logo
شهيد في نابلس والاحتلال يواصل عدوانه على جنين

شهيد في نابلس والاحتلال يواصل عدوانه على جنين

الدستور٢٧-٠٢-٢٠٢٥

رام الله - بترا
اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، فلسطينياً خلال اقتحامها مخيم "بلاطة" شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان، بأن قوات الاحتلال اغتالت مواطناً بالرصاص الحي واحتجزت جثمانه خلال اقتحامها لمخيم بلاطة.
وأوضحت الجمعية أن طواقم الإسعاف نقلت شاباً (32 عاماً) أصيب برصاص الاحتلال في منطقة الفخذ، فيما أصيب طفل (14 عاماً) في اليد والبطن، ومسن (68 عاماً) برضوض إثر اعتداء جنود الاحتلال عليه.
من جهة أخرى، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم 38 على التوالي، مخلّفاً 27 شهيداً وعشرات الإصابات، ودماراً واسعاً في البنية التحتية والممتلكات.
وقال محافظ جنين كمال أبو الرب في بيان، إن عدوان الاحتلال المستمر أدى إلى خسائر فادحة تصل إلى 20 مليون شيقل يومياً، خاصة مع استمرار إغلاق حاجز "الجلمة" العسكري.
ولفت أبو الرب، إلى أن إجبار الاحتلال أهالي مخيم جنين على النزوح منه وإخلائه هو تمهيد لبقائه لفترة طويلة داخل المخيم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكابينت يصادق على بناء جدار على الحدود الشرقية بين الأردن وفلسطين المحتلة / تفاصيل
الكابينت يصادق على بناء جدار على الحدود الشرقية بين الأردن وفلسطين المحتلة / تفاصيل

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 4 أيام

  • سواليف احمد الزعبي

الكابينت يصادق على بناء جدار على الحدود الشرقية بين الأردن وفلسطين المحتلة / تفاصيل

