جيل Z في السودان.. شباب ينتفض من تحت رماد الحرب عبر منصات التواصل
إنه جيل Z السوداني، المولود بين عامي 1997 و2012، والذي نشأ وسط صخب الثورات والانقلابات والاحتجاجات، ولا يزال يعيش أعنف مراحل التحولات السياسية والاجتماعية في تاريخ السودان الحديث.
ورغم المآسي التي خلفتها الحرب، من نزوح بالملايين وانهيار للبنية التحتية، يُظهر هذا الجيل وجهاً مزدوجاً أحدهما يئن تحت وطأة الضياع النفسي وانعدام الأفق الأكاديمي والمهني، وآخر ينبض بالحياة من خلال الهواتف الذكية، حيث يواصل شبان وفتيات البث، والتوثيق، وصناعة المحتوى، معركة يومية لإثبات الوجود والتشبث بالأمل.
حضور رقمي وثوري لافت
جيل Z السوداني اليوم حاضر بقوة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي. فـ"تيك توك" يمثل نافذته الأوسع للتعبير، عبر مقاطع توثق المعاناة أو تسخر منها، تمزج بين الترندات العالمية والخصوصية الثقافية السودانية. أما "فيسبوك"، فلا يزال يحتفظ بمكانته كمنصة للنقاش السياسي، والتعليم عن بعد، والتجارة البسيطة، فيما يُستخدم "واتساب" كأداة تنظيمية لنقل الأخبار العاجلة وإدارة المبادرات الميدانية.
في المقابل، يتجه كثير من الشباب نحو "إنستغرام" لعرض مشروعات ريادية ومواهب فنية، في حين يستخدم "تليغرام" لتبادل الملفات التعليمية، و"تويتر/X" لمتابعة النقاشات السياسية الدقيقة، بينما يبقى "يوتيوب" مصدراً للتعلم والترفيه في آنٍ واحد.
جيل يتعلم رغم غياب الدولة
في ظل توقف شبه كامل للمؤسسات التعليمية وتردي البنية التحتية، لجأ أبناء الجيل إلى تطوير الذات من خلال الإنترنت، وتعلّم اللغات، والبرمجة، والتصميم، والتسويق الرقمي. وبموازاة الانشغال السياسي، أولى شباب Z أهمية لإحياء التراث، من خلال محتوى يعكس الموروث الشعبي والموسيقي واللغوي، في محاولة للحفاظ على الهوية الثقافية وسط عالم رقمي سريع التبدل.
من منصات الحرب إلى ساحات الإغاثة
مع بداية الحرب، انخرط العديد من شباب هذا الجيل في جهود الإغاثة الميدانية، من توزيع للغذاء والمياه إلى تنظيم مراكز إيواء، في ظل غياب واضح لمؤسسات الدولة. وعلى المستوى الرقمي، تحوّل هؤلاء الشباب إلى مراسلين مستقلين، يوثقون يوميات القصف والنزوح والدمار، بينما استمرت وسائل الإعلام الرسمية في الغياب أو التعتيم.
وكانت السخرية أداة دفاع نفسي رائجة، استخدمها كثيرون للتنفيس، إلى جانب تأسيس مشاريع رقمية صغيرة تدر دخلاً بسيطاً في مواجهة الانهيار الاقتصادي.
أحمد حيدر: محتوى رقمي يقاوم العتمة
ضمن هذا المشهد، يبرز صانع المحتوى، أحمد حيدر، أحد أبرز وجوه الجيل الرقمي في السودان، وهو شاب يبلغ من العمر 26 عاماً، يتابعه أكثر من مليوني شخص على مختلف المنصات. يرى أحمد أن جيله يتميّز بالوعي، والطموح، والقدرة على التكيّف، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً محورياً في توسيع أفق الشباب السوداني، وربطهم بالعالم الخارجي، وكشف حجم الفجوة التنموية والثقافية بين السودان وبقية الدول.
بدأ أحمد مشواره في عام 2021 بفيديو بسيط لم يكن يتوقع نجاحه، لكنه تحول لاحقا إلى صانع محتوى مؤثر، يقدّم فيديوهات عفوية بمشاركة شقيقه ووالدته، تُحاكي تفاصيل الحياة اليومية في الأسرة السودانية.
الفكاهة ليست عبثا
ويؤكد أحمد أن المحتوى الكوميدي الذي يقدمه ليس مجرد وسيلة للضحك، بل أداة للتخفيف عن الناس ومقاومة الواقع القاسي.
