logo
تعرّف على القديسة المراهقة التي قادت جيوش فرنسا وألهمت الحركات السياسية والنسائية

تعرّف على القديسة المراهقة التي قادت جيوش فرنسا وألهمت الحركات السياسية والنسائية

الوسطمنذ 2 أيام

Getty Images
في مثل هذا اليوم 30 مايو/أيار من عام 1431 أعدم الإنجليز حرقاً جان دارك، بعد أن اتُهمت بـ"الهرطقة" وعمرها 19 عاماً فقط، وقادت الشابة الفرنسية المقاومة ضد الإنجليز خلال حرب المئة عام بين فرنسا وإنجلترا.
وتُعد جان دارك، المعروفة أيضاً باسم "عذراء أورليان"، واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في التاريخ العالمي، إذ زعمت فتاة مراهقة من عامة الشعب أنها تلقت إرشادات إلهية ثم قادت جيوشاً إلى النصر ثم أُعدمت حرقاً، وهو الأمر الذي أسر خيال الأجيال على مر العصور.
وتُعتبر جان دارك شهيدة وقديسة، ولا تزال حياتها تلهم الأعمال الفنية والأدبية والحركات السياسية.
البدايات وحرب المئة عام
تقول دائرة المعارف البريطانية، إن جان دارك وُلدت في حوالي عام 1412 في قرية دومريمي الواقعة في شمال شرق فرنسا، على حدود دوقيتي بار ولورين، لأب مزارع يستأجر الأرض التي يفلحها. وتميزت منذ طفولتها بإيمانها العميق وقوة إرادتها، الأمر الذي جعلها مختلفة عن باقي الفتيات في قريتها. ورغم أنها كانت أمية، فإنها تمتعت بذاكرة قوية وبلاغة لافتة.
وقد نشأت جان وسط أهوال حرب المئة عام، وهي نزاع طويل الأمد بين المملكتين الفرنسية والإنجليزية بسبب الخلاف حول من يملك الحق في العرش الفرنسي.
فقد نصّت معاهدة تروا عام 1420 على حرمان شارل (لاحقاً شارل السابع) ، ابن ووريث ملك فالوا شارل السادس، من العرش لصالح ملك لانكستر الإنجليزي هنري السادس، وهو طفل حينها، فيما تحالفت دوقية بورغندي القوية مع الإنجليز.
وكانت المعنويات في فرنسا في أدنى مستوياتها في ذلك الوقت حيث شكك كثيرون في شرعية شارل، كما كانت البلاد غارقة في الفقر والمجاعة والمرض والفوضى، فيما كانت باريس ومناطق واسعة من شمال فرنسا تحت سيطرة الإنجليز.
وزاد من الوضع سوءاً بالنسبة لشارل أنه لم يُتوَّج حتى نهاية عام 1427 أي بعد 5 سنوات من وفاة والده، وكانت مدينة ريمس، المكان التقليدي لتنصيب ملوك فرنسا، تقع ضمن الأراضي التي يسيطر عليها أعداؤه.
Getty Images
النصر في أورليان
وفي سن الـ 13، بدأت جان ترى رؤى وصفتها لاحقاً بأنها رسائل من السماء، وذكرت أن القديس ميخائيل، والقديسة كاترين من الإسكندرية، والقديسة مارغريت من أنطاكية ظهروا لها وأمروها بمساندة ولي العهد الفرنسي شارل، ومساعدته في طرد الإنجليز من من مملكة فالوا الفرنسية، وأصبحت هذه الرؤى جوهر رسالتها ومصدر قناعتها العميقة.
وكانت قرية جان، دومريمي، تقع على الحدود بين فرنسا الأنجلو-بورغندية ومملكة فالوا الفرنسية. وكان سكان القرية قد اضطروا بالفعل إلى هجر منازلهم أمام تهديدات البورغند.
وبتوجيه من أصوات قديسيها، سافرت جان في مايو/أيار من عام 1428، من دومريمي إلى فوكولور، أقرب معقل لا يزال موالياً لشارل، حيث طلبت من قائد الحامية روبرت دي بودريكورت مساعدتها لترتيب لقاء مع شارل.
ولم يأخذ دي بودريكورت الفتاة البالغة من العمر حينئذ 16 عاماً ورؤاها على محمل الجد، فعادت أدراجها، لكنها رجعت إلى فوكولور مرة أخرى في يناير/كانون الثاني من عام 1429.
وهذه المرة، أكسبها ثباتها الهادئ وتقواها، احترام الناس، وسمح لها القائد بودريكورت، مقتنعاً بأنها ليست ساحرة وليس لديها مشاكل عقلية، بالذهاب إلى شارل في شينون، فغادرت فوكولور حوالي 13 فبراير/شباط، مرتدية ملابس رجال، وبرفقتها 6 رجال مسلحين، وعبرت أراضي يسيطر عليها العدو، وسافرت لمدة 11 يوماً، حتى وصلت شينون.
وتوجهت جان فوراً إلى قلعة شارل، الذي كان متردداً في البداية في استقبالها حيث قدّم له مستشاروه نصائح متضاربة، لكنه بعد يومين سمح لها بمقابلته.
وفي لقائها الأول به، قيل إنها استطاعت التعرف عليه رغم أنه كان متنكراً بين الحاضرين، وهو ما أثار دهشة الجميع، وأخبرته أنها ترغب في خوض الحرب ضد الإنجليز، وأنها ستقوم بتتويجه في ريمس.
وبعد سلسلة من التحقيقات اللاهوتية في بواتييه للتأكد من أنها ليست مهرطقة، أُعلن أنها سليمة العقيدة وجديرة بالثقة.
Getty Images
قادت جان دارك الجيش الفرنسي لفك الحصار عن أورليان
وفي أبريل/ نيسان من عام 1429، حصلت على الموافقة لقيادة جيش لإنقاذ مدينة أورليان، ورغم افتقارها للتدريب العسكري، فإن شجاعتها وخطاباتها النارية لعبت دوراً كبيراً في تحفيز الجنود.