#سواليف صادق المجلس الوزاري الأمني المصغر في #حكومة_الاحتلال ( #الكابينت ) على خطة خماسية لسد الثغرات على الحدود بين #فلسطين المحتلة و #الأردن، تشمل إقامة #جدار_أمني، وتعزيز قوات #جيش_الاحتلال، وإنشاء بؤر استيطانية ذات طابع عسكري – زراعي، وذلك بعد أشهر من التحضيرات المكثفة في وزارة الحرب ووزارة الاستيطان وبدعم من وزارة مالية الاحتلال. وبحسب ما أفادت به صحيفة 'إسرائيل اليوم' العبرية، فإن الخطة التي بادر بها الوزراء في حكومة الاحتلال يسرائيل #كاتس، أوريت ستروك وبتسلئيل #سموتريتش، والتي بقيت حتى الآن بعيدة عن الأضواء، تهدف إلى مواجهة تصاعد التهديدات من الحدود الشرقية، بما في ذلك التسلل وتهريب الأسلحة، من خلال دمج النشاط العسكري مع التوسع الاستيطاني كمزيج 'أمني شامل'. تتكون الخطة من مرحلتين: الأولى تنفيذ مشروع تجريبي يُنجز مع نهاية العام الجاري، يتضمن إنشاء نوى 'نحال' عسكرية، معاهد تمهيدية ما قبل الخدمة العسكرية، معاهد دينية، بما في ذلك لليهود الحريديم. صحيفة 'إسرائيل اليوم' أوضحت أن وزيرة الاستيطان أوريت ستروك ستتولى مسؤولية تطوير الشق المدني للخطة، بما يشمل تنسيق توزيع المؤسسات التعليمية والدينية وتأسيس نوى استيطانية لضمان تواصل سكاني واستيطاني على امتداد الحدود، إلى جانب إقامة مزارع زراعية على غرار تلك المنتشرة في الضفة الغربية، إما عبر تراخيص للرعي أو ضمن قرى طلابية. وأشارت 'إسرائيل اليوم' إلى أن الخطة تشمل أيضًا إنشاء معاهد دينية حريدية تمزج بين الدراسة الدينية وحماية الحدود، ضمن نموذج جديد. وفي إطار هذه الخطة الطموحة، التي تهدف إلى سد فجوات عمرها عقود على الحدود الشرقية المفتوحة، سيتم تعزيز المستوطنات القائمة من خلال بناء 'بؤر مؤقتة' لاستيعاب المستوطنين الجدد، الذين سيشاركون أيضًا في وحدات الطوارئ المحلية. وستُمنح عائلات المستوطنين الأراضي والمساكن لفترة انتقالية حتى تثبيت سكن دائم لها في المستوطنات، مع أولوية لعائلات جنود الاحتياط. وفي موازاة ذلك، سيصدر وزير حرب الاحتلال تعليماته للجيش لدراسة إمكانية إعادة إحياء 'مواقع نحال' العسكرية المهجورة. كما علمت 'إسرائيل اليوم' أن من سيقود تنفيذ القرار ويشرف عليه سيكون طاقم وزاري خاص يترأسه رئيس وزراء الاحتلال، ويضم وزير الحرب كنائب للرئيس، إلى جانب وزراء المالية، الاستيطان، شؤون الشتات، الداخلية، الزراعة والأمن الغذائي. ورغم أن القرار لم يتضمن بندًا محددًا بشأن الميزانية، إلا أن صحيفة 'إسرائيل اليوم' كشفت أن وزارة المالية في حكومة الاحتلال كانت قد خصصت في مشروع الميزانية تمويلًا بقيمة 50 مليون شيقل للخطة، وخلال النقاش اليومي ارتفعت الميزانية إلى 80 مليون شيقل ستُحول إلى وزارة الاستيطان. وفي تفاصيل إضافية، أوضحت 'إسرائيل اليوم' أن الخطة تشمل إنشاء مراكز تعليمية ما قبل الخدمة العسكرية على امتداد الجدار الحدودي الجديد، تستوعب مجندي الخدمة الإلزامية الذين حصلوا على تأجيلات من الجيش، بما في ذلك طلاب معاهد تمهيدية. كما ستقوم وزارة الحرب، بحسب ما نقلته 'إسرائيل اليوم'، بتخصيص القوى البشرية لهذه المراكز التعليمية العسكرية بالشراكة مع الجهات ذات الصلة. في المقابل، ستنشئ وزارة الاستيطان مزارع زراعية بمساحة تبلغ نحو 4000 دونم للرعي والزراعة ضمن مناطق المستوطنات والحدود، بالإضافة إلى قرى طلابية مكونة من وحدات سكنية متنقلة. وقال وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس إن 'إقامة الجدار الأمني على الحدود مع الأردن، التي كان قد بادر بها، تُعد خطوة استراتيجية حاسمة ضد محاولات إيران لتحويل الحدود الشرقية إلى جبهة مقاومة جديدة. وأكد وجود علاقة مباشرة بين الحرب على المقاومة في الضفة وبين إقامة الجدار، واصفًا هذا التحرك بأنه سيعزز الأمن القومي والسيطرة الإسرائيلية في غور الأردن، ويضمن السيادة الإسرائيلية على المدى الطويل، ويوجه ضربة لمحاولات إيران التسلل عبر هذه الجبهة'. من جهتها، قالت وزيرة الاستيطان أوريت إن أحد أهم دروس السابع من أكتوبر هو أن الأمن ينبع من الاستيطان، والعكس صحيح، مؤكدة أن إدراك الحاجة لتعزيز الحدود الشرقية يجب أن يترجم عمليًا من خلال تعزيز الاستيطان ديموغرافيًا وجغرافيًا. وأعربت عن ارتياحها لانطلاق المبادرة المشتركة مع وزير الحرب. كما شدد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش على أن قرار الكابينت بشأن تعزيز الحدود الشرقية يمثل خطوة تاريخية، معبرًا عن فخره بقيادة هذه الخطوة وتمويلها بمبلغ 50 مليون شيقل في العام المقبل. واعتبر ذلك خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة والأمن والوجود الإسرائيلي.

