
الرياض و«الامتناع الإيجابي»
رفعت جماعة هذا المحور ظاهرياً شعار ممانعة المشروع «الصهيو-أميركي» وفقاً لمصطلحاتهم، وتبنّوا تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، لكن سياساتهم أدّت في النهاية إلى خراب أربع دول عربية، وإلى مواجهة غير متكافئة تسببت في مقتلة كبرى.
أزمة ما يُسمّى «محور الممانعة» تكمن في إنكاره العميق للواقع؛ فهو لم يقرأ في كتب من سبقوه ممن كانوا أكثر صدقاً في أهدافهم، ورفض أن يتعلّم الدرس الاستراتيجي من حرب 1973، حين ظهر الانحياز الأميركي الكامل والصريح إلى جانب تل أبيب في وجه الجيش المصري، انحيازٌ حدّد موازين القوى وفرضها حتى على حلفاء القاهرة حينها، أي الاتحاد السوفياتي، الأمر الذي وضع حدّاً لكل الطموحات العسكرية في الصراع مع الكيان الإسرائيلي.
ثم ادّعى المحور أنه قادر على تجاوز نتائج حرب لبنان 1982، التي قضت على فرص العمل الفدائي الفلسطيني من الخارج إلى الداخل، بعد خروج منظمة التحرير من لبنان. أما نتيجة ادعاءاته، فكانت أن حرب الإسناد مزّقت معادلة وحدة الساحات، والقدرة على نقل المواجهة إلى الداخل الفلسطيني عبر الحدود اللبنانية والسورية.
بعد عام 1973، اختارت مصر عملية السلام، وبعد 1982، لجأت منظمة التحرير إلى خيار الانتفاضة في الداخل الفلسطيني.
كان بإمكان انتفاضة الحجارة أن تحقق أكثر مما تحقق في اتفاق أوسلو، لولا مغامرة صدام حسين القبيحة في الكويت. وكان للانتفاضة الثانية أن تزيد من مكاسب الفلسطينيين، لولا تداعيات أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وكانت للتسوية السلمية أن تستمر، لولا خيار اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي قتل إسحاق رابين، ما فتح أبواب التطرّف الإسرائيلي على مصاريعها، إلى أن أصبح هذا التطرّف ممثّلاً سياسياً لدولة الكيان الآن.
في هذه المرحلة الحرجة، والحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني، نجحت الرياض في مواجهة غطرسة وعنجهية تل أبيب، حيث تمكّنت الدبلوماسية السعودية من إعادة تعويم حل الدولتين، من خلال الحشد الدولي المتزايد للاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد حقّق مؤتمر الأمم المتحدة، الذي قادته الرياض بمشاركة باريس بداية الأسبوع الفائت، خطوات بنّاءة على طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعدّها مفتاح الحل السلمي للقضية الفلسطينية، والاستقرار في الشرق الأوسط.
دبلوماسيّاً، نجحت الرياض في إعادة تعريف الممانعة، بعدما واجهت كل الضغوط التي حاولت – أو تحاول – فرض تسوية مجتزأة على الفلسطينيين، ورفضت تحويل قضيتهم إلى ورقة تتجاذبها سياسات المصالح والنفوذ. ويُسجَّل للرياض أنها رفضت الانخراط فيما كان يُسمّى «صفقة القرن» أو في اتفاقيات سلام تتجاوز الحل الفلسطيني، وبقيت ملتزمة بشروط المبادرة العربية.
تمسّك الرياض بمرجعية المبادرة العربية للسلام، والتزامها بسياسة «الامتناع الإيجابي» – أي لا تطبيع ولا قطيعة، بل العمل على تسوية سلمية تحقق سلاماً مقبولاً فلسطينيّاً وعربيّاً – عزّزا موقفها دوليّاً، وربط السلام الشامل في المنطقة بموقفها، الذي حدّدته قيادتها بلسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى 2024، القائم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، أي دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، عاصمتها القدس.
