
استطلاع: المغاربة يثقون في الجيش والأمن ولا يثقون في الحكومة
غير أن هذا التأييد تجاوز الفهم التقليدي المرتبط بإجراء الانتخابات، ليتمحور أكثر حول مطالب ملموسة تتعلق بالكرامة والعدالة والمساواة والأمن الاقتصادي، ما يعكس تحولا نوعياً في تصورات المواطنين لمفهوم الديمقراطية، الذي بات مشروطاً بتحقيق نتائج واقعية بدل الاكتفاء بالإجراءات الشكلية.
وبحسب تحليل أصدره 'الباروميتر العربي'، استناداً إلى أكثر من 15 ألف مقابلة أجريت وجهاً لوجه في ثماني دول ما بين عامي 2023 و2024، فإن أغلب المواطنين في المنطقة يربطون الديمقراطية ارتباطاً وثيقاً بقدرتها على تلبية الحاجات الأساسية وحماية الحقوق وضمان العدالة، وهو ما يفسر تزايد مطلب الكرامة الشخصية كجزء لا يتجزأ من أي نظام ديمقراطي مأمول.
وفي ما يتعلق بالثقة في الأجهزة الأمنية، أظهر الاستطلاع أن 8 من كل 10 مغاربة يثقون في الشرطة، بينما تبلغ نسبة الثقة في القوات المسلحة 88 بالمئة، مسجلة بذلك زيادة قدرها 12 و11 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بعام 2022.
ويبدو أن هذه المستويات المرتفعة من الثقة تنعكس في تقييم المواطنين لأداء الحكومة في هذا المجال، حيث عبّر 80 بالمئة عن رضاهم عن خدمات الأمن والنظام، بارتفاع قدره 23 نقطة مئوية مقارنة بسنة 2018، رغم بقاء النسبة دون مستوى 2016 حين بلغت 90 بالمئة.
وفي مؤشر آخر على التحول الإيجابي، ارتفعت الثقة في النظام القضائي بشكل لافت، حيث قال 74 بالمئة من المغاربة إنهم يثقون بمحاكمهم ونظامهم القضائي، مقارنة بـ56 بالمئة قبل عامين، أي بزيادة بلغت 18 نقطة مئوية. وامتد هذا الاتجاه إلى المجتمع المدني، حيث أعرب 7 من كل 10 أشخاص عن ثقتهم في منظماته، وهي قفزة تُعزى جزئياً إلى جهود تلك الهيئات خلال زلزال شتنبر 2023، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع حاد بواقع 22 نقطة مقارنة بعام 2022.
أما في ما يخص الثقة في الحكومة، فلم يطرأ عليها تغيير يذكر خلال السنوات الأخيرة، إذ عبّر ثلث المغاربة فقط عن ثقتهم الكبيرة أو الكبيرة جداً في الحكومة الحالية، وهو مستوى يقل بعشر نقاط عن النسبة المسجلة في 2016، التي بلغت حينها 43 بالمئة، وكانت الأعلى في تاريخ استطلاعات الباروميتر في المغرب.
وتظهر البيانات أن مستوى الثقة يتأثر بشكل واضح بالدخل والتعليم، إذ أن الأشخاص القادرين على تغطية نفقاتهم يبدون ثقة مضاعفة تقريباً مقارنة بغيرهم، كما أن الحاصلين على تعليم جامعي يثقون بالحكومة أكثر بـ13 نقطة من ذوي التعليم الثانوي أو الأدنى.
وتنطبق الاتجاهات ذاتها على رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إذ أفاد 30 بالمئة من المستجوبين بأن لديهم ثقة كبيرة أو متوسطة فيه.