وحول التحديات، يوضح أحمد أن الحرب الأخيرة شكّلت أكبر اختبار لصنّاع المحتوى في السودان، خاصة مع التعتيم الإعلامي الدولي حول الأزمة السودانية.
ويقول لـ"العربية.نت": "نحن عانينا كثيراً من تجاهل العالم لما يحدث في السودان، ووسائل التواصل الاجتماعي كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال صوتنا".
ورغم تعرضه أحياناً لتعليقات سلبية، يؤكد أنه تعلّم التعامل معها، معتبراً النقد جزءاً طبيعياً من مسيرة أي صانع محتوى.
ويضيف أحمد أن الجيل الحالي مظلوم وغير مفهوم من قبل الجيل السابق، الذي يرفض إفساح المجال للشباب. ويقول لـ"العربية.نت": "لا يمكن أن نحقق أي تقدم ما لم نمنح الشباب الفرصة للمشاركة الفعلية في بناء السودان، كما يحدث في دول العالم المتقدمة. الشباب يمتلكون الكفاءة والطاقة، لكنهم بحاجة إلى ثقة ودعم حقيقي".
سعاد... صوت من تحت الركام
الطالبة السودانية سعاد، البالغة من العمر 22 عاما، سردت عبر منصة "تيك توك" محطات من رحلتها التعليمية، التي تعثرت منذ تخرجها في المرحلة الثانوية عام 2019، في ظل الاحتجاجات الشعبية وجائحة كورونا، وصولاً إلى الحرب الأخيرة التي أغلقت – على حد تعبيرها – ما تبقى من نوافذ الأمل. وسعاد، التي يتابعها أكثر من 100 ألف شخص، تعتبر أن جيلها يواجه "ظروفاً غير طبيعية"، لكنه لا يزال متمسكاً بالحلم.
أصوات من الداخل والخارج
أحمد خالد، أحد أفراد الجيل، والمولود عام 2009، تحدث عن واقع الحرب بمرارة. يقول لـ"العربية.نت": "كنا نحلم ونخطط، ثم جاءت الحرب فحوّلت كل شيء إلى رماد. صارت المدارس ملاجئ أو أنقاضاً، وفرص التعليم والعمل تلاشت". ويضيف: "باتت المنصات وسيلتنا للتوثيق. حتى الضحك لم يعد كما كان... كل شيء أصبح معنونًا بالحرب".
أحمد الذي نزح من أم درمان إلى الولاية الشمالية، ثم غادر إلى مصر عبر رحلة شاقة، عبّر عن تمسكه بالهوية: "نغني الراب السوداني، نرتدي ملابسنا التقليدية، نتحدث بلهجتنا في الغربة... لم ننتهِ، انكسرنا، لكننا ما زلنا واقفين".
قراءة اجتماعية.. مقاومة رقمية في زمن الانهيار
من جانبها، ترى الدكتورة أسماء جمعة، الباحثة في علم الاجتماع بالسودان، أن جيل Z في السودان يمثل "ظاهرة استثنائية" في التعبير والتكيّف، وقالت لـ"العربية.نت": "هذا الجيل أعاد تعريف المقاومة، ليس فقط عبر التوثيق، بل بتحويل الحرب إلى محتوى رقمي يعكس الواقع ويمنح صوتاً للمهمشين".
وتشير جمعة إلى أن هذا الجيل، الذي لم يختر الحرب، رفض أن يكون ضحيتها الصامتة، مضيفة: "الحكومة تخشى هذا الجيل، وتعمل على إقصائه واستغلاله في آن. لكن وعيه السياسي والاجتماعي المبكر، وجرأته في التعبير، جعله فئة فاعلة رغم محاولات التهميش".
وحذرت جمعة من خسارة هذا المورد البشري، قائلة: "استمرار الحرب يعني خسارة السودان لطاقات شبابية اختبرت الثورة والانقلاب والصراع، ونضجت قبل أوانها. وقف الحرب هو الفرصة الوحيدة لإنقاذ جيل قادر على البناء متى ما سنحت له الظروف".
أمل معلق على استقرار مفقود
رغم كل شيء، لا يزال جيل Z في السودان يحتفظ بإرادة الحياة، ويواصل كفاحه عبر شاشات الهواتف، وفي الميدان، وبين ركام المدارس والمنازل. هو جيل تتقاذفه الأزمات، لكنه لم يفقد صوته، ولا توقه إلى التغيير.
