
الأوهام الكبرى في الحركة الصهيونّية
منذ تنظيم الحركة الصهيونية تنظيماً عملياً أواخر النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، سعت الدعاية الصهيونية إلى أن ترسخ ثلاث أكاذيب أصبحت كالمسلمات التي تحرك الفكر الاستراتيجي الصهيوني على مختلف مساراته: السياسية، الاقتصادية، للاجتماعية، التربوية، والإعلامية.
وتتمثل تلك الأكاذيب في:-
1- فلسطين هي أرض الميعاد.
2- اليهود هم شعب الله المختار.
3- العرق اليهودي أسمى من بقية الأعراق البشرية.
وهذه الأكاذيب ليست قديمة قدم الديانة اليهودية، لكنها ولدت ونمت خلال القرن التاسع عشر على أيدي نفر من الصهاينة الأوائل الذين ابتدعوا مفهوم ( الصهيونية ) وحوّلوه إلى أيدولوجية تجتمع حولها طوائف اليهود المشتتين – آنذاك – في أنحاء العالم كافة. ومنهم : موسى هس، والحاخام إلكالاي، والحاخام زفاي هيشر، ثم المؤسس الحقيقي لحركة تسييس الصهيونية ثيودور هرتزل. واستمر الترويج لتلك الأكاذيب عالمياً بتنظيم وإتقان من 1812- 1897م حين انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا.
ويحسن بنا قبل أن نفند هذه الأكاذيب الثلاثة أن نوضح فروقاً ضمتها قائمة التعبيرات الصهيونية التي تم ضبطها تبعاً لمعجم ( المفردات الصهيونية ) لبربارا ويل Barbara Weill وتم تحديثها بواسطة دكتور جودي روزين Judy Rosen. وهذه القائمة متاحة لمن يريد الاطلاع عليها على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) في موقع:
http: 11 w.w.w.jajz-ed. Org.il11001gloss/index. Htm1
وهذه الفروق – المتضمنة في قواميسهم – توضح لنا تركيز اليهود على التفرقة الدقيقة بين المصطلحات الصهيونية فهناك:-
* الصهيونية الثقافية Cultural Zionism
التي تؤمن – كما يقول قاموسهم – بأن الاستيطان الناجح وإعادة إسكان أرض إسرائيل ( فلسطين ) يستند إلى الحاجة لإعادة إحياء الثقافة اليهودية، واللغة العبرية، وبالتالي يمكن أن تصبح أرض إسرائيل ( فلسطين ) مركزاً ثقافياً وروحياً مهماً لليهود. بمعنى أنها تجتذب اليهود إلى ما تسميه الصهيونية ( أرض الميعاد). وهذه الصهيونية الثقافية قامت أساساً على أفكار الحاخام ( آهاد ).
* الصيونية الواقعية: Practical Zionism
وهي من المظاهر المبكرة للحركة الصهيونية الحديثة. وهي تنادي بعودة اليهود إلى أرض إسرائيل ( فلسطين ) والاستيطان بها دون حاجة إلى اتفاق سياسي مع أي طرف آخر.
* الصهيونية الدينية: Religious Zionism
وهي تؤمن بأن القومية اليهودية ليست مجرد هدف سياسي، بل هي هدف ديني يجب تحقيقه في شكل ' وطن ' لليهود في أرض فلسطين، وطن يقوم على الربط بين التوراة ( الدين ) والعمل الواقعي.
* الصهيونية التركيبية : Synthetic Zionism
مصطلح صاغه تشايم وايزمان Chaim Weizmann وهو ينادي بمزج الأهداف السياسية للوطن اليهودي مع الأهداف الواقعية للاستيطان والعمل والثقافة اليهودية في أرض إسرائيل ( فلسطين ).
مناقشة موضوعية :
وقد أثبتنا هذه الفروق حرفياً كما هي منشورة على موقعهم الذي ذكرناه على شبكة المعلومات الدولية حتى لا يُقال إن ما سيأتي من مناقشتنا لأكاذيبهم يستند إلى أوهام أو إلى افتراءات عربية. فهم بأنفسهم يعترفون بأن لديهم أربعة ألوان من الصهيونية هي في حقيقتها أربع وسائل لهدف واحد هو : سلب أرض الفلسطينيين واعتبارها وطناً لليهود.
