logo
الجزيرة نت ترصد مشاعر طلبة سوريين عادوا لجامعاتهم بمرسوم رئاسي

الجزيرة نت ترصد مشاعر طلبة سوريين عادوا لجامعاتهم بمرسوم رئاسي

الجزيرةمنذ 5 ساعات

دمشق- أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع ، الثلاثاء، المرسوم رقم 95 لعام 2025، الذي يتيح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين عن الدراسة منذ العام الدراسي 2010-2011 بسبب الثورة "حصرا"، التقدّم بطلبات لاستئناف تعليمهم في الجامعات العامة والخاصة.
ويشمل المرسوم الطلاب الذين انقطعوا لأسباب متصلة ب الثورة السورية ، سواء انخراطهم فيها، أو تعرضهم للفصل نتيجة مواقفهم، أو بسبب ملاحقات أمنية، أو حول ما يتعلق بذلك.
ويشترط المرسوم تقديم طلب رسمي عبر نموذج معتمد من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب تعهّد خطي من الطالب بعدم نيله شهادة جامعية خلال فترة انقطاعه، ويُعامل وفق رسوم التسجيل المعتمدة في سنة انقطاعه.
طبيعة المرسوم
بحسب المرسوم، يخضع طلاب السنوات الانتقالية لمعادلة المقررات الدراسية وفق الخطة المعتمدة حاليا، بينما يعامل طلاب التخرج وفق الخطة التي كانت سارية قبل انقطاعهم.
وفي حال تم إغلاق الكلية أو المعهد الذي كان الطالب مسجلا فيه، فإنه يمنح خيار النقل إلى كلية أو معهد مماثل في جامعة أخرى، أو إلى كلية أو معهد آخر ضمن الجامعة نفسها إذا حقق المعدل المطلوب.
ويؤكد المرسوم أن فترة الانقطاع تعتبر إيقاف تسجيل، ولا تحتسب من مدد الإيقاف المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات.
ولاحقا سيصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي التعليمات التنفيذية الخاصة بالمرسوم، بما فيها تفاصيل الرسوم الجامعية، بموجب قرار منفصل.
وعبَّر ضياء الحميّر (38 عاما)، طالب سابق في كلية الآداب، ويدرس حاليا في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق ، عن سعادته بالمرسوم الذي يتيح له ولأقرانه العودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية بعد أكثر من عقد من الحرمان.
ورغم ذلك، يقول ضياء للجزيرة نت، إن فرحته منقوصة، ومصحوبة "بغصّة"، مع انقضاء أكثر من 14 عاما من الانقطاع عن التعليم، ويضيف "لم نعد شبابا كما كنا، والتعليم في عمري هذا أصعب بكثير، كما أن المسؤوليات قد كَبُرت معنا وهو ما يصعّب من مسار التعليم الذي عدتُ إليه مؤخرا بعد سقوط نظام بشار الأسد".
وكان ضياء قد سجّل مع سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق ضمن نظام "التعليم المفتوح"، الذي يتيح للطلبة الحاصلين على الشهادة الثانوية منذ 2006 استكمال تعليمهم ضمن برامج دراسية محددة.
