logo
ترامب.. رقصة النهاية أم تأكيد الهيمنة؟ (1)

ترامب.. رقصة النهاية أم تأكيد الهيمنة؟ (1)

الجزيرةمنذ 4 أيام
بينما يصوَّر أحيانًا كظاهرة شعبوية عابرة، يبدو دونالد ترامب في الواقع تعبيرًا صريحًا عن مرحلة انتقالية خطيرة في النظام العالمي، حيث تُختبر فيه أسس الهيمنة الأميركية القديمة أمام تحديات عالم متغير، ومجتمع داخلي منقسم.
في هذا المقال، لا نتحدث عن مؤامرة، بل عن تخطيط إستراتيجي ديناميكي تمارسه الدول الكبرى منذ قرون. هذا النوع من التخطيط يتأثر بالبيئة ويتفاعل معها، لكنه يحتفظ بثبات إستراتيجي في الأهداف الكبرى: الهيمنة، والتفوق، وفرض القواعد. أما التكتيكات، فهي تتغير بحسب المرحلة والظروف.
سنركّز في هذا السياق على أوروبا، والشرق الأوسط، والشرق الأقصى، والصين، لأنها تمثل مناطق الصراع الحيوي بالنسبة للولايات المتحدة، محور هذا المقال بالأساس، وفيها أعظم وأقوى الحلفاء والخصوم الذين يشكلون ملامح التحدي الحقيقي أمام استمرار الهيمنة الأميركية.
إذا كانت أميركا قد وصلت إلى القمة، فإن هذا الموقع قد أصابها بشيء من التكبر وخمول القمة، بينما تنشط اليوم مناطق أخرى أكثر حيوية وقدرة على الإنتاج والنمو، ما يهدد بتغيير موازين القوة
القواعد تُصنع لا تُتبع
القوة في العلاقات الدولية لم تعد تقتصر على الجيوش، بل أصبحت متعددة الأبعاد: تكنولوجية، ومالية، وثقافية، ومعرفية.. إن من يمتلك القدرة على تشريع القواعد وتعديلها يمتلك بالضرورة سلطة الهيمنة، خاصة إذا كانت مدعومة برأسمال ضخم وبنية معرفية عالية.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية تبنّت الولايات المتحدة شعارات جذابة، تحترم الروح القومية المتصاعدة آنذاك، واستخدمت هذه الشعارات كأداة لإعادة تشكيل النظام العالمي بطريقة تضمن بقاءها في موقع القيادة، وتمنحها شرعية واسعة في أعين الشعوب والحكومات التي سعت لإدماجها في منظومتها؛ حيث صاغت النظام العالمي الجديد، مؤسسات وقواعد، واستثمرت في حلفاء يمكن الاعتماد عليهم، مع ضمان تبعيتهم الناعمة لها.
بذلك، استطاعت واشنطن تحقيق سيطرة فعالة دون صدام مباشر، وهذا الترتيب جاء بعد أن استُنزف الغرب الأوروبي في الحرب، وورثت أميركا قيادة المشروع الغربي الذي جمع بين الرأسمالية والليبرالية والديمقراطية.
هذا، لا يعني بالضرورة أن الأطراف الأخرى كانت جاهلة بما تفعله القوى الكبرى (وإن لم تكن دائمًا معلَنة بكل تفاصيلها)، ولكنها ربما كانت غير قادرة على التحرك لإيقاف هذا المخطط.
ولهذا، تتبنى الدول والتنظيمات الأقل قوة أحيانًا سياسة المجاراة، حتى تتمكن من تغيير الوضع لمصلحتها لاحقًا، أو الاندماج في الإستراتيجية القائمة، ما دامت أنها تحقق لها بعض المكاسب المرحلية التي يمكن استثمارها مستقبلًا لتحسين وضعها.
ولكن أميركا- وكأي قوة عظمى- أنهكت نفسها من أجل بسط سيطرتها، فالعالم اليوم لا يشبه ما كان عليه عشية الحرب العالمية الثانية.. كثير من الدول تعلمت الدرس، وخبرت كيف تُدار الأمور وفق القواعد التي وضعتها الحضارة الغربية، واكتسبت فهمًا عميقًا لدهاليز النظام العالمي، وطريقة تفكير الولايات المتحدة.
وإذا كانت أميركا قد وصلت إلى القمة، فإن هذا الموقع قد أصابها بشيء من التكبر وخمول القمة، بينما تنشط اليوم مناطق أخرى أكثر حيوية وقدرة على الإنتاج والنمو، ما يهدد بتغيير موازين القوة.
التحدي الداخلي: الديمقراطيون كخصم إستراتيجي؟
تعيش الولايات المتحدة الأميركية اليوم لحظة فارقة من تاريخها السياسي، إذ وجدت نفسها أمام تحدٍّ خطير يفرض إعادة النظر في مكانتها كقوة مهيمنة في العالم.
