logo
قدماك موطن لمليارات البكتيريا، فكم مرة يتعين عليك غسلهما؟

قدماك موطن لمليارات البكتيريا، فكم مرة يتعين عليك غسلهما؟

BBC عربية٢٥-٠٣-٢٠٢٥

ينظف بعض الأشخاص أقدامهم يومياً، بينما يقول البعض الآخر أن ترك الماء، يجري فوقها، أثناء الاستحمام، كافٍ. فهل تنظفون هذه الأجزاء المهمة من أجسادكم، بشكل جيد؟
عندما تقفز إلى حوض الاستحمام، وتمد يديك إلى الصابون والليفة، من المنصف القول أن بعض أجزاء الجسم، ربما تحظى باهتمام أكثر من غيرها. لا شك أن منطقة تحت الإبطين تحصل على الرغوة الكاملة، والغسل بالمياه، والتنظيف المستمر، بينما سيكون من السهل التغاضي عن قدميك، باعتبار أن القدمين تقع في نهاية الجسم. ومع ذلك، وفقاً لبعض الخبراء، فإن قدميك تستحقان نفس القدر من الاهتمام، إن لم يكن أكثر.
فعلى سبيل المثال، تنصح كل من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، والمركز الأمريكي لمكافحة الأمراض، بغسل القدمين يومياً بالماء والصابون. ويرجع أحد أسباب هذه العناية الدقيقة إلى منع الرائحة الكريهة.
يحتوي باطن القدم على 600 غدة عرقية، لكل سنتيمتر مربع من الجلد، أي أكثر من أي منطقة أخرى في الجسم. وعلى الرغم من أن العرق في حد ذاته ليس له رائحة، إلا أنه يحتوي على مزيج غني بالأملاح والجلوكوز والفيتامينات والأحماض الأمينية، أي أنه يشكل بوفيه مفتوح للبكتيريا التي تعيش هناك. أي أن هناك الكثير من البكتيريا بالفعل.
وتقول هولي ويلكنسون، المحاضرة في علاج الجروح في جامعة هال في المملكة المتحدة: "إن القدم، خاصة بين أصابع القدمين، بيئة رطبة ودافئة تماماً، لذا يمكن أن تكون أرضاً خصبة لتكاثر الميكروبات". ويتفاقم هذا الأمر، بسبب حقيقة أن غالبية الناس، يحيطون أقدامهم بالجوارب والأحذية، مما يحبس الرطوبة في الداخل.
يشار إلى أنه في حال قمت بتكبير أي سنتيمتر مربع من جلد الإنسان، ستجد ما بين 10,000 إلى مليون من البكتيريا تعيش فيه.
وتُعتبر المناطق الدافئة والرطبة من الجلد، مثل القدمين، بيئة مثالية ومكاناً رئيسياً لاستضافة أكبر عدد من الأنواع البكتيرية.
وعلى سبيل المثال، تعتبر القدمان ملاذاً مثالياً للبكتيريا الوتدية، وبكتيريا المكورات العنقودية. وعندما يتعلق الأمر بالفطريات، تُعتبر قدماك المتعرقتّان مكاناً مثالياً للأجناس الفطرية، التي تشمل فطريات الرشاشية أو الأسبرجيلاس (أحد مسببات الأمراض التي غالباً ما توجد في التربة)، والمستخفيات، وفطريات الزميحة أو الإبيكوكام، والرودوتورولا، وفطريات المبيضة أو الكانديدا (نوع من الخميرة التي تعيش بشكل طبيعي على الجسم ولكنها قد تصبح من مسببات الأمراض الانتهازية)، وفطريات شعرية الأبواغ وغيرها.
في الواقع، تحتوي القدم البشرية على تنوع بيولوجي من الفصائل الفطرية أكثر من أي منطقة أخرى من الجسم. وربما يكون هذا سبباً وجيهاً، لتنظيف قدميك.
غسل القدمين وأعداد البكتيريا
في إحدى الدراسات، عمل الباحثون على مسح باطن أقدام 40 متطوعاً، ووجدوا أن غسل القدمين كان له تأثير قوي، على أعداد البكتيريا.
كان لدى الأشخاص الذين غسلوا أقدامهم مرتين في اليوم حوالي 8800 بكتيريا تعيش في كل سنتيمتر مربع من الجلد، أما أولئك الذين أفادوا بأنهم يغسلون أقدامهم كل يومين، فقد كان لديهم أكثر من مليون بكتيريا في كل سنتيمتر مربع.
ومع ذلك، لمجرد أن باطن قدميك مليء بالحياة الميكروبية، فهذا لا يعني بالضرورة أن تكون رائحتهما كريهة، أو أن هناك ما يدعو للقلق. وكما هو الحال دائماً، ليس المهم فقط عدد البكتيريا، بل أنواع البكتيريا.
وتعد بكتيريا المكورات العنقودية اللاعب الرئيسي، عندما يتعلق الأمر بإنتاج الأحماض الدهنية المتطايرة، المسؤولة عن رائحة القدمين.
وتفرز الغدد العرقية على جلد القدمين مزيجاً قوياً من الإلكتروليتات (مواد غالباً سائلة يُمكن للكهرباء الانتقال خلالها) والأحماض الأمينية، واليوريا وحمض اللاكتيك.
وتعتبر بكتيريا المكورات العنقودية وليمة حقيقية، إذ تقوم، خلال عملية التغذية، بتحويل الأحماض الأمينية إلى أحماض دهنية متطايرة. ويرجع السبب الكيميائي الرئيسي في ذلك إلى حمض الأيزوفاليريك، الذي له رائحة كريهة وُصفت بأنها جبنيّة وحمضية ملحوظة. وتعد هذه المقارنة مناسبة، بالنظر إلى أن الكثير من الأجبان تحتوي على مزيج مماثل من المواد الكيميائية المتطايرة.
