
سموتريتش: فقدت الثقة برغبة نتنياهو أو قدرته على ربح حرب غزة
ودعا سموتريتش، وفقاً لموقع «جيروزاليم بوست»، رئيس الوزراء نتنياهو إلى عقد اجتماع جديد لمجلس الوزراء، وإعلان عدم وجود أي توقف آخر للحرب، وعدم إبرام أي صفقات جزئية.
كما هدَّد سموتريتش نتنياهو خلال اجتماع مجلس الوزراء، يوم الخميس، بالذهاب إلى الانتخابات، قائلاً: «بالنسبة لي، يمكننا إيقاف كل شيء والسماح للشعب بأن يقرر»، وفقاً لتقرير بثَّته هيئة البث الإسرائيلية، اليوم (الأحد).
وأضاف سموتريتش: «هذه المرة ننطلق بخطوة واضحة نحو نتيجة حاسمة ونصر، ينتهي إما باستسلام (حماس) الكامل، وإعادة الرهائن جميعاً دفعة واحدة، أو بهزيمتها وتدمير كامل. يجب ضم أجزاء كبيرة من قطاع غزة وفتح أبواب الهجرة الطوعية»، مؤكداً أن هذا هو الطريق الوحيد لإسرائيل لتحقيق النصر الكامل في الحرب.
ورأى وزير المالية الإسرائيلي أن «رئيس الوزراء ومجلس الوزراء استسلما للضعف، وتركا العاطفة تتغلب على المنطق، واختارا مرة أخرى مزيداً من النهج نفسه: شن عملية عسكرية هدفها ليس تحقيق نتيجة حاسمة، بل فقط الضغط على (حماس) لقبول صفقة جزئية للرهائن، مع الإعلان بوضوح أنه إذا وافقت (حماس) على صفقة، فسنوافق نحن أيضاً على التوقف مرة أخرى، والانسحاب مرة أخرى، والسماح لها بالتعافي وإعادة التسلح مرة أخرى».
وتابع وزير المالية حديثه عن تكلفة الحرب قائلاً: «إرسال عشرات الآلاف من الجنود للمخاطرة بحياتهم في مدينة غزة، ودفع ثمن ثقيل سياسياً ودولياً فقط للضغط على (حماس) للإفراج عن رهائن ثم الانسحاب، هو أمر غير أخلاقي وغير منطقي».
وزعم سموتريتش أنه كلما كانت هناك صفقة مطروحة على الطاولة، فإن الجيش الإسرائيلي لا يعمل بكامل قوته. والأسوأ من ذلك كله، وفقاً لتعبيره، أنه «إذا استمرَّت إسرائيل في منح (حماس)، عندما تكون على وشك الانهيار، خياراً لوقف مؤقت للحرب مقابل إطلاق سراح رهائن، فستطلب (فترة استراحة) وتوافق على صفقة مؤقتة».
ومضى قائلاً: «عندها سيتم إيقاف الحرب مرة أخرى، وسينسحب المقاتلون مجدداً، وستهدر جهودهم وتضحياتهم. وهكذا يتكرَّر الأمر دون نتيجة حاسمة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 2 دقائق
- الشرق السعودية
إدارة ترمب تخفف انتقاداتها لإسرائيل والسلفادور في تقرير حقوق الإنسان
أجرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغييرات كبيرة على تقرير رئيسي للحكومة الأميركية عن حقوق الإنسان في أنحاء العالم، إذ خففت بشكل ملحوظ انتقاداتها لبعض الدول التي ترتبط بشراكة قوية مع الرئيس الجمهوري، مثل السلفادور وإسرائيل، والتي تقول جماعات حقوقية إن لديها سجلات حافلة في انتهاك حقوق الإنسان. وبدلاً من ذلك، أطلقت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها االسنوي لحقوق الإنسان لعام 2024، تحذيراً بشأن تراجع حرية التعبير في أوروبا وصعّدت انتقاداتها للبرازيل وجنوب إفريقيا اللتين تصادمت واشنطن معهما حول مجموعة من القضايا. وأشارت واشنطن إلى غزو روسيا لأوكرانيا بشكل رئيسي باسم "الحرب الروسية الأوكرانية". وكان الجزء المخصص لإسرائيل في التقرير أقصر بكثير من إصدار العام الماضي، ولم يتضمن أي ذكر للأزمة الإنسانية الحادة في غزة أو عدد الضحايا هناك. وتقول وزارة الصحة في غزة إن نحو 61 ألف شخص سقطوا ضحايا نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023. وقال مسؤولون حكوميون رفضوا الكشف عن هويتهم، إن صدور التقرير تأخر لأشهر، حيث أجرى مسؤولون معينون من قبل ترمب تعديلات جوهرية على مسودة سابقة لوزارة الخارجية لتتماشى بشكل كبير مع قيم "أميركا أولاً"، وفق رويترز. وأضاف التقرير فئات جديدة مثل "الحياة" و"الحرية" و"الأمن الشخصي". الأوضاع في السلفادور وفي ما يتعلق بالسلفادور، ذكر التقرير أنه "لم ترد تقارير موثوقة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، وذلك في تناقض صارخ مع تقرير عام 2023 الذي أشار إلى "مشكلات كبيرة في مجال حقوق الإنسان" وسرد تقارير موثوقة عن عمليات قتل غير قانونية أو تعسفية وتعذيب وظروف قاسية في السجون تشكل تهديداً للحياة. وتعززت العلاقات الثنائية بين واشنطن والسلفادور منذ تولي ترمب منصبه، حيث رحّلت الإدارة الأميركية أشخاصاً إلى السلفادور بمساعدة الرئيس السلفادوري نجيب أبو كيلة الذي تتلقى بلاده ستة ملايين دولار من الولايات المتحدة لإيواء المهاجرين في سجن ضخم شديد الحراسة. انتقائية أميركية وتخلت إدارة ترمب عن النهج الأميركي التقليدي في الترويج للديمقراطية وحقوق الإنسان، معتبرة ذلك تدخلاً في شؤون الدول الأخرى، لكنها في الوقت نفسه تنتقد الدول بشكل انتقائي بما يتماشى مع سياستها الأشمل تجاه كل دولة بعينها. وجرى إعداد تقرير هذا العام بعد عملية تجديد شاملة للوزارة، شملت فصل مئات الأشخاص، كثير منهم من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع للوزارة، والذي يتولى زمام المبادرة في كتابة التقرير. وفي أبريل، كتب وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مقال رأي قال فيه إن المكتب أصبح منبراً "للنشطاء اليساريين"، مشيراً إلى أن إدارة ترمب ستعيد توجيه المكتب للتركيز على "القيم الغربية".


الشرق الأوسط
منذ 2 دقائق
- الشرق الأوسط
الطريق المسدود؟
في عدد الثاني من أغسطس (آب) 2025 نشرت مجلة «ناشونال انتريست» مقالاً تحت عنوان «إسرائيل في مأزق استراتيجي» للبروفسور شاي فيلدمان، المدير السابق لمركز كراون للشرق الأوسط أستاذ العلوم السياسية في جامعة برانديز الأميركية. الفقرة الأولى من المقال على الوجه التالي: «وصلت حرب إسرائيل في غزة إلى طريق مسدود من الناحية الاستراتيجية. فعلى مدى الأشهر الأخيرة، حققت إسرائيل نجاحاً باهراً في عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات عدة على الأقل، وفي تقليص التهديد الذي يشكّله «حزب الله» بشكل كبير. وعلى النقيض من ذلك، وبالقياس إلى الأهداف المعلنة من قِبل الحكومة الإسرائيلية نفسها، فإن نتائج القتال الذي استمر 22 شهراً في غزة تُعدّ كارثية. لا توجد مؤشرات على انهيار وشيك لحركة حماس؛ بل على العكس، فرغم أن الجيش الإسرائيلي يُقال إنه سيطر على 75 في المائة من أراضي قطاع غزة، فإن تقييماً موثوقاً نُشر مؤخراً يؤكد أن نصف (!) سكان غزة يتركزون حالياً في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة «حماس». ويشير التقييم ذاته أيضاً إلى أن «حماس» تواصل الاستيلاء على معظم المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع». المقال بعد ذلك يمضي لوصف الثمن الإنساني الذي دفعته غزة في الحرب التي شنتها إسرائيل من دون نتيجة، وتدهور وضع إسرائيل على الساحة الدولية وحتى