية خاضعة، والتأسيس لـ'مناطق آمنة' ليست آمنة إلا لجيش الاحتلال والمستوطنين المحتملين ، كل هذا لم يعد تحليلًا ولا تخمينًا، بل سياسة رسمية يجري إعداد الأرض لها بالنار والدم والتجويع والتهجير القسري .. الاحتلال الاستيطاني الجديد تصريحات وزراء اليمين المتطرف مثل بن غفير وسموتريتش لم تعد تُطلق فقط من منصات هامشية، بل أصبحت تتغلغل في قلب القرار السياسي الإسرائيلي. • سموتريتش دعا إلى إلقاء قنبلة ذرية على غزة صراحة. • وبن غفير طالب باحتلالها وضمّها إلى إسرائيل، واستعادة الأرض من البحر إلى النهر . • وها هو نتنياهو يتحدث عن حكم مدني بديل ، وهو تعبير ناعم عن حكم عسكري بالوكالة. الخطة لا تتوقف عند الاحتلال العسكري، بل تشمل تهجيرًا متدرجًا، عبر حرمان القطاع من أدنى مقومات الحياة، ودفع الناس قسرًا إلى الهجرة الجماعية ، وهو ما بدأ فعليًا بموجات النزوح الداخلي، وبتسريبات مكررة عن دول 'مضيفة' محتملة، في سيناء أو شمال إفريقيا أو حتى أوروبا. لماذا هذا التحول؟ السبب بسيط: لأن إسرائيل فشلت في كل ما أعلنت أنها تحاربه ، لم تُنهِ المقاومة ، ولم تُحرّر أسيرًا بالقتال ، ولم تُعد الغلاف آمنًا، بل أنتجت كارثة استراتيجية متعددة الوجوه ، فلم تجد أمامها إلا هدفًا قديمًا كان يضمره عقلها الاستيطاني دومًا: السيطرة على غزة من جديد، كجزء من مشروع 'أرض إسرائيل الكبرى'. الاحتلال اليوم ليس خيارًا اضطراريًا، بل هروب إلى الأمام من هزيمة داخلية ، هو محاولة لتصدير الفشل، وخلق 'نصر وهمي' عبر الجغرافيا لا عبر الواقع. من يعرف إسرائيل جيدًا… لا يُفاجَأ لهذا، فإننا منذ البداية ، لم نكن نحلّل في الفراغ ، نحن نعرف تركيبة هذه الدولة، وخطابها التاريخي، ومشروعها العقائدي ، نعرف أن غزة كانت دومًا شوكة في حلق المشروع الاسرائيلي، وأنها اليوم تتحول إلى شاهد على فشل الردع وعلى سقوط الرواية. ما كان البعض يراه 'مبالغة' في حديثنا عن التهجير والاستعمار، ها هو يتحول اليوم إلى سياسة موثقة، بتوقيع الحكومة الإسرائيلية ، وما كانت نبوءة، أصبح عنوانًا رئيسيًا في نشرات الأخبار. اما سردية الهدنة التي قيل إنها قاب قوسين أو أدنى، تبيّن أن المسافة بين القوسين هي ذاتها المسافة بين الاحتلال والسلام، بين الحقيقة والدجل، بين الضحية والجلاد . لقد كانت سردية 'الهدنة' منذ بداية الحرب إلى هذه اللحظة ، مجرد مسكّن سياسي لإطالة أمد الحرب، وشراء الوقت لإسرائيل، وتطويع الرأي العام العربي والدولي ، وكأنها جزء من مسرحية بلا نهاية، يُعاد فيها نفس المشهد: مفاوضات، تسريبات، وفود قادمة ، وفود مغادرة، تحفظات ، ضوء أخضر أمريكي، وفود اسرائيلية خالية الوفاق والصلاحيات ، ثم فجأة: 'عقبة فنية جديدة'، أو 'تفاصيل غير محسومة" او " التحجج بان صاحب الحق لم يوافق " وتُعاد الكرة ، حتى اصبحت مجرد سرد إعلامي وتسجيل مواقف. تمامًا كما هي رواية 'ألف ليلة وليلة'، تروى كل ليلة رواية جديدة لتأجيل نهاية الكابوس. خلاصة القول إننا نعيش اليوم لحظة الحقيقة: لحظة سقوط القناع عن المشروع الإسرائيلي، وانكشاف نواياه الاستعمارية من جديد، ولكن في زمن مختلف، وفي سياق مختلف، وفي مواجهة شعب لم يُهزم، بل ازداد عنفوانًا ووضوحًا في أهدافه ، مزروع في ارضه ، يقاوم العالم بأسره. إسرائيل تعود إلى الاحتلال لأن كل البدائل فشلت ، لكن غزة، التي لم تسقط في الحرب، لن تسقط في الخديعة، ولا بالاحتلال ، ولا بالتجويع ولا بالإبادة.