
"الامتناع عن دفع الإيجار، والدفاع عن النفس في حال الطرد"، ماذا نعرف عن مجموعة "زيزيانز" التي ارتبطت بست جرائم قتل؟
ارتبطت مجموعة أمريكية تشبه الطائفة تُعرف باسم "زيزيانز" بسلسلة جرائم قتل، ما أدى إلى عدة اعتقالات لأشخاص ينتمون لتك المجموعة، فمن هم الأشخاص الذين يقفون وراءها، وبماذا يؤمنون؟
وألقي القبض على جاك لاسوتا (34 عاماً)، التي يُعتقد أنها تقود مجموعة مكونة من عشرات الأعضاء المعروفين باسم "زيزيانز"، إلى جانب ميشيل زاجكو (32 عاماً) ودانييل بلانك (26 عاماً)، بتهم تشمل التعدي على ممتلكات الغير وإعاقة العدالة.
وتقول السلطات إنها تحقق في ست جرائم قتل على الأقل في الولايات المتحدة، يزعم أنها مرتبطة بأعضاء المجموعة، بينها جريمة قتل شخصين معاً في بنسلفانيا، وهجوم بسكين في كاليفورنيا، وإطلاق نار على أحد أفراد حرس الحدود الأمريكي في يناير/كانون الثاني.
ووجهت اتهامات بالقتل إلى أربعة أعضاء آخرين في المجموعة.
أصول المجموعة
يُعتقد أن لاسوتا، وهي امرأة عابرة جنسياً، تتزعم المجموعة.
وتحصلت لاسوتا على شهادة في علوم الحاسوب من جامعة ألاسكا فيربانكس عام 2013 وفق مدونتها الإلكترونية، وبعدها بثلاث سنوات انتقلت إلى سان فرانسيسكو.
وهناك، كتبت أنها تقدمت بطلبات لعدة وظائف في شركات تكنولوجية ناشئة، بما في ذلك فترة تدريب قصيرة مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وبدأت في الارتباط بأشخاص مشاركين في "الحركة العقلانية" - وهو اتجاه فكري شائع في وادي السيليكون حول قوة العقل البشري في رؤية الحقيقة الواضحة، والقضاء على التحيز والتفكير السيء، وتطوير الأفراد والمجتمع.
بدأت لاسوتا التدوين باستخدام الاسم المستعار "زيز"، لكنها سرعان ما اختلفت مع "العقلانيين" وذهبت كتاباتها في اتجاهات غريبة.
وتضمنت مدونتها منشورات، تخلط بين تجاربها الشخصية، ونظرياتها حول التكنولوجيا والفلسفة، وتعليقات عن الثقافة الشعبية، وبرمجة الحاسوب، وعشرات المواضيع الأخرى.
وفي وقت ما، خلال منشور عن المسلسل التلفزيوني، المكتب (The Office) والذكاء الاصطناعي، كتبت: "أدركت أنني لم أعد قادرة على تحمل الناس، ولا حتى العقلانيين بعد الآن، وسأعيش بقية حياتي بمفردي، وسأخفي رد فعلي تجاه أي شخص، لقد تخليت عن قدرتي على رؤية الجمال حتى أتمكن من رؤية الشر".
أما المواضيع الأخرى التي نشرت حولها فشملت: الخُضرية - نمط غذائي يعتمد على الخضروات - والفوضوية.
وفي عام 2019، اعتُقلت لاسوتا وثلاثة آخرون أثناء احتجاجهم خارج فعالية نظمتها إحدى "المنظمات العقلانية"، كما تشير على مدونتها.
نعي كاذب
وعلى مدى السنوات التي تلت ذلك، تنقلت لاسوتا وآخرون من المجموعة في أنحاء الولايات المتحدة وفق تقارير. وفي وقت ما عاشوا على متن قارب، ثمّ في ممتلكات خاصة في كاليفورنيا وكارولينا الشمالية.
