logo
كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس

كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس

BBC عربيةمنذ 7 ساعات

في جولة الصحف لهذا اليوم نستعرض عدداً من الموضوعات، بداية من الوضع في غزة، لا سيما قُرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية؛ ثم نتّجه إلى الداخل الإسرائيلي، ومحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ قبل أن نختتم من إيران وتحذيرات من أن تصبح "عراقاً آخَر"!
ونستهلّ جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية وتقرير مطوّل بعنوان "إنها ساحة للقتل: الجنود الإسرائيليون تلقّوا أوامر بإطلاق النار عَمداً على غزيين عُزل ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية".
ونقلت هآرتس عن جنود إسرائيليين القول إنهم تلقوا أوامر من قيادات في الجيش بإطلاق النار عمداً على جموع فلسطينيين احتشدوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، على مدار الشهر الماضي.
وقال الجنود لهآرتس إن إطلاق النار كان بهدف إبعاد هؤلاء الغزيين أو تفريق جموعهم، رغم أنهم- وبشكل واضح- لا يشكّلون تهديداً.
ووصف أحد هؤلاء الجنود الوضع في غزة بأنه "انهيار تام للقواعد الأخلاقية للجيش الإسرائيلي".
ووفقاً لإحصاءات السلطات الصحية في غزة، فإن 549 شخصاً قُتلوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات- وفي مناطق حيث كان السُكان ينتظرون شاحنات الأمم المتحدة المحمّلة بالغذاء- منذ الـ 27 من مايو/أيار الماضي؛ وإن أكثر من أربعة آلاف شخص أُصيبوا، لكن الجيش الإسرائيلي لم يكشف من جانبه عن عدد هؤلاء القتلى أو المصابين الغزيين.
وقالت هآرتس إنها عَلِمتْ أن المدّعي العام العسكري الإسرائيلي أعطى تعليمات للجهة المختصة في الجيش بالتحقيق فيما يشتبه في كونه جرائم حرب وقعت في مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.
ولفتت هآرتس إلى أن "منظمة غزة الإنسانية" تشغّل أربعة مراكز لتوزيع الغذاء- ثلاثة في جنوب غزة، ومركزاً واحداً في وسطها، مشيرة إلى أن هذه المراكز يقوم على العمل بها أمريكيون وفلسطينيون، فيما يتولى الجيش الإسرائيلي مهمّة تأمينها من مسافة بضع مئات من الأمتار.
"أصبحت معزولة من مؤيدي إسرائيل وغير مرحب بي من مؤيدي الفلسطينيين"
ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، يأتي يومياً إلى هذه المراكز آلاف الغزيين وأحياناً عشرات الآلاف للحصول على مساعدات غذائية.
و"على النقيض ممّا تعهدت به منظمة غزة الإنسانية، تضجّ نقاط التوزيع بالفوضى، وتندفع جموع الغزيين الجائعين صوب أكياس الأغذية"، بحسب هآرتس.
وأحصت الصحيفة الإسرائيلية 19 حادثة إطلاق للرصاص قُرب مراكز منظمة غزة الإنسانية لتوزيع المساعدات الغذائية.
ونوّهت هآرتس إلى أنه رغم عدم وضوح هويّة مُطلقي الرصاص دائماً، لكنّ الجيش الإسرائيلي لا يسمح بوجود عناصر مسلحة تابعة له في مناطق المساعدات الإنسانية دونما عِلم مُسبَق.
ولفتت الصحيفة إلى أن مراكز توزيع المساعدات هذه تفتح أبوابها لمدة ساعة واحدة فقط كل صباح، ويقول ضباط وجنود خدموا في هذه المناطق إن الجيش يصوّب الرصاص تجاه الأشخاص الذين يصِلون إلى هذه المراكز قبل موعد فتح الأبواب لمنعهم من الاقتراب، أو تجاه أولئك الذين يأتون بعد غلق هذه الأبواب لتفريقهم.
"وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار"
و"بما أن عدداً من حوادث إطلاق الرصاص وقع في أثناء الليل، قبل موعد فتح الأبواب، فمن المحتمل أن يكون بعض المدنيين الغزيين لم يتمكنوا من رؤية الحدود المُعيّنة التي لا ينبغي عليهم تجاوزها- بسبب الظلام".
وفي ذلك، قال أحد الجنود لهآرتس: "إنها ساحة للقتل.. لقد شاهدتُ بينما كنت في الخدمة كيف أن عدد القتلى من هؤلاء الغزيين يتراوح بين واحد إلى خمسة أشخاص يومياً.. إنهم يُعامَلون كما لو كانوا قوة مُعادية؛ فلا توجد تدابير لمنع الاحتشاد، ولا قنابل غاز مسيلة للدموع- فقط الرصاص الحيّ، والرشاشات الثقيلة، وقذائف الهاون. وما أن يفتح مركز توزيع المساعدات أبوابه حتى يتوقف إطلاق الرصاص، ويعرف هؤلاء الجائعون أن بإمكانهم الاقتراب. إن وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار"، على حد تعبيره.