غير أن هذه الضرورة الإستراتيجية اصطدمت بانقسام داخلي حاد حول الكيفية المثلى للتعامل مع الأزمة، رغم وجود اتفاق عام بين مختلف التيارات على أن ثمة خللًا حقيقيًّا يهدد استمرار الدور الأميركي القيادي عالميًّا.
ففي قلب هذا الانقسام، تظهر معضلة جوهرية: أيجب أن يوجَّه فائض الأرباح نحو تعزيز الرفاه الاجتماعي والاستقرار الداخلي، وتقليل الفوارق الطبقية، أم ينبغي توجيه هذا الفائض نحو دعم كبرى الشركات وتمكينها من إعادة توطين الإنتاج الصناعي في الداخل، لتعويض ما خسرته أميركا من قدرات صناعية خلال العقود الماضية، بعد أن أهمل الغرب الصناعة لصالح التكنولوجيا وتركها لآسيا، حيث برزت قوى شرقية تنافس الغرب في مجالات حيوية كانت حصرًا عليه؟
هذا التوتر، بين التوزيع الاجتماعي للثروة وإعادة بناء القوة الاقتصادية، يدفع بالصراع الأميركي إلى مستويات أعمق من مجرد خلاف حزبي تقليدي.
ففي المعسكر الليبرالي، وتحديدًا داخل الحزب الديمقراطي، تتصاعد أصوات التيار التقدمي المدافعة عن قضايا اجتماعية وحقوقية، قد تبدو في غير محلها في ظل السياق الجيوسياسي الراهن؛ إذ تساهم هذه القضايا- من حيث لا تدري- في تشتيت الجهود وصرف الانتباه عن جوهر الصراع: استعادة الهيمنة العالمية.
أما التيار المعتدل داخل الحزب ذاته، فيجد نفسه مضطرًا للتماهي مع هذه المطالب التقدمية، بحكم ارتباطه بشريحة من قاعدته الانتخابية.
في المقابل، استطاع دونالد ترامب، بعد عودته إلى سدة الحكم 2025 توحيد البيت الجمهوري خلفه، وهو يسعى الآن لتوسيع هذا التماسك إلى نطاق وطني.
وقد ركّز بشكل ملحوظ على مهاجمة التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي؛ لأنه يشكّل الحلقة الأضعف جماهيريًّا، ما يجعل ضربه أسهل وسيلة لزعزعة صورة الحزب ككل، دون الدخول في تعقيدات الصراع مع بقية التيارات، أو طرح بدائل تفصيلية لسياساته.
يرى ترامب أن الحل يكمن في تبني خيارات اقتصادية قاسية، تتطلب خفضًا في التكاليف الإنتاجية، وهو ما يعني بالضرورة إفقار بعض الطبقات داخل المجتمع الأميركي.
وهذه الفئات، بإحساسها المتنامي بالظلم، تصبح وقودًا لاضطرابات داخلية قد تقوّض الاستقرار الأميركي من الداخل، خاصة أن الشعور بالظلم كان ولا يزال من أقوى محركات الفعل الجماعي في التاريخ البشري، وهذا بدوره سيغذي الحزب الديمقراطي، مما سيدفع نحو مزيد من التوتر.
وبينما يرى ترامب أن الدولة الأميركية لم تعد تملك ترف التساهل أو اللين، فإن التيارات التقدمية تتعامل- من وجهة نظره- برؤية لا تعترف بخطورة التحديات التي تواجه أميركا، وتبدو كأنها منفصلة عن الواقع.
إن التحدي الأكبر للولايات المتحدة اليوم لا يأتي من الخارج فقط، بل من الداخل أيضًا؛ فالفشل في إيجاد توازن بين المطالب الاجتماعية الضرورية من جهة، ومتطلبات إعادة بناء القوة الاقتصادية من جهة أخرى، قد يسرّع انحدار الولايات المتحدة إلى نقطة تصعب العودة منها.
وما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن كلا الطرفين يمتلك جزءًا من الحقيقة، مما يوسّع الهوة بينهما، ويجعل التوصل إلى أرضية مشتركة أمرًا بالغ الصعوبة.
وفي ظل استمرار هذا الانقسام العميق، يبدو أن ثمة سيناريوهين محتملين: إما بروز شخصية قوية قادرة على فرض رؤيتها، وتوحيد الداخل خلفها بالقوة إن لزم الأمر، وهو ما يسعى ترامب لتجسيده؛ أو استمرار التشرذم والانقسام، ما قد يؤدي إلى إضعاف أميركا من الداخل، حتى قبل أن تخسر موقعها في النظام العالمي.
