
لوس أنجلوس تشتعل..هل بدأ الربيع الامريكي
يمني برس | تقارير
في صيف عام 1992، كانت مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية تشتعل بالنيران والغضب. اهتزت المدينة بعد تبرئة ضباط الشرطة الذين عذبوا راكب الدراجة النارية الأسود رودني كينغ.
لم يمت كينغ حينها، لكن المظاهرات تحولت إلى احتجاجات عنيفة، قُتل فيها العشرات، ودُمر معها العديد من المباني، وهو ما دعا جورج بوش الأب، الرئيس حينها، لاستدعاء آلاف جنود الجيش التابعين للحرس الوطني، تلبية لطلب مسؤولي ولاية كاليفورنيا.
لكن بعد جيل كامل، 33 عاما بالتحديد، و6 رؤساء تعاقبوا على قيادة الولايات المتحدة، تعود قوات الحرس الوطني إلى شوارع لوس أنجلوس، لكن هذه المرة بأمر مباشر من البيت الأبيض، وليس بناءً على طلب حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم.
فقد أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرسال نحو ألفي جندي من الحرس الوطني إلى المدينة، مستعيدا بذلك صورا من الماضي الذي كانت تحاول فيها القوات الفدرالية سحق رموز حركة الحقوق المدنية في الستينيات. بل إن ترامب تجاوز ذلك بأن أمر 700 من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) بالوصول إلى لوس أنجلوس لمساعدة قوات الجيش والشرطة في السيطرة على المتظاهرين، كما أنه أبدى استعداده للقبض على حاكم الولاية، نيوسوم، بعد أن هدد بمقاضاة إدارته!
يطرح هذا المشهد سؤالا جوهريا: ما الذي حدث في الولايات المتحدة تحديدا؟ هل نحن أمام لحظة يتم فيها تسخير القوة الفدرالية لأهداف انتخابية يتصارع فيها رئيس الدولة مع حاكم ولاية، أم مجرد امتداد لصراع أميركي طويل على تحديد معنى النظام العام ودور الدولة؟
إذ ومن خلال متابعة ما يحدث الآن في لوس أنجلوس، وخطاب الرئيس ترامب من جهة، ومعارضيه وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا من جهة أخرى، نستطيع أن نفهم كيف تطورت فكرة استخدام القوة الفدرالية في الشوارع الأميركية، وكيف تغيرت أميركا في العمق: في تصورات الأميركيين عن الدولة، وحدود -أو غياب حدود- السلطة التنفيذية للبيت الأبيض، وهشاشة الديمقراطية الأميركية ذاتها.
وتشهد مدينة لوس أنجلوس منذ مساء الجمعة السادس من يونيو موجة احتجاجات مشوبة بالعنف في بعض حالاتها.
اندلعت التوترات على إثر قيام ضباط وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) بشن حملة مداهمة في أماكن مختلفة من المدينة، اعتقلوا خلالها 44 شخصا بتهمة ارتكاب مخالفات لقوانين الهجرة، الأمر الذي أشعل موجة احتجاجات واسعة في المدينة، سرعان ما تطورت إلى اشتباكات بين ضباط الأمن والمتظاهرين، تحولت فيما بعد إلى أعمال عنف استخدمت خلالها الشرطة قنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود المحتجين الذين حملوا لافتات مكتوب عليها 'أخرجوا إدارة الهجرة والجمارك من مجتمعاتنا'.
وبحلول السبت، السابع من يونيو وقّع ترامب مذكرة رئاسية أمر فيها بنشر ألفي عنصر من وحدات الحرس الوطني الأميركي بالمدينة على خلفية الاحتجاجات وذلك بالرغم من معارضة حاكم الولاية لهذا القرار، وهو إجراء نادر الحدوث إلا في حالات الاضطرابات القصوى. وبالفعل انتشرت قوات الحرس الوطني بمواقع مختلفة وسط مدينة لوس أنجلوس الأحد، الثامن من يونيو/حزيران.
هذا القرار أثار العديد من التساؤلات في الداخل الأميركي حول التوازن بين سلطة الرئيس وصلاحيات حكام الولايات، كما أطلق العديد من المخاوف والتحذيرات بشأن إمكانية استغلال الإدارة الاحتجاجات لأجل تفعيل قانون التمرد لعام 1807، والذي يسمح للرئيس الأميركي بنشر قوات الجيش في المدن الكبرى لإحلال النظام وكبح التمرد والعنف والاضطرابات الكبرى، وهو إجراء لربما ينذر بتطورات قادمة أكثر خطورة.
إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن أرواح مواطنيها وممتلكاتهم، سأقوم بنشر الجيش الأميركي لحل المشكلة.