وفي إحدى الدراسات، التي أجريت عام 2014، عمل الباحثون على مسح أقدام 16 شخصاً، ووجدوا أن 98.6 في المئة من البكتيريا الموجودة على باطن القدمين، كانت من المكورات العنقودية. كما زادت مستويات المواد الكيميائية المتطايرة، بما في ذلك مركّب رائحة القدم الرئيسي "حمض الأيزوفاليريك" بشكل ملحوظ على باطن القدم مقارنةً بأعلى القدم. وتوصلت الدراسة إلى أن شدة الرائحة الكريهة للقدم، كانت مرتبطة بالعدد الإجمالي، لبكتيريا المكورات العنقودية الموجودة، وهو سبب آخر لاختيار الصابون.
ومع ذلك، فإن غسل القدمين، لا يقتصر فقط على الوقاية من رائحة القدمين الكريهة، بل يُمكن الوقاية من الكثير من الأمراض، ومشاكل القدمين، من خلال النظافة الجيدة.
يقول جوشوا زايتشنر، الأستاذ المساعد في طب الأمراض الجلدية في مستشفى ماونت سيناي (جبل سيناء) في نيويورك: "بسبب المساحة الصغيرة بين أصابع القدمين، فإن هذه المناطق معرضة بشكل خاص، لخطر الإصابة بالعدوى الميكروبية".
وأضاف: "يمكن أن يؤدي ذلك إلى الحكة والتورم والرائحة الكريهة، ومع تعطل جهاز المناعة الفطري، يُمكن أن يؤدي ذلك أيضاً إلى زيادة خطر غزو الكائنات الحية الدقيقة للجلد، والتسبب في التهابات الأنسجة الرخوة الأكثر أهمية، المعروفة باسم التهاب النسيج الخلوي".
القدم الرياضية
ووفقاً لزايتشنر، فإن المشكلة الأكثر شيوعاً هي الإصابة بالقدم الرياضية، وهي عدوى فطرية سطحية تصيب جلد القدمين، حيث تتكاثر الفطريات، التي تسبب القدم الرياضية، أو سعفة القدم في البيئات الدافئة والمظلمة والرطبة، ولهذا السبب تؤثر هذه الحالة في الغالب على المناطق الواقعة بين أصابع القدمين.
وعندما تحافظ على نظافة هذه المنطقة وجفافها، ستحرم الفطريات من موطنها المثالي، وهذا أمر جيد، إذ أن القدم الرياضية يُمكن أن تسبب سلسلة من الأعراض المزعجة، مثل الحكة والطفح الجلدي المتقشر، وتقشر الجلد، وتشقق باطن القدمين، وبين أصابع القدمين.
ويُمكن أن يؤدي الحفاظ على نظافة قدميك أيضاً إلى الوقاية من العدوى الجلدية، مثل تلك التي تسببها بكتيريا المكورات العنقودية، أو البكتيريا الزائفة. على الرغم من أن هذه البكتيريا موجودة بشكل طبيعي على جلدك، إلا أنها إذا دخلت إلى مجرى الدم عن طريق الجرح، فقد يؤدي ذلك إلى عدوى خطيرة. حتى العدوى البكتيرية العنقودية البسيطة يمكن أن تؤدي إلى ظهور دمامل، وهي عبارة عن نتوءات من القيح (الصديد) تتشكل تحت الجلد، حول بصيلات الشعر، أو الغدد الدهنية.
وتقول ويلكنسون إن القدمين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، لأن هناك الكثير من التكتلات البكتيرية عليها، وأيضاً إذا كان لديك تشققات أو إصابات في قدميك، فإنها تميل إلى الشفاء، بشكل أبطأ بكثير من مناطق أخرى من الجسم.
وأضافت: "في مثل هذه الحالة، هناك فرصة أكبر عند تعرضك لإصابة ما، بأن تدخل مسببات الأمراض إلى ذلك الجرح وتنتشر".
وبالرغم من إمكانية حدوث عدوى جلدية، حتى في حال كنت تحافظ على نظافة القدمين جيداً، إلا أن غسل القدمين بانتظام يقلل من عدد البكتيريا الموجودة. لذلك، إذا حدث أن أُصبت بجرح، فسيكون هناك عدد أقل من الميكروبات، التي يمكن أن تدخل إلى مجرى الدم.
يشار إلى أن غسل القدمين المتكرر مهم بشكل خاص، إذا كنت تعاني من داء السكري، وهي حالة تجعل الناس عرضة للقرح والعدوى الجلدية. وقد أظهرت الأبحاث أن أقدام مرضى السكري، تحتوي على نسبة أعلى من البكتيريا، المسببة للأمراض الموجودة على الجلد.
وتقول ويلكنسون: "إنهم هناك ينتظرون فرصة لإحداث عدوى. لذلك، من المهم حقاً أن يحافظ مرضى السكري على نظافة أقدامهم، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بسبب ذلك".
وما يجعل هذا الأمر أسوأ، أن مرضى السكري يعانون أيضاً من ضعف الاستجابة المناعية، لذلك إذا أصيبوا بالعدوى، فإن أجسامهم لا تستطيع مقاومتها، فمرضى السكري معرضون أيضاً للجروح والإصابات والتقرحات في القدمين، التي لا تلتئم. وإذا لم تُكتشف في وقت مبكر، فقد يحتاج الأمر إلى بتر أصابع القدمين، أو القدمين، أو حتى الأطراف.