الفشل في المفاوضات التي باتت فيها «حماس» تشعر بأن الزمن يعمل لصالحها. وعندما يعرض الكاتب المقترحات المطروحة على الساحة الإسرائيلية، بدءاً من الاقتحام العميق لقطاع غزة، حتى تحقيق أحلام المتطرفين من العبور إليها بأحلامهم القديمة، فإنه لا يرى في ذلك أكثر من المأزق الذي وصلت إليه إسرائيل. المعضلة الأكبر في حرب غزة الخامسة أن الطرفين إسرائيل و«حماس» وصلا إلى طريق مسدود بالفعل، ومع ذلك فإنهما مستمران في الحرب ويتملصان من كل هدنة بوضع مقترحات يعرف كل منهما أن الطرف الآخر لن يقبلها؛ وعلى حساب شعب غزة والرهائن والمتظاهرين من أهلهم. «حماس» بدأت الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنها لم يكن لديها أي تقديرات لما سوف تفعله في 8 أكتوبر أكثر من تصور انهيار الحكومة الإسرائيلية، وقيام «وحدة الساحات» التي تضم ميليشيات المنطقة. وبينما لم يحدث التوقع الأول، فإن الثاني وإن حدث فإنه قاد إلى سلسلة من الهزائم الإقليمية لمحور «المقاومة والممانعة» أعطت للقيادة الإسرائيلية مدداً للنصر لم يكن متوقعاً وأعطى اليمين الإسرائيلي كله ما يكفي للاستمرار والتعنت. داخل جبهة «حماس» ذاتها، فإن غزة خسرت 60 ألفاً من الضحايا وضعف ذلك من الجرحى، وخسران كل ما له علاقة بالحضارة من مدارس وجامعات ومؤسسات صحية. وبعد أن كان مطلب الفلسطينيين هو تحرير الأراضي الفلسطينية، فإن مطلبهم الرئيسي بات وجبة من الطعام. الخسائر الفلسطينية في الضفة الغربية تشي بخسارة الحلم الفلسطيني في الدولة مع استئناف اليمين الإسرائيلي بكل عنفوانه إقامة المستوطنات من جديد مع دفع الفلسطينيين إلى خارج وطن أجدادهم. «حماس» هكذا وصلت إلى الطريق المسدود، فاندفعت إلى إلقاء اللوم على الدول العربية. لأنها لم تقدم «النجدة» تارة، ولا المساعدات. حركة «الإخوان المسلمين» ذات الانتشار العالمي وراعية «حماس» شنت حملة على مصر متهمة إياها - وهي التي قدمت 70 في المائة من المساعدات إلى غزة - بأنها هي التي أغلقت معبر رفح في وجه شاحنات الإنقاذ! إزاء هذه الطرق المسدودة، فإن البروفسور شاي فيلدمان اقترح أن ترعى الولايات المتحدة مفاوضات بين إسرائيل وبعض الدول العربية؛ للتوصل إلى شروط واستحقاقات استبدال قوات أمن ومؤسسات حكم تابعة لسلطة فلسطينية مُعاد تشكيلها ومُعززة الصلاحيات بـ«حماس». وينص الاتفاق المقترح على فترة انتقالية تتولى خلالها الدول العربية المشاركة في الدخول إلى قطاع غزة، وإجبار حركة «حماس» على الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الإسرائيليين، واستبدالها بوصفها سلطة حاكمة مؤقتة في القطاع. ويغطي الاتفاق المُتفاوض عليه مدة الفترة انتقالية، والخطوات المطلوبة نحو تحقيق تقرير المصير الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية التي سيكون على إسرائيل القبول به، بالإضافة إلى التدابير الأمنية التي ستُتّخذ لضمان سلامة الإسرائيليين، عندما يتم تدريجياً استبدال سلطة فلسطينية «جديدة ومحسّنة» بالوجود العربي. كثير من هذه الأفكار وردت من دول عربية إبان مؤتمر «حل الدولتين» حينما اقترحت سلطة فلسطينية إدارية بديلة مصدق عليها من السلطة الوطنية في رام الله؛ وهي ذات السلطة التي سوف يكون عليها استلام سلاح «حماس» وعقد الانتخابات التي سوف تأتي بسلطة جديدة. الحقيقة هي أنه لا يوجد حل آخر.


