
المفسدون في الأرض
#المفسدون_في_الأرض
د. #هاشم_غرايبه
استخلف الله بني آدم في الأرض ليعمروها، وعندما قبلوا الاضطلاع بهذا الأمر (الأمانة)، أخذ عليهم عهدا بحفظ هذه الأمانة، قد يقول قائل إنني لا أذكر أنني أعطيت ذلك العهد، إنه موثق ومسجل في النفس البشرية بصورة فطرة يجدها تقيّم سلوكاته (الضمير)، وتحدد له الصواب من الخطأ، وهذه الأمانة عهد بأن لا يفسدوا النظام الحيوي والبيئي الذي وضعه الله ليكفل توازنات دقيقة لعلاقات الكائنات ببعضها، وأي تغيير لها سيخلُّ بها جميعا، ومن أهمها أن الله هو الذي يودع الحياة في الأجساد (الروح)، فتصبح كائنات حية، وظائفها محددة بدقة، وأعدادها محسوبة بمقدار، وأي تدخل من قبل سيد هذه الكائنات (الإنسان)، بنزع الروح قبل الأجل المحدد من قبل الله يعتبر ظلما كبيرا، لأنه اعتداء على اختصاص الخالق الذي هو وحده من يحيي ويميت.
بدأ الظلم مبكرا، حينما قتل قابيل أخاه هابيل حسدا، لأجل ذلك كتب الله في أول شريعة أنزلها للبشر وهي التوراة تشريع القصاص، وهو قتل القاتل لردع من ينوي ذلك الفعل عن فعله، لأنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا.
ورغم ذلك فقد كان الطمع يغري المجرمين بتنفيذ اجرامهم الشيطاني، وأخطر تلك الجرائم القتل الجماعي كما يحدث في الحروب، لأجل ذلك قدم الله شياطين الإنس على شياطين الجن في كل المواضع التي ورد ذكرهم في القرآن، فشياطين الإنس أبلغ ضررا وأكثر إيذاء.
يتمثل هؤلاء عبر التاريخ بالأباطرة والعسكر المستبدين، فهم الذين يشنون الحروب تلبية لآطماعهم وبحثا عن الأمجاد في الانتصار على الآخرين واخضاعهم.
رغم أن التاريح البشري لم يخلُ في أية حقبة من هؤلاء الذين كانوا يعيثون فسادا في الأرض، إلا أن الأميركيين سجلوا أرقاما قياسية في ذلك المضمار.
فمنذ البداية وحينما هاجر الأوروبيون إلى الأمريكتين طمعا بالثراء السريع، كان قوام هؤلاء المهاجرين مجرمين ذوي أسبقيات ومغامرين، وتشكل المجتمع الأمريكي فيما بعد من سلالة هؤلاء، لذلك ليس مستغربا انتشار هذه الروح الشيطانية التي تسم أفراد المجتمع، وتظهر بشكل ساطع في قادتهم وحكامهم، فقد ماتت ضمائرأجدادهم مبكرا حينما استمرأوا إبادة السكان الأصليين وسلبهم أراضيهم.
في الحرب العالمية الثانية، مارست أمريكا دورها الشيطاني بوضوح، فرغم أن كل المؤشرات كانت تشير الى انهزام اليابانيين، إلا أن الأميركيين لم يرغبوا في انتهاء الحرب قبل أن يجربوا مفعول القنبلة الذرية المدمر في البشر، كانت لديهم آنذاك قنبلتان الأولى من اليورانيوم والثانية من البلوتونيوم، وقد استخدموهما فعليا في هيروشيما ونجازاكي، وبعد استسلام اليابان واحتلالها، شكلوا لجنة لدراسة الآثار التدميرية، وقاموا بابشع عمل لا إنساني، إذ لم يقوموا بمعالجة المصابين من سكان المدينتين حتى لا تتأثر دراساتهم المسحية، بل تركوهم لحالهم ليتعرفوا على تطور حالاتهم وخاصة التحولات السرطانية.