يقدم ترامب المعركة على أنها ليست فقط ضد خصومه في الحزب الديمقراطي، بل ضد حالة من التراخي والتفكك الداخلي الذي يراه الخطر؛ فهو يخوض معركة على جبهتين: داخلية تمس هوية الدولة واتجاهها الاقتصادي والاجتماعي، وخارجية تتعلق بإعادة فرض الهيمنة الأميركية على عالم بات أقل استعدادًا للخضوع.
أوروبا: الحليف المنهك
التحالف الأميركي الأوروبي، الذي شكّل محور الهيمنة الغربية بعد الحرب، بدأ يفقد بريقه. أوروبا، الغارقة في البيروقراطية، لم تعد تملك نفس القوة التي كانت تؤهلها للعب دور الشريك الرئيسي كما في السابق، خاصة بعد أن فقدت الكثير من نفوذها في مناطق مثل أفريقيا لصالح قوى صاعدة كالصين وروسيا وبعض دول الخليج العربي.
بالضرورة، لا تسعى الولايات المتحدة إلى التخلص من حليفها الأوروبي، بل إلى إعادة تقييم العلاقة، وصياغة شراكة جديدة تنسجم مع موازين القوة الراهنة في العالم.
يمثل ترامب القوة التي تتبى رؤية أن أوروبا لم تعد تحتل ذات المكانة الإستراتيجية التي كانت لها في السابق، وهو يسعى لدفعها لتحمل جزء أكبر من أعباء الدفاع عن هذا الثغر.
هذا التوجه لا ينبع من عداء، بل من قراءة واقعية لمعادلات النفوذ المتغيرة، حيث أصبحت مناطق مثل الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ أكثر حيوية وتأثيرًا في المستقبل.
ومن خلال هذا، يسعى ترامب إلى إعادة توزيع النفوذ بطريقة تُبقي الولايات المتحدة في موقع القيادة، عبر تدوير التحالفات والسيطرة على سلم الصعود والهبوط الدولي، بحيث تظل أميركا طرفًا لا غنى عنه لكل من يطمح إلى الصعود أو يخشى التراجع.
لقد تبنّت أميركا قيادة العالم من بعد بريطانيا كوريث شرعي لقيم ومؤسسات الغرب، خاصة بعد أن استُنزف الغرب الأوروبي بالحرب العالمية، بينما كانت أميركا- التي نشأت من رحم مجتمعات مشابهة لأوروبا- مستعدة لحمل الراية الغربية: الديمقراطية، والرأسمالية، والليبرالية. سعت واشنطن لاحتواء الحلفاء القدامى ودعمهم لضمان تبعيتهم المستمرة ضمن نظام عالمي جديد تقوده هي.
ومن بين أبرز محفزات هذا التحالف كان التهديد المستمر من الشرق (الاتحاد السوفياتي)، الذي برز بعد الحرب كقوة كبرى تهدد الهيمنة الغربية.
لقد شكل الاتحاد السوفياتي تهديدًا دائمًا للقارة، وهو ما منح أميركا شرعية لحماية أوروبا وتوسيع نفوذها من خلال الناتو. ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، تمادت واشنطن في التمدد شرقًا، مما أشعر روسيا- وريثة الاتحاد السوفياتي- بالحصار والتهميش.
إعلان
وعادت موسكو اليوم، من خلال حربها في أوكرانيا، لتشكل تهديدًا جديدًا للمنظومة الغربية، تسعى أميركا لاستثماره على أكثر من صعيد: من خلال تحفيز أوروبا على الاصطفاف من جديد تحت رايتها وفقًا لشروط جديدة، واستنزاف روسيا في حرب تدور على عتبة دارها.
تُدرك واشنطن أن روسيا اليوم ليست خصمًا مكافئًا، لكنها تمثل تهديدًا يُمكن توظيفه لإعادة إنتاج قيادة أميركا للتحالف الغربي، مع كلفة منخفضة نسبيًّا، ريثما تتفرغ للمواجهة الكبرى مع الصين، التي من المرجح أن تتحالف مع روسيا (لذلك تفضل روسيا أضعف وأقرب للغرب) في حال دارت حرب بينها وبين أميركا. هكذا ترى أميركا أن الخطر الروسي هو أداة ضغط وشرعية لإعادة هندسة التحالفات الأوروبية، بينما تبقى الصين الخطر الأكبر والأكثر جدية في الصراع العالمي المقبل.
هكذا تبدو التحديات التي تواجه ترامب في الغرب، فماذا عن الشرق؟. هذا ما نستعرضه في الجزء الثاني من المقال.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحوثيون يتوعدون باستهداف سفن الشركات المتعاملة مع موانئ إسرائيل
الحوثيون يتوعدون باستهداف سفن الشركات المتعاملة مع موانئ إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 13 دقائق

