
علماء آثار يكشفون عن أول حالة مضغ "نبات له تأثيرات نفسية" في التاريخ
وجوزة التنبول عبارة عن خليط من بذور الفوفل (نبات الحضض الهندي)، وأوراق التنبول، والجير المطفأ، وتمنح من يمضغها شعورًا بالنشاط والبهجة والاسترخاء، وعلى الرغم من تراجع استخدامها في العصر الحديث، إلا أن هذا التقليد ظلّ جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الاجتماعية والثقافية في جنوب شرق آسيا لآلاف السنين.
وأكدت الدراسة أن البشر لجأوا إلى النباتات ذات التأثير المنشط والمبهج في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد، ما يعيد رسم ملامح العلاقة العميقة بين الإنسان والنباتات النفسية منذ فجر الحضارات.
ورغم وجود دلائل تاريخية على استخدام "جوزة التنبول"؛ إلا أن علماء الآثار واجهوا مشكلة لفترة طويلة، تتمثل في أن الكثير من متعاطي هذه المادة في العصور القديمة لم يكن يظهر على أسنانهم التلوّن المعتاد الناتج عن الاستخدام المزمن، ما ترك شكوكًا بشأن مدى انتشار هذه الممارسة.
إلا أن الدراسة المنشورة في دورية "فرونتير إن آنفيرونمنت أركولوجي" استطاعت تحديد مشتقات نباتية داخل جير أسنان أحد المدفونين في نونج راتشوات تعود إلى 4000 سنة، وهو ما يمثل أقدم دليل مباشر على مضغ التنبول في المنطقة".
ويقول الباحثون إن الدراسة كشفت عن أمر "ظل مجهولاً تمامًا" وتتبعت سلوكاً بشرياً ظلّ مختفيًا نحو 4000 سنة، رغم غياب أي أثر أثري تقليدي له.
وخلال الدراسة أخذ الفريق 36 عينة من جير الأسنان من 6 أفراد دُفنوا في الموقع، الذي تم التنقيب فيه منذ عام 2003 وكشف عن 156 قبرًا بشريًا، ووجدوا أن أحد الأفراد (المدفون رقم 11) يحمل في ضرسه الطاحن آثارًا واضحة لمركبَي "أريكلين" و"أريكايدين"، وهما مركّبان عضويان لهما تأثير نفسي، يوجدان في جوزة التنبول، وأحيانًا في القهوة والشاي والتبغ.
ولضمان دقة التحليل، ابتكر الباحثون عينات مختبرية مماثلة لعملية المضغ الحقيقية، باستخدام جوز التنبول وأوراق الفلفل ومعجون الجير، وحتى لعاب بشري، ما أتاح محاكاة التفاعلات البيوكيميائية بدقة.
وحلل الباحثون الطبقة الجيرية المتكلسة عن طريق جمع عينات دقيقة من الرواسب الصلبة المتراكمة على أسنان الهياكل العظمية المكتشفة، باستخدام أدوات معقمة لتفادي التلوث، ثم أخضعوا العينات لعملية تنظيف أولي لإزالة الشوائب السطحية دون التأثير على المركبات الدقيقة بداخلها.
بعد ذلك، عالج الباحثون العينة في المختبر بمحاليل كيميائية معيّنة تفكك البنية المعدنية للطبقة الجيرية، ما يسمح باستخلاص الجزيئات العضوية العالقة فيها مثل البروتينات، وبقايا الطعام، والمركبات النباتية ثم استخدموا تقنيات تحليلية متقدمة (LC) للكشف عن آثار مركبات كيميائية معينة، منها مركبات نفسية التأثير.
وأتاحت هذه التقنية للباحثين تتبّع ممارسات بشرية قديمة مثل استهلاك النباتات المخدّرة أو الأدوية التقليدية، حتى في غياب الأدلة المادية التقليدية، ما يفتح نافذة نادرة على تفاصيل الحياة اليومية والتقاليد الثقافية التي لم تُسجَّل في أي مصدر مكتوب.
لكن لماذا لم تُصب الأسنان بتلونات واضحة كما هو شائع اليوم؟
يشير فريق البحث إلى عدة فرضيات، منها أن طرق المضغ ربما كانت مختلفة، أو أن تنظيف الأسنان بعد الاستعمال كان منتشرًا، أو أن عوامل بيئية لاحقة طمست آثار التلوّن مع مرور الزمن.
