logo
تآكل سلطة الأسرة.. لماذا يتصاعد العنف المنزلي في اليمن؟

تآكل سلطة الأسرة.. لماذا يتصاعد العنف المنزلي في اليمن؟

اليمن الآنمنذ 2 أيام

لم تكن "عبير" ذات الـ27 عاما، تدرك أن إلحاحها على ارتداء طفليها ملابس العيد كبقية أقرانهما في حيّ "المحاريق"، شمالي العاصمة اليمنية المؤقتة ، سيكون سببا في موتها وفراق صغيريها إلى الأبد، وتفكيك أسرتها البسيطة على نحو مروّع.
في لحظة انفعالية مأساوية، قرر الزوج الخميس الماضي، إسكات طلبات زوجته المتكررة، بطعنها بواسطة سكين حتى الموت، في لحظة دموية تعكس حجم الضغوط التي تواجهها الأسر اليمنية مع استمرار الحرب وتداعياتها العديدة.
وشهد اليمن أواخر الأسبوع الماضي، 3 جرائم أسرية وحشية في محافظات تعز وشبوة وإب، قتل خلالها أحد الوالدين برصاص ابنيهما، بينما أدت الواقعة الأخيرة إلى مصرع أب وابنه على يدي قريبهما.
وعلى نحو غير مألوف لدى اليمنيين، تصاعدت موجةوالانتهاكات الجسيمة التي تجتاح الأسر بأشكال مختلفة ولأسباب ودواع عديدة، وسط مخاوف من تأثيرات مستقبلية واسعة تقوّض تماسك المجتمع.
تحوّلات عميقة
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع في جامعة عدن، فضل الربيعي، أن تنامي الجرائم الأسرية، نتيجة حتمية للتحولات العميقة والحادّة التي يشهدها المجتمع اليمني، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وتسببت في هشاشة الروابط والعلاقات.
وفي حديثه الخاص لـ"إرم نيوز"، قال الربيعي إن العنف داخل الأسرة "انعكاس لتراكم الضغوط المعيشية والنفسية التي يعاني منها الأفراد بشكل يومي، ما يجعل بعضهم قابلاً للانفجار حتى في أكثر الدوائر حميمية، كالعائلة".
كما أشار إلى عوامل أخرى، مثل ضعف التنشئة الأسرية وتآكل السلطة الأبوية التي كانت تضبط السلوك وتردع العنف، إلى جانب غياب دور المؤسسات التربوية في غرس القيم والمفاهيم السليمة، في ظل تراجع الوازع الديني، وانتشار المخدرات في أوساط الشباب".
وحذّر الربيعي من خطر حقيقي يهدد التماسك الداخلي للأسرة ودورها كمؤسسة أخلاقية واجتماعية، قد يؤدي إلى إضعاف أمال استقرار المجتمع خلال مرحلة ما بعد الحرب.
انفجار سلوكي
من جانبه، يرى مدير مركز "أوكسجين حياتك" للصحة النفسية بعدن، محمد إسماعيل عبدالله، أن الانهيار النفسي غير المرئي، يسبق الانفجار السلوكي، وبالتالي فإن الغضب والعنف المفرط داخل الأسرة، "مظهر لأمراض نفسية غير مشخّصة".
وأشار إسماعيل في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن الحرب ومختلف ضغوطها الأليمة والقاسية، تجعل اليمنيين عرضة للأمراض النفسية، وسط تأكيدات منظمة الصحة العالمية بإصابة أكثر من 8 ملايين يمني بمختلف الصدمات النفسية والمشاكل العقلية.
وقال إن معاناة أحد أفراد الأسرة من تدهور صحته النفسية، خصوصا الآباء، يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفكك الأسرة، في ظل غياب التواصل وانعدام تغذية العواطف والمشاعر مع أفرادها، ما يتسبب بالعزلة التي تؤدي في الغالب إلى سلوكيات عدوانية.
مبيّنا أن استمرار الكبت العاطفي وغياب برامج الدعم وقلة وعي المجتمع بمخاطر تدهور الصحة النفسية، يخلق بيئة خطيرة تتحوّل خلالها الخلافات البسيطة إلى جرائم عنف كبيرة، تهدد استقرار العائلات.
غياب التشريعات
ويربط رئيس منظمة "سام للحقوق والحريات" توفيق الحميدي، انتشار هذه الجرائم إلى مزيج من الأسباب الجوهرية الأصلية والأخرى الطارئة كالتداعيات الناجمة عن الحرب والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي الذي ترك أثرا بالغا في نفسية أرباب الأسر وأفرادها، دفع الكثير منهم إلى سلوكيات عنيفة وغير متزنة.
وأكد الحميدي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن القوانين اليمنية الحالية تعدّ غير كافية لحماية الأسرة وغير رادعة، رغم احتوائها على بعض المواد في قانون العقوبات، في ظل فشل المحاولات السابقة لإصدار قانون خاص بمناهضة العنف الأسري.
وقال إن غياب التشريع الواضح والشامل "يسهم في تفاقم وانتشار هذه الظاهرة، خصوصا في القضايا المرتبطة بالشرف أو الميراث، التي كثيرا ما تتطور إلى جرائم جسيمة".
وبحسب الحميدي، فإن المنظومة القانونية الحالية "باتت بحاجة إلى إصلاحات كبيرة على المستوى التشريعي والإجرائي، تشمل سنّ قانون متكامل لحماية الأسرة، وإنشاء محاكم متخصصة بقضايا العنف الأسري، تستوعب المتغيرات التي حدثت في الفترة الأخيرة".
مختتما حديثه بالإشارة إلى الدور الذي لعبته "العقائدية المتطرفة في المراكز التابعة للحوثيين، في إعادة تشكيل وعي بعض الأطفال والمراهقين وتأثيرها في زعزعة نظرتهم لأسرهم وبنيتها القيمية".

