logo
4 سيناريوهات لرد إيران على احتمال إدانتها في الوكالة الذرية

4 سيناريوهات لرد إيران على احتمال إدانتها في الوكالة الذرية

الجزيرةمنذ 2 أيام

طهران- في ظل تزايد الاحتمالات بشأن تمرير مشروع قرار يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها في مجال الضمانات النووية بمجلس محافظي الوكالة الذرية ، يمر ملف طهران النووي هذه الأيام بمنعطف خطير مع تجميد المفاوضات النووية منذ 3 أسابيع واقتراب يوم النهاية في الاتفاق النووي (18 أكتوبر/تشرين الأول 2025) كحد أقصى لانتهاء صلاحية آلية الإعادة السريعة للعقوبات عليها.
وبينما تبقى الجولة السادسة من المفاوضات النووية، المتعثرة عند مسألة تخصيب اليورانيوم، أملا أخيرا لتجنب انزلاق الملف نحو مزيد من التعقيد، تشخص أنظار المراقبين إلى فيينا حيث اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذرية، وسط تهديدات إيرانية واضحة بالرد المتناسب على أي قرار يدينها.
من ناحيته، شدد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ، بهروز كمالوندي، على أن "رد إيران على أي قرار ضدها في مجلس محافظي الوكالة الدولية سيتضمن إجراءات تقنية وإعادة تقييم كيفية التعاون مع الوكالة"، مضيفا أن "لدينا هذه المرة قائمة من الإجراءات المضادة، والتي أبلغنا بها بالفعل".
قرارات مُعدَّة
في المقابل، أعرب المدير العام للوكالة رافائيل غروسي ، خلال مؤتمر صحفي في فيينا، عن تزايد المخاوف المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، ذلك لأن تراكم اليورانيوم عالي التخصيب لدى طهران"يمثل قضية خطيرة"، مؤكدا أن الوكالة حددت 3 مواقع غير معلنة كان بها في إيران.
ووسط توقعات بإصدار مجلس المحافظين قرار إدانة ضد طهران بناء على تقرير غروسي -الذي يؤكد بأن تراكم 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب (60%) في إيران كافٍ نظريا لصنع 10 قنابل نووية ، ينفي الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي، وجود علاقة بين قرارات مجلس المحافظين وتفعيل آلية الزناد.
ونقلت صحيفة "قدس" الناطقة بالفارسية عن عباسي قوله إن اجتماعات الوكالة الذرية "روتينية" وإن القرارات المعادية التي يمررها مجلس المحافظين "مُعدة مسبقا"، متهما المجلس بالانحياز للأجندة الغربية وعلى رأسها الترويكا الأوروبية (فرنسا ، ألمانيا ، بريطانيا)، مضيفا أن "و اشنطن و تل أبيب تقفان خلف هذه القرارات لخلق ذرائع ضد طهران".
وعن تأثير قرارات مجلس محافظي الوكالة الذرية على المفاوضات النووية المتواصلة بين واشطن وطهران، خلص عباسي إلى أن "التجربة أثبتت أن أميركا تنتهك الاتفاقيات دوما لخدمة مصالحها وأن هذه القرارات لا تؤثر مباشرة على المفاوضات، ولا داعي للقلق منها".
انتزاع تنازلات
في المقابل، يعتقد مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري، أن تقرير غروسي الأخير يحمل نبرة متشددة وانتقادات لاذعة لطهران مقارنة مع تقاريره السابقة، ما يمهد لاعتماد قرار أكثر صرامة ضدها، مستدركا أنه من غير الواضح إذا كان قرار مجلس المحافظين سيطالب بإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن أم لا، لكنه يرمي إلى حث طهران على التوصل إلى اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي.