ويقول الباحثون إن الدليل على مضغ جوزة التنبول لم يرتبط بأي دلائل على وضع اجتماعي مميز للمدفون رقم 11، رغم وجود خرزات حجرية في قبره ربما تفتح بابًا لتساؤلات بشأن مكانته.
ويأمل الباحثون في توسيع البحث ليشمل مزيدًا من المدفونين في الموقع، ما قد يرسم صورة أوضح لتاريخ هذه الممارسة.
ويرى الباحثون أن منهجية تحليل جير الأسنان ربما يفتح نافذة على أنماط حياة لا تترك خلفها أثرًا ماديًا تقليديًا، ما قد يعزز الفهم للعلاقات بين البشر والنباتات منذ آلاف السنين".
ولا تقتصر أهمية البحث على التاريخ فقط، بل تمتد إلى الحاضر؛ إذ يقول الباحثون إن "المجتمعات لطالما استخدمت النباتات ذات التأثير النفسي ضمن منظومة متكاملة من المعرفة والعلاج والروحانية، وعلى الأوساط العلمية الحديثة أن تنظر لهذه التقاليد كإرث ثقافي حي، لا كمجرد سلوك استهلاكي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
عشبة الليمون...هل يُنصح بإضافتها إلى نظامك الغذائي؟
تُعدّ عشبة الليمون (Cymbopogon citratus) نباتاً عشبياً ذا رائحة ليمونية زكية، استُخدمت في الطب لتحسين الهضم، وخفض الحمى والصداع، وتخفيف لدغات الحشرات، وخفض ضغط الدم. كما قد تُساعد هذه العشبة في علاج حالات، مثل التهاب المفاصل، وقشرة الرأس. ومن أبرز فوائد عشبة الليمون، وفقاً لموقع «هيلث»... تشير بعض الدراسات إلى أن استخدام الشامبو أو مُقوّيات الشعر التي تحتوي على عشبة الليمون قد يُخفف بشكل ملحوظ من قشرة الرأس. قد يُحسّن استخدام غسول الفم، الذي يحتوي على 0.25 في المائة من زيت عشبة الليمون، من التهاب الأسنان، أو أمراض اللثة، وبالتالي يُساعد في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. وقد يكون عشب الليمون بديلاً جيداً لغسول الفم المحتوي على الكلورهيكسيدين، الذي قد يُسبب آثاراً جانبية غير مرغوب فيها. وجدت الأبحاث المبكرة، التي أُجريت على البالغين المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، أن وضع زيت عشب الليمون العطري النقي على الجلد يومياً لمدة 30 يوماً يُخفف الألم بنسبة 30 في المائة. أثبت زيت عشب الليمون العطري قدرته على تفتيت الأغشية الحيوية في المبيضات البيضاء (نوع من الفطريات في جسم الإنسان يمكن أن ينمو بشكل مفرط ويُسبب العدوى). الأغشية الحيوية هي دروع لزجة تُحيط بالبكتيريا والفطريات، ما يُصعّب القضاء عليها. ومن خلال تفتيت هذه الدروع، يُمكن لعشب الليمون أن يُسهّل علاج الالتهابات الفطرية. يُعدّ استخدام عشبة الليمون آمناً بشكل عام في الطهي، لكن تناول كميات كبيرة منها قد يُسبب آثاراً جانبية غير مرغوب فيها، مثل... ينبغي على الحوامل تجنب تناول عشبة الليمون، كما لا توجد أدلة كافية على أمان استخدامها أثناء الرضاعة الطبيعية. قد يؤدي شرب شاي عشبة الليمون إلى زيادة التبول، ما قد يزيد الضغط على الكلى. كما أن عشبة الليمون غنية بالبوتاسيوم، الذي يجب الحدّ منه لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الكلى.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
السُباب يترك 7 ندوب في نفوس الأطفال
