logo
المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإيرانية والحداثة المناهضة للاستعمار

المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإيرانية والحداثة المناهضة للاستعمار

الجزيرةمنذ 5 ساعات

في خضم تصاعد التوتر العسكري غير المسبوق بين إسرائيل وإيران، شارك الأكاديمي والمفكر الإيراني حميد دباشي في بيان مفتوح وقعه مع عدد من المفكرين الإيرانيين المعارضين، أكدوا فيه أن الاختلاف مع السلطة لا يبرر الصمت في وجه "عدوان خارجي دموي". ودعوا إلى التكاتف والتعقل، وحذروا من تحول الأزمة إلى كارثة تمزق وحدة البلاد وتضاعف الانهيار الداخلي.
حميد دباشي أستاذ الدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك، والذي ولد في 15 يونيو/حزيران 1951 لعائلة من الطبقة العاملة في مدينة الأحواز جنوب غرب إيران، في محافظة خوزستان، تلقى تعليمه المبكر في مسقط رأسه وتعليمه الجامعي في طهران، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الدكتوراه المزدوجة في علم اجتماع الثقافة والدراسات الإسلامية من جامعة بنسلفانيا عام 1984، تلاها زمالة ما بعد الدكتوراه في جامعة هارفارد.
يعد دباشي ناقدا ثقافيا عالميا ومؤلفا حائزا على جوائز، وقد ترجمت كتبه ومقالاته إلى العديد من اللغات؛ حيث ألف 20 كتابا حول مواضيع تتراوح بين الدراسات الإيرانية والإسلام في العصور الوسطى والحديثة والأدب المقارن والسينما العالمية وفلسفة الفن، هذا الزخم في العطاء الأكاديمي يدعنا نتساءل عن تصوره وفلسفته حول إيران، لذا سنقدم من خلال هذا العرض أهم 4 كتب قدمها حميد دباشي والتي تكثف رؤيته متعددة المركبة لإيران، والتي يتحدى فيها التصورات السائدة، ويركز على هويتها المركبة والمستقلة عن السرديات الغربية والاستعمارية.
"إيران: شعب مقاطع"
يعد كتاب "إيران: شعب مقاطع " (Iran: A People Interrupted) الصادر عام 2007، لمؤلفه حميد دباشي عملا تحليليا وعاطفيا وجدليا في آن واحد؛ ويقدم دباشي في هذا الكتاب سردا موجزا للتاريخ الإيراني منذ أوائل القرن الـ19 إلى إيران اليوم؛ استثمر دباشي مهاراته التحليلية الثاقبة لوضع حجة قوية ضد وجهات النظر السائدة عن إيران في الغرب.
وفي جوهر حجته، يرى دباشي أن المقاربات الغربية لإيران لطالما تلونت بافتراضات محاصرة بين "تقليد" رجعي و"حداثة" تقدمية، لكنه يجادل بأن الواقع الإيراني مغاير لذلك تماما؛ وإيران حسب دباشي في كتابه "إيران: شعب مقاطع " لديها أيديولوجيتها المميزة للحداثة، والتي تتعارض مع العديد من المثل الغربية. ولإثبات وجهة نظره، يعتمد دباشي على خبرته الطويلة في النقد الأدبي لتحليل العلاقة بين النخب الفكرية والسياسية في إيران على مدى قرنين من الزمان. وعليه قدم دباشي الأدلة الأساسية الداعمة لمنطقه، ووجد دباشي مرارا آثارا لمفهوم إيراني فريد للحداثة يتناقض تماما مع نظيره الغربي.
ويصنف كتاب "إيران: شعب مقاطع" ضمن مجالين أكاديميين واسعين؛ مجال الدراسات ما بعد الكولونيالية والدراسات الإيرانية، ويهدف دباشي من خلال هذا العمل إلى تحدي التصنيف النمطي لإيران كدولة عالقة بين "تقليد محارب وحداثة غريبة"، ويدعو إلى تبني قراءة أكثر تاريخية، متعددة الأوجه ثقافيا، ومترسخة ماديا لإيران. ويرى أن هذا التصوير النمطي يخدم مصالح غربية ويسيء لتاريخ وثقافة المنطقة وليس فقط إيران.
ويظهر الكتاب كيف تطورت "الحداثة المناهضة للاستعمار" بشكل طبيعي عبر الأجيال من خلال ما أنتجه المفكرين الإيرانيين، كما يبحث في كيفية استيعاب هذه الأفكار للمثل التي نشأت عن عصر التنوير، مثل "العصيان المدني"، لمواجهة القمع من الداخل والخارج، ويعتبر دباشي أن "الهدف الرئيسي من الحداثة الإيرانية على مدى الـ200 عام الماضية يتمثل في الكفاح المستمر ضد الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية لمصيرنا".
وتبرز أهمية كتاب "إيران: شعب مقاطع " في كونه من الأعمال الأولى التي أرخت لتطور الأفكار وفق مقاربة نقدية مناهضة للاستعمار ويوثق للتطور الفكري لإيران باللغة الإنجليزية، وقد نشر عام 2007، في وقت كانت فيه إيران تتصدر العناوين الدولية بسبب برنامجها النووي في حقبة محمود أحمدي نجاد.