وتُظهر الأرقام أن هذه الثقة مدفوعة بالدرجة الأولى من الشرائح ذات الدخل المرتفع والمستوى التعليمي العالي، في انعكاس واضح للفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي باتت تلعب دوراً محورياً في تشكيل مواقف المواطنين من الأداء السياسي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ 31 دقائق
- برلمان
بين القمع والتهميش.. النظام الجزائري تحت مجهر الانتقادات الدولية
الخط : A- A+ إستمع للمقال في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، يجد النظام الجزائري نفسه أمام موجة متصاعدة من الانتقادات، محليا ودوليا، تُبرز مفارقات صارخة بين الخطاب الرسمي والممارسة الواقعية، سواء على مستوى الحريات وحقوق الإنسان أو على صعيد التسيير الاقتصادي والدبلوماسية الخارجية. في أحدث تجليات الاستبداد السياسي، أقدمت السلطات الجزائرية على ترحيل الناشطة الحقوقية نصيرة ديتور، من مطار هواري بومدين نحو فرنسا، دون أي مسوّغ قانوني. ديتور، رئيسة الفيدرالية الأورومتوسطية ضد الاختفاء القسري والمنسقة في تنسيقية عائلات المفقودين في الجزائر، أمضت أكثر من عقدين في النضال من أجل كشف مصير ابنها المختفي خلال 'العشرية السوداء'. ويعكس القرار، الذي نددت به منظمات حقوقية من بينها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، نهجا قمعيا ممنهجا يستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات التي يعاني منها النشطاء، والتي تعيد إلى الأذهان ممارسات النظام العسكري خلال سنوات الدم والاختفاءات القسرية. موازاة مع ذلك، أعلن البنك الدولي تصنيف الجزائر ضمن الدول الإفريقية ذات الدخل المرتفع لعام 2025، مستندا إلى مراجعة حسابات قومية شملت الاستثمار في البحث والتطوير. غير أن هذا التصنيف أثار انتقادات واسعة في أوساط الصحفيين والخبراء الاقتصاديين، إذ أشاروا إلى أن تحسن المؤشرات الرقمية لا يعكس الواقع المعيشي للمواطن الجزائري. ففي بلد غني بالغاز والبترول، تظل الطوابير على المواد الأساسية مثل الماء الصالح للشرب، قنينات الغاز، والمحروقات مشهدا يوميا، في حين لا تزال مدن مثل تين زواتين تعيش أوضاعا مزرية، بلا طرق مهيأة ولا مرافق صحية، وسط تجاهل رسمي تام. وبينما تُمنح مساعدات سخية تصل إلى 200 مليون دولار للبنان، تعاني مدن جزائرية حدودية من تهميش متجذر، ما أثار موجة من السخط الشعبي على مواقع التواصل. في الجهة المقابلة، يبرز المغرب كقوة اقتصادية صاعدة، حيث احتل المرتبة الأولى إفريقيا والثالثة عربيا في قائمة الدول العربية الأكثر تصديرا للمنتجات غير النفطية، حسب منصة 'أنفوفليكس'، حيث يُعزى هذا الإنجاز إلى نجاح المملكة في تنويع اقتصادها عبر استثمارات ضخمة في مجالات الصناعة (السيارات والطيران)، الفلاحة والفوسفاط، ضمن استراتيجيات مثل رؤية 2030 والخطة الخضراء. كما عزز الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، والاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، من جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية، وجعلت منه مركزا صناعيا متقدما في إفريقيا، على خلاف الجزائر التي لا تزال تعتمد بشكل شبه كامل على صادرات المحروقات.


برلمان
منذ 31 دقائق
- برلمان
خبراء 'نخرجو ليها ديريكت': الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة
الخط : A- A+ إستمع للمقال خصص برنامج 'نخرجو ليها ديريكت'، الذي يقدمه الإعلامي عبد العزيز الرماني، ويذاع مباشرة على إذاعة 'برلمان راديو' ويبث على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، حلقة اليوم السبت، لمناقشة موضوع الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش. وأكد الخبراء في حلقة اليوم السبت، أن الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة، وأيضا قرب المؤسسة الملكية من المواطن المغربي. وأوضح الخبراء، أن الخطاب الملكي جاء في سياق دقيق، حيث أن الملك محمد السادس، أعطى أرقاما تؤكد على أن المملكة في مسار تصاعدي، وأن هناك مجهودات تبذل على جميع المستويات. وأضاف الخبراء، أن الملك أكد في خطابه، أنه لا يمكن أن يسير المغرب بسرعتين، والتفاوت في التنمية المجالية، عبر عليه الملك محمد السادس بعدة رسائل في العديد من المناسبات. وتابع الخبراء، أن هناك العديد من المناطق تعيش على وقع أوضاعا صعبة، لذلك من واجب السياسيين المغاربة والسياسة العمومية، أن تراعي الخصائص في جميع المناطق. وأشار الخبراء، إلى أنه يجب أن تكون التنمية مع مراعات خصوصيات المجال، وهذه النقطة أكد عليها الملك محمد السادس في خطابه، مشيرين إلى أن العديد من المشاريع لا تحقق التنمية في بعض المناطق. وأردف الخبراء، أن الخطاب الملكي، تطرق لمواضيع مهمة على غرار الاستباقية في ترشيد المياه، وعلى البعد الديمقراطي في العملية الانتخابية قبل سنة من تنظيم الانتخابات. وقال الخبراء، إن الملك محمد السادس، خلال خطابه السامي، أكد مرة أخرى أن يده ممدودة للخير للجارة الشرقية الجزائر.