وتقول ويلكنسون: "إذا كنت تعاني من داء السكري غير المنضبط، فقد يكون لديك تلف في أعصاب قدميك، لذلك لا يمكنك الشعور بقدميك بشكل صحيح". وأضافت أن مجرد غسل القدمين يسمح لك بفحص قدميك بشكل صحيح، بحثاً عن أي سحجات أو جفاف، قد يساهم في الإصابة بالعدوى.
ولذلك توصي ويلكنسون، والجمعيات الخيرية، مثل جمعية السكري في المملكة المتحدة، مرضى السكري بغسل أقدامهم كل يوم.
جدل حول تكرار غسل القدمين
ولكن ماذا عن الآخرين؟ يرى بعض الخبراء أن الفائدة الصحية لغسل القدمين يومياً محدودة بالنسبة لمعظم الناس، بل يُمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمشاكل جلدية.
ففي النهاية، يعتمد الجلد على مجتمع من الميكروبات المفيدة، لأداء الوظائف الأساسية، فهي تطرد البكتيريا الضارة، وتنتج الدهون التي تحافظ على ترطيب الجلد ومرونته، بل وتساعد على ترميم الجروح. وقد يؤدي الغسل والفرك المكثف للقدمين إلى إزالة هذه الأنواع المفيدة من البكتيريا، خاصةً إذا كان الماء ساخناً، ونتيجة لذلك، يُمكن أن يصبح الجلد جافاً أو متهيجاً أو مثيراً للحكة. وقد يسمح الجلد المتشقق للبكتيريا باختراقه، بينما لا يُمكن اختراق الجلد عادةً، عندما يكون سليماً، ما يزيد من احتمال الإصابة بالعدوى.
يقول زايتشنر: "يُمكن أن يؤدي الإفراط في غسل البشرة إلى تعطيل المناعة الطبيعية، وتجريد الجلد من الزيوت الطبيعية، ما يساهم في الجفاف والالتهاب". ويؤدي ذلك إلى حكة وجفاف الجلد، ويُمكن أن يؤدي إلى تفاقم حالات، مثل الإكزيما.
يقول زايتشنر: "من المهم أيضاً عدم المبالغة في فرك أو تقشير جلد القدمين". وأضاف أن الدشبذات أو مسامير القدمين تنمو، بسبب الإصابات اليومية، ولكنها مع ذلك تحمي القدمين من البيئة المحيطة، مما يعني أن إزالة مسامير القدم تؤدي إلى إزالة هذه الحماية.
كما أن هناك قلق من أن الصابون المضاد للبكتيريا، يُمكن أن يخل بالتوازن الدقيق للكائنات الحية الدقيقة على الجلد، ما يقتل الأنواع المفيدة، ويسمح بظهور سلالات أكثر صلابة، ومسببة للأمراض ومقاومة للمضادات الحيوية. أخيراً، يحتاج جهازنا المناعي إلى تحدي الميكروبات إلى حد معين، لكي يقوم بعمله، فإذا لم نتعرض لتدفق مستمر من البكتيريا والفيروسات في مرحلة الطفولة، فلن تتعلم أجسامنا كيفية الاستجابة بشكل صحيح للهجوم. ويعتقد بعض الخبراء أن الاستحمام بشكل متكرر قد يؤدي في الواقع إلى نتائج عكسية، لهذا السبب بالذات.
وهذا يتركنا مع السؤال الدائم: كم مرة يجب أن نغسل أقدامنا؟ تعتمد الإجابة إلى حد ما على الفرد.
تقول ويلكنسون: "بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري، يُنصح بغسل القدمين يومياً بنسبة مئة في المئة ولكن إذا لم تكن تعاني من أي حالات مرضية كامنة، فإن أطباء الجلدية يرون أن غسل القدمين كل يومين أكثر من كافٍ، للحفاظ على نظافة جيدة، دون تجريد بشرتك من الكثير من الزيوت الطبيعية".
ومع ذلك، تشير ويلكنسون إلى أنه إذا كنت من الأشخاص، الذين يحبون الجري، أو ممارسة التمارين الرياضية في صالة الألعاب الرياضية، فمن الواضح أنك ستحتاج إلى غسل قدميك بانتظام، أكثر من الأشخاص الأقل نشاطاً، وتكرار الغسيل ليس هو المهم فقط ، ولكن طريقة غسل القدمين وتجفيفهما لها آثار صحية أيضاً.
تقول ويلكينسون: "يعتقد الكثير من الناس أنه إذا كنت تستحم وتترك الماء يتدفق، فهذا يعني غسل القدمين، ولكن هذا ليس صحيحاً، فأنت بحاجة إلى غسل قدميك فعلياً بالماء والصابون".
مع ذلك، وفقاً لدان بومغارت، وهو طبيب عام ومحاضر في علم الأعصاب وعلم وظائف الأعضاء في جامعة بريستول في المملكة المتحدة، فإن أهم شيء يؤكده للمرضى هو التأكد من تجفيف قدميك بشكل صحيح. يقول بومغارت: "عندما يكون لديك بلل أو رطوبة بين أصابع القدمين، يُسمح لها بالبقاء هناك في بيئة دافئة، وعندها تكون عرضة للإصابة بأمور، مثل القدم الرياضية، وغيرها من العدوى الفطرية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العاملون في القطاع الصحي: غسل ملابسهم في المنازل يهدد بانتشار البكتيريا
العاملون في القطاع الصحي: غسل ملابسهم في المنازل يهدد بانتشار البكتيريا