وتم حشد قوات فرنسية قوامها عدة مئات من الرجال في بلوا، وفي 27 أبريل/نيسان من عام 1429، انطلقت نحو أورليان. وكانت المدينة، المحاصرة منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول 1428، محاطة بشكل شبه كامل بقوات الإنجليز.
ومساء 4 مايو/أيار، بينما كانت جان تستريح، نهضت فجأة، وأعلنت أنها يجب أن تذهب لمهاجمة الإنجليز على الفور، واندلع القتال الذي استمر ثلاثة أيام وانتهى بهزيمة الإنجليز وانسحابهم، وشكل هذا النصر نقطة تحول كبيرة في الحرب، ورفع من معنويات الفرنسيين.
وغادرت جان أورليان في 9 مايو/أيار، والتقت بشارل في تور إذ حثّته على الإسراع بالتوجه إلى ريمس ليُتوج، ورغم تردده لأن بعض مستشاريه الأكثر حكمة نصحوه بغزو نورماندي، إلا أن إلحاح جان حسم الأمر في النهاية.
وخلال المسير نحو ريمس، فتحت المدن أبوابها للجيش الواحدة تلو الأخرى.
وفي 16 يوليو/تموز، وصل الجيش الفرنسي إلى ريمس، التي فتحت أبوابها. وفي 17 يوليو/تموز من عام 1429، تُوّج شارل ملكاً في كاتدرائية ريمس بحضور جان، التي وُصفت آنذاك بأنها بطلة الأمة الفرنسية.
وكانت هذه لحظة تحقيق النبوءة بالنسبة لجان، وفي اليوم نفسه، كتبت إلى دوق بورغندي، تُناشده فيها إحلال السلام مع الملك.
الأَسْر والمحاكمة والإعدام
Getty Images
رسم لإعدام جان دارك حرقاً بتهمة الهرطقة
استمرت المعارك بين الفرنسيين والإنجليز، وفي عام 1430، أثناء مشاركتها في الدفاع عن مدينة كومبيين ضد قوات بورغوندية موالية للإنجليز، أُسرت جان وسُلمت إلى دوق بورغوندي، الذي بدوره سلمها للإنجليز الذين رأوا فيها تهديداً سياسياً ودينياً، وقرروا محاكمتها بتهمة الهرطقة بدلاً من معاملتها كأسيرة حرب.
ونُقلت إلى روان حيث جرت محاكمتها تحت إشراف الأسقف بيير كوشون، أحد المؤيدين لبورغوندي. واستمرت المحاكمة عدة أشهر، وخضعت جان لاستجوابات مرهِقة من قبل رجال دين موالين للإنجليز.
ورغم صغر سنها، أظهرت جان ثباتاً وقوة شخصية أثناء المحاكمة، وتدل سجلات المحكمة على قدرتها اللافتة على التفكير السريع والدفاع عن نفسها، وكانت التهم تشمل ارتداء ملابس الرجال، وادعاء تلقي وحْيٍ من الرب، وممارسة السلطة الدينية بشكل غير مشروع.
وفي 30 مايو/أيار من عام 1431، أُدينت جان بتهمة الهرطقة وأُحرقت حيّة في ساحة بمدينة روان وهي في الـ 19 من عمرها. وروى الشهود أنها واجهت الموت بشجاعة، وقد جُمع رمادها وأُلقي في نهر السين.
القداسة والإرث
أثارت وفاتها صدمة واسعة، وبعد سنوات بدأت تظهر دعوات لإعادة الاعتبار لها. وفي عام 1456، أمر الملك شارل السابع بإعادة فتح القضية، وتمت محاكمة جديدة انتهت بإعلان براءتها واعتبارها شهيدة.
وخلال القرون التالية، ارتفعت مكانة جان دارك، ففي عام 1803، أعلن نابليون بونابرت أنها رمز وطني لفرنسا، وجرى تطويبها في الكنيسة الكاثوليكية عام 1909، وتم إعلان قداستها في عام 1920، وتُعد اليوم إحدى شفيعات فرنسا، ويُحتفَل بذكراها سنوياً في 30 مايو/أيار من كل عام.
وقد استخدمتها الحكومات الفرنسية لتعزيز الروح المعنوية سواء في الحرب العالمية الأولى أو الثانية، وتبنتها تيارات سياسية متباينة من الملكيين والجمهوريين إلى اليمين المتطرف واليسار، وكلٌ وفقاً لرؤيته.
Getty Images
وفي الأدب والفنون، كانت مصدر إلهام لكبار الكُتّاب مثل شكسبير وفولتير ومارك توين، الذي كتب عنها بإعجاب بالغ في روايته "مذكرات جان دارك الشخصية"، أما جورج برنارد شو، فقد قدمها كرمز مأساوي يواجه قوة المؤسسات باسم الضمير الفردي.
وتُعتبر جان دارك من الناحية السياسية رمزاً للمقاومة الشعبية، ودليلاً على أن الشجاعة الفردية قادرة على تغيير مجرى التاريخ، وهي بالنسبة للعديد من الفرنسيين تُجسد أيقونة للوطنية النقية.
ورغم أنها لم تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق النساء، فإن جان دارك تُعد اليوم من رموز القوة النسائية، فقد تحدت الأعراف الاجتماعية، وارتدت زي الرجال، وقادت جيوشاً، وتحدثت باسم الرب إلى ملوك وقساوسة. لقد أدت شجاعتها واستقلاليتها إلى جعلها مصدر إلهام للنساء في مختلف العصور.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف يمكن لوالدين جدد أن يربيا أطفالهما بأسلوب مغاير لما نشآ عليه؟
كيف يمكن لوالدين جدد أن يربيا أطفالهما بأسلوب مغاير لما نشآ عليه؟

