
تغريم السماسرة.. !
عبد اللطيف مجدوب
ظاهرة اكتواء المواطن..
منذ أمد ؛ ليس بقريب ؛ كانت ظاهرة السمسرة 'تاسمْسارتْ' تعيش بيننا ، لا تكاد تخرج عن نطاق قطاع العقار وبعض المنتجات المحدودة ، ينتقيها السمسار ليعيد بيعها بأرباح ؛ دفعت بالعديدين من أصحاب الرساميل المالية الراكدة إلى توسيع رقعتها لتشمل مواد ومنتجات قطاعية متنوعة ، فاغتنمتها شريحة من مستغلي الأسواق ، أو بالأحرى جنود من الاحتكاريين والمضاربين لتخزين المواد والعبث بأسعارها ، متحينة فرص تناقصها أو ندرتها في الأسواق ، ليعيدوا صرفها عبر هؤلاء الوسطاء ، وهكذا ، نلاحظ أن المواطن/المستهلك يكتوي بالأسعار عبر مصدرين معا ، كلاهما حارق ، أولا المحتكر والمضارب ، ثم السمسار ثانيا.
السمسرة وامتدادها خارج الوطن
تطورت هذه الظاهرة الاقتصادية المخربة ، في خمس سنوات الأخيرة ، سيما في ظل الحكومة الحالية برئاسة السيد عزيز أخنوش ، لتقتحم الأسواق الأجنبية خارج الوطن ، الضالع فيها رساميل مالية ضخمة لأفراد أو أطراف معينة أو 'تعاونيات وهمية' ، ممن لديهم اليد الطولى في تخريب القدرة الشرائية المواطِنة ، باحتجاز المنتجات الفلاحية والبحرية والنسيجية و'تهريبها' إلى الخارج ، تحت غطاء 'جلب العملة الصعبة لخزينة الدولة' ما يمنحها التأشيرة الرسمية (لتصدير المنتوج الوطني) ، يصل هذا المنتوج أحياناً إلى نسبة %70 من المنتوج الخام ، وهكذا تتحول هذه المادة أو المنتوج إلى 'مادة نادرة في الأسواق الداخلية '، وبالتالي ترتفع أسعارها أمام المواطن المستهلك إلى مستويات قياسية ، مثلا إذا كان بالأمس يقتني الكيلغرام الواحد من البطاطيس ب 30 درهم ،. الطماطم ب 3.50 دراهم ، والإجاص ب 6 أو 7 دراهم ، انتقل اليوم ليقتني الكيلغرام الواحد من البطاطيس إلى 6.00 درهم والطماطم إلى 10.00 دراهم ، والإجاص إلى 35.00 درهم ، أي بزيادة يصل متوسطها بالتقريب إلى %130 ! ما يشل بالكاد الاقتصاد الوطني برمته ، والإجهاز على الطاقة الشرائية للمواطن ، ويحول المعيش اليومي إلى جحيم لا يطاق ، في ظل سكوت مطبق للأجهزة الحكومية ،. وتحديدا المنظمات وهيئات مراقبة الأسعار و 'حماية المستهلك' ، والتي يعد تعدادها بعدد نجوم السماء ،. والحالة هذه أن الأجور ؛ في مختلف القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة ، ظلت على ما هي عليه دون أن يطرأ عليها كبير تغيير ، منذ حكومة العدالة والتنمية ، إذا استثنينا دريهمات بقصد ذر الرماد في الأعين. وقد تعددت معاملات هذه السمسرة والاحتكار ، لتضم إليها أسواقا إفريقية ، بعد أن كانت محصورة في أسواق الاتحاد الأوروبي ، فعقدوا صفقات مباشرة مع هذه الجهات .
انتشار التدليس والغش
من الطبيعي ، وحالة العيش بهذه الأسعار الحارقة ، أن تنمو في المجتمع ؛ نمو النار في الهشيم ؛ ظواهر مواكبة لأزمة العيش الخانقة هذه ، كالتزييف في المواد وتحويل جودتها إلى رداءة ،. والتطفيف في الميزان ،. واستعمال أساليب وحيل للكسب والربح السريع ، واستغلال حاجيات المواطن للاتجار في أزماته ، والغش في مواد البناء ،. وعقد الصفقات المغشوشة والتي عادة ما تفضي إلى المحاكم ،. والانتقاص من فعالية الأدوية ، وانتشار الزبونية ، وإغراق القطاعات بأسواق سوداء ، والرشوة ، واكتساحها للإدارة ومصادر العيش ، وامتداد التزييف والغش إلى مراحل التعليم.