الكشف عن تفاصيل خطة الاحتلال إقامة جدار على الحدود مع الأردن وتعزيز الاستيطان
الكشف عن تفاصيل خطة الاحتلال إقامة جدار على الحدود مع الأردن وتعزيز الاستيطان

خبرني

timeمنذ 4 أيام

  • خبرني

الكشف عن تفاصيل خطة الاحتلال إقامة جدار على الحدود مع الأردن وتعزيز الاستيطان

خبرني - صادق المجلس الوزاري الأمني المصغر في حكومة الاحتلال (الكابينت) على خطة خماسية لسد الثغرات على الحدود بين فلسطين المحتلة والأردن، تشمل إقامة جدار أمني، وتعزيز قوات جيش الاحتلال، وإنشاء بؤر استيطانية ذات طابع عسكري - زراعي، وذلك بعد أشهر من التحضيرات المكثفة في وزارة الحرب ووزارة الاستيطان وبدعم من وزارة مالية الاحتلال. وبحسب ما أفادت به صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، فإن الخطة التي بادر بها الوزراء في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، أوريت ستروك وبتسلئيل سموتريتش، والتي بقيت حتى الآن بعيدة عن الأضواء، تهدف إلى مواجهة تصاعد التهديدات من الحدود الشرقية، بما في ذلك التسلل وتهريب الأسلحة، من خلال دمج النشاط العسكري مع التوسع الاستيطاني كمزيج "أمني شامل". تتكون الخطة من مرحلتين: الأولى تنفيذ مشروع تجريبي يُنجز مع نهاية العام الجاري، يتضمن إنشاء نوى "نحال" عسكرية، معاهد تمهيدية ما قبل الخدمة العسكرية، معاهد دينية، بما في ذلك لليهود الحريديم. صحيفة "إسرائيل اليوم" أوضحت أن وزيرة الاستيطان أوريت ستروك ستتولى مسؤولية تطوير الشق المدني للخطة، بما يشمل تنسيق توزيع المؤسسات التعليمية والدينية وتأسيس نوى استيطانية لضمان تواصل سكاني واستيطاني على امتداد الحدود، إلى جانب إقامة مزارع زراعية على غرار تلك المنتشرة في الضفة الغربية، إما عبر تراخيص للرعي أو ضمن قرى طلابية. وأشارت "إسرائيل اليوم" إلى أن الخطة تشمل أيضًا إنشاء معاهد دينية حريدية تمزج بين الدراسة الدينية وحماية الحدود، ضمن نموذج جديد. وفي إطار هذه الخطة الطموحة، التي تهدف إلى سد فجوات عمرها عقود على الحدود الشرقية المفتوحة، سيتم تعزيز المستوطنات القائمة من خلال بناء "بؤر مؤقتة" لاستيعاب المستوطنين الجدد، الذين سيشاركون أيضًا في وحدات الطوارئ المحلية. وستُمنح عائلات المستوطنين الأراضي والمساكن لفترة انتقالية حتى تثبيت سكن دائم لها في المستوطنات، مع أولوية لعائلات جنود الاحتياط. وفي موازاة ذلك، سيصدر وزير حرب الاحتلال تعليماته للجيش لدراسة إمكانية إعادة إحياء "مواقع نحال" العسكرية