العربي الجديد

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • العربي الجديد

العاملون في القطاع الصحي: غسل ملابسهم في المنازل يهدد بانتشار البكتيريا

كشفت دراسة حديثة أن الممرضات والعاملين في القطاع الصحي الذين يغسلون زيهم في المنزل، قد يسهمون من دون قصد في نشر عدوى خطيرة داخل المستشفيات، بسبب فشل الغسالات المنزلية في القضاء الكامل على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. تدق الدراسة، التي نُشرت يوم 30 إبريل/نيسان الماضي في مجلة PLOS One، ناقوس الخطر حول ما وصفته بـ"الثغرة المهملة" في منظومة مكافحة العدوى في المستشفيات، التي تتمثل في غسل الزي الطبي خارج المنشآت الصحية، باستخدام معدات غير مخصصة لهذا الغرض. توضح المؤلفة الرئيسية للدراسة كاتي ليرد، أستاذة علم الأحياء الدقيقة، ورئيسة مجموعة أبحاث الأمراض المعدية في جامعة دي مونتفورت في ليستر في المملكة المتحدة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه رغم أن كثيراً من الممرضين والعاملين في القطاع الطبي يعتمدون على الغسالات المنزلية في تنظيف زيهم يومياً، إلا أن النتائج تشير إلى أن هذه الممارسة قد تكون محفوفة بالمخاطر، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وتعد من أخطر التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية عالمياً. اختبر الباحثون ستة أنواع مختلفة من الغسالات المنزلية، إذ غُسلت قطع قماش ملوثة بالبكتيريا في دورات غسيل سريعة وأخرى عادية، وباستخدام ماء ساخن. فشلت نصف الغسالات في القضاء على البكتيريا خلال دورة الغسيل السريعة، بينما لم تتمكن ثلث الغسالات من إزالة التلوث حتى خلال الدورة العادية. لم يتوقف الأمر عند حدود فاعلية الغسيل فحسب، بل امتدت الدراسة إلى تحليل "البيوفيلم"، وهو الطبقة الرطبة التي تتكون داخل الغسالات مع مرور الوقت، في 12 غسالة منزلية مختلفة. أظهرت التحاليل وجود جينات مقاومة للمضادات الحيوية وبكتيريا محتملة الخطورة في هذه الطبقات، ما يشير إلى أن الغسالة نفسها قد تصبح مصدراً لنقل العدوى بدلاً من أن تكون أداة لتعقيم الملابس. تقول ليرد: "تظهر نتائجنا أن الغسالات المنزلية غالباً ما تفشل في تطهير الأقمشة بالكامل، ما يسمح للبكتيريا المقاومة للمضادات بالبقاء. إذا كنا جادين بشأن وقف انتقال الأمراض المعدية عبر الملابس، فعلينا إعادة التفكير في الطريقة التي يُغسل بها زي العاملين في القطاع الصحي". لايف ستايل التحديثات الحية الفثالات في البلاستيك تسبّب أكثر من 356 ألف وفاة سنوياً واحدة من المفاجآت التي كشفتها الدراسة هي أن بعض أنواع البكتيريا تطوّر مقاومة للمنظفات المنزلية المستخدمة في الغسيل، وهذه المقاومة قد تزيد من مناعتها ضد المضادات الحيوية أيضاً. بمعنى آخر، فإن استخدام المنظفات العادية لا يؤدي فقط إلى فشل التعقيم، بل قد يساهم في تقوية البكتيريا على المدى الطويل. وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً، إذ إن المنظفات التي يُفترض بها أن تحمي من العدوى، قد تكون من العوامل التي تعزز مقاومة البكتيريا وتجعل القضاء عليها أصعب. "ورغم أن الدراسة تركز على العدوى المكتسبة داخل المستشفيات، فإن آثارها قد تمتد أيضاً إلى منازل العاملين في القطاع الصحي. فإذا كانت الغسالة المنزلية غير قادرة على التخلص من البكتيريا المقاومة، فإن هذه الكائنات الدقيقة قد تنتقل إلى باقي الملابس، أو حتى إلى الأسطح داخل المنزل، ما يزيد من فرص انتشارها بين أفراد الأسرة"، تضيف الباحثة. تشدد المؤلفة الرئيسية للدراسة على أن النتائج تشير إلى حاجة ماسة لمراجعة الإرشادات التي تُعطى للعاملين في القطاع الطبي بشأن غسل زيهم. وترى الباحثة أن الاعتماد على الغسالات الصناعية الموجودة داخل المستشفيات، والتي تتمتع بدرجات حرارة أعلى وبرامج غسيل أكثر تطوراً، سيكون أكثر أماناً في الوقاية من انتقال العدوى. دعت ليرد الجهات الصحية إلى إصدار تعليمات واضحة تضمن أن عملية تنظيف الملابس الطبية تتم بما يحقق أعلى درجات التعقيم، سواء جرى ذلك في المنزل أو داخل المنشأة الصحية. "تأتي هذه الدراسة في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أزمة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وتوصف بأنها تهديد عالمي للصحة العامة. ومن ثم، إذا أردنا تقليل خطر العدوى داخل المستشفيات، فعلينا أن نبدأ من أبسط الأمور، مثل كيفية غسل ملابس العاملين. إنه إجراء صغير، لكنه قد يصنع فارقاً كبيراً في حماية الأرواح"، تقول ليرد.

هل يُعاني التوائم من الحساسية تجاه نفس الأشياء؟
هل يُعاني التوائم من الحساسية تجاه نفس الأشياء؟

