
هل تكسر الموجة الحارة في نهاية يوليو الأرقام القياسية المُسجلة عربياً؟
وتُشير تحليلات موقع «طقس العرب» إلى اتساع رقعة تأثر المنطقة خلال الأيام المقبلة بما يُعرف بـ«القبة الحرارية»، وهي كتلة هوائية شديدة السخونة تتمركز في طبقات الجو العليا، وتتركّز بشكل خاص فوق العراق والكويت وشرق السعودية. ومن المتوقع أن يؤدي تمركز هذه الكتلة اللاهبة فوق العراق إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة، قد يتجاوز 50 درجة مئوية في العاصمة بغداد، ما يضعها بين أكثر مدن العالم حرارة مطلع الأسبوع.
ويُعزى هذا الارتفاع أيضاً إلى تعاظم تأثير المرتفع الجوي شبه المداري، الذي يُعزز من شدة القبة الحرارية، لتبلغ ذروتها في العراق والكويت وشرق السعودية، وهي تُعد حالياً من بين المناطق الأشد حرارة على سطح الأرض. كما تمتد تأثيرات هذه الكتلة إلى بلاد الشام، حيث تسود أجواء أكثر حرارة من المعتاد، في حين سجلت مصر درجات حرارة تقترب من 44 درجة مئوية في مناطق عدة.
من جانبه، أوضح الدكتور علي قطب، أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق ونائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، أن فصل الصيف يشهد عادة موجات حر شديدة لا تتجاوز مدتها يومين أو ثلاثة أيام.
لكن اللافت العام الحالي، حسب قوله، هو استمرار الموجة الحالية إلى أكثر من أسبوع متواصل، حيث تتجاوز درجات الحرارة العظمى حاجز الـ40 درجة مئوية في مصر ومعظم أنحاء المنطقة العربية.
الخرائط الجوية تشير إلى اتساع رقعة تأثر المنطقة العربية بكتلة هوائية شديدة الحرارة (موقع طقس العرب)
وأوضح الدكتور علي قطب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الموجة الطويلة والحارّة أثّرت على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وتزامنت مع ارتفاع ملحوظ في نسب الرطوبة، ما أدى إلى زيادة الإحساس بشدة الحرارة لدى المواطنين.
وبيّن أن السبب الرئيسي وراء هذه الموجة يعود إلى تأثر المنطقة بمنخفض الهند الموسمي، بالتزامن مع وجود مرتفع جوي في طبقات الجو العليا، وهو ما ساهم في استمرار ارتفاع درجات الحرارة، مشيراً إلى أن توزيع الضغط الجوي في الطبقات العليا ساعد كذلك في تعميق تأثير الحرارة.
وأضاف أن هناك علاقة عكسية بين نشاط الرياح ونسب الرطوبة النسبية؛ فكلما هدأت حركة الرياح، زادت قدرة الهواء على حمل بخار الماء، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الرطوبة وبالتالي زيادة الإحساس بحرارة الطقس.
من جانبه، قال الدكتور محمود شاهين، مدير عام التنبؤات والإنذار المبكر في الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، إن مصر والمنطقة العربية تمرّ حالياً بموجة شديدة الحرارة نتيجة امتداد منخفض الهند الموسمي العميق، الذي يغطي جميع المناطق والمدن.
وأشار إلى أن ما يميز هذه الموجة عن سابقاتها هو أن ارتفاع درجات الحرارة يتزامن مع ارتفاع ملحوظ في نسب الرطوبة وبخار الماء في الكتل الهوائية، ما يزيد من شعور المواطنين بحرارة الطقس.
سيدة عراقية تحمي وجهها من أشعة الشمس (أ.ف.ب)
وأوضح الدكتور محمود شاهين لـ«الشرق الأوسط» أن الكتل الهوائية التي ترفع درجات الحرارة تكون عادة جافة إلى حد ما، لكن الكتل المؤثرة حالياً رطبة بشكل كبير، حيث تقترب نسبة الرطوبة الصغرى في مصر من 50 في المائة.
وأشار إلى أن ذلك يزيد من الإحساس بالحرارة بشكل كبير، مقارنة بدرجات الحرارة المسجلة فعلياً، التي تُقاس عادة في الظل. وأضاف أن درجات الحرارة تفاوتت خلال ساعات النهار في أنحاء متفرقة من مصر، حيث وصلت في بعض المناطق إلى ما بين 44 و45 درجة مئوية.