ويقدم هذا الكتاب دليلا قيما للعلماء والسياسيين، والدبلوماسيين الساعين لفهم أعمق للعقلية الإيرانية؛ حيث يكشف عن تاريخ فكري غني يرتكز على مقاومة القمع الداخلي والخارجي، ويؤكد على الإحساس العميق بالفخر الوطني لدى الإيرانيين، لذا يظل "إيران: شعب مقاطع" مساهمة أصيلة وقيمة في دراسة إيران، ويساعد في تفسير العديد من تصرفات إيران اليوم من خلال كشف تاريخها الفكري الغني المقاوم للقمع الداخلي والخارجي.
"إيران: إعادة ميلاد أمة"
يقدم كتاب حميد دباشي "إيران: إعادة ميلاد أمة" (Iran: The Rebirth of a Nation) الصادر عام 2016 تحليلا معمقا لإيران ليس كدولة قومية فحسب، بل كـ"أمة" ذات هوية متجذرة تتجاوز حدود الدول وأيديولوجياتها المتعاقبة؛ ويرى دباشي أن مفهوم "الأمة" الإيرانية متمايز عن "الدولة" الحاكمة، وأن هذا التباين التاريخي لا يضعف أيا منهما، بل يمنحهما قوة متبادلة بطريقة متناغمة.
ويجادل دباشي بأن إيران كأمة لديها "حداثتها الخاصة المناهضة للاستعمار"، والتي تطورت بشكل طبيعي عبر قرنين من التفاعل بين مثقفي إيران؛ وهذه الحداثة بحسب دباشي ليست مجرد استنساخ للمفاهيم الغربية، بل هي رؤية أصيلة للحياة الحديثة تتشكل وفقا لشروط إيران الخاصة. والكتاب يستند إلى فكرة أن الوعي الوطني الإيراني قد توسع وتجاوز الحدود الوهمية التي فرضتها الدولة القومية ما بعد الاستعمار.
ويسلط دباشي الضوء على حقيقة أن "الفضاء العام" الإيراني عبر تاريخه كان مسرحا للتعبير عن الإرادة الوطنية ومقاومة الأنظمة الحاكمة، سواء كانت ملكية أو دينية، ويؤكد أن هذه المساحة تتجاوز حدود الدولة الجغرافية وتتأثر بالحوارات الثقافية العالمية، مما يمنح الأمة الإيرانية قوة ومرونة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ويطرح دباشي مفهوم "الحدس الجمالي للتجاوز" كقوة دافعة تمكن الأمة من إعادة اختراع نفسها وتجاوز قيود "العقل ما بعد الكولونيالي" و"الحداثة الاستعمارية"؛ هذا الحدس يتجلى في الفنون والآداب الإيرانية التي تمثل في نظر دباشي تعبيرا عن الروح الحقيقية للأمة، بمعزل عن الأيديولوجيات السياسية.
ويرى دباشي بأن الشعر والسينما الإيرانية أدوات أساسية لفهم تطور الفكر الإيراني ومقاومته للقمع والتعبير عن الهوية الوطنية في مواجهة محاولات الهيمنة، سواء كانت داخلية أو خارجية، كما يرى أن هذه العلاقة المعقدة بين الأمة والدولة تجسد مفتاحا مهما لفهم إيران اليوم، وقوتها في المشهد الإقليمي والعالمي.
"إيران بلا حدود"
يركز كتاب حميد دباشي "إيران بلا حدود: نحو نقد الأمة ما بعد الاستعمارية" (Iran Without Borders: Towards a Critique of the Postcolonial Nation) الصادر عام 2016، على فكرة أن "إيران" كأمة محصورة بشكل مصطنع داخل حدودها ما بعد الاستعمارية المصطنعة، وهدف الكتاب إلى تفكيك الثنائيات الخاطئة، مثل "إسلامي/أصولي" مقابل "علماني"، و"التراث" مقابل "الحداثة"، أو "إيران" مقابل "الغرب"، والتي شوهت المجتمع الإيراني تاريخيا وقيدت خياله الأخلاقي. وبدلا من ذلك، يقترح الكتاب أن "الكونية العالمية"، التي يراها دباشي السمة الحقيقية للثقافة الإيرانية، والمتجذرة في ماضيها الإمبراطوري وتفاعلاتها العابرة للحدود الوطنية.
وتتمثل الفكرة الرئيسية الأخرى في أن "الهوية الوطنية" الإيرانية كانت دائما عملية عابرة للحدود الوطنية وما بعد وطنية، وقد تشكلت من خلال التفاعل والتأثير الواسعين مع أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك الهند وآسيا الوسطى والعالمين العربي والعثماني وأوروبا. وتجلى ذلك في تبادل الأفكار والمنشورات، وسفر المثقفين والفنانين والساسة الإيرانية الذين غالبا ما عملوا خارج الحدود المادية لإيران.
ويؤكد دباشي من خلاله كتابه أن الثقافة الإيرانية تتميز بـ"الكونية العالمية" المتأصلة ودينامية داخلية تتجاوز باستمرار القوميات الضيقة. ويتضح ذلك من خلال أمثلة مثل تأثير الشعراء العالميين (نيرودا، ماياكوفسكي، محمود درويش، هيوز) على الشعر الإيراني، والنجاح العالمي للسينما والفن الإيراني، والترابط التاريخي للحركات السياسية الإيرانية مع النضالات العالمية ضد الاستعمار.
