
دعاء رأس السنة الهجرية لعام 1447.. تعرف عليه
مع اول ساعات العام الهجرى الجديد 1447 ، أوضحت دار الإفتاء أن هناك دعاء مأثورا وهو دعاء أول السنة أن يقول في اول أيامها: "اللهم أنتَ الأبدي القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك يا ذا الجلال والإكرام"، فإنَّ الشيطان يقول: قد آيسنا مِنْ نفسه فيما بقي، ويوكل الله به ملكين يحرسانه.
وأكدت الدار أن تخصيص يوم معيَّن في السَّنَة بدعاءٍ معينٍ من أدعية الصالحين ومُجَرَّبَاتهم أو عبادةٍ معينةٍ أمرٌ جائزٌ شرعًا جرى عليه عمل المسلمين عبر القرون، ونص أهل العلم من مختلف المذاهب على مشروعيته، ما لم يُعتَقَد أنه سنّةٌ نبوية.
دعاءُ أولِ العام ودعاءُ آخره هما من أدعية الصالحين ومُجرَّبَاتهم، وهما من الأدعية المستحسَنة المأثورة عن مشايخ السادة الحنابلة منذ نحو ألف سنة، وقد كان يوصي بهما ويعلِّمُهما وينقُلُهما عن مشايخه إمامُ الحنابلة وشيخُهم في وقته؛ الشيخُ الإمامُ الوليُّ الصالحُ أبو عمر المقدسي محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي [ولد سنة 528هـ، وتوفي سنة 607هـ]، وهو أخو الإمام العلامة الموفق بن قدامة [ت: 620هـ] صاحب كتاب "المغني" في الفقه.
قال العلامة المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في تاريخه "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان" : [وعَلَّمَني دُعاء السَّنَة، فقال: ما زال مشايخنا يواظبون على هذا الدُّعاء في أوَّل كلِّ سنة وآخرها، وما فاتني طول عمري: أما أوَّل السنة فإنَّك تقول: "اللهم أنتَ الأبدي القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك يا ذا الجلال والإكرام"، فإنَّ الشيطان يقول: قد آيسنا مِنْ نفسه فيما بقي، ويوكل الله به ملكين يحرسانه.
ومنذ ذلك الحين وأهل العلم من مختلف المذاهب والمشارب يتناقلون هذين الدعاءين ويوصون بهما في أذكار العام من غير نكير، حتى نبتت هذه النابتة فجعلت الدعاء بهما بدعة، متهِمَةً الأمةَ وعلماءَها بالضلال من غير علم ولا تثبُّتٍ ولا فهم؛ كالادِّعاء بأن الكتب التي تذكر هذين الدعاءين ليست معتمدة ولا تهتم بتصحيح الحديث، وهي دعوى فاسدة نشأت عن عدم الاطلاع؛ فإن الكتاب المذكور في السؤال هو "حاشية العلامة أبي عبد الله محمد بن المدني كنُّون [ت: 1302هـ] فقيه أهل المغرب في عصره، اختصر فيها حاشية العلامة محمد بن أحمد الرهوني [ت: 1230هـ] مفتي المالكية في عصره، على شرح العلامة محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي [ت: 1122هـ] خاتمة المحدثين بالديار المصرية، على متن العلامة الشيخ أبي المَوَدَّة خليل المالكي [ت: 776هـ]"، وهو من كتب المالكية المتفق على اعتمادها في المذهب، والعلامة كنون نقلهما عن العلامة علي الأجهوري شيخ المالكية، عن سبط ابن الجوزي، عن الشيخ أبي عمر المقدسي، ولم يدَّع أحدٌ ورودَهما في الحديث الشريف حتى يُحتاجَ إلى الفحص عن سند روايتهما، ولم يدَّع أحد من علماء الحنابلة -فضلًا عن غيرهم- أنها بدعةٌ أو محرمة أو ما أشبه ذلك من الأحكام الهوجاء التي لا خطام لها ولا زمام.