وفي عام 2022، صدرت مذكرة اعتقال في حق لاسوتا بعدما غابت عن حضور جلسة استماع في المحكمة تتعلق بالاحتجاجات، لكن محاميها في ذلك الوقت، قال إنها "توفيت بعد حادث قارب في منطقة خليج سان فرانسيسكو".
وأشار نعي نشر في صحيفة في ألاسكا، إلى أن لاسوتا أحبت "المغامرة والأصدقاء والعائلة والموسيقى والتوت الأزرق وركوب الدراجات وألعاب الحاسوب والحيوانات"، لكن اتضح فيما بعد أن الادعاء كان كاذباً، إذ أن لاسوتا مازالت على قيد الحياة.
وقالت الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي، جيسيكا تايلور، التي تقول إنها تعرف العديد من أعضاء المجموعة، لوكالة أسوشيتد برس، إن لاسوتا و"الزيزيانز" استغلوا معتقداتهم لتبرير خرق القوانين.
وأضافت تايلور أن من معتقداتهم "أشياء مثل الاعتقاد بأنه يمكن تجنّب دفع الإيجار، والدفاع عن النفس في حال التعرض للطرد".
وقالت الأستاذة المساعدة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بولومي ساها، التي تدرس الطوائف، إنه بينما لا يوجد تعريف قانوني لمثل هذه المجموعة، فإن العديد من سمات "الزيزيانز" تتوافق مع المفهوم الثقافي الشعبي في الولايات المتحدة.
وأوضحت أن "هذه مجموعة أفراد يبدو أنهم يتشاركون بعض وجهات النظر غير التقليدية"، مضيفة أن "هذا لا يعني تصنيفهم على أنهم طائفة، حتى وإن كانوا يتبعون شخصية قيادية تدعى زيز".
وتشير ساها إلى أنه لا يزال هناك غموض بشأن العلاقة بين أعضاء المجموعة، والدافع وراء أعمال العنف المزعومة في السنوات الأخيرة.
تصاعد العنف
وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن وفاتها، عادت لاسوتا إلى الظهور رفقة أعضاء آخرين من المجموعة في فاليجو في كاليفورنيا، الواقعة شمالي سان فرانسيسكو، حيث كان العديد من أعضاء مجموعتها يعيشون في شاحنات على أرض يملكها رجل يُدعى كيرتس ليند.
وفي مرحلة ما، زُعِم أن المجموعة توقفت عن دفع الإيجار، فرفع ليند دعوى قضائية لطردهم.
لكن الخلاف تصاعد، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تعرض ليند لهجوم بطعنه 50 مرة، وفقد إحدى عينيه، وفيما وصفته الشرطة لاحقاً بأنه دفاع عن النفس، أطلق ليند النار ضد المهاجمين، ما أدى إلى مقتل إيما بورهانيان الموظفة السابقة في غوغل التي كانت واحدة من أعضاء مجموعة "زيزيانز" وسبق أن اعتقلت في احتجاج "العقلانيين".
وألقي القبض على عضوين آخرين، وهما سوري داو وسومني لوجينسيا، واتهما بمحاولة قتل ليند، ولا يزالان في السجن في انتظار المحاكمة، كما أن لاسوتا كانت أيضاً في موقع الهجوم، لكن لم توجه أي اتهامات جنائية ضدها.
وفي الشهر التالي، قُتل والدا عضو في المجموعة في بلدة صغيرة في بنسلفانيا، حيث عُثر على ريتشارد زاجكو (71 عاماً) وزوجته ريتا (69 عاماً) مصابين برصاصات في الرأس في منزلهما.
وكان الزوجان زاجكو والدا ميشيل زاجكو، إحدى أعضاء مجموعة "الزيزيانز"، التي احتجزتها الشرطة لفترة وجيزة، لكن لم توجه ضدها أي تهم جنائية.
وألقي القبض على لاسوتا، إذ اتهمت بعرقلة إنفاذ القانون والسلوك غير المنضبط فيما يتعلق بهذا الحادث.