ويوضح زواري للجزيرة نت أن الضغوط الأوروبية والأميركية في مجلس المحافظين تريد انتزاع تنازلات أكبر من طهران في سياق المفاوضات النووية الجارية، مضيفا أنه إذا تم إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، فقد يُفعِّل ذلك آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية السابقة على طهران.
وبرأيه، فإن طبيعة الرد الإيراني ستكون معبرة عن مدی رغبتها في تجاوز المرحلة الخطيرة الراهنة، وما إذا كانت ستحرص على حلحلة الملف عبر السبل السياسية أو التصعيد، مؤكدا أنه يلمس رغبة إيرانية بحلحلة الملف دبلوماسيا على غرار انخراطها بالمفاوضات النووية منذ أكثر من شهر، لكن الخطوات الغربية قد ترغمها على تبني نهج مختلف.
لكن الرغبة الإيرانية بحل ملفها النووي عبر المسار الدبلوماسي قد لا تكون كافية في ظل تمسكها بحق التخصيب على أراضيها بما يتعارض والمطالب الأميركية لأي اتفاق محتمل، وفق المتحدث نفسه الذي يشدد على أن التمهيد الغربي لتفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات السابقة ستكون لها عواقب وخيمة على إيران.
وخلص زواري إلى أن بلاده قد ترد على أي قرار يُمهِّد لتفعيل آلية الزناد وإحالة ملفها إلى مجلس الأمن بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وتقليص تعاونها مع الوكالة الذرية بما فيه تقييد عمل مفتشي الوكالة، وقد يتضمن ردها رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من 60% بما يثير حفيظة الجانب المقابل.
سيناريوهات
من ناحيته، يرى الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلسي، أن تطورات الملف الإيراني ترجح إصدار مجلس المحافظين قرارا يدين طهران ويحثها على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة قبل إغلاق باب المسار الدبلوماسي.
ويشير مجلسي -في حديثه للجزيرة نت- إلى التداعيات المحتملة المترتبة على قرار مجلس المحافظين، موضحا أن طبيعة الرد الإيراني على القرار قد تفضي إلى طيف من السيناريوهات المحتملة كالتالي:
السيناريو الأول: "العودة إلى طاولة المفاوضات" بما يرفع من حظوظ التوصل لاتفاق وينزع التوتر بشأن النووي الإيراني، وسيكون ممكنا من خلال إظهار جانبي المفاوضات مرونة حول خطوطهما الحمراء.
السيناريو الثاني: "تصعيد إيراني" وقد يتجلى في تقليص تعاون طهران مع الوكالة أو إغلاق كاميرات المراقبة في سياق تقويض التعاون مع الوكالة خاصة إذا ما اتخذ الجانب الغربي خطوات عملية لتفعيل آلية الزناد.
السيناريو الثالث: "التدخل العسكري" وسيكون واردا في حال ردَّت طهران بعنف على قرار مجلس المحافظين بما يُمهد لشن إسرائيل هجمات خاطفة على منشآت إيران النووية، مستغلة الإجماع الدولي ضد طهران.
السيناريو الرابع: "الحرب" وذلك من خلال تصاعد الرد العسكري الإيراني على أي هجوم محتمل ضد مفاعلها النووية وانزلاق الهجمات إلى حرب إقليمية.
إعلان
وفي حين تترقب الأوساط السياسية في إيران نتائج الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين، يتساءل مراقبون عما إذا كان قرار الإدانة سيدفع طهران نحو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، أم أنه سيفتح نافذة أخيرة لاتفاق مؤقت قبيل طي ملف المفاوضات النووي غير المباشرة الجارية بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إنترسبت: برنامج بيرثرايت أداة دعائية لإسرائيل تزداد فعالية زمن الحرب
إنترسبت: برنامج بيرثرايت أداة دعائية لإسرائيل تزداد فعالية زمن الحرب