الوسط

timeمنذ 6 ساعات

  • الوسط

كيف يمكن لوالدين جدد أن يربيا أطفالهما بأسلوب مغاير لما نشآ عليه؟

Getty Images أًصبحت أمّاً لأول مرة في عمر الرابعة والعشرين، ومنذ ذلك الحين، أي منذ ثلاث سنوات مضت، أقبع في دوامة الحنان والحزم، المرونة والانضباط، الصبر والضجر في تربية طفلي. أنا مثال للكثير من الأمهات اللاتي يصارعن من أجل تربية أطفالهن في زمن مغاير لما نشأن عليه. تُربكنا مصطلحات كـ"التربية الحديثة" التي لم يعرفها آباؤنا، ولم نجد من يطلعنا على أسرارها سوى بعض المقاطع المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي هي بالأساس توسّع الفجوة لدينا بين المثالية والواقع. وفي زمن كثرت فيه النصائح وإصدار الأحكام على الوالدين، يغفل محيطنا عن دعم جهد الأبوين، حتى وإن جاء الدعم على هيئة ثناء، فهو بالحقيقة يعني الشيء الكثير لنا. الأمم المتحدة وخصوصاً في اليوم العالمي للوالدين الذي يصادف الأول من يونيو/ حزيران، أطلقت شعار "تزويد الوالدين" لاحتفال هذا العام، للتركيز على حقيقة جوهرية مفادها أن "التربية مهارة مكتسبة". وتقول عبر موقعها الإلكتروني، إن "الآباء ومقدمي الرعاية في حاجة إلى الوقت والموارد والدعم المناسب لتربية أطفالهم في بيئة داعمة وإيجابية". ويتّفق خبراء تحدّثوا لبي بي سي، على أن مهارة التربية يجب تنميتها كأي مهارة أخرى نخضع لتدريبات من أجلها، لتأدية دور الأمومة والأبوة بأحسن حال. وهُنا يُخبرنا وليد والد الطفلة رفيف، في حديثه لبي بي سي أنه "على قناعة تامّة بأن التربية تحتاج مهارة فائقة ووعياً وصبراً وتعلّماً مستمراً، خصوصاً عندما تدرك أنك تساهم بشكل كبير في صقل شخصية طفلك". ويرى أن دور الأب في التربية لا يقتصر على تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة، بل أيضاً على الحضور والمشاركة والمتابعة والاحتواء. ويمزج وليد بين الأساليب التي نشأ عليها وتلك المستجدة التي قد تكون برأيه، أكثر جدوى في التربية، خصوصاً أن هذا الجيل يُعاصر التطور التكنولوجي وثورة الذكاء الاصطناعي. "أوجد الأسلوب المناسب لك" وتعتقد نور والدة الطفلة قمر، أن أساليب التربية التي يتبعها الآباء تختلف تبعاً لعدد الأبناء. وترى-وهي أم لطفلة واحدة- أنها تعتمد أسلوباً مغايراً لذلك الذي نشأت عليه في طفولتها، إذ تربّت ضمن أسرة تضم إخوة وأخوات، ما فرض نمطاً تربوياً مختلفاً. وتقول في حديثها لبي بي سي، إن كل عائلة تعتمد أسلوباً خاصاً بها، دون تقمص أساليب عائلة أخرى، مظهرة إدراكها لكون التربية مهارة تتطور مع مرور الوقت. منى عوض الموجهة التربوية، تقول خلال حوارها مع بي بي سي إن "هناك أسلوبين متنافرين للتربية التي يلجأ إليهما الآباء الجدد، أحدهما يعتمد على ما تربوا عليه، والآخر يعتمد على استخدام أساليب جديدة أكثر إيجابية". وترفض عوض مصطلح "التربية الحديثة" بقولها: "لا يوجد تربية حديثه، بل هناك أساليب مناسبة للمرحلة العمرية للطفل تساعد الأهل على تمكينه". وتؤكد عوض ضرورة بحث كل عائلة عن الأساليب التي تناسبها والتي ستعكس هويتها التربوية، مبينةً أنه على الوالدين إدراك أهمية حصولهما على تدريبات تربوية. وتضيف: "أوجدوا الأسلوب المناسب لكم. لا يوجد أسلوب واحد مناسب للجميع، بل هناك ما يناسب والدين معينين وطفلهما وذلك من خلال المزج ما بين ما يناسب احتياجات الطفل وما يناسب رؤية الأهل لطفلهم وأهدافهم ومعتقداتهم وثقافتهم". وتلخص عوض احتياجات الأطفال