جرائم مستمرة
ومع ارتباطها بهذين الهجومين، ظلت المجموعة في أغلب الأحيان تحت الأنظار، لكن لم تحظ باهتمام عام واسع.
وفي 17 يناير/كانون الثاني، قُتل ليند، مالك الأرض في كاليفورنيا الذي زُعم أنه تعرض لهجوم من أعضاء في المجموعة.
وقالت شرطة فاليجو إن رجلاً طعن ليند حتى الموت، وكان يرتدي قناعاً وقبعة سوداء.
وفي وقت لاحق، وجهت الشرطة تهمة القتل إلى شخص يدعى ماكسيميليان سنايدر، وزعمت أن الأخير قتل ليند لمنعه من الإدلاء بشهادته في قضية الشروع بالقتل.
وتبع ذلك بعد أيام قليلة، مقتل أحد عناصر دورية حدود أمريكية.
وأوقف ضابط حرس الحدود الأمريكي ديفيد مالاند، عضوين في المجموعة، هما تيريزا يونغبلوت وفيليكس بوكهولت، قرب الحدود الكندية في فيرمونت.
واندلع اشتباك بالأسلحة النارية قُتل خلاله شخص يدعى بوكهولت، وهو مواطن ألماني معروف أيضاً باسم أوفليا.
وأصيب شخص أخر اسمه يونغبلوت، الذي ألقت الشرطة القبض عليه في وقت لاحق بتهمة حيازة أسلحة نارية.
وأدى إطلاق النار هذا إلى توسيع نطاق البحث عن أعضاء المجموعة، بعد أن أعلنت الشرطة أن السلاح المستخدم في قتل مالاند اشترته ميشيل زاجكو إحدى أعضاء المجموعة.
القبض على الفارين
وبعد إطلاق النار في فيرمونت، قالت الشرطة في بنسلفانيا إنها اكتشفت أدلة جديدة بشأن مقتل والدي زاجكو، فيما صدرت مذكرة قبض ضدّ لاسوتا، لغيابها عن حضور عدة جلسات في المحكمة.
ولم تستطع الشرطة تحديد مكان لاسوتا حتى يوم الأحد الماضي، عندما ألقي القبض عليها مع شخصين آخرين في المجموعة.
وذكر تقرير للشرطة أن أحد سكان فورستنبرغ، التي تبعد نحو 160 ميلاً (260 كيلومتراً) شمال غربي واشنطن العاصمة، اتصل بالشرطة لطلب المساعدة في إبعاد ثلاثة أشخاص "مشتبه بهم" طلبوا التخييم على أرض يمتلكها لمدة شهر.
وقالت شرطة ماريلاند إن الثلاثة متهمون بالتعدي على ممتلكات الغير وعرقلة سير العدالة، كما وجهت إلى لاسوتا وزاجكو تهمة أخرى بانتهاكات تتعلق بالأسلحة، بينما رفضت الشرطة الإفراج عنهم مقابل كفالة.
