
الحرب حين تلبس ربطة عنق وتضع الماكياج
جفرا نيوز -
سالي الأسعد – كاتبة وإعلامية
لم نعد نعيش في زمن المفاجآت. حتى الحرب، باتت تخضع لتوقيتات دقيقة، ورسائل مشفرة، واتفاقات غير مكتوبة. تُطلّ علينا من الشاشات لا على هيئة دمارٍ مفاجئ، بل عبر جدول أعمال منظم، كأنها اجتماع طارئ في مؤسسة دولية: ضربة محسوبة، بيان مصاغ بعناية، وردّ فعل لا يخرج عن النص.
خلال اثني عشر يومًا مضت، لم تكن المنطقة مشتعلة كما ظن البعض… بل كانت مضبوطة الحرارة. مشاهد القصف لم تحمل دهشة، لأن الطرف الآخر غالبًا ما كان قد تلقى البلاغ. التحذير يسبق الضربة، والمبنى يُخلى قبل أن يسقط. كل شيء يتم ضمن أُطُر تكاد تكون راقية… لولا أنها تغطي مآسي حقيقية.
تُدار الحروب اليوم بنبرة هادئة، تُراعي الكاميرا، وتحرص على عدم إزعاج الحلفاء. حتى البيانات صارت تُفصّل لتناسب جمهورًا منقسمًا بين من يدين، ومن يساوي، ومن يصمت.
لكن وسط كل هذه الضجة المنظمة، كانت هناك بقعة صغيرة تُحترق بصمت… غزة.
وحيدة، إلا من صلوات أهلها. مَن ظنّ أن الضجيج سيجلب النصرة، خاب. مَن راهن على بيانات الشجب، انكشفت أوراقه سريعًا. فغزة لم تنتظر، ولم تتوسل. قاتلت بما تملك، وصبرت بما لا يملكه أحد.
وفيما كان الكبار يُنسّقون خطوطهم الحمراء والزرقاء، ويتبادلون رسائل "عدم التصعيد'، كانت هي تُعدّ شهداءها بالأسماء. هي لم تكن جزءًا من اللعبة الكبرى. لم تُدعَ إلى الطاولة. لم تُؤخذ مخاوفها بالحسبان. كانت فقط الهدف الذي يُعاد قصفه مرارًا… دون أن يسأل أحد: إلى متى؟
ربما لهذا السبب لم تكن الخسائر كبيرة بما يكفي ليُغضب الكبار. فالحرب، كما يبدو، صارت تُقاس بميزان دقيق: لا إفراط في الدمار… ولا إفراط في الصراخ.
أما اللاعبون الحقيقيون، فلا يظهرون على المسرح. يحركون الخيوط من بعيد، يدعمون هنا، ويعارضون هناك، لكن دون أن تتغيّر قواعد اللعبة. طرفٌ يملك الطائرات، وآخر يملك الخطابات، وبينهما شعب لا يملك إلا الله.
نحن، في هذه الرقعة من العالم، نعرف متى تُقال الحقيقة، ومتى تُؤجل. نعرف أن بعض الحروب لا تُخاض بالسلاح فقط، بل بالصبر، وبالقدرة على البقاء رغم كل شيء. وأن بعض المعارك تُخاض من أجل أن يبقى المكان في الذاكرة، لا في نشرات الأخبار.
الاثنا عشر يومًا لم تكن الأعنف، لكنها كانت الأكثر كشفًا. فضحت خذلانًا، وعرّت ازدواجية، وأعادت إلينا حقيقة كنا نعرفها ونتجاهلها: أن في هذا العالم، هناك شعوب تقاتل وحدها، وتُدفن وحدها، وتُذكر… فقط حين يُناسب ذلك العناوين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صراحة نيوز
منذ ساعة واحدة
- صراحة نيوز
الدكتور حمدان السرحان محافظا في وزارة الداخلية
تتقدم اسرة موقع صراحة نيوز بالتهنئة والمباركة من الدكتور حمدان فهد السرحان بمناسبة الترفيع وتعيينه محافظاً في وزارة الداخلية … سائلين الله له المزيد من التقدم والرفعة وان يوفقه لما فيه خدمة للوطن والمواطن تحت ظل الراية الهاشمية .


