logo
بعد اضطرابات لوس أنجلوس 7 ركائز اقتصادية تدعم كاليفورنيا للاستقلال

بعد اضطرابات لوس أنجلوس 7 ركائز اقتصادية تدعم كاليفورنيا للاستقلال

الجزيرةمنذ يوم واحد

تركز الأنظار على أحداث لوس أنجلوس ب ولاية كاليفورنيا الأميركية لا سيما مع انتشار عناصر الحرس الوطني فيها والاحتجاجات التي شملت أعمال عنف في ضوء تنفيذ سياسات الهجرة للرئيس دونالد ترامب ، وربما تلقي الضوء على الاتجاه الانفصالي في الولاية، الصوت الذي يعلو بين الفينة والأخرى.
وأعلن حاكم الولاية غافن نيوسوم أن كاليفورنيا تجاوزت اليابان رسميا لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، وفقا لبيانات صدرت حديثا عن صندوق النقد الدولي ومكتب التحليل الاقتصادي الأميركي، حسب الموقع الرسمي لحاكم كاليفورنيا.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لكاليفورنيا 4.1 تريليونات دولار عام 2024، أي ما يعادل 14% من إجمالي الاقتصاد الأميركي، وبذلك تفوقت كاليفورنيا على اليابان التي سجل ناتجها المحلي الإجمالي 4.02 تريليونات دولار، لتحتل المرتبة الرابعة عالميا بعد الولايات المتحدة والصين وألمانيا.
وتلعب كاليفورنيا دورا محوريا في تعزيز النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، إذ تُسهم بأكثر من 83 مليار دولار للحكومة الفدرالية، وهو ما يزيد على التمويل الفدرالي الذي تتلقاه. وتُعتبر هذه الولاية أكبر منتج زراعي في البلاد، إضافة إلى كونها مركزا رئيسيا للإنتاج الصناعي وتكنولوجيا المعلومات وصناعة السياحة والترفيه والخدمات.
وتشير أحدث التقديرات إلى أن عدد سكان كاليفورنيا يربو على 40 مليون نسمة مما يجعلها الولاية الأكثر سكانا في الولايات المتحدة التي يبلغ إجمالي سكانها أكثر من 341 مليون نسمة. ويشكل المهاجرون في الولاية نحو 28% من سكانها.
وتطرح الجزيرة نت في هذا التقرير الركائز الرئيسية لاقتصاد كاليفورنيا.
الركائز الرئيسية لكاليفورنيا
1- التكنولوجيا: تريليون دولار
يُعد قطاع التكنولوجيا أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد في كاليفورنيا، إذ يمثل محركا رئيسيا للنمو والتنمية الاقتصادية، ويوظف ما يقارب 1.88 مليون شخص، وتُقدر مساهمته المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي للولاية بحوالي 623.4 مليار دولار، أي ما يعادل 19% من إجمالي الناتج المحلي.
غير أن التأثير الحقيقي لقطاع التكنولوجيا يتجاوز هذه الأرقام، فمع احتساب الآثار غير المباشرة والنشاطات الاقتصادية الناتجة عنه في قطاعات أخرى، تصل مساهمته إلى نحو تريليون دولار، ما يعادل 30% من اقتصاد الولاية.
ووفقا لتقرير صادر عن مؤسسة كاليفورنيا للتجارة والتعليم "سي إف سي إي" (CFCE) فإن قطاع التكنولوجيا لا يقتصر دوره على الإنتاج والدخل، بل يشمل كذلك إيجاد فرص عمل ذات أجور مرتفعة بمختلف أنحاء الولاية، إذ يدعم أكثر من 4.2 ملايين وظيفة، ما يقارب 20% من إجمالي الوظائف في كاليفورنيا.
ويعزز هذا القطاع إيرادات الضرائب بشكل كبير من خلال التفاعلات بين الشركات والإنفاق الاستهلاكي الناتج عن العاملين فيه، مما يجعله ركيزة لا غنى عنها لمستقبل الولاية الاقتصادي وفقا لغرفة تجارة ولاية كاليفورنيا.