ورفض محامي لاسوتا، دانييل ماكجاريجلي، التعليق على الاعتقال، لكنه أرسل لبي بي سي بياناً أصدره سابقاً بشأن موكلته قال فيه: "أحث الصحافة والجمهور على الامتناع عن التكهنات والاستنتاجات المبكرة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- BBC عربية
إيران تلقي باللوم على "الإهمال" في انفجار أكبر ميناء للحاويات في البلاد، وارتفاع عدد القتلى إلى 70 شخصاً
قال وزير الداخلية الإيراني إن الإهمال كان من العوامل المسببة للانفجار الهائل والحريق في أكبر ميناء للحاويات في البلاد، مع ارتفاع عدد القتلى إلى ما لا يقل عن 70 شخصاً. وصرّح إسكندر مؤمني أن الانفجار الذي وقع يوم السبت في ميناء الشهيد رجائي بمدينة بندر عباس، وأدى أيضاً إلى إصابة أكثر من 1000 شخص، نتج عن "نقاط قصور، من بينها عدم الالتزام باحتياطات السلامة والإهمال". وأضاف أن "بعض الأفراد الذين يُعتبرون مسؤولين" تم استدعاؤهم للتحقيق. وأفادت سلطات الجمارك أن شحنة مستوردة اندلع فيها الحريق وانفجرت، بينما نفت وزارة الدفاع التقارير الأجنبية التي زعمت أنها كانت شحنة تحتوي على مادة كيميائية تُستخدم كوقود للصواريخ. كما قال مدير إدارة الأزمات في محافظة هرمزغان، مهرداد حسن زاده، يوم الإثنين إن جهود إطفاء الحريق في الميناء "شارفت على الانتهاء". ومن جانبه، صرّح محافظ هرمزغان محمد آشوري تزياني أن عمليات تنظيف الميناء قد تستمر لعدة أيام أخرى، وقد يستغرق الأمر من أسبوع إلى أسبوعين قبل عودة الوضع إلى طبيعته هناك. وقدّر تزياني أن حوالي 1500 هكتار (أي ما يعادل 3700 فدان)، أو ما يقارب ثلثي مساحة الموقع، تضررت بشدة نتيجة الانفجار. وقالت إدارة الجمارك، بحسب ما نقلته وكالة أنباء "إيسنا"، إن الشحنة التي اشتعلت وانفجرت لم تكن قد سُجلت أو صُرّح عنها رسمياً قبل الحادث. ويوم الأحد، ألقى الرئيس التنفيذي للشركة التي كانت تدير المنطقة المتضررة، وهي شركة "سينا مارين آند بورت سيرفيسز ديفيلوبمن- شركة لتطوير خدمات الموانئ والبحرية"، باللوم على "خطأ متكرر وكارثي يتعلق بالإقرار الكاذب عن البضائع الخطرة". ونفت وزارة الدفاع الإيرانية التقارير التي تفيد بأن الانفجار نجم عن التعامل غير السليم مع شحنة من بيركلورات الصوديوم، وهي مادة صلبة تُستخدم كوقود في الصواريخ الباليستية. وقال المتحدث باسم الوزارة، العميد رضا طالائي-نيك، يوم الأحد إنه "لا توجد ولم تكن هناك أي شحنات وقود أو بضائع ذات استخدام عسكري تم استيرادها أو تصديرها في محيط الحادث"، واتهم وسائل الإعلام الأجنبية بنشر "أخبار كاذبة". وقالت شركة "أمبري إنتليجنس"، وهي شركة استشارات خاصة في مجال المخاطر البحرية، لوكالة أسوشيتد برس إن الميناء تلقى شحنة من بيركلورات الصوديوم الشهر الماضي، وإن الانفجار كان "على ما يبدو نتيجة لسوء التعامل مع الشحنة". كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شخص لم يُكشف عن اسمه، وله صلات بالحرس الثوري الإيراني، قوله إن بيركلورات الصوديوم هي التي انفجرت.


