
حراميّة القصائد وفهلوية الأفكار
يجود الإنسانُ، عن طيب خاطر، بأغلى ما لديه من المال، بل ربَّما وصل الجود إلى درجة بذل الروح:
والجودُ بالنفس أقصى غاية الجودِ... كما قال الشاعر مسلمُ بن الوليد.
على ذكر الشعر والقصيد، فقد كان رائعاً الإعلان الذي نشرته «الهيئة السعودية للملكية الفكرية» عبر حسابها على منصّة «إكس» أن استخدام القصائد أو نشرها دون موافقة صاحبها يُعدُّ انتهاكاً لحقوق الملكية الفكرية، ويُعرّض المخالف لعقوبات وغرامات مالية.
الهيئة نشرت تصميماً (إنفوغرافيك) لشرح الأمر للعموم - خاصة سُرّاق الشعر! - تضمّن التصميمُ قيام أحد الأفراد بأداء قصيدة شعرية ونشرها عبر قناة تابعة له على منصّة تواصل اجتماعي، واستخدامها لأغراض تجارية دون الحصول على موافقة صاحب الحق، فكانت العقوبة غرامة مالية بلغت 5 آلاف ريال، وإزالة ما وُصف بـ«الانتهاك».
الهيئة أضافت في إخبارها للعموم أن استخدام أي مُصنّف أدبي أو فنّي، دون إذنٍ مُسبق من صاحب الحق، يُعدُّ مخالفة لنظام حماية حقوق المؤلف، ويُعرّضُ مرتكبه للإجراءات النظامية والعقوبات المقرّرة.
خبر رائع، وإن كان متأخراً، فالناسُ، في كثير من المجتمعات العربية، وغير العربية، اعتادت السطو على الأفكار والإغارة على مشاعر الآخرين، المسبوكة على هيئة لوحة، أو المصبوبة على صورة قصيدة، أو المسكوبة على قالب موسيقى... دون حسيبٍ أو رقيب.
ثقافة الملكية الفكرية ضعيفة، للمنتجات الإبداعية الشعرية أو الموسيقية أو القصصية أو الدرامية، ناهيك عن فكرة منسوجة في خيوط كتاب كبير أو أسلاك مقالٍ وجيز، لا بواكي لها!
هناك منذ الأزل، بحثٌ أدبي عربي قديم حول الفرق بين السرقة والاستعارة أو «وقع الحافر على الحافر»، وأين يقع الفارق بين المشروع واللامشروع، العفوي والمقصود، بين هذه الصِيغ.
يضربون مثلاً لذلك بقول الشاعر الجاهلي حول بكاء الأطلال والديار، هو رمز الشعر الجاهلي، ذو القروح الأمير امرؤ القيس، فهو من قال في شطرٍ شهير:
نبكي الديارَ كما بكى ابنُ حزام. أو حرام...
يعني أن الشاعر الأول كان يحتذي من قبله.
وقال طرَفة:
وقوفاً بها صحبي علي مطيّهم يقولون لا تهلك أسىً وتجلّدِ
وقبله قال امرؤ القيس البيت، إلا أن خاتمته: وتجمّلِ!
هذا سائغ وله شرح، لكن غير المقبول هو السرقة الكاملة لقصيدة أخرى، ثم إنشادها بوقاحة للناس على أنها للمُنشد السارق، وربما التكسّب منها.
قل الشيء نفسه عن اللحن المسروق، واللوحة المسروقة (الإعلامية المصرية مها الصغير مثالاً).
هناك من يفعل ذلك بوعي وقصد، يعرفُ أنه سارق، ويفعل، وهناك من يفعل ذلك بجهلٍ و«غشومية» خاصّة من المراهقين والمراهقات والعوامّ، ممن غصّت بهم ساحات السوشيال ميديا، ويظنّ أن هذه الإبداعات أمر عادي، مثل الماء والكلأ والنار... الناسُ فيه شركاء!