وحسب متخصصين في مركز «طقس العرب» الإقليمي، تُظهر الخرائط الجوية تموّجات في التيار النفاث مع أواخر يوليو (تموز) ومطلع أغسطس (آب)، مما يُتيح تقدّم كتلة هوائية أقل حرارة وأكثر رطوبة نحو شرق البحر المتوسط.
ويُتوقّع أن تنكسر الموجة الحارة في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة، مع تراجع ملحوظ في درجات الحرارة وعودتها إلى معدلاتها المعتادة. وتبدو تأثيرات هذه الكتلة أوضح في بلاد الشام، حيث تعود الأجواء الصيفية المعتدلة، وتزداد نسب الرطوبة مع نشاط الرياح البحرية وظهور السحب المنخفضة، التي قد تؤدي إلى هطول أمطار محلية على السواحل السورية واللبنانية، حسبما أفاد به «طقس العرب».
كما يُتوقع أن يمتد تأثير الكتلة الهوائية المعتدلة إلى العراق، ما يُسهم في كسر حدة الموجة الحارة هناك، وانخفاض درجات الحرارة، مع نشاط الرياح المثيرة للغبار والأتربة.
مصر تشهد موجة حرارة مرتفعة للغاية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
وحول احتمالية تسجيل درجات حرارة قياسية في المنطقة العربية، أشار قطب إلى أن هناك احتمالاً لتسجيل درجات حرارة قياسية أو قريبة منها في بعض المناطق العربية، خاصةً مع استمرار تأثير منخفض الهند الموسمي وارتفاع نسب الرطوبة، ما يزيد من الإحساس بالحرارة.
لكنه أضاف أن هذه الموجة، رغم شدتها وطول مدتها غير المعتاد، لا تعني بالضرورة كسر الأرقام القياسية المسجّلة سابقاً، حيث تجاوزت درجات الحرارة العظمى 48 درجة مئوية في بعض مناطق الشرق الأوسط، بل وصلت إلى أكثر من 50 درجة مئوية في دول مثل الكويت وجنوب مصر، لكن تكرار مثل هذه الموجات خلال شهر أغسطس وارد جداً، في ظل استمرار التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري.
فيما لفت مدير عام التنبؤات والإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية إلى أن التغيرات المناخية تلعب دوراً بارزاً في إطالة مدة الموجة، حيث تجاوزت الأسبوع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متوقعاً أن تبدأ الموجة بالانكسار في مصر يوم الأربعاء المقبل.
وأضاف شاهين أن هذه التغيرات أسهمت في زيادة تطرف موجة الحر، حيث تزامن ارتفاع درجات الحرارة مع ارتفاع كبير في نسب الرطوبة.
وتوقّع شاهين أن تكون الموجة الحالية هي الأشد خلال صيف 2025، مرجحاً ألا تسجل مصر درجات حرارة أعلى خلال ما تبقى من فصل الصيف، حيث ستكون الموجات المقبلة أقل حدة.
تاريخياً، سجّلت مدن حول العالم درجات حرارة قصوى على مدار العقود، وصلت في بعضها إلى مستويات قياسية تهدّد الحياة.
وفي منطقة «وادي الموت» بولاية كاليفورنيا (الولايات المتحدة)، سُجلت أعلى درجة حرارة في التاريخ الحديث عند 56.7 درجة مئوية عام 1913، في حين بلغت حرارة سطح الأرض هناك نحو 93.9 درجة مئوية في عام 1972، وفق شبكة «بي بي سي».
عراقي يواجه درجات الحرارة المرتفعة بغسل وجهه بالماء (أ.ف.ب)
وجاءت مدينة قبلي التونسية في المرتبة الثانية عالمياً بدرجة حرارة بلغت 55 مئوية سُجلت عام 1931، تلتها مدينة الأهواز الإيرانية التي سجلت 54 مئوية في عام 2017.
وفي قائمة أكثر المدن حرارة حول العالم، برزت مدينتا الكويت والبصرة في العراق بدرجات حرارة بلغت 53.9 درجة مئوية، متفوقتين على مدينة تُربت في باكستان التي سجلت 53.7 درجة مئوية. كما شهد معبر الجزيرة الحدودي في الإمارات حرارة بلغت 52.1 درجة مئوية، فيما سُجلت في مدينة ميكسيكالي المكسيكية 52 درجة مئوية.