حذّرت دراسة بريطانية من أن الإساءة اللفظية، مثل الصراخ أو الشتائم التي يتعرض لها الأطفال، تترك آثاراً نفسية عميقة وممتدة، تضاهي في خطورتها آثار العنف الجسدي. وشدّد الباحثون من جامعة ليفربول على أن السُباب والإهانات قد تكون بنفس حجم الضرر النفسي، أو أكثر، من الضرب، وتؤثر في 7 جوانب رئيسية من الصحة النفسية في مرحلة البلوغ، ونُشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «BMJ Open». وعالمياً، تشير الإحصاءات إلى أن طفلاً من بين كل 6 يتعرض للعنف الجسدي من قبل الأسرة أو مقدّمي الرعاية. وبالإضافة إلى الأذى الجسدي الفوري، يمكن أن يترك هذا النوع من العنف آثاراً طويلة الأمد على الصحة النفسية والبدنية، مثل القلق، والاكتئاب، والإدمان، والسلوكيات الخطرة، والعنف، وأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري. وبالمثل، تؤثر الإساءة اللفظية سلباً على التطور العصبي والبيولوجي للطفل. ويُعتقد أن طفلاً من بين كل 3 حول العالم يتعرض لهذا النوع من الإساءة. ولتحليل الآثار طويلة المدى لكل من الإساءة الجسدية واللفظية، سواء بشكل منفصل أو مجتمع، جمع الباحثون بيانات من 7 دراسات شملت 20687 بالغاً في إنجلترا وويلز، نُشرت بين عامي 2012 و2024. واستخدمت الدراسات أداة لقياس التعرض للإساءة في الطفولة، ومقياس للرفاه النفسي، الذي يتضمن أسئلة حول عوامل نفسية منها الشعور بالتفاؤل، والاسترخاء، والقرب من الآخرين، واتخاذ القرارات. وأظهرت النتائج أن البالغين الذين تعرضوا للإساءة اللفظية في طفولتهم سجّلوا تراجعاً ملحوظاً في 7 مؤشرات رئيسية للصحة النفسية. شملت؛ تراجع التفاؤل بالمستقبل، وضعف الشعور بالقيمة الذاتية، وانخفاض الاسترخاء، وضعف القدرة على التعامل مع المشكلات، وتشتت التفكير، والشعور بالانعزال، والتردد في اتخاذ القرارات. كما تبيّن أن التعرض للإساءة الجسدية أو اللفظية في الطفولة يزيد من خطر انخفاض الصحة النفسية في مرحلة البلوغ بنسبة 52 و64 في المائة على التوالي. أما في حال الجمع بين النوعين من الإساءة، فتتضاعف هذه المخاطر، مقارنة بمن لم يتعرضوا لأي إساءة. فعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة من يعانون من تدنٍ في الصحة النفسية من 16 في المائة لدى من لم يتعرضوا لأي إساءة، إلى 22.5 في المائة في حالات العنف الجسدي فقط، و24 في المائة في حالات الإساءة اللفظية فقط، وصولاً إلى 29 في المائة عند التعرض لكلا النوعين معاً. وكانت احتمالية عدم الشعور بالقرب من الآخرين أعلى بين من تعرضوا للإساءة اللفظية فقط، بنسبة بلغت 13.5 في المائة، مقارنة بـ10 في المائة في حالات العنف الجسدي فقط، و8 في المائة لدى من لم يتعرضوا لأي إساءة. وخلص الباحثون إلى أن الشتائم لا تترك كدمات مرئية، لكنها تخلّف ندوباً نفسية عميقة قد لا تُشفى بسهولة، مطالبين بتوسيع التوعية بأضرار العنف اللفظي، وتوفير دعم تربوي بديل للآباء والمعلمين لحماية الأطفال من هذا النوع من الأذى.


عكاظ
منذ 7 ساعات
- عكاظ
التحفيز العضلي الكهربائي.. تقنية متقدمة لتعزيز القوة والتأهيل
تكنولوجيا التحفيز العضلي أصبحت اليوم من أبرز التقنيات الطبية والرياضية التي تسهم في دعم قوة العضلات وتحسين أدائها، حيث تعتمد على إرسال نبضات كهربائية تحاكي الإشارات العصبية الطبيعية لتحفيز الانقباضات العضلية. تستخدم هذه التقنية بشكل واسع في إعادة التأهيل بعد الإصابات أو العمليات الجراحية، وكذلك في تعزيز اللياقة البدنية للرياضيين الذين يسعون لزيادة قوة وتحمل عضلاتهم. أثبتت الأبحاث العلمية أن التحفيز العضلي يساهم في تقليل فقدان الكتلة العضلية وتحسين الأداء الوظيفي، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف العضلات أو اضطرابات الحركة. ومن جهة أخرى، يشير المختصون إلى أهمية استخدام هذه التقنية تحت إشراف طبي دقيق لتجنب المضاعفات وضمان الاستفادة المثلى. مع التطور المستمر في الأجهزة والبرامج المصاحبة، يتوقع أن تلعب تكنولوجيا التحفيز العضلي دورًا أكبر في المستقبل في مجالات العلاج والرياضة والتأهيل. أخبار ذات صلة