logo
طبيب القلوب، الذي لم تفتنه المناصب

طبيب القلوب، الذي لم تفتنه المناصب

عمونمنذ يوم واحد

لا يُقاس الرجال بعدد المناصب التي تقلدوها، ولا بعدد المرات التي اعتلت فيها أسماؤهم لافتات الوزارات أو قاعات البرلمان أو مقاعد الأعيان، بل يُقاسون بصدقهم مع أنفسهم، وبمدى تصالحهم مع فطرتهم الأولى، وهنا يبرز اسم الدكتور عبدالرزاق النسور، كقصة لا تشبه غيرها، كقلب كان له أن يضخ الطيب أينما حل، لا الدم فقط.
أبو خالد، كما يحلو للناس أن ينادوه، لم يكن يوماً ساعياً خلف الأضواء، ولا ممن ارتدوا عباءة العمل العام ليتاجروا بها في أسواق الوجاهة والمصلحة، بل كان الطبيب الذي بقي طبيباً، حتى وهو وزير، وكان الإنسان حتى وهو عين ونائب ورئيس بلدية لثلاث دورات متتالية، فلم تغره المقاعد الوثيرة، ولم تُنسِه الهتافات العالية أنه خادم للناس لا سيداً عليهم.
منذ عرفه الناس وهو الوجه البشوش، القلب الصادق، اللسان الرطب بذكر الخير، يهرع إلى الملهوف قبل أن يُستغاث، ويشعر بوجع المحتاج دون أن يُقال له، وكان ديدنه أن لا يرى في المناصب إلا وسيلة لفعل الخير، لا سلماً للارتقاء فوق الناس، ولا باباً لتمكين الذات.
أجمل ما في هذا الرجل، أنه كسر القاعدة التي تقول إن السياسة تُفسد النفوس، وإن العمل العام يُتخم القلب ويقسو، فقد خاض كل الميادين وبقي كما هو، نقيّ السريرة، نظيف اليد، رقيق الشعور، لم يتبدل ولم يتلون، لم ينكث وعداً ولم يخن عهداً، بل ظل وفياً كما يُحب الله لعباده أن يكونوا.
في زمنٍ كان بعضهم يبيع الوعود ويشتري بها أصوات الناس، كان أبو خالد يزرعها دون حساب، ولا ينتظر موسماً للحصاد، وكانت يمينه تعمل في صمت، لا تدري بها يساره ، وكان إنجازه صامتاً إلا من الدعوات الصادقة التي خرجت من أفواه الناس وقلوبهم معاً، فأحبوه، وتمنوا له الخير كما تمنى هو لغيره دوماً.
ورغم كل ما تقلده من مناصب، بقي كما هو، لا تحرسه الحواجز، ولا يحجبه حاجب، بيته مازال في حي السلالم، لم يتغير مدخله، ولا ازدادت جدرانه عُجباً وتكبراً، وكأن الزمان قد توقف عند بساطة الطينة الأولى التي خُلق منها، وكأن المكان رفض أن يخون صاحبه ويشبه من باعوا الناس بثمنٍ بخس.
كان أبو خالد الطبيب الأقرب للقلوب، ليس من باب المهنة فقط، بل لأنه كان يعالج النفوس قبل الأجساد، ويبتسم في وجه الألم حتى يخجل الوجع من نفسه وينسحب، وكان إنساناً قبل أن يكون طبيباً، وهذا اللقب وحده يكفيه، "الطبيب الإنسان"، ذاك اللقب الذي لم يكن يحب غيره، ولم يتزين يوماً إلا به.
ما عرف أحد عنه أنه طارد مكسباً شخصياً، أو سعى إلى منفعة لجهة أو عشيرة، بل كان يرى أن من تبوأ مكانة بين الناس، عليه أن ينسى نفسه قليلاً ليعيش لغيره كثيراً، وكان يصدق القول، يفي بالعهد، يسامح الزلة، ويترفع عن الصغائر كما يليق بالكبار حقاً.
وها هو اليوم، يسير على خطاه دعاؤنا له بالشفاء والعافية، ويورّث أبناءه الخُلق قبل اللقب، والطيب قبل الجاه، ويكفيه فخراً أن الله أحبّه، فحبب فيه خلقه، وأنبت من صلبه فرعاً طيباً يحمل عبق الأصل ونقاء الرسالة.
الطبيب الإنسان، عبدالرزاق النسور، سلامٌ عليك ما بقي في القلوب وفاء، وما بقي في الناس مَن يعرفون الرجال بقلوبهم لا بألقابهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأردن أمانة في أعناقنا
الأردن أمانة في أعناقنا