BBC عربية

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • BBC عربية

هل يُعاني التوائم من الحساسية تجاه نفس الأشياء؟

الحساسية، سواء كانت عطاسا ربيعيا بسبب حبوب اللقاح أو صعوبة في التنفس بسبب طعام مُعين، تُسببها مجموعة من العوامل الوراثية والبيئة التي يعيش فيها الشخص. وكلما زادت هذه العوامل المُشتركة بين شخصين، زادت احتمالية إصابتهما بالحساسية تجاه نفس الأشياء. ومن المُرجح أن يُصاب التوائم بالحساسية بسبب كل ما يشتركون فيه، لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد. فالحساسية مُعقدة للغاية، وتلعب العديد من العوامل دورا في تحديد من يُصاب بها ومن لا يُصاب بها. ما هي الحساسية؟ يُنتج جهازنا المناعي بروتينات دفاعية، وهي أجسام مضادة، وظيفتها مُراقبة ومُهاجمة أي جراثيم دخيلة أو مواد خطرة أخرى تدخل جسمك قبل أن تُسبب لك المرض. تحدث الحساسية عندما يخلط جسمك بين مادة غير ضارة عادةً ومادة دخيلة ضارة. هذه الجزيئات المُحفِّزة هي مُسبِّبات للحساسية. وتلتصق الأجسام المُضادة بمسببات الحساسية، وهو ما يحفز رد فعل الجهاز المناعي . وتُؤدِّي هذه العملية إلى أعراض حساسية شائعة مثل العطاس وسيلان الأنف أو انسداده وحكة في العينين وسيلان الدموع والسعال. وقد تكون هذه الأعراض مزعجة لكنها طفيفة. ويمكن أن تُسبِّب هذه الحساسية أيضا ردَّ فعلٍ مُهدِّد للحياة، وهو ما يُسمَّى بـ "الحساسية المفرطة"، وهو ما يتطلب عناية طبية فورية. على سبيل المثال، إذا تناول شخص ما طعاما يُعاني من حساسية تجاهه، ثمَّ أُصيب بتورم في الحلق وطفح جلدي، فإنَّ ذلك يُعتبر حساسية مفرطة. والعلاج التقليدي للحساسية المفرطة هو حقنةٌ من هرمون ايبينيفرين (المعروف أيضا باسم الأدرينالين) في عضلة الساق. ويُمكن للمُصابين بالحساسية المفرطة أيضا إعطاء أنفسهم حقنة طارئة في حال تعرضهم لنوبة من الحساسية المفرطة التي قد تُهدِّد حياتهم. ويتوفر حاليا أيضا بخاخ أنفيٌّ يحتوي على الأدرينالين، وهو سريع المفعول أيضا. ويمكن أن يُصاب الشخص بحساسية تجاه أشياء خارجية، مثل حبوب لقاح العشب أو الأشجار ولسعات النحل، أو أشياء داخلية، مثل الحيوانات الأليفة والحشرات الصغيرة التي تُسمى عث الغبار والتي تتواجد في السجاد والمراتب. كما يمكن أن يُصاب الشخص بحساسية تجاه بعض الأطعمة. وتُصيب حساسية الطعام ما يتراوح بين 4 و5 في المئة من البشر. وأكثرها شيوعا الحساسية ضد حليب البقر، والبيض، والقمح، وفول الصويا، والفول السوداني، والمكسرات، والأسماك، والمحار، والسمسم. وأحيانا قد يتعافي الشخص من الحساسية مع التقدم في السن، وأحيانا قد تستمر مدى الحياة. من يُصاب بالحساسية؟ لكل جسم مضاد هدف مُحدد، ولهذا السبب قد لا يُصاب بعض الأشخاص بحساسية إلا تجاه شيء واحد. كما تُعنى الأجسام المضادة المسؤولة عن الحساسية بالتخلص من أي طفيليات يصادفها الجسم. وبفضل الطب الحديث، نادرا ما يُصاب الناس في الولايات المتحدة بالطفيليات. ومع ذلك، لا تزال هذه الأجسام المضادة جاهزة للقتال، وأحيانا تُصيب أشياءً غير مهمة، مثل حبوب اللقاح أو الطعام. كما يُمكن أن تلعب النظافة والبيئة المحيطة دورا في مدى احتمالية إصابتك بالحساسية. فكلما زاد تنوع أنواع البكتيريا التي تتعرض لها في مرحلة مبكرة من حياتك، قلّ احتمال إصابتك بالحساسية. وقد أظهرت دراسات أن الأطفال الذين ينشؤون في المزارع، والذين يربون حيوانات أليفة قبل سن الخامسة، والذين لديهم العديد من الأشقاء، أقل عرضة للإصابة بالحساسية. كما أن الرضاعة الطبيعية تحمي الطفل من الحساسية. وعادة ما يكون الأطفال الذين ينشؤون في المدن أكثر عرضة للإصابة بالحساسية، وقد يعود السبب في ذلك إلى تلوث الهواء، والتواجد بكثرة حول أهليهم المدخنين من البالغين. في المقابل، يكون الأطفال أقل عرضة للإصابة بالحساسية الغذائية إذا جربوا الأطعمة في مرحلة مبكرة من حياتهم بدلا من الانتظار حتى يكبروا. وفي بعض الأحيان، قد تساهم وظيفة معينة في إصابة شخص بالغ بالحساسية البيئية. على سبيل المثال، يمكن لمصففي الشعر والخبازين وميكانيكي السيارات أن يصابوا بالحساسية بسبب المواد الكيميائية التي يتعرضون لها. كما يمكن أن تلعب الوراثة أيضا دورا كبيرا في سبب إصابة بعض الأشخاص بالحساسية. فإذا كان أحد الوالدين يعاني من حساسية بيئية أو حساسية غذائية، فإن طفله يكون أكثر عرضة للإصابة بنفس تلك الحساسية. وتحديدا بالنسبة لحساسية الفول السوداني، فإذا كان أحد والديك أو أحد أشقائك يعاني من حساسية الفول السوداني، فإنك تكون أكثر عرضة للإصابة بحساسية الفول السوداني بسبع مرات. هل يتشابهان في الحساسية؟ بالعودة إلى فكرة التوائم: نعم، قد يكون لديهم حساسية تجاه نفس الأشياء، ولكن ليس دائما. فقد وجد باحثون في أستراليا أن ما يتراوح بين 60 و70 في المئة من التوائم في إحدى الدراسات يعانون من حساسية بيئية، وأن التوائم المتطابقة أكثر عرضة لمشاركة الحساسية من التوائم غير المتطابقة. فالتوائم المتطابقة تتشارك بنسبة 100 في المئة من جيناتها، بينما تتشارك التوائم غير المتطابقة في حوالي 50 في المئة فقط من جيناتها، تمامًا مثل أي زوج من الأشقاء. وقد أُجريت أبحاث كثيرة حول جينات حساسية الطعام. ووجدت إحدى دراسات حساسية الفول السوداني أن التوائم المتطابقة أكثر عرضة للإصابة بحساسية الفول السوداني من التوائم غير المتطابقة. لذا، قد يُصاب التوائم بحساسية تجاه نفس الأشياء، ومن المرجح أن يكونوا كذلك، بناء على جيناتهم المشتركة ونشأتهم معا. لكن ليس بالضرورة أ ن يُصابوا بحساسية تجاه نفس الأشياء. تخيل لو فُصل توأمان عند الولادة ونشأ كل واحد منهما في منزل مختلف: أحدهما في مزرعة مع حيوانات أليفة والآخر في وسط المدينة. ماذا لو كان والدا أحدهما مدخنين والآخران لا يدخنان؟ ماذا لو كان أحدهما يعيش مع العديد من الأشقاء والآخر طفل وحيد؟ من المؤكد أنهما قد يُصابان بحساسية مختلفة، أو ربما لا يُصابان بها على الإطلاق. ولا يزال العلماء مثلي يواصلون البحث في الحساسية، ونأمل أن نحصل على المزيد من الإجابات في المستقبل.