الجزيرة

timeمنذ 22 دقائق

  • الجزيرة

إنترسبت: برنامج بيرثرايت أداة دعائية لإسرائيل تزداد فعالية زمن الحرب

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة ودخولها العام الثاني، يشهد برنامج "بيرثرايت" الإسرائيلي، الذي يموّل رحلات مجانية لليهود الشباب إلى إسرائيل ، إقبالا قياسيا هذا الصيف. ورد ذلك في تقرير نشره موقع إنترسبت، قائلا إن المتوقع أن يشارك في البرنامج هذا العام 30 ألف طالب، رغم الأوضاع الأمنية والسياسية المتوترة. ويهدف البرنامج إلى تعزيز ارتباط الجيل اليهودي الشاب في الشتات، لا سيما في الولايات المتحدة ، بإسرائيل وتاريخها وروايتها السياسية. تهميش كامل للرواية الفلسطينية ورغم أن البرنامج يصف نفسه بأنه "غير أيديولوجي"، إلا أن تحقيقا نشره إنترسبت كشف أن محتوى الرحلات موجّه سياسيًا بوضوح، ويتضمن روايات أحادية تكرّس سردية الاحتلال وتهمّش بالكامل الرواية الفلسطينية. ويشمل البرنامج زيارات إلى مواقع عسكرية، لقاءات مع جنود، ومحاضرات يلقيها دبلوماسيون وضباط سابقون، تركز على الدفاع عن سياسات إسرائيل، وإنكار وجود شعب فلسطيني أصيل، بحسب ما جاء في خطاب الدبلوماسي الإسرائيلي إيدو أهروني أمام المشاركين. وبحسب دراسة ممولة من "بيرثرايت" نفسها، فإن المشاركين يخرجون من هذه الرحلات بمواقف أكثر يمينية، ويصبحون أكثر استعدادا لرفض الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. ازدراء تام لحياة الفلسطينيين كما كشفت الشهادات والتسجيلات التي حصل عليها إنترسبت أن بعض قادة الرحلات كانوا يعبّرون علنا عن ازدرائهم لحياة الفلسطينيين، في حين وُصِف المستوطنون المسلحون في الضفة الغربية بأنهم "متطوعون محليون". وفي نفس الوقت، يغيب عن البرنامج أي إشارة لمعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال أو في ظل الحرب الحالية. ويعتبر مراقبون أن نجاح "بيرثرايت" لا يكمن فقط في تجميل صورة إسرائيل، بل في خلق روابط عاطفية وشخصية عميقة بين المشاركين وإسرائيل من خلال الترفيه، التفاعل المباشر مع الجنود، والتغطية الثقافية الكاملة. ناجح في إغلاق العقول وتصف أستاذة علم الاجتماع جوديث تايلور، وهي أستاذة مشاركة في علم الاجتماع في جامعة تورنتو البرنامج بأنه أحد أنجح النماذج في "إغلاق العقول" تجاه الفلسطينيين. وتؤكد التقارير أن الحكومة الإسرائيلية ومتبرعين كبارا مثل عائلة الملياردير اليميني شيلدون أديلسون، يرون في هذا البرنامج استثمارا إستراتيجيا طويل الأمد في الدفاع عن إسرائيل على الساحة العالمية، لا سيما في مواجهة الأصوات اليهودية المتزايدة المناهضة للاحتلال، والتي بدأت تتصاعد خاصة في الجامعات الأميركية. وفي الوقت الذي تسجل فيه الجامعات الأميركية احتجاجات واسعة ضد الحرب على غزة وتزداد الضغوط الشعبية على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، يبدو أن "بيرثرايت" يمضي في الاتجاه المعاكس، ويعمل على إنتاج جيل يهودي أكثر ولاء لإسرائيل، وأقل اهتماما بقضية الفلسطينيين أو حقوقهم.

خان يونس: عقدة الكيان الصهيوني التي لا تنفكّ
خان يونس: عقدة الكيان الصهيوني التي لا تنفكّ