  • الجزيرة

الحوثيون يتوعدون باستهداف سفن الشركات المتعاملة مع موانئ إسرائيل

قالت جماعة أنصار الله (الحوثيين) إنها قررت تصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل ، مؤكدة أنها بدأت ما أطلقت عليها المرحلة الرابعة من الحصار على العدو الإسرائيلي. وقال المتحدث العسكري باسم أنصار الله يحيى سريع إن المرحلة الرابعة التي أطلقتها الجماعة تشمل "استهداف جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ العدو، وفي أي مكان يمكن الوصول إليه". وقال سريع -في بيان متلفز- إن الشركات التي تتجاهل التحذيرات ستتعرض سفنها للهجوم بغض النظر عن وجهتها، وبغض النظر عن جنسيتها. وأضاف في هذا الصدد: "تحذر القوات المسلحة اليمنية كافة الشركات بوقف تعاملها مع موانئ العدو الإسرائيلي ابتداء من ساعة إعلان هذا البيان، ما لم (تستجب)، فسوف تتعرض سفنها وبغض النظر عن وجهتها للاستهداف في أي مكان يمكن الوصول إليه أو تطاله صواريخنا ومسيراتنا". ودعا سريع "كافة الدول إلى أن عليها -إذا أرادت تجنب هذا التصعيد- الضغط على العدو لوقف عدوانه ورفع الحصار عن قطاع غزة ، فلا يمكن لأي حر على هذه الأرض أن يقبل بما يجري". وأكد أن اليمن يجد نفسه أمام مسؤولية دينية وأخلاقية كبرى بسبب استمرار الإبادة في غزة. خيارات تصعيدية والخميس الماضي، قال زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي إنهم يدرسون خيارات تصعيدية إضافية دعما للفلسطينيين بغزة، وذلك مع استمرار عملياتهم البحرية ضد السفن التابعة لإسرائيل أو المتوجهة إليها. وقال الحوثي -في كلمة عن مستجدات العدوان على قطاع غزة- إن موقفهم الرسمي والشعبي وعلى كل المستويات لن يألو جهدا في نصرة الشعب الفلسطيني. وأشار إلى استمرار تطوير القدرات العسكرية لتكون أكثر فاعلية في "التنكيل بالعدو الإسرائيلي والضغط عليه". كذلك أكد استمرار "حظر الملاحة البحرية على العدو الإسرائيلي"، وقال إن ميناء أم الرشراش (إيلات) عاد إلى الإغلاق التام، وهو ما تسبب في خسائر كبيرة لإسرائيل، بحسب زعيم الحوثيين. وأشار الحوثي إلى أنهم نفذوا منذ بداية الإسناد لقطاع غزة 1679 عملية عسكرية ما بين صواريخ وطائرات مسيّرة وزوارق حربية. كما كشف عن أن اليمن تعرض لـ2843 غارة وقصفا بحريا سقط بسببها المئات من القتلى والجرحى، لكنها فشلت في منع الموقف اليمني من مساندة الشعب الفلسطيني بغزة. وتواصل جماعة الحوثيين مهاجمة السفن التابعة لإسرائيل وكذلك السفن المتوجهة إليها، وتشدد على استمرار العمليات حتى وقف إسرائيل حرب الإبادة في غزة. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري ، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