حبوب الإفطار والغرانولا، بين الفائدة الصحية والمضار
حبوب الإفطار والغرانولا، بين الفائدة الصحية والمضار

BBC عربية

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • BBC عربية

حبوب الإفطار والغرانولا، بين الفائدة الصحية والمضار

يمكن أن تكون حبوب الإفطار، مصدرا مفيدا للألياف والفيتامينات والمعادن، إلا أن بعضها يُعتبر أطعمة فائقة المعالجة (مصنعة من مشتقات غذائية وليست طبيعية). كثيرا ما يُقال إن وجبة الإفطار هي أهم وجبة في اليوم. اتخذ هذا القرار الصحيح، وسوف تساعدك وجبتك الصباحية المغذية على أن تحصل على النشاط والتركيز في مواجهة أي تحديات تواجهك. لكن يبدو أن اختيار ما تتناوله على الإفطار، أو ما تقدمه لأطفالك في الصباح، أمر مرهق في بعض الأحيان. إذا قررت تناول حبوب الإفطار أسبوعيا، مثلما يفعل 53 في المئة من الأمريكيين، فسيكون هناك الكثير من الاختيارات. هناك الشوفان، والغرانولا، والمويسلي، ورقائق القمح، ورقائق الذرة، والأرز. الخيارات لا حصر لها، فداخل كل صندوق ملون من الحبوب، هناك وجبة صحية ومغذية. ومع ذلك، رغم من أن حبوب الإفطار أصبحت تقليدا صباحيا، إلا أن بعض العلماء يحذرون من أنها وجبات خفيفة فائقة المعالجة، وهي في الواقع ليست مفيدة لنا على الإطلاق. إذن، ما هي الحقيقة، وما نوع الحبوب الذي يجب أن نتناوله؟ أولا، سنسرد بعض الحقائق. الحبوب هي أعشاب من فصيلة الحشائش النجيلية، تُزرع للحصول على بذورها الصالحة للأكل، وتشمل محاصيل القمح والأرز والشوفان والشعير والذرة. تحتوي كل حبة من الحبوب على ثلاثة مكونات رئيسية صالحة للأكل، فهناك الطبقة الخارجية وتكون عبارة عن النُخالة (قشرة البذور أو الردة)، وهي غنية بالألياف وفيتامينات ب ومعادن الجسم. ثم هناك السويداء (البذرة الداخلية)، المليئة بالنشا والبروتينات لدعم نمو جنين النبات. وأخيرا، يوجد الجنين، وهو غنية بالزيوت والفيتامينات والمعادن. كان جون هارفي كيلوج، وهو طبيب أمريكي، من أوائل من طرحوا فكرة تحويل بذور الحبوب الطبيعية إلى حبوب إفطار. كان آنذاك مشرفا على مصحة باتل كريك، وهي مركز صحي هجين يجمع بين المستشفى والمنتجع الصحي. ولتحسين النظام الغذائي للمرضى، طور كيلوج مجموعة متنوعة من الأطعمة الجديدة منها الغرانولا ورقائق الذرة ، وحصل على براءة اختراع. ثم أصبحت هذه الحبوب منتشرة على نطاق واسع لدرجة أن هناك العشرات من هذه الأنواع في السوق. ويُعدّ إنتاج حبوب الإفطار اليوم عملية صناعية، فبعد حصاد الحبوب الطبيعية، تخضع لخطوات معالجة مختلفة لتصبح حبوب إفطار قبل تعبئتها وإرسالها إلى أرفف المتاجر الكبرى. وتُصنع بعض حبوب الإفطار من الحبوب الكاملة، بينما يتم طحن الحبوب في أنواع أخرى من المنتجات، مثل رقائق الذرة، لإزالة الطبقة الخارجية وفصلها عن النخالة. كما تخضع بعض الحبوب لمزيد من المعالجة، إذ يتم طحنها أولا لتتحول إلى دقيق، ثم يُخلط مع مكسبات النكهة والملح والمحليات ومكونات أخرى مثل الفيتامينات والمعادن، ثم تُطهى وتُشكل إلى رقائق أو حلقات أو أشكال أخرى، وأخيرا تُخبز الحبوب أو تُحمص لتصبح مقرمشة. ولأن حبوب الإفطار مُدعمة بالمعادن والفيتامينات، أصبحت منذ فترة طويلة وسيلة فعالة لضمان حصول الناس على العناصر الغذائية التي يحتاجونها. وينطبق هذا بشكل خاص على الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية محددة لا توفر لهم الفيتامينات التي يحتاجونها من الطعام. على سبيل المثال، تفتقر الأنظمة الغذائية النباتية إلى وجود فيتامين بي12، بينما قد يتجنب البعض تناول الحليب، لمعاناتهم من حساسية اللاكتوز، وبالتالي لا يحصلون على ما يكفي من الكالسيوم وفيتامين د. كما أنه مع التقدم في السن، تقل كفاءة الجسم في امتصاص بعض العناصر الغذائية، مما قد يزيد من خطر سوء التغذية. كما أن النساء الحوامل والأطفال أكثر عرضة لخطر نقص العناصر الغذائية. وتؤكد الأبحاث أن تناول حبوب الإفطار المدعمة غذائيا قد يكون لها بعض الفوائد. على سبيل المثال، أظهرت دراسات أن العديد من السكان حول العالم يعانون من نقص في العناصر الغذائية الأساسية. كما وجدت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أنه بدون تدعيم النظام الغذائي، لن تحصل نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين على ما يكفي من المغذيات الدقيقة، مما يُعرضهم لمشاكل صحية على المدى الطويل. فضلا عن أن العديد من أنواع حبوب الإفطار غنية بالألياف، وهي عنصر غذائي يُغذي البكتيريا "النافعة" في أمعائنا، والمعروف أن 90 في المئة من الناس لا يحصلون على ما يكفي من هذه الألياف. تقول سارة بيري، أستاذة التغذية في كلية كينغز كوليدج