برلمان
منذ 31 دقائق
- برلمان
حرب الوعي السيادي.. حرب كل المغاربة (حلقة تمهيدية)
الخط : A- A+ إستمع للمقال في عالم يتغير بسرعة الضوء، لم تعد التهديدات التي تواجه الدول تُقاس بما تمتلكه من ترسانات عسكرية، بل بما تواجهه من اختراقات ناعمة تستهدف العقول والمؤسسات، على جبهات الوعي الجمعي، وعبر أسلحة غير مرئية تُصوّب مباشرة نحو ثقة الشعوب في مؤسساتها. إنها الحرب التي لا يُسمع فيها أزيز الرصاص، لكن آثارها تدمّر بُنى المجتمعات من الداخل، وتُفتّت الروابط التي تجمع الدولة بمواطنيها. إنها ليست مجرد حرب ضد الأكاذيب، بل حرب سيادةٍ على العقول والضمائر. إنها حرب الوعي السيادي، التي لا تُخاض في جبهات السلاح، بل في ساحات الإدراك وميادين المعلومة. حربٌ تُراد لنا فيها الهزيمة من الداخل: بالتضليل، بالتسخيط، وبالتفكيك النفسي والمعنوي للدولة. لكنها حربنا جميعا. حرب كل مغربي غيور على مؤسساته، وواعٍ بقيمة وطنه، ومدرك أن السيادة لا تُستورد ولا تُهدى، بل تُحمى بالوعي، وتُصان بالحقيقة. هذه الحرب الجديدة لا يقودها بالضرورة جيش نظامي أو منظمة متطرفة، بل شبكات من الأفراد و'المعارضين المزيفين' الذين وجدوا في الفضاء الرقمي منبرا مثاليا لصناعة السُّخط، وفي الجهل والتلقين أداة فعالة للتضبيع والتضليل. بخطاب عاطفي جذاب، تُزرع بذور الكراهية تجاه الدولة، وتُضخّم النظريات السوداوية حول 'الدولة العميقة'، بينما تُقدَّم شخصيات مشبوهة في ثوب الضحية، لا لشيء سوى لاكتساب التعاطف والتمويل والشرعية. في هذه البيئة المضطربة، يتداخل النضال مع الابتزاز، والنقد مع التآمر، والمعارضة مع النشاط التجاري المربح، وتغدو الأكاذيب أدوات لتكوين ثروات، واستمالة جماهير، وتجنيد متابعين لخدمة أجندات لا تمتّ بصلة للمصلحة العامة. وما يبدو للوهلة الأولى حركة احتجاجية أو رأيا معارضا، لا يلبث أن يتكشّف، عند التمحيص، عن كيان مموّل، موجه، وربما مخترق من جهات تتقن اللعب في الهوامش. لقد أظهرت تجارب دولية، من أوروبا إلى أمريكا الشمالية، أن هذه الموجات لا تمرّ دون ثمن، وأن التهاون مع 'صناعة السُّخط' و'التضليل الممنهج' يسمح بتحوّلها إلى أشكال متقدمة من التطرف، بل وإلى محاولات حقيقية لتقويض استقرار الدولة. وما المغرب بمنأى عن هذا الخطر، خاصة في ظل ما نرصده من محاولات ممنهجة لنقل خطاب الفوضى من الخارج إلى الداخل، مستغلين في ذلك هشاشة بعض المساحات الإعلامية وغياب التأطير الرقمي الفعّال. ولأن المرحلة تفرض اليقظة، سنفتح من خلال سلسلة تأملية بعنوان 'معركة الوعي السيادي' ملفا دقيقا ومعقدا يتناول هذه الظواهر في عمقها: من التضليل الإعلامي إلى التزييف العميق، ومن المعارضة الوهمية إلى الجريمة الرقمية العابرة للحدود، وصولا إلى الشبكات الدولية التي تموّل وتغطي وتوجّه هذه المشاريع التخريبية بأقنعة براقة. 'بوغطاط المغربي' يضرب لكم موعدا مع سلسلة من ست حلقات تكشف، تُحلل، وتواجه… وبقدر ما تسعى إلى التوثيق والفهم، تهدف أيضا إلى دق ناقوس الخطر، وتحصين الوعي الوطني من الاستدراج إلى معارك لا يجب أن ننخرط فيها أو حتى مجرد السقوط فيها. كما تهدف السلسلة إلى التحصين من الوقوع في شراك سرديات موجهة تصنع من الحقد رأس مال، ومن اللاشرعية سلطة بديلة. ترقبوا أولى حلقات هذه السلسلة، على أن تتواصل عبر منصتكم الإعلامية 'برلمان.كوم' بنشر حلقة كل ثلاثة أيام.