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اليمن: ضبط متهم بقتل زوجته في عدن
اليمن: ضبط متهم بقتل زوجته في عدن

اليمن الآن

timeمنذ 34 دقائق

  • اليمن الآن

اليمن: ضبط متهم بقتل زوجته في عدن

ضبطت سلطات الامن بمدينة عدن جنوبي البلاد، متهم بقتل زوجته في أواخر شهر مايو، وفق مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية. وقال المركز "أن المتهم (ع. س. أ.)، أقدم على طعن زوجته البالغة من العمر (28 عاماً) في رقبتها باستخدام سكين، لتفارق الحياة لاحقاً أثناء تلقيها العلاج في المستشفى". وحسب المركز فإن المتهم فرّ من مكان الجريمة عقب ارتكابها، لتتمكن الأجهزة الأمنية من تعقبه والقبض عليه، واحالته لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة .

ترامب يعيد سياسة الحظر: قيود صارمة على دخول مواطني 12 دولة بينها اليمن
ترامب يعيد سياسة الحظر: قيود صارمة على دخول مواطني 12 دولة بينها اليمن

اليمن الآن

timeمنذ 41 دقائق

  • اليمن الآن

ترامب يعيد سياسة الحظر: قيود صارمة على دخول مواطني 12 دولة بينها اليمن

شمسان بوست / خاص: أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، أمراً تنفيذياً جديداً يُعيد بموجبه تفعيل قيود صارمة على دخول مواطني عدد من الدول إلى الأراضي الأميركية، وفي مقدمتها اليمن، ضمن ما وصفه البيت الأبيض بـ'خطوة لتعزيز الأمن القومي'. ووفقاً لبيان رسمي صادر عن البيت الأبيض، فإن القرار يفرض حظراً كاملاً على دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، من بينها اليمن، مستنداً إلى ما سماه 'قصوراً في معايير التدقيق الأمني وتبادل المعلومات' في تلك الدول. وتشمل القائمة: اليمن، أفغانستان، ميانمار، تشاد، الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، والسودان. وأشار البيان إلى أن هذه الدول 'تمثل تهديداً جدياً للأمن الأميركي'، بسبب ضعف الأنظمة الأمنية فيها أو عدم تعاونها الكافي مع السلطات الأميركية. كما شمل القرار فرض قيود جزئية على سبع دول إضافية، هي: بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، وفنزويلا، حيث ستخضع طلبات التأشيرة من مواطني هذه الدول لمزيد من الإجراءات الأمنية المشددة. في السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، في منشور عبر منصة 'إكس' (تويتر سابقًا): 'الرئيس ترامب يلتزم بوعده في حماية الأميركيين من أي تهديد خارجي محتمل'، مؤكدة أن القرار يندرج ضمن أولويات الأمن الوطني. ويُعيد هذا الإعلان إلى الواجهة سياسة الحظر المثيرة للجدل التي طبّقها ترامب في عام 2017، والتي استهدفت آنذاك دولًا ذات أغلبية مسلمة، قبل أن تصادق عليها المحكمة العليا الأميركية في 2018. وقد ألغى خلفه، الرئيس جو بايدن، تلك السياسة فور توليه الرئاسة في 2021، واصفاً إياها بأنها 'تمييز غير مقبول لا يليق بالقيم الأميركية'. ويأتي القرار الجديد في وقت يُصعّد فيه ترامب من خطابه الأمني قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة، إذ أصدر أيضاً في 20 يناير الماضي أمراً تنفيذياً يقضي بتوسيع إجراءات التدقيق على الأجانب المتقدمين لدخول الولايات المتحدة. وقد أثار الإعلان الجديد موجة من القلق والرفض داخل الجاليات اليمنية والعربية في أميركا، حيث عبّر كثيرون عن خشيتهم من أن تؤدي هذه السياسات إلى فصل العائلات وتعطيل معاملات الهجرة واللجوء، لا سيما لأولئك الفارين من الحروب والنزاعات. وتوقعت منظمات حقوقية ومدنية أن يُقابل القرار برفض واسع، واعتبرت أن الإجراءات الجديدة 'تستهدف فئات بعينها بطريقة تمييزية، تحت ذريعة الأمن القومي'، محذّرة من تداعيات إنسانية واجتماعية جسيمة.

سياسي يكشف عن ثلاث مسارات لإنقاذ اليمن
سياسي يكشف عن ثلاث مسارات لإنقاذ اليمن

اليمن الآن

timeمنذ 41 دقائق

  • اليمن الآن

سياسي يكشف عن ثلاث مسارات لإنقاذ اليمن

كريتر سكاي/ خاص أكد الباحث والكاتب السياسي عبدالله العقاب، أن مسارات الحل في اليمن عبر التاريخ لم تخرج عن ثلاث آليات رئيسية، مشيراً إلى أن هذه المسارات لا تزال تشكل مدخلاً حقيقياً لتحقيق السلام في المرحلة الراهنة. وقال العقاب، في تغريدة نشرها على منصة "إكس"، إن "الحلول في اليمن عبر التاريخ لا تخرج عن ثلاثة مسارات: إما وساطة خارجية مؤثرة ومقبولة، أو تفاهمات فوقية بين القيادات العليا تتحول إلى حلول متفق عليها، أو وساطات داخلية تسعى لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حلول توافقية". وختم العقاب تغريدته بالقول: "لذلك ثقوا بأن السلام قادم، وأن الحكمة اليمانية تتجلى في اللحظات الفارقة"، في إشارة إلى تفاؤله بإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية تنهي حالة الصراع المستمرة منذ سنوات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store