في يونيو عام 2020، خلال فترة ولايته الأولى، هدد دونالد ترامب بإرسال الجيش الأميركي إلى الشوارع إذا لم يستطع حكام الولايات السيطرة على مدنهم. جاء ذلك ردا على استمرار المظاهرات في أنحاء الولايات المتحدة في أعقاب مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض من ولاية مينيسوتا، وهو الحدث الذي اندلعت على إثره موجة احتجاجات عنيفة قادتها حركة 'حياة السود مهمة' للمطالبة بالعدالة العرقية.
غير أنه، وبخلاف ما يوحي تهديد ترامب 'المطلق' و'المفتوح'، فإن هناك قيودا تحكم انتشار الجيش الأميركي في شوارع البلدان لقمع الاحتجاجات المدنية.
وبموجب القوانين الأميركية، لا يسمح للجيش بالانتشار في المدن أو المشاركة في عمليات إنفاذ القانون المحلية من دون إذن حكام الولايات، وذلك باستثناء الحالات التي نص عليها قانون صدر في القرن الـ19، يعرف باسم 'قانون التمرد لعام 1807″، وجرى توقيعه من قبل الرئيس الأميركي الثالث توماس جيفرسون، وهو واحد من 'الآباء المؤسسين' للولايات المتحدة.
ويسمح هذا القانون للرئيس الأميركي بالتدخل من دون إذن حكام الولايات، وإنزال قوات عسكرية إلى الشوارع بهدف قمع الاضطرابات الداخلية وحالات التمرد في حالات الطوارئ القصوى وعندما تكون حياة المواطنين مهددة، ولا يمكن في الحالات العادية اللجوء لتفعيل هذا القانون إلا بناء على طلب من الجهاز التشريعي للولاية يمنح الجيش الفدرالي تفويضا بقمع التمرد.
وحتى لا يسيء الرئيس الأميركي استخدام تلك السلطة الممنوحة إليه، جرى إصدار قانون 'بوسي كوميتاتوس' لعام 1878، والذي يقيد اللجوء للتدخل العسكري في شؤون الولايات والحكومات المحلية، ويفصل بين مهام القوات العسكرية وأجهزة الشرطة.
ومع ذلك، ظل قانون التمرد ساريا في حالات الاضطرابات واسعة النطاق، وبالتالي يمكن لكلا القانونين أن يعلق أحدهما الآخر وفقا للظروف وما تقتضيه الحاجة، وهو ما يمنح الرئيس الأميركي القدرة على نشر الجيش في المدن، إذا قدر أن هناك عصيانا واسع النطاق أو أعمال تمرد خارجة عن السيطرة.
وعلى مدار أكثر من قرنين، جرى تفعيل 'قانون التمرد' في عدة مناسبات لفض أعمال الشغب واستعادة النظام على فترات متباعدة من التاريخ. كانت المرة الأولى وقت إصدار القانون مطلع القرن الـ19، حيث استخدم في قمع مقاومة السكان الأصليين، كما جرى استخدام القانون لاحقا إبان الحرب الأهلية الأميركية، مما منح الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن صلاحيات لإرسال القوات الفدرالية للولايات الجنوبية الانفصالية.
استُخدم 'قانون التمرد' كذلك طوال فترة الخمسينيات والستينيات، والتي شهدت حراكا كبيرا لحركات المطالبة بالحقوق المدنية للسود، بعض هذه الحالات جاء رغم معارضة حكام الولايات أنفسهم، ولكن بانتهاء حقبة الستينيات وصدور قانون الحقوق المدنية الذي ألغى التمييز القانوني ضد السود عام 1964، أصبح قانون التمرد من التدابير الاستثنائية نادرة التفعيل.
وقد فُعل آخر مرة عام 1992 (قبل حوالي 33 عاما)، عندما لجأ حاكم ولاية كاليفورنيا (الجمهوري) بيت ويلسون إلى استدعاء التدخل الفدرالي، وذلك بعدما فشلت عملية احتواء أعمال الشغب التي اندلعت -للمفارقة- بمدينة لوس أنجلوس على إثر تبرئة الشرطي الأبيض المتهم في حادثة مقتل الشاب الأسود رودني كينغ، والذي قتل نتيجة التعذيب والضرب الوحشي في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب.
هل تفعّل احتجاجات لوس أنجلوس 'قانون التمرد' مجددا؟
الجواب على السؤال أعلاه هو أن ترامب ومسؤولي إدارته يلوحون بذلك بالفعل. حيث قام الرئيس دونالد ترامب بإصدار أوامره بنشر ألفين من قوات الحرس الوطني في المدينة، في حين ذهب وزير دفاعه، بيت هيغسيث، أبعد من ذلك ملوحا بأنه في حال استمرت أعمال العنف والاحتجاجات، فهناك 500 عنصر من قوات المشاة البحرية الأميركية (المارينز) على أهبة الاستعداد للانتقال إلى مدينة لوس أنجلوس في أي لحظة، وهو ما يجعل مسألة تفعيل قانون التمرد مطروحة بقوة على الطاولة.