نقلا عن " الشرق الأوسط"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
دمعة وطن
في حادثة مرعبة هزت جوارحنا وأدمت قلوبنا وألهبت مشاعرنا استيقظت السعودية على نبأ مقتل الطالب محمد القاسم ذي الـ 21 عامًا، إثر طعنة غادرة تلقاها أثناء عودته إلى مقر سكنه في مدينة كامبريدج البريطانية مساء الجمعة 1 أغسطس 2025، حيث كان يدرس اللغة الإنجليزية في أحد المعاهد، ويحلم بمستقبل علمي مشرق، قبل أن تُجهض يد الغدر والإجرام طموح شاب مفعم بالحماس، شهم، نقي القلب، سريع البذل، ومحب للآخرين وتُحيل حلمه إلى مأساة أحزنت وطناً بأكمله وصدمة لم تقتصر على محيط أسرته، بل امتدت إلى المجتمع السعودي بأسره. لا توجد كلمات تصف هول الحدث، ولا يوجد ما يبرر هذا الجرم الشنيع في حق نفس بريئة لشاب خلوق طموح، وكل ما نستطيع كمجتمع إنساني مترابط تجاهه في هذه الحادثة هو العزاء لأسرته ولكل أب وأم، كل أخت وأخ، كل صغير وكبير في هذا الوطن. محمد ابننا جميعاً وفقيدنا جميعاً، ووجعنا الذي لن تفارق صورته البريئة شغاف قلوبنا وأبصارنا، مع فيض من دعواتنا الصادقة بالرحمة للفقيد والسكينة والطمأنينة لقلوب والديه وذويه، فالفقد لوحده ألم، والغدر جرح نازف لا يلتئم إلا بالإيمان بقضاء الله والصبر على أقداره. أما الرسالة التي يجب أن يحفظها كل طالب وطالبة خارج المملكة فهي كالتالي: كن على دراية بمحيطك وتجنّب التواجد في أماكن منعزلة أو غير مألوفة خلال ساعات متأخرة، وتحديداً في أي دولة تكثر فيها الجرائم وتنتشر الممنوعات والسرقات. والتزم بإرشادات السلامة وابحث مسبقاً عن وسائل التنقل الآمن، الدعم الطارئ، وسياسات الحماية المقدّمة من مدارسهم أو بعثاتهم، وكن على تواصل مع سفارة وطنك عند أي طارئ. كوّن شبكة دعم موثوقة واحتفظ بجهات اتصال سفارات وطنك، زملاء الدراسة، وأفراد المجتمع المحلي واجعلهم على اطلاع دائم بمكانك وخططك. لا تتردد في طلب المساعدة عند الشعور بعدم الأمان أو ملاحظة سلوك غير عادي، تواصل فوراً مع السلطات أو الجهات المسؤولة، ولنتذكر أن محمد القاسم لم يكن مجرد ضحية، بل تذكير مؤلم بأن تقدير الأمان يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع السعي للعلم والمعرفة وأن هناك قلوباً ترفرف حولكم وتعتصر لفراقكم وتنتظر عودتكم سالمين آمنين. ختاماً رحيل محمد القاسم لم يكن مجرد فقدان فرد، بل جرحا في ضمير وطن. وفي انتظار العدالة، يبقى محمد حاضراً في ذاكرة السعوديين، شهيداً للعلم، وضحيةً لغدرٍ لا يبرره أي شيء. أخبار ذات صلة


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
لبنان.. هل يتغير اتجاه الأشرعة؟
النقاش الدائر في لبنان حول سلاح «حزب الله» يبدو أنه عبثي، فمن الواضح لأي عاقل أن أي مجتمع يحضر فيه السلاح بيد أكثر من مكون، يعني فشل الدولة. فكرة احتكار الدولة للسلاح تطور تاريخي مرتبط بنشوء الدولة الحديثة، وهو مفهوم جوهري في علم السياسة، وعلم الاجتماع، خاصة بعد أن صاغ الفكرة بشكل واضح عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر مطلع القرن العشرين، فقد قال إن «الدولة هي الكيان الذي يحتكر الاستخدام المشروع للعنف داخل حدود معينة للدولة ذاتها»، أي أن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة قانوناً بحمل السلاح واستخدامه، سواء عبر الشرطة أو الجيش، وهو ركن من أركان الدولة الحديثة لا غنى عنه، وقد أقرته القوانين والدساتير في معظم الدول