
أمريكا والحرب
من المبكر استدعاء التاريخ للشهادة على الحرب الإيرانية الإسرائيلية لكى نتعرف على دور الولايات المتحدة. واشنطن لها دور تاريخى بحكم أولا أنها مورد السلاح الرئيسى لإسرائيل؛ وثانيا أن ما تصنعه إسرائيل هو الآخر شركة مع أمريكا فى السلاح وفى التكنولوجيا، وثالثا أن أجهزة المخابرات الأمريكية، وفى المقدمة منها المركزية فى حالة زواج مع الموساد لا يعرف الطلاق؛ ورابعا أنه منذ تولى ترامب السلطة وإسرائيل تشعر بأنه الرجل الأكثر مساهمة فى المشروع الإسرائيلى من الرؤساء الأمريكيين. هل ممكن حدوث فجوة بين واشنطن وتل أبيب، والإجابة نعم لأن الولايات المتحدة دولة عظمى وأحيانا الوحيدة فى العالم، وإسرائيل مجرد دولة إقليمية. الشهور الأخيرة شهدت الحالتين العشق بين الطرفين، والفجوة التى نشأت من رغبة ترامب فى أن يكون رجل سلام الشرق الأوسط بالتعاون مع الدول العربية، ورغبة إسرائيل أن تنتهز فرصة تاريخية من ناحيتها لتصفية جميع أعدائها وترويض من تريد أن تجعلهم أصدقاءها.
عمليا فإن إسرائيل لا تستطيع أن تخفى على الولايات المتحدة شن الحرب على إيران وموعده، فالعملية العسكرية من التعقيد والحجم، بحيث لا تغيب عن العيون الأمريكية التكنولوجية والبشرية؛ ولمن لا يتذكر فإن الولايات المتحدة طرف رئيسى فى الشرق الأوسط مع وجود قواتها وحاملات طائراتها وقواعدها وعيونها. وقبل إطلاق الطائرة الأولى فى طريقها إلى إيران فإن واشنطن أضافت حاملة طائرات إضافية.
وما حدث بالفعل أن واشنطن شاركت مباشرة بالخديعة لإيران حينما استدرجتها إلى مائدة تفاوض يعرف ترامب جيدا كيف يستخدمها لتضليل إيران بين أن الحرب «وشيكة» و«محتملة»، بينما المفاوضات ذاتها «بناءة» و«مثمرة» و«قريبة» الوصول إلى اتفاق. شرب الإيرانيون الخديعة، أن إسرائيل لا تستطيع الحرب وحدها دون الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بالحرب ما لم تيأس من التوصل إلى اتفاق ليس فقط عن منع توصل إيران للسلاح النووى وإنما أيضا القدرة على تخصيبه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 35 دقائق
- العربية
مصدر إيراني ينفي إجراء اتصال بين عراقجي وويتكوف
بعدما كشف ثلاثة دبلوماسيين، أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تحدثا هاتفيا عدة مرات منذ بدء إسرائيل هجماتها على إيران الأسبوع الماضي، في محاولة للتوصل إلى نهاية دبلوماسية للأزمة، نفى مصدر الأمر. اتصال لم يتم! فقد نفى مصدر إيراني لوكالة فارس إجراء اتصال بين عراقجي وويتكوف. يأتي هذا بينما صرح دبلوماسي غربي لصحيفة "إسرائيل اليوم" بأن إيران أرسلت لواشنطن ردا بموافقتها على بعض مطالب ترامب. وأضاف أن طهران انتقلت من الرفض القاطع إلى استعداد "مرن للغاية" لمناقشة المطالب الأميركية. كما تابع أنه رغم مع ذلك، تُصر إيران على وقف إطلاق النار الإسرائيلي كشرط مسبق. في حين أشارت مصادر أخرى إلى أن المحادثات ستبدأ مع استمرار الأعمال العسكرية، وفقا للصحيفة. جاء هذا بعدما قال دبلوماسيون، لوكالة "رويترز" طالبين عدم الكشف عن هويتهم، بسبب حساسية المسألة، إن عراقجي قال إن طهران لن تعود إلى المفاوضات ما لم توقف إسرائيل الهجمات التي بدأت في 13 يونيو/ حزيران. كما أضافوا أن المحادثات تضمنت مناقشة وجيزة لاقتراح أميركي قُدم لإيران في نهاية مايو/ أيار يهدف إلى إنشاء كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم خارج إيران، وهو عرض ترفضه طهران حتى الآن. وكانت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت قد أجابت على أسئلة الصحافيين بشأن الصراع الإسرائيلي الإيراني والتدخل الأميركي المحتمل خلال مؤتمر صحفي يوم الخميس. وشددت على أن الرئيس دونالد ترامب يريد السماح باستمرار الجهود الدبلوماسية قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن العمل العسكري الأميركي على إيران. وأكدت أن أي اتفاق مع إيران يجب أن لا يتضمن تخصيب اليورانيوم، وأن على إيران إبرام الاتفاق. خلال أسبوعين وكشفت أن الرئيس ترامب سيتخذ قرارا خلال الأسبوعين المقبلين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية. كما تابعت نقلا عن رسالة من ترامب "استنادا إلى حقيقة أن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تجري أو لا تجري مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري بشأن التدخل من عدمه خلال الأسبوعين المقبلين". وأضافت أن أولوية ترامب القصوى هي ضمان عدم تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي.


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
الخارجية النرويجية: وقوع انفجار بمقر سفيرنا في تل أبيب ولا إصابات
قالت وزارة الخارجية النرويجية إن انفجارا وقع في مقر إقامة السفير النرويجي لدى إسرائيل مساء اليوم الخميس في تل أبيب. وذكرت الوزارة في البيان المرسل عبر البريد الإلكتروني "نتواصل مع السفارة الليلة. لم يصب أي من موظفي السفارة بجروح خلال الحادث". ولم تفصح الوزارة عن سبب الانفجار.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
خريف الخطأ
عالم من الأكاذيب لا يصمد أمام حقيقة واحدة... الخداع قد يستمر بعض الوقت، لكنه قطعاً لن يستمر طوال الوقت... ليس سهلاً على الحاكم أن يدرس الرياضيات ويخطئ في كل الحسابات. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قاد سلسلة من الأخطاء المركبة من دون أن يتوقف أو يعترف، فهو أسير لمدرسة المتطرف زائيف جابوتينسكي، الذي يؤمن بسلام القوة الغاشمة، تلك التي ورثها من مناحيم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، نتنياهو يقرأ التاريخ، ويدمن استدعاء الأخطاء، وتتلبسه شخصية أساتذته من أمثال بن غوريون وبيغن، لم تغب عنه تلك المدرسة العتيقة التي تؤمن بالحروب والاغتيالات الاستباقية. يوم الثالث عشر من يونيو (حزيران) الحالي، استدعى نتنياهو صفحة دموية من قاموس السياسة التصفوية التي لا يجيد غيرها، وقام بقصف المفاعلات النووية الإيرانية، منتهكاً بروتوكول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومتجاوزاً كل المواثيق والقوانين الدولية، واعتدى على دولة عضو في الأمم المتحدة، وذات سيادة. ذكرني هجوم نتنياهو الاستباقي بهجوم أستاذه مناحيم بيغن عام 1981 عندما قصف مفاعل «تموز العراقي»، وبما ارتكبه يهود أولمرت عام 2007 عندما قصف المفاعل النووي السوري «الكبر». ثمة مفارقات بين الموقعتين، ففي حالة العراق كان البلد مشغولاً بحربه مع إيران، وفي الحالة السورية لم يشأ الرئيس السابق بشار الأسد أن يرد فيدخل في حرب. أفلت بيغن في حالة العراق، وأفلت أولمرت في حالة سوريا، بينما في حالة إيران الآن وقع نتنياهو في شرك مفاعل «نطنز»، والمفاعلات النووية الأخرى، فقد خابت ظنونه وتورط في الحسابات الخاطئة، ردت إيران وتفاعل المحيط الجغرافي لإيران والمنطقة ضد المسلك الذي اتخذه نتنياهو، وتجلى ذلك في بيانات سياسية أصدرتها الدول العربية المحيطة، وكذلك الدول الآسيوية، لم يتوقع نتنياهو أنه سيفيق على كارثة مفزعة، وأنه انغمس في حرب شاملة، وهو الذي كان يريدها خاطفة سريعة على طريقة ما جرى من إسرائيل سابقاً. لكن الوقت مختلف، والتغير العالمي يتسارع عما كان في عصر بيغن أو أولمرت أو حتى في عصر مؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون، الذي كان يقول إن «الجيش الإسرائيلي يترجم التوراة على الأرض»، لذا استخدم نتنياهو تعبير «الأسد الصاعد» المأخوذ عن عالم التوراة كأنه استدعاء لقصص التوراة ليداعب خيال اليمين المتطرف، وكأنه في معركة دينية، وليست معركة نفوذ، ومصالح ومطامع. لكل حرب نهاية، وستنتهي هذه الحرب التي أشعلها نتنياهو، لكن يوجد سؤال يطرح نفسه بقوة: هل قرار نتنياهو بالحرب ضد إيران سيكون خريف الأخطاء التي ارتكبها طوال العامين الماضيين وتحديداً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 عندما شن سلسلة حروب، وفتح الجبهات المتعددة على إسرائيل أحصاها هو بسبع جبهات؟ في الحقيقة إن نتنياهو يستخدم إعلام «غوبلز» القائم على الأكاذيب والخداع، فهو لا يحارب بالفعل على سبع جبهات، إنما يقاتل منظمات وميليشيات، ولا أحد في المنطقة يؤمن بسياسة الميليشيات أساساً، لكنه أراد أن يعطيها شرعية، وكأنها دول، وهذا التفكير الخاطئ قاده إلى الشرك الكبير بالوقوع في حرب حقيقية مع دولة شاملة، وليست ميليشيا، فللمرة الأولى منذ أكثر من خمسين عاماً تحارب إسرائيل دولة أخرى بالمعنى الحرفي، وبالتالي أوقع نتنياهو نفسه في مستنقع، قد يتحرك ويتسع ليشمل جغرافيا أوسع من منطقة الشرق الأوسط. وهنا تؤكد الشواهد أن هذا الخطأ المتطرف، قد يقود القوى العظمى إلى الاشتباك في صراع طاحن، ويبدو أن نتنياهو أراد ذلك، ولا ننسى أن خطابه أمام الكونغرس الأميركي الذي حمل دعوة لحرب غربية على الشرق، يقودها هو بنفسه، مذكراً الغرب بالتحالف الذي حارب النازية في الحرب العالمية الثانية وانتصر عليها، في مغالطة تاريخية، وجدت من يصدقه أو يصفق له، فلا الفلسطينيون نازيون، ولا يوجد هتلر في الشرق، فالفلسطينيون خاضعون للاحتلال باعتراف القانون الدولي، والشرق عموماً يريد الاستقرار، بل إن هناك من حذّر من مخاطر اتساع الحرب، وتصفية القضية الفلسطينية. وعلى ذكر هذه القضية، فقد كان يجب أن يشهد اليوم التالي لهذه الحرب مؤتمراً دولياً في نيويورك، للاعتراف بفلسطين الدولة، لكن نتنياهو ارتجف من هذا اليوم وخرج عن أطواره، لقطع الطريق على نيويورك، ومنع الاعتراف بفلسطين، وشن حربه على إيران، من دون أن يعرف نهايتها. إنه خريف الخطأ... نتنياهو استنفد كل الحيل التي آمن بها منذ ألّف كتابه «مكان تحت الشمس» الذي حلم فيه أن تكون إسرائيل قائدة مطلقة للشرق الأوسط، وقد عبر خلال العامين الماضيين في أكثر من تصريح أن إسرائيل ستغير وجه الشرق الأوسط، بل تمادى وقال: سوف تغير العالم، لكن حربه على إيران كشفت أن منسوب الأخطاء بلغ ذروته، وقاد إسرائيل إلى مصيدة الخطأ الأكبر الذي لا يمكن إصلاحه، من دون شطب مدرسة نتنياهو القائمة على سلام القوة، وديمقراطية الدمار.