تمتد مدن وادي السيليكون على طول الجزء الجنوبي من منطقة خليج سان فرانسيسكو، وهو مركز لكبرى شركات التكنولوجيا في العالم ويضم أكثر من 70 شركة عالمية بما في ذلك آبل و غوغل و ميتا وسيسكو وإنتل وإنفيديا وتسلا، وغيرها من الشركات وفقا لمنصة "بيلت إن سان فرانسيسكو" (builtinSF).
إعلان
وتشتهر هذه الشركات بإبداعاتها في مجالات مثل أجهزة الحاسوب الشخصية، والبحث على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي ، والبرمجيات وأشباه الموصلات، والروبوتات وغيرها الكثير من منتجات وأعمدة الثورة الصناعية الخامسة.
2- التجارة: 675 مليار دولار
تُعد الموانئ الرئيسية بكاليفورنيا، مثل موانئ لوس أنجلوس وسان دييغو وغيرها، بوابات حيوية للتجارة الدولية، وتربطها بالأسواق العالمية وتعزز تدفق البضائع عبر السواحل، ويُعتبر حجم التجارة في كاليفورنيا من بين الأكبر على مستوى البلاد، إذ تصنف كأكبر مستورد وثاني أكبر مُصدر في الولايات المتحدة.
وعام 2024، بلغ إجمالي تجارة البضائع في كاليفورنيا 675 مليار دولار، وفقا لمعهد السياسات العامة بالولاية، مما يمثل حوالي 16% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعكس الدور الحيوي للتجارة في دعم اقتصاد كاليفورنيا.
وتستورد كاليفورنيا سلعا أكثر بـ2.7 مرة من صادراتها، مما يعكس القوة الشرائية لسوق الولاية.
وتُهيمن السلع المُصنّعة على صادرات كاليفورنيا بنسبة 87% (159 مليار دولار) وتتصدر معدات الحاسوب وأشباه الموصلات والأجهزة ومنتجات ومكونات الطيران والفضاء صادرات الصناعة التحويلية.
وتُهيمن السلع المصنعة كذلك على واردات الولاية (89% أو 436 مليار دولار) إذ تُمثل السيارات وأجهزة الحاسوب وأشباه الموصلات والمكونات الإلكترونية الأخرى ومعدات الاتصالات ثلث إجمالي واردات التصنيع، ويُمثل النفط والغاز خامس أكبر سلعة تستوردها الولاية (26 مليار دولار) أي 5.3% من إجمالي الواردات.
وتُشكل المكسيك وكندا والصين مجتمعةً 37% من صادرات كاليفورنيا و41% من وارداتها. وعام 2024، صدّرت كاليفورنيا سلعا صناعية وزراعية بقيمة 65 مليار دولار لهذه الدول، بينما استوردت منها سلعا صناعية بقيمة 187 مليار دولار وفق المصدر السابق.
إعلان
3- العقارات والتمويل: 491 مليار دولار
عام 2024، ساهمت قطاعات التمويل والتأمين والعقارات والتأجير والتأجير التمويلي مساهمة كبيرة في اقتصاد ولاية كاليفورنيا، إذ بلغت مساهمته الإجمالية نحو 491.4 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب منصة "حقائق عن الولايات المتحدة " (USA Facts) حقق قطاع العقارات والتأجير وحده 446.3 مليار دولار للولاية، في حين سجّل قطاع التمويل والتأمين إيرادات قدرها 45.1 مليار دولار العام نفسه، وفقا لبيانات منصة ستاتيستا، وتعكس هذه الأرقام الدور المحوري لهذا القطاعات في دعم البنية الاقتصادية لكاليفورنيا وتنشيط أسواقها المالية والعقارية.
4- الصناعة: 397 مليار دولار
كاليفورنيا أكبر ولاية صناعية في البلاد، حيث تضم 24 ألفا و304 شركات تصنيع، ويعمل بها 1.5 مليون موظف، ويشمل هذا القطاع المزدهر مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك التصنيع عالي التقنية والفضاء وتجهيز الأغذية والآلات الصناعية والأجهزة الطبية، وفقا لشركة روغرسون لخدمات الأعمال.
وتشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للتصنيع في كاليفورنيا حيث إن 64% من الشركات المصنعة لديها 25 موظفا أو أقل، مما يدل على روح المبادرة التي تقود الابتكار في هذه الولاية.
وعام 2023، حقق هذا القطاع ما يقرب من 397 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ومثل حوالي 11% من إجمالي الناتج المحلي وفقا لمكتب حاكم كاليفورنيا للأعمال والتنمية الاقتصادية.
5- السياحة: 157 مليار دولار
شهد قطاع السفر والسياحة في كاليفورنيا نموا ملحوظا عام 2024، حيث بلغ إجمالي الإنفاق على السفر 157.3 مليار دولار، بزيادة 3% مقارنة بـ152.7 مليار دولار عام 2023، وأسهم هذا النمو في تعزيز سوق العمل، إذ ارتفعت الوظائف المرتبطة بالسفر بنحو 24 ألف وظيفة، ليصل إجمالي عدد الوظائف المدعومة بهذا القطاع حوالي 1.2 مليون وظيفة، بزيادة نسبتها 2.1% عن العام السابق وفق منصة "زُر كاليفورنيا".
كما ارتفعت الإيرادات الضريبية المحلية والولائية الناتجة عن أنشطة السفر إلى 12.6 مليار دولار، مقارنة بـ12.3 مليارا عام 2023، أي بزيادة قدرها 3.1%.
وبرزت الإقامة وخدمات الطعام كأكثر الفئات إنفاقا، حيث بلغ الإنفاق على الإقامة 34.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.4%، في حين سجّل الإنفاق على خدمات الطعام 36.8 مليارا، محققا أعلى نسبة نمو بين الفئات بزيادة قدرها 5.3%، وفقا للمصدر السابق.
6- الفنون والترفيه: 64 مليار دولار
يُعد قطاع الترفيه والفنون في كاليفورنيا، وبخاصة مدينة لوس أنجلوس التي تحتضن هوليود، من أبرز الركائز الاقتصادية للولاية، وتُدرّ هذه الصناعة مليارات الدولارات سنويا، وتوفر مئات الآلاف من فرص العمل، مما يجعلها مساهما رئيسيا في الناتج المحلي الإجمالي لكاليفورنيا.
ويتجاوز تأثير هذا القطاع حدود التوظيف والإيرادات، ليشمل دورا فاعلا في تشكيل السرديات الثقافية وتعزيز الهوية الإعلامية والاقتصادية للولاية على المستويين الوطني والعالمي.
ووفق بيانات الاحتياطي الفدرالي الاقتصادي "إف آر إي دي" (FRED) بلغت إيرادات قطاع الفنون والترفيه والاستجمام أكثر من 64 مليار دولار العام الماضي، مما يعكس الدور المحوري الذي يلعبه هذا القطاع في دفع عجلة النمو الاقتصادي وترسيخ مكانة كاليفورنيا كمركز عالمي لصناعة الترفيه.
7- الزراعة: 59 مليار دولار
تتصدر كاليفورنيا الولايات المتحدة في مجال الإنتاج الزراعي، خاصة محاصيل الفواكه والخضراوات والمكسرات، وتنتج الولاية أكثر من ثلث الخضراوات الأميركية، وأكثر من 3 أرباع فواكهها ومكسراتها.
ويُعد الوادي الأوسط من بين أكثر المناطق الزراعية إنتاجية في العالم، لما يتميز به من تربة خصبة ومناخ ملائم، وقد بلغت العائدات النقدية للزراعة في كاليفورنيا -العام قبل الماضي- نحو 59.4 مليار دولار، وفق إحصاءات الإنتاج الزراعي في كاليفورنيا.
وتشير هذه الإحصاءات إلى أن الزراعة والصناعات المرتبطة بها تُساهم بنسبة تقارب 3% من الناتج المحلي الإجمالي لكاليفورنيا، مما يعكس تأثيرها الواسع والمستدام في البنية الاقتصادية للولاية.