في قصة ثانية تكشف الطبيعة المتوحشة لأمريكا، عندما كانت أميركا تتفاوض مع فيتنام لوقف الحرب عام 1972 في باريس، اصطدم الفيتناميون الشماليون بقيادة 'لي دوك ثو' بموقف كيسنجر المتصلّب، الذي لا يريد السلام إلا تحت شرط واحد، وهو أن تكون المرحلة التالية في إدارة فيتنام للعملاء الأميركيين المتمركزين في الجزء الجنوبي منها، أما الثوريون فيتم استثنائهم من أي سلطة قادمة، وهي بالمناسبة الشروط ذاتها التي يصر عليها الإمريكيون في كل حالات انهاء عدوانهم، إذ أنهم حينما تصبح التكلفة عليهم عالية يخرجون من الباب، ليعودوا من الشباك عبر عملائهم المحليين، فعلوا ذلك في افغانستان والعراق والآن في غزة.
ولما رفض الوفد الفيتنامي، اتصل كسينجر بكل هدوء مع الرئيس الأميركي نيكسون ، وطلب منه أن تقوم قاذفات B-52 بعرض لم يسبق له مثيل في التاريخ، وطوال 11 يومًا حولّت الطائرات الأميركية أرض فيتنام لبقعة مشتعلة من شدة القصف، وقتلوا 23 ألف فيتنامي.
اعترف كيسنجر فيما بعد انه يعلم أن أميركا هُزمت في تلك الحرب، وأن فيتنام الثورية ستفرض شروطها وتحكم البلد مهما طال الوقت، وأن القصف الجنوني على المدنيين المسالمين لن يغيّر الأمر، لكن كان مُبرره الانتقام لأجل التأديب، لإعاقة الفيتناميين عن بناء بلدهم من جديد.
هذا هو دأب أمريكا الدائم، فهل يستوعب سياسيونا الدرس، ويعلموا أن الشيطان الأكبر هو العدو وليس الحليف ولا الشريك!.
مقالات ذات صلة كشف الأباطيل

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 2 ساعات
- الوكيل
أنصار الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يتظاهرون في ساو...
02:27 ص ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- شارك آلاف البرازيليين في تظاهرة بوسط ساو باولو الأحد، دعا إليها الرئيس السابق جايير بولسونارو الذي يواجه عقوبة سجن ثقيلة بتهمة محاولة الانقلاب بعد خسارته انتخابات عام 2022. اضافة اعلان وكتب الرئيس السابق (2019-2022) على منصة إكس "البرازيل بحاجة إلينا جميعا، من أجل الحرية والعدالة"، داعيا أنصاره إلى التظاهر في باوليستا، الشارع الرئيسي في أكبر مدينة في أميركا الجنوبية. وقال بولسونارو أمام الحشد الذي كان العديد منهم يرتدون اللونين الأخضر والأصفر للعلم البرازيلي "أولئك الذين يتهمونني قد يكون لديهم العديد من الأوراق الرابحة في أكمامهم، لكن لدي ثلاثة أشياء في صفي لا يملكونها: الله والحرية ودعم جزء كبير من الشعب البرازيلي". ودعا بولسونارو إلى العديد من الاحتجاجات منذ بدء قضيته، لكن يبدو أن الحضور في تراجع خلال الأشهر الأخيرة. وقدّرت جامعة ساو باولو أن نحو 12400 شخص شاركوا في التظاهرة الأحد، وهو انخفاض حاد عن 45 ألف شخص شاركوا في نيسان/أبريل و185 ألفا يقدر أنهم شاركوا في مسيرة من أجل بولسونارو في شباط/فبراير. تأتي التظاهرة بعد أسابيع عصيبة عاشها الزعيم السابق. وخلال مرحلة مهمة من محاكمته أمام المحكمة العليا في وقت سابق من هذا الشهر، نفى تورطه في مؤامرة انقلاب مفترضة لاستعادة السلطة بعد أن هزمه اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بفارق ضئيل في صناديق الاقتراع في تشرين الأول/أكتوبر 2022.

السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
فارضي الأتاوات في القبضة الأمنيّة
لا يزال المجتمع الأردني يعيش على وقع الصدمة جراء الجريمة النكراء بحق الشاب عُبادة_ رحمه الله_ الذي ظل يُكافح حتى لحظاته الأخيرة في الحياة، إذ تحدى الظروف ليعيش وأسرته بكرامة لكونه مُعيلهم الوحيد، وعندما وجد نفسه في موقف صعب أمام شخص فاقد للرحمة كفقده الوعي يفرض عليه دفع ما تُعرف في بيئة "البلطجيّة" بـــ"الخاوة" رفض أن تُخدش كرامته أو تُهان على يد شخص كهذا، فدافع بشجاعة عن مبدأه، لكن يد الغدر إغتالته دون أدنى رحمه، لتستقر السكين في قلب عُبادة التي هزّت واقعته وحتى تفاصيل قصّته قبلها وجدان الأردنيين وآلمتهم؛ وفتحت باب الجدل حول تساؤلات مشروعة حول خطورة هذه الفئة الخارجة عن الرحمة والإنسانية والفاقدة للوعي على المُجتمع، وما مدى حدة القوانين وتطبيقها بصرامة حيال كُل من يدفعه وازعه الإدماني والإجرامي لإرتكاب بشاعات الجرائم. فعلى الأغلب لا يكون هؤلاء بصحوهم ولا بعقليتهم عندما يستسهلون إرتكاب الجريمة، كما ليس بالضرورة أن يكون إدمان المواد المُخدرة على سبيل المثال دائماً دافعاً وراء أفعالهم البشعة هذه.وفي رحاب الحديث عن هذه القضية المؤرقة للمجتمع لا بُد أن نقول كلمة إنصاف بأن لدينا أجهزة أمنيّة على مستوى عالٍ من الإحترافيّة المشهود لها في التعامل مع الجرائم إن وقعت، وقوانين صارمة وضعتها الدولة يتم تطبيقها بحق كل مرتكبي الجريمة وفارضي الاتاوات والخاوات، وإجراءات إداريّة حازمة وحملات أمنيّة مُستمرّة لمُلاحقة هؤلاء ومحاسبتهم بأغلظ العقوبات وعدم التهاون معهم حرصاً بأن لا تُشكل الجريمة خطراً على المُجتمع الأردني برمته.لا يوجد مجتمع آمن بالمُطلق، ولكن يوجد مجتمع أكثر أمناً، وهذه القاعدة تنطبق علينا كمجتمع أردني لا تُشكل الجريمة فيه ظاهره وإنما هي تعد حالات لا أكثر تقع هُنا أو هُناك وفي فترات زمنيّة مُتفاوتة ومتباعدة؛ وذلك يعود للقبضة الأمنيّة الهادفة لمنع إنتشار الجريمة، وما يُعرّض المجتمع للخطر ويُعكّر صفو الحياة العامّة. فكل مَن يرتكب جريمة في الليل ، لا تُشرق شمس اليوم التالي إلا وهو في عُهدة الأمن وخلف قضبان السجن وهذا ما يدفعنا لأن نكون أكثر إطمئناناً وإحساساً بالأمان.


وطنا نيوز
منذ 5 ساعات
- وطنا نيوز
مصيدة #المثالية #الزائفة
بقلم: المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور الذين يعتقدون أن لديهم أفكارًا عظيمة… مع الوقت، كثير منهم يقعون في فخ خطير اسمه: 'المثالية الزائفة'. يتحدثون عن الكمال، عن العدالة المطلقة، وعن نموذج الإنسان المثالي. لكنّهم ينسون أن الواقع لا يُصنع في قاعات التنظير ولا على دفاتر الحبر… بل في خنادق الحياة، حيث تتصارع القيم مع المصالح، ويتقاطع الحق مع الممكن. المثالية الزائفة تُغري صاحبها بأن يرى نفسه نبيًا مبعوثًا، وما هي إلا قناعٌ زائف يبتعد بصاحبه عن الناس، ويُغرقه في دائرة الوهم. الحياة لا تعترف إلا بالفكرة التي تمشي على قدمين، وبالقول الذي يتحول إلى فعل، وبالنية الصافية التي تعرف حدود الواقع، لا التي تفرّ من مسؤوليته. لذلك… احذر أن تكون من أولئك الذين لا يعيشون الحياة، بل يُحاكمونها من برجٍ لا أساس له. فالفكرة العظيمة، إن لم تُترجم على الأرض، ستبقى مجرد فخٍّ… ومجرد غفلةٍ جميلة تسحب صاحبها إلى السقوط.