وعليه، فإن توصيف الممانعة هنا يختلف عن سابقاته في الأسلوب والأهداف، ويأخذ المعنى إلى تفسير منطقي متصالح مع الواقع والظروف الدولية والإقليمية، ومع الإمكانات، لتحقيق أكثر من «الممكن المعروض» أو «الحق المأخوذ»، من خلال الاعتماد على ممانعة سياسية عقلانية اخترقت الجمود الدولي، لكونها لا تعارض السلام من حيث المبدأ، بل ترى أن السلام لا يمكن تحقيقه من دون قيام دولة فلسطينية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 33 دقائق
- الشرق الأوسط
لجنة التحقيق في أحداث السويداء: لا يمكن تشكيل لجنة تحقيق دولية ما دامت الدولة قادرة على ذلك
نقل تلفزيون سوريا عن اللجنة المكلفة بالتحقيق في أحداث العنف الدموية التي شهدتها محافظة السويداء بجنوب البلاد قولها إنه لا يمكن تشكيل لجنة تحقيق دولية في هذه الأحداث ما دامت الدولة قادرة على ذلك. وأكدت اللجنة أن عملها سينتهي بإصدار تقرير عن هذه الأحداث، وقالت: «نحن لسنا جهة قضائية ومهمتنا إحالة قوائم المتهمين للقضاء». وذكرت وكالة الأنباء السورية أن لجنة التحقيق في أحداث السويداء عقدت اجتماعها الأول في دمشق. ونقلت الوكالة عن وزير العدل مظهر الويس، الذي رأس الاجتماع، قوله إن نتائج عمل اللجنة «يجب أن تصب في مصلحة السلم الأهلي، وإعادة الأمن والأمان والاستقرار لجميع مكونات الشعب السوري». وقال رئيس اللجنة، حاتم النعسان، إن اللجنة ستبدأ فوراً عملها بلقاء المسؤولين في محافظتي السويداء ودرعا، والمتضررين، مشدداً على أن «هدفنا هو كشف الحقيقة كاملةً وتحديد المسؤولين عن الأحداث الأليمة». وتظاهر المئات من سكان محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، الجمعة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، مطالبين السلطة الانتقالية بسحب مقاتليها من المنطقة ورفع «الحصار» عنها، بعد اشتباكات دامية. وتشهد المحافظة ظروفاً إنسانية صعبة رغم سريان وقف إطلاق النار منذ 20 يوليو (تموز)، الذي أنهى أسبوعاً من المواجهات التي اندلعت بين مقاتلين من الدروز ومسلحين بدو. وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 1400 شخص، العدد الأكبر منهم دروز، وفق وسائل إعلام سورية، وشردت 176 ألف شخص من منازلهم، وفق ما ذكرته الأمم المتحدة.


الرياض
منذ 34 دقائق
- الرياض
الأردن: ندين حملات التحريض المتواصلة ضدنا بشأن غزة
أدانت مملكة الأردن حملات التحريض المتواصلة ضدها بشأن قطاع غزة، مشيرةً إلى أن مواقفها ثابتة في دعم الشعب الفلسطيني . وأضافت مملكة الأردن حسب بيان لوزارة الخارجية الأردنية "حملات التشويه الممنهجة ومن يقف وراءها لن يطالوا من جهودنا لصالح غزة، وخاطبنا وزارات خارجية الدول التي وقعت فيها اعتداءات على سفاراتنا، وحملات التشويه الممنهجة ومن يقف وراءها لن يطالوا من جهودنا لصالح غزة ". وتابعة الخارجية الأردنية "حملة التحريض شملت اعتداءات على السفارات والبعثات الدبلوماسية الأردنية بالخارج، ونتابع الاعتداءات على سفاراتنا مع الجهات المعنية لضمان محاسبة مرتكبيها، وخاطبنا الدول التي تعرضت فيها سفاراتنا لاعتداءات لاتخاذ إجراءات لحمايتها".


عكاظ
منذ 42 دقائق
- عكاظ
لجنة تحقيق السويداء تعقد أول اجتماعاتها في دمشق.. اختارت رئيسها والمتحدث باسمها
عقدت لجنة التحقيق في أحداث السويداء اليوم (السبت) أول أول اجتماع لها في مقر وزارة العدل بدمشق، برئاسة الوزير مظهر الويس، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا). ونقلت الوكالة عن وزير العدل تأكيده على أعضاء اللجنة بضرورة العمل وفق المبادئ الأساسية للعدالة التي تنصف جميع المتضررين، مبيناً أن نتائج العمل يجب أن تصب في مصلحة السلم الأهلي، وإعادة الأمن والأمان والاستقرار لجميع مكونات الشعب السوري. ولفت إلى أنه بعد الاجتماع، عقد أعضاء اللجنة جلسة عمل داخلية، تم خلالها اختيار حاتم النعسان رئيساً، وعمار عزالدين متحدثاً إعلامياً، إضافة إلى تخصيص مقر دائم للجنة داخل وزارة العدل، كما تم فتح خطين هاتفيين للتواصل مع الأهالي في السويداء وتلقّي الشكاوى. وقال رئيس اللجنة حاتم النعسان، إن التحقيقات ستبدأ فوراً باللقاء مع المسؤولين في محافظتي السويداء ودرعا والأهالي المتضررين، مضيفاً: الهدف من اللجنة كشف الحقيقة كاملة وتحديد المسؤولين عن الأحداث الأليمة كأساس لتحقيق السلم المجتمعي، مع العمل بصلاحيات كاملة وشفافية. وكانت وزارة العدل أعلنت الخميس الماضي، تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث السويداء الأخيرة، بناءً على أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 98 لعام 1961 وتعديلاته، وأحكام القرار الرئاسي رقم 9 لعام 2025، وتوجيهات من الرئيس أحمد الشرع بالالتزام بكشف الحقيقة وضمان المساءلة، ومقتضيات المصلحة الوطنية. أخبار ذات صلة