لندن: "بشكل عام، يُمكن للحبوب المدعمة غذائيا أن تُساهم بشكل مفيد في توفير بعض الفيتامينات والمعادن، التي يعاني البعض في بريطانيا من نقصها". وضربت سارة أمثلة منها أن حوالي 50 في المئة من الفتيات في بريطانيا، أعمارهن بين 11 و18 عاما، تعانين من نقص في الحديد، بينما تصل نسبة من يعانون من نقص الحديد بين البالغين في الولايات المتحدة إلى 14 في المئة. وتضيف أستاذة التغذية في كلية كينغز كوليدج: "من ناحية أخرى يجب الحديث بشكل متوازن عن حقيقة أن العديد من الحبوب غنية بالسكر، وقليلة الألياف، وذات مؤشر سكري مرتفع، مما يعني أنها لن تُشعرك بالشبع لفترة طويلة". وتؤكد على أن هناك أيضا طرقا أخرى قد تكون أفضل للحصول على هذه الفيتامينات والمعادن، مثل الفواكه والمكسرات والخضراوات. ورغم أن بعض حبوب الإفطار غنية بالألياف والفيتامينات والمعادن، إلا أن العديد منها غني أيضا بالسكر المضاف والملح والدهون غير الصحية. وبحسب مؤسسة القلب البريطانية، وهي مؤسسة خيرية تمول أبحاث القلب والأوعية الدموية ومقرها بريطانيا، فإن 30 غراما من رقائق الذرة المُغطاة بالسكر تحتوى على حوالي 11 غراما من السكر، وهذا يمثل 12 في المئة من الحد الأقصى للاستهلاك اليومي الموصي به من السكريات في بريطانيا. بينما في الولايات المتحدة، لا يوجد حد أقصى موصى به لإجمالي استهلاك السكريات، ولكن الكمية المرجعية للسكريات المضافة هي 50 غراما يوميا (وفقا لنظام غذائي يحتوي على 2000 سعرة حراري). في الوقت نفسه، تحتوي 45 غراما من الغرانولا مع الفواكه المجففة والمكسرات والبذور على 9.6 غرام من السكر (10.7 في المئة من إجمالي كمية الاستهلاك الموصي بها يوميا). ومن المرجح أن يؤدي تناول الكثير من السكريات دفعة واحدة إلى ارتفاع كبير في نسبة السكر في الدم، ومع مرور الوقت قد يصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وغيرها. كما أن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع وانخفاض في نسبة السكر في الدم يشعرون بالجوع بشكل أسرع، مما يدفعهم لتناول وجبات خفيفة قد تكون غير صحية. وتوضح سارة بيري أن الأبحاث الخاصة تشير إلى أن تناول الشخص وجبة إفطار غنية بالسكر أو الكربوهيدرات المكررة، سيشعر بعد ساعتين إلى أربع ساعات "بانخفاض في النشاط والجوع وقلة التركيز". وأوضحت أن الأبحاث أظهرت أيضا أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الانخفاض في النشاط بعد الإفطار، يميلون إلى تناول وجبتهم التالية بشكل مبكر بحوالي 30 دقيقة مقارنة بشخص تناول فطوره الطبيعي، "ما يؤدي إلى عدم فقدانهم الوزن، كما يميلون إلى استهلاك 100 سعرة حرارية إضافية في المتوسط في وجبتهم التالية". وهناك أيضا مخاوف من أن بعض حبوب الإفطار تُعتبر أطعمة فائقة المعالجة، أي أنها خضعت لعمليات معالجة صناعية كبيرة. وغالبا ما تحتوي على سكريات مضافة ومواد حافظة وألوان صناعية وإضافات أخرى. تقول سارة: "بصفتي أما وعالمة، أتوخى الحذر بشأن السماح لأطفالي بتناول حبوب تحتوي على الكثير من الملونات". وأكدت خبيرة التغذية البريطانية أن بريطانيا "طبقت لوائح صارمة لإثبات سلامة هذه الإضافات والملونات"، وتقول: "أعتقد أن هناك الكثير مما نجهله حول كيفية تأثيرها على صحتنا على المدى الطويل، بدأنا نفهم أنها قد تؤثر سلبا على عوامل مثل ميكروبيوم أمعائنا، لكننا لا نعرف ما يكفي عن تأثيرها حتى الآن". ومع ذلك، لا يتفق الجميع على هذا الرأي. إذ يجادل بعض الخبراء والجمعيات الخيرية الصحية بأن تصنيف جميع الأطعمة فائقة المعالجة (UPF) على أنها ضارة، هو استخفاف. على سبيل المثال، وجدت دراسة أمريكية عام 2024، في كلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة، ماساتشوستس، أن المشروبات السكرية واللحوم المُعالجة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لكن هذا لا ينطبق على الخبز فائق المعالجة، وحبوب الإفطار، والزبادي، والحلويات المصنوعة من منتجات الألبان. وتُصنّف الدكتورة سارة بيري، أطعمة الغرانولا والمويسلي ضمن الخيارات الصحية، طالما أنهما لا يحتويان على الكثير من السكر المضاف. وتقول: "الأمر يتعلق بإعداد وجبة إفطار غنية بالدهون والبروتين والكربوهيدرات التي تُساعد على إطلاق الطاقة بشكل مستدام وتُبقيك تشعر بالشبع لفترة أطول". وتضيف: "تحتوي الغرانولا والمويسلي على الكثير من المكسرات والبذور والتوت، لذا فهي غنية بالألياف، بالإضافة إلى البروتين والدهون من المكسرات. هذا سيُبقيك شبعاً لفترة أطول، وبالتالي يُوازن مستويات الطاقة لديك بشكل أفضل". ومن خيارات الإفطار الشائعة الأخرى، الشوفان. إذ شملت إحدى الدراسات الكبيرة