مئات الحاخامات اليهود يطالبون إسرائيل بوقف التجويع وقتل المدنيين
مئات الحاخامات اليهود يطالبون إسرائيل بوقف التجويع وقتل المدنيين

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

مئات الحاخامات اليهود يطالبون إسرائيل بوقف التجويع وقتل المدنيين

وقّع مئات الحاخامات اليهود من مختلف أنحاء العالم، الذين يتبعون تيارات دينية متعددة، على رسالة تدعو إسرائيل إلى وقف استخدام التجويع كسلاح حرب. وحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أمس الأحد، فإنّ مئات من الحاخامات (رجال دين يهود) في مختلف أنحاء العالم وقعوا على رسالة، جاء فيها أنّ "الشعب اليهودي يواجه أزمة أخلاقية خطيرة". وأوضحوا في الرسالة: "لا يمكننا أن نغض الطرف عن القتل الجماعي للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، أو استخدام التجويع كسلاح حرب". ووصفت الرسالة ما اعتبرته "تقليص المساعدات الإنسانية إلى غزة"، ومنع الغذاء والماء والأدوية عن المدنيين، بأنه "يتعارض مع القيم اليهودية الأساسية". ورغم تأكيد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن إسرائيل تتسبب في تجويع الفلسطينيين في قطاع غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو زعمت تنفيذ إجراءات لتسهيل دخول المساعدات، منها فتح ممرات جديدة وإلقاء مساعدات من الجو وتحديد فترات وقف إطلاق نار مؤقتة. كما انتقدت الرسالة سياسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية ، ودعت إلى وقف عنف المستوطنين وملاحقة المعتدين من بينهم. واختُتمت الرسالة بالدعوة إلى حوار يضمن الأمن للإسرائيليين، والكرامة والأمل للفلسطينيين، ومستقبلًا سلميا للمنطقة. وتأتي الرسالة في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع. ويعيش قطاع غزة إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه وفي التاريخ المعاصر، حيث تتداخل حالة التجويع القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى. لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

صحيفة عن مسؤولين بإدارة ترامب: الوقت مناسب لصفقة شاملة تنهي الحرب
صحيفة عن مسؤولين بإدارة ترامب: الوقت مناسب لصفقة شاملة تنهي الحرب