ولكن بصدور المرسوم الرئاسي، الذي يسمح له بالعودة إلى استئناف دراسة تخصصه الجامعي الأساسي، فقد قرر الاستفادة من المرسوم، ومتابعة دراسته في كلية الآداب إلى جانب تخصصه المستجد في كلية العلوم السياسية.
وعن سبب انقطاعه عن التعليم، يقول ضياء: إن اسمه قد وُضعَ منذ 2011 على لوائح المطلوبين لأجهزة أمن النظام السوري المخلوع على خلفية مشاركته المستمرة بالمظاهرات المنددة بالنظام في مدينة إزرع بمحافظة درعا جنوبي البلاد، ما اضطره للبقاء في مدينته خوفا من الاعتقال، وذلك قبل انتسابه للفصائل المسلحة المعارضة في منطقة اللجاة في درعا، وهو ما حرمه من التعليم.
من جهتها، قالت جنان الجندي (27 عاما)، طالبة الهندسة الزراعية في جامعة حماة والمنقطعة عن الدراسة منذ 2019، إنها اضطرت لترك كليتها في سنتها الدراسية الرابعة بعد مطاردة أجهزة أمن النظام السابق لها بسبب نشاطها السياسي في مدينتها السلمية في ريف حماة.
وأضافت للجزيرة نت "تلقيت تهديدات بالاعتقال من أرقام غريبة عبر تطبيق واتساب، فهربت من حماة إلى حلب ، ثم إلى اللاذقية، وأخيرا إلى لبنان ، وعدت بعد التحرير".
وعرقل انقطاع جنان عن تعليمها الجامعي حياتها، وأثّر سلبا على مسارها المهني، وتقول "عملت مع منظمات عديدة في المجال البحثي في سياق اللاجئات السوريات العاملات بالزراعة تحديدا، لكن تلك المنظمات أدرجت اسمي في الأبحاث بوصفي (مساعدة باحث) لينسَب جهدي بذلك إلى باحث لم يكتب حرفا".
وتذرعت تلك المنظمات -حسب جنان- "بأني لم أحصل على شهادة جامعية، علما أني المسؤولة الأولى عن إعداد تلك الأبحاث، وأثَّر ذلك بشكل كبير على مساري المهني".
وإلى جانب الضرر المعنوي، تعرضت جنان لمعاناة نفسية بسبب انقطاعها عن الدراسة الجامعية، حيث شعرت طيلة تلك السنوات بقلة الثقة، وبأن المرء دون شهادة جامعية لا يمكنه الوقوف على "أرضية صلبة وثابتة".
وتشير جنان إلى أنها لم تكن تحلم أو تفكر، قبل صدور المرسوم الرئاسي الجديد، بإمكانية العودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية، ولذا فهي تشعر بالسعادة الغامرة، وتقول: "سأتخرج من الجامعة في العام المقبل بإذن الله".
وكان آلاف الطلبة السوريين قد انقطعوا عن تعليمهم الجامعي ودراساتهم العليا بسبب مواقفهم من النظام السوري السابق خلال السنوات الـ14 الماضية، ما أدى إلى حرمانهم من فرص التعليم والتخصص، وتدهور أوضاعهم المهنية، وتشتت طاقاتهم في ظروف اللجوء والتهجير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيران تحذر: سنرد على الولايات المتحدة إذا اكتشفنا تورطها
إيران تحذر: سنرد على الولايات المتحدة إذا اكتشفنا تورطها