أما مدينة جدة السعودية، فقد سجّلت أعلى درجة حرارة في تاريخها عند 52 درجة مئوية في يونيو (حزيران) 2010، في حين بلغت الحرارة في مدينة أسوان المصرية 51 درجة مئوية في يوليو 1918، و49.6 درجة مئوية في يوليو 2024، ما يعكس بوضوح أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُعد من بين أكثر مناطق العالم تأثراً بالموجات الحارة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 3 ساعات
- عكاظ
تعرّف على الفرق بين البحث الآلي والميداني في نظام الضمان الاجتماعي
كشف برنامج الضمان الاجتماعي والتمكين عن الفرق بين مرحلتي البحث الآلي والبحث الميداني، المعتمدتين ضمن نظام الضمان الاجتماعي المطور، بهدف توضيح آلية التحقق من أهلية المستفيدين. وأوضح البرنامج أن البحث الآلي يُعد المرحلة الأولى، وتتم فيها مراجعة المعلومات المقدمة من المستفيد عبر المنصة الإلكترونية للتأكد من صحتها واكتمالها بشكل إلكتروني. فيما يأتي البحث الميداني في المرحلة التالية، إذ يقوم الباحث الاجتماعي بزيارة ميدانية لمسكن المستفيد، للتحقق من البيانات المقدمة وتقييم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة على أرض الواقع. ويأتي التوضيح في سياق سعي البرنامج لتعزيز الشفافية وتسهيل فهم المستفيدين للإجراءات المتبعة ضمن النظام المطور. أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 7 ساعات
- صحيفة سبق
الضمان الاجتماعي يوضح الفرق بين البحث الآلي والميداني لتقييم أهلية المستفيدين
ضمن جهود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتوضيح آليات التحقق من استحقاق الدعم، نشر الحساب التوعوي لـ"الضمان الاجتماعي والتمكين"على منصة "إكس"، تعريفًا دقيقًا بالفرق بين البحث الآلي والبحث الميداني في نظام الضمان الاجتماعي المطور، الذي يهدف إلى الوصول الشامل لمستحقي الدعم وفق معايير موضوعية ومتكاملة. ويُعد البحث الآلي هو المرحلة الأولية من التحقق، ويتم خلالها مراجعة المعلومات المقدمة من المستفيدين عبر المنصة الإلكترونية، للتأكد من صحتها واكتمالها، كخطوة أساسية لبناء تصور مبدئي حول الأهلية والاستحقاق. أما البحث الميداني، فيُجرى في المرحلة التالية، ويتضمن زيارة الباحث الاجتماعي لمكان سكن المستفيد، بهدف التحقق الفعلي من البيانات، وتقييم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة بشكل مباشر، ما يتيح تكوين صورة واقعية تسهم في اتخاذ قرارات عادلة ودقيقة بشأن استحقاق الدعم. ويأتي هذا التوضيح في إطار تعزيز الشفافية وبناء الثقة مع المستفيدين، وتيسير فهم الإجراءات المتّبعة ضمن منظومة الضمان الاجتماعي، بما يضمن تحقيق الحماية الاجتماعية المستهدفة ووصول الدعم إلى الفئات الأَولى بالرعاية.


صحيفة سبق
منذ 9 ساعات
- صحيفة سبق
مركز "أداء" يُطلق مُنتج "جسور المعرفة" لدعم الجهات الحكومية في تطوير أدائها المؤسسي
أطلق المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء) خلال هذا العام 2025 منتج التمكين "جسور المعرفة"، الذي يُعد من أبرز المبادرات المعرفية الهادفة إلى دعم الجهات الحكومية في تطوير أدائها المؤسسي، من خلال تبادل الخبرات المميزة، والممارسات الناجحة وتوثيق التعاون بين الأجهزة العامة في عددٍ من المجالات، تشمل: إدارة الإستراتيجية، وإدارة الأداء، وإدارة المبادرات، وإدارة التغيير، وثقافة الأداء، وإدارة تجربة المستفيد. وضمن مبادرة "جسور المعرفة" نفذ مركز أداء ست ورش عمل، ولقاءات معرفية، وجلسات نقاش مشتركة مع 15 جهة حكومية، إلى جانب 10 جهات حكومية؛ بهدف تعريفها بالمنتج وآلية الاستفادة منه في مجالات التطوير. وعُقد اللقاء الأخير بالشراكة مع الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، ووزارة التعليم، تم خلاله استعراض التجارب الناجحة ونقل الخبرات للجهات الحكومية المشاركة. ويأتي إطلاق منتج "جسور المعرفة" ضمن جهود مركز أداء في مجال التمكين؛ لرفع المستوى في ممارسات الأداء لدى الجهات الحكومية، وتعزيز التواصل بينها، ونشر ثقافة الأداء، دعمًا لمسيرة التحسين المستمر، وتحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.