الجزيرة

timeمنذ 44 دقائق

  • الجزيرة

خان يونس: عقدة الكيان الصهيوني التي لا تنفكّ

في زوايا الأزقة المدمرة، بين الركام، حيث لا مكان للمنطق العسكري التقليدي، تكتب خان يونس من جديد صفحة نادرة في سجل حروب الشوارع؛ صفحة لا تُقرأ بالحسابات الإسرائيلية بل تُفهم فقط بلغة الأرض وأصحابها. «جهنّم الجنوب»: لماذا خان يونس تحديدًا؟ في العقل العسكري الإسرائيلي، لم تكن خان يونس يومًا مجرد مدينة جنوبية في قطاع غزة، بل كانت منذ عقود تختزن رمزًا متراكمًا من التحدي التاريخي. فمنذ الانتفاضة الأولى، مرورًا بانتفاضة الأقصى، وصولًا إلى حرب 'سيف القدس' (2021) وحرب 'الطوفان' (2023)، ثم الاجتياح البري الواسع في نهاية عام 2024، ظلت هذه المدينة بمثابة العقدة النفسية والتكتيكية بالنسبة لإسرائيل. في الخرائط الميدانية، تبدو المدينة محاصرة وسهلة التوغّل، لكن الواقع يتكشّف عن كذبة عسكرية كبرى: خان يونس ليست رقعة جغرافية فقط، بل هي نسيج عصيّ على الاحتلال، متداخل، نابض، وذو مناعة سوسيولوجية مستعصية. حرب الشوارع لا تعترف بالتفوّق التكنولوجي في يناير/ كلنون الثاني وفبراير/ شباط 2025، خاضت قوات النخبة الإسرائيلية معارك ضارية في أحياء كحي الأمل والقرارة وعبسان الكبيرة، لكن الصدمة لم تكن في حجم المقاومة فحسب، بل في طبيعتها الذكية وغير المتوقعة. ففي زمن الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، انهار التفوّق الإسرائيلي أمام تكتيكات بدائية في ظاهرها، عبقرية في جوهرها: أنفاق تتقاطع تحت الأحياء كما تتقاطع الشرايين، عبوات ناسفة تُفجَّر عن بُعد، كمائن تُنصَب في أنقاض البيوت، ومقاتلون يخرجون من تحت الرماد ليضربوا ثم يختفوا. إعلان أشارت تقارير استخبارية إسرائيلية، كما أوردتها صحيفتا هآرتس ويديعوت أحرونوت، إلى أنّ الكيان الصهيوني تكبّد في خان يونس وحدها خسائر بشرية فاقت التوقّعات بثلاثة أضعاف، وأن وحدات النخبة كـ'يهلوم' و'غولاني' واجهت مقاومة «تشبه الجحيم». لأن خان يونس ليست حيًّا سكنيًّا فقط، بل مختبر مقاومة مفتوح، فيه يُختبر الإنسان حين يُسلب كل شيء: الغذاء، والماء، والضوء، والصوت.. ومع ذلك يصرخ: "لن تمروا"! الجغرافيا تتكلم بلسان الأرض لا الخرائط ما لم تدركه إسرائيل أن خان يونس ليست موقعًا فحسب، بل ذاكرة مكانية متجذّرة؛ ومن يعرف شوارعها ليس الجندي الغريب المدجّج، بل الطفل الذي لعب فيها والشيخ الذي صلى في زوايا مساجدها. الذاكرة المجتمعية هنا هي السلاح الأقوى، لأنها توجّه الكفاح وتعرف الثغرات وتستنهض الصمود.. لا يمكن لأي سلاح أن ينتصر في بيئة فقد فيها الرؤية والشرعية واللغة. لقد راهنت تل أبيب على مزيج من الصدمة والتجويع لإخضاع خان يونس، لكن المدينة ردّت بخارطة أخرى: خارطة العناد، والحفر في الجدران، والتكافل العفوي، وسيناريوهات الكرّ والفرّ التي جعلت من كل زاوية كمينًا محتملاً، ومن كل منزل «عشّ دبابير». لماذا لا تفهم إسرائيل هذه المدينة؟ لأن منطق الاستعمار لا يفهم إلا بالأرقام.. في قاموس الاحتلال، النصر يُقاس بالأمتار التي احتُلّت أو عدد الأبنية التي دُمّرت، لكنه لم يتعلم أن الهزيمة الأخلاقية والسياسية والعسكرية قد تبدأ من شارع واحد صامد في خان يونس. ولأن خان يونس ليست حيًّا سكنيًّا فقط، بل مختبر مقاومة مفتوح، فيه يُختبر الإنسان حين يُسلب كل شيء: الغذاء، والماء، والضوء، والصوت.. ومع ذلك يصرخ: "لن تمروا"! خان يونس اليوم ليست فقط عنوانًا لمعارك طاحنة، بل هي مرآة لكل مدينة عربية قاومت ذات يوم ثم نُسيت! خان يونس تستدعي بيروت (1982)، والفلوجة (2004)، وسجن جنين (2002) خان يونس والخرائط الجديدة للمقاومة لقد دخلنا من بوابة خان يونس إلى مرحلة تتجاوز حروب الدول والجيوش؛ نحن أمام نموذج فلسطيني جديد في فهم الصراع: مقاومة غير مركزية، هجينة، ذات طابع محلي ولكن بأفق إستراتيجي. إنها مقاومة لا تتعامل مع الزمن بصيغته التقليدية، بل تبني الانتصار على المدى الطويل، عبر استنزاف الخصم، وكسر هيبته، وتقويض أسسه الأخلاقية. في تقارير لمراكز دراسات إسرائيلية مثل 'مركز بيغن-السادات'، هناك تلميحات إلى أن السيطرة على خان يونس باتت 'مستحيلة دون تدمير كامل'، ما يعني أن الكيان دخل فعليًّا في فخّ تدمير الذات، إذ لا انتصار ممكن دون إبادة جماعية، ولا إبادة دون تكلفة وجودية وسياسية دولية. من المدينة إلى الأسطورة خان يونس اليوم ليست فقط عنوانًا لمعارك طاحنة، بل هي مرآة لكل مدينة عربية قاومت ذات يوم ثم نُسيت! خان يونس تستدعي بيروت (1982)، والفلوجة (2004)، وسجن جنين (2002).. لكنها تتفرّد لأنها قاومت بينما أطفالها يُذبحون على الهواء مباشرة، ورغم ذلك لم ترفع الراية البيضاء. هذه المدينة، التي اجتمع عليها الجوع والقصف والنسيان، صارت أيقونة للذين لا يملكون شيئًا سوى الكرامة! وإن لم تكن هذه مقاومة تستحق الاحترام والانتصار، فماذا إذن؟ المدينة التي كسرت الرواية في النهاية، يخطئ من يظن أن خان يونس مجرد عنوان جانبي في نشرة أخبار.. إنها المدينة التي كسرت الرواية الإسرائيلية الكلاسيكية عن الجيش الذي لا يُقهر، وجعلت العالم يشاهد جنود الاحتلال يهربون من «أشباح الأنفاق» ورصاص المقاومين المتخفيين في العتمة. هذه المدينة، التي اجتمع عليها الجوع والقصف والنسيان، صارت أيقونة للذين لا يملكون شيئًا سوى الكرامة! وإن لم تكن هذه مقاومة تستحق الاحترام والانتصار، فماذا إذن؟