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

إيران تحذر: سنرد على الولايات المتحدة إذا اكتشفنا تورطها

حذر سفير إيران لدى الأمم المتحدة علي بحريني اليوم الأربعاء من أن بلاده ستبدأ بالرد على الولايات المتحدة إذا توصلت إلى استنتاج مفاده أن "أميركا متورطة بشكل مباشر في الهجمات على طهران"، كما شددت الخارجية الإيرانية على أن المجتمع الدولي لن يتحمل حربا بتداعيات خطيرة. وكشف بحريني أن إيران وجهت رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها سترد بحزم شديد في أعقاب أنباء نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بأن أميركا قد تشارك في الهجمات على إيران. وتابع أن "هناك خطا إذا تم تجاوزه يجب أن يكون هناك رد، وستحدد سلطاتنا وقواتنا العسكرية هذا الخط"، لافتا إلى أن تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب"غير مبررة على الإطلاق وعدائية للغاية، ولا يمكننا تجاهلها وسنضعها في حساباتنا وتقييماتنا"، بحسب تعبيره. وشدد سفير إيران لدى الأمم المتحدة على أن بلاده سترد على الضربات الإسرائيلية "بقوة ودون ضبط للنفس" للدفاع عن شعبها وأمنها. وقال إن الولايات المتحدة منحت إسرائيل الحصانة، مشيرا إلى أن الدول الأوروبية تحاول تبرير العدوان بادعاءات لا أساس لها، وفق وصفه. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي استهدف مناطق مأهولة بالسكان في إيران دون تمييز وبدون إنذار، مما أسفر عن مقتل مدنيين. وعلى صعيد متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية للجزيرة إن " إسرائيل تريد فرض حرب لا نهائية على المنطقة". ولفت إلى أن المجتمع الدولي لن يتحمل حربا بتداعيات خطيرة، لكنه شدد على أنه لا خيار أمام إيران سوى الدفاع عن نفسها، بحسب وصفه. وطالب المتحدث مجلس الأمن بالتحرك العاجل لوقف الهجمات الإسرائيلية على بلاده، قائلا " كنا نسير على طريق الدبلوماسية، ومن بدأ الحرب إسرائيل بدعم أميركي". وطالب أيضا دول العالم بتحميل إسرائيل المسؤولية عن "عدوانها الواضح"، مضيفا "هناك من يحاول الدفاع عن العدوان الإسرائيلي وإظهاره بعكس طبيعته". إعلان وقال المتحدث إن على الأوروبيين إدراك أن ما يحدث هو هجوم على المعايير الدولية، وتابع "إسرائيل هي الدولة الأولى بالعالم في تدمير النسيج الدولي". اجتماع أميركي وأتى ذلك بعد اجتماع الرئيس الأميركي أمس الثلاثاء لمدة 90 دقيقة مع مجلس الأمن القومي لمناقشة الصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث كان يعتقد أن الولايات المتحدة قد تشارك في الهجمات، لكن نتائج الاجتماع لم تتضح بعد ولم يخرج بيان عما بُحث. ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع على المناقشات الداخلية قوله إن ترامب وأعضاء فريقه يدرسون عددا من الخيارات، بما في ذلك الانضمام إلى إسرائيل في توجيه ضربات ضد مواقع نووية إيرانية. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء. وذكر 3 مسؤولين أميركيين لرويترز أن الولايات المتحدة تنشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط وتوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى. ولم تتخذ الولايات المتحدة حتى الآن سوى إجراءات دفاعية في الصراع الحالي مع إيران، بما في ذلك المساعدة في إسقاط الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل.

سياسي يهودي من حزب مانديلا: بريطانيا مسؤولة عن فوضى الشرق الأوسط
سياسي يهودي من حزب مانديلا: بريطانيا مسؤولة عن فوضى الشرق الأوسط