كما سلط الكتاب الضوء على أهمية هجرة العمال في تشكيل الطابع الكوني للمدن الإيرانية مثل الأحواز، متجاوزا مفاهيم السكان "الأصليين" ومؤكدا أن الهويات العرقية المصطنعة تتجاهل مركزية العمل في التكوين الحضري. ويؤكد أيضا كيف أظهرت الحركات العمالية التي تظهر تضامنا عابرا للحدود الوطنية بين العمال من مختلف الخلفيات، والتي تكون غالبا ضد الاستغلال الاستعماري والطغيان.
ويقدم الكتاب نقدا لدراسات "الشتات" التقليدية، والتي يرى أنها غالبا ما تبالغ في تمجيد مفهوم "الوطن" و"المنفى"، ويجادل بأن مثل هذه المقاربات تميل إلى إضفاء طابع محلي وعزل الإبداع في الحدود الوطنية المصطنعة.
الثورة في عالم ما بعد ديمقراطي
يدرس كتاب حميد دباشي "إيران في ثورة: تطلعات ثورية في عالم ما بعد ديمقراطي" (Iran in Revolt: Revolutionary Aspirations in a Post-Democratic World) الصادر عام 2025، الانتفاضات الأخيرة في إيران، لا سيما "انتفاضة جينا" (أو انتفاضة مهسا أميني) عام 2022، متسائلا عن طبيعة الثورات في عالم اليوم الذي يصفه بـ"ما بعد الديمقراطي" ؛ يرى دباشي أن مفهوم "الديمقراطية" قد أصبح وهما كولونياليا، ومجرد حيلة للرأسمالية العالمية.
ويجادل دباشي بأن هذه الانتفاضات، التي تقودها النساء الإيرانيات من جميع الطبقات والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، ليست مجرد احتجاجات دورية، بل هي مظاهر لثورة أعمق تحدث تدريجيا في عقلية الناس، وفي أسلوب حياتهم، وعلاقاتهم الاجتماعية.
هذه الثورة التي يطلق عليها دباشي اسم "خيزش" (انتفاضة باللغة الفارسية)، لا تهدف بالضرورة إلى إسقاط نظام حكم واستبداله بآخر، بل إلى تفكيك مفهوم الدولة ذاته، وتعزيز حكم ذاتي على المستويات المحلية والشعبية.
وينتقد دباشي التصورات السائدة في الغرب والتي تبناها بعض الأوساط الإيرانية المعارضة في الخارج، التي تحاول ربط هذه الانتفاضات بأجندات خارجية أو تصويرها كحنين لعودة النظام الملكي؛ حيث يؤكد أن مثل هذه المحاولات لا تفهم الطبيعة الحقيقية للحركة، التي هي أوسع وأكثر تعقيدا من مجرد تغيير نظام حكم.
كما يجادل دباشي في الكتاب بأن الدولة القومية ما بعد الاستعمارية فقدت شرعيتها وأصبحت مجرد أداة للقمع بدلا من أن تكون آلية للرفاه الاجتماعي. هذا الفشل يفسر "الغضب الخام" الذي يدفع الانتفاضات المعاصرة.
كما أظهرت "انتفاضة جينا" حسب دباشي الدور المحوري للمرأة الإيرانية التي تقود الاحتجاجات ضد اجبارية الحجاب وتطالب بالفرص الاقتصادية والحرية الاجتماعية والمشاركة السياسية. ويرى دباشي أن نضال المرأة هو ضد ذكورية وأبوية الدولة الحديثة.
كما أكد دباشي في الدراسة على التعددية العرقية والثقافية واللغوية في إيران، وأعلن عن رفضه للقوميات العرقية الضيقة التي تسعى إلى تقسيم البلاد وانتقد بشدة "النشطاء المشاهير" في الفضاء السيبراني، حيث يرى أنهم يساهمون في تزييف الواقع وتحويل النضال الحقيقي إلى سلعة. كما يحذر من "المراقبة الرأسمالية" التي تستغل البيانات لتوجيه الاحتجاجات.