وقال جنود إسرائيليون لصحيفة هآرتس إن الجيش لا يسمح للعامة في إسرائيل أو في الخارج بمشاهدة لقطات لما يحدث حول مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة.
وبحسب هؤلاء الجنود، فإن الجيش الإسرائيلي مقتنع بأن عمليات منظمة غزة الإنسانية حالت دون الانهيار التام لمشروعية استمرار هذه الحرب دولياً.
وعبّر هؤلاء الجنود، في حديثهم لهآرتس، عن اعتقادهم بأن الجيش الإسرائيلي قد تمكّن من تحويل غزة إلى "فِناء خلفي"، لا سيما منذ بداية المواجهة مع إيران.
وأوضح أحد جنود الاحتياط: "لم تعُد غزة محلّ اهتمام أحد. لقد أصبحت مكاناً تحكمه قوانينه الخاصة، حيث خسارة حياة الإنسان لا تعني أيّ شيء، ولا حتى تُعتبر حادثة تستدعي الأسف"، وفقاً للصحيفة.
في حادثة تُضاف إلى حوادث مماثلة: عشرات القتلى في إطلاق نار قرب مركز مساعدات وسط قطاع غزة
"هل تُلغى محاكمة نتنياهو؟"
وفي هآرتس أيضاً، نطالع مقالاً افتتاحياً بعنوان "هل خرق نتنياهو القانون؟ هذا تحدّده المحكمة، وليس ترامب أو هيرتسوغ".
وعلقت الصحيفة على قيام الرئيس الأمريكي ترامب بالحَثّ على إلغاء محاكمة نتنياهو أو بالعفو عنه، واصفةً ذلك بأنه "تدخُّل فجّ" في الشؤون الداخلية الإسرائيلية.
"لكنّ الأمر المؤسف أن أحداً لم يخبر ترامب بأن "القضايا انهارت" وبأن نتنياهو لا يجد مانعاً في إدارة شؤون البلاد ومتابعة محاكمته الجنائية في آن واحد، ومن ثمّ فلا داعٍ لتدخُّل الرئيس الأمريكي"، حسبما تابعت الصحيفة الإسرائيلية.
ورأت هآرتس أن ترامب أخطأ عندما قرّر التدخُّل في هذه القضية، لسببين: أوّلهما أن ذلك التدخل من شأنه إضعاف نظام إنفاذ القانون في إسرائيل، في مقابل تعزيز حالة الاستقطاب في هذا البلد؛ أما السبب الثاني فهو أن مثل هذا التدخل "الفَجّ" يصوّر إسرائيل كما لو كانت تحت الوصاية الأمريكية.
وعدَّدت الصحيفة الإسرائيلية أيادي الرئيس الأمريكي على إسرائيل، لا سيما في المواجهة الأخيرة مع إيران، كما قدّرت جهود ترامب- عبر مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف- على صعيد تحرير الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة.
واستدركت هآرتس: "لكن يا حبّذا مع ذلك، لو رفع الرئيس ترامب يده عن محاكمة نتنياهو، وصبّ تركيزه في إنجاز هدف آخر كان قد وضعَه لنفسه وهو- إنهاء الحروب".
ورأت الصحيفة أن نتنياهو، كالمعتاد، يحاول استغلال الوضع الراهن- وحالة التوافق الوطني النسبيّ إزاء المواجهة مع إيران- من أجل مصلحته الشخصية متمثلة في إلغاء المحاكمة.
وعلّقت هآرتس على دعم عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية-م ن أمثال جدعون ساعر، وشلومو كارعي- لطلب ترامب بإلغاء محاكمة نتنياهو، رغم ما تردّده هذه الحكومة من شعارات تنضَح بالسيادة والكرامة الوطنية. ورأت الصحيفة في ذلك مدعاة للسخرية.
"لكن الأهم من كل ما تقدّم، أنه يكشف أننا إزاء تحرُّك سياسي تمّ التخطيط له جيداً، وهو تحرُّك يستهدف إلغاء محاكمة نتنياهو"، وفقاً للصحيفة.
ولفتت هآرتس إلى أن أحد الطرق لوقف المحاكمة هو أن يقوم الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ بالعفو عن نتنياهو إذا ما تقدّم الأخير بطلب للحصول على عفو رئاسي.
ورجّحت الصحيفة أن يكون ذلك ما يسعى إليه كثيرون من المقرّبين لنتنياهو، لا سيما وأن هيرتسوغ سبق وقال إنه يعتقد أن المحاكمة ينبغي أن تنتهي بـ"صفقة إقرار بالذنب".
"قافلة الصمود" المغاربية تواصل طريقها نحو فك الحصار عن غزة
"لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر"
ونختتم جولتنا من مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ومقال بعنوان "لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر"، للباحثة جين داربي مينتون، زميلة برنامج السياسة النووية بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