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

سياسي يهودي من حزب مانديلا: بريطانيا مسؤولة عن فوضى الشرق الأوسط

قال السياسي اليهودي المناهض للفصل العنصري أندرو فاينشتاين إن بريطانيا تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع والتوترات في الشرق الأوسط. جاء ذلك في مقابلة أجرتها وكالة الأناضول مع فاينشتاين الذي انتخب في العام 1994 نائبا عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي كان يتزعمه نيلسون مانديلا في أول انتخابات بعد سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ثم انتقل لاحقا إلى بريطانيا وانضم إلى حزب العمال. وخلال المقابلة تطرق فاينشتاين إلى العدوان الذي تشنه إسرائيل على إيران منذ يوم الجمعة الماضي والدعم الغربي المتواصل لتل أبيب، مبينا أن "إيران لا تمتلك قدرات نووية متقدمة كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل". وحذر فاينشتاين من أنه في حال استهداف المنشآت النووية في إيران فإن ذلك قد يؤدي إلى كارثة تمتد آثارها إلى أجيال لاحقة. وأضاف أن مهاجمة المنشآت النووية قد تتسبب بتسرب مواد نووية على مدى كيلومترات، مما يشكل كارثة سيعيشها سكان المنطقة لأجيال متعاقبة. ومنذ يوم الجمعة الماضي تشن إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران يشمل قصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، مما أسفر عن 224 قتيلا و1277 جريحا، في حين ترد طهران بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة خلفت نحو 24 قتيلا ومئات المصابين. وشدد الناشط اليهودي على أن "إسرائيل أصبحت قوة نووية بدعم أقرب حليف لها، وهو نظام الفصل العنصري الذي كان قائما في جنوب أفريقيا". ولفت إلى أن جنوب أفريقيا وإسرائيل دولتان مارستا الفصل العنصري وساعدتا بعضهما بعضا آنذاك بالوصول إلى القوة النووية، وحين أصبحت جنوب أفريقيا دولة ديمقراطية عام 1994 تخلت عن أسلحتها النووية. ومعربا عن قلقه الشديد من تحول إسرائيل إلى قوة نووية قال فاينشتاين عندما يكون من يحكم إسرائيل شخصا يحتاج إلى الحرب من أجل التخلص من تهم الفساد المرتبطة بصفقات الأسلحة وغيرها وللبقاء في السلطة فهذا يشكل تهديدا للعالم والبشرية، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأضاف "ما يثير الرعب أكثر هو أن حكوماتنا لا تقوم بشيء تجاه ذلك". استخلاص العبر وكان فاينشتاين ترشح في الانتخابات البريطانية الماضية ضد زعيم حزب العمال كير ستارمر في منطقة هولبورن وسانت بانكراس، بهدف منعه من الوصول إلى رئاسة الحكومة. وشدد الناشط على ضرورة أن تعمل الحكومات الغربية على كبح جماح إسرائيل، مؤكدا وجوب محاسبة نتنياهو وقادته العسكريين أمام القضاء. ويتشبث نتنياهو بالسلطة بالتزامن مع محاكمته داخليا بتهم فساد وملاحقته دوليا بإصدار المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال بحقه لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وأشار فاينشتاين إلى أن الدول الغربية "تلتزم الصمت إزاء ما يجري، أو تصدر تصريحات جوفاء لا معنى لها"، مؤكدا أن "هذا الوضع يثير الاستغراب، ويعكس غياب القيادة السياسية في بلدان الغرب". وانتقد السياسي البريطاني عقلية العداء الدائم لدى الغرب، قائلا "الولايات المتحدة احتلت من الدول أكثر مما احتلته بقية دول العالم مجتمعة". وتساءل مستنكرا "من هو المعتدي الحقيقي هنا؟! (..) الشعب الإيراني لا يستحق أن يتعرض لهجوم من دولة عنصرية ومجرمة تدعمها حكومات الغرب". كما أوضح أن الغرب يسعى إلى تغيير نظام الحكم في إيران، معتبرا أن ذلك هو السبب في عدم وجود أنظمة دولية تستند إلى سيادة القانون والديمقراطية. وقال إن على قادتنا أن يستخلصوا العبر من التاريخ قبل فوات الأوان، فقد أطاحت بريطانيا ذات مرة بحكومة منتخبة ديمقراطيا في إيران (حكومة محمد مصدق)، وهذا أحد الأسباب التي أوصلتنا إلى حالة عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط اليوم. وسلط فاينشتاين الضوء على أن بريطانيا تتحمل مسؤولية ما آل إليه الوضع في الشرق الأوسط اليوم. وختم بالقول "لقد آن الأوان كي نستخلص العبر من التاريخ، لنتعلم من أخطائنا السابقة تجاه إيران، ولنبحث عن السلام في الشرق الأوسط بدلا من الحروب التي لا تجني الأرباح منها سوى شركات الأسلحة والساسة الفاسدون وبعض الأحزاب السياسية".

معايير النصر والهزيمة في حرب إسرائيل وإيران
معايير النصر والهزيمة في حرب إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