الحكومة تنوي القطع مع الظاهرة
غير خاف على أي مغربي أصيل ، أن عاداتنا جرت دوما 'بالتّخْمالْ والتنظيف' كلما تقرر أن يزورنا زائر ، والزائر اليوم هو الكاف KAF كأس إفريقيا للأمم أولا ، ثم المونديال ثانيا ، والسلطات المغربية تريد أن تنتعش الأسواق والاقتصاد الوطني عموماً ، وألا يجد الزائر الإفريقي – مثلا – صعوبة أو عسرا في الوصول إلى اقتناء السلع المغربية ، والولوج إلى الفنادق و المطاعم والخدمات العمومية ، فالأسعار ستكون واجهة لمن يريد زيارة المغرب ، وتعد ؛ بالدرجة الأولى ؛ خير زبون مسوِّق لقطاع السياحة ، فلن تكون هذه الأخيرة في متناول الزائر الإفريقي ، إذا لم تتدخل ؛ وبحزم كبير ؛ السلطات الحكومية في وضع حد لظاهرة السمسرة العشوائية/الارتجالية، والضرب بيد من حديد على كل سمسار/وسيط ؛ لا يحمل ترخيصا رسميا لمزاولة هذه 'الحرفة' والتي يجب أن تكون تحت المراقبة المباشرة للسلطات المحلية ، وانتزاعها منه وتغريمه ، في حال ضبطه 'يسمسر' بنسب أعلى من السعر الرسمي ، كما يجب عموماً ألا يتجاوز سعر السمسرة أكثر من %5 إلى %7 من السعر الخام للمنتوج ، كما يجب أن تنتفض الحكومة لمنع السمسرة في قطاعات معينة ، كالقطاع الصحي والأدوية ، كما لا يسمح ؛ بموجب قانون ' بتعدد السماسرة في قطاع معين كقطاع الصيد البحري ، الذي يمر عبر ستة إلى عشرة سماسرة ، حتى يصل إلى المستهلك ، كأن ينتقي السمسار الأول كيلوغراما واحدا من السردين الطازج/الطري ب 4 دراهم.. فيصل إلى المستهلك ؛ عبر هذه السلسلة من السماسرة؛ إلى 30.00 درهما ، بعد أن أمضى بالتقريب شهرا في حاويات التصبير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 36 دقائق
- بلبريس
زيادات في أسعار الوقود تثير القلق.. والحديث يتجدد عن تسقيف الأرباح
بلبريس - ليلى صبحي عاد ملف أسعار المحروقات إلى واجهة النقاش العمومي بالمغرب، بعد تسجيل زيادات جديدة دخلت حيز التنفيذ منذ الساعة الأولى من يوم الأحد 1 يونيو 2025، لتنهي بذلك فترة استقرار نسبي دامت قرابة شهرين، وتفتح الباب مجددًا أمام تساؤلات حول مدى فعالية السياسات الحكومية في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل نظام التحرير الكامل المطبّق منذ 2015. ووفق المعطيات المتوفرة، بلغ سعر الغازوال على المستوى الوطني في المتوسط حوالي 11.26 درهمًا للتر، فيما استقر سعر البنزين في حدود 13.22 درهمًا، مع تفاوتات محلية بحسب بُعد المدن عن محاور النقل والتوزيع، وهو ما يجعل التأثير أكثر وطأة على المناطق الداخلية والبعيدة عن الموانئ. وتأتي الزيادة الحالية بعد تراجعات متواضعة شهدتها السوق خلال مارس وأبريل، حيث خُفض سعر الغازوال بما يقارب 28 سنتيمًا في مجموع الشهرين، بينما استقر سعر البنزين بعد تراجع بلغ نصف درهم منتصف مارس، ما خلق لدى المستهلكين انطباعًا مؤقتًا بإمكانية انفراج الوضع، قبل أن تُجهضه المعطيات الجديدة. وتندرج هذه الزيادات في سياق دولي مطبوع بتقلبات حادة في أسعار النفط، نتيجة عدة عوامل متداخلة، أبرزها التوترات الجيوسياسية، وتغير سياسات الإنتاج لدى منظمة "أوبك+"، واستمرار تداعيات الحرب في أوكرانيا، فضلًا عن تصاعد الطلب من الأسواق الآسيوية الكبرى، وهي معطيات تنعكس بشكل مباشر على الكلفة عند الاستيراد. إلى جانب السعر الدولي للبرميل، تساهم عناصر أخرى في رفع التكلفة النهائية على المستهلك المغربي، من بينها الشحن البحري، التأمين، التكرير، وتكاليف النقل البري داخل المملكة، وهي كلها عناصر لا تخضع لأي تسقيف أو دعم حكومي، ما يجعل السوق الوطنية أكثر عرضة للهزات الخارجية. ورغم الدعوات المتكررة التي وجهتها جمعيات حماية المستهلك وعدد من النقابات لإقرار آلية لتسقيف الأسعار أو على الأقل تقنين هوامش الربح، فإن الحكومة تُواصل التمسك بخيار التحرير، مشددة على أن الأسعار تُحدد بناء على منطق السوق والمنافسة بين الفاعلين. ويثير هذا الوضع تساؤلات حقيقية حول حدود "اليد الخفية" للسوق في قطاع استراتيجي يمس الحياة اليومية للمواطنين، حيث يطالب متابعون بضرورة إعادة النظر في تركيبة الأسعار، وتحديد سقف لهوامش الربح التي تحقّقها شركات التوزيع، خصوصًا في ظل الفجوة المتزايدة بين دخل المواطن وكلفة المعيشة. ويُنتظر أن تعيد هذه المستجدات الجدل السياسي حول "البديل الممكن" في قطاع المحروقات، وسط تساؤلات متزايدة عن موقع الدولة كضامن للعدالة الاجتماعية، لا سيما في ظل غياب أي دعم مباشر أو آلية توازن تحمي الفئات الهشة من تداعيات تقلبات السوق.