ورأت الباحثة أن المواجهة الأخيرة على إيران فتحت الباب على فترة جديدة من "عدم اليقين النووي"، والذي يمكن أن يزداد ويحتَدّ ما لم يتمّ التعامل معه بسرعة وبراعة.
وقالت الباحثة إنه من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني قد تضرّر، لكن من المبكر القول إلى أيّ مدى بلغ هذا الضرر.
ونوّهت إلى أن إيران فيما يبدو لا يزال لديها يورانيوم عالي التخصيب، بكمية قد تكون كافية لتطوير عدد من القنابل النووية إذا هي قررت متابعة عملية التخصيب.
ونبّهت باحثة كارنيغي إلى أن هناك حاجة إلى "دبلوماسية بارعة" من أجل تيسير عملية السلام والحيلولة دون اشتعال أزمات جديدة في المستقبل بسبب احتداد حالة عدم اليقين إزاء قدرات إيران النووية.
ولفتت الباحثة إلى أن المفاوضات النووية نادراً ما تكون سهلة، وبالذات مع طهران؛ و"من سوء الطالع أن الحرب الأخيرة على إيران قوّضت العديد من الأدوات والمؤسسات التي طالما اعتمدت عليها الولايات المتحدة وأطراف أخرى لإبعاد شبح المخاطر النووية".
وحذّرت الباحثة من أن تؤدي الضربات الموجعة التي تلقاها النظام الإيراني إلى زيادة تصميمه على تطوير سلاح نووي.
"وإذا ما قررت إيران السير في طريق تصنيع قنبلة، فلسوف تلجأ إلى مسارات أصعب في اقتفائها من تلك التي كانت تسير فيها قبل الحرب"، بحسب الباحثة.
ونوّهت جين إلى أن "إيران لن تكون في حاجة إلى إعادة بناء منشآت ضخمة مثل مفاعل نطنز أو فورود، إذا هي قررت الإسراع في تصنيع قنبلة. علماً بأن المواقع الأصغر حجماً تكون مهمة مراقبتها أصعب، حتى على أجهزة الاستخبارات القوية".
ونبّهت الباحثة إلى أن "طهران، بما لها من سِجِلّ عريق في إخفاء أنشطتها النووية، ستسعى جاهدة إلى إقناع المجتمع الدولي بأنها قد تخلّت عن مشروعها النووي".
وهنا، حذّرت صاحبة المقال من خطورة تدهور العلاقات بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتة إلى الدور الحيوي الذي لعبته الوكالة على صعيد إبطاء خُطى البرنامج النووي الإيراني.
ولفتت الباحثة في هذا الصدد إلى تمرير البرلمان الإيراني، بعد الحرب الأخيرة، مشروع قانون يطالب الحكومة بوقف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل تام.
ورأت جين أن المجتمع الدولي في حاجة إلى الوقوف على القدرات المتبقية لدى إيران بعد هذه الحرب، مشيرة إلى أنه لا مفرّ من بعض الشك، لا سيما إذا أظهرت إيران عدم تعاوُن.
وعادت الباحثة بالأذهان إلى حرب الخليج الأولى، في بداية حقبة التسعينيات، مشيرة إلى أنه رغم تفكيك العراق برنامجه النووي بعد هزيمته في تلك الحرب، إلا أن المجتمع الدولي حينها لم يصدّق الجانب العراقي، والسبب في عدم التصديق يرجع في جزء منه إلى سِجِلّ نظام صدام حسين في العرقلة المستمرة للمفاوضات النووية وأعمال التفتيش، بحسب الباحثة.
"ومع الوقت، زادت الشكوك واحتدّت حالة عدم اليقين إزاء البرنامج النووي العراقي، ما أفضى في النهاية إلى تدخّلات لا نهائية"، على حد تعبير الكاتبة التي شدّدت على أن "التعامل مع القضايا النووية على ذلك النحو لم يُفضي إلى استقرار إقليمي".
وخلصت زميلة كارنيغي إلى أنه "إذا كانت جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، تطمح إلى ما هو أكثر من مجرد هُدنة بين سلسلة من الأزمات النووية، فعليهم أن يعطوا أولوية لاستعادة درجة من الشفافية، ويا حبّذا لو تمّ ذلك عبر آليات متعددة الأطراف".
واختتمت الباحثة بالقول إن "العقبات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ربما يكون من الصعب تجاوُزها، لكن في حال غياب التعاون بشكل نهائي، فسيكون من الصعب تفادي اشتعال أزمات مستقبلية، والأصعب من ذلك سيكون نزع فتيل هذه الأزمات".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عاجل: ترامب يقول إن وقف إطلاق النار في غزة بات قريباً، ويأمل أن يكون "الأسبوع المقبل"
عاجل: ترامب يقول إن وقف إطلاق النار في غزة بات قريباً، ويأمل أن يكون "الأسبوع المقبل"