معايير النصر والهزيمة في حرب إسرائيل وإيران

ما زالت حرب إسرائيل على إيران، بعيدة عن خط النهاية، وربما لم تبلغ ذروتها بعد، فيما الأطراف المنخرطة فيها، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، وضعت لنفسها أهدافًا ذات سقوف عالية، وهي من الخطورة والأهمية بمكان، يصح معها القول إنها قد ترسم صورة المنطقة، بتوازنات القوى ودينامياتها، وربما خرائطها، لسنوات وعقود قادمة. من منظور إسرائيلي، تشفّ الضربة الافتتاحية الصاعقة لهذه الحرب، وما تكشّفت عنه من استعدادات مسبقة، عسكرية وسياسية، لوجيستية واستخبارية، تعود لعقد أو عقدين من السنين، عن أن تل أبيب تخطط لما هو أبعد من مجرد إلحاق "إعاقة مزمنة" ببرنامج طهران النووي، وبما يتخطى تفكيك هذا البرنامج على الطريقة الليبية، إلى تجريد نظام الجمهورية الإسلامية من أنيابه ومخالبه الباليستية و"فرط صوتية"، لفتح باب الانتقال من إستراتيجية "تغيير السياسات" إلى إستراتيجية "تغيير النظام". إسرائيل لم تعد تخفي أهداف حربها على إيران، ولم نعد بحاجة لتقارير استخبارية أو تقديرات محللين إستراتيجيين للتعرف عليها، فهم يقولونها علنًا وعلى رؤوس الأشهاد، ومن الحكمة أخذ الأمر على محمل الجد، وعدم النوم على حرير التقديرات والرهانات الخائبة. إسرائيل تعاود "قص ونسخ"، بعضٍ من تجارب حروبها على العرب والفلسطينيين في حربها الجارية على إيران: "الخداع الإستراتيجي"، "المباغتة والصعقة" كما في يونيو/ حزيران 1967، "قطع الرأس/ الرؤوس" مع بدء الحرب كما في لبنان، "الخرق الأمني الإستراتيجي". وهي تكثف في سبيل ذلك، استخدام مفردات "الاستباحة" و"إستراتيجية الضاحية"، بل وبدأت مبكرًا الحديث عن "اليوم التالي" في إيران، وإجراء سلسلة من الاتصالات مع بقايا العهد الشاهنشاهي المخلوع، وفصائل معارضة مسلحة في الداخل والخارج، من انفصاليين و"مجاهدين" وغيرهم، وفي ظني أن "الموساد"، ما كان ليسجل كل هذه الاختراقات الميدانية، بالاعتماد على قواه الذاتية فقط، وإنما باللجوء إلى هذه القوى، ذات الامتداد والقدرة الأوسع على التحرك في الداخل الإيراني. لا يعني ذلك بالطبع، أن كل ما تتمناه إسرائيل ستدركه. فالمسألة من قبل ومن بعد، رهنٌ بتوفر جملة من الشروط، التي قد تعمق الفجوة بين "حسابات الحقل وحسابات البيدر": أولها وأهمها؛ قدرة إيران على الصمود واسترداد زمام المبادرة ومدى نجاحها في إعادة بناء ميزان "الردع والتوازن" في علاقتها بإسرائيل. ثانيها؛ استعداد الولايات المتحدة على وجه التحديد، لتوسيع دائرة انخراطها في هذه الحرب، ومن بوابة استهداف ما تعجز آلة الحرب الإسرائيلية عن استهدافه، وإلحاق أقصى الضرر بالمواقع الحصينة التي ينهض عليها المشروع النووي الإيراني. حتى الآن، يبدو أن كلا الشرطين غير متوفرين لحكومة اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا، فلا طهران رفعت راية بيضاء، بل على النقيض من ذلك، تماسكت وصمدت، وشرعت في استعادة "التوازن والردع". ولا واشنطن "تُجاري" تل أبيب في سقوف أهدافها وتوقعاتها المرتفعة للغاية، وترتضي بما هو دون ذلك، مع أنها لن تمانع في اللحاق بتل أبيب بل واستباقها للعمل على تحقيق هذه الأهداف، إن تأكد لها للحظة واحدة، أن ثمة فرصة لتحقيقها، وتحقيقها سريعًا، وبقدر معقول من الكلف