logo
لبنان.. هل يتغير اتجاه الأشرعة؟

لبنان.. هل يتغير اتجاه الأشرعة؟

العربيةمنذ 17 ساعات
النقاش الدائر في لبنان حول سلاح «حزب الله» يبدو أنه عبثي، فمن الواضح لأي عاقل أن أي مجتمع يحضر فيه السلاح بيد أكثر من مكون، يعني فشل الدولة.
فكرة احتكار الدولة للسلاح تطور تاريخي مرتبط بنشوء الدولة الحديثة، وهو مفهوم جوهري في علم السياسة، وعلم الاجتماع، خاصة بعد أن صاغ الفكرة بشكل واضح عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر مطلع القرن العشرين، فقد قال إن «الدولة هي الكيان الذي يحتكر الاستخدام المشروع للعنف داخل حدود معينة للدولة ذاتها»، أي أن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة قانوناً بحمل السلاح واستخدامه، سواء عبر الشرطة أو الجيش، وهو ركن من أركان الدولة الحديثة لا غنى عنه، وقد أقرته القوانين والدساتير في معظم الدول الحديثة، لأن تنظيماً مسلحاً خارج إطار الدولة يعني تهديداً للأمن الوطني، وله مضار كثيرة، منها تقويض سيادة الدولة، وظهور دولة داخل الدولة، وصعوبة تطبيق النظام العام وانعدام الشرعية، وتفشي الفوضى، والجرائم المنظمة، وتصنيع وتهريب المخدرات، وإضعاف الاستثمار وهروب رؤوس الأموال، وانهيار البنية التحتية في المناطق غير المسيطر عليها، وفي النهاية إفلاس الدولة.
هذا بالضبط ما حدث في لبنان، كما أن الخوف الدائم من بعض المكونات من مكونات أخرى طائفية أو عرقية أو أيديولوجية تحمل السلاح، تعني الريبة الدائمة في الآخر، كما أنه في المحافل الدولية تفتح الباب للتدخل الخارجي تحت ذريعة ما تسمى مكافحة الإرهاب أو أية تسميات أخرى رديفة.
وجود سلاح «حزب الله» أثر على قدرة الدولة في لبنان على اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وقرارات التنمية وقرارات السياسة المالية والاقتصادية الحاكمة، والظاهرة ليست مقتصرة على لبنان، فهناك في العراق ميليشيات مسلحة أضعفت نفوذ الدولة وأدت إلى انقسامات داخلية، وإلى إفلات المجرمين من العقاب، في ليبيا تعددت الفصائل المسلحة، وجعلت من الصعب بناء دولة موحدة بعد سقوط نظام معمر القذافي القمعي.
خلال السنوات السابقة بنى «حزب الله» قوته على التحالف مع إيران، ومن خلال النظام الأسدي الأب والابن المتغير في سوريا، وهدم النظام القديم بكل ما حمله من شعارات جوفاء، ووجود نظام جديد، يطارد الآن كل من آثم في حق السوريين، ومن بينهم، كما أعلن، «حزب الله» اللبناني، الذي تدخل في سوريا وعاث فساداً وقتلاً في أبنائها.
مع قفل البوابة السورية وعدم قدرة فاعلة للنظام الإيراني للمساعدة النشطة لـ «حزب الله»، لم يبقَ إلا الدعم اللفظي الذي جاءنا هذا الأسبوع من خلال تصريح يقول إن الدولة الإيرانية مع رأي الحزب في عدم التنازل عن السلاح، وفي هذا التصريح تدخل مباشر في شؤون دولة أخرى، تنادي إيران في مكان آخر بعدم التدخل في شؤون الآخرين، خاصة في شؤونها، هي تكيل بمكيالين.
استقرار منطقة الشرق الأوسط على رأسه نزع سلاح الميليشيات المختلفة في هذه البلدان العربية، وحتى يمكن أن تستقر الدولة، وتستطيع الشعوب أن تبني مستقبلها بشكل أفضل، حيث عطلتها الفوضى والاقتتال وضياع الحقوق.
المعركة في لبنان سوف تستمر، ولا يبدو أن الدولة اللبنانية سوف تتراجع عن ذلك القرار الذي اتخذته، بناء أولاً على مصلحة لبنانية، وثانياً استجابة لمتطلبات القانون الدولي ودول صديقة عديدة، تريد أن ترى لبنان مزدهراً ومسالماً يعيش أبناؤه بشكل متساوٍ تحت القانون.
إن غيّر الحزب اتجاه أشرعته، فإن ذلك يسهم في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، أما إذا قررت بعض قيادات الحزب التنافر مع الدولة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى صراع في نهاية الأمر لا رابح فيه، وربما الخاسر الأكبر هم البيئة الحاضنة لـ «حزب الله».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قانوني لـ«عكاظ»: التسوية تهدف للإصلاح بين العامل وصاحب العمل
قانوني لـ«عكاظ»: التسوية تهدف للإصلاح بين العامل وصاحب العمل