BBC عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • BBC عربية

عاجل: ترامب يقول إن وقف إطلاق النار في غزة بات قريباً، ويأمل أن يكون "الأسبوع المقبل"

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة إنه يعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسبوع. وأوضح ترامب - خلال توقيع اتفاق بين الكونغو ورواندا في المكتب البيضاوي - أنه يعتقد أن وقف إطلاق النار في غزة بات قريباً، مشيراً إلى أنه تحدث مع "بعض الأشخاص المعنيين بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس". التفاصيل بعد قليل.

بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً
بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً

BBC عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • BBC عربية

بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً

بعد مرور شهر على بدء نظام توزيع المساعدات المثير للجدل والمدعوم أمريكياً وإسرائيلياً في غزة، أظهر تحليل أجراه فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، لعشرات المقاطع المصورة، تكرار حوادث إطلاق النار قرب أشخاص كانوا يتجهون للحصول على المساعدات، إلى جانب مشاهد أخرى من الفوضى والذعر. وفي عدد من المقاطع المصورة التي حُللت، يُسمع صوت إطلاق نار وتُظهر لقطات عدة فلسطينيين قتلى أو مصابين. ووفق وزارة الصحة في غزة، قُتل، الشهر الماضي، أكثر من 500 شخص وأُصيب 4 آلاف آخرون أثناء توجههم للحصول على المساعدات، وحمّل مسؤولون ومُسعفون في غزة إلى جانب شهود عيان القوات الإسرائيلية مسؤولية قتل وإصابة الغالبية العظمى من الضحايا. ولم يعثر فريق بي بي سي لتقصي الحقائق على مقاطع مصورة تسمح بإجراء تقييم قاطع بشأن الجهة المسؤولة عن موجة القتل هذه، لكن الصورة العامة تعكس حالة فوضى وخطر مستمر. وقال الجيش الإسرائيلي، مراراً في بيانات صدرت الشهر الماضي، إنه أطلق "طلقات تحذيرية" باتجاه أفراد وصفهم بأنهم "مشتبه بهم" أو يشكلون تهديداً. واتهم الجيش الإسرائيلي خلال حديثه لبي بي سي، حماس، بأنها "تفعل كل ما بوسعها لمنع نجاح توزيع المواد الغذائية في غزة، وتحاول عرقلة إيصال المساعدات، وتلحق الأذى بشكل مباشر بسكان قطاع غزة". ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ في 18 مايو/أيار الماضي، أعلنت إسرائيل أنها ستخفف جزئياً من حصارها المفروض منذ 11 أسبوعاً على دخول المساعدات إلى غزة، وهو الحصار الذي قالت إنه يهدف إلى الضغط على حماس للإفراج عن الرهائن. أنشأ الجيش الإسرائيلي أربعة مراكز لتوزيع المساعدات- ثلاثة في أقصى جنوب غرب غزة، وواحد في وسط القطاع قرب منطقة أمنية إسرائيلية تُعرف باسم ممر نتساريم، وبدأت هذه المراكز عملها في 26 مايو/ أيار. وتُدار هذه المراكز الواقعة في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي- المعروفة باسم SDS 1 و2 و3 و4- من قبل شركات أمنية تعمل لصالح مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي تأمين الطرق المؤدية إليها ومحيطها. والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تقديم تمويل بـ 30 مليون دولار للمؤسسة، في أول مساهمة مالية مباشرة لها. ومنذ البداية، أدانت الأمم المتحدة هذه الخطة، قائلة إنها ستؤدي إلى "عسكرة" المساعدات، وتجاوز شبكة التوزيع القائمة، وإجبار سكان غزة على قطع رحلات طويلة عبر مناطق خطرة للحصول على الغذاء. وفي غضون أيام من بدء تنفيذ الخطة، قُتل عشرات الفلسطينيين في حوادث منفصلة وقعت في الأول والثالث من يونيو/حزيران، ما أثار إدانات دولية واسعة. ومنذ ذلك الحين، تتوالى التقارير شبه اليومية عن مقتل أشخاص أثناء توجههم لتلقي المساعدات. وقال الجيش الإسرائيلي إن "قواته تُجري عمليات تدريب منهجية تهدف إلى تحسين الاستجابة العملياتية في المنطقة وتقليل الاحتكاك المحتمل بين السكان وقوات الجيش الإسرائيلي". ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، تقارير تفيد بمقتل أشخاص أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات بأنها "كذبة أخرى"، مضيفاً: "لم يمت المئات من الأشخاص". فيما، نفت مؤسسة غزة الإنسانية وقوع أي "حادث أو حالات وفاة في أو قرب" أي من مراكز التوزيع التابعة لها. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، إن مستشفاها الميداني في رفح اضطر لتفعيل إجراءات الاستجابة لحوادث الإصابات الجماعية، 20 مرة، منذ 27 مايو/أيار، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من المرضى كانوا يعانون من إصابات بطلقات نارية، وأفادوا بأنهم كانوا في طريقهم إلى أحد مراكز توزيع المساعدات. مسؤول في حماس لـ بي بي سي: لا مفاوضات حالياً وتواصل الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي التابع لها، فضلاً عن جهات أخرى، محاولات توزيع المساعدات في غزة، لكنها تقول إنها تعتمد على السلطات الإسرائيلية لتسهيل مهماتها. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن قتل الفلسطينيين الذين يحاولون الحصول على المساعدات يعد "جريمة حرب محتملة". وقالت المحامية الدولية المتخصصة في حقوق الإنسان، سارة إليزابيث ديل، لفريق بي بي سي لتقصي الحقائق، إنه إذا كان هناك استهداف متعمد للمدنيين، فقد يشكل ذلك انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي. وأضافت "إطلاق النار الجماعي أثناء وصول المدنيين إلى المساعدات ينتهك القواعد الأساسية التي تحظر استهدافهم واستخدام التجويع ضدهم، وقد يرقى ذلك إلى جرائم حرب". فوضى على الساحل وتُظهر ثلاث مقاطع مصورة- نُشر الأول منها في 9 يونيو/حزيران- مئات الأشخاص، بعضهم يحمل ما يبدو أنه أكياس دقيق فارغة، وهم يتدافعون فوق أكوام الأنقاض ويختبئون في حُفر. بينما يُسمع صوت إطلاق نار. وفي ذلك اليوم، أفادت وزارة الصحة بمقتل ستة أشخاص أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، وأُصيب أكثر من 99 آخرين. وفي اليوم التالي، تحدثت عن مقتل 36 شخصاً وإصابة أكثر من 208 آخرين على صلة بعمليات توزيع المساعدات. ولم يتسنَ التأكد ما إذا كانت أي من هذه الوفيات أو الإصابات ناجمة عن إطلاق النار الذي يمكن سماعه في اللقطات المصورة. وتمكّنا من تأكيد أن مقاطع الفيديو صُوّرت على بُعد نحو 4 كيلومترات شمال غرب مركز توزيع المساعدات SDS 4، في الطريق المؤدي إلى الموقع الواقع وسط قطاع غزة. وأظهر تحليل للصوت لإطلاق النار أجراه، ستيف بيك، المستشار السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن أحد الأسلحة كان يُطلق النار بمعدل وأصوات تتوافق مع رشاش FN Minimi وبندقية M4 الهجومية. أما السلاح الثاني، فقال بيك إنه كان يُطلق النار بمعدل "يتوافق" مع صوت بندقية AK-47. ولا يمكننا تحديد الجهة التي كانت تطلق النار، لكن رشاش FN Minimi وبندقية M4 تُستخدم بشكل شائع من قبل الجيش الإسرائيلي، في حين تُستخدم بندقيةAK-47 عادةً من قبل حماس وفصائل مسلحة أخرى في غزة. "أصبحت معزولة من مؤيدي إسرائيل وغير مرحب بي من مؤيدي الفلسطينيين" وفي لقطات نُشرت في اليوم التالي، 10 يونيو/حزيران، وصُوّرت قرب الموقع، ظهرت حشود أكبر تهرب في ذعر، بينما سُمع صوت إطلاق نار ثم تبعه ما يشبه الانفجار. وبعد ذلك، ظهرت مشاهد لأشخاص مصابين وملطخين بالدماء، بينهم أطفال، يُنقلون بعيداً عن المكان. ولدى مؤسسة غزة الإنسانية خرائط تُظهر "ممرات آمنة" لمواقعها، وتُعلن أوقات فتحها عبر تطبيق واتساب ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكل ممر "نقطة بداية" و"نقطة توقف"، مع تحذير الفلسطينيين بعدم تجاوز نقطة التوقف إلا عند تلقي تعليمات. وأكدت مؤسسة غزة الإنسانية أن هذه الممرات مُؤمّنة من قبل الجيش الإسرائيلي، وحذرت الناس من أن تجاوز نقاط التوقف هذه بدون إذن قد يكون خطيراً. لكن في مركز SDS 4، وسط قطاع غزة، لم يُخصص أي ممر آمن للأشخاص القادمين من الشمال. قتلى قرب شاحنة ووقعت حوادث قتل قرب مراكز توزيع مساعدات لا تتبع لمؤسسة غزة الإنسانية. وأظهر مقطع مُوثّق من 17 يونيو/ حزيران ما لا يقل عن 21 جثة وعدداً من المصابين على طريق كانت تقف فيه مركبات عدة، بينها شاحنة مُتضررة بشدة. وقال شهود عيان لبي بي سي إن طائرات مسيرة ودبابة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار على حشد أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات. وأقرّ بيان للجيش الإسرائيلي برصده "تجمّعاً" لأشخاص "قرب شاحنة توزيع مساعدات تعطّلت في منطقة خان يونس، وبجوار قوات للجيش الإسرائيلي كانت تعمل في المنطقة". وأفاد البيان، "الجيش الإسرائيلي على علم بتقارير تفيد بوقوع إصابات جراء إطلاق نار من قِبل قواته بعد اقتراب الحشد". وأعرب عن أسفه "لأي أذى لحق بأشخاص غير متورطين"، مشيراً إلى أن تفاصيل الحادث قيد المراجعة. وقال متحدث باسم الدفاع المدني في غزة إن 50 شخصاً على الأقل قُتلوا في مكان الحادث. ويُظهر الفيديو عدداً من القتلى قرب علامات احتراق على الأرض، بما في ذلك شخص بُترت ساقاه. وأشار مارك كانسيان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى عدم وجود حفرة واضحة ناجمة عن الاصطدام، لكنه قال إن حجم الضرر كان، على الأرجح، نتيجة "لكمية كبيرة من إطلاق النار المباشر". نقل جثث وأظهر مقطع فيديو آخر نُشر في 16 يونيو/ حزيران، جرى التحقق من صحته، جثثاً تُنقل على عربة يسحبها حصان عبر شارع الرشيد في شمال غزة، وهو طريق ساحلي رئيسي تستخدمه غالباً شاحنات المساعدات. وقال شرح موجود بجانب الفيديو، إن هؤلاء الفلسطينيين قُتلوا أثناء انتظار المساعدات. في اليوم التالي، نُشرت صور ومقاطع فيديو تحققنا من صحتها على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر جثة يحملها أشخاص على لوح خشبي على الطريق نفسه. وقالت مؤسسة غزة الإنسانية إن العديد من الحوادث المزعومة كانت مرتبطة بقوافل ومراكز توزيع تابعة لمجموعات أخرى، بينها الأمم المتحدة، وقالت إن تلك المساعدات "تُنهَب من قِبل مجرمين وجهات سيئة". وعَبّر المتحدث باسم المؤسسة عن "رضاه" بشكل عام بعد الشهر الأول من عملياتها، مع توزيع 46 مليون وجبة على مليوني فلسطيني في غزة، لكنه قال إن المؤسسة ترمي إلى زيادة قدرتها التشغيلية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه، ضمن تغييرات أخرى، يقوم بتركيب أسوار ولافتات وفتح طرق إضافية. قال المتحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية "لقد أعربنا عن قلقنا (للجيش الإسرائيلي) بشأن الحفاظ على ممرات آمنة لطالبي المساعدات، لكن للأسف، حاول بعض الأشخاص َسلْك طرق مختصرة خطيرة أو التنقل خلال أوقات محظورة". "في نهاية المطاف، الحل يكمن في توفير المزيد من المساعدات، مما سيُحدث قدراً أكبر من اليقين ويُقلل من الشعور بالإلحاح لدى السكان".

كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس
كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس

BBC عربية

timeمنذ 7 ساعات

  • BBC عربية

كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس

في جولة الصحف لهذا اليوم نستعرض عدداً من الموضوعات، بداية من الوضع في غزة، لا سيما قُرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية؛ ثم نتّجه إلى الداخل الإسرائيلي، ومحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ قبل أن نختتم من إيران وتحذيرات من أن تصبح "عراقاً آخَر"! ونستهلّ جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية وتقرير مطوّل بعنوان "إنها ساحة للقتل: الجنود الإسرائيليون تلقّوا أوامر بإطلاق النار عَمداً على غزيين عُزل ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية". ونقلت هآرتس عن جنود إسرائيليين القول إنهم تلقوا أوامر من قيادات في الجيش بإطلاق النار عمداً على جموع فلسطينيين احتشدوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، على مدار الشهر الماضي. وقال الجنود لهآرتس إن إطلاق النار كان بهدف إبعاد هؤلاء الغزيين أو تفريق جموعهم، رغم أنهم- وبشكل واضح- لا يشكّلون تهديداً. ووصف أحد هؤلاء الجنود الوضع في غزة بأنه "انهيار تام للقواعد الأخلاقية للجيش الإسرائيلي". ووفقاً لإحصاءات السلطات الصحية في غزة، فإن 549 شخصاً قُتلوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات- وفي مناطق حيث كان السُكان ينتظرون شاحنات الأمم المتحدة المحمّلة بالغذاء- منذ الـ 27 من مايو/أيار الماضي؛ وإن أكثر من أربعة آلاف شخص أُصيبوا، لكن الجيش الإسرائيلي لم يكشف من جانبه عن عدد هؤلاء القتلى أو المصابين الغزيين. وقالت هآرتس إنها عَلِمتْ أن المدّعي العام العسكري الإسرائيلي أعطى تعليمات للجهة المختصة في الجيش بالتحقيق فيما يشتبه في كونه جرائم حرب وقعت في مراكز توزيع المساعدات الإنسانية. ولفتت هآرتس إلى أن "منظمة غزة الإنسانية" تشغّل أربعة مراكز لتوزيع الغذاء- ثلاثة في جنوب غزة، ومركزاً واحداً في وسطها، مشيرة إلى أن هذه المراكز يقوم على العمل بها أمريكيون وفلسطينيون، فيما يتولى الجيش الإسرائيلي مهمّة تأمينها من مسافة بضع مئات من الأمتار. "أصبحت معزولة من مؤيدي إسرائيل وغير مرحب بي من مؤيدي الفلسطينيين" ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، يأتي يومياً إلى هذه المراكز آلاف الغزيين وأحياناً عشرات الآلاف للحصول على مساعدات غذائية. و"على النقيض ممّا تعهدت به منظمة غزة الإنسانية، تضجّ نقاط التوزيع بالفوضى، وتندفع جموع الغزيين الجائعين صوب أكياس الأغذية"، بحسب هآرتس. وأحصت الصحيفة الإسرائيلية 19 حادثة إطلاق للرصاص قُرب مراكز منظمة غزة الإنسانية لتوزيع المساعدات الغذائية. ونوّهت هآرتس إلى أنه رغم عدم وضوح هويّة مُطلقي الرصاص دائماً، لكنّ الجيش الإسرائيلي لا يسمح بوجود عناصر مسلحة تابعة له في مناطق المساعدات الإنسانية دونما عِلم مُسبَق. ولفتت الصحيفة إلى أن مراكز توزيع المساعدات هذه تفتح أبوابها لمدة ساعة واحدة فقط كل صباح، ويقول ضباط وجنود خدموا في هذه المناطق إن الجيش يصوّب الرصاص تجاه الأشخاص الذين يصِلون إلى هذه المراكز قبل موعد فتح الأبواب لمنعهم من الاقتراب، أو تجاه أولئك الذين يأتون بعد غلق هذه الأبواب لتفريقهم. "وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار" و"بما أن عدداً من حوادث إطلاق الرصاص وقع في أثناء الليل، قبل موعد فتح الأبواب، فمن المحتمل أن يكون بعض المدنيين الغزيين لم يتمكنوا من رؤية الحدود المُعيّنة التي لا ينبغي عليهم تجاوزها- بسبب الظلام". وفي ذلك، قال أحد الجنود لهآرتس: "إنها ساحة للقتل.. لقد شاهدتُ بينما كنت في الخدمة كيف أن عدد القتلى من هؤلاء الغزيين يتراوح بين واحد إلى خمسة أشخاص يومياً.. إنهم يُعامَلون كما لو كانوا قوة مُعادية؛ فلا توجد تدابير لمنع الاحتشاد، ولا قنابل غاز مسيلة للدموع- فقط الرصاص الحيّ، والرشاشات الثقيلة، وقذائف الهاون. وما أن يفتح مركز توزيع المساعدات أبوابه حتى يتوقف إطلاق الرصاص، ويعرف هؤلاء الجائعون أن بإمكانهم الاقتراب. إن وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار"، على حد تعبيره. وقال جنود إسرائيليون لصحيفة هآرتس إن الجيش لا يسمح للعامة في إسرائيل أو في الخارج بمشاهدة لقطات لما يحدث حول مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة. وبحسب هؤلاء الجنود، فإن الجيش الإسرائيلي مقتنع بأن عمليات منظمة غزة الإنسانية حالت دون الانهيار التام لمشروعية استمرار هذه الحرب دولياً. وعبّر هؤلاء الجنود، في حديثهم لهآرتس، عن اعتقادهم بأن الجيش الإسرائيلي قد تمكّن من تحويل غزة إلى "فِناء خلفي"، لا سيما منذ بداية المواجهة مع إيران. وأوضح أحد جنود الاحتياط: "لم تعُد غزة محلّ اهتمام أحد. لقد أصبحت مكاناً تحكمه قوانينه الخاصة، حيث خسارة حياة الإنسان لا تعني أيّ شيء، ولا حتى تُعتبر حادثة تستدعي الأسف"، وفقاً للصحيفة. في حادثة تُضاف إلى حوادث مماثلة: عشرات القتلى في إطلاق نار قرب مركز مساعدات وسط قطاع غزة "هل تُلغى محاكمة نتنياهو؟" وفي هآرتس أيضاً، نطالع مقالاً افتتاحياً بعنوان "هل خرق نتنياهو القانون؟ هذا تحدّده المحكمة، وليس ترامب أو هيرتسوغ". وعلقت الصحيفة على قيام الرئيس الأمريكي ترامب بالحَثّ على إلغاء محاكمة نتنياهو أو بالعفو عنه، واصفةً ذلك بأنه "تدخُّل فجّ" في الشؤون الداخلية الإسرائيلية. "لكنّ الأمر المؤسف أن أحداً لم يخبر ترامب بأن "القضايا انهارت" وبأن نتنياهو لا يجد مانعاً في إدارة شؤون البلاد ومتابعة محاكمته الجنائية في آن واحد، ومن ثمّ فلا داعٍ لتدخُّل الرئيس الأمريكي"، حسبما تابعت الصحيفة الإسرائيلية. ورأت هآرتس أن ترامب أخطأ عندما قرّر التدخُّل في هذه القضية، لسببين: أوّلهما أن ذلك التدخل من شأنه إضعاف نظام إنفاذ القانون في إسرائيل، في مقابل تعزيز حالة الاستقطاب في هذا البلد؛ أما السبب الثاني فهو أن مثل هذا التدخل "الفَجّ" يصوّر إسرائيل كما لو كانت تحت الوصاية الأمريكية. وعدَّدت الصحيفة الإسرائيلية أيادي الرئيس الأمريكي على إسرائيل، لا سيما في المواجهة الأخيرة مع إيران، كما قدّرت جهود ترامب- عبر مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف- على صعيد تحرير الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة. واستدركت هآرتس: "لكن يا حبّذا مع ذلك، لو رفع الرئيس ترامب يده عن محاكمة نتنياهو، وصبّ تركيزه في إنجاز هدف آخر كان قد وضعَه لنفسه وهو- إنهاء الحروب". ورأت الصحيفة أن نتنياهو، كالمعتاد، يحاول استغلال الوضع الراهن- وحالة التوافق الوطني النسبيّ إزاء المواجهة مع إيران- من أجل مصلحته الشخصية متمثلة في إلغاء المحاكمة. وعلّقت هآرتس على دعم عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية-م ن أمثال جدعون ساعر، وشلومو كارعي- لطلب ترامب بإلغاء محاكمة نتنياهو، رغم ما تردّده هذه الحكومة من شعارات تنضَح بالسيادة والكرامة الوطنية. ورأت الصحيفة في ذلك مدعاة للسخرية. "لكن الأهم من كل ما تقدّم، أنه يكشف أننا إزاء تحرُّك سياسي تمّ التخطيط له جيداً، وهو تحرُّك يستهدف إلغاء محاكمة نتنياهو"، وفقاً للصحيفة. ولفتت هآرتس إلى أن أحد الطرق لوقف المحاكمة هو أن يقوم الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ بالعفو عن نتنياهو إذا ما تقدّم الأخير بطلب للحصول على عفو رئاسي. ورجّحت الصحيفة أن يكون ذلك ما يسعى إليه كثيرون من المقرّبين لنتنياهو، لا سيما وأن هيرتسوغ سبق وقال إنه يعتقد أن المحاكمة ينبغي أن تنتهي بـ"صفقة إقرار بالذنب". "قافلة الصمود" المغاربية تواصل طريقها نحو فك الحصار عن غزة "لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر" ونختتم جولتنا من مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ومقال بعنوان "لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر"، للباحثة جين داربي مينتون، زميلة برنامج السياسة النووية بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. ورأت الباحثة أن المواجهة الأخيرة على إيران فتحت الباب على فترة جديدة من "عدم اليقين النووي"، والذي يمكن أن يزداد ويحتَدّ ما لم يتمّ التعامل معه بسرعة وبراعة. وقالت الباحثة إنه من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني قد تضرّر، لكن من المبكر القول إلى أيّ مدى بلغ هذا الضرر. ونوّهت إلى أن إيران فيما يبدو لا يزال لديها يورانيوم عالي التخصيب، بكمية قد تكون كافية لتطوير عدد من القنابل النووية إذا هي قررت متابعة عملية التخصيب. ونبّهت باحثة كارنيغي إلى أن هناك حاجة إلى "دبلوماسية بارعة" من أجل تيسير عملية السلام والحيلولة دون اشتعال أزمات جديدة في المستقبل بسبب احتداد حالة عدم اليقين إزاء قدرات إيران النووية. ولفتت الباحثة إلى أن المفاوضات النووية نادراً ما تكون سهلة، وبالذات مع طهران؛ و"من سوء الطالع أن الحرب الأخيرة على إيران قوّضت العديد من الأدوات والمؤسسات التي طالما اعتمدت عليها الولايات المتحدة وأطراف أخرى لإبعاد شبح المخاطر النووية". وحذّرت الباحثة من أن تؤدي الضربات الموجعة التي تلقاها النظام الإيراني إلى زيادة تصميمه على تطوير سلاح نووي. "وإذا ما قررت إيران السير في طريق تصنيع قنبلة، فلسوف تلجأ إلى مسارات أصعب في اقتفائها من تلك التي كانت تسير فيها قبل الحرب"، بحسب الباحثة. ونوّهت جين إلى أن "إيران لن تكون في حاجة إلى إعادة بناء منشآت ضخمة مثل مفاعل نطنز أو فورود، إذا هي قررت الإسراع في تصنيع قنبلة. علماً بأن المواقع الأصغر حجماً تكون مهمة مراقبتها أصعب، حتى على أجهزة الاستخبارات القوية". ونبّهت الباحثة إلى أن "طهران، بما لها من سِجِلّ عريق في إخفاء أنشطتها النووية، ستسعى جاهدة إلى إقناع المجتمع الدولي بأنها قد تخلّت عن مشروعها النووي". وهنا، حذّرت صاحبة المقال من خطورة تدهور العلاقات بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتة إلى الدور الحيوي الذي لعبته الوكالة على صعيد إبطاء خُطى البرنامج النووي الإيراني. ولفتت الباحثة في هذا الصدد إلى تمرير البرلمان الإيراني، بعد الحرب الأخيرة، مشروع قانون يطالب الحكومة بوقف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل تام. ورأت جين أن المجتمع الدولي في حاجة إلى الوقوف على القدرات المتبقية لدى إيران بعد هذه الحرب، مشيرة إلى أنه لا مفرّ من بعض الشك، لا سيما إذا أظهرت إيران عدم تعاوُن. وعادت الباحثة بالأذهان إلى حرب الخليج الأولى، في بداية حقبة التسعينيات، مشيرة إلى أنه رغم تفكيك العراق برنامجه النووي بعد هزيمته في تلك الحرب، إلا أن المجتمع الدولي حينها لم يصدّق الجانب العراقي، والسبب في عدم التصديق يرجع في جزء منه إلى سِجِلّ نظام صدام حسين في العرقلة المستمرة للمفاوضات النووية وأعمال التفتيش، بحسب الباحثة. "ومع الوقت، زادت الشكوك واحتدّت حالة عدم اليقين إزاء البرنامج النووي العراقي، ما أفضى في النهاية إلى تدخّلات لا نهائية"، على حد تعبير الكاتبة التي شدّدت على أن "التعامل مع القضايا النووية على ذلك النحو لم يُفضي إلى استقرار إقليمي". وخلصت زميلة كارنيغي إلى أنه "إذا كانت جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، تطمح إلى ما هو أكثر من مجرد هُدنة بين سلسلة من الأزمات النووية، فعليهم أن يعطوا أولوية لاستعادة درجة من الشفافية، ويا حبّذا لو تمّ ذلك عبر آليات متعددة الأطراف". واختتمت الباحثة بالقول إن "العقبات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ربما يكون من الصعب تجاوُزها، لكن في حال غياب التعاون بشكل نهائي، فسيكون من الصعب تفادي اشتعال أزمات مستقبلية، والأصعب من ذلك سيكون نزع فتيل هذه الأزمات".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store