
هل سيكون لروسيا تأثيرا حقيقيا على نجاح حوار أميركا وإيران؟
تستمر المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في ظل ظروف إقليمية ودولية متقلبة، تتداخل فيها مصالح عدة قوى عظمى.
ومع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة ثانية، يتجدد الحديث عن المسار الذي ستسلكه هذه المفاوضات النووية، في وقت باتت موسكو تلعب دور الوسيط الرئيسي بين الطرفين.
فبينما تحاول واشنطن الضغط على طهران من خلال العقوبات، تظهر روسيا كطرف له مصالح جيوسياسية واضحة، ولكن هل سيكون لهذا الدور الروسي تأثير حقيقي على نجاح أو فشل هذه المفاوضات؟
موسكو وساطة مع مصالح استراتيجية
يرى الباحث في مركز الإمارات للسياسات، محمد الزغول، خلال حديثه الى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" أن الدور الروسي في المفاوضات بين واشنطن وطهران يتجاوز مجرد الوساطة؛ فهو يعكس استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة.
ويقول الزغول: "روسيا تدرك أن بقاء إيران في دائرة النفوذ الروسي يصب في مصلحتها على المدى البعيد، خاصة في ظل النفوذ الأميركي المتراجع في بعض أجزاء من الشرق الأوسط".
ويشدد على أن موسكو تسعى لإنشاء فضاء حوار بين الولايات المتحدة وإيران بشكل يسمح لها بالاستفادة من هذا التوازن، حيث يمكنها المساهمة في عملية التسوية بدلاً من الهيمنة عليها.
واشنطن وتحديات الحوار مع طهران
يشير المحلل الخاص لـ"سكاي نيوز عربية" محمد صالح صدقيان في السياق ذاته إلى أن الوضع الحالي للمفاوضات يحمل العديد من التحديات. فقد أظهرت تصريحات واشنطن استعدادًا للتفاوض، ولكن في ظل استمرار الضغوط الداخلية الموجهة ضد طهران، قد يكون من الصعب على الحكومة الإيرانية قبول أي تسوية تُعتبر "تضحية" بمصالحها الأساسية.
يقول صدقيان إن "الولايات المتحدة تسعى إلى احتواء طهران دون تقديم تنازلات كبيرة، وهو ما سيشكل تحديًا كبيرًا في الجولات المقبلة من المفاوضات".
ويضيف: "موسكو قد تكون المفتاح للتوصل إلى نوع من التسوية التي توازن بين المطالب الإيرانية والضغوط الأميركية".
موسكو وسياسة متعددة الأبعاد في المنطقة
من جانبه، يؤكد سمير التقي، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن روسيا لا تقتصر في مواقفها على دعم طهران فقط، بل تسعى أيضًا إلى إنشاء نوع من التوازن في الشرق الأوسط، بما يتيح لها تعزيز دورها كقوة فاعلة في المنطقة.
ويشير التقي إلى أن موسكو تستغل حالة الجمود بين واشنطن وطهران لتقوية موقفها، مشيرًا إلى أن "روسيا تدرك أن الحفاظ على النفوذ الإيراني هو جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تقليص تأثير الولايات المتحدة في المنطقة."
ويرى التقي أن روسيا قد تستخدم دورها كوسيط لتحقيق أهدافها على المدى الطويل، حتى وإن بدا الأمر في البداية وكأنه مسعى لدعم طهران فقط.
تحليل جيوسياسي للعلاقات المعقدة
يضيف الكاتب والباحث السياسي الروسي، يفغيني سيدروف، بعدًا آخر للتحليل، حيث يرى أن روسيا تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة مؤثرة في مفاوضات الشرق الأوسط.
وفي حديثه عن الدور الروسي، يقول سيدروف: "روسيا تدرك أن نجاح المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران سيتطلب توافر بيئة مستقرة في المنطقة، وهو ما قد يعزز من حضورها في ملفات أخرى مثل سوريا وليبيا."
ويضيف سيدروف أن موسكو "تسعى إلى الحصول على مكاسب استراتيجية من خلال ضمان دورها المحوري في ملف إيران النووي، ما يسمح لها بموازنة القوى في المنطقة."