وشبه هيغسيث احتجاجات لوس أنجلوس في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي 'إكس'، بأنها 'غزو أجنبي تسهله عصابات إجرامية ومنظمات إرهاب دولية'، مما يشكل خطرا كبيرا على الأمن القومي الأميركي بحسب تعبيره، وهي التصريحات التي برر فيها مسألة نشر قوات الحرس الوطني دون الرجوع لحاكم الولاية، قائلا إن هجمات 'المتمردين والغوغاء' على رجال تنفيذ القانون الفدراليون، تعيق الإدارة الأميركية عن تنفيذ مهام عملها لدفع 'المجرمين' من المهاجرين 'غير النظاميين' خارج البلاد.
ويصور مسؤولو إدارة ترامب الأحداث إذن باعتبارها هجوما عنيفا على مسؤولي الهجرة الفدراليين، بحسب صحيفة بوليتيكو. وقد اتهم ترامب نفسه جموع المتظاهرين في مدينة لوس أنجلوس بأنهم 'عصابات عنيفة متمردة' تسعى إلى نشر الفوضى وتعرقل قوات الأمن عن أداء مهامها لترحيل المهاجرين غير النظاميين وإنفاذ القانون.
وسار على نفس النغمة ستيفن ميلر، نائب كبير طاقم الموظفين بالبيت الأبيض للسياسات والمرشح الأبرز لتولي منصب مستشار الأمن القومي، والذي نشر مقطعا مصورا على صفحته الرسمية بمنصة إكس، يعرض مشهدا مقتطعا من احتجاجات مدينة لوس أنجلوس، واصفا إياه بـ'التمرد العنيف'.
ولم يختلف موقف جيه دي فانس نائب الرئيس كثيرا حيث وصف المحتجين بـ'المتمردين الأجانب'، قائلا إنهم يرفعون أعلاما أجنبية ويعتدون على سلطات تنفيذ القانون، وكأن مدينة لوس أنجلوس -بحسبه- تعرضت لغزو أجنبي من قبل المهاجرين. وفيما يبدو، استغل مسؤولو الإدارة الصورة التي التقطت لمتظاهرٍ ملثم يركب دراجة نارية ويلوح بالعلم المكسيكي، وعملوا على نشرها على نطاق واسع من أجل إظهار المحتجين على قرارات الترحيل بمظهر مثيري الشغب الذين يفتقدون إلى الولاء للولايات المتحدة، ويواجهون ضباط تنفيذ القانون ملوحين بأعلام أجنبية.
وعلى الوتر ذاته، عزف المؤرخ والصحفي الأميركي الشهير فيكتور دافيس هانسون، المعروف بتأييده لترامب، منتقدا الأصوات الديمقراطية المدافعة عن حقوق المهاجرين غير النظاميين، قائلا في مقال رأي نشرته صحيفة 'نيويورك بوست'، إن الديمقراطيين 'ينبرون للدفاع عن أي شخص تنوي إدارة الهجرة والجمارك الأميركية ترحيله من دون التدقيق في سجله الإجرامي'. وزعم هانسون أن هناك قرابة 500 ألف من المهاجرين غير النظاميين لديهم سجلات إجرامية، شبههم بـ'ألغام أرضية على وشك الانفجار'.
وأكثر من ذلك، أرجع هانسون الأحداث التي تشهدها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة إلى إرث سياسة الحدود المفتوحة التي انتهجتها إدارة الرئيس جو بايدن السابقة، واستند في انتقاداته إلى تقديرات تشير إلى دخول ما بين 10 إلى 12 مليون مهاجر غير نظامي في عهد بايدن، بالإضافة إلى أعداد المهاجرين غير النظاميين الموجودين سلفا في الولايات المتحدة والتي تتراوح بين 12 إلى 20 مليون مهاجر، مؤكدا على أن هذه السياسات ستعمل على زعزعة استقرار الولايات المتحدة لأجيال قادمة، وقد علق على ذلك قائلا: 'يتعين على إدارة دونالد ترامب ترحيل قرابة 8 آلاف مهاجر يوميا طوال فترة رئاسته المستمرة 4 سنوات، وذلك من أجل عكس النتائج الكارثية التي أحدثتها إدارة بايدن أثناء الولاية الرئاسية السابقة'.
بيد أن استخدام الإدارة الأميركية لحجة الهجرة لتبرير التعامل الأمني واسع النطاق، الذي يرقى من وجهة نظر الكثيرين إلى وصف 'القمع' يثير الكثير من الخلاف ووجهات النظر المتباينة.