المهجورة. كما علمت "إسرائيل اليوم" أن من سيقود تنفيذ القرار ويشرف عليه سيكون طاقم وزاري خاص يترأسه رئيس وزراء الاحتلال، ويضم وزير الحرب كنائب للرئيس، إلى جانب وزراء المالية، الاستيطان، شؤون الشتات، الداخلية، الزراعة والأمن الغذائي. ورغم أن القرار لم يتضمن بندًا محددًا بشأن الميزانية، إلا أن صحيفة "إسرائيل اليوم" كشفت أن وزارة المالية في حكومة الاحتلال كانت قد خصصت في مشروع الميزانية تمويلًا بقيمة 50 مليون شيقل للخطة، وخلال النقاش اليومي ارتفعت الميزانية إلى 80 مليون شيقل ستُحول إلى وزارة الاستيطان. وفي تفاصيل إضافية، أوضحت "إسرائيل اليوم" أن الخطة تشمل إنشاء مراكز تعليمية ما قبل الخدمة العسكرية على امتداد الجدار الحدودي الجديد، تستوعب مجندي الخدمة الإلزامية الذين حصلوا على تأجيلات من الجيش، بما في ذلك طلاب معاهد تمهيدية. كما ستقوم وزارة الحرب، بحسب ما نقلته "إسرائيل اليوم"، بتخصيص القوى البشرية لهذه المراكز التعليمية العسكرية بالشراكة مع الجهات ذات الصلة. في المقابل، ستنشئ وزارة الاستيطان مزارع زراعية بمساحة تبلغ نحو 4000 دونم للرعي والزراعة ضمن مناطق المستوطنات والحدود، بالإضافة إلى قرى طلابية مكونة من وحدات سكنية متنقلة. وقال وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس إن "إقامة الجدار الأمني على الحدود مع الأردن، التي كان قد بادر بها، تُعد خطوة استراتيجية حاسمة ضد محاولات إيران لتحويل الحدود الشرقية إلى جبهة مقاومة جديدة. وأكد وجود علاقة مباشرة بين الحرب على المقاومة في الضفة وبين إقامة الجدار، واصفًا هذا التحرك بأنه سيعزز الأمن القومي والسيطرة الإسرائيلية في غور الأردن، ويضمن السيادة الإسرائيلية على المدى الطويل، ويوجه ضربة لمحاولات إيران التسلل عبر هذه الجبهة". من جهتها، قالت وزيرة الاستيطان أوريت إن أحد أهم دروس السابع من أكتوبر هو أن الأمن ينبع من الاستيطان، والعكس صحيح، مؤكدة أن إدراك الحاجة لتعزيز الحدود الشرقية يجب أن يترجم عمليًا من خلال تعزيز الاستيطان ديموغرافيًا وجغرافيًا. وأعربت عن ارتياحها لانطلاق المبادرة المشتركة مع وزير الحرب. كما شدد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش على أن قرار الكابينت بشأن تعزيز الحدود الشرقية يمثل خطوة تاريخية، معبرًا عن فخره بقيادة هذه الخطوة وتمويلها بمبلغ 50 مليون شيقل في العام المقبل. واعتبر ذلك خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة والأمن والوجود الإسرائيلي.