Reuters عربية
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- Reuters عربية
تقصي الحقيقة: مقطع فيديو قديم لا يصور اقتحام سكان من قطاع غزة معبر رفح للهروب منه إلى مصر
7 أبريل نيسان - انتشر على شبكة الإنترنت مقطع فيديو يصور أناسا يركضون نحو شاحنة مساعدات تقف عند معبر رفح في فبراير شباط 2024، مصحوبا بوصف مضلل يقول إنه يصور اقتحام نازحين فلسطينيين للمعبر الحدودي للدخول إلى مصر فرارا من التصعيد الأخير للعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة. و استأنفت إسرائيل, opens new tab في 19 مارس آذار عملياتها البرية في وسط قطاع غزة وجنوبه بعد انهيار اتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف لإطلاق النار في القطاع استمر لشهرين. وتداولت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يصور حالة من الهرج على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وكتب منشور, opens new tab مصاحب للفيديو "فديو متتداول من الصبح إن معبر رفح مغلق والناس بتهرب من فوق سور المعبر". لكن وكالة أسوشيتد برس نشرت في 18 فبراير شباط 2024 نسخة أطول من مقطع ال فيديو, opens new tab وقالت إن اللقطات أخذت في 16 فبراير شباط، وتصور في واقع الأمر العشرات وهم يتسابقون للوصول إلى شاحنة مساعدات كانت تقف آنذاك عند مدخل المعبر. وصاحب مقطع الوكالة تعليق يقول "الشرطة تطلق النار بعد أن هاجم حشد من الناس شاحنة مساعدات عند معبر رفح بغزة"، وكُتب على الفيديو عبارة "معبر رفح، قطاع غزة - 16 فبراير 2024". كما نشر موقع قناة العربية, opens new tab على الإنترنت مقطع الفيديو، ونقلت القناة آنذاك عن مسؤول فلسطيني نفيه صحة اقتحام معبر رفح من الجانب الفلسطيني. وأضاف المسؤول أن "مجموعة من المواطنين النازحين بجوار المعبر البري من الجانب الفلسطيني أشعلوا إطارات السيارات أمام البوابة الرئيسية للمعبر. ثم قاموا بعدها بفتح بوابة المعبر والاعتداء على شاحنات تحمل مساعدات غذائية كانت في طريقها للقطاع". وقال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان آنذاك في مداخلة تلفزيونية, opens new tab نشرتها قناة "إم.بي.سي مصر" على يوتيوب في 17 فبراير شباط 2024 إن التدافع والاشتباك حدث في الجانب الفلسطيني من رفح و"ليس له أي علاقة بالجانب المصري على الإطلاق"، نافيا حدوث "محاولة لاقتحام المعبر من الجانب الفلسطيني للجانب المصري". وتمكن فريق رويترز من تحديد الموقع الجغرافي, opens new tab لالتقاط الفيديو باستخدام خرائط جوجل وهو ما يتطابق, opens new tab مع مكان تصويره، و فندت رويترز في السابق ادعاء مماثلا. الحكم: وصف مضلل. مقطع الفيديو من فبراير شباط 2024 ويصور تسابق العشرات من سكان قطاع غزة نحو شاحنة للمساعدات عند معبر رفح، وليس اقتحام فلسطينيين للمعبر للهروب إلى مصر فرارا من الحرب الدائرة في القطاع. أنتج هذا المقال فريق " تقصي الحقيقة" التابع لرويترز. يمكنكم الاطلاع على عملنا للتحقق من الأخبار.


BBC عربية
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- BBC عربية
إدارة ترامب تكشف عن وثائق جديدة حول اغتيال الرئيس السابق جون كينيدي
نشرت مؤخراً آلاف الوثائق المتعلقة بالتحقيق في اغتيال الرئيس الأمريكي السابق، جون. إف. كينيدي. وكما توقع خبراء، فإن هذه الوثائق الأخيرة الصادرة من إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، لا تجيب على كل الأسئلة العالقة حول إحدى نقاط التحول التاريخية في الولايات المتحدة - اغتيال الرئيس الأسبق كينيدي في دالاس عام 1963. لكن الدفعة الأخيرة من الوثائق التي كشف عن بعضها جزئياً، والبعض الأخر كلياً، تتحدث عن مراقبة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لقاتل جون كينيدي قبل عملية إطلاق النار. وخلص تحقيق أجرته الحكومة الأمريكية في ستينيات القرن الماضي إلى أن لي هارفي أوزوالد، وهو رحّال وضابط سابق في قوات مشاة البحرية الأمريكية انشق في مرحلة ما إلى جانب الاتحاد السوفييتي آنذاك، وتصرف بمفرده عندما أطلق النار على موكب كينيدي من مبنى قريب. لكن القضية لا تزال تُثير تساؤلات، إلى جانب نظريات المؤامرة الواسعة بعد أكثر من 60 عاماً، ومن غير المرجح أن يُغيّر نشر الوثائق مؤخراً هذا الوضع. وإليكم بعض النقاط الرئيسية الواردة في الوثائق. 1- المزيد عن أوزوالد لكن دون مفاجآت قال المراسل السابق لصحيفة واشنطن بوست، جيفرسون مورلي، إن "الوثائق ألقت مزيداً من الضوء على المراقبة القوية لوكالة الاستخبارات المركزية لأوزوالد". وأضاف مورلي وهو محرر في مدونة "حقائق جون كينيدي"، أن أوزوالد "موضوع اهتمام عميق لوكالة الاستخبارات المركزية" قبل وقت طويل من الاغتيال، لكن لم يتضح مدى هذا الاهتمام إلا في السنوات القليلة الماضية. ونشرت العديد من الوثائق سابقاً، لكن الآن تتوفر نسخ أكثر اكتمالاً، رغم أن متخصصين ما زالوا يبحثون في الأمر، إذ لم تظهر أي قصص مدوية حتى الآن. ومع ذلك، يصف مورلي الوثائق الأخيرة بأنها "الخبر الأكثر إثارة فيما يتعلق بجون كينيدي منذ التسعينيات"، موضحاً: "لقد أصبحت عدة وثائق مهمة للغاية، متاحة الآن". وأشاد خبراء بنشر الوثائق باعتباره خطوة نحو الشفافية، ففي الماضي أُتيحت مئات الآلاف من الوثائق، مع حجب أجزاء منها، بينما حُجِب نشر وثائق أخرى بحجة مخاوف الأمن القومي. وقال فيليب شينون، الذي ألف كتاباً عام 2013 عن الاغتيال، لوكالة أسوشيتد برس، إن الوثائق التي كُشف عنها سابقاً وصفت رحلة قام بها أوزوالد إلى مدينة مكسيكو في سبتمبر/أيلول 1963، قبل أشهر من الاغتيال. وأوضح أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت تراقبه في ذلك الوقت، بحسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس، مضيفاً أن "هناك سبب للاعتقاد بأنه تحدث علانية عن قتل كينيدي في مدينة مكسيكو، وأن الناس سمعوه يقول ذلك". وفي مذكرة سابقة صدرت في أبريل/نيسان 1975، قللت وكالة الاستخبارات المركزية من أهمية ما كانت تعرفه عن رحلة أوزوالد إلى مدينة مكسيكو، وفق ما أوردت وكالة أسوشييتد برس. وأوضحت أن وكالة الاستخبارات المركزية سجلت ثلاث مكالمات هاتفية بين أوزوالد وحارس في السفارة السوفيتية، لكن أوزوالد لم يعرف عن نفسه إلا في واحدة منها. 2 - كشف أساليب الاستخبارات وتسلط عدد من الوثائق الضوء على علاقة كينيدي بوكالة الاستخبارات المركزية قبل وفاته، وعلى تقنيات جمع المعلومات الاستخباراتية، مما يوفر معلومات عن عمليات الحرب الباردة. وتكشف مذكرة حديثة عن نسخة مكتملة لملاحظة كتبها آرثر شليزنجر، أحد مساعدي كينيدي. وتنتقد المذكرة، وكالة الاستخبارات المركزية ودورها في تشكيل السياسة الخارجية، وتظهر الوجود الكبير للوكالة في السفارات الأمريكية، حتى في دول حليفة مثل فرنسا. ويُحذّر شليزنجر في المذكرة، كينيدي من تأثير الوكالة على السياسة الخارجية الأمريكية، ورغم أن المذكرة لا ترتبط مباشرة بالاغتيال، لكنها توضح تفاصيل العلاقة المضطربة بين الرئيس ووكالات الاستخبارات. وتعارض وكالة الاستخبارات المركزية، نشر معلومات تشغيلية أو تتعلق بالميزانية، بحسب