فبحسب العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة ييل والمستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية، هارولد هونغيو كوه، فإن الحقائق الميدانية لما يجري في مدينة لوس أنجلوس على الأرض، تكشف أن مزاعم دونالد ترامب بشأن وجود اضطرابات واسعة النطاق ما هي إلا 'ّمحاولة للبحث عن ذريعة للتدخل'.
ويؤكد أستاذ الحقوق في تصريحاته لصحيفة 'لوس أنجلوس تايمز'، أن الأحداث السياسية الأميركية لا تكاد تنفصل عن بعضها البعض، فبدءا من أزمة التعريفات الجمركية، ووصولا إلى أزمة جامعة هارفارد حيث ألغى الرئيس الأميركي صلاحيات الجامعة بتسجيل الطلاب الدوليين كأجراءٍ عقابي، كل تلك المؤشرات توضح 'رغبة الرئيس الأميركي في تأكيد مزاعم تهديدات الأمن القومي وحالة الطوارئ، مما يمنحه القدرة على تفعيل صلاحيات استثنائية نادرا ما يتم اللجوء إليها، وتبني قراءات موسعة للغاية لقوانين جرى سنها لأغراض أخرى محدودة، ومحاولة استخدامها لاختراق الأماكن التي يواجه فيها مقاومة'.
ما مدى قانونية نشر قوات الحرس الوطني رغما عن حاكم الولاية؟
كان من ضمن الأمور التي أثارت قلق ومخاوف المسؤولين الديمقراطيين (ومعارضي ترامب في العموم) ودفعتهم للتحذير من إجراءات الإدارة، مسألة نشر الإدارة الأميركية لقوات الحرس الوطني من دون استشارة حاكم الولاية.
وعن ذلك يقول بيتر كاستور، أستاذ التاريخ والدراسات الثقافية الأميركية في جامعة واشنطن بسانت لويس، إن مثل هذه التدابير الاستثنائية تطرح سؤالا ملحا حول الصلاحيات التي استخدمها الرئيس الأميركي لمواجهة احتجاجات لوس أنجلوس، ومدى قانونية استدعاء ترامب لقوات الحرس الوطني بهذه الطريقة، على الرغم من أن السلطات المحلية أعلنت أكثر من مرة عن قدرتها على احتواء الوضع من دون تدخل.
وفي تحليله للموقف، قارن مايكل ويلنر رئيس مكتب واشنطن لصحيفة 'لوس أنجلوس تايمز'، بين موقف دونالد ترامب في مواجهة احتجاجات حركة 'حياة السود مهمة' للمطالبة بالعدالة العرقية عام 2020، والتي انتشرت في كل أنحاء الولايات الأميركية تقريبا وبين موقفه الحالي من احتجاجات لوس أنجلوس المناهضة لسياسات ترحيل المهاجرين غير النظاميين، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي في ولايته الأولى كان أكثر هدوءا وقدرة على ضبط النفس، وهو ما يدلل عليه تراجعه آنذاك عن تنفيذ تهديداته بتفعيل قانون التمرد لعام 1807، والذي يمنحه تفويضا بنشر الجيش في المدن الأميركية الكبرى.
وعلى النقيض، لم يتطلب الأمر هذه المرة من ترامب، الذي وصفه الكاتب بأنه بات أكثر عنفا في استخدم صلاحياته التنفيذية من أي وقت مضى، أكثر من 24 ساعة ليصدر قرارا تاريخيا بنشر قوات الحرس الوطني متجاهلا معارضة حاكم الولاية غافن نيوسوم، والذي وصفه الكاتب بأنه 'إجراء تعسفي' لم تشهده الولايات المتحدة سوى إبان فترة اضطرابات الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي.
وعلقت صحيفة 'بوليتيكو' على الأمر ذاته قائلة إن نشر قوات الحرس الوطني ضد رغبة حاكم الولاية أمر غير مألوف، ولم يحدث منذ مارس/آذار عام 1965، وذلك عندما تجاوز الرئيس الأميركي ليندون جونسون، حاكم ولاية ألاباما جورج والاس، ونشر القوات الفدرالية لأجل حماية مسيرات الحقوق المدنية، خشية تقاعس السلطات المحلية حينذاك عن حماية الاحتجاجات السلمية بنفسها.
رغم ذلك، دافع مسؤولون بارزون في إدارة ترامب عن هذا الإجراء، أبرزهم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، التي اتهمت حاكم ولاية كاليفورنيا بأنه السبب الرئيسي وراء تفاقم الوضع، بعدما اتخذ مجموعة من القرارات الخاطئة والتي أجبرت -بحسبها- الرئيس الأميركي على التدخل لحماية المجتمع قبل أن يزداد الوضع سوءا.