للتربية السوية بـ : علاقة قوية مع الأهل من خلال قضاء الوقت معاً. المحبة الظاهرة من خلال تخصيص وقت للطفل. معرفة اهتمامات الطفل في كل مراحله العمرية. مساهمة الطفل بإبدء رأيه وقيامه بمهام معينة. تشجيع الخيال والأفكار لدى الأطفال. "كاسرو حلقة الممارسات التربوية السلبية" وتشير سيرسا قورشة أخصائية الطفولة والإرشاد الوالدي، إلى بروز جيل جديد من الأهالي يسعى لكسر حلقة الممارسات التربوية السلبية، رافضاً تكرار الأساليب التقليدية. وتوضح في حديثها لبي بي سي، أن الأهل اليوم أصبحوا أكثر وعياً بتصرفاتهم تجاه أبنائهم، ويعيدون النظر في أساليبهم التربوية التلقائية، خاصة تلك التي تُعد تكراراً للممارسات التي تعرضوا لها في طفولتهم. وتؤكد على أهمية توعية الأهل بالخصائص النمائية لأطفالهم في مختلف المراحل العمرية، مشيرة إلى أن عدم توافق توقعات الأهل مع قدرات الطفل يشكل ظلماً بحقه. وتوجه الأبوين إلى أخذ المعلومات من المصادر الموثوقة في الإنترنت، أو من الكتب العملة، أو حتى من خلال التوجه إلى مرشد تربوي. وتقول إن إصدار الأحكام بات شائعاً بسبب الصورة المثالية التي تروج لها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي نادراً ما تعكس الواقع الفعلي لصعوبات التربية. وفي هذا السياق تقول منى عوض إن "ثقة الأهل تبدأ تزداد عندما يدركون الأساليب والأدوات التي يجب استعمالها مع كل مرحلة عمرية لطفلهم"، موضحة "إن كانت لديك ثقة بالأساليب التربوية لن تتأثر بالانتقادات". ويضيف والد رفيف: "ربما أدركتُ أخيراً أنني لست أبنائي، ولا يصح أن أسقط عليهم كل ما أحب أو أكره. فهم كيان مستقل، ومن حقهم أن تُمنح لهم المساحة الكافية لاكتشاف اهتماماتهم وتحديد مساراتهم الخاصة". ويبيّن أنه اطلع على العديد من المراجع لتطوير مهاراته التربوية، وأنه تابع عدة حلقات مصوّرة حول أساليب التربية والخصائص العمرية للطفل. ويتعامل، وفق قوله، بمرونة مع اختلاف الآراء التربوية ويتبنى منها ما يناسب قيمه، معرباً عن قناعته بأنه لا يوجد نمط تربوي واحد صحيح. التحديات التربوية وترى نور أن أكبر تحدٍ يواجهها في التربية، هو دخول ابنتها في نوبات غضب، بينما يجسّد وليد التحدي الأكبر لديه بكيفية التوفيق بين العمل والعائلة. وترى قورشة أن التحديات التربوية التي يواجهها الأهل اليوم متعددة، وتتأثر بعدة عوامل معاصرة. وتوضح أن من أبرز هذه التحديات "رغبة الأهل في إيجاد حلول سريعة للمشكلات السلوكية، نتيجة لتأثرهم بعصر السرعة والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تجاهل أهمية الصبر والاستمرارية في التربية". كما تشير إلى أن الضغط الناتج عن وتيرة الحياة الحديثة قلّل من تقدير الأهل لأهمية الوقت والجهد المطلوبين في تربية الأطفال، خاصة فيما يتعلق بضبط انفعال الأطفال، وهو ما يتطلب تكراراً وتعليماً مستمراً، وفق قورشة. وتحذر كذلك من الآثار السلبية المتراكمة لاستخدام الأطفال المفرط للتكنولوجيا والوقت الذي يقضونه أمام الشاشات، مؤكدة أن ذلك ينعكس سلباً على سلوكهم وتطورهم النفسي والاجتماعي. أمّا الآن، وبعد كل ما مررتُ به من تساؤلات وتجارب وتحديات في مشواري كأم، أدرك أن طلب الدعم ليس ضعفاً، بل هو شجاعة ومسؤولية. لذا، أتطلّع بشغف إلى جلستي التدريبية المقبلة مع الأخصائية التربوية، آملةً أن تمنحني فهماً أعمق لخصائص المراحل العمرية المختلفة، بما يساعدني على اختيار الأساليب التربوية الأنسب لطفلي.