عمان نت
منذ 2 ساعات
- عمان نت
ما بعد وقف إطلاق النار: من الرابح؟
إن صحّ إعلان دونالد ترامب وقف إطلاق النار، فقد دخلنا الآن مرحلة جديدة، لا تحتمل الخطابة ولا المبالغة، بل تتطلب تقييمًا دقيقًا للواقع، وتحليلًا هادئًا لما تحقق، ولِمن فرض شروطه، ومن انكشف أمام شعبه وأمام التاريخ. واضح أن كل طرف خرج بجزء من المكاسب وليس كلها… لكنَّ توازن القوى اختلف، والاصطفافات أصبحت أوضح. 📍ترامب ظهر كبطل قومي أمام جمهوره… قصف منشأة نووية داخل إيران، وأوقف الحرب في لحظة بدا فيها أن التصعيد سيتحول إلى مواجهة شاملة. حصد اللقطة التي أرادها، وصدّر نفسه كزعيم 'حاسم' قادر على القصف والتفاوض في آنٍ واحد. 📍الكيان الصهيوني مارس إجرامه المعتاد: اغتال، دمّر، قصف، وقتل، ومارس كل ما تُوصي به توراته. لكن الجديد أن آلة التدمير لم تعد تُرهب، بل باتت دافعًا لتمسّك محور المقاومة بخيار المواجهة حتى النهاية. 📍إيران، رغم خسارة مادية كبيرة، أثبتت مجددًا أنها قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها. نعم، هناك حاجة لتطوير الدفاعات الجوية وتحسين الجهوزية الجوية، لكن القدرة على الصمود، والمناورة، والثبات على الخط الاستراتيجي لم تُمسّ. 📍إيران اليوم ليست وحدها. حزب الله يعيد التموضع والتخطيط. حماس والجهاد الإسلامي أثبتوا جاهزية ميدانية عالية. أنصار الله في اليمن دخلوا المعادلة بقوة. ومحور المقاومة يحتاج إلى خمس سنوات لإعادة البناء، ولكنها خمس سنوات من إعداد قوة ردع جديدة لا من الانكماش أو التراجع. 📍لكن ما يجب أن تدركه طهران بوضوح، أن الرهان على حلفاء مثل روسيا والصين لم يحمِها ساعة الجد. ما حدث يكرّس حقيقة أن هذه الدول لا تقاتل من أجل أحد، ولا تُغامر بمصالحها العالمية لأجل حليف، بل تراقب وتتفاوض من بعيد. وما حصل في الأزمة الأخيرة يؤكد، كما حصل سابقًا مع النظام السوري، أن هذه القوى لا ترى في التحالفات سوى أوراق ضغط لخدمة مصالحها، لا التزامات استراتيجية. وعليه، فإن إعادة تقييم شكل التحالفات وأولوياتها بات ضرورة استراتيجية ملحّة. 📍أما دول التطبيع والتطبيل، فقد انكشفت على حقيقتها. لم تستطع إدخال شاحنة غذاء واحدة إلى غزة، رغم كل التصريحات والعلاقات 'الاستثنائية'. فكيف لمن فشل في إيصال كيس طحين، أن يزعم قدرته على صناعة 'سلام عادل' أو لعب دور الوسيط الفاعل؟ 📍لقد أصبح المشهد واضحًا: ✔️المطبع مطبّع، والمستسلم مستسلم. ✔️من قدّم الخدمات للكيان زاد من خدماته، ومن باع فلسطين عاد ليتاجر بـ'السلام' بعد أن استُهلكت قضاياه الداخلية. ✔️أما الأحرار، فهم مَن اختاروا الكرامة على السلام الكاذب، والوقوف في وجه الإبادة على الجلوس في مقاعد المفاوضات الفارغة. 📍وبعد فشل الرهان الأميركي–الصهيوني على إسقاط الحكم في إيران من خلال الضغط العسكري والميداني، فإن المعركة الحقيقية الآن تنتقل إلى الداخل. لم يعد مقبولًا، بعد كل ما جرى، أن يبقى الجواسيس والخونة ويهود الداخل أحرارًا يعبثون بأمن البلاد واستقرارها. ما تعرّضت له إيران خلال هذه المواجهة كشف حجم الاختراق الداخلي، وبات من واجب الدولة أن تحاصر هذا السرطان وتستأصله، حفاظًا على الأمن الوطني الذي هُدد من الداخل لا من الخارج فقط. 📍أثبتت الأحداث اليوم أن لا أحد يواجه المشروع الصهيوني بصدق إلا: ✔️إيران ومحورها، ✔️حزب الله، ✔️أنصار الله، ✔️المقاومة الفلسطينية الصادقة ممثلة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي, ✔️وبعض الدول التي تعمل بنية صادقة، ولكن بحذرٍ شديد وبطريقة مستترة، مراعاةً لحسابات داخلية أو ضغوط إقليمية. أما من عوّلوا على البيت الأبيض، أو آمنوا بـ'قوة إسرائيل التي لا تُهزم'، فعليهم مراجعة أنفسهم. في هذه الحرب، الحرّ حرٌّ، وإن خسر جولة… والمتخاذل عبد، وإن أدار مؤتمرات سلام.