الشرق الأوسط
منذ 2 دقائق
- الشرق الأوسط
إسبانيا تقدّم نموذجاً للعالم
تعيش إسبانيا لحظة استثنائية تخالف التيارات السياسية السائدة في الغرب، فقد اعترفت حديثاً بدولة فلسطين، ورفضت مطلب الرئيس ترمب بأن تزيد دول حلف «الناتو» إنفاقها الدفاعي إلى 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وعززت برامج التنوع والإنصاف والشمول. ومع ذلك، لا يوجد مثال أوضح على خروج إسبانيا عن المسار المألوف من ملف الهجرة، ففي الوقت الذي تحاول كثير من الديمقراطيات الغربية إبعاد المهاجرين، ترحب إسبانيا بهم بكل جرأة. وتبدو التفاصيل لافتة للنظر، ففي مايو (أيار)، دخلت حيز التنفيذ لوائح جديدة تسهّل على المهاجرين الحصول على تصاريح الإقامة والعمل. في الوقت ذاته، شرع البرلمان الإسباني في مناقشة مشروع قانون يمنح العفو للمهاجرين غير النظاميين. وربما تفتح هذه الإصلاحات الطريق أمام أكثر من مليون شخص للحصول على الجنسية الإسبانية. ويعدّ معظم هؤلاء جزءاً من موجة هجرة تاريخية ما بين عامي 2021 و2023، جلبت ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص مولودين خارج الاتحاد الأوروبي إلى إسبانيا. ويلعب الطلب على اليد العاملة دوراً في ذلك: فمثلما الحال مع كثير من الديمقراطيات الغربية، تحتاج إسبانيا إلى مزيد من السكان. العام الماضي، بلغ معدل المواليد الوطني 1.4 ـ ثاني أدنى معدل في الاتحاد الأوروبي، وبعيد للغاية عن معدل 2.1 المطلوب للحفاظ على مستوى السكان عند نحو 48 مليون نسمة - كما أن لإسبانيا اقتصاداً ضخماً ـ رابع أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ـ يعتمد على صناعة السفر والسياحة المليئة بالوظائف، التي لا يرغب معظم الإسبان في شَغْلها. إلا أنه على عكس بلدان أخرى، كان رد الفعل المعارض ضعيفاً بشكل لافت. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بعض هذه السياسات المؤيدة للمهاجرين جاءت من داخل المجتمع نفسه، فالدعوة إلى منح العفو للمهاجرين غير النظاميين لم تنطلق من الحكومة، بل من عريضة شعبية جمعت 600 ألف توقيع، وحصلت على تأييد 900 منظمة غير حكومية، ومجموعات أعمال، بل وحتى المؤتمر الأسقفي الإسباني. أما الحكومة فقد صاغت نهجاً إنسانياً وبرغماتياً، لتقدم بذلك مثالاً يمكن لدول أخرى الاقتداء به. وبطبيعة الحال، هناك أسباب إسبانية خالصة وراء هذا الاستثناء. بسبب إمبراطوريتها الواسعة فيما وراء البحار، لطالما كانت إسبانيا على مدى قرون مصدراً ضخماً للبشر. وخلال الحرب الأهلية الإسبانية وفترة الديكتاتورية، التي استمرت أربعة عقود بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو، اضطر نحو مليوني شخص لمغادرة البلاد، للفرار من المجاعة والعنف والقمع السياسي. وحتى سبعينات القرن الماضي، كانت إسبانيا تمد المزارع والمصانع في مختلف أنحاء أوروبا بالعمالة المهاجرة. وبعد الأزمة المالية 2008، التي رفعت معدل البطالة إلى 25 في المائة، غادر آلاف المهنيين إسبانيا، بحثاً عن وظائف في الخارج. ويفسر هذا التاريخ الغني والمعقّد، على نحو جزئي، مستوى التسامح المرتفع نسبياً تجاه الهجرة بين الإسبان. عام 2019، كشف استطلاع لـ«مركز بيو» عن أن إسبانيا تمتلك ـ وبفارق كبير ـ أكثر المواقف إيجابية تجاه المهاجرين في أوروبا. ولم يكن ذلك استثناءً؛ إذ أظهرت دراسة أُجريت عام 2021 على استطلاعات رأي تعود إلى نحو 30 عاماً، أن «إسبانيا حافظت باستمرار على مواقف أكثر انفتاحاً تجاه الهجرة، مقارنةً بالمعدل الأوروبي، مع رفض أقل وتقدير أكبر لإسهامات المهاجرين في المجتمع والاقتصاد». وتشكل الطبيعة المجزأة للهوية الوطنية في إسبانيا، عاملاً مهماً، خاصة أن قوة النزعات القومية الإقليمية في أماكن مثل كاتالونيا، وبلاد الباسك، وغاليسيا، تجعل من الصعب على السياسيين اليمينيين حشد الرأي العام ضد الهجرة، باستخدام الشعارات القومية أو الخطاب المعادي للأجانب. في الواقع إن نسخة إسبانية من عقيدة «فرنسا للفرنسيين»، التي يتبناها «حزب التجمع الوطني» بزعامة مارين لوبان، ستكون فكرة عبثية في السياق الإسباني. ولم يظهر في إسبانيا حزب مناهض للهجرة بشكل صريح داخل أروقة البرلمان، سوى في عام 2019، وهو حزب اليمين المتطرف «فوكس». إلا أنه في نهاية المطاف، تدين سياسة الهجرة الإسبانية بالكثير لإدارة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، أحد آخر الممثلين للفكر الاجتماعي الديمقراطي في أوروبا. ورغم توجهه الليبرالي الواضح، فإن نهجه بعيد كل البعد عن تجربة «الحدود المفتوحة»، وإنما هو نهج برغماتي ومدروس في الوقت نفسه. ومن خلال الجمع بين الحلول العملية والرسائل الإيجابية، قدّم نموذجاً لكيفية بناء دعم شعبي لسياسات هجرة تقدمية. بادئ الأمر، أولت الحكومة الأولوية بذكاء للمهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية، إذ تسمح لهم بالتقدّم للحصول على الجنسية بعد عامين فقط. وبفضل إتقانهم اللغة الإسبانية وانتماء غالبيتهم للمسيحية الكاثوليكية، يندمج المهاجرون اللاتينيون بسهولة في الثقافة المحلية، حتى داخل أقل المناطق الإسبانية انفتاحاً على العالم. ويمثل الفنزويليون مثالاً على ذلك، الذين باتوا ممنوعين من دخول الولايات المتحدة بسبب سياسات ترمب، بينما لا يتطلب دخول إسبانيا منهم سوى تذكرة طيران وجواز سفر صالح. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، اغتنم 25.000 منهم هذه الفرصة. وبالفعل، جرى بذل جهود استراتيجية كبيرة في استخدام الهجرة، للتخفيف من بعضٍ من أكبر مشكلات إسبانيا. على سبيل المثال، تجري معالجة مشكلة نقص العمالة في قطاعات التكنولوجيا والضيافة والزراعة ورعاية المسنين، عبر منح الطلاب الدوليين تصاريح عمل. كما جرى تحفيز المهاجرين على الاستقرار فيما يُسمى «إسبانيا الخاوية» ـ المناطق التي تلاشى منها السكان - وقد أنعش بعضٌ من اللاجئين الأوكرانيين البالغ عددهم 200.000، الذين استقروا في إسبانيا منذ عام 2022، حياةً جديدةً في قرى وبلداتٍ كانت على وشك الانقراض. ولعل الأهم من ذلك كله، براعة سانشيز في صياغة قضية الهجرة، التي أكد فوائدها الاقتصادية، بما في ذلك دمج العمال الشباب في نظام الضمان الاجتماعي، وشغل الوظائف التي لا يرغب بها الإسبان. ويعزز الاقتصاد المتنامي هذه الحجج، فمنذ الجائحة، تفوق الاقتصاد الإسباني على الاقتصاديات الأوروبية الأخرى. العام الماضي، وفي الوقت الذي شهدت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا نمواً متواضعاً، أو حتى انكماشاً، حققت إسبانيا نمواً جيداً بلغ 3.2 في المائة. ومع ذلك، لم يتردد سانشيز في الحديث بموضوعية، مستشهداً بتاريخ إسبانيا بوصفها أمة مهاجرين ولاجئين. وقال أمام البرلمان العام الماضي: «علينا أن نتذكر رحلات أمهاتنا وآبائنا، وأجدادنا وجداتنا في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا. وأن ندرك أن واجبنا الآن، خاصة الآن، أن نكون ذلك المجتمع المُرحِّب والمتسامح والداعم الذي كانوا يتمنون أن يجدوه». والآن، إلى متى ستستمر إسبانيا في مد بساط الترحيب؟ يبقى هذا سؤالاً مفتوحاً. من ناحيتها، تكشف استطلاعات الرأي عن أن المخاوف بشأن الهجرة بين الإسبان آخذة في الازدياد، مدفوعةً في جزء منها بالتغطية الإعلامية المُبالغ فيها لوصول اللاجئين الأفارقة. يذكر أنه غرق الآلاف في السنوات الأخيرة وهم يحاولون الوصول إلى إسبانيا، ويجري عادةً ترحيل من ينجح في دخول البلاد. وتستغل الأحزاب اليمينية، خاصة «حزب فوكس»، هذه الأزمة الإنسانية. وإذا نجح «حزب فوكس» في الوصول إلى الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، التي يجب إجراؤها قبل أغسطس (آب) 2027، فسيتبع ذلك حتماً انقلابٌ على الهجرة. في الوقت الحالي، تُثبت إسبانيا نقطةً مهمة: سياسة الهجرة السخية لا تُشكل تهديداً للأمة أو لاقتصادٍ مزدهر، بل أكثر من ذلك، أن الهجرة موردٌ للنمو والتجديد، ما ترفضه الدول الأوروبية المُشابهة لإسبانيا، وتتكبد ثمن ذلك. * عالم سياسة أميركي يعمل في كلية بارد في آنانديل - أون - هادسون نيويورك. * خدمة «نيويورك تايمز»