وكان موقف توم هومان، الملقب بـ 'قيصر الحدود' والمسؤول عن ملف الهجرة والجمارك في إدارة ترامب، أكثر راديكالية حيث دعا لتقديم حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم وعمدة لوس أنجلوس كارين باس إلى المحاكمة بدعوى سوء الإدارة والتقاعس عن أداء مهام عملهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء الاحتجاجات وأعمال العنف، وهو ما وافقه فيه الرأي كاش باتيل، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) في إدارة ترامب.
وتتماشى هذه المواقف مع الانتقادات التي وجهها ترامب نفسه لنيوسوم وباس واصفا إدارتهما في منشور كتبه على موقع التواصل الاجتماعي 'تروث سوشيال' بأنها غير كفؤة للتعامل مع الأزمات.
ماذا بعد التفعيل المحتمل لـ'قانون التمرد'؟
يطرح التصعيد المتسارع في الأحداث الأخيرة عدة تساؤلات حول نوايا إدارة ترامب في تعاملها مع المتظاهرين، إذ تجاوزت الإدارة عدة مراحل في تسلسل الخيارات المعمول بها للرد في مثل هذه الحالات. ويشير مايكل ويلنر من لوس أنجلوس تايمز إلى قلق المسؤولين المحليين من أن يفاقم رد الفعل 'العنيف' لإدارة ترامب من حدة الاشتباكات والاضطرابات التي بدأت ببضع مئات من الأشخاص، ويمكن أن تنتهي بتحدٍ أكبر لقوات إنفاذ القانون، مما يهدد استقرار المدينة.
وكان المثير للانتباه حقا، أن إدارة دونالد ترامب ألمحت في أبريل/نيسان الماضي إلى احتمالية تفعيل قانون التمرد لعام 1807، من أجل إحكام السيطرة الأميركية الكاملة على الحدود الجنوبية للبلاد للحد من الهجرة غير النظامية، وهو الشعار الذي عُدَّ أحد الركائز الرئيسية في حملة ترامب الانتخابية.
وقتها، أعلنت الإدارة بالفعل حالة الطوارئ على الحدود، كما منح الرئيس ترامب مهلة 90 يوما لوزير الدفاع بيت هيغسيث ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، لتحديد ما إذا كان الوضع يستدعي التدخل وتفعيل قانون التمرد أم لا.
وعادة ما تثير مسألة تفعيل قانون التمرد لعام 1807، قلق المسؤولين والخبراء المختصين بالقانون الدستوري، لا سيما بشأن الطريقة التي سيتعاطى بها الجيش مع المدنيين في حالة الاضطرابات القصوى، فقد أفادت كبيرة مديري برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان بجامعة نيويورك، إليزابيث غوتين، أن استخدام قانون التمرد بالرغم من أنه يعد 'إجراء تعسفيا وصادما للمجتمع الأميركي' لكنه أمر غير مستبعد لا سيما مع لجوء إدارة الرئيس الأميركي إلى 'استخدام قوانين غريبة وغير مستساغة تهدف لخدمة سياساتها'، وأبرز مثال على ذلك، تفعيل قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، والذي استدعاه الرئيس الأميركي لاعتقال من تصفهم الإدارة الأميركية الحالية بـ 'رجال العصابات الفنزويليين'، وذلك قبل أسابيع من طرح مسألة تفعيل قانون التمرد.
كما أشارت روزا بروكس، أستاذة القانون بجامعة جورج تاون المتخصصة في دراسة العلاقات المدنية العسكرية، إلى أن استخدام قوات الجيش الأميركي لقمع الاحتجاجات السلمية في المدن، يعد أمرا مقلقا للغاية وقد يتخذ منحى خطيرا من شأنه أن يشعل التوترات ويضعف الروابط بين الجيش والمجتمع المدني، قائلة إن هذا الأمر قد يؤثر سلبا على القوات العسكرية مستقبلا.
على نطاق أوسع، تحول الوضع في أعقاب الاحتجاجات بمدينة لوس أنجلوس إلى مواجهة مباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين، فقد نشر الصحفي الأميركي المتخصص في الشؤون السياسية داستن غاردينر مقالا في صحيفة 'بوليتيكو'، ألمح فيه إلى أن موازين اللعبة قد تغيرت في ولاية كاليفورنيا التي تعد أحد معاقل الديمقراطيين، الذين تجنبوا طوال الأشهر الفائتة مناقشة سياسات الهجرة وملف المهاجرين غير النظاميين، وذلك نظرا للدور الذي لعبه الملف الشائك في فوز دونالد ترامب بالمعركة الانتخابية لعام 2024، ولهذا السبب انغمسوا في قضايا فرعية، وذلك حتى أتت اشتباكات لوس أنجلوس وأعادت ملف الهجرة إلى الواجهة.