الحديثة، لأن تنظيماً مسلحاً خارج إطار الدولة يعني تهديداً للأمن الوطني، وله مضار كثيرة، منها تقويض سيادة الدولة، وظهور دولة داخل الدولة، وصعوبة تطبيق النظام العام وانعدام الشرعية، وتفشي الفوضى، والجرائم المنظمة، وتصنيع وتهريب المخدرات، وإضعاف الاستثمار وهروب رؤوس الأموال، وانهيار البنية التحتية في المناطق غير المسيطر عليها، وفي النهاية إفلاس الدولة. هذا بالضبط ما حدث في لبنان، كما أن الخوف الدائم من بعض المكونات من مكونات أخرى طائفية أو عرقية أو أيديولوجية تحمل السلاح، تعني الريبة الدائمة في الآخر، كما أنه في المحافل الدولية تفتح الباب للتدخل الخارجي تحت ذريعة ما تسمى مكافحة الإرهاب أو أية تسميات أخرى رديفة. وجود سلاح «حزب الله» أثر على قدرة الدولة في لبنان على اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وقرارات التنمية وقرارات السياسة المالية والاقتصادية الحاكمة، والظاهرة ليست مقتصرة على لبنان، فهناك في العراق ميليشيات مسلحة أضعفت نفوذ الدولة وأدت إلى انقسامات داخلية، وإلى إفلات المجرمين من العقاب، في ليبيا تعددت الفصائل المسلحة، وجعلت من الصعب بناء دولة موحدة بعد سقوط نظام معمر القذافي القمعي. خلال السنوات السابقة بنى «حزب الله» قوته على التحالف مع إيران، ومن خلال النظام الأسدي الأب والابن المتغير في سوريا، وهدم النظام القديم بكل ما حمله من شعارات جوفاء، ووجود نظام جديد، يطارد الآن كل من آثم في حق السوريين، ومن بينهم، كما أعلن، «حزب الله» اللبناني، الذي تدخل في سوريا وعاث فساداً وقتلاً في أبنائها. مع قفل البوابة السورية وعدم قدرة فاعلة للنظام الإيراني للمساعدة النشطة لـ «حزب الله»، لم يبقَ إلا الدعم اللفظي الذي جاءنا هذا الأسبوع من خلال تصريح يقول إن الدولة الإيرانية مع رأي الحزب في عدم التنازل عن السلاح، وفي هذا التصريح تدخل مباشر في شؤون دولة أخرى، تنادي إيران في مكان آخر بعدم التدخل في شؤون الآخرين، خاصة في شؤونها، هي تكيل بمكيالين. استقرار منطقة الشرق الأوسط على رأسه نزع سلاح الميليشيات المختلفة في هذه البلدان العربية، وحتى يمكن أن تستقر الدولة، وتستطيع الشعوب أن تبني مستقبلها بشكل أفضل، حيث عطلتها الفوضى والاقتتال وضياع الحقوق. المعركة في لبنان سوف تستمر، ولا يبدو أن الدولة اللبنانية سوف تتراجع عن ذلك القرار الذي اتخذته، بناء أولاً على مصلحة لبنانية، وثانياً استجابة لمتطلبات القانون الدولي ودول صديقة عديدة، تريد أن ترى لبنان مزدهراً ومسالماً يعيش أبناؤه بشكل متساوٍ تحت القانون. إن غيّر الحزب اتجاه أشرعته، فإن ذلك يسهم في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، أما إذا قررت بعض قيادات الحزب التنافر مع الدولة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى صراع في نهاية الأمر لا رابح فيه، وربما الخاسر الأكبر هم البيئة الحاضنة لـ «حزب الله».


صحيفة سبق
منذ 5 ساعات
- صحيفة سبق
شرطة الرياض تضبط مقيمين يمنيين لارتكابهما مخالفة التفحيط
سبق تم النشر في: قبضت إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض على مقيمين من الجنسية اليمنية لارتكابهما مخالفة التفحيط في مكان عام، ومخالفة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بتوثيق ونشر ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أخبار قد تعجبك © ة لصحيفة سبق 2023 تشغيل بواسطة Quintype