من الدبلوماسية إلى حافة المواجهة.. مفاتيح الأزمة بين واشنطن وطهران
من الدبلوماسية إلى حافة المواجهة.. مفاتيح الأزمة بين واشنطن وطهران

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

من الدبلوماسية إلى حافة المواجهة.. مفاتيح الأزمة بين واشنطن وطهران

لم تكن الساعات الماضية هادئة في المنطقة، فقد تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بسبب اختلاف وجهات النظر بشأن الملف النووي ، واستغلت إسرائيل الفرصة لتأكيد استعدادها تنفيذ هجمة على طهران. ورغم إعلان مسقط صباح اليوم الخميس على لسان وزير خارجيتها، بدر البوسعيدي تأكيده أن الجولة السادسة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية ستعقد الأحد المقبل في العاصمة العمانية، إلا أن حرب التصريحات لاتزال مستمرة، وسط تشبّث طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم واستعدادها لمواجهة أي حروب. ويثير تسارع الأحداث تساؤلات المراقبين حول مآلاتها المحتملة، خاصة مع تأكيد مسؤول أميركي أن وزير الدفاع بيت هيغسيث أذن بالمغادرة الطوعية لأفراد عائلات العسكريين بجميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، تبرز مجموعة من الأسئلة،أهمها: هل تقترب المنطقة من مواجهة عسكرية مباشرة؟ وما هو تأثير ذلك على أمن المنطقة ومصير المفاوضات النووية المرتقبة؟ ولفهم ما يجري الآن، لا بد من العودة إلى لحظة البداية: فما الذي حدث الليلة الماضية؟ كانت أولى الإشارات الجدية لبدء التوتر إعلان مسؤولين أميركيين عن إجلاء معظم الدبلوماسيين من البعثات الأميركية في بغداد وأربيل، تحسبًا لتهديدات أمنية متزايدة، أعقبها إصدار توجيهات بالسماح بالمغادرة الطوعية لعائلات العسكريين الأميركيين المنتشرين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. تزامن ذلك مع تواتر التصريحات الأميركية التي أكدت وجود "تهديدات وشيكة"، وسط تأكيدات بأن واشنطن في حالة تأهب قصوى تحسبًا لهجوم إسرائيلي محتمل على إيران، قد يشعل فتيل صراع واسع. وتكتسب هذه التطورات أهميتها كونها تأتي قبيل جولة مفاوضات نووية حاسمة بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل تهديدات متصاعدة من طهران باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة، ردا على أي هجوم قد تتعرض له منشآتها النووية. وزادت حدة الترقب بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي برّر إجلاء عائلات العسكريين بالقول: "حتى لا يكونوا في خطر." وهي عبارة فتحت الباب واسعً أمام التكهنات بشأن الخطوات الأميركية المحتملة خلال الساعات المقبلة، وردّ إيران المنتظر. لكن لفهم ما حدث ووضعه في سياقه الصحيح، لا بد من العودة خطوة إلى الوراء. مفاوضات وخلافات منذ أبريل/نيسان الماضي، بدأت الولايات المتحدة وإيران 5 جولات من المفاوضات النووية بوساطة سلطنة عُمان، وأعلن الطرفان في أكثر من مناسبة عن تحقيق تقدم ملحوظ. لكن ملف تخصيب اليورانيوم ظلّ عقبة رئيسية يصعب تجاوزها، حيث تصرّ طهران على حقها في التخصيب ضمن حدود اتفاق الضمانات، بينما تعتبر واشنطن أن هذا البند يمثّل تهديدًا مستقبليًا. وخلال الأيام الأخيرة، كررت إيران تمسكها بهذا "الحق السيادي"، في حين صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لهجته، مطالبا طهران بتقديم تنازلات، ومحذرًا من أن البديل عن الاتفاق سيكون المواجهة. أما إسرائيل، فقد شكّكت علنا في حدوث أي تقدم في المفاوضات، وواصلت الضغط على إدارة ترامب لإثنائه عن المسار الدبلوماسي، مؤكدة عدم استبعادها الخيار العسكري لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وبهذا يتضح المشهد الإستراتيجي الراهن وفق 3محاور: إيران: تتمسك بحقها في تخصيب اليورانيوم وتؤكد استعدادها لأي مواجهة. إسرائيل: تدفع باتجاه التصعيد وتحرض على ضربة عسكرية محتملة لمنشآت إيران النووية. المسارات المحتملة ومع ما سبق، يبدو أن هامش المناورة بدأ يضيق بشكل ملحوظ، ما يطرح تساؤلات جدّية حول المسارات المحتملة التي قد تتخذها الأزمة في الأيام القليلة المقبلة. فقد زاد دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية على خط الأزمة من تعقيد المشهد، بعدما تبنّى مجلس محافظيها قرارًا يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات النووية. وردّت طهران بتشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم، في تصعيد مباشر يعكس حدة التوتر. وقد وصفت الخارجية وهيئة الطاقة الذرية الإيرانيتان قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه "سياسي ويكشف طبيعتها"، مشيرة إلى أن "سياسة التعاون مع الوكالة أدت لنتائج عكسية بسبب التعامل السياسي". وفي المقابل، استغلت إسرائيل تصريحات المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الذي لم يتمكن من الجزم بأن البرنامج النووي الإيراني مدني بالكامل، بسبب نقص المعلومات الواردة من طهران، إضافة إلى تحديد الوكالة لثلاثة مواقع شهدت أنشطة تخصيب مشبوهة. وسارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية لإطلاق سيل من الاتهامات، معتبرة أن إيران "متورطة في برنامج أسلحة نووية سري ومنهجي"، وأنها "تراكم بسرعة كميات من اليورانيوم المخصب بدرجات عالية، بما يثبت أن برنامجها لا يمكن أن يكون سلميًا". ويُعتقد أن هذه التصريحات جاءت في إطار تمهيد إسرائيلي لتبرير أي عمل عسكري محتمل ضد طهران، خصوصًا في أعقاب تقرير شبكة "سي بي إس" الأميركية، الذي نقل عن مصادر مطلعة أن واشنطن تبلّغت رسميًا بأن إسرائيل باتت مستعدة تمامًا لتنفيذ ضربة ضد إيران، وأن الإدارة الأميركية تتوقع ردًا إيرانيًا يشمل استهداف قواعد أميركية في العراق. في المقابل، نقلت وسائل إعلام عن مسؤول إيراني رفيع قوله إن دولة صديقة في المنطقة حذّرت طهران من هجوم إسرائيلي محتمل، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد المتسارع هو جزء من " حرب نفسية تهدف للتأثير على مسار المفاوضات النووية". في خضم التصعيد القائم، تواصل طهران التأكيد على أن ما يُمارس ضدها من ضغوط لا يعدو كونه "جزءًا من تكتيكات تفاوضية" أو حربًا نفسية تهدف إلى دفعها لتقديم تنازلات قبيل انطلاق جولة جديدة من المفاوضات، المقررة الأحد المقبل في مسقط، وفق ما أكده وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي. ورغم تمسكها بخيار الحوار، لم تتخلَّ إيران عن التلويح بالتصعيد، مؤكدة استعدادها لمواجهة جميع السيناريوهات، ومحذرة في الوقت نفسه من "أي خطأ في الحسابات قد يُشعل المنطقة". وفي تصريحات للجزيرة نت يقول رئيس نقابة مدراء مراكز الأبحاث والدراسات الإيرانية عماد آبشناس، إن إيران تفضل الدبلوماسية لحل الخلافات، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يهددان إيران دوما وكل يوم بهجمات عسكرية وعمليات عسكرية. وأضاف آبشناس أن القوات المسلحة الإيرانية هي على أهبة الاستعداد والاستنفار تحسباً لأي تحرك عسكري من قبل الأعداء، حسب وصفه. من جهتها، لا تزال الولايات المتحدة متمسكة برفضها لمبدأ تخصيب اليورانيوم، وتدفع نحو إحياء المسار الدبلوماسي، مع توجيه تحذيرات مباشرة لحكومة بنيامين نتنياهو من اتخاذ خطوات قد تعرقل جهود التوصل إلى اتفاق مع طهران. وفي هذا السياق، يواصل المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إجراء مشاورات إقليمية، من المرتقب أن تشمل لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين يوم الجمعة، وذلك قبيل انعقاد المحادثات الثنائية المرتقبة في مسقط. وتنظر تل أبيب بعين القلق إلى أي اتفاق جديد مع إيران، معتبرة أنه يمثل "تهديدًا مباشرًا لأمنها الاستراتيجي"، وتواصل الضغط على واشنطن لمنع أي تنازلات قد تُمنح لطهران. ويرى، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس، تسفي بارئيل أن حدة التوتر لا تقتصر على محور واشنطن – طهران، بل امتدت إلى العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، قائلاً: "المواجهة الأهم تدور حاليًا بين نتنياهو وترامب، لا بين الولايات المتحدة وإيران." ومع اقتراب موعد المفاوضات في مسقط، يبدو أن كل الأطراف تستعد لكل الاحتمالات، وفيما تظل أبواب الديبلوماسية مفتوحة، تراهن إيران على صمودها متمسكة بخيارات التخصيب، بينما تدفع الولايات المتحدة بثقلها ممسكة بكل خيوط اللعبة، فيما تراقب إسرائيل عن كثب وهي على أهبة الاستعداد. ووسط كل هذا تراقب دول المنطقة التطورات وما إذا كانت ستتجه نحو تسوية سياسية أو انفجار عسكري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store