ماذا لو أعلنت كاليفورنيا استقلالها؟
تُثير فكرة انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة والتي تنادي بها حركة "كال إيكزت" (Calexit) اهتماما متزايدا، لا سيما في ظل التوترات السياسية بين الولاية والحكومة الفدرالية.
وقد برزت موجة جديدة من هذه الدعوات -السنوات الأخيرة- مدفوعة بشعور متنامٍ لدى البعض بأن كاليفورنيا، بمواردها الهائلة واقتصادها القوي، قد تكون قادرة على إدارة شؤونها بشكل مستقل أكثر فاعلية من ارتباطها بالاتحاد الفدرالي، وفقا لتقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية.
ويستند مؤيدو هذه الفكرة إلى قوة كاليفورنيا الاقتصادية، حيث يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 4.1 تريليونات دولار، كما يشير أنصار الاستقلال إلى حجم السكان الكبير البالغ أكثر من 39 مليون نسمة، وتنوع الموارد الطبيعية والقدرات التكنولوجية للولاية كعوامل تؤهلها لتكون دولة مستقلة ناجحة.
ورغم الزخم الشعبي في بعض الأوساط، فإن الواقع القانوني يشكل عقبة كبرى أمام تنفيذ هذا الطموح، إذ لا يسمح الدستور الأميركي لأي ولاية بالانفصال من جانب واحد، وقد قضت المحكمة العليا سابقا -في قضية (تكساس ضد وايت) عام 1868- بأن الاتحاد غير قابل للانفصال. بالتالي، فإن أي محاولة قانونية للاستقلال تتطلب تعديلا دستوريا، وهو ما يستوجب موافقة ثلثي الكونغرس و3 أرباع الولايات الـ50 التي تشكل الولايات المتحدة، وهي مهمة شبه مستحيلة في السياق السياسي الراهن، وفق تقرير سابق للجزيرة نت.
وإلى جانب العقبات القانونية، ثمة تحديات عملية ضخمة تواجه فكرة الاستقلال، من بينها ضرورة تأسيس مؤسسات سيادية جديدة مثل الجيش، والنظام الصحي، والضمان الاجتماعي، وهي جميعا تعتمد حاليا على الحكومة الفدرالية. كما أن الانفصال قد يتطلب اتفاقيات جديدة مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بالتجارة، والحدود، والدفاع، إضافة إلى تقسيم الأصول والديون.
وفي المحصلة، تعكس فكرة الانفصال شعورا بالاستقلالية والاختلاف الثقافي والاقتصادي لكاليفورنيا مقارنة ببقية الولايات المتحدة، لكنها -في الوقت الراهن- تظل طموحا رمزيا أكثر من كونها خطة قابلة للتنفيذ، وحتى في حال وصول المبادرة إلى استفتاء عام (قد يحدث عام 2028) فإن نتائجه ستظل غير ملزمة ما لم تمر عبر قنوات دستورية معقدة.