"لم ننتهِ"، كما قال أحمد... و"لن نصمت"، كما أكدت سعاد... وبين السطرين، يُعاد رسم مستقبل السودان، على يد جيلٍ وُلد من رحم النار، ولا يزال واقفاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 3 دقائق
- العربية
من أجل وصول أوسع للشباب
يعتزم البرلمان الألماني الاتحادي (بوندستاغ) توسيع نطاق أنشطته على وسائل التواصل الاجتماعي عبر استخدام منصة " تيك توك" مستقبلا. وقالت رئيسة البرلمان، يوليا كلوكنر، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في برلين: "عندما تكون هذه الوسيلة متاحة، فلا معنى من عدم تقديم معلومات عن عملنا وعرض أعمال البرلمان عليها". وذكرت كلوكنر أن "تيك توك" لا يخلو من مشكلات في جوانب عديدة، وأضافت السياسية المنتمية للحزب المسيحي الديمقراطي الذي يتزعمه المستشار فرديريش ميرتس: "لكنه ليس محظورا. وعلى هذه المنصة - على هذا المنبر الرقمي - هناك أشخاص لا يحصلون على المعلومات من أي مكان آخر"، مشيرة إلى أن أشخاصا قليلين فقط هم من لديهم اليوم صحيفة مطبوعة في منازلهم، وقالت: "إذا سألت من أين يحصلون على معلوماتهم، فالإجابة لدى الشباب ستكون تيك توك". وينشر "تيك توك" بشكل أساسي مقاطع فيديو قصيرة، معظمها ترفيهي، ولكن هناك أيضا مقاطع فيديو ذات محتوى معلوماتي - وبعضها يحتوي أيضا على معلومات مضللة. ومع ذلك، هناك مخاوف أمنية كبيرة بشأن "تيك توك" ومزاعم بعدم كفاية حماية البيانات على المنصة التي تديرها "بايت دانس"، وهي شركة أسسها صيني ولها مقر رئيسي كبير في بكين. وهناك مخاوف من أن تسيء السلطات الصينية استخدام التطبيق لأغراض جمع معلومات عن مستخدميه. اهتمام واسع وتثير هذه المنصة اهتمام الأوساط السياسية، لأنها تتيح الوصول إلى جمهور واسع. ووفقا للمكتب الاتحادي الألماني لحماية البيانات وحرية تداول المعلومات، استخدم المنصة العام الماضي حوالي 21 مليون شخص شهريا في ألمانيا وحدها. وعالميا، تجاوز عدد المستخدمين 1.5 مليار مستخدم شهريا. وكان حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي أول الأحزاب الألمانية التي استخدمت "تيك توك" وصار له تواجد قوي على المنصة على نحو لا تضاهيه فيه الأحزاب الأخرى. وتستخدم الحكومة الألمانية الآن "تيك توك" أيضا.


الشرق الأوسط
منذ 7 ساعات
- الشرق الأوسط
زيت الفصائلِ على نار الخرائط
هل يمكن لخريطةٍ مهما كان حجمها أن تتَّسعَ لجيشين وسلطتين وقاموسين؟ وهلِ التعايشُ الإلزاميُّ مجردُ هدنةٍ بانتظار أن يتمكَّن جيشٌ من ابتلاع الآخر؟ وهل الصدام حتميٌّ بين الجيشين والسلطتين و«الدولتين»، لأنَّ زمن الفصائل يحرم الخرائط من زمن الاستقرار والاستثمار؟ وهل تعبتِ الخرائطُ من زمن الفصائل وقرَّرت الرّجوعَ إلى زمن الدولة الطبيعيةِ بعدما دفعت باهظاً ثمنَ عصر الميليشيات، وبغض النَّظر عن ذرائعِ وجودها؟ زمن الفصائل لم ينجح في ردع وحشيَّة جيش نتنياهو. بدأتِ القصة باجتماع في شقةٍ ببيروت ضمَّ حفنة من الناشطين الإيرانيين واللبنانيين غداة انتصار ثورة الخميني. كان السؤال المطروح هو كيف يمكن تحصين نظامِ الثورة ضد الأخطار التي يمكن أن تحدق به؟ كان رأي المشاركين أنَّ تجربة إطاحة حكومة محمد مصدق في 1953 تقدّم الدليلَ القاطع على عدم جواز الوثوق بالجيوش النظامية. وثمة من قال إنَّ هذه الجيوش ميَّالة بطبيعتها وتركيبتها إلى اغتنام أي فرصةٍ للانقضاض على أي مدٍّ ثوري أو تغييري. اعتُبرتِ الجيوش مصدراً محتملاً للأخطار لأنَّها قابلة للاختراق من قبل الاستخبارات الغربية. أُجمع الرأيُّ على ضرورة إيجاد جدار يمنع أي فريق في الجيش الإيراني من الانقلاب على الثورة. ويقول أنيس النقاش إنَّه كان أولَ من اقترح فكرة إنشاء «الحرس الثوري». ستنتقل التجربة الإيرانية، لكن بتنويعات مختلفة، إلى بلدان أخرى في المنطقة في سياق مشروع «محور الممانعة». بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982، وبموافقة من الرئيس حافظ الأسد، تعهَّدت إيران الخميني ولادة «حزب الله» اللبناني في أول ترجمة عملية لشعار «تصدير الثورة» المكرس في دستورها. وذهبت إيران بعيداً في مشروعها، وتحوَّل جنوب لبنان حدوداً إيرانية - إسرائيلية بعدما كان سابقاً حدوداً فلسطينية - إسرائيلية. وخلال حقبة المواجهاتِ مع إسرائيل اكتسب «حزب الله» هالةً ثم صار جيشاً وشبهَ دولة. وعلى رغم التركيبة التعددية للبنان، تحوَّل «حزب الله» صانعَ رؤساء وحكومات، وانتزع من الحكومة اللبنانية أهمَّ أعمدة شرعيتها وهو امتلاك قرار الحرب والسلم. لم يستشر «حزب الله» أحداً حين ذهب لإنقاذ نظام بشار الأسد في مهمة إيرانية دعمتها روسيا. ولم يستشر أحداً حين أعلن «جبهة المساندة» غداة اندلاع «طوفان» السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. الجيش السوري الذي كانَ يبالغ في تقدير قوّته تقلَّص دوره هو الآخر حين فشل في إنقاذ النظام، وجاء الحل على يد الميليشيات المؤيدة لإيران والغارات الروسية. ستحقق إيران نجاحاً آخر. تمكَّن الجنرال قاسم سليماني من تحويل فتوى السيستاني للمشاركة في القتال ضد تنظيم «داعش» إلى فرصة لتأسيس جيش موازٍ في العراق هو «الحشد الشعبي». طبعاً لا يمكن إنكار دور «الحشد» في مواجهة «داعش»، لكن الأيام الأخيرة في العراق عبّرت عن صعوبة أن تتَّسع الخريطة لجيشين وقاموسين. وإذا أضفنا إلى ما تقدم استيلاءَ الحوثيين على السلطة في اليمن، تكتمل ملامح المحور، الذي كان يشكل بالتأكيد نجاحاً غير عادي لإيران. تمكَّنت إيران من تطويق إسرائيل وبعض دول المنطقة. أسَّست مجموعة جيوش يمكن أن تنوب عنها وتبعد نار الحرب عن أراضيها. امتلكت أوراقاً حاسمة في أربع خرائطَ يمكن أن تحركها في أي مفاوضات جدية مع «الشيطان الأكبر». استلزم بناء هذا المحور إنفاق مليارات الدولارات وتدخلات لا تقرّها القوانين الدولية. رافقت البناءَ عملياتُ حفرٍ لشبكات هائلة من الأنفاق، وجهود يومية لتهريب الأسلحة، وضربات وتفجيرات واغتيالات. وبوجود المحور بدت إيران في صورة الأقوى في الشرق الأوسط. لكن هذا المحور سيتصدّع، وتتفكّك حلقاتُه بفعل ثلاثة أحداث هي: تفوق الآلة العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات، واغتيال حسن نصر الله زعيمِ «حزب الله»، وفرار بشار الأسد من سوريا. ترفض طهران تصديق الصورة الجديدة في المنطقة على رغم وصول الحرب إلى أجوائها وجنرالاتها وعلمائها. تجد صعوبة في الإقرار بأنَّ «طوفان السنوار» تحوَّل نكبةً للمحور. خسر المحور سوريا وهي حلقته الأبرز. وخسر «حزب الله» قدرتَه على محاربة إسرائيلَ أو ردعها. وخسرت إيران قدرتَها على الإطلال على إسرائيل من أراضٍ عربية مجاورة لها. يُضاف إلى ذلك أنَّ حكومات بغدادَ ودمشقَ وبيروتَ ترفع شعار «حصرية السلاح»، مطالبة بوضع الخرائط في عهدة الدساتير والجيوش، لا في عهدة الفصائل. والحقيقة أنَّ بغداد استنتجت، وفي ضوء التجارب، أنَّها لا تستطيع الحديث عن استقرار وازدهار واستثمار إذا كان باستطاعة مسيّرات يحركها «القطاع الخاص» مهاجمة رادارات أو حقول نفطية، أو باستطاعة عناصر من «الحشد» معاقبة القوى الأمنية