وفي أعقاب تنصيبه رئيسا في يناير/كانون الثاني الماضي، أمر ترامب بتأسيس منشأة في خليج غوانتانامو بإمكانها استيعاب قرابة 30 ألف شخص لاحتجاز 'المهاجرين غير النظاميين'.
وفي الأشهر القليلة الماضية، اتخذت إدارة ترامب مجموعة من الإجراءات الصارمة فيما يتعلق بسياسات الهجرة، شملت ترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين، وإلغاء برنامج 'التنوع والمساواة والشمول' الذي أطلقته إدارة الرئيس السابق جو بايدن، ويهدف لتحقيق التنوع والمساواة (العرقية والجنسية) في المؤسسات والهيئات الحكومية، كما ألغى ترامب تطبيق الجوال 'سي بي بي ون' (CBP One) والذي كان يستخدم في تسهيل تقديم طلبات اللجوء، حيث تعرض التطبيق التابع لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية للعديد من الانتقادات من قبل الجمهوريين بدعوى أنه يسهل عمليات الهجرة غير النظامية من دون التدقيق في طلبات اللجوء.
ويقول غاردينر إن الديمقراطيين قللوا من شأن سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة في الأشهر الأولى من ولايته الثانية، إلا أن 'التعامل القاسي' مع المهاجرين في الآونة الأخيرة، دفعهم هم الآخرين للتصعيد، وهو ما يعد بالنسبة إلى الحزب ككل تحولا ملحوظا عن الموقف الذي أعقب فوز ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. حيث عارض المسؤولون الديمقراطيون البارزون الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب لقمع الاحتجاجات باعتبارها تدابير استفزازية ستعمل على زيادة الاحتقان الشعبي وتضع المحتجين في مدينة لوس أنجلوس في مواجهة مباشرة مع قوات الحرس الوطني.
على سبيل المثال، وصف سكوت بيترز النائب الديمقراطي بمدينة سان دييغو إحدى مدن ولاية كاليفورنيا، طريقة تعامل إدارة الهجرة والجمارك الأميركية مع العمال المهاجرين في مدينته، بأنها اتسمت بـ'العنف والقسوة البالغة'، وشرح كيف هاجم 20 عنصرا ملثما مطعما إيطاليا راقيا، وقيدوا العمال بالأصفاد وسط ذهول الحاضرين، وألقوا القبض على 4 مهاجرين غير نظاميين، في حين ألقوا قنابل الصوت لتفريق الحشود التي اجتمعت في الخارج للاحتجاج.
في غضون ذلك، وصف حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، قرار الحكومة الأميركية نشر ألفي عنصر من الحرس الوطني في لوس أنجلوس بالخطوة 'التحريضية والاستعراضية'، قائلا في بيان عام صدر الأحد، الثامن من يونيو/حزيران عن مكتب حاكم الولاية: 'حاكم الولاية هو القائد الأعلى للحرس الوطني في ولايته'، معتبرا قيام الرئيس دونالد ترامب بنشر قوات الحرس الوطني من دون استشارة أو موافقة حاكم الولاية 'إساءة استخدام للسلطة'.
ورأى نيوسوم أن هذا التطور السريع للأحداث ينذر بتصعيد خطير، وتتفق معه كارين باس، عمدة مدينة لوس أنجلوس، قائلة إن نشر قوات الحرس الوطني لن يجعل المدينة أكثر أمانا، كما أكدت النائبة عن كاليفورنيا نانيت باراغان في تصريح لشبكة 'سي إن إن' الإخبارية، على أن تدخل الرئيس ترامب لن يعمل إلا على تفاقم حدة التوترات، لا سيما في ظل الغضب الشعبي المتنامي من التطبيق الصارم للقوانين المناهضة للهجرة.
وفي خطوة تصعيدية هدد نيوسوم مؤخرا بحجب مدفوعات ضرائب الولاية، التي تتجاوز 80 مليار دولار، عن الحكومة الفدرالية، في حال استمرت الأوضاع، الأمر الذي اعتبره وزير الخزانة الأميركية بمنزلة 'جريمة تهرب ضريبي'. وتنذر هذه التفاعلات والتفاعلات المضادة بتصعيد خطير في الموقف الميداني خلال الأيام والأسابيع القادمة ما لم يجد ترامب ومسؤولو إدارته صيغة لاحتواء التصعيد الميداني، الذي ينذر بالتحول إلى تصعيد سياسي أوسع بين الحكومة الفدرالية وولاية كاليفورنيا (وربما سائر الولايات الديمقراطية) وبين الديمقراطيين والجمهوريين بشكل عام.