ومع ذلك، فإن مجرد طرح الفكرة يُبرز اتساع الفجوة بين كاليفورنيا والحكومة الفدرالية، ويشير إلى رغبة متزايدة لدى بعض سكان هذه الولاية في إعادة تعريف علاقتهم بالاتحاد الأميركي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟
تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟

كاليفورنيا- في تصعيد هو الأقوى منذ إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوّح حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم بإجراء غير مسبوق تمثل في وقف تحويل الضرائب الفدرالية من الولاية إلى واشنطن، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز السياسي" من الإدارة الفدرالية. وتشهد مدينة لوس أنجلوس منذ أيام احتجاجات متصاعدة على خلفية حملة اعتقالات نفذتها سلطات الهجرة الفدرالية طالت عشرات المهاجرين في مناطق تعرف بـ"مدن الملاذ الآمن"، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب، وهو ما دفع ترامب إلى نشر الحرس الوطني وقوات مشاة البحرية في المدينة. ويأتي هذا التصعيد في لحظة سياسية دقيقة، إذ تسعى إدارة ترامب إلى تطبيق أجندة مركزية أكثر صرامة ترتكز على ضبط الحدود ومعاقبة الولايات المعارضة. وبذلك، تتحول كاليفورنيا من مجرد ولاية "متمردة" إلى ساحة اختبار حقيقي لحدود السلطة الفدرالية، ومدى استقلالية الولايات بعد عودة ترامب للرئاسة. ويعيد هذا التوتر السياسي إلى الواجهة تساؤلات جوهرية بشأن مدى استقلالية الولايات الأميركية، والأدوات السياسية والقانونية التي تملكها الولايات لحماية سيادتها، وماذا تملك الحكومة الفدرالية من صلاحيات للرد. مبدأ عدم التسلط يشرح آرون كابلان أستاذ القانون الدستوري في كلية لويولا للحقوق بمدينة لوس أنجلوس أن القانون الأميركي يفرض قيودا صارمة لما يمكن للحكومة الفدرالية أن تمليه على الولايات، مؤكدا أنه "من الثابت أنها لا تستطيع إلزام الولايات بتنفيذ القوانين الفدرالية". ويشير كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن المحكمة العليا لطالما رفضت فكرة تحويل الولايات إلى "أدوات تنفيذية تابعة للحكومة الفدرالية"، إذ لا يجوز -بموجب التعديل العاشر للدستور- أن تُجبر حكومة الولاية أو مسؤولوها على سن قوانين أو تنفيذ برامج فدرالية تتعارض مع إرادتهم السياسية أو التشريعية. ويضيف أن المحكمة استخدمت في سوابق قضائية مصطلح "التسلط" للدلالة على التجاوز الدستوري، ويرى كابلان أن هذا المبدأ لا يحمي فقط استقلالية الولايات، بل يكرس أيضا التعددية السياسية داخل النظام الفدرالي الأميركي، ويحول دون احتكار المركز صلاحيات التشريع والتنفيذ على حساب المجتمعات المحلية. ورغم أن مبدأ "عدم التسلط" متاح لجميع الولايات فإن استخدامه يختلف باختلاف التوجهات السياسية للولاية، إذ تلجأ إليه ولايات ليبرالية مثل كاليفورنيا لحماية المهاجرين أو مقاومة سياسات تعليمية أو بيئية، في حين تستند إليه ولايات محافظة لرفض تطبيق قوانين فدرالية تتعلق بتنظيم السلاح أو مناهج الهوية والعرق. ورقة الضغط المالي ولا تعتبر كاليفورنيا مجرد ولاية ذات توجهات ليبرالية تختلف جذريا عن سياسات إدارة ترامب، بل تعد أيضا رابع أكبر اقتصاد في العالم وأكبر "ولاية مانحة" للخزينة الفدرالية، أي أنها تحول سنويا مبالغ ضخمة من الضرائب تفوق بكثير ما تتلقاه من الإنفاق الفدرالي. وتصنف كاليفورنيا إلى جانب ولايات مثل نيويورك وإلينوي وماساتشوستس ضمن الولايات التي تعاني من "عجز عكسي"، حيث تمول برامج فدرالية في ولايات أخرى أقل دخلا وأكثر اعتمادا على الدعم الحكومي. ومنح هذا الواقع المالي كاليفورنيا ورقة ضغط سياسية رمزية -لكنها