الرد على دعوى أن دعاء أول العام وآخره بدعة
الحق أن هذه الدعوى الباطلة هي البدعة حقًّا؛ إذ حقيقتُها: حرمانُ المسلمين من تحويل الأوامر الشرعية المطلقة إلى برامج عمل يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية أو موسمية، والحيلولة بينهم وبين الانتظام في الدعاء والعبادة حسب ما تمليه ظروفهم وأوقاتهم وأحوالهم، وتناسبه عاداتهم وأعرافهم؛ فإن الناس لو تُرِكُوا دون هذه الترتيبات الموسمية وبرامج العمل الحياتية التي تجعلهم على صلة بدينهم وذكر لربهم: لأدَّى بهم ذلك إلى الغفلة، وكل ذلك مَدْعَاةٌ لتقليل مظاهر الدعاء والعبادة في حياة المسلمين، هذا مع كثرة المناسبات الاجتماعية ومواسم الاحتفال وما تموج به من لهو وانشغال عن ذكر الله تعالى وعبادته، فيضيع بذلك التوازن الذي أراد الشرعُ من خلاله أن يعمل المسلم لآخرته كأنه يموت غدًا، وأن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا.
ومن اتهم المسلمين فقد تحجر واسعًا وضيَّق على المسلمين أمرًا جعل الشرع لهم فيه سعة، حيث إن الإسلام حث حثًّا مطلقًا على الدعاء، والأمر المطلق يقتضي عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، ومنع المداومة على الخير ضرب من ضروب الجهل والصدّ عن ذكر الله تعالى، والناهي عن ذلك قد سنَّ سنة سيئة في المنع من فعل الخير وتنظيمه والمداومة عليه، مخالفًا بذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن أن عمله كان ديمة، ومِن أن أحب الأعمال إلى الله أدومها كما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما، ولم يلتفت في نهيه هذا إلى عواقب ما يقوله ويزعمه مِن صرف المسلمين عن المداومة على الدعاء.
وينبغي الحذر من الفتاوى الباطلة التي تطعن في هذه الأدعية الجليلة وتصفها بالبدعة؛ بدعوى أنها لم تَرِدْ في السُّنّة، فهي فتاوى مبتدعة لم يقل بها أحد من علماء الأمة، كما أنها تستلزم الطعن على علماء الأمة وصلحائها وسلفها وأئمتها، وهو عين ما يريده الأعداء من إبعاد المسلمين عن تراثهم وإفقادهم الثقة في أئمتهم الهداة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 4 ساعات
- فيتو
«ذرية بعضها من بعض»، الشعراوي يوضح الفرق بين أنساب الدم وأنساب الدين والقيم (فيديو)
أكد الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره عن سورة آل عمران، أن هناك فرقا بين أنساب الدم واللحم، وأنساب الدين والقيم، موضحا أن نسب الأنبياء ليس بوراثة الدم. سورة آل عمران الآية 34 قال تعالى: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». سورة آل عمران الآية 34 تفسير الشيخ الشعراوي للآية 34 من سورة آل عمران قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: حين يقول: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} فلنا أن نسأل: هل المقصود بذلك الأنساب أم الدين والقيم؟ ولنا أن نلتفت أن الحق قد علمنا في مسألة إبراهيم عليه السلام أن الأنساب بالدم واللحم عند الأنبياء لا اعتبار لها، وإنما الأنساب المعترف بها بالنسبة للأنبياء هي أنساب القيم والدين. وتابع الشيخ الشعراوي: وكنا قد عرضنا من قبل لما قاله الحق: {وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124]، فردها الله عليه قائلا: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124]، لماذا؟ لأن الإمام هو المقتدى في الهدايات. إذن فالمسألة ليست وراثة بالدم. أنساب الأنبياء وأوضح الشعراوي: وهكذا علم سيدنا إبراهيم ذلك بأن النسب للأنبياء ليس بوراثة الدم، إذن فنحن نفهم قول الحق: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} على أنها ذرية في توارثها للقيم. ونحن نسمع في القرآن: {المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمنكر وَيَنْهَوْنَ عَنِ المعروف وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المنافقين هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67]. وأكد الشعراوي أن هذا النفاق ليس أمرا يتعلق بالنسب وإنما يتعلق بالقيم، إنها كلها أمور قيمية، وحين يقال: {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي أن الله يعرف الأقوال وكذلك الأفعال والخبايا. الشيخ محمد متولي الشعراوي نشأ الشيخ الشعراوي في بيئة ريفية بسيطة، إذ ولد بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، في 15 أبريل عام 1911م، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. مؤلفاته وقد حفظ الشيخ الشعراوي علمه وكتب له البقاء لعديد الأجيال في عدة مؤلفات علمية منها: 'معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة'. وفاة إمام الدعاة وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ الشعراوي عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


اليوم السابع
منذ 4 ساعات
- اليوم السابع
الآن.. نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة أسوان بالاسم ورقم الجلوس
ينشر "اليوم السابع" نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة أسوان، عقب اعتمادها من محافظ أسوان، اليوم، بنسبة نجاح 76.9 %. نتيجة الشهادة الأعدادية بمحافظة أسوان أكد محمود بدوى، وكيل وزارة التربية والتعليم بأسوان، فى بيان صحفى، أن محافظ أسوان، اعتمد اليوم، نتيجة الفصل الدراسى الثانى للشهادة الإعدادية العامة واللغات للعام الدراسى 2024/2025 حيث بلغت نسبة النجاح 76.9 %، كما إعتمد المحافظ نتيجة الشهادة الإعدادية المهنية بنسبة 88 % ، وأيضاً الشهادة الإعدادية للمكفوفين بنسبة 100 % ، فيما بلغت نسبة النجاح للشهادة الإعدادية للصم وضعاف السمع إلى 100 % ، بينما بلغت نسبة النجاح لفصول التلمذة الصناعية 100٪ وأوضح، أن عدد المتقدمين لأداء إمتحانات الشهادة الإعدادية العامة واللغات بلغ 27 ألف و 927 طالب وطالبة داخل 189 لجنة إمتحانية ، نظام (عام - لغات - رياضى - خاص - دمج) على مستوى الإدارات التعليمية الخمس ، فيما بلغ إجمالى عدد الطلاب الناجحين 21 ألف و 478 طالب وطالبة.


اليوم السابع
منذ 4 ساعات
- اليوم السابع
دعاء رأس السنة الهجرية لعام 1447.. تعرف عليه
مع اول ساعات العام الهجرى الجديد 1447 ، أوضحت دار الإفتاء أن هناك دعاء مأثورا وهو دعاء أول السنة أن يقول في اول أيامها: "اللهم أنتَ الأبدي القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك يا ذا الجلال والإكرام"، فإنَّ الشيطان يقول: قد آيسنا مِنْ نفسه فيما بقي، ويوكل الله به ملكين يحرسانه. وأكدت الدار أن تخصيص يوم معيَّن في السَّنَة بدعاءٍ معينٍ من أدعية الصالحين ومُجَرَّبَاتهم أو عبادةٍ معينةٍ أمرٌ جائزٌ شرعًا جرى عليه عمل المسلمين عبر القرون، ونص أهل العلم من مختلف المذاهب على مشروعيته، ما لم يُعتَقَد أنه سنّةٌ نبوية. دعاءُ أولِ العام ودعاءُ آخره هما من أدعية الصالحين ومُجرَّبَاتهم، وهما من الأدعية المستحسَنة المأثورة عن مشايخ السادة الحنابلة منذ نحو ألف سنة، وقد كان يوصي بهما ويعلِّمُهما وينقُلُهما عن مشايخه إمامُ الحنابلة وشيخُهم في وقته؛ الشيخُ الإمامُ الوليُّ الصالحُ أبو عمر المقدسي محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي [ولد سنة 528هـ، وتوفي سنة 607هـ]، وهو أخو الإمام العلامة الموفق بن قدامة [ت: 620هـ] صاحب كتاب "المغني" في الفقه. قال العلامة المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في تاريخه "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان" : [وعَلَّمَني دُعاء السَّنَة، فقال: ما زال مشايخنا يواظبون على هذا الدُّعاء في أوَّل كلِّ سنة وآخرها، وما فاتني طول عمري: أما أوَّل السنة فإنَّك تقول: "اللهم أنتَ الأبدي القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك يا ذا الجلال والإكرام"، فإنَّ الشيطان يقول: قد آيسنا مِنْ نفسه فيما بقي، ويوكل الله به ملكين يحرسانه. ومنذ ذلك الحين وأهل العلم من مختلف المذاهب والمشارب يتناقلون هذين الدعاءين ويوصون بهما في أذكار العام من غير نكير، حتى نبتت هذه النابتة فجعلت الدعاء بهما بدعة، متهِمَةً الأمةَ وعلماءَها بالضلال من غير علم ولا تثبُّتٍ ولا فهم؛ كالادِّعاء بأن الكتب التي تذكر هذين الدعاءين ليست معتمدة ولا تهتم بتصحيح الحديث، وهي دعوى فاسدة نشأت عن عدم الاطلاع؛ فإن الكتاب المذكور في السؤال هو "حاشية العلامة أبي عبد الله محمد بن المدني كنُّون [ت: 1302هـ] فقيه أهل المغرب في عصره، اختصر فيها حاشية العلامة محمد بن أحمد الرهوني [ت: 1230هـ] مفتي المالكية في عصره، على شرح العلامة محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي [ت: 1122هـ] خاتمة المحدثين بالديار المصرية، على متن العلامة الشيخ أبي المَوَدَّة خليل المالكي [ت: 776هـ]"، وهو من كتب المالكية المتفق على اعتمادها في المذهب، والعلامة كنون نقلهما عن العلامة علي الأجهوري شيخ المالكية، عن سبط ابن الجوزي، عن الشيخ أبي عمر المقدسي، ولم يدَّع أحدٌ ورودَهما في الحديث الشريف حتى يُحتاجَ إلى الفحص عن سند روايتهما، ولم يدَّع أحد من علماء الحنابلة -فضلًا عن غيرهم- أنها بدعةٌ أو محرمة أو ما أشبه ذلك من الأحكام الهوجاء التي لا خطام لها ولا زمام. الرد على دعوى أن دعاء أول العام وآخره بدعة الحق أن هذه الدعوى الباطلة هي البدعة حقًّا؛ إذ حقيقتُها: حرمانُ المسلمين من تحويل الأوامر الشرعية المطلقة إلى برامج عمل يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية أو موسمية، والحيلولة بينهم وبين الانتظام في الدعاء والعبادة حسب ما تمليه ظروفهم وأوقاتهم وأحوالهم، وتناسبه عاداتهم وأعرافهم؛ فإن الناس لو تُرِكُوا دون هذه الترتيبات الموسمية وبرامج العمل الحياتية التي تجعلهم على صلة بدينهم وذكر لربهم: لأدَّى بهم ذلك إلى الغفلة، وكل ذلك مَدْعَاةٌ لتقليل مظاهر الدعاء والعبادة في حياة المسلمين، هذا مع كثرة المناسبات الاجتماعية ومواسم الاحتفال وما تموج به من لهو وانشغال عن ذكر الله تعالى وعبادته، فيضيع بذلك التوازن الذي أراد الشرعُ من خلاله أن يعمل المسلم لآخرته كأنه يموت غدًا، وأن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا. ومن اتهم المسلمين فقد تحجر واسعًا وضيَّق على المسلمين أمرًا جعل الشرع لهم فيه سعة، حيث إن الإسلام حث حثًّا مطلقًا على الدعاء، والأمر المطلق يقتضي عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، ومنع المداومة على الخير ضرب من ضروب الجهل والصدّ عن ذكر الله تعالى، والناهي عن ذلك قد سنَّ سنة سيئة في المنع من فعل الخير وتنظيمه والمداومة عليه، مخالفًا بذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن أن عمله كان ديمة، ومِن أن أحب الأعمال إلى الله أدومها كما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما، ولم يلتفت في نهيه هذا إلى عواقب ما يقوله ويزعمه مِن صرف المسلمين عن المداومة على الدعاء. وينبغي الحذر من الفتاوى الباطلة التي تطعن في هذه الأدعية الجليلة وتصفها بالبدعة؛ بدعوى أنها لم تَرِدْ في السُّنّة، فهي فتاوى مبتدعة لم يقل بها أحد من علماء الأمة، كما أنها تستلزم الطعن على علماء الأمة وصلحائها وسلفها وأئمتها، وهو عين ما يريده الأعداء من إبعاد المسلمين عن تراثهم وإفقادهم الثقة في أئمتهم الهداة.