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

الأردن أمانة في أعناقنا

تمر المنطقة بتطورات مقلقة وأحداث متسارعة هي الأكثر تعقيدا واضطرابا ويقف الأردن الغالي شامخا مرفوع الراية بمواقفه النبيلة المشرفة حريصا على امنه واستقراره وان الأردن قوي بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبة الواعي المنتمي الملتف حول قيادته الحكيمة وهو يخطو نحو المستقبل ويجسد نموذجا فريدا في السياسة الحكيمة المتزنة وصوت العقل والحكمة والرؤية العميقة في بناء مؤسسات الدولة الأردنية والحفاظ على الإنجازات الوطنية. الأردن أمانة في اعناقنا جميعا وان حماية الوطن الغالي من تداعيات الصراعات الخارجية مسؤولية الدولة والمواطن معا وهي مسؤولية مشتركة من الجميع وان هذه التحديات تتطلب منا جميعا ان نحافظ على الوطن ونفوت الفرصة على اعداء الوطن والمتربصين واي عابث في امن الوطن واستقراره، والوقوف صفا واحدا مع الوطن وكلنا في خندق الوطن خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة وعلينا ان نكون جيشا مع قواتنا الباسلة وأمنا مع اجهزتنا الأمنية الرائدة مؤمنين بان الأردن اغلى من الروح والدماء فحمايته واجب علينا جميعا كما كان الآباء والاجداد الذين ما كانوا يوما الا مع الوطن وقيادته الهاشمية المفداه صانوا العهد والوعد وكانوا مع الوطن في كل الظروف والأزمات وبفضل الله ورعايته وقيادته الهاشمية كان الأردن المنتصر وتخطى كل الازمات والظروف الصعبة، التحديات تتطلب منا ان نكون يدا واحدة نرص الصفوف ونحافظ على وحدتنا الوطنية وتماسك جبهتنا الداخلية والتصدي لكل الاشاعات والاتهامات الكاذبة ومحاولات التشكيك الظالمة بمواقف الأردن المشرفة ومبادئه الثابتة. حفظ الله الأردن الحبيب وقيادتنا الهاشمية المفداة وجيشنا العربي الباسل واجهزتنا الامنية الساهرة على امن الوطن واستقراره من كل مكروه تحت ظل قائدنا الملهم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظه الله.

بمناسبة صدور قرار أمير منطقة المدينة المنورة بتعيينه مديرًا عامًا لمركز بحوث ودراسات المدينة
بمناسبة صدور قرار أمير منطقة المدينة المنورة بتعيينه مديرًا عامًا لمركز بحوث ودراسات المدينة

أخبارنا

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبارنا

بمناسبة صدور قرار أمير منطقة المدينة المنورة بتعيينه مديرًا عامًا لمركز بحوث ودراسات المدينة

الشيخ السديس يهنئ الدكتور صلاح البدير أخبارنا : هنأ معالي رئيس ‏الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس باسمه واسم أئمة ومؤذني ومنسوبي الرئاسة وفرعها بالمدينة، فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور صلاح البدير؛ بصدور قرار سمو أمير منطقة المدينة المنورة -حفظه الله- بتعيينه مديرًا عامًا لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة. وبارك معاليه للشيخ البدير ثقة ‏سمو أمير منطقة المدينة، متمنيًا لفضيلته التوفيق والسداد، وتحقيق الدور التكاملي بين الرئاسة والمركز ‏في خدمة المدينة المنورة وساكنيها والمسجد النبوي وزائريه، في ظل التوجيهات السديدة للقيادة الرشيدة ومقام الامارة ..

الحدادين يؤكد اعتزازه بموقف الملك: الاردن لن يكون ساحة حرب
الحدادين يؤكد اعتزازه بموقف الملك: الاردن لن يكون ساحة حرب

عمون

timeمنذ 4 ساعات

  • عمون

الحدادين يؤكد اعتزازه بموقف الملك: الاردن لن يكون ساحة حرب

عمون - أعرب المحامي اكثم خلف الحدادين نائب رئيس بلدية مادبا الكبرى السابق عن اعتزازه الكبير، بما أكده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى خلال لقائه مع عدد من الشخصيات السياسية والاعلامية اليوم في قصر الحسينية العامر، بأن الاردن لن يكون ساحة حرب للجهات المتصارعة، ولن يسمح لأي طرف بأن يعبث بأمنه واستقراره، أو يزج به في صراعات لا تخصه. وأضاف الحدادين، أن حديث جلالة الملك جاء حاسما وواضحا، يؤكد من جديد حرص القيادة الهاشمية الحكيمة على حماية أمن الوطن وأستقراره، وتجنيب الأردنيين تداعيات التوترات الإقليمية رغم تقيد المشهد في المنطقة وتعدد الأطراف المتصارعة. وتابع، أن هذا الموقف الملكي الهاشمي ليس جديدا، بل هو امتداد لنهج سياسي متزن وشجاع ، ينأى بالأردن عن سياسة المحاور ، ويحافظ على مكانته كقوة اعتدال وصوت حكمة في الإقليم. وأختتم الحدادين حديثه، وقال أن جلالة الملك رعاه الله، وضع النقاط على الحروف برسائل مباشرة لكل من يعنيهم الأمر ، بأن سيادة الأردن خط أحمر وأمنه محل مساومة ، ومواقفه تنبع من ثوابته الوطنية لا من حسابات الآخرين ، وهذا يتطلب من ابناء الاسرة الاردنية الواحدة الأبية سواء مسؤولين حاليين أو سابقين أو مواطنيينأن نكون على قدر المسؤولية ، وأن نرفض كل محاولات التشكيك ، أو الاصطفاف وراء أجندات لا تمت بمصلحة الوطن بصلة .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store