تحمل دلالة قوية- دفعت بحاكمها غافن نيوسوم إلى التلويح بما سماها "إعادة النظر في آليات تحويل الضرائب"، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز الفدرالي" الذي تتعرض له برامج الولاية وجامعاتها. ورغم أن الضرائب الفدرالية تجبى مباشرة من الأفراد والشركات عبر مصلحة الضرائب (آي آر إس) ولا تمر عبر خزائن حكومات الولايات، وبالتالي لا يمكن حجبها قانونيا بقرار محلي فإن محللين يرون أن استخدام هذه الورقة -ولو على مستوى الخطاب- يهدف إلى إعادة طرح العلاقة المالية بين واشنطن والولايات المانحة على طاولة النقاش العام. وفي هذا السياق، يؤكد جارد والزاك نائب رئيس مشاريع الولايات في معهد الضرائب بواشنطن أن التهديد بوقف تحويل الضرائب الفدرالية لا يتعدى كونه "خطوة تفاوضية عالية الصوت"، وليس إجراء قانونيا قابلا للتطبيق من الناحية الدستورية. ويضيف أن أي محاولة "للتفلسف الضريبي" قد تواجه برد قضائي حاسم، وذلك حسب تصريحه لمؤسسة "كال ماترز" الإعلامية. أدوات ضغط متبادلة ورغم أن تصعيد الأحداث في كاليفورنيا يبدو غير مسبوق من حيث الحدة والتوقيت فإن العلاقة المتوترة بين الحكومة الفدرالية والولايات ليست جديدة في التاريخ الأميركي، بل خضعت مرارا لاختبارات قضائية وسياسية حاسمة. فقد رسّخت المحكمة العليا مبدأ "عدم التسلط" في قضية "برنتز ضد الولايات المتحدة" عام 1997 حين رأت أن إلزام قادة شرطة المقاطعات بتنفيذ قانون فدرالي يتعلق بفحوصات شراء السلاح يعد انتهاكا للدستور، وأكدت أن الحكومة الفدرالية لا تملك سلطة تسخير أجهزة الولايات لخدمة برامجها. في المقابل، أقرت المحكمة في قضية "ساوث داكوتا ضد دول" عام 1987 بشرعية ربط التمويل الفدرالي بشروط محددة، مثل اشتراط رفع سن شرب الكحول مقابل استمرار تمويل الطرق، شرط أن تكون تلك الشروط واضحة ومشروعة وغير تعسفية، وقد شكّلت هذه السابقة أساسا يُستخدم حتى اليوم لتبرير ممارسات الضغط المالي على الولايات. وتملك الحكومة الفدرالية أدوات فعلية للرد على تمرد أي ولاية، من بينها: قطع التمويل عن قطاعات محددة. تحريك دعاوى قضائية ضد القوانين المحلية. استخدام الوكالات الفدرالية لممارسة ضغط مباشر كما حصل في لوس أنجلوس. إعلان لكنها في المقابل تخاطر بإثارة ردود فعل داخلية تتهمها بممارسة "عقاب سياسي"، خاصة عندما تكون المواجهة مع ولاية ذات ثقل اقتصادي وانتخابي كبير مثل كاليفورنيا. ويخلص أستاذ القانون الدستوري آرون كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن "التوتر بين الولايات والحكومة الفدرالية ليس عارضا، بل جزء بنيوي من النظام الفدرالي الأميركي، حيث تعاد صياغة حدود السلطة في كل حقبة سياسية، ويبقى موضوعا قابلا لإعادة التفاوض مع كل إدارة جديدة أو أزمة سياسية".

إسرائيل تحدد أهدافها في إيران وواشنطن تدرس دعمها لوجستيا
إسرائيل تحدد أهدافها في إيران وواشنطن تدرس دعمها لوجستيا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

إسرائيل تحدد أهدافها في إيران وواشنطن تدرس دعمها لوجستيا

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن تل أبيب استعدت لمهاجمة منشآت إيران النووية في حال انهيار المحادثات مع الولايات المتحدة المقررة يوم الأحد المقبل بالعاصمة العمانية مسقط، مشيرة إلى أن إسرائيل تستبعد توصل واشنطن وطهران إلى اتفاق. وأضافت الهيئة (حكومية) أن إسرائيل حددت الأهداف ومواقع المنشآت النووية الإيرانية، ومن ضمنها أهداف تحت الأرض، وكشفت عن أن وزراء في الحكومة تلقوا استدعاء غير اعتيادي لحضور إحاطة أمنية يوم الأحد المقبل. في غضون ذلك، نقلت القناة