كما يقترح الكتاب ظهور ما سماه بـ"اللاهوت الجديد" المتجاوز لثنائيات التقليدية بين "الإسلام" و "العلمانية" أو "الشرق" و "الغرب" والمتأصل في الوعي الجمعي للإيرانيين، ويعكس رفضا للإسلام السياسي في صيغته المتطرفة ويسعى إلى إيمان أكثر عالمية وإنسانية، ويختم برفضه الحازم لأي عودة لحكم سلالة الشاه بهلوي، ويرى أن هذه الحركة، المدعومة من قبل بعض الشتات الإيراني في الخارج، هي "فاشية صريحة" ونسخة أخرى للأنظمة القمعية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدوحة تؤكد استقرار الأوضاع وواشنطن تعلن إعادة فتح سفارتها في قطر
الدوحة تؤكد استقرار الأوضاع وواشنطن تعلن إعادة فتح سفارتها في قطر

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

الدوحة تؤكد استقرار الأوضاع وواشنطن تعلن إعادة فتح سفارتها في قطر

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مساء أمس الاثنين أن سفارتها في العاصمة القطرية الدوحة سيعاد فتحها اليوم الثلاثاء، وأن الخدمات القنصلية ستستأنف دون انقطاع، في إشارة لعودة تدريجية إلى الوضع الطبيعي بعد ساعات من التوتر غير المسبوق الذي شهدته قطر، على خلفية هجوم صاروخي إيراني استهدف قاعدة العديد. وعلقت الخارجية الأميركية أيضا تحذيرها السابق لمواطنيها في كل من الكويت والبحرين والإمارات. ويأتي هذا الإعلان بعد إغلاق مؤقت شهدته السفارة الأميركية في قطر وتحذير سابق للمواطنين الأميركيين -في وقت سابق من أمس- بـ"الاحتماء في أماكنهم". وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية القطرية العقيد جبر حمود النعيمي "الوضع الأمني في البلاد مستقر بالكامل، وجميع الجهات المعنية تعمل بتناغم كامل لضمان أمن وسلامة المواطنين والمقيمين والزوار" وأضاف "نعمل بالتنسيق المستمر مع شركائنا في الأجهزة الأمنية والدفاعية لضمان استمرار الحياة اليومية بشكل طبيعي". وكانت إيران قد قصفت قاعدة العديد في قطر، مساء الاثنين، في عملية سمتها "بشائر الفتح" ردا على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية. وأكدت وزارة الدفاع القطرية أن الدفاعات الجوية اعترضت جميع الصواريخ الإيرانية، مؤكدة عدم وقوع "أي إصابات أو خسائر بشرية"، وشددت في بيان رسمي على أن أجواء الدولة وأراضيها آمنة، وأن القوات المسلحة القطرية "على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي تهديد محتمل"، ودعت الخارجية القطرية في الوقت ذاته إلى "الوقف الفوري لكافة الأعمال العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات". وأشارت إلى أن قاعدة العديد كانت قد أخليت في وقت سابق وفقا للإجراءات الأمنية والاحترازية. وفتحت قطر أجواءها أمام حركة الطيران المدني بعد توقف قصير، وهو ما يتماشى مع ما أعلنته دول خليجية أخرى مثل البحرين والكويت والإمارات التي أعادت فتح أجوائها بعد ساعات من الإغلاق المؤقت. وكانت قطر والبحرين والإمارات والكويت والعراق قد أغلقت أجواءها مؤقتا في ظل التوترات بالمنطقة بعدما قصفت الولايات المتحدة المنشآت النووية الرئيسية في إيران فجر أمس الأحد.

ترامب يشيد بأمير قطر ويعلق على الهجوم الإيراني
ترامب يشيد بأمير قطر ويعلق على الهجوم الإيراني

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يشيد بأمير قطر ويعلق على الهجوم الإيراني

وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشكر لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، واعتبر أن السلام قد حان عقب الهجوم الإيراني على قاعدة العديد القطرية التي تتواجد فيها قوات أميركية. وقال ترامب في تغريدة على إكس "أود أن أشكر أمير قطر المحترم على كل ما بذله من جهد في سبيل السلام في المنطقة". وأشاد الرئيس الأميركي بعدم وقوع قتلى أو مصابين أميركيين أو قطريين، مضيفا أنه ربما يكون باستطاعة إيران المضي نحو السلام الآن، وأنه سيشجع إسرائيل بحماس على أن تحذو حذوها. وفي تفاصيل الضربة الإيرانية على قاعدة العديد، قال ترامب إنه تم إسقاط 13 صاروخا من أصل 15 أطلقتها إيران، وأضاف أن إيران "ردت رسميا على تدميرنا لمنشآتها النووية برد ضعيف للغاية وهو ما توقعناه وتصدينا له بفعالية كبيرة". ومساء أمس الاثنين، قصفت إيران قاعد العديد في قطر في عملية سمتها "بشائر الفتح" ردا على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية، في حين أعلنت الدوحة أن الدفاعات الجوية اعترضت الصواريخ الإيرانية بنجاح. وقال الحرس الثوري الإيراني ، في بيان، إنه "بعد العدوان الأميركي على منشآتنا النووية، وجهنا ضربة مدمرة لقاعدة العديد في قطر". وأفاد التلفزيون الإيراني بأن عملية "بشائر الفتح" استهدفت قاعدة العديد وقواعد أميركية في العراق. بيد أن مسؤولا عسكريا أميركيا قال لوكالة رويترز إنه لم يتم رصد أي هجوم على قواعد عسكرية باستثناء قاعدة العديد. في غضون ذلك، قال مجلس الأمن القومي الإيراني إن "عملياتنا خالية من أي تهديد أو خطر على الدولة الصديقة والشقيقة قطر وشعبها". وتشن إسرائيل حربا على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين. وبعد أيام من الغموض بشأن إمكان تدخلها المباشر في الحرب إلى جانب إسرائيل، شنّت الولايات المتحدة، فجر الأحد، ضربات على المنشآت الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان. وقد أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية عبد الرحيم موسوي في خطاب متلفز، في اليوم التالي، أن بلاده سترد بشكل "حاسم وقاطع" على الضربات الأميركية.