الرسمية. وارتباك البرلمان العراقي في موضوع مناقشة إقرار قانون الحشد لا يقتصر على التبرم الأميركي وحده على رغم أهميته. تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، الأخيرة، تعكس رفضَ طهرانَ التعامل بواقعية مع المتغيرات. عارض ولايتي قرارَ الحكومة اللبنانية نزعَ أسلحةِ كلّ الفصائل، بينها «حزب الله»، متناسياً أنَّ لبنان يريد العودة دولة طبيعية تصنع قراراتها في مؤسساتها. قالَ ولايتي أيضاً إنَّ «الحشد الشعبي» يؤدي في العراق دوراً مشابهاً لما يؤديه «حزب الله» في لبنان. وفي دليل جديد على حجم التغييرات، أدانتِ الخارجيةُ اللبنانية تصريحاتِ ولايتي واعتبرتها تدخلاً سافراً في شؤون لبنان الداخلية. يحلم العراقيون بقيام دولة طبيعية. يرتكب السوريون واللبنانيون الحلمَ نفسه. الأكثرية تريد الدولة الطبيعية. الفصائل ليست السبب الوحيدَ لحرائق الخرائط، لكنَّ وجودَها يمنع الخرائطَ من ترسيخ مؤسساتها ومن محاربة الفساد وتنفيذ خطط التنمية. زمن الفصائل يضعف الحصانةَ ويبدّد الثروةَ الأهم التي يمكن أن يمتلكَها أي بلد، وهي ثروة الاستقرار في ظلّ حكم القانون. تشجيع الفصائل على التَّمسك بترساناتِها ينذر بأيامٍ صعبة في أكثرَ من مكان. رفض الدولة الطبيعية يعنِي صبَّ زيتِ الفصائل على نار الخرائط.


العربية
منذ 8 ساعات
- العربية
زيلينسكي: موسكو تخدع واشنطن قبل المحادثات الأميركية الروسية
اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موسكو بمحاولة تضليل واشنطن، قبيل اجتماع مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا. وقال زيلينسكي في كلمته اليومية عبر الفيديو مساء اليوم الأحد "نحن نفهم نية روسيا في محاولة خداع أميركا. لن نسمح بهذا". كما أوضح الرئيس الأوكراني تقديره لتصميم ترامب على إنهاء الحرب، لكنه أضاف أن السبب الوحيد لاستمرار القتل في أوكرانيا هو رغبة بوتين في شن الحرب و"التلاعب بكل من يتواصل معه". وأشار زيلينسكي إلى رفضه أي اتفاق سلام يتضمن تنازلات عن أراض، مؤكداً: "سوف ندافع بالتأكيد عن دولتنا واستقلالنا". وأضاف "هناك دعم واضح لمبدأ أن كل شيء يتعلق بأوكرانيا يجب أن يتقرر بمشاركة أوكرانيا. مؤتمر خاص من جانبها، أعلنت كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، مساء الأحد، عن عقد مؤتمر خاص عبر الفيديو مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قبيل المحادثات الأميركية الروسية المرتقبة. وقالت كالاس في بيان إنها تعتزم مناقشة الخطوات التالية الاثنين نظرا لأن "المصالح الأساسية لأوروبا على المحك". كما تابعت "أي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لأنها مسألة خاصة بأمن أوكرانيا وأوروبا بأكملها". وأوضحت إنه يجب عدم مكافأة عدوان روسيا، مضيفة أن الأراضي التي تحتلها روسيا مؤقتا تنتمي إلى أوكرانيا. كذلك، حثت كالاس الولايات المتحدة على استخدام نفوذها لدفع روسيا إلى مفاوضات جادة، محذرة من "أن موسكو لن تتوقف عن العدوان إلا عندما تشعر أنها لا يمكن أن تستمر". بدوره، قال السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ماثيو وايتاكر، اليوم الأحد إنه لا يستبعد دعوة زيلينسكي إلى المحادثات الأميركية الروسية، مضيفا أن "الرئيس ترامب هو الذي سيتخذ القرار"، وفق CNN. ويجتمع الرئيسان ترامب وبوتين يوم الجمعة المقبل في ألاسكا لمناقشة حل محتمل لحرب أوكرانيا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الصراع. في حين لم تتم دعوة زيلينسكي لحضور الاجتماع.