رام الله… مدينة تعزف على أوتار الصمت
رام الله… مدينة تعزف على أوتار الصمت

جو 24

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • جو 24

رام الله… مدينة تعزف على أوتار الصمت

الكابتن اسامة شقمان جو 24 : رام الله ليست مدينة تُروى، بل مدينة تُفهم بالصمت. ليست قدسية كمدينة القدس، ولا موجعة كالخليل، لكنها تمشي متأرجحةً على حبل رفيع بين الوهم والحقيقة، تتنفس حيرة، وتُتقن النجاة كما يُتقن شاعرٌ عجوز لعبة الإيحاء. رام الله ليست مجرد مكان، بل كأنها سؤالٌ أبدي، يُطرَح منذ قرون ولا يحتاج لإجابة، بل لإصغاء عميق. قبل أن تُصبح رام الله قصيدة تعزفها الثورة على لحن الصبر، كانت مجرّد قرية صغيرة، ولادتها حدثت على تلٍّ عالٍ، في حضن السماء، حين فرت سبع عائلات مسيحية من مدينة الكرك في الأردن، تسبقها صلواتها وتلاحقها سكاكين ظلم الوالي العثماني. قادهم الشيخ راشد الحدادين إلى موضع يظنه الجغرافيون مكانًا، ويظنه المؤمنون معراجًا، وهناك بنوا منازلهم من حَجرٍ وقلبٍ، وغرسوا زيتونًا لا يموت، وسمّوا المكان: رام الله — المرتفع الذي ينام على كتف الله. نمت القرية، لا كما تنمو المدن، بل كما تنمو الفكرة. حجراً فوق حجر، وحُلمًا فوق حُلم، حتى صارت ملاذًا للتجار، ثم منبرًا للمثقفين زمن الانتداب البريطاني، ثم مرآةً للحياة السياسية في الضفة الغربية، حتى جاء يوم عام 1967... حين اخترق صوت الجندي الإسرائيلي أفق المدينة، وانكسرت المرآة. لكنها لم تنكسر تمامًا — بل أعادت تشكيل نفسها شظايا من مقاومة، ولغة، ومسرح، وجداريات. في رام الله، كل شارع له رواية، وكل شرفة تطل على غدٍ مؤجل. ثلاثة أيام أمضيتها في هذه المدينة، لكني لم أقضها دفعةً واحدة. كنت أغادرها صباحًا كمن يبحث عن فصولٍ متفرقة من كتابٍ واحد، أزور القدس، وبيت لحم، والخليل، ثم أعود إليها مع غروب الشمس، وكأنها الفقرة الأخيرة التي تأوي كل المعاني. في رام الله كنت أنام… لكني لا أنام. كان الشباك مفتوحًا على أنفاس المدينة، يدخلني بخار الشاي، ورائحة الخبز من فرنٍ شعبي لا يغلق أبوابه حتى في الليل، وصوت شابٍ يعزف العود في الظلام، كما لو أن المدينة نفسها هي من تعزف من بين أوتاره. في النهار كنت سائحًا في الذاكرة، وفي الليل كنت كاتبًا تتكئ عليه الشوارع لتروي، من ساحة المنارة إلى شارع ركب، من المقاهي التي يحرسها الشعراء بالكلمات، إلى الجدران التي تقاتل الاحتلال بالفرشاة واللون. رأيت كيف تُحاصر رام الله من كل الجهات، لا بالأسلاك فقط، بل بالحواجز والجنود، وبجدارٍ إسمنتيٍّ يفصل الحلم عن البيت، والبيت عن الطريق، والطريق عن الأمل. جدار الفصل العنصري لم يكن مجرد حائط، بل كأنّه حكاية رمادية نُسجت من حجارة الخوف والهيمنة، كأنّه يدٌ ضخمة تخنق خاصرة الضفة الغربية، ثم تضحك. في الصباح، ترى الناس يقفون في طابور الزمن عند الحواجز، وجوههم شاحبة، وعيونهم معلقة على الجنود، كأنهم يطلبون الإذن بالحياة. امرأة تمسك بيد طفلها، وعجوز يضع يده على صدره كأنه يتحسس ما تبقّى من الوطن داخله. كل صباح هو امتحان للكرامة، وكل مساء شهادة على الصبر. ورأيت كيف أن رام الله رغم القيود، تزرع في كل زاوية ذاكرة، وفي كل ركن مقاومة ناعمة، لا تُشبه السلاح، بل تشبه القصيدة. فالمدن التي تُحب الكتب لا تُهزم، حتى وإن قُرئت تحت الرصاص. جلست في مقهى صغير، كأنه كهف من ذاكرةٍ مضيئة، تكتظ جدرانه بصور شهداء يحدّقون في المارة كما لو أنهم يسألونهم: "هل أنتم أوفياء؟"