logo
قتلى دروز وتأهب إسرائيلي.. شفق نيوز تسرد الرواية الكاملة لأحداث "صحنايا" السورية

قتلى دروز وتأهب إسرائيلي.. شفق نيوز تسرد الرواية الكاملة لأحداث "صحنايا" السورية

شفق نيوز٣٠-٠٤-٢٠٢٥

شفق نيوز/ أعلنت السلطات السورية، مساء اليوم الأربعاء، انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، وانتشار قوات الأمن في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار، بحسب ما أفاد به مدير مديرية الأمن في ريف دمشق، المقدم حسام الطحان لوكالة "سانا".
وجاء هذا الإعلان، بعد تصعيد جديد شهدته دمشق ضد الأقلية الدرزية في سوريا، حيث اندلعت اشتباكات ذات طابع طائفي بين مسلحين مرتبطين بالإدارة السورية الجديدة وآخرين دروز في بلدة صحنايا الواقعة قرب دمشق موقعة 22 قتيلاً على الأقل.
في حين أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بتنفيذ عملية تحذيرية ضد من سماها "مجموعة متطرفة" كانت تستعد لمهاجمة الدروز بالمدينة السورية.
وجاءت هذه المواجهات بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين.
وبدأت هذه الاشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون، عقب انتشار تسجيل صوتي نسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد.
وتوسعت الاشتباكات ليل الثلاثاء الأربعاء الى منطقة صحنايا التي يقطنها دروز ومسيحيون، مؤدية إلى مقتل 16 عنصراً من قوات الأمن السوري، كما أعلنت وزارة الداخلية في بيان.
وعن تفاصيل ما جرى، قالت الوزارة، إن "مجموعات خارجة عن القانون" هاجمت صباح الأربعاء "نقاطاً وحواجز أمنية على أطراف" صحنايا، مما أدى إلى "استشهاد أحد عشر عنصراً من قوات إدارة الأمن العام"، مضيفة أن خمسة عناصر إضافيين قتلوا في هجوم آخر على نقطة أمنية "ليبلغ إجمالي عدد الشهداء ستة عشر شهيداً" حتى الآن.
من جهته، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 6 من المسلحين المحليين الدروز في صحنايا.
ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث تشكل محافظة السويداء (جنوب) معقلهم الرئيسي.
هجوم تحذيري
وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق اليوم أنها شنت هجوما تحذيريا على مجموعة وصفتها بـ"المتطرفة"، كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية في بلدة صحنايا.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، إن إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري بأنها تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز.
وأوضح البيان أن "تل أبيب لن تسمح بإلحاق الضرر بالطائفة الدرزية في سوريا انطلاقا من التزامها العميق تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل، الذين تربطهم علاقات عائلية وتاريخية بإخوانهم الدروز في سوريا".
في غضون ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الهجوم الإسرائيلي على المدينة السورية نفذ بطائرة مسيّرة أطلقت صاروخا باتجاه مبنى فيه مسلحون يستعدون لاستهداف الدروز.
فيما ذكر موقع "الجزيرة"، وقوع انفجارات في دمشق وريفها، في أعقاب قصف طائرة إسرائيلية 3 "أهداف أمنية" داخل صحنايا بريف دمشق.
كما حلقت مسيرات سورية من نوع "شاهين" في سماء صحنايا وجرمانا، واستهدفت إحداها مسلحين في صحنايا.
حالة تأهب
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن رئيس الأركان، إيال زامير، "أصدر تعليماته بالاستعداد لضرب أهداف للنظام في سوريا إذا لم يتوقف العنف ضد الدروز".
وأضاف أن الجيش "يراقب التطورات في المنطقة السورية، وتنتشر قواته في حالة تأهب للدفاع وسيناريوهات مختلفة".
وسبق لإسرائيل التي تسهل زيارات دينية لمشايخ دروز سوريين الى أراضيها في الفترة الأخيرة، أن هددت بالتدخل لحماية دروز سوريا إثر مواجهات محدودة شهدتها منطقة جرمانا مطلع آذار/ مارس الماضي.