اليوم 24
منذ 40 دقائق
- اليوم 24
الحاجيات المتوقعة للخزينة تتراوح بين 14.5 و15 مليار درهم برسم يونيو الجاري
أعلنت مديرية الخزينة والمالية الخارجية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، أن الحاجيات المتوقعة للخزينة برسم يونيو الجاري، تتراوح ما بين 14.5 و15 مليار درهم. وذكرت المديرية، في بلاغ لها، أن « مديرية الخزينة والمالية الخارجية تنهي إلى علم المستثمرين بأن اللجوء إلى سوق مناقصات قيم الخزينة برسم شهر يونيو 2025 سيهم مبلغا يتراوح ما بين 14.5 و15 مليار درهم ».


العيون الآن
منذ ساعة واحدة
- العيون الآن
جمعيات مهنية تستنجد بعامل طانطان بسبب غلاء الكازوال وتهديد نشاط الصيد الساحلي يوسف بوصولة وجهت عدد من الجمعيات المهنية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية المغربية للصيد الساحلي مراسلة رسمية إلى عامل إقليم طانطان تلتمس فيها التدخل العاجل من أجل رفع الضرر الناجم عن الارتفاع الحاد في أسعار الغازوال، والذي بات يهدد استمرارية النشاط المهني بميناء المدينة. حسب المراسلة طالبت الهيئات المهنية بمراجعة أثمنة المحروقات بالميناء، مشيرة إلى أن الفارق السعري مع موانئ أخرى بالمملكة يصل إلى 1100 درهم للطن، وهو ما يؤثر سلبا على مردودية المراكب ومستوى تنافسية مفرغات الصيد. أفادت مصادر مهنية أن الوضعية الراهنة تنذر بأزمة شاملة في القطاع إذا لم يتم تداركها، مشيرة إلى أن بعض المجهزين يضطرون لجلب الكازوال من ميناء أكادير عبر شاحنات صهريجية، بينما تلجأ مراكب أخرى للتزود من موانئ مجاورة لتفادي الأثمنة المرتفعة. وأكدت ذات المصادر أن هذا الوضع يثقل كاهل المستثمرين ويهدد استقرار القطاع الحيوي داعية إلى مقاربة شمولية تراعي البعد الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة وتساهم في حماية الاستثمار واستدامة نشاط الصيد البحري. وسبق أن دعت إحدى الهيئات المهنية الحكومة إلى اعتماد آلية دعم خاصة بأسطول الصيد الساحلي، الذي يضم أزيد من 1800 وحدة صيد لتمكينه من التزود بالمحروقات بأسعار مدعمة وتفضيلية، بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد الوطني والتشغيل المحلي.
العيون الآن يوسف بوصولة وجهت عدد من الجمعيات المهنية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية المغربية للصيد الساحلي مراسلة رسمية إلى عامل إقليم طانطان تلتمس فيها التدخل العاجل من أجل رفع الضرر الناجم عن الارتفاع الحاد في أسعار الغازوال، والذي بات يهدد استمرارية النشاط المهني بميناء المدينة. حسب المراسلة طالبت الهيئات المهنية بمراجعة أثمنة المحروقات بالميناء، مشيرة إلى أن الفارق السعري مع موانئ أخرى بالمملكة يصل إلى 1100 درهم للطن، وهو ما يؤثر سلبا على مردودية المراكب ومستوى تنافسية مفرغات الصيد. اقرأ أيضا... أفادت مصادر مهنية أن الوضعية الراهنة تنذر بأزمة شاملة في القطاع إذا لم يتم تداركها، مشيرة إلى أن بعض المجهزين يضطرون لجلب الكازوال من ميناء أكادير عبر شاحنات صهريجية، بينما تلجأ مراكب أخرى للتزود من موانئ مجاورة لتفادي الأثمنة المرتفعة. وأكدت ذات المصادر أن هذا الوضع يثقل كاهل المستثمرين ويهدد استقرار القطاع الحيوي داعية إلى مقاربة شمولية تراعي البعد الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة وتساهم في حماية الاستثمار واستدامة نشاط الصيد البحري. وسبق أن دعت إحدى الهيئات المهنية الحكومة إلى اعتماد آلية دعم خاصة بأسطول الصيد الساحلي، الذي يضم أزيد من 1800 وحدة صيد لتمكينه من التزود بالمحروقات بأسعار مدعمة وتفضيلية، بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد الوطني والتشغيل المحلي.