ديفيد باريت، الأستاذ في جامعة فيلانوفا والمختص في شؤون وكالة الاستخبارات المركزية والسلطة الرئاسية. وقال باريت: "إنه أمر جيد للغاية بالنسبة للحكومة أن تنشر هذه الوثائق حتى لو كانت لا تزال تحتوي على بعض التعديلات". وتوضح وثيقة أخرى تفاصيل استخدام المسح الفلوري، باستخدام الأشعة السينية للكشف عن الأجزاء الداخلية من الجسم. وطُورت هذه التقنية للكشف عن أجهزة تنصت مخفية يُحتمل استخدامها للتجسس على مكاتب وكالة الاستخبارات المركزية. وفي وثيقة أخرى، تصف وكالة الاستخبارات المركزية نظاماً لوضع علامة سرية وتحديد صناديق هواتف عامة يتم التنصت عليها، باستخدام طلاء لا يمكن رؤيته إلا تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية. ويبرز في المذكرة اسم جيمس ماكورد، الذي ذاع صيته لاحقاً كأحد المشاركين في اقتحام مجمع ووترغيت، وهو ما أشعل شرارة الفضيحة التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون. 3 - إحياء نظريات قديمة وادعت بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الوثائق الأخيرة تكشف عن تفاصيل جديدة بشأن مؤامرات مزعومة منذ فترة طويلة ضد كينيدي، على الرغم من أن بعض هذه التفاصيل كانت معلنة منذ سنوات. وتتضمن هذه الوثائق منشورات عدة انتشرت على نطاق واسع عن غاري أندرهيل، عميل الاستخبارات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية. ويزعم أندرهيل أن مجموعة من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية، كانت وراء عملية الاغتيال، وهي نظرية نشرت علانية في مجلة رامبارتس اليسارية في عام 1967. وصُنفت وفاة أندرهيل عام 1964، على أنها عملية انتحار، لكن المجلة شككت في ذلك. وانتشرت صور مذكرة من سبع صفحات تتعلق بأندرهيل، الثلاثاء، لكن الجزء الأكبر منها ليس جديداً، إذ تداولت مواقع على الانترنت قصته منذ فترة طويلة، ونُشرت مذكرة وكالة الاستخبارات المركزية التي ذكرت هذه القصة لأول مرة عام 2017. وكانت هناك بعض الجمل التي وردت في صفحة واحدة من المذكرة، لم يتم تنقيحها في الإصدار الأخير. والأهم من ذلك، هو أن النظرية تستند إلى رواية من مصدر غير مباشر، ونُشرت بعد وفاة أندرهيل ولا تتضمن أي أدلة قاطعة. ومع ذلك، كانت هذه القصة واحدة من بين عدد من النظريات غير المؤكدة المتداولة بعد نشر الوثائق. 4 - هل كُشف عن الوثائق بشكل كامل؟ ونص قانون صدر عام 1992 على ضرورة الكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بالاغتيال خلال 25 عاماً، لكن هذا القانون تضمن أيضاً استثناءات تتعلق بالأمن القومي. وأدى الضغط من أجل مزيد من الشفافية إلى إصدار المزيد من الوثائق مع مرور الوقت، فأصدر كل من ترامب في ولايته الأولى، وبايدن في عام 2023، دفعات من الوثائق. وقبيل إصدار الوثائق الجديدة، قال ترامب إنه طلب من موظفيه "عدم حجب أي شيء" منها. لا يبدو أن هذا صحيح، فالوثائق الجديدة لا تزال تحتوي على بعض التعديلات، ومع ذلك، اتفق خبراء على أن الإصدار الأخير يُعدّ خطوة للأمام نحو الشفافية. وتحدث مورلي المحرر في مدونة "حقائق جون كينيدي"، عن وثائق أخرى في الأرشيف الوطني لم يفرج عنها بعد، إضافة إلى وثائق تحتفظ بها وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي. ورغم إمكانية نشر المزيد من الوثائق، إلا أن التساؤلات بشأن اغتيال جون كينيدي ستظل قائمة بلا شك. وقال باريت، المؤرخ من فيلانوفا: "كلما وقعت حادثة اغتيال، تُثار نقاشات، وتُطرح نظريات مؤامرة إلى حد ما. ولن يتغير هذا الوضع بفضل هذه الوثائق أو غيرها".