موقف الطائفة الدرزية
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام سورية، بوصول وفد من مشايخ ووجهاء السويداء إلى منطقة "أشرفية صحنايا" بهدف إيجاد حل سريع للأزمة في المدينة.
وحذّر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى من مخططات لضرب أبناء الوطن الواحد في سوريا، داعياً إلى الحكمة والتبصّر بعواقب الأمور ولملمة الوضع الحاصل وجمع الشمل.
وقال أبي المنى: "لنصلي ولندعو من أجل أخواننا الذين يمرّون في ضيقة في الأشرفية في صحنايا وجرمانا، والذين نتواصل معهم لحظة بلحظة منذ الأمس ومنذ فجر اليوم".
أضاف: "نتواصل لنقف على حقائق الأمور التي تسارعت بشكل كبير، مما يدل ان هناك شحناً في النفوس وأنّ هناك ربما تكون نوايا مبيتة ومخططات مشبوهة يجب ان نكون واعين ومدركين ويجب أن نكون متحصنين بالعقل، العقل الذي يجب أن يقودنا الى الخلاص من هذه المحنة ومن هذه المرحلة العصيبة".
من جهته، حذر الشيخ سميح يوسف الريشي، أحد شيوخ طائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، من خطورة الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة، مشدداً على رفض الطائفة لأي اعتداء وعلى تمسك الدروز بوحدة سوريا، وسط حديثه عن مخاوف من فتنة وتقسيم.
كما حذر الشيخ الريشي، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، من أن استمرار الوضع الراهن قد يدفع بالطائفة للبحث عن حماية بديلة، قائلاً: "إذا ظل الوضع كما هو، سنرغب بالحماية، ولسنا نرغب بأن نكون تحت وصاية إسرائيلية، ولكن إذا استمر الخطر علينا، فلا مفر".
إلى ذلك، قال الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات تتعلق بالوضع في سوريا، مضيفًا أن "تغييرًا قريبًا" سيحدث.
وأضاف طريف في بيان مقتضب أن "الوضع تحت السيطرة"، ودعا أبناء الطائفة الدرزية إلى التزام الهدوء، قائلاً: "لا حاجة للاحتجاجات، ولن نسمح لأي أحد بأن يسيء للدروز. دولة إسرائيل، والجيش، والعالم يقفون إلى جانبنا".
موقف جنبلاط وأردوغان
ودعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، "السلطة السورية إلى القيام بتحقيق شفاف"، وقال: "مستعد للذهاب إلى دمشق مجدداً لوضع أسس للمطالب التي يحتاجها الدروز".
تابع: "نحن في بداية مرحلة جديدة إما الاقتناع بالعيش في سوريا موحدة مع احترام التنوع أو الانسياق إلى المشروع الإسرائيلي الذي لن يترك "درزياً" في منطقته".
من جهته، رفض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مطالب جماعات كوردية سورية بتبني نظام حكم لامركزي في سوريا قائلاً إنها "ليست أكثر من حلم" ولا مكان لها هناك.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
وإثر إطاحة الاسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق تواجدهم الى اتفاق بعد مع السلطات الجديدة للاندماج ضمن قواتها، رغم جهود في هذا السياق.
وحل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الجيش السابق وجمّد عمل عناصره، بينما انضوت الفصائل المسلحة التي نشطت في شمال غرب سوريا ضمن وزارة الدفاع. ويعد جهاز الأمن العام، ذراع الشرع الأمنية في معقله السابق في إدلب، الجهاز الأكثر نفوذا في سوريا اليوم.
ويعد بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع، مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلين الكورد (شمال شرق)، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم.
وتعهدت السلطات الجديدة ضمان أمن الطوائف كافة، وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حلب… وفد من حزبنا يلتقي بممثلين عن 'حركة البناء السوري الجديد' لمناقشة سبل تعزيز الوعي الجماهيري والتماسك بين السوريين
حلب… وفد من حزبنا يلتقي بممثلين عن 'حركة البناء السوري الجديد' لمناقشة سبل تعزيز الوعي الجماهيري والتماسك بين السوريين