تعرّف على القديسة المراهقة التي قادت جيوش فرنسا وألهمت الحركات السياسية والنسائية
تعرّف على القديسة المراهقة التي قادت جيوش فرنسا وألهمت الحركات السياسية والنسائية

الوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الوسط

تعرّف على القديسة المراهقة التي قادت جيوش فرنسا وألهمت الحركات السياسية والنسائية

Getty Images في مثل هذا اليوم 30 مايو/أيار من عام 1431 أعدم الإنجليز حرقاً جان دارك، بعد أن اتُهمت بـ"الهرطقة" وعمرها 19 عاماً فقط، وقادت الشابة الفرنسية المقاومة ضد الإنجليز خلال حرب المئة عام بين فرنسا وإنجلترا. وتُعد جان دارك، المعروفة أيضاً باسم "عذراء أورليان"، واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في التاريخ العالمي، إذ زعمت فتاة مراهقة من عامة الشعب أنها تلقت إرشادات إلهية ثم قادت جيوشاً إلى النصر ثم أُعدمت حرقاً، وهو الأمر الذي أسر خيال الأجيال على مر العصور. وتُعتبر جان دارك شهيدة وقديسة، ولا تزال حياتها تلهم الأعمال الفنية والأدبية والحركات السياسية. البدايات وحرب المئة عام تقول دائرة المعارف البريطانية، إن جان دارك وُلدت في حوالي عام 1412 في قرية دومريمي الواقعة في شمال شرق فرنسا، على حدود دوقيتي بار ولورين، لأب مزارع يستأجر الأرض التي يفلحها. وتميزت منذ طفولتها بإيمانها العميق وقوة إرادتها، الأمر الذي جعلها مختلفة عن باقي الفتيات في قريتها. ورغم أنها كانت أمية، فإنها تمتعت بذاكرة قوية وبلاغة لافتة. وقد نشأت جان وسط أهوال حرب المئة عام، وهي نزاع طويل الأمد بين المملكتين الفرنسية والإنجليزية بسبب الخلاف حول من يملك الحق في العرش الفرنسي. فقد نصّت معاهدة تروا عام 1420 على حرمان شارل (لاحقاً شارل السابع) ، ابن ووريث ملك فالوا شارل السادس، من العرش لصالح ملك لانكستر الإنجليزي هنري السادس، وهو طفل حينها، فيما تحالفت دوقية بورغندي القوية مع الإنجليز. وكانت المعنويات في فرنسا في أدنى مستوياتها في ذلك الوقت حيث شكك كثيرون في شرعية شارل، كما كانت البلاد غارقة في الفقر والمجاعة والمرض والفوضى، فيما كانت باريس ومناطق واسعة من شمال فرنسا تحت سيطرة الإنجليز. وزاد من الوضع سوءاً بالنسبة لشارل أنه لم يُتوَّج حتى نهاية عام 1427 أي بعد 5 سنوات من وفاة والده، وكانت مدينة ريمس، المكان التقليدي لتنصيب ملوك فرنسا، تقع ضمن الأراضي التي يسيطر عليها أعداؤه. Getty Images النصر في أورليان وفي سن الـ 13، بدأت جان ترى رؤى وصفتها لاحقاً بأنها رسائل من السماء، وذكرت أن القديس ميخائيل، والقديسة كاترين من الإسكندرية، والقديسة مارغريت من أنطاكية ظهروا لها وأمروها بمساندة ولي العهد الفرنسي شارل، ومساعدته في طرد الإنجليز من من مملكة فالوا الفرنسية، وأصبحت هذه الرؤى جوهر رسالتها ومصدر قناعتها العميقة. وكانت قرية جان، دومريمي، تقع على الحدود بين فرنسا الأنجلو-بورغندية ومملكة فالوا الفرنسية. وكان سكان القرية قد اضطروا بالفعل إلى هجر منازلهم أمام تهديدات البورغند. وبتوجيه من أصوات قديسيها، سافرت جان في مايو/أيار من عام 1428، من دومريمي إلى فوكولور، أقرب معقل لا يزال موالياً لشارل، حيث طلبت من قائد الحامية روبرت دي بودريكورت مساعدتها لترتيب لقاء مع شارل. ولم يأخذ دي بودريكورت الفتاة البالغة من العمر حينئذ 16 عاماً ورؤاها على محمل الجد، فعادت أدراجها، لكنها رجعت إلى فوكولور مرة أخرى في يناير/كانون الثاني من عام 1429. وهذه المرة، أكسبها ثباتها الهادئ وتقواها، احترام الناس، وسمح لها القائد بودريكورت، مقتنعاً بأنها ليست ساحرة وليس لديها مشاكل عقلية، بالذهاب إلى شارل في شينون، فغادرت فوكولور حوالي 13 فبراير/شباط، مرتدية ملابس رجال، وبرفقتها 6 رجال مسلحين، وعبرت أراضي يسيطر عليها العدو، وسافرت لمدة 11 يوماً، حتى وصلت شينون. وتوجهت جان فوراً إلى قلعة شارل، الذي كان متردداً في البداية في استقبالها حيث قدّم له مستشاروه نصائح متضاربة، لكنه بعد يومين سمح لها بمقابلته. وفي لقائها الأول به، قيل إنها استطاعت التعرف عليه رغم أنه كان متنكراً بين الحاضرين، وهو ما أثار دهشة الجميع، وأخبرته أنها ترغب في خوض الحرب ضد الإنجليز، وأنها ستقوم بتتويجه في ريمس. وبعد سلسلة من التحقيقات اللاهوتية في بواتييه للتأكد من أنها ليست مهرطقة، أُعلن أنها سليمة العقيدة وجديرة بالثقة. Getty Images