لماذا يعارض مهندس "أميركا أولا" الحرب على إيران؟
لماذا يعارض مهندس "أميركا أولا" الحرب على إيران؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

لماذا يعارض مهندس "أميركا أولا" الحرب على إيران؟

في صباح يوم الأربعاء 18 يونيو/حزيران 2025، وأثناء فعالية إفطار أقيمت في واشنطن العاصمة، خرج ستيف بانون ، كبير الإستراتيجيين السابق في البيت الأبيض وأحد أبرز مهندسي تيار "اجعلوا أميركا عظيمة من جديد" أو "ماغا"، عن إجماع تيار الصقور المؤيد لدخول الحرب الإسرائيلية مع إيران. قال بانون حينها أمام حشد من الصحفيين، إن من الخطأ أن تتورط الولايات المتحدة في عمل عسكري مباشر على إيران، حاثًا الرئيس ترامب على التدقيق في المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، والتروي قبل التصعيد، وتذكُّر أنه "لا داعي للعجلة" في اتخاذ القرارات، مطلقًا تحذيرًا مدويًا "حرب أخرى في الشرق الأوسط ستمزق هذا البلد [الولايات المتحدة] إربًا!" بعد أيام قليلة فقط، وعندما استهدفت ضربات جوية أميركية ثلاث منشآت نووية إيرانية في الفترة بين 21 و22 يونيو/حزيران، كرَّر بانون موقفه الحذر، مؤكدًا عدم وجود معلومات استخبارية جديدة تشير إلى اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي. لم يكن هذا التصريح عابراً؛ بل كان افتتاحية لحملة سياسية وإعلامية مضادة للتصعيد على إيران، يقودها أحد أكثر العقول نفوذاً في تيار اليمين القومي الأميركي. ابتدأ بانون ندوته الصباحية بنقد قاس لحال الولايات المتحدة الأميركية، تحدث عن "الأزمة الاقتصادية والمالية في أميركا، والتراجع الصناعي، ثم أزمة المهاجرين، وتحدي صعود الصين كقوة عالمية، وترهل النخب السياسية الأميركية، وتقاعس الأوروبيين.."، واعتبر الدخول في مواجهة مع إيران لن تؤدي إلا إلى تفاقم هذه الأزمات؛ في الوقت الذي يحتاج فيه الأميركيون إلى إعادة بناء الداخل، وليس فتح جبهات خارجية، ومحذراً من مخاطر الانصياع لما وصفه "جنون نتنياهو"، وسعي اللوبي الإسرائيلي إلى دفع الولايات المتحدة إلى حرب لا تخدم مصالحها. وبعد أيام من تحذيرات بانون، نفذت الولايات المتحدة الأميركية ضربتها العسكرية الخاطفة ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية في ساعة مبكرة من صباح السبت 22 يونيو/حزيران 2025، حسب توقيت إيران تحت اسم "مطرقة منتصف الليل"، وفي لحظات تشوبها التوترات الإقليمية والتجاذبات الداخلية الأميركية. ومنذ الإعلان عن الضربات الأميركية على مواقع نووية إيرانية، لم يخف بانون تخوفاته من فتح جبهة حرب على إيران، فقد عارض الهجوم الواسع، واعتبره مقبولاً في حال كان محدوداً واضطرارياً دون الانجرار إلى حرب طويلة، وألمح في بث مباشر على "بودكاسته الخاص" إلى أن القرار سُرب إليه بعد لقائه ترمب قائلاً: "الحفلة بدأت"، مشيراً إلى بداية جديدة من التصعيد قد تغرق المنطقة في حرب طاحنة. من هو ستيف بانون؟ لفهم موقف بانون بصورة أفضل، علينا تتبُّع مسار حياة بانون من ضابط في البحرية الأميركية (المارينز) خدم في الخليج العربي إلى شخصية شعبوية بارزة في الإعلام. امتدت مسيرة ستيف بانون البحرية المبكرة بين عامي 1977 و1983، وحملتْه إلى ذات المياه التي ينظر العالم إليها بترقب بعد أن أضحت رمزًا لتدخلات الولايات المتحدة الطويلة الأمد في المنطقة. خدم بانون عقب "أزمة الرهائن الأميركيين" في إيران عام 1980، مساهمًا في تنسيق الرسائل والاتصالات على متن مدمرة أميركية في الخليج العربي؛ وهي التجربة التي شكّلت مدخله الأول إلى الجغرافيا السياسية للمنطقة. تذكَّر بانون لاحقًا أن تلك المرحلة غرست فيه شكوكًا عميقة تجاه التدخلات العسكرية التي يفرضها القادة التنفيذيون في تهور. وفي تأمُّلاته الشخصية، وصف بانون تلك الفترة، بأن "فشل تلك المهمة مثّل نقطة تحول جوهرية في رؤيته السياسية"، دافعًا به من حالة اللامبالاة السياسية السابقة إلى ناقد يرفض التدخلات الخارجية. يصف نفسه بأنه "ريغاني الهوى" أي متبنيًا سياسة الرئيس الأسبق رونالد ريغان الرافضة للتدخلات العسكرية الخارجية، وهو ما يقول، إنه تعزز بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. ظهر