1- أكذوبة أرض الميعاد :
يستند اليهود في ترويج هذه الأكذوبة إلى نص العهد القديم ( التوراة ) يقول فيه الرب مخاطباً إبراهيم الخليل (( لنسلك – أي لذريتك – أعطي هذه الأرض : أرض كنعان )). والمعروف من تراث اليهود أن لهم إلهاً يسمونه ( يهوه ) غير إله إبراهيم عليه السلام. فإله إبراهيم – عليه السلام – هو الله سبحانه وتعالى خالق السماء والأرض وأي إله يا ترى صاحب هذا الوعد؟ إن كان هذا الوعد من إله إبراهيم فهذا كذب على الله تعالى. فقد صرَّح القرآن الكريم بقطع الصلة بين إبراهيم وبين من جادلوا فيه بعد عصره من اليهود والنصارى. فقال سبحانه وتعالى :
' يأهل الكتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إبراهيمَ وَمَا أُنْزِلَت التَّوراةُ والإنْجيِلُ إلاَّ مِنْ بَعْدِه. أفلا تعقلون؟! ' [ آل عمران / 65 ]
ومن المعروف أن تدوين التوراة تم بعد عهد بني إله إبراهيم بنحو ألف وثلاثمائة سنة، وبعد عصر نبي الله موسى بنحو سبعمئة سنة، وعلماء الآثار يفصلون بين عصر إبراهيم ويعقوب واسحق ويسمونه ( عصر الآباء الجوالين ) من جهة. وبين عصر موسى من جهة أخرى. وهذا ما أكده القرآن الكريم حين نفى أن يكون إبراهيم يهودياً أو نصرانياً. وعلى هذا، يستحيل أن يكون الوعد ' المزعوم ' صادراً عن رب إبراهيم سبحانه وتعالى.
وإذا كان الوعد صادراً عن الله سبحانه وتعالى لنسل إبراهيم، فما الذي حصر نسل إبراهيم في اليهود وحدهم؟ أليس إسماعيل أبو العرب أخا اسحق أبي يعقوب؟ فما الذي يمنع – إن صدق الوعد – أن تكون الأرض لعرب فلسطين؟
إن علم التاريخ وعلوم الآثار تدل على أن إبراهيم – عليه السلام – من الجزيرة العربية وكانت موطن آبائه وأجداده الأصليين قبل أن يهاجروا إلى بلاد دجلة والفرات. وهم ممن يُطلق عليهم ' العرب البائدة ' في تلك الكتب ولما أمر الله تعالى إبراهيم ببناء بيته الحرام في مكة كان ذلك إيذاناً ببدء نشر دعوة التوحيد ( الحنيفية السمحاء ) التي كان يتعبد بها إبراهيم عليه السلام قال تعالى :
' ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي، والذين آمنوا، والله ولي المؤمنين ' [ آل عمران / 68،67 ]
فالرابطة الحقيقية بين عصر إبراهيم – عليه السلام – والعصور اللاحقة له، هي رابطة الإيمان الخالص الذي لا تشوبه شائبة من غرض أو هوى. ومن ثم فإن أقرب الناس صلةً بإبراهيم هم أولئك الذين آمنوا بنبوته في عصره. ثم محمد – صلى الله عليه وسلم – والذين آمنوا بنبوته. هذا هو بيان القرآن الواضح في دعوى أرض الميعاد المزعومة ومحاولة الالتصاق بإبراهيم عليه السلام.
2- أكذوبة ' شعب الله المختار ' :
من الحيل اللاشعورية المعروفة لدى علماء الصحة النفسية ما يسمى عندهم بـ ' الإسقاط ' ومعناه أن يُسقط الإنسان ما بداخله من نقائص أو عيوب على غيره – في محاولة لا شعورية منه للتكيف الاجتماعي – بحيث يمكن بسهولة أن نستدل على حقيقة الإنسان وخفايا نفسيته من خلال مراقبة الاتهامات التي يوجهها للآخرين.