قادت جان دارك الجيش الفرنسي لفك الحصار عن أورليان وفي أبريل/ نيسان من عام 1429، حصلت على الموافقة لقيادة جيش لإنقاذ مدينة أورليان، ورغم افتقارها للتدريب العسكري، فإن شجاعتها وخطاباتها النارية لعبت دوراً كبيراً في تحفيز الجنود. وتم حشد قوات فرنسية قوامها عدة مئات من الرجال في بلوا، وفي 27 أبريل/نيسان من عام 1429، انطلقت نحو أورليان. وكانت المدينة، المحاصرة منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول 1428، محاطة بشكل شبه كامل بقوات الإنجليز. ومساء 4 مايو/أيار، بينما كانت جان تستريح، نهضت فجأة، وأعلنت أنها يجب أن تذهب لمهاجمة الإنجليز على الفور، واندلع القتال الذي استمر ثلاثة أيام وانتهى بهزيمة الإنجليز وانسحابهم، وشكل هذا النصر نقطة تحول كبيرة في الحرب، ورفع من معنويات الفرنسيين. وغادرت جان أورليان في 9 مايو/أيار، والتقت بشارل في تور إذ حثّته على الإسراع بالتوجه إلى ريمس ليُتوج، ورغم تردده لأن بعض مستشاريه الأكثر حكمة نصحوه بغزو نورماندي، إلا أن إلحاح جان حسم الأمر في النهاية. وخلال المسير نحو ريمس، فتحت المدن أبوابها للجيش الواحدة تلو الأخرى. وفي 16 يوليو/تموز، وصل الجيش الفرنسي إلى ريمس، التي فتحت أبوابها. وفي 17 يوليو/تموز من عام 1429، تُوّج شارل ملكاً في كاتدرائية ريمس بحضور جان، التي وُصفت آنذاك بأنها بطلة الأمة الفرنسية. وكانت هذه لحظة تحقيق النبوءة بالنسبة لجان، وفي اليوم نفسه، كتبت إلى دوق بورغندي، تُناشده فيها إحلال السلام مع الملك. الأَسْر والمحاكمة والإعدام Getty Images رسم لإعدام جان دارك حرقاً بتهمة الهرطقة استمرت المعارك بين الفرنسيين والإنجليز، وفي عام 1430، أثناء مشاركتها في الدفاع عن مدينة كومبيين ضد قوات بورغوندية موالية للإنجليز، أُسرت جان وسُلمت إلى دوق بورغوندي، الذي بدوره سلمها للإنجليز الذين رأوا فيها تهديداً سياسياً ودينياً، وقرروا محاكمتها بتهمة الهرطقة بدلاً من معاملتها كأسيرة حرب. ونُقلت إلى روان حيث جرت محاكمتها تحت إشراف الأسقف بيير كوشون، أحد المؤيدين لبورغوندي. واستمرت المحاكمة عدة أشهر، وخضعت جان لاستجوابات مرهِقة من قبل رجال دين موالين للإنجليز. ورغم صغر سنها، أظهرت جان ثباتاً وقوة شخصية أثناء المحاكمة، وتدل سجلات المحكمة على قدرتها اللافتة على التفكير السريع والدفاع عن نفسها، وكانت التهم تشمل ارتداء ملابس الرجال، وادعاء تلقي وحْيٍ من الرب، وممارسة السلطة الدينية بشكل غير مشروع. وفي 30 مايو/أيار من عام 1431، أُدينت جان بتهمة الهرطقة وأُحرقت حيّة في ساحة بمدينة روان وهي في الـ 19 من عمرها. وروى الشهود أنها واجهت الموت بشجاعة، وقد جُمع رمادها وأُلقي في نهر السين. القداسة والإرث أثارت وفاتها صدمة واسعة، وبعد سنوات بدأت تظهر دعوات لإعادة الاعتبار لها. وفي عام 1456، أمر الملك شارل السابع بإعادة فتح القضية، وتمت محاكمة جديدة انتهت بإعلان براءتها واعتبارها شهيدة. وخلال القرون التالية، ارتفعت مكانة جان دارك، ففي عام 1803، أعلن نابليون بونابرت أنها رمز وطني لفرنسا، وجرى تطويبها في الكنيسة الكاثوليكية عام 1909، وتم إعلان قداستها في عام 1920، وتُعد اليوم إحدى شفيعات فرنسا، ويُحتفَل بذكراها سنوياً في 30 مايو/أيار من كل عام. وقد استخدمتها الحكومات الفرنسية لتعزيز الروح المعنوية سواء في الحرب العالمية الأولى أو الثانية، وتبنتها تيارات سياسية متباينة من الملكيين والجمهوريين إلى اليمين المتطرف واليسار، وكلٌ وفقاً لرؤيته. Getty Images وفي الأدب والفنون، كانت مصدر إلهام لكبار الكُتّاب مثل شكسبير وفولتير ومارك توين، الذي كتب عنها بإعجاب بالغ في روايته "مذكرات جان دارك الشخصية"، أما جورج برنارد شو، فقد قدمها كرمز مأساوي يواجه قوة المؤسسات باسم الضمير الفردي. وتُعتبر جان دارك من الناحية السياسية رمزاً للمقاومة الشعبية، ودليلاً على أن الشجاعة الفردية قادرة على تغيير مجرى التاريخ، وهي بالنسبة للعديد من الفرنسيين تُجسد أيقونة للوطنية النقية. ورغم أنها لم تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق النساء، فإن جان دارك تُعد اليوم من رموز القوة النسائية، فقد تحدت الأعراف الاجتماعية، وارتدت زي الرجال، وقادت جيوشاً، وتحدثت باسم الرب إلى ملوك وقساوسة. لقد أدت شجاعتها واستقلاليتها إلى جعلها مصدر إلهام للنساء في مختلف العصور.