ستيف بانون للعالم مع صعود دونالد ترامب داخل الحزب الجمهوري، فقد كان بانون هو العقل الإستراتيجي الذي قاد حملة ترامب الرئاسية الأولى عام 2016، وكان كبير مستشاريه في البيت الأبيض قبل أن يُقال لاحقًا. أسّس بودكاست "وار روم" (War Room) الذي يُعدّ الآن منبرًا مركزيًا لحركة ماغا (MAGA)، والتي تمثل تيارًا يمينيًا قوميًا يرى في الولايات المتحدة مركزًا حضاريًا لا يجب أن تنغمس في حروب خارجية عبثية، حتى أصبح بانون الصوتَ الأعلى حالياً داخل اليمين القومي الشعبوي المعارض للتدخلات الخارجية. عندما برز بانون على الساحة السياسية ضمن إدارة ترامب، حمل معه رؤية للعالم تقوم على الشعبوية، والاعتداد بالقوة الأميركية التي تقتضي ضبط النفس. انتقد بانون مرارًا الحروب التي فجرها جورج بوش الابن، وعارض الضربة الصاروخية الأميركية على قاعدة الشعيرات في سوريا عام 2017، كما شكّك في جدوى عملية اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق عام 2020، متسائلًا عما إذا كانت فعلًا عملية "ضرورية". كان موقفه دائمًا واضحًا وثابتًا: يجب أن تتجنّب الولايات المتحدة دور "شرطي العالم". ورغم تعبيره المتكرر عن دعمه العقدي لإسرائيل، واصفًا نفسه بالفخور بأنه "مسيحي صهيوني"، يعتقد بانون أيضًا، أن على حلفاء الولايات المتحدة الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، بينما تتراجع واشنطن خطوة إلى الخلف مبتعدةً عن الانخراط المباشر في المواجهات. وما هي "ماغا"، وكيف انقسم مؤيدو ترامب؟ أما حركة ماغا، فقد أسسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستخدم شعار "Make America Great Again"، وتعني "اجعلوا أميركا عظيمة من جديد"، واستخدم الشعار رمزا لحركته السياسية الشعبوية في حملاته الانتخابية. وتستند أيديولوجية ماغا إلى مزيج قوي من القومية، والانغلاق الاقتصادي، والمحافظة الثقافية. وقد ظهرت هذه الأيديولوجيا بقوة في حملة دونالد ترامب الانتخابية عام 2016، وسرعان ما تحولت إلى حركة شعبوية مؤثرة، شكّلت حولها قاعدة واسعة من الناخبين الجمهوريين، لا سيما من الطبقة الوسطى والعاملة، فالحركة ليست حزباً مستقلاً؛ بل تيارا داخليا يؤثر بقوة في توجيه سياسات الحزب الجمهوري. استثمرت الحركة في مشاعر الإحباط لدى الناخبين تجاه العولمة والهجرة والتدخلات الأميركية الخارجية التي لا تنتهي. بالنسبة لكثيرين داخل هذا التيار، جسَّد ترامب تمردًا على النخبة الحاكمة، ووعد بإعادة موضع السيادة الأميركية في الداخل، وتقديم مصالح البلاد على حساب الالتزامات الدولية. وكان بانون، بصفته كبير مستشاري ترامب سابقًا، ثم شخصية إعلامية مؤثرة، من أبرز من صاغ هذا الإطار الأيديولوجي، مؤكدًا القومية الاقتصادية، وتشديد الرقابة على الحدود، والارتياب العميق تجاه السياسات الخارجية التي تقوم على التدخل. ومع تطور ماغا، بدأت الخلافات تظهر بين جناحها القومي والشعبوي المحافظ من جهة، وبين صقور الحزب الجمهوري التقليديين الداعمين للتدخلات العسكرية في الخارج من جهة أخرى. وقد برز هذا التوتر الأيديولوجي في عدة محطات حاسمة، مثل قرار سحب القوات من أفغانستان وسوريا، والنقاشات في الموقف من روسيا والصين، وصولًا إلى الانخراط في الحرب الإسرائيلية الحالية على إيران. يعبر تحفّظ بانون تجاه الحرب الأميركية ضد إيران عن اصطفافه الواضح مع الجناح الرافض للتدخلات الخارجية، ويعكس في الوقت ذاته الرغبة العميقة داخل "ماغا" لإعادة تشكيل السياسة المحافظة الأميركية على أسس تُعلي من شأن الداخل الأميركي وتنبذ الحروب الخارجية التي لا طائل منها. إذاً تنطلق معارضة بانون الحرب على إيران من منظومة فكرية جيوسياسية وقومية شاملة تعيد تعريف أولويات الدولة الأميركية، وليس من مجرد موقف تكتيكي يتم اتخاذه بناء على ضغط من إسرائيل، "لا حروب بلا نهاية، لا حروب من أجل الآخرين، لا شكر لنتنياهو"، وعلى إسرائيل أن تنهي ما بدأته بنفسها. ويرى بانون، أن الحرب على إيران في ظل حالة عدم الاستقرار العالمي، تهدد أمن الولايات المتحدة القومي ولا تعززه، فالمعركة الاقتصادية مع الصين، وأزمة الحدود والمهاجرين، والتضخم المتصاعد، أولى بالاهتمام من الدخول في حرب مفتوحة في الخليج. بينما يهاجم بانون بشدة "مؤسسة الأمن القومي"، كتعبير عن الدولة العميقة، ويصفها بـ "الوحش"، ويراها تسعى دوماً إلى إبقاء أميركا في صراع، لتعزيز سلطتها على حساب المواطنين. لماذا يرفض بانون الحرب على إيران؟ يؤكد بانون أنه في حال إجراء استطلاع للرأي العام الأميركي وسؤال الناس "هل تؤيدون دخول القوات الأميركية في قتال مباشر ضد إيران هذا الأسبوع؟، ستكون النتيجة صفر تأييد مقابل 100 معارضة" من منطلق أن الشعب مثقل بأزمات داخلية ذات أولوية على فتح جبهة قتال خارجية. يقول بانون: "لقد قالها الشعب الأميركي بوضوح، نريد الخروج من حروب الشرق الأوسط، ولهذا السبب احتفل الجميع عندما أعلن الرئيس ترامب سياسة جديدة خلال زيارته الأولى للمنطقة: "سلام وازدهار، لا للإملاء الثقافي، لا لتصدير قسري للديمقراطية". بينما اعتبر بانون قناة "فوكس نيوز" مصنعاً للدعاية والتضليل وليست منبراً للحقيقة في إشارة لترويج القناة لضرورة الرد العسكري على إيران، وهي التي لعبت دوراً حاسماً في تسويق الحرب على العراق سابقاً، وها هي تعود إلى نفس النموذج الدعائي "إقناع الشعب أن العدو يمتلك سلاحاً نووياً، وعلينا التحرك الآن"، وأضاف "جورج بوش خدعنا، فهل سنخدع من جديد؟"، كما أوضح أن "جزءا من الشارع الجمهوري لم يعد يثق في صقور الإعلام المحافظ، فالقناة لم تعد تنقل الخبر؛ بل تصنعه وفق أجندة بعض النخب التي ترتبط بمصالح إستراتيجية في المنطقة". ينطلق بانون من مبدأ "لا للحروب التي لا تنتهي" الذي كان أحد أعمدة حملة ترامب 2016، ثمّ حوله إلى مرجع في الأوساط اليمينية القومية، خصوصاً أن الحرب على إيران لن تكون قصيرة أو محدودة كما يتم تسويقها، وقد تؤدي إلى تفجير الإقليم بأكمله، واستهداف الجنود الأميركيين المنتشرين في الخليج والعراق وسوريا. في حين إن الاندفاع نحو الحرب من وجهة نظر بانون نابع من معلومات استخبارية غير موثوقة، وفشل في تقييم العواقب الإستراتيجية، فيقول: "الإسرائيليون يدّعون أن لديهم معلومات استخبارية، لا أفهم لماذا لا نزال نعتمد على جهاز استخبارات أخفق وفشل فشلا ذريعاً في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفي واحدة من أسوأ الهفوات الاستخبارية منذ 11 سبتمبر/أيلول". إرث العراق وأفغانستان… ذاكرة شعبية تؤطر الرفض استحضر بانون تجربة حرب العراق باعتبارها "الخطيئة الأصلية" التي أدت لضياع ثقة الشعب في الحكومات والمؤسسات، مثّلت "صدمة ورعبا"، وتم الترويج بأن احتلال بغداد خلال 3 أشهر، ثم ماذا؟ 20 عاما في العراق، و7 تريليونات دولار، و8000 قتيل. يؤكد بانون، أن الرأي العام الأميركي بات واضحاً، فهو لا يريد المزيد من الحروب في الشرق الأوسط على حد وصفه. ويحذر بانون من أن إيران بعكس الأنظمة التقليدية، تقاتل من خلال شبكة من الوكلاء والمليشيات الإقليمية التي من الممكن أن تشعل الصراع من عدة جبهات، وقال: "الهجوم على إيران قد يمزق البلاد من الداخل، هناك 40 ألف جندي مهدّدين داخل شريط من الأزمات يمتد من العراق إلى اليمن"، وقد وصف ذلك بقوله "جنودنا لا يقاتلون دولة، بل شبكة ذات امتداد غير مرئي". يشدّد بانون على أن التركيز الإستراتيجي الحقيقي للولايات المتحدة يجب أن يكون موجهاً للصين لا إيران، حيث يُضعف الانخراط العسكري الأميركي في الشرق الأوسط من قدرة واشنطن على مواجهة التحدي الجيوسياسي الأعظم الذي تمثله بكين، وهو ما وصفه "الجنون الإستراتيجي" الذي يشبه الهروب من الجبهة الأساسية. وفق تقرير وزارة الدفاع الأميركية السنوي لعام 2024 عن الصين، فإن الصين تبني بسرعة ترسانتها النووية بحيث تتجاوز 1000 رأس نووي عملياتي بحلول عام 2030، وتعمل على تحقيق تفوق إقليمي بحلول 2035، وتحدي الهيمنة الأميركية عالمياً بحلول 2049، مع تطوير الصين القدرات والمفاهيم العسكرية في عام 2023 نحو تعزيز قدرة جيشها على "خوض الحروب والانتصار فيها على عدو قوي". ووفق التقرير فإن الصين تعمل على تجميع عناصر القوة الوطنية من خلال التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي والعسكري لتحقيق "النهضة الكبرى للأمة الصينية" بحلول عام 2049، ومن