العسكرية والاقتصادية. من منظور أميركي، سبق لواشنطن أن ارتضت باحتفاظ طهران بدائرة تخصيبٍ خفيض (3.6 بالمئة) لليورانيوم على أرضها، كافٍ للاستخدامات السلمية والمدنية، تحت وابل من شروط التحقق والتفتيش والرقابة. تلكم كانت مضامين اتفاق فيينا في 2015، قبل أن تنقلب إدارة ترامب الأولى على الاتفاق وتنسحب منه، وقبل أن يعاود ترامب، في ولايته الثانية، الحديث عن "صفر تخصيب" على الأرض الإيرانية. الولايات المتحدة تشاطر إسرائيل "قلقها" من برنامج إيران الصاروخي، واستتباعًا من "دورها المزعزع للاستقرار في المنطقة"، تلك الجملة التي صارت "لازمة" في خطاب السياسة الخارجية الأميركية، ودول أوروبية عدة على حد سواء. واشنطن التي جاء رئيسها بوعود السلام في كل مكان، وعلى مختلف الجبهات والأزمات، مدفوعًا بـ"حلم نوبل" وجائزة السلام الأرفع، لا تفضل "التورط" بحرب كبرى في الشرق الأوسط، ولا تقيم "الوزن ذاته" لمخاوف تل أبيب وهواجسها، بيد أن أداء رئيسها الذي يتعامل باستخفاف وتبسيط مع أعقد الأزمات وأكثرها حساسية وتشابكًا مع الحاضر والتاريخ والثقافة والجيوبوليتكس، فلا يكف عن إطلاق وابل الوعيد والتهديد، وفرض المهل الزمنية الجزافية تعسفًا، أفضى إلى الفشل في إدارة معظم هذه الملفات، من غزة إلى أوكرانيا، واليوم إيران وإسرائيل والاستعاضة عن الفشل، بادعاء النجاح في منع الحروب أو إيقافها على جبهات أخرى: الباكستان والهند، وأخيرًا مصر وأثيوبيا (؟!). وإذا كانت إدارة ترامب، قد أظهرت وهي تعالج بعض أزمات إقليمنا، قدرًا من "الابتعاد" عن أولويات السياسة الإسرائيلية وحسابات نتنياهو، كما في مقاربة الملف السوري والانفتاح على النظام الجديد، وكما في شق قنوات اتصال مباشر مع حماس بالضد من الرغبة الإسرائيلية، وإبرام اتفاق مع جماعة أنصار الله في اليمن، والخروج من "الحرب العبثية" التي شنها على هذا البلد المنهك بحروبه وحروب الآخرين عليه، إلا أن هذه الإدارة، تعود فتؤكد التصاقها بالأجندة الإسرائيلية في قضايا مفصلية أكثر أهمية، وبالذات في ملفي إيران وغزة، حتى وإن كانت لها "تفضيلاتها" المختلفة عن أولويات نتنياهو، إلا أنها دائمًا ما تعود لضبط خطواتها على الإيقاع الإسرائيلي. هل تدخل واشنطن الحرب الإسرائيلية على إيران من بوابة القاذفات الإستراتيجية والقنابل الأكثر فتكًا وتدميرًا في العالم؟ سؤال لا يبارح مخيلة وأذهان السياسيين والمراقبين في المنطقة والعالم، وفي ظني أنه من سوء التقدير وقلة الحكمة، إسقاط هذا "السيناريو"، على أننا نرى أنه سيتقدم في واحدة من حالتين أو كلتيهما: الأولى؛ إن خرجت ردود إيران وحلفائها على العدوان الإسرائيلي عن الخطوط الحمر، كأن يجري استهداف قواعد وأصول ومصالح أميركية في الإقليم، عندها سيصبح التدخل واسع النطاق، من باب "تحصيل الحاصل"، وسيكون مدعومًا بأوسع شرائح الطيف القيادي والمؤسسي الأميركي، وسيحظى بدعم أوروبي يبدو مضمونًا مسبقًا، خصوصًا من دول "الترويكا" الثلاث: لندن، باريس وبرلين. والثانية؛ إن شعرت واشنطن أن تل أبيب تتعرض لخطر حقيقي، يتعدى ميزان الخسائر اليومية التي نراقبها ونتابعها حتى الآن، وإن تبدّى لها، أن هذه الحرب، ستنتهي بهزيمة لإسرائيل، تبدد مكتسبات الأشهر العشرين الفائتة، وتعيد الاعتبار لمحور طهران الذي أصيب في أكثر من