هذا هو ما فعله اليهود تماماً، فهم يعلمون عن أنفسهم أنهم أحط البشر وأنهم أكثر البشر عدواناً على حقوق الله سبحانه وتعالى، فقد كفروا به وقتلوا الأنبياء، وفعلوا ما لم تفعله غيرهم من الأمم من المعاصي والخطايا وكانوا – في جميع العصور – مضرب المثل في التهاون بتعاليم الله وأوامره ونواهيه.
وبدلاً من أن يستغفروا ويتوبوا ويلتزموا جادّة الطريق، تمادوا في غيِّهم وزعموا أنهم أقرب الناس إلى الله – تعالى- وأنهم آمنون من غضبه وسخطه. وهكذا زادوا غيَّاً على غيِّهم. وظلماً على ظلمهم. وبلغت بهم درجة الوقاحة الإدعاء بأنهم ' أحباب الله ' . اختارهم من بين عباده ليكونوا صفوته من خلقه. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
إن هذا الاتهام الباطل والتطاول البشع على ذاته – سبحانه – ليس الوحيد من بني إسرائيل فقد اتهموه – جل شأنه – بما هو أبشع مما يعف عنه اللسان والقلم. ولا نجد ضرورة لإثباته هنا لما فيه من بذاءة وتطاول. ولأننا هنا معنيون – فقط – بتناول ما له صلة بدعوى ( التفوق العرقي ) التي يروج لها اليهود.
إن الله تعالى عادل، ولا يجوز في حقه – سبحانه – أن يُقال إنه منحاز إلى هذا الفريق أو ذاك من عباده. قال تعالى :
' وَقَالتِ اليهودُ والنَّصارى : نَحنُ أبناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُه قُلْ : فَلَمَ يُعذِّبكُمْ بِذُنُوبِكمْ ؟ بَلْ أنتمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ !! يَغفِرُ لمنْ يَشَاءَ ويُعذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ……' [ المائدة / 18 ]
لا دليل لهم :
واليهود في دعواهم هذه بأنهم شعب الله المختار، لا يقدمون دليلاً علمياً أو تاريخياً أو دينياً. وإنما هو محض ' وهم ' اختلقه ساستهم وسادتهم وصدقوه. وفي مقرراتهم الدراسية كتاب مأخوذ عن مؤلف وضعه الحاخام [يهودا هاليفي] تحت عنوان ( كتاب الكزوي ) خلاصته أن أول مخلوق خلقه الله – سبحانه وتعالى – هو آدم وكان يتسم بالكمال المطلق – في زعمهم – وأنجب آدم عدداً من الأنبياء كان أكملهم شيث الذي أنجب بدوره عدداً من الأنبياء كان أكملهم ' أنوش ' … وهكذا ينتقلون بالأفضلية والأكملية من نوح إلى سام إلى أرفكشاد إلى شالح ثم إبراهيم فاسحق فيعقوب ثم يقولون ' .. وكان أبناء يعقوب كلهم جيدين !! فلم يعد هناك حاجة إلى استمرار الاصطفاء !! '.
ما الدليل على صحة هذه الأكذوبة ؟ .. لقد فعل بنو إسرائيل ( = أبناء يعقوب ) ما لم يفعله غيرهم من سفك الدماء وارتكاب المعاصي، واتهام الأديان الأخرى – كالمسيحية والإسلام – بأبشع الصفات. فهل هذه هي صفات الشعب الذي يختاره الله – سبحانه- ؟.
3- أكذوبة نقاء العِرقْ اليهودي :
تتصل هذه الأكذوبة – إلى حدٍّ ما – بسابقتها، فاليهود يزعمون أنهم وحدهم – دون سائر البشر – ينتسبون إلى سام بن نوح. وقد كان أول من نشر مفهوم ' الساميَّة ' العالم النمساوي ' سلوتزر ' عام 1781م وكان يقصد بها تلك الشعوب التي تزعم أنها من نسل سام بن نوح. وتبنى علماء الغرب وكتَّابه هذه الخرافة التي لا يدل عليها أي دليل علمي تاريخي قاطع. كما تفتقر إلى أي أساس لغوي أو لهجي يمكن اعتماده دليلاً على صدقها. بل إن العكس هو الصحيح. فالكنعانيون – سكان فلسطين الأوائل – هم الساميون العرب الخُلَّص. فقد ورد اسم [ العرب ] في الكتابات البابلية والآشورية. كما أطلقه الفرس واليونان على سكان الجزيرة العربية منذ ألف سنة قبل ميلاد المسيح.