وكالات

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة ماسبيرو
منذ 32 دقائق
- بوابة ماسبيرو
ترامب يؤكد أنه ملتزم التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس أنه لا يزال "ملتزما التوصل إلى حل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية"، وذلك بعيد تحذيره من خطر توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للجمهورية الإسلامية. وكتب ترامب -في منشور على منصته "تروث سوشل" للتواصل الاجتماعي- "ما زلنا ملتزمين التوصل إلى حل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية! لقد صدرت توجيهات لإدارتي بأكملها بالتفاوض مع إيران"، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية "بإمكانها أن تصبح دولة عظيمة، لكن عليها أولا أن تتخلى تماما عن آمالها بامتلاك سلاح نووي".

مصرس
منذ 41 دقائق
- مصرس
وزير الدفاع الاسترالي: واثقون في إتمام صفقة الغواصات النووية الأمريكية
أعربت استراليا عن ثقتها الكبيرة بمستقبل اتفاقية "اوكوس " الأمريكية التي تنص على تزويد قواتها البحرية بأسطول من الغواصات تعمل بالطاقة النووية، وذلك رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت قد وضعت الاتفاقية قيد المراجعة. وتم توقيع اتفاقية "أوكوس" AUKUS عام 2021 بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بهدف تسليح أستراليا بأسطول من الغواصات النووية المتطورة من الولايات المتحدة، وتنص على التعاون في تطوير مجموعة من تقنيات الحرب.وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأسترالية اليوم الخميس أن إدارة ترامب أبلغت أستراليا والمملكة المتحدة بأنها تراجع مشروع "أوكوس".وأكد وزير الدفاع ريتشارد مارليس لهيئة الإذاعة الأسترالية، ثقته التامة من أن بلاده ستحصل على الغواصات الأمريكية ، مشيرا إلى أن المراجعة التي أعلنت واشنطن عنها ليست مفاجئة.وقال " كنا على دراية بهذا الأمر منذ فترة ونرحب به، فهو أمر طبيعي تمامًا تقوم به أي إدارة جديدة.وتخطط أستراليا لشراء ثلاث غواصات على الأقل من فئة فرجينيا من الولايات المتحدة خلال 15 عامًا، وستقوم في نهاية المطاف بتصنيع غواصاتها الخاصة.وتمتلك البحرية الأمريكية 24 سفينة من فئة فرجينيا، قادرة على حمل صواريخ كروز، لكن أحواض بناء السفن الأمريكية تسعى جاهدة لتحقيق أهداف الإنتاج المحددة بغواصتين جديدتين كل عام.. ويتساءل النقاد عن ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تزويد استراليا بغواصات دون الإخلال بأولوياتها العسكرية .ووفقا لتقديرات الحكومة فإن تكلفة البرنامج قد تصل إلى 235 مليار دولار أمريكي خلال العقود الثلاثة القادمة، وهو ثمن ساهم في انتقاد الاستراتيجية.وقال رئيس الوزراء المحافظ السابق مالكولم تورنبول إنه ينبغي على أستراليا إجراء مراجعتها الخاصة لاتفاقية "أوكوس"، مشيرًا إلى أن بريطانيا، والآن الولايات المتحدة، قررتا إعادة النظر في الاتفاقية.من جانبه، قال إيوان جراهام، كبير المحللين في المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، إن أي مراجعة أمريكية لاتفاقية أوكوس تنطوي على مخاطر، لا سيما أنها مبادرة تعود لعهد بايدن.. لكنها "في جوهرها صفقة جيدة للولايات المتحدة"،وقال جراهام "لا أعتقد أنه من الواقعي لأستراليا، وهي منخرطة في الأمر إلى هذا الحد، أن يكون لديها أي احتمال للانسحاب من اتفاقية أوكوس".اقرأ أيضا: ديفينس نيوز: البنتاجون قد يثير قلق أستراليا وبريطانيا بمراجعة اتفاقية أوكوس


بوابة الأهرام
منذ 41 دقائق
- بوابة الأهرام
ترامب والسلطوية المهيمنة