، وبين الصور تتدلى مخطوطات شعرية كأنها تمائم تحرس نبض المدينة من النسيان. سألت النادل عن مكانٍ معين، لكنه لم يُجب فورًا... فجأة، ومن عند الباب، التفت نحوي رجل سبعيني، يبيع الكعك والزعتر، لكنّه بدا كأنه يبيع أكثر من طعام — يبيع ذاكرة وطن ملفوفة في ورقٍ خشن وعطر الزمن. صوته خرج من عمق التاريخ، هشًّا مثل ورقة خريف، لكنه مشحونٌ بطاقة لا تُقاس: "يا أخي... هون، الكل غريب، بس الكل من هون." كان يرتدي معطفًا باهتًا، أثقلته السنوات، لكنّه ارتداه كدرعٍ لجندي لم يتقاعد بعد. عيونه كانت شرفات مفتوحة على النكبات، ووجهه محفور بتجاعيد كأنها خريطة فلسطين، بكل تضاريسها ودموعها. مدّ لي قطعة من الكعك، لكن في تلك اللحظة لم تكن مجرد طعام، بل رمزًا، طقس عبورٍ إلى ما هو أعمق. قال: "بتحبها؟" نظرت إليه، ثم إلى الكعك، ثم إلى رام الله خلفه، وقلت: "أكتر من اللي فهمته." ضحك، لكن ضحكته لم تكن ضحكة، كانت زفرة قرنٍ من الألم الجميل، ثم رفع رأسه نحو السماء كمن يُحدّث الغيب، وقال: "إذا فهمتها… ما بتغادرها، حتى لو مشيت. هي مش بس مدينة... هي وعد، ونار، وحنين، إذا دخلتك... صرت منها، للأبد." في تلك اللحظة شعرت أنني لست زائرًا، بل شاهدًا على أسطورة حيّة، وأن هذا الكهل ليس بائعًا، بل نبيٌّ متعب من سكوت الجبال، يهمس بحكمة الأرض لأذنٍ لا تزال تحاول الفهم. عندها أدركت أن المدن ليست أبنية أو شوارع، بل أرواح، تسكننا أكثر مما نسكنها. في دفتري كتبت: في القدس رأيت وجهي في مرآة الروح، في بيت لحم رأيت الإيمان على هيئة أم، في الخليل رأيت الصبر يمشي حافيًا، أما في رام الله… رأيت الوطن وهو يتنفس رغم كل شيء. رام الله ليست مدينة، بل جرح يرفض أن ينزف تمامًا، وأمل يرفض أن يُشفى، وسؤالٌ أبديّ عن المعنى. رام الله… قصيدة لم تُختم بعد. إلى أبنائي، إلى أحفادي، وإلى كل من تصل إليه هذه الكلمات: اعلموا أن رام الله ليست مدينةً تُعاش بالخطى فقط، بل تُفهم بالقلب، وتُحسّ بالصمت. هي ليست من الإسمنت والحجارة وحدها، بل من المعاني، من الجراح التي ترفض أن تنزف، من الأمل الذي يرفض أن يُشفى. فيها تعلّمتُ أن الوطن ليس خريطةً على الجدار، بل إنسانٌ ينتظر عند الحاجز، وطفلٌ يحمل حقيبة أمل، وشاعرٌ يكتب ليقاوم. رام الله علّمتني أن المدن ليست حجارة، بل شرفات من ذاكرة، ونبضٌ من مقاومة، وصوت عود في الظلام. هناك، رأيت كيف يحرس الناس كرامتهم بالكعك والقصائد، وكيف يصير الخبز فعلًا من أفعال الثبات. رأيت أن الاحتلال لا ينتصر على من يقرأ، ولا على من يزرع زيتونةً في حقل الحصار. أوصيكم، أن تحبّوا المدن التي تقرأ، أن تصغوا لصوت العود في الليل، أن تحفظوا الذاكرة من النسيان، وأن تعرفوا أن الوطن قد لا يكون كاملاً… لكنه يسكن في تفاصيل الحياة. إن دخلتكم رام الله، لا تغادروها كغرباء، بل احملوها معكم كقصيدةٍ غير مكتملة، كوصيةٍ محفورة في القلب، كحلمٍ لا يُغادركم، حتى إن غادرتموه. هي ليست مجرد مكان... هي سؤال، وجوابكم هو أن تبقوا أوفياء. كابتن اسامه شقمان . تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store