خلال هذه القوة ستعمل الصين على إعادة تشكيل النظام الدولي بما يدعم نظام حكمها ومصالحها الوطنية. متطفّلون: تقاعس أوروبا يوجه بانون انتقاداً لاذعاً للحلفاء الأوروبيين، ويقول "نحن نخسر طائراتنا لحمايتهم.. أنتم لستم حلفاء، أنتم متطفلون"، ويعلّق على جهود الولايات المتحدة العسكرية في البحر الأحمر، "لم تكن هناك مساعدة حقيقية، فبينما نشرت واشنطن مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات، وعشرات السفن، ومئات الطائرات، وآلاف الجنود، لتأمين الممرات البحرية وخطوط الملاحة نحو قناة السويس، لم ترسل أوروبا سوى ثلاث قطع بحرية: مدمرة بريطانية واحدة، فرقاطة إيطالية، وكورفيت فرنسي". ومع أن بعض المسؤولين الأوروبيين بدأوا يتحدثون عن نية رفع إنفاقهم العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن بانون يشكّك في تلك التصريحات، ويدعو للنظر في الوقائع على الأرض، ويقول للأوروبيين: "لا تحسبوا الصفقات الخضراء، أو الرعاية الصحية، ضمن ميزانية الدفاع… أروني القوات القتالية، أروني العمليات العسكرية.. أين تلك القوات التي وعدتم بها أوكرانيا؟ لا شيء ولن ترسلوا شيئاً، لأنكم لا تستطيعون". واتهم بانون أوروبا، أنها أفرغت نفسها ذاتياً من قدراتها الصناعية والاقتصادية، وعلى مستوى الجهوزية والموارد، حيث تعاني ألمانيا من أزمة صناعية بسبب سياسات نزع الكربون، وكذلك فرنسا وبريطانيا تعانيان من مأزق اقتصادي لا يقل حدة، ومن زاوية أخرى، يرى بانون أن اندفاع واشنطن نحو الحرب مع إيران يجري بينما تتقاعس أوروبا عن المشاركة الجدية. كيف تفاعل الشارع والنخبة الأميركية مع موقف بانون؟ تماهت كثير من التعليقات التي رافقت الضربة الأميركية تجاه المنشآت النووية الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي -خاصة من قاعدة ترامب الانتخابية- مع موقف بانون أكثر مما أيدت العمل العسكري، إذ أظهرت استطلاعات على منصات يمينية مثل Gettr وTruth Social أن 57% من المستخدمين يرون أن الضربة "لم تكن ضرورية في هذا التوقيت"، بينما اعتبر 41% أن "إسرائيل تؤثر أكثر مما يجب في القرار الأميركي". وهو ما يدل على اتساع الفجوة بين الإدارة وأنصارها من جهة، والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى. كتبت النائبة اليمينية مارغوري تايلور غرين والموالية للرئيس ترامب في رسالة نشرتها قبل الضربات الأميركية المفاجأة "في كل مرة تكون فيها أميركا على وشك العظمة، نتورط في حرب أجنبية جديدة، لم تكن القنابل لتسقط على شعب إسرائيل لو لم يكن نتنياهو قد أسقط القنابل على شعب إيران أولاً، إسرائيل دولة تمتلك السلاح النووي، هذه ليست معركتنا، السلام هو الحل". أما الصحفي الاستقصائي غلين غرينوالد كتب: "عندما يصبح بانون أكثر حكمة في السياسة الخارجية من قادة الحزبين، فهذه لحظة يجب أن نتوقف عندها"، بينما وصف نعوم تشومسكي الضربة بأنها "جزء من السيرك الإستراتيجي الدائم الذي يدير الحروب عبر الشاشات". ورغم كافة الانتقادات، يؤكد بانون أن حركة ماغا لن تنقلب على ترامب، ففي تعليقه الأخير قال: "نحن نعارض الحرب حتى النهاية، لكن القاعدة ستبقى مع ترامب"، لكن هذا الموقف بحد ذاته يكشف عن انقسام داخلي في التيار المحافظ بين من يرى في ترامب زعيماً متسقاً مع مبادئهم، ومن يرونه قد بدأ بالتخلي عن شعاره الأبرز "أميركا أولاً"، ويتجه للإذعان لضغوط المؤسسة التقليدية -الدولة العميقة- التي وصفها بانون بـ "الوحش". بانون نفسه، بدأ يشعر بالتهميش التدريجي داخل البيت الأبيض، مع صعود تيار أكثر قرباً من البنتاغون ووزارة الخارجية، لكنه رغم ذلك لا يزال يمتلك تأثيراً كبيراً عبر برنامجه الذي يتابعه ملايين الأميركيين يوميا. وهو سيظل يكرر ما يقوله طوال الوقت، إذ إن المسألة لا تقتصر على معارضة الحرب فحسب، بل تتعلق بضمان ألّا يُخاض أي نزاع مستقبلي إلا بوضوح في الهدف، وبإجماع شعبي، ولأسباب وجيهة لا يمكن دحضها. وحتى يحين ذلك الوقت، يبدو أن بانون يعتقد أن أفضل ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة للشرق الأوسط هو أن تتركه وشأنه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store