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

صحيفة عن مسؤولين بإدارة ترامب: الوقت مناسب لصفقة شاملة تنهي الحرب

نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مصدر مطلع -اليوم الاثنين- قوله إن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرون أن الوقت أصبح مناسبا للتوصل إلى صفقة شاملة تؤدي إلى إطلاق جميع "الرهائن" وإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة. وذكرت الصحيفة ذاتها -نقلا عن المصدر نفسه- أن الاتصالات استمرت خلال اليومين الماضيين بين إسرائيل والوسطاء في قطر ومصر بهدف إحياء المفاوضات، مشيرة إلى لقاءات عقدها المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مع مسؤولين قطريين كبار عدة مرات في جزيرة سردينيا الإيطالية. وكانت شبكة فوكس نيوز قد نقلت -صباح أمس الأحد- عن المبعوث ويتكوف تأكيده عودة المفاوضات مع حركة حماس إلى مسارها بعد فترة من التعثر. وأضاف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو -في تصريحات للشبكة- أن تقدما كبيرا تحقق في المفاوضات بشأن غزة، معربا عن أمله في التوصل إلى وقف إطلاق نار يشمل الإفراج عن نصف "الرهائن" فورا، ثم الإفراج عن الباقين مع انتهاء مهلة الـ60 يوما. وقال روبيو إن "الحل لما يحدث في غزة بسيط للغاية؛ أطلقوا سراح الرهائن وألقوا أسلحتكم وستنتهي الحرب". وفي السياق ذاته، نقلت القناة الـ14 الإسرائيلية عن مسؤول سياسي إسرائيلي تأكيده أن المفاوضات مع حركة حماس لا تزال مستمرة، وذلك بعد مغادرة الوفد الإسرائيلي العاصمة القطرية الدوحة الخميس الماضي عقب تلقي رد من حماس على مقترح يتعلق بصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. ووصفت مصادر رسمية في تل أبيب الرد بأنه "سلبي"، مشيرة إلى أن الفجوات لا تزال كبيرة وتتطلب اتخاذ قرارات صعبة. وكان 6 أعضاء بالكونغرس الأميركي قد دعوا -في بيان مشترك- إدارة ترامب إلى الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى، واصفين الأوضاع الإنسانية في القطاع بأنها "مروعة وغير مقبولة". في هذه الأثناء، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن العملية العسكرية في غزة قد تدخل مرحلة "أكثر تصعيدا" إذا لم يحدث تقدم ملحوظ في المفاوضات، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي قد يلجأ إلى خلق "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة" كوسيلة للضغط من أجل التوصل إلى صفقة جزئية مع حماس. حماس: لا معنى لاستمرار المفاوضات وفي المقابل، كشف رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة خليل الحية عن تفاجؤ قيادة المقاومة بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جولة المفاوضات الأخيرة، رغم التقدم الواضح الذي تحقق والتوافق إلى حد كبير مع ما عرضه الوسطاء. وإزاء هذا التطور، أعلن الحية أنه "لا معنى لاستمرار المفاوضات تحت الحصار والإبادة والتجويع" لأطفال ونساء وأهالي قطاع غزة. وفي استعراض تفصيلي لمسار المفاوضات، أوضح الحية -خلال كلمة على شاشة الجزيرة- أن قيادة المقاومة قدمت كل مرونة ممكنة خلال 22 شهرا من المفاوضات الشاقة، وضعت فيها مصلحة الشعب وحقن دمائه نصب أعينها، وتجاوبت مع الوسطاء في كل المحطات. وبناء على هذه الجهود المستمرة، أكد أن الجولة الأخيرة شهدت تقدما واضحا وتوافقا كبيرا، خاصة في ملف الانسحاب والأسرى ودخول المساعدات، مع تلقي ردود إيجابية من الاحتلال. غير أن المفاجأة جاءت، وفق الحية، عند انسحاب الاحتلال الصهيوني من جولة المفاوضات، الذي تساوق معه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ، في خطوة وصفها الحية بـ"المفضوحة المكشوفة" التي تهدف إلى "حرق الوقت" ومزيد من الإبادة للشعب الفلسطيني. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق على غزة أسفرت عن دمار هائل ووضع إنساني كارثي، وسط إدانات دولية واسعة ومطالبات بوقف فوري للقتال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store