عكاظ

timeمنذ 23 دقائق

  • عكاظ

قانوني لـ«عكاظ»: التسوية تهدف للإصلاح بين العامل وصاحب العمل

في أعقاب قرار مجلس الوزراء بتمديد العمل لمدة سنة إضافية على وجوب التقدّم إلى مكتب العمل قبل رفع الدعوى العمالية أمام المحكمة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع ودياً، أوضح المحامي عبدالله الكاسب لـ«عكاظ» أن القرار يؤكد إلزامية المرور عبر إدارة التسوية الودية، التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، قبل اللجوء إلى المحاكم العمالية. وقال إن مكاتب العمل تختص بمحاولة الإصلاح بين صاحب العمل والعامل بشكل ودي، وإعداد محاضر الصلح التي تُعتمد كمستندات تنفيذية وفق الفقرة (3) من المادة التاسعة من نظام التنفيذ. وبين الكاسب أن الإجراء يهدف إلى توفير الوقت والجهد على الأطراف، ومنحهم مرونة أكبر للتوصل إلى حلول مرضية بعيداً عن أروقة المحاكم. وأشار إلى إمكانية إنهاء النزاع خلال 21 يوم عمل فقط، بدلاً من فترات الانتظار الطويلة أمام القضاء. أخبار ذات صلة

المتحدث الصامت والمُتفاعل
المتحدث الصامت والمُتفاعل

عكاظ

timeمنذ 27 دقائق

  • عكاظ

المتحدث الصامت والمُتفاعل

لم تأت فكرة المتحدث الرسمي، أو الناطق الإعلامي من فراغ، فالدولة تعي جيّداً أن الجهات الرسمية والوزارات الخدمية تضطلع بأدوار تنموية، وتباشر أعمالاً وتنفذ مشاريع، وكل من يعمل عُرضة للقصور والنقص والملاحظات، والصمت على خطأ عارض مدعاة لإدانة دور المتحدث باسم هذه الجهة أو تلك. وفي زمن التواصل الاجتماعي، يمكن رصد ما لا يتوقعه مسؤول، من خلل طارئ، أو عجز غير مقصود، ما يستثير ردود أفعال غير مسؤولة، وتتصاعد حدة الانتقادات؛ في ظل غياب الناطق باسم الجهة المَلومة، باعتباره حلقة الوصل بينها وبين الإعلام والمجتمع. وكنا وما زلنا نفخر بدور المتحدث المُتفاعل، إلا أن التحوّل الرقمي والتقني دفع الوزارات والمؤسسات كافة لتدشين حسابات على منصات التواصل، وانحصر دور بعض المتحدثين في ظهورهم على شاشات الفضائيات والمنصات الاجتماعية، وربما يهمل البعض منهم رسالة الصحفي لأيام وأسابيع، ثم يطلب إرسالها على البريد الإلكتروني، بما يشبه سياسة التطفيش. وبما أن مشروع الرؤية قائم على نزاهة وشفافية ومصداقية، فالمُؤمّل تعزيز الظهور الاحترافي للمتحدث الرسمي، والخروج من دائرة الصمت؛ لأن غياب المعلومات مدعاة للتخبط، أو التجاوزات، ومن حق المواطن أن تكون الصورة واضحة مع أي خبر يتم نشره أو بثّه؛ فالجمهور المستهدف أوعى مما نتصوّر، وربما جنح لمصادر مشبوهة ليأخذ عنها مضامين ربما تكون سامّة. ومتى وعت المؤسسات أن المتحدّث وجهها الحضاري، فالواجب منحه فرصة التصريح، دون تردد، وإبراز الحقائق، وإيصال رسالة الجهة للمستفيدة، ولو كانت اعتذاراً، فذلك لا يعيب الكيانات ولا يُنقص من قدرها. وما حسن اختيار المتحدث الرسمي، وتزويده بالمعلومات، وإشعاره بالثقة، وإلزامه بالتعاون مع الصحفيين كافة إلا دليل مواكبة المرحلة، وحرص الإدارات والوزارات على سمعتها، فالمتحدث الخائف والضعيف لا يستطيع أن يقول ما يفيد الناس، وبذا يغدو دوره سلبياً. أخبار ذات صلة

إلى متى يصمت العالم على عربدة نتنياهو؟
إلى متى يصمت العالم على عربدة نتنياهو؟

عكاظ

timeمنذ 28 دقائق

  • عكاظ

إلى متى يصمت العالم على عربدة نتنياهو؟

يرتكب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جميع أصناف الموبقات، والمحرّمات ولا يجد في المجتمع الدولي قوىً قادرةً على لجم تهوره، ووقف عدوانه على حق الفلسطينيين في الحياة. وها هو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد اجتماعاً اليوم (الأحد)؛ لمناقشة قرار نتنياهو ووزرائه المتطرفين المتهورين احتلال قطاع غزة بالكامل. ونتنياهو آمن مطمئن إلى أنه لن يحاسبه أحد، مهما أباد سكان غزة، ومهما أفرط في تجويع الأطفال والأمهات، ومهما استهدف المنشآت الصحية القليلة التي تقدم خدماتها للمصابين. هل يعني ذلك أن نتنياهو أقوى من بقية دول العالم؟ هل يعني ذلك أنه ماضٍ في الإبادة الجماعية، والتجويع، والتهجير القسري إلى أن ينمحي قطاع غزة من الوجود؟. إن نتنياهو يستند إلى موافقة قوى أمريكية تؤمن بالصهيونية، وإذا كانت هذه القوى واللوبيات اليهودية قادرة على عرقلة النظام العالمي، وتجريد مؤسساته الأممية من أي فاعلية، فيجب على العرب والعالم التفكير «خارج الصندوق»؛ إما لإعادة تفعيل النظام العالمي المستمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أو البحث عن إيجاد نظام جديد ترتضيه دول العالم، وتتساوى فيه من دون استئثار دولة أو أكثر بحق النقض (الفيتو). صحيح أنه خيارٌ صعب، ودربٌ وعر، لكن ما يهمنا هو أمن العالم، وسكانه، وتعايش أممه وشعوبه. كفانا حروباً، وظلماً، وعدواناً على الحقوق، وإبادة للبشر. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store