الـ13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله "ننتظر محادثات الأحد، وإذا كان رد إيران غير مقبول لواشنطن فقد يتصاعد موقفنا بسرعة". وكشفت القناة عن وجود خلاف في القيادة الإسرائيلية بشأن قدرة تل أبيب على التحرك وحدها ضد إيران، وحجم التنسيق اللازم مع واشنطن، ونقلت عن مصدر قوله إن رئيس الأركان أخبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية أن إسرائيل لا تستطيع التحرك وحدها وتحتاج للتنسيق مع واشنطن. وفي هذا الإطار، قالت مصادر لشبكة "إيه بي سي" الأميركية إنه من المحتمل أن تلعب الولايات المتحدة دورا لوجستيا وتزود إسرائيل بمعلومات استخبارية. ونقلت شبكة "سي بي إس" عن مسؤول أميركي قوله إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس خيارات لدعم عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران دون قيادة أي منها، مشيرا إلى أن الخيارات تشمل التزود بالوقود جوا أو تبادل معلومات استخبارية. إعلان وكشف مسؤولون أميركيون أنه من غير المرجح أن تشمل الخيارات مشاركة قاذفات "بي-2" الأميركية، مؤكدين أن تدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض أمر غير مرجح دون مشاركة هذه القاذفات. وقالت المصادر إن أي عمل عسكري إسرائيلي منفرد سيكون محدودا في قدرته على القضاء على كامل برنامج إيران النووي. وبينما نصحت وزارة الخارجية الأميركية رعاياها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتوخي الحذر الشديد بسبب التوتر المتصاعد توقعت مصادر للشبكة الأميركية أن ترد إيران على بعض المواقع الأميركية في العراق، في حين أكد مسؤول أميركي أن واشنطن قادرة على الدفاع عن إسرائيل ضد الصواريخ الباليستية الإيرانية إذا تعرضت لهجوم مضاد. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية طالبت في وقت سابق اليوم الخميس برد دولي حازم على إيران، وذلك عقب قرار وكالة الطاقة الذرية بشأن برنامج طهران النووي الذي اتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها بالضمانات النووية. وقالت الخارجية الإسرائيلية إن إيران ضالعة في برنامج أسلحة نووية سري ومنهجي، وتراكم اليورانيوم المخصب بدرجة عالية، مما يثبت أن طبيعة برنامجها ليست سلمية. واتهمت الوزارة طهران بإعاقة عمليات التحقق والمراقبة وإخفاء مواقع نووية مشبوهة، واعتبرت أن هذه الأفعال تقوض نظام عدم انتشار الأسلحة النووية العالمي، وتشكل تهديدا فوريا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، في حين تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

نيويورك تايمز: لماذا تفكر إسرائيل في مهاجمة إيران الآن؟
نيويورك تايمز: لماذا تفكر إسرائيل في مهاجمة إيران الآن؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

نيويورك تايمز: لماذا تفكر إسرائيل في مهاجمة إيران الآن؟

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن المؤشرات تتصاعد حول نية إسرائيل تنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية ، مبرزة أن هذا الاحتمال يُثير قلقا دوليا واسعا، ويطرح سؤالا كبيرا حول مدى اقتراب لحظة المواجهة الحاسمة بين تل أبيب وطهران. وتابعت الصحيفة في تقرير لمراسلها في القدس المحتلة آرون بوكسرمان أن الهجوم الإسرائيلي قد يشعل حربا إقليمية ربما تجر الولايات المتحدة إليها، وهو ما دفعها هذا الأسبوع إلى سحب بعض الدبلوماسيين والعاملين من المنطقة خوفا من رد انتقامي إيراني. وقد حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- من مهاجمة إيران، مما زاد التوتر بينهما، توضح الصحيفة. خطر يتصاعد وأضافت أن الثورة الإسلامية ومنذ اندلاعها في إيران عام 1979، تعتبر إسرائيل عدوا وجوديا لها، وقد توعد قادتها مرارا بـ"إزالتها من الخريطة". في المقابل، تؤمن إسرائيل أن امتلاك إيران للسلاح النووي يُمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي. وتابعت الصحيفة أنه خلال السنوات الأخيرة، تطور البرنامج النووي الإيراني بسرعة لافتة، حيث تشير التقارير إلى أن طهران باتت قريبة من امتلاك كمية من اليورانيوم تكفي لصنع قنابل نووية، رغم أن إنتاج سلاح فعلي سيستغرق عدة أشهر أخرى. لماذا الآن؟ وذكرت نيويورك تايمز أن نتنياهو، يرى أن هناك "فرصة ذهبية" يجب استغلالها قبل فوات الأوان. فإيران تعيش الآن حالة من الضعف غير المسبوق -على حد تعبير الصحيفة- بعد أن خسرت حلفاءها خاصة في لبنان نتيجة للحرب الأخيرة. وأوضحت أن نتنياهو قالها صراحة: "بطريقة أو بأخرى، لن تمتلك إيران السلاح النووي". وتوضح الصحيفة أنه لا يخفى على أحد أن إسرائيل تسعى ومنذ زمن بعيد لمنع إيران، التي تعتبرها ألدّ أعدائها، من امتلاك سلاح نووي. وضع المحادثات وموقف الولايات المتحدة أكد تقرير نيويورك تايمز أن المفاوضين الأميركيين والإيرانيين يخططون لعقد الجولة السادسة من المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني يوم الأحد في سلطنة عمان. وتابع أن الجانبين في حالة جمود بشأن ملف السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم داخل حدودها. وزاد أنه برغم أن الرئيس الأميركي انسحب سابقا من الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، فإنه اليوم يحاول تجنب التصعيد. ففي حين تخوض واشنطن وطهران مفاوضات شاقة في سلطنة عُمان، يضغط ترامب على نتنياهو لعدم تنفيذ أي هجوم قد ينسف فرص الوصول إلى اتفاق، تؤكد نيويورك تايمز. لكن التفاهم بين الجانبين يبدو هشا -تتابع الصحيفة- حيث اتهم ترامب إيران باتخاذ "موقف تفاوضي غير مقبول"، وأعرب عن تراجع ثقته بإمكانية التوصل إلى تسوية. جذور العداء من الخفاء للعلن تؤكد نيويورك تايمز أن الصراع بين إيران وإسرائيل لم يعد رهين الخفاء، وتضيف أنه في العام الماضي، اغتالت إسرائيل قيادات أمنية إيرانية في سوريا، فردت طهران بإطلاق مئات الصواريخ والمسيّرات على إسرائيل. ثم قُتل قادة مثل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في عمليات نُسبت لإسرائيل، لترد إيران بإطلاق أكثر من 150 صاروخا. هذه المواجهات المتكررة جعلت من "الحرب بالوكالة" حربا مباشرة، تُهدد بتوسّع إقليمي إذا اندلع هجوم جديد، بحسب نيويورك تايمز. هل تستطيع إسرائيل تنفيذ الضربة وحدها؟ وقالت الصحيفة الأميركية إنه برغم امتلاك إسرائيل قوة عسكرية متقدمة، فإن تنفيذ ضربة شاملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة تلك المحصنة تحت الأرض، يتطلب أسلحة خارقة للتحصينات، والتي ترفض واشنطن تسليمها لحليفتها حاليا. كما أن المسافة الطويلة جوا تتطلب عمليات إعادة تزويد بالوقود جوا ومشاركة عشرات الطائرات الحربية، مما يشكل تحديا لوجستيا هائلا بالنسبة لإسرائيل. الأخطر من ذلك -تتابع الصحيفة- أنه إذا فشلت الضربة في القضاء الكامل على البرنامج النووي، فقد تُحفز إيران لتسريع خطواتها نحو امتلاك القنبلة فعليا، وتمنع دخول المفتشين الدوليين، مما يُصعّد الموقف إلى نقطة اللاعودة. وقالت الصحيفة إنه في ظل تقاطع الأزمات بين البرنامج النووي الإيراني، وحسابات إسرائيل الأمنية، وما وصفاته بالتردد الأميركي، تبدو المنطقة على أعتاب مفترق خطير، وتساءلت: "هل تكون الضربة العسكرية وشيكة؟ أم أن ما نشهده الآن مجرد استعراض قوة لتحسين شروط التفاوض؟".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store