بيانات أكثر من 470 ألف شخص، وتابعت نتائجهم الصحية على مدى سنوات، ووجد الباحثون أن من يتناولون كمية أكبر من الشوفان تقل فرص إصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 22 في المئة مقارنة بمن يتناولون كمية شوفان أقل. كما أن من يتناولون 19 غراما من الشوفان على الأقل يوميا، يتراجع لديهم خطر الوفاة بنسبة 24 في المئة، مقارنةً بمن يتناولون كمية أقل. ويحتوي الشوفان بشكل رئيسي على ألياف غذائية تُعرف باسم بيتا جلوكان، تحمل أهمية غذائية كبيرة. وقد أظهرت العديد من التجارب السريرية أن بيتا جلوكان يُخفض مستويات الكوليسترول في الدم، وخاصة البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، وهو الكوليسترول "الضار" المرتبط بأمراض القلب. كما تُشير بعض الدراسات إلى أن بيتا جلوكان قد يُقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ويُساعد على تحسين التحكم في الأنسولين. ومع ذلك، فإن العديد من حبوب الإفطار المصنوعة من الشوفان تُصنع من دقيق الشوفان المطحون الناعم، الذي لا يتمتع بنفس الفوائد الصحية للشوفان الكامل. بالمقارنة بحبوب الشوفان، فإن حبوب الإفطار المصنعة تكون سريعة الهضم، مما يُسرّع من دخول السكر إلى مجرى الدم. وينطبق الأمر نفسه على "الشوفان سريع التحضير". في إحدى التجارب السريرية، تناول متطوعون حبوب الشوفان الكاملة في يوم، والشوفان سريع التحضير المطحون في يوم آخر. ووجد الباحثون أنه على الرغم من احتواء كلا النوعين على نفس الكمية من الألياف والبروتين والدهون والكربوهيدرات، إلا أن الشوفان المطحون أدى إلى ارتفاع كبير في مستويات السكر في الدم لدى المشاركين. في الوقت نفسه، قد تتراجع فوائد حبوب الإفطار المصنوعة من الحبوب المكررة، حيث تُنزع منها طبقات النخالة الغنية بالعناصر الغذائية والألياف. وأظهرت الدراسات أن تناول الحبوب الكاملة قد يساعد في انخفاض خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري من النوع الثاني وأمراض مزمنة أخرى، لكن نفس الفوائد لا تحدث عند تناول الحبوب في أشكالها المكررة، بحسب الدراسات أيضا. ويقول ريكاردو كاتشيالانتسا، إختصاصي التغذية السريرية في جامعة بافيا بإيطاليا: "حبوب الإفطار الكاملة صحية لغناها بالألياف". ويوضح أن إحدى الوظائف المهمة لهذه المادة الغذائية هي إبطاء هضم الطعام، مما يقلل من زيادة نسبة الجلوكوز ويحسّن التحكم في مستوى الجلوكوز. ويضيف: "مع ذلك، إذا حُرمنا من الألياف، وهو ما يحدث عند تكرير الحبوب وطحنها، فإن الجلوكوز يرتفع بسرعة أكبر". إذن، هل حبوب الإفطار مفيدة أم ضارة؟ يعتمد الأمر على نوع الحبوب. إذ أحصت دراسة في أستراليا أكثر من 140 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 45 عامًا فأكثر. ووجدت أن تناول حبوب المويسلي على الإفطار يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري. وفي بريطانيا، سألت دراسة أخرى واسعة النطاق أكثر من 186 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاما عن عاداتهم الغذائية، بما في ذلك استهلاك حبوب الإفطار، ثم تابعت المشاركين لمدة 13 عاما في المتوسط. ووجدت الدراسة خلال فترة المتابعة أن الأشخاص الذين تناولوا طبقا واحدا على الأقل من المويسلي يوميا، كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 15 في المئة، ومن تناولوا حبوب الإفطار المصنوعة من النخالة، كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 12 في المئة، أما من تناولوا الشوفان يوميا فكانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 11 في المئة، مقارنةً بمن لم يتناولوا حبوب الإفطار. من ناحية أخرى، كان الأشخاص الذين تناولوا حبوب الإفطار المحلاة أكثر عرضة للوفاة بالسرطان خلال فترة الدراسة. ويقول الخبراء إن السر يكمن في التدقيق في محتوى العبوة. وتوضح سارة بيري: "إذا كنت تختار حبوب إفطار تحتوي على أقل من خمسة غرامات من السكر، وأكثر من ثلاثة غرامات من الألياف، فأنت على الطريق الصحيح لاختيارك حبوب إفطار صحية أكثر". ولزيادة تأثيرها الصحي، تقترح سارة وكاتشيالانزا تعديل حبوب الإفطار بحيث لا تقتصر على الكربوهيدرات فحسب، بل لتحتوي أيضا على مزيج جيد من الدهون الصحية والبروتينات التي تعزز الشعور بالشبع لفترة أطول. وتقول سارة: "أحب الغرانولا، لكنني أضيف إليها مكسرات إضافية، أُحضّر غرانولا صحية كالتي تُباع في المتاجر الكبرى من خلال ما أضعه فيها". وتضيف: "أعتقد أن هذا أمر ينبغي على الناس التفكير فيه قليلا، ما الذي يمكنهم فعله لإضفاء بعض التوازن على (حبوب الإفطار)؟".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store