فى بداية 2025 أعلن نائب الرئيس الأمريكى دى فانس أن الخطر بالنسبة لأوروبا يأتى من الداخل... ولكن يرى المراقبون أن الخطر فى الواقع يأتى من الخارج ومن الولايات المتحدة نفسها التى تريد الإنفصال عن أقدم حليف وتهاجم كل تحركاته وأفعاله بما فيها مساندة أوكرانيا فى مواجهة أعز صديق لترامب فلاديمير بوتين.. إن المساس بأوروبا ليس هينا أو بسيطا بالنسبة للولايات المتحدة، كما أن القارة العجوز لاتستطيع أن تتخلى عن أمريكا أيضا، فالقضية تتعلق بصداقة قديمة وذات حميمية تاريخية، ولا شك أن هناك علاقة فريدة من نوعها ومتبادلة تربط أمريكا بأوروبا... إن الجنود الفرنسيين جاءوا لمحاربة البريطانيين بهدف مساندة الحرية الأمريكية، كما أن جزءا من أوروبا الذى تعرض للعنف وجد فى الولايات المتحدة ملجأ آمنا… إن العسكريين الأمريكيين أسرعوا لنجدة أوروبا فى الحربين العالميتين الأولى والثانية. وعقب 1945 شكلت أوروبا والولايات المتحدة جبهة موحدة ضد روسيا الستالينية، قبل أن تتخلى عن الشيوعية، المؤيدون لترامب يريدون الآن معالجة «المريض الأوروبي» وتدافع الآن الحكومة الأمريكية عن «تحالف حضارى» يضم أحزاب اليمين المتطرف الذى يقاسمها القيم المسيحية الجوهرية. يفيد تحليل مجلة «القارة الكبيرة» والذى يتناول حجج اليمين الدينى الذى يحكم واشنطن ويطالب بـ«تغيير الأنظمة السياسية بأوروبا» مثل التجمع الوطنى بفرنسا وأمثاله من الأحزاب اليمينية فى ألمانيا وبولندا وإنجلترا والمجر أن قياداتها التى تؤمن بالسلطة المطلقة تؤكد ان أوروبا تهدد حرية التعبير بإقامة إجراءات خاصة بالمضامين الرقمية وتتهم أوروبا بأنها تخنق الديمقراطية من خلال أمثلة مضادة مثل الاستفتاءات التى ينظمها الروس فى أوكرانيا فى حين أنهم خبراء ومرجع مهم على مستوى التلاعب الانتخابي... إن اليمين المسيحى وفقا للمراقبين أصبح منذ عصر ريجان ركيزة ومدافعا غير مشروط للحزب الجمهوري.. إن المجتمع الأكثر مادية وفردية على وجه الأرض يمتلكه اليمين المسيحى بمعالجته لمنع الإجهاض ــ حتى فى حالة الاغتصاب ــ ورفض الزواج للجميع ومنع وسائل منع الحمل. ويرى هذا المجتمع ان الله قد خلق الكرة الأرضية وكل الأصناف والفصائل والأنواع مرة واحدة. هذه الأيديولوجية وفقا لعلماء الاجتماع تتجاهل داروين مؤسس التطور العلمى وتقاوم الاستنارة والتقدم. ويؤكد المراقبون أن المؤسسة الأمريكية القومية للعلوم التى أنشئت 1950 والتى لعبت دورا رياديا فى الابتكارات العالمية ويعمل بها 1500 عالم مهددة بسبب إجراءات تخفيض الميزانية الأمريكية. إن الترامبية المنبهرة بالائتلافات السياسية ـ الدينية التى تخلط بين القومية ـ الشعبوية والسلطوية تنوى تحييد جميع السلطات التى صنعت قوة الدستور الأمريكي. ويرى المحللون أن ترامب يهاجم القضاة ويتلاعب باستقلال القضاء.. وبعد أن شلت المحاكم قراراته حول رسوم الجمارك وترحيل الطلبة الأجانب اتهم الرئيس الأمريكى القضاة بأنهم يساريون..إن ترامب عندما يستعرض توقيعه اليومى لقراراته الرئاسية على الملء فهو ينتهج أسلوب الديكتاتور الذى يتمتع بسلطة مطلقة.. انه يتصور انه «أبو الأمة» وانه منتخب لمدى الحياة وانه لن يساءل أبدا. ويتصور أنه يملك تصريحا قانونيا مطلقا على الزمن وعلى المؤسسات وعلى القانون وعلى دولة القانون. وبالنسبة لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن ضد قرار وقف إطلاق النار فى غزة وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر فلقد أثار استنكارا لدى بقية أعضاء مجلس الأمن لأنه يعطى صلاحيات لإسرائيل ومجرم الحرب نيتانياهو باستمرار الإبادة الجماعية بغزة ويجسد انحياز إدارة ترامب لإسرائيل ويدعم جرائمها ضد الإنسانية وهو وصمة عار فى ضمير مجلس الأمن، ولابد من ممارسة جهود دبلوماسية ضاغطة لإصلاح النظام الدولى وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن تزامنا مع تعديل ميثاق الأمم المتحدة التى أصبحت غير جديرة بثقة المجتمع الدولى من أجل الحفاظ على الأمن الدولى وإقرار العدالة وردع الهولوكوست الغزاوى وإبادة الشعب الفلسطينى الذى يتحمل مالم يتحمله أى شعب عبر تاريخ الإنسانية.