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ يوم واحد

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

حلب… وفد من حزبنا يلتقي بممثلين عن 'حركة البناء السوري الجديد' لمناقشة سبل تعزيز الوعي الجماهيري والتماسك بين السوريين

بهدف تعزيز العلاقات وتطوير التعاون المشترك بين الأحزاب السياسية في مدينة حلب بما يخدم مستقبل سوريا، زار وفد من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD متمثلاً بالرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة وعضوة مكتب العلاقات العامة للحزب 'حركة البناء السوري الجديد'، مشددين على ضرورة ترسيخ الوعي الجماهيري والتماسك بين السوريين لرسم مستقبل سوريا بصبغة الديمقراطية. كان في الوفد الزائر 'سليمان عرب' الرئيس المشتركة لمكتب العلاقات العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD في إقليم شمال وشرق سوريا، 'إلهام محمد' عضوة مكتب العلاقات العامة للحزب، وكل من 'فريحة أحمد' الرئاسة المشتركة للحزب في مدينة حلب، 'ولات معمو و روهات بريم' الرئاسة المشتركة لمكتب العلاقات في المدينة. واستقبل الوفد من قبل ممثلين وممثلات عن حزب 'حركة البناء السوري الجديد'، وخلال الزيارة تم التطرق إلى ملفات عدة بما يخدم مستقبل السوريين ويرسم لهم مسار صحيح مبني على أسس الديمقراطية. وبحث الجانبان ' التطورات السياسية التي تشهدها الساحة السورية ودور الحكومة الانتقالية في سوريا، مشيدين بتجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا والنجاح الكبير الذي حققته هذه التجربة على كافة الميادين رغم التحديات التي واجهتها. وأشار ممثلي حزبنا' إلى الدور الريادي الذي لعبته المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا ونظام الرئاسة المشتركة، والذي يعتبر ثمرة من ثمرات ثورة شمال وشرق سوريا الذي يكرس نموذج حقيقي عن حرية المرأة، متأملين أن يتم نقل هذا النظام إلى كافة المدن السورية نظراً لأنه النظام الوحيد الذي يضمن حقوق المرأة في سوريا المستقبل. وفي ختام الزيارة أكد الجانبان على ضرورة ترسيخ الوعي الجماهيري والتماسك بين السوريين لتحقيق السلم الأهلي ورسم مستقبل سوريا بصبغة الديمقراطية واللامركزية، فيما ركزوا على تطوير العمل والتعاون المشترك بين الأحزاب الوطنية بما يعزز الوحدة السورية للوصول إلى سوريا التي يطمح لها جميع السوريين.

"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟
"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟

شفق نيوز

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟

لم تكن ليلة الثلاثاء 29 أبريل/نيسان الماضي كغيرها في جرمانا، المدينة السورية المكتظة بالسُكّان جنوب شرقي دمشق. ففي أقل من ساعة، تحوّلت شائعة على تطبيق "واتساب" إلى كابوس جماعي. إذ أدى تسجيل صوتي منسوب لرجل درزي، يتضمّن إساءة للنبي محمد، إلى إشعال فتيل اشتباكات مسلّحة. ورغم أن الرجل المعني نفى صحة التسجيل المنسوب إليه، فإن المعلومات المضللة اختلطت بالخلفيات الطائفية والأسلحة النارية، ليقضي سكان جرمانا ليلة دامية، في مدينة طالما اعتُبرت نموذجاً للتعايش السوري. واليوم، يخيّم على زوايا جرمانا "هدوء هش يُخفي تحت سطحه بقايا جرح لم يُعقَّم، بل تمّت لملمته فقط"، على حد وصف الكاتب الصحفي يعرب العيسى، المقيم في المدينة منذ 27 عاماً. ويقول العيسى: "الوضع هادئ الآن، لكن أي استفزاز بسيط قد يعيد إشعال الفتيل. فالتوتّر في سوريا عام، لكنه أكثر حدّة في مناطق مثل جرمانا، وصحنايا، والسويداء". جرمانا، مدينة سورية تقع على بُعد 5 كيلومترات جنوب شرق دمشق، ومن أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان. رغم أنها تُدرج رسمياً ضمن محافظة ريف دمشق، إلا أن مدينة جرمانا لا تختلف كثيراً عن العاصمة، لا في عمرانها ولا في تداخلها السكاني. "هي أقرب إلى امتداد متصل لدمشق"، كما يصفها نيروز ساتيك، الباحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة ساسكس البريطانية في مقابلة مع بي بي سي عربي. لم تعد جرمانا قرية زراعية كما كانت تاريخياً، عندما كانت تشكل جزءاً من قرى غوطة دمشق، قبل أن تتمدد وتتحول إلى مدينة مكتظة ومتشعبة. هذا التحول كان نتيجة طبيعية لموقعها الجغرافي المحاذي للعاصمة، وللهجرات الداخلية المتتابعة منذ عشرات السنين. يقول يعرب لبي بي سي إن المدