logo
العلاقات السورية-العراقية.. منافع بمليارات الدولارات لكن الأمن أولاً

العلاقات السورية-العراقية.. منافع بمليارات الدولارات لكن الأمن أولاً

المدن٠٧-٠٥-٢٠٢٥

مع تأكيد أولوية الملف الأمني، تظهر الخطوات التي يتخذها العراق، توجهاً نحو علاقات أكثر انفتاحاً اتجاه السلطات السورية الجديدة، ورغبة في إعادة التعاون التجاري والروابط الاقتصادية المعلقة بين البلدين منذ سقوط نظام الأسد، ما يمنح دمشق متنفساً اقتصادياً جديداً لتوريد السلع الحيوية، ونافذة هامة على أسواق المنطقة.
وحملت زيارة حامد الشطري رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، الثانية إلى دمشق، على رأس وفد يضم مسؤولين عن قيادة قوات الحدود ووزرات الداخلية والنفط والتجارة، وهيئة المنافذ الحدودية، دلالات على تحرك دمشق وبغداد لطي مرحلة الشكوك والحذر التي سادت طيلة الأشهر الأربعة الماضية، دون إغفال التوافق على تعزيز التدابير الأمنية وتبادل المعلومات لتأمين الحدود.
الأمن لتحريك الاقتصاد
ولا يمكن الحديث عن تطوير العلاقات الاقتصادية دون تعزيز الأمن، لا سيما في المناطق الحدودية، بحسب الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر، الذي يعتبر أن تأمين الشريط الحدودي "خطوة من شأنها تعجيل افتتاح معبر التنف - الوليد الحدودي، وغيرهاً من المنافذ البرية، التي تنعكس على عودة نشاط الحركة التجارية".
ويقول السيد عمر لـ"المدن"، إن "معالجة التحديات الأمنية، وتحقيق الأمن بشكل تام، يسهم بتطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل كبير، حيث يتوقع زيادة الصادرات السورية إلى العراق، خصوصاً المواد الغذائية والخضروات، وبالنسبة للعراق، فهو مهتم بالاستفادة من الأراضي السورية، باعتبارها ممراً تجارياً مختصراً إلى الموانئ السورية ومنها إلى أوروبا، وأقرب من الطريق التجاري البري مع تركيا".
ويتوقع أن تنعكس عودة العلاقات التجارية على القطاع الزراعي السوري بشكل رئيسي، من خلال توفير أسواق قريبة لتصريف المنتجات مثل الخضروات والفواكه والصناعات الزراعية، إضافة إلى توفير حوامل الطاقة، لا سيما المشتقات النفطية، لتكون حلاً لأزمة نقص المحروقات التي تواجه عمل القطاع الإنتاجي السوري.
ويعدّ العراق شريكاً اقتصادياً وتجارياً هاماً بالنسبة إلى سوريا، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين عام 2010، نحو 2 مليار دولار، بينما تجاوز حجم الاستثمارات العراقية في سوريا حاجز الـ15 مليار ليرة، ما يعادل 3 مليار دولار أميركي ذلك الوقت، ما يجعل العراق شريكاً فاعلاً في إنعاش الاقتصاد السوري.
متنفس اقتصادي
ويعتبر الاقتصادي السوري رضوان الدبس، أن عودة العلاقات الاقتصادية بين سوريا والعراق، تعني انفتاح سوريا على سوق اقتصادي من الأكبر في المنطقة، قادر على رفد خزانة الدولة بالعملة الصعبة وفتح الباب أمام المستثمرين العرب في حال استغلاله بالشكل الصحيح.
ويوضح الدبس في حديث لـ"المدن"، أن الاقتصاد السوري والقطاع الصناعي على وجه الخصوص، يمتلك عقوداً واسعة وضخمة مع رؤوس المال والأعمال العراقية، من خلال الشراكات والوكالات الحصرية للكثير من المعامل النسيجية والملابس وفي قطاعات الأدوية ومستحضرات التجميل، وصولاً إلى مواد التنظيف والصناعات البلاستيكية، إلى جانب استثمارات القطاع السياحي، وصولاً لإيجاد سوق تصدير الخضروات والفواكه والصناعات الزراعية والكيماوية العضوية.
ويستدل الدبس في حديثه على واقع التعاون الاقتصادي بين سوريا والعراق قبل عام 2011، حيث سيطرت البضائع والسلع السورية على السوق العراقية بنسبة 80 في المئة، قبل انخفاضها بشكل حاد في السنوات اللاحقة وخسارتها السوق لصالح البضائع التركية والإيرانية.
ويقول إن "السوق العراقية من الأكبر استهلاكاً في المنطقة، وأكثرها رغبة بالسلع والمنتجات السورية، ما يعني وجود أرضية مناسبة لعودة الإنتاج والتصدير، يدفعها رأس المال العراقي المحرك الذي يرتبط بشكل مباشر بانتعاش الاقتصاد السوري، إن كان عبر رأس المال الاستثماري المقدر بأكثر من ملياري دولار شبه مجمدة حالياً، وأيضاً عبر شركات الشحن ونقل البضائع والشركات السياحة التي ترغب بالعودة". ويرى في ذلك، "دفعة كبيرة لقطاعات الصناعة والسياحة والنقل في سوريا والعراق".
بالإضافة إلى الفائدة المباشرة للاقتصاد العراقي، متمثلاً بعودة الانفتاح على أهم أسواق تصريف فائض القمح والتمور والمنتجات الزراعية والمشتقات الحيوانية الطبيعية، التي توردها بغداد إلى دمشق، فضلاً عن تصدير النفط بتكاليف أقل لسوريا التي تعاني أزمة حادة في توافر هذه المواد.
الاهتمام بالمنفعة السريعة
لكن الاهتمام الأبرز حالياً بحسب الدبس، يرتكز على المنافع العاجلة لمواطني البلدين، من خلال عودة حركة السفر البري ونقل البضائع، بما يساهم بتنشيط وتفعيل شركات النقل المتوقفة وانتعاش قطاع الخدمات والخدمات السياحة داخل المناطق والمدن الحدودية، قبل التوسع في التفاهمات والاتفاقيات الاقتصادية.
ويقول إن "إعادة فتح المعابر يحمل معه التفاهم على إنشاء مناطق حرة بين العراق وسوريا، المتوقع أن تكون في مدينة البوكمال من الجانب السوري والقائم على الطرف العراقي، إضافة إلى إمكانية التوسع إلى مناطق أخرى على الحدود، الأمر الذي يعود بالنفع على السكان من الجانبين، بنشاط قطاع المطاعم والعقارات ونقل المسافرين والشحن، وبالتالي توفير وظائف للأهالي ومن خسر عمله بسبب إغلاق الحدود".
هذه الخطوات والزيارات تؤكد أهمية الملف الأمني، وتعزيز التعاون لمحاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وهي أساس معاناة قاطني المنطقة الشرقية في سوريا على وجه الخصوص، ما يجعل الأمن محركاً لتعاون اقتصادي موسع بين العراق وسوريا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد
الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد

المنار

timeمنذ 21 دقائق

  • المنار

الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد

اجرى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شكره خلاله على مبادرته، بالإعلان عن تقديم مبلغ ٢٠ مليون دولار للبنان مساهمة من الدولة العراقية في مسيرة التعافي في لبنان . واعتبر الرئيس عون ان 'هذه المبادرة تضاف إلى مبادرات مماثلة من العراق تؤكد عمق العلاقات اللبنانية – العراقية وعلى ما يجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي من اواصر الأخوّة والتضامن' .

الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد
الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد

المنار

timeمنذ 21 دقائق

  • المنار

الرئيس عون اتصل بالسوداني وشكره على تقديمه 20 مليون دولار للبنان خلال قمة بغداد

اجرى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شكره خلاله على مبادرته، بالإعلان عن تقديم مبلغ ٢٠ مليون دولار للبنان مساهمة من الدولة العراقية في مسيرة التعافي في لبنان . واعتبر الرئيس عون ان 'هذه المبادرة تضاف إلى مبادرات مماثلة من العراق تؤكد عمق العلاقات اللبنانية – العراقية وعلى ما يجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي من اواصر الأخوّة والتضامن' .

"الدستوري" يستجيب لعون ويبطل قانون التعويضات ومحفوظ يستنجد بترامب
"الدستوري" يستجيب لعون ويبطل قانون التعويضات ومحفوظ يستنجد بترامب

المدن

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدن

"الدستوري" يستجيب لعون ويبطل قانون التعويضات ومحفوظ يستنجد بترامب

أبطل المجلس الدستوري قانون تنظيم الهيئة التعليمية (آلية تغذية صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة) وأعلن عدم نفاذه، بقرار حمل الرقم 4، صدر يوم الثلاثاء في 20 أيار. وبعد عرض حيثيات مراجعة رئيس الجمهورية للمجلس الدستوري بالقانون، قرر "المجلس" مجتمعاً "قبول مراجعة رئيس الجمهورية، وإعلان عدم نفاذ القانون المطعون فيه والرامي إلى تعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنة المدرسية حكماً". دستورية نشر القانون وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أرسل مراجعة إلى المجلس الدستوري يعبر فيها عن أن القانون يثير بعض التساؤلات حول دستورية نشره في ظل الشغور في سدة الرئاسة، وأن المادة الأولى منه تخالف مبدأ المساواة، بينما تخالف المادة الثالثة مبدأ الوضوح في التشريع. في قراره، شرح واستفاض المجلس الدستوري في دستورية نشر القانون، مستعيداً كل المراحل التي مرّ فيها، منذ إقراراه في المجلس النيابي في العام 2023، وصولاً إلى حكومة نجيب ميقاتي، وأعلن ابطاله. وجاء أبطال القانون على خلفية الشوائب المتعلقة بآلية النشر حصراً، إذ قال "الدستوري" في القرار إنه ليس هناك من داعٍ لبحث باقي الأسباب التي راجع فيها رئيس الجمهورية. يختصر إقرار هذا القانون كل مأساة الأساتذة المتقاعدين في المدارس الخاصة، التي رفضت القانون منذ إقراره في المجلس النيابي. فهي ترفض التصريح عن مجمل رواتب الأساتذة لدفع محسومات (نسبة 6 بالمئة على الرواتب بالليرة اللبنانية والدولار) لتغذية صندوق التعويضات. ومارست الضغوط على الحكومة السابقة لعدم نشر القانون. ولم تفلح هذه الضغوط مع حكومة القاضي نواف سلام التي نشرت القانون. علماً أنه بعد طلب رئيس الجمهورية مراجعة المجلس الدستوري، عاد المجلس النيابي و المتقاعدون في متاهة جديدة نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ استنكر قرار المجلس الدستوري وقال: "مضحك مبكي ما هو حاصل في البلد. فهناك ثلاثة قوانين أقرت ونشرت بالطريقة عينها. فلماذا يبطل قانون صندوق التعويضات فيما لا تبطل القوانين الأخرى؟" وأضاف محفوظ لـ"المدن" أن المجلس الدستوري أبطل القانون ليس لأن ما جاء فيه مخالف للدستور، بل لأن آلية النشر لم تراع الأصول كما يدعى. كأن جميع مشكلات البلد قد حلت ولم يعد أي مشكلة يمكن الانشغال بها سوى متابعة كيفية نشر هذا القانون. يبحثون في جنس الملائكة، كأن ليس هناك خمسة الاف معلم متقاعد يموتون جوعاً، ومعاشهم التقاعدي بات 15 دولاراً شهرياً". وسأل محفوظ: "لماذا لم يبطل قانون منحة الـ650 مليار ليرة للمدارس الخاصة، الذي صدر بالطريقة نفسها، فيما يبطل قانون تغذية صندوق التعويضات؟" بعد قرار "الدستوري" دخل المتقاعدون في متاهة جديدة. وهم اليوم أمام رأيين: الأول يفيد أن القانون وتعديلاته بات غير قائم، والثاني أن القانون المطعون فيه لا يطال التعديلات التي صدرت بعد مراجعة عون، والدستوري لم يتطرق إلى التعديلات. مصدر في المجلس الدستوري أكد لـ"المدن" أن التعديلات التي أقرها مجلس النواب تبقى قائمة، لأن القرار لم يتطرق إليها، بل اقتصر على مراجعة عون. في المقابل قبول "الدستوري" الطعن وإعلان عدم نفاذ القانون يشمل حكم التعديلات التي طرأت عليه. والسبب هو أن القانون بات بحكم غير الموجود. ولعل عدم نشر رئيس الجمهورية التعديلات التي أقرها المجلس النيابي مرده إلى انتظار قرار "الدستوري". فمنذ نحو أسبوعين أرسلت التعديلات ولم تنشر في الجريدة الرسمية. الكرة بملعب عون وهنا يسأل محفوظ: ما هو البديل أو الحل لعدم نشر القانون؟ هل يترك الأساتذة المتقاعدون ليعيشوا على راتب لا يتجاوز 15 دولاراً بالشهر؟ ويضيف: "قانون السرية المصرفية، الذي كانت غالبية القوى السياسية تعارضه، أقر في مجلس النواب بسحر ساحر، ونشر على الفور في الجريدة الرسمية. فهل علينا أن نتصل بالرئيس ترامب للضغط على المسؤولين كي ينشر القانون؟ من المعيب جداً كيف يتعامل المسؤولون في قضية تعني خمسة آلاف عائلة". الكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية لنشر القانون المعدل، لا سيما أن مراجعته سبقت التعديلات التي أقرها المجلس النيابي. وحتى لو أن بعض التعديلات لم تكن مرضية للمدارس الخاصة لأنه جرى إدخالها خلال جلسة مجلس النواب، وخارج الاتفاق الذي حصل بينها وبين بو صعب. فقد جرى إدخال بند يتعلق بالتدقيق في الموازنة المدرسية من قبل خبير مٌحلف، وذلك بضغط قامت به النائبة حليمة القعقور، وجرى تصحيح خطأ (مقصود) باستبدال كلمة أساتذة واستعيض عنها بجملة "أفراد الهيئة التعليمية"، ليشم جميع المعلمين، وليس فقط من يحمل رتبة أستاذ. وقد أزعج ذلك المدارس الخاصة الرافضة مبدأ التدقيق الخارجي في الموازنات المدرسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store