معنى العداء للسامية الفكر الصهيوني :
وقد ابتدع الفكر اليهودي مصطلح ' عداوة الساميّة ' ليلصقوه بأعدائهم بوصفه اتهاماً بالعنصرية يتألفون بذلك قلوب الغرب المرهفة التي تمقت العنصرية وتدَّعي أنها متحضرة لأنها تتبنى مبادىء الإخاء والمساواة بين البشر.
يزعم الغرب هذا الزعم، وينسى ما يمور به تاريخه من مظالم ضد السود من الأفارقة وضد الهنود الحمر، بل وضد اليهود أنفسهم الذين كانوا – في كل زمان ومكان – مثار قلاقل واضطرابات لأي دوله تحتضنهم وتحفظ لهم حقوقهم.
وقد استطاعت الدعاية الصهيونية من خلال هذه الأكذوبة أن تروج خرافتين كبيرتين.
الأولى : أن العرب ليسوا ' ساميين '. وأنهم بهذه الصفة أعداء للسامية التي هي حكر على اليهود وحدهم.
الثانية : أن كل عداء للسامية هو بالضرورة ' عنصرية ' تمثل تهديداً للحضارة الغربية التي جوهرها المساواة بين البشر ومحاربة التمييز العنصري والتمايز العرقي.
والمؤسف، أن بعض الكتّاب العرب انساقوا وراء هذا التصنيف الصهيوني. وحاولوا – ربما بحسن نية أحياناً – تبرئة العرب من معاداة السامية. دون أن يناقشوا أصل القضية : وهي أن العرب أنفسهم هم الساميون. وأنه لا دليل مطلقاً على صحة انفراد الصهاينة بهذا النسب إلى سام بن نوح. والمبني بدوره على مغالطة تاريخية أخرى هي : أن سام هو أفضل أبناء نوح وأكملهم. كما أشرنا عند مناقشة الأكذوبة السابقة الخاصة بـ ' شعب الله المختار ' .
ثمرة دعوى التفوق العرقي :
استثمر اليهود هذه الأكذوبة وبنوا عليها ما يلي :-
(1) أن عداء غير الساميين للساميين يترتب عليه ضرورة أن يتجمع الصهاينة [ ذوو الأصل الواحد ] في وطن واحد وبذلك يصبح اليهودي الذي لا يهاجر إلى ( أرض الميعاد ) آثماً ومشاركاً في إهانة السامية.
(2) أن أعداء السامية لا وسيلة للتعامل معهم – كما يقول هرتزل – إلا بالإبادة الجسدية لهم.
(3) أن عمليات التزاوج بين اليهود وغير اليهود تسبب تلويثاً للأصل السامي الذي لم يختلط بغيره فحافظ على نقاوة السلالة اليهودية على مر التاريخ.
وفي النهاية أقول: إن من أهم واجبات الإعلام العربي والإسلامي أن يفتح أبواب المناقشة – وبمختلف اللغات الدولية لا سيما الإنجليزية- في هذه الأكاذيب لفضحها وتفنيدها وبيان تهافتها أمام شعوب الأرض كافة حتى لا تصبح مسلمات تتقبلها العقول دون مناقشة أو تفكير.
*الأستاذ الدكتور مصطفى رجب العميد الأسبق لكلية التربية جامعة سوهاج

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 32 دقائق
- الدستور
مفتى الجمهورية: إسرائيل الكبرى أكذوبة لا أساس لها وخرافة قديمة يعاد إحياؤها
أدان الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بأشد العبارات، التصريحات المتهورة التي أدلي بها بعض قادة الكيان الصهيوني بشأن ما يسمونه بـ"إسرائيل الكبرى"، واصفًا إياها بأنها أكذوبة سياسية لا أساس لها من الواقع، وخرافة قديمة يعاد إحياؤها لتبرير مشاريع التوسع والهيمنة في المنطقة، مؤكدًا أن هذه المزاعم تكشف عن ذهنية استعمارية ما زالت أسيرة أحلام اليقظة. وأكد مفتى الجمهورية، أن سياسات الاحتلال اليومية من قصف عشوائي للأبرياء واستهداف للبيوت فوق رؤوس قاطنيها، وحصار خانق لا تحتمل معه حياة آدمي أو غير آدمي، تمثل الوجه الحقيقي لهذا المشروع العدواني الكبير. وشدد الدكتور نظير محمد عياد على أن مثل هذه الأفعال لا يمكن أن تمنح المحتل أي نوع من الشرعية، بل تفضح جرائمه أمام العالم، وتؤكد أنه يعيش مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا متفاقمًا، لافتًا إلى أن محاولات طمس الهوية الفلسطينية أو فرض واقع جديد على الأرض بقوة السلاح محكوم عليها بالفشل، كما فشلت عبر التاريخ أوهام المستعمرين. وطالب مفتى الجمهورية المجتمع الدولي وأحرار العالم بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني، والتحرك العاجل لوقف جرائم الاحتلال وممارساته العدوانية، تجاه أكثر قضية عادلة عرفها التاريخ الحديث، سائلًا الله العلي القدير أن يحفظ فلسطين وأهلها من كل مكروه سوء، وأن يرد لهم أرضهم وديارهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المصري اليوم
منذ ساعة واحدة
- المصري اليوم
«زي النهارده» في 15 أغسطس 1929 .. اندلاع ثورة البراق
ثورة البراق هوالاسم الذي أطلقه الفلسطينيون على اشتباكات عنيفة اندلعت في مدينة القدس في 1929،أيام الانتداب البريطاني على فلسطين ويشار إليها بـالعبرية باسم «أحداث 1929» أو «أحداث تارباط» نسبة إلى تاريخ اندلاع الاشتباكات حسب التقويم اليهودي. ويعتبر المسلمون حائط البراق وقفا إسلاميا وهم يحتفظون بصكوك بهذا المعنى تخولهم حق إدارة المكان، بينما يعتبره اليهود (ويسمونه حائط المبكى) أهم مصاليهم في العالم. وإبان فترة الحكم العثماني، سمح لليهود بإقامة طقوسهم قبال الحائط .وجرى اتفاق غير مكتوب بين إدارة الوقف واليهود على أن لا يقيم اليهود أي بناء بالقرب من الحائط أو يضعوا أي شيء في باحته، الأمر الذي استمر عدة سنوات وبعد إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين تزايد عدد سكان القدس اليهود خصوصا إثر فتح أبواب منطقة الانتداب أمام مهاجرين يهود وطالبت القادة المسلمين بالقدس بعدم تغيير ترتيبات أداء الصلاة اليهودية قبال الحائط، الذي كان مصلى يهوديا مشهورا منذ بداية القرن ال16،بالرغم ازدياد عدد المصلين اليهود قباله. أما اليهود فطالبوا سلطات الانتداب البريطاني أن يسمحوا بوضع المقاعد قبال الحائط بالرغم مما كان مقبولا عليه حتى ذلك الحين وبطلب من الوقف الإسلامي، حظرت الإدارة البريطانية على المسؤولين اليهود وضع مقاعد في باحة البراق لان ذلك يغير الوضع القائم ويعتبره المسلمون تجاوزًا على حقوقهم.كما أنها أمرت الشرطة في سبتمبر 1928 برفع الستار الذي وضعه اليهود في عشية يوم الغفران على الرصيف المحاذي للحائط بعد أن شكا ذلك المسلمون و«زي النهارده» في 15 أغسطس 1929، والذي وافق يوم الحداد على خراب الهيكل حسب التقويم اليهودي، والمتزامن مع احتفالات المسلمين بالمولد النبوي الشريف نظمت حركة بيتار الصهيونية اليمينية مسيرة تظاهرية احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في القدس، يصيحون «الحائط لنا» وينشدون نشيد الحركة الصهيونية. وعلمت الشرطة البريطانية عن المظاهرة سلفا وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة المتظاهرين اليهود باليوم التالي رد القادة العرب بتنظيم بمظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى حائط البراق، وهناك استمعوا إلى خطبة من الشيخ حسن أبوالسعود، تبين الأخطار التي تتهدد المقدسات الإسلامي وفي الأيام التالية تزايدت الاشتباكات وامتد نطاقها إلى مدن أخرى حيث قتل عرب في مدينة الخليل 67 يهوديا من سكان المدينة.تمتع عدد من اليهود بحماية بعض السكان العرب الذين عارضوا العنف ولكنهم اضطروا لهجر الخليل خشية من استمرار الاشتباكات. في غزة كان مجتمع يهودي صغير الذي هجر أفراده المدينة مستعينين بحماية القوات البريطانية. كذلك تعرض يهود صفد لعمليات العنف من قبل السكان العرب. اضطرت سلطات الانتداب البريطاني لطلب المساعدة من القوات البريطانية في مصر كي تتمكن من إيقاف العنف وأسفرت الاشتباكات، التي امتدت من الخليل وبئر السبع جنوبا حتى صفد شمالا عن وقوع 116 قتيلا فلسطينيا و133 قتيلا يهوديا و232 جريحا فلسطينيا و339 جريحا يهوديا واعتقلت سلطات الانتداب تسعمائة فلسطينيا وأصدرت أحكامًا بالإعدام شنقًا على 27 فلسطينيا خُفّفت الأحكام على 24 منهم ونفذ حكم الإعدام في 17 يونيو 1930، بسجن مدينة عكا المعروف باسم (القلعة)، في ثلاثة محكومين هم: فؤاد حسن حجازي، محمد خليل جمجوم وعطا أحمد الزير. وعن هذه الثورة قال الباحث الفلسطينى عبدالقادر ياسين: «لقد شاع هذا الحدث باسم ثورة البراق والصحيح أن اسمها (هبَّة البراق) بتشديد الباء، واستمرت لأسبوعين، ومثلت أطول صدام بين العرب والصهيونية منذ الاحتلال البريطانى لفلسطين في ١٩١٨ والذى عرف باسم الانتداب، وقد وقعت أربعة صدامات، طائفية في مظهرها ووطنية في جوهرها، الأول في ١٩٢٠وعرف باسم النبى موسى، والثانى في ١٩٢١في عيد العمال، والثالث في ١٩٢٤ في عيد المساخر، أو عيد (إيستر)، حيث ارتدى الصهاينة ملابس رجال الدين الإسلامى، وقدموا أداء يسخر منهم، والرابع كان في هذه الهبَّة، التي تعد المرحلة الأولى من الحركة الوطنية الفلسطينية، وبداية للمرحلة الثانية منها.

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»
يدين فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأشد العبارات، التصريحات المتهورة التي أدلى بها بعض قادة الكيان الصهيوني بشأن ما يسمونه ب"إسرائيل الكبرى"، واصفًا إياها بأنها أكذوبة سياسية لا أساس لها من الواقع، وخرافة قديمة يعاد إحياؤها لتبرير مشاريع التوسع والهيمنة في المنطقة، مؤكدًا أن هذه المزاعم تكشف عن ذهنية استعمارية ما زالت أسيرة احلام اليقظة. اقرأ أيضا | مفتي الجمهورية يزور شيخ الأزهر على رأس وفد من كبار علماء الأمةويؤكد مفتي الجمهورية، أن سياسات الاحتلال اليومية من قصف عشوائي للأبرياء واستهداف للبيوت فوق رؤوس قاطنيها، وحصار خانق لا تحتمل معه حياة آدمي أو غير آدمي، تمثل الوجه الحقيقي لهذا المشروع العدواني الكبير، مشددًا على أن مثل هذه الأفعال لا يمكن أن تمنح المحتل أي نوع من الشرعية، بل تفضح جرائمه أمام العالم، وتؤكد أنه يعيش مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا متفاقمًا، لافتًا إلى أن محاولات طمس الهوية الفلسطينية أو فرض واقع جديد على الأرض بقوة السلاح محكوم عليها بالفشل، كما فشلت عبر التاريخ أوهام المستعمرين.ويطالب مفتي الجمهورية المجتمع الدولي وأحرار العالم بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني، والتحرك العاجل لوقف جرائم الاحتلال وممارساته العدوانية، تجاه أكثر قضية عادلة عرفها التاريخ الحديث، سائلًا الله العلي القدير أن يحفظ فلسطين وأهلها من كل مكروه سوء، وأن يرد لهم أرضهم وديارهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.