الهيب هوب: من أزقة نيويورك إلى مدارس المغرب؟
الهيب هوب: من أزقة نيويورك إلى مدارس المغرب؟

الوسط

timeمنذ 3 أيام

  • الوسط

الهيب هوب: من أزقة نيويورك إلى مدارس المغرب؟

Getty Images رياضة البريكينغ أصبحت رياضة أولمبية منذ عام 2018 من أزقة برونكس إلى حجرات الدراسة المغربية، رحلة غير متوقعة يخوضها فن "الهيب هوب"، وسط جدل واسع بين من يراها خطوة نحو مدرسة أكثر انفتاحاً، ومن يعتبرها مساساً بهوية تعليمية تتآكل بالفعل. أثار تسريب مستند من وزارة التربية الوطنية المغربية عن تنظيم دورة في "الهيب هوب" و"البريكينغ" لأساتذة التربية البدنية موجة نقاش عاصفة، لم تهدأ بعد. فبينما قدمت الوزارة المبادرة على أنها وسيلة لتنويع المنهج التروبي وتحديث الرياضة المدرسية، رأى آخرون أنها لا تعبّر إلا عن انقطاع إضافي عن السياق الثقافي المغربي. وثيقة مسرّبة Facebook وثيقة رسمية تدعو الأكاديميات لترشيح أساتذة لدورة تدريبية في الهيب هوب بإشراف خبير دولي بدأ كل شيء مع تداول رسالة رسمية من مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، تدعو مديري الأكاديميات في المناطق إلى ترشيح أساتذة لحضور دورة تدريبية يشرف عليها خبير دولي في الهيب هوب. وسرعان ما انتشرت المذكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتتحول إلى قضية رأي عام. الوزارة، بحسب الوثيقة، تهدف إلى إعداد مدرّبين في المناطق بفنون الحركة واللياقة، في إطار اتفاقية شراكة مع "الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والرشاقة البدنية والهيب هوب". لكن كثيرين تساءلوا: هل أصبح الهيب هوب أولوية تربوية في بلد تعاني مدرسته العمومية من إشكالات هيكلية مزمنة؟ من بين أبرز الأصوات المعارضة، الباحث المغربي إدريس الكنبوري الذي وصف القرار بـ"الغريب"، لكونه، في رأيه، "يتجاهل المكونات الثقافية التي نصّ عليها دستور 2011، من عربية وأمازيغية وصحراوية وأندلسية وعبرية وإفريقية". وقال في حديثه لبي بي سي عربي: "الوزارة قفزت على كل هذه الهويات، وجلبت رقصة أمريكية غربية، وكأن الثقافات المحلية غير موجودة، أو كأن الدستور مجرد ديكور خارجي". الكنبوري يربط بين هذا القرار وما يراه من غياب لرؤية واضحة في السياسة التعليمية المغربية، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن "المدرسة المغربية تتخبط منذ الاستقلال في برامج إصلاحية متلاحقة، لم تفضِ سوى إلى تراجع المردودية وتزايد الارتباك". ويرى أن التعليم ليس مسألة "إرضاء لرغبات التلاميذ، بل وسيلة لصياغة تلك الرغبات وتهذيبها، محذراً من تحوّل المدرسة إلى امتداد للشارع إذا ما خضعت للموضات العابرة". في المقابل، يرى المؤيدون للمبادرة أنها تعكس انفتاحاً صحياً على ثقافات العالم، وتستهدف مخاطبة الجيل الرقمي بلغته، خاصة أن الهيب هوب بات جزءاً من المشهد الفني العالمي، بعد أن خرج من حواري نيويورك ليصبح مادة للمهرجانات والمسابقات الرياضية الدولية. لكن الكنبوري يرد بأن هذا الفن "لا علاقة له بمفهوم الثقافة بالمعنى الأنثروبولوجي"، واصفاً إياه بـ"الموضة" العابرة. ويقارن بينه وبين الفنون المغربية العريقة كـ"الملحون" و"العيطة" و"كناوة"، التي يعتبرها أحقّ بالتدريس لما تحمله من جذور وهوية ورسائل تربط الماضي بالحاضر. ويضيف: "الملحون شعر مغنّى يوثّق التحولات الاجتماعية، والعيطة صرخة شعبية في وجه الظلم، أما كناوة ففن روحي ممتد من أعماق إفريقيا. هذه الفنون لا تحتاج إلى استيراد، بل إلى تأطير وتحديث ضمن مناهجنا". إلى أين تتجه الوزارة؟ Getty Images فرقة الراب المغربية "ذا ديفل سكولز" تؤدي عرضًا ضمن مهرجان "موازين" الموسيقي في الرباط، 11 مايو/أيار 2007 من جانبه، أوضح عبد السلام ميلي، مدير الارتقاء بالرياضة المدرسية بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في حديث لـ"بي بي سي عربي"، أن فكرة تنظيم الدورة انبثقت عن اتفاقية شراكة قائمة منذ عام 1996 بين الوزارة والجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية (التي تشمل الأنشطة الحركية ذات الإيقاع كالأيروبيك والرقص التعبيري) والرشاقة البدنية والهيب هوب، والتي اقترحت تنظيم هذا التدريب بالتعاون مع خبير دولي، كما هو الحال في رياضات أخرى شملت هذا الموسم كرة الطاولة، السباحة، البادمنتون وسباق التوجيه. وتضمّنت الدورة محاور تقنية وتربوية وتحكيمية، تتيح للأساتذة توجيه التلاميذ وفق معايير مهنية، خاصة بعد تنظيم بطولات وطنية في الهيب هوب والبريكينغ خلال الموسمين الماضيين. وأشار إلى "أن هذه المبادرة تأتي في سياق الانفتاح على رياضات حديثة تمارس في الواقع خارج المؤسسة التعليمية، لكنها تستقطب اهتمام التلاميذ، موضحاً أن الهدف هو إدماجها ضمن عرض رياضي مدرسي منظّم ومؤطر، دون أن يشكّل ذلك بديلاً عن التربية البدنية الرسمية". وأضاف ميلي أن هذه الأنشطة تدرج ضمن الجمعية الرياضية المدرسية، وهي أنشطة موازية واختيارية لا تدخل ضمن حصص التربية البدنية الإلزامية. وأكد أن رياضة البريكينغ أصبحت رياضة أولمبية منذ عام 2018، وستكون ضمن ألعاب باريس 2024 وأولمبياد الشباب بدكار 2026، ما يعزّز الحاجة إلى تدريب مشرفين مختصين واكتشاف مواهب قادرة على تمثيل المغرب. أما اختيار الأساتذة، فأوضح أنه استهدف ممثلين من كل أكاديمية ممن هم منخرطون فعلياً في الرياضة المدرسية، ويبدون اهتماماً بالرياضة المستهدفة، مع التزامهم بتعميم الخبرات المكتسبة على مختلف أنحاء المملكة المغربية. وبشأن التحفظات التي عبّر عنها بعض الفاعلين، اعتبر ميلي أن ذلك "رد فعل طبيعي"، موضحاً أن العديد من الرياضات الحديثة انطلقت من أنشطة أو سلوكيات يمارسها الشباب بشكل عفوي، خارج أي إطار مؤسساتي منظّم، ثم تطوّرت لتصبح أنشطة منظمة بقوانين وتقنيات تنقيط وتحكيم. وأضاف أن المدرسة لا تقصي هذه الظواهر، بل تعيد تأطيرها تربوياً ضمن ما يعرف في علوم التربية بـ"النقل الديداكتيكي"، الذي يحوّل سلوكاً اجتماعياً شائعاً إلى ممارسة تعليمية واضحة. وفي ما يخصّ الفنون المغربية التقليدية، أشار ميلي إلى أن الألعاب التراثية تشكل أحد مكونات التربية البدنية ويمكن إدماجها ضمن الخطة التعليمية المعتمدة، كما أُعدّت برامج لإحياء هذا الموروث عبر مهرجانات وبطولات مدرسية وطنية. واختتم ميلي تصريحاته بالتأكيد على أن "هذا النوع من التكوين لا يُعدّ انحرافاً عن أولويات المدرسة المغربية، بل وسيلة لتوسيع العرض الرياضي، وتحقيق الديمقراطية، واكتشاف المواهب في إطار اختياري لا يخضع للتعميم أو الإلزامية، بل يهدف إلى تمكين التلاميذ من ممارسة أنشطتهم في فضاء مؤطر وآمن". كيف وصل الهيب هوب إلى العالم العربي؟ Getty Images في المغرب، ظهرت أسماء بارزة مثل "مسلم" و"ديزي دروس"، وقدّمت أعمالاً تجمع بين إيقاع الهيب هوب وقضايا الشارع المغربي نشأ الهيب هوب في برونكس، نيويورك، في السبعينيات، وسط أجواء من التهميش والفقر والعنصرية. كان في جوهره حركة احتجاج ثقافي، تضمّ أربعة عناصر: موسيقى الراب، البريك دانس، فن الجرافيتي، وموسيقى الدي جي. ومع تطور وسائل الإعلام وانتشار الإنترنت، انتقل الهيب هوب إلى مختلف أنحاء العالم. في العالم العربي، بدأ ظهوره مطلع الألفية الجديدة، أولًا في المغرب وتونس ولبنان، حيث تبنته جماعات شبابية كأداة للتعبير عن الإقصاء والبطالة والرقابة الاجتماعية. في المغرب، ظهرت أسماء بارزة مثل "مسلم" و"ديزي دروس"، وقدّمت أعمالاً تجمع بين إيقاع الهيب هوب وقضايا الشارع المغربي. ومع الوقت، بدأت بعض المؤسسات الرسمية تواكب هذه الظاهرة من خلال دعم مهرجانات أو ورشات تأطير. ورغم أن هذا الفن بات يحظى بجمهور واسع، لا يزال ينظر إليه – خاصة في الفضاءات التربوية – بكثير من الحذر، لما يرتبط به من رموز تمرد وأحياناً محتوى غير منضبط. تظهر هذه القضية تصادماً أوسع بين رؤيتين لمستقبل المدرسة: الأولى ترى أن المدرسة يجب أن تواكب التحولات الاجتماعية والثقافية وتحدّث أدواتها، والثانية تحذّر من أن هذا التحديث يجب ألا يتم على حساب الهوية والخصوصية الثقافية. الكنبوري يقترح، بدل اللجوء إلى الهيب هوب، أن تنفتح المدرسة على تراثها أولاً، عبر دعم الأندية الثقافية، وتطوير برامج في الشعر والموسيقى المحلية، وتنظيم مسابقات في الفنون المغربية التي تعاني من التهميش.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store