مقتل إثر الحروب الإسرائيلية متعددة الجبهات والمسارات التي أعقبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 .. عندها، سيكون التدخل الأميركي واسع النطاق، هو التجسيد العملي لتعهدات ترامب وإدارته، بل ومختلف الإدارات الأميركية المتعاقبة، بالالتزام بأمن إسرائيل والدفاع عنها وحفظ تفوقها. يملي ذلك على طهران وحلفائها، النظر لحسابات السياسة والميدان، من هذا المنظور المعقد، وتفادي سوء التقدير، وفي ظني، أنه خلف دخان التصريحات النارية لبعض القادة والمسؤولين الإيرانيين، ثمة "عقل إيراني بارد"، لا شك أنه منهمك الآن، في إجراء مثل هذه الحسابات والتمارين. من منظور إيراني؛ ثمة أولوية قصوى لترميم "الخراب" الذي ألحقته إسرائيل بمنظومة القيادة والسيطرة والتحكم، إذ نجحت تل أبيب في "قطع رأس" الجهازين الأمني والعسكري، واختطفت أرواح نخبة من علماء طهران ومهندسيها، تليها أولوية استعادة الهيبة وبناء "التوازن والردع" في مواجهة مشروع يستهدف تحويل طهران إلى ضاحية جنوبية جديدة، وأصفهان إلى "خان يونس 2". لا صوت يعلو في إيران، على صوت الثأر والانتقام الذي رُفعت راياته الحمراء فوق مآذن المساجد والحسينيات. لا مطرح لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل تحت عنوان "وقف النار"، ولا استعجال في استئناف المفاوضات مع شريك إسرائيل في هذه الحرب، إدارة ترامب. والأهم من كل هذا وذاك، لا تنازل عن الحد الأدنى الذي قبلت به في الجولات التفاوضية الخمس قبل بدء الحرب الإسرائيلية عليها: التخصيب بنسب 3.6 بالمئة على الأرض الإيرانية والاعتراف بحقوق طهران النووية المشروعة في الاستخدام المدني- السلمي للطاقة النووية، ولا بحث في مشروعها الصاروخي أو دورها الإقليمي. أي تنازل عن هذه العناوين/ الحقوق، يعني أن إسرائيل قد انتصرت في فرض إملاءاتها عليها، وسيعني أيضًا، أن ترامب الذي سعى باستخدام "الهراوة الإسرائيلية" لتذليل عقبة الرفض الإيراني لإملاءاته، قد سجل فوزًا ساحقًا عليها . يمكن لإيران أن تذهب بعيدًا في تقديم الضمانات والطمأنات بشأن سلمية ومدنية برنامجها النووي، وإن تُضَمّن أي اتفاق قادم ما يكفي من شروط وقواعد الشفافية والتحقق والتفتيش والرقابة، نظير رفع العقوبات، أو الجزء الأكبر منها، وبخلاف ذلك، تكون إسرائيل قد نجحت في تمكين ترامب، من إعلان فوز "دبلوماسية القوة" التي استعاض بها عن "قوة الدبلوماسية". الحرب ما زالت في بداياتها، ومن المجازفة الذهاب إلى تقديرات بشأن خواتيمها، على أننا منذ الآن، نستطيع أن نعرّف عناصر النصر والهزيمة فيها: ترامب ينتصر إن أجبر إيران على تفكيك برنامجها النووي والإبقاء على هياكل لا قيمة لها بذاتها، بل بسلاسل التوريد من الخارج، المتحكم بها غالبًا. نتنياهو ينتصر إن جرّد طهران من مخالبها النووية وأنيابها الباليستية، ويصبح نصره "مطلقًا" إن وضع مشروع "تغيير النظام" على سكة النفاذ، من خلال إطلاق ديناميات داخلية كفيلة بإنجاز المهمة وإن بعد حين. وإيران تنتصر، إن استعادت ميزان "التوازن والردع"، وإن بشروط أصعب من قبل، وإن حفظت الحد الأدنى من حقوقها النووية كما عرّفتها هي بذاتها، في مئات الخطابات والمواقف والمراسلات. الحرب مستمرة وللحديث اتصال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store