عمون
منذ 2 ساعات
- عمون
"وعهدي لكم أن يبقى الأردن حرّاً عزيزاً كريماً آمناً مطمئنًا"
"وعهدي لكم أن يبقى الأردن حرّاً عزيزاً كريماً آمناً مطمئنًا" — كلمات نطق بها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، فغرست في قلب كل أردني يقينًا بأن الوطن في يد أمينة، وقيادة لا تساوم على كرامته ولا على أمنه، قيادة جعلت من الثبات مبدأ، ومن الحكمة منهجًا، ومن الانتماء عهداً لا ينكسر. اليوم، ومع كل ما يشهده الإقليم من اضطرابات وأزمات متلاحقة، يثبت الأردن للعالم مرةً تلو الأخرى أن استقراره لم يكن صدفة، ولا أمنه جاء عابرًا، بل هو نتاج رؤية قيادة واعية، وتحرك دبلوماسي حكيم، وعمل دؤوب يقوم به جلالة الملك وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. لطالما كانت الدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك عبدالله الثاني نموذجًا في الاعتدال والتوازن. فقد سعى جلالته بلا كلل لترسيخ مكانة الأردن على خريطة العالم كبلد يحترم القانون الدولي، ويدعو للسلام، ويقف دائمًا مع قضايا الحق والعدل، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي لم تغب يومًا عن خطاباته في المحافل الدولية، من الأمم المتحدة إلى القمم العربية والإقليمية. تحركات جلالة الملك السياسية تعكس إيمانًا عميقًا بأن الأمن لا يأتي فقط من الداخل، بل من بناء شبكة من العلاقات الخارجية التي تحمي مصالح الوطن، وتفتح له آفاقًا للتعاون والدعم. ومن هنا جاءت زياراته المتكررة إلى الدول الكبرى، ولقاءاته مع قادة العالم، التي لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل محطات عمل ورؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة الأردن، وجلب الدعم اللازم لأمنه واستقراره. وعلى النهج ذاته، يسير ولي العهد، سمو الأمير الحسين، بخطى واثقة نحو تحمل المسؤولية، فقد أثبت في العديد من المحافل الدولية أنه امتداد طبيعي لجلالة الملك، يحمل الفكر ذاته، والشغف ذاته، والرؤية المتطلعة لمستقبل الأردن وشبابه. فقد كانت مشاركاته في المؤتمرات العالمية، ولقاءاته مع الشباب الأردني، تعبيرًا حيًّا عن قيادة شابة تعرف جيدًا كيف تُحدث التغيير بروح العصر، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية. الأردن اليوم، بفضل الله أولًا، ثم بقيادته الهاشمية، يعيش حالة من الاستقرار والأمان لا مثيل لها في المنطقة. وهو استقرار لم يأتِ إلا من خلال تضحيات جسام، وجهود سياسية وأمنية واقتصادية متواصلة، تضع المواطن وكرامته في صلب أولويات الدولة. إن وعد جلالة الملك "أن يبقى الأردن حرًا عزيزًا كريمًا آمنًا مطمئنًا" ليس وعدًا عابرًا، بل هو عهد قائد لقومه، صدق في القول، وسبق في الفعل، فكان الوفاء عنوان مسيرته، والحكمة رفيقة دربه، والكرامة غايته الكبرى. في يومنا هذا، نزداد يقينًا أن العهد باقٍ، وأن الأردن سيظل بإذن الله واحة أمن واستقرار، بقيادة هاشمية لا تعرف إلا العزّة والكرامة.