الاستراتيجيات الأميركية والإيرانية: مفترق طرق في المسار النووي
تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، تواصل الولايات المتحدة الضغط على إيران عبر سياسة العقوبات المتواصلة، غير أن التحديات الداخلية الأمريكية قد تحول دون حدوث تغييرات جذرية في السياسة تجاه طهران.
وبينما تبدي الإدارة الأميركية استعدادًا للدخول في مفاوضات جديدة، فإن الانقسامات الداخلية بشأن كيفية التعامل مع طهران قد تعرقل التوصل إلى تسوية دائمة.
يقول الزغول: "السياسات الأميركية تميل إلى اتخاذ طابع العقوبات، ولكن إذا استمرت الضغوط الداخلية، قد يضطر ترامب إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الحالية."
إيران: الفجوة بين الرغبة في التفاوض والمطالب الوطنية
من ناحية أخرى، تزداد الضغوط على إيران نتيجة لاستمرار العقوبات الأميركية، ومع ذلك، فإن طهران تبدي استعدادًا لدخول مفاوضات شريطة أن تتاح لها الفرصة للحفاظ على مصالحها الوطنية.
بحسب تصريحات صدقيان، "إيران تتوقع من المفاوضات أن تؤدي إلى رفع بعض العقوبات وتحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة، لكن هذا لا يعني أنها ستتخلى عن طموحاتها النووية."
النتائج المحتملة: روسيا بين وساطة استراتيجية وتحقيق أهداف جيوسياسية
في ظل التحولات الحالية، يبدو أن الدور الروسي كوسيط في مفاوضات واشنطن وطهران سيؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات في الأشهر القادمة.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن موسكو من التوصل إلى اتفاق يجمع بين المصالح الأميركية والإيرانية، أم أن السياسة الدولية ستظل عالقة في حلقة مفرغة من التوترات؟
في النهاية، تشكل هذه اللحظة نقطة تحول حاسمة في العلاقات الدولية، وسيبقى مراقبو الشأن الدولي في حالة ترقب لنتائج هذا التفاعل المتعدد الأبعاد.
مفاوضات حافلة بالتحديات والفرص
بغض النظر عن مواقف كل من الولايات المتحدة وإيران، فإن دخول روسيا كطرف فاعل في المفاوضات النووية بين الطرفين يعكس تغيرًا مهمًا في ديناميكيات السياسة الدولية في الشرق الأوسط. الأيام المقبلة ستكون محورية في تحديد ما إذا كان هذا الدور الروسي سيسهم في تسوية شاملة أم سيزيد من تعقيد الأوضاع؟

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles

Channel 23
29 minutes ago
- Channel 23
قلقٌ من ضربة محتملة ضد إيران... وترامب يحذّر نتنياهو!
ذكر موقع "واللا" الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أن الإدارة الأميركية أعربت عن قلقها المتزايد من احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، في وقت وجّه فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيراً واضحاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اتخاذ أي خطوة قد تعيق المفاوضات النووية الجارية بين واشنطن وطهران. ونقل الموقع عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض قوله أن "ترامب أبلغ نتنياهو بوضوح أنه يسعى للوصول إلى حل دبلوماسي مع إيران، ولا يريد لأي طرف أن يقف في طريق هذه المساعي". وأضاف المسؤول أن ترامب، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين، عبّروا عن خشيتهم من أن يُقدم نتنياهو على أمر عملياتي ضد المنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن ينسف المسار التفاوضي. وتابع المسؤول، "الرئيس ترامب أكد لرئيس الحكومة الإسرائيلية أن الخيار العسكري لا يزال مطروحاً، لكنه يفضّل استنفاد الخيار الدبلوماسي أولاً". وأكد المصدر أن هذا التحذير نُقل إلى نتنياهو خلال محادثات جرت الأسبوع الماضي، شدد خلالها ترامب على أهمية عدم الإقدام على أي خطوة قد تؤدي إلى تقويض المحادثات مع إيران. وفي السياق ذاته، أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، نقلاً عن مصدرين إسرائيليين مطّلعين، بأن الجيش الإسرائيلي يُجري استعدادات متقدمة لتنفيذ ضربة مفاجئة ضد المنشآت النووية الإيرانية، في حال فشل المحادثات الجارية بين طهران وواشنطن. ولفت المصدران إلى أن "تل أبيب باتت تميل إلى الاعتقاد بأن فرص التوصل لاتفاق نووي تتضاءل، وأن انهيار المحادثات بات وشيكاً". وأشار أحد المصدرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يرى أن "نافذة الفرصة لتنفيذ ضربة فعالة قد تُغلق قريباً"، مضيفاً أن أي تأخير قد يؤثر سلباً على جدوى الهجوم. ورفض المصدر الإفصاح عن الأسباب التقنية أو الاستخبارية التي تقف خلف هذا التقييم. وكان تقرير سابق لشبكة "سي إن إن" الأميركية قد أكد أن الجيش الإسرائيلي كثّف تدريباته العسكرية في الآونة الأخيرة تحضيراً لاحتمال توجيه ضربة ضد مواقع إيرانية، في تطور يعكس التوتر المتصاعد بين تل أبيب وطهران وسط الجهود الدولية لإحياء الاتفاق النووي. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


37 minutes ago
"أكسيوس": ترامب حذر نتانياهو من اتخاذ أي إجراء قد يعرّض المفاوضات مع ايران للخطر
كشف مسؤول في البيت الأبيض ومصدر مطّلع لموقع "أكسيوس" الأميركي، أنّ "الرّئيس الأميركي دونالد ترامب حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ، خلال مكالمة هاتفيّة الأسبوع الماضي، من اتخاذ أي إجراء قد يُعرّض المفاوضات بين الولايات المتّحدة الأميركيّة و إيران بشأن اتفاق نووي جديد، للخطر". وأوضح المسؤول أنّ "رسالة ترامب كانت أنّه لا يريد إثارة عداوة أحد، في وقت يحاول فيه حل المشاكل". وأشار إلى أنّ "ترامب ومسؤولين أميركيّين كبار آخرين أبدوا قلقهم في الأسابيع الأخيرة، من أنّ إسرائيل قد تقصف المنشآت النّوويّة الإيرانيّة، أو تتّخذ خطوات أخرى من شأنها أن تقوّض المحادثات". ولفت مصدر لـ"أكسيوس"، إلى أنّ "إسرائيل تعتقد أنّ فرصتها العمليّة لشنّ ضربة ناجحة، قد تتلاشى قريبًا". وقد أبدى بعض المسؤولين الأميركيّين، بحسب "أكسيوس"، قلقهم من أنّ "نتانياهو قد يأمر بشن ضربة حتّى من دون الحصول على الضّوء الأخضر من ترامب".


IM Lebanon
an hour ago
- IM Lebanon
ترامب يحذّر نتنياهو
كشف موقع 'واللا' الإسرائيلي، عن أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من ضربة إسرائيلية محتملة على منشآت إيرانية نووية، فيما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من إعاقة المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران. ونقل الموقع عن مسؤول في البيت الأبيض، أن 'ترامب أبلغ نتنياهو أنه يريد التوصل لحل دبلوماسي مع إيران، ولا يريد أن يقف أي شيء في طريقه إلى ذلك'. وأعلن المسؤول أن 'ترامب ومسؤولين آخرين أعربوا عن قلقهم من أن يأمر نتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية أو يتخذ خطوات تفشل الجهود الدبلوماسية'. وتابع: 'ترامب أكد لنتنياهو أن -الخيار الثاني لا يزال مطروحا على الطاولة، لكنه يفضل أولا رؤية إن كان من الممكن التوصل لحل دبلوماسي'. كما أكد أن 'ترامب حذر نتنياهو الأسبوع الماضي من اتخاذ خطوات قد تضر بالمفاوضات النووية مع إيران'. وكان موقع 'أكسيوس' قد ذكر نقلا عن مصدرين إسرائيليين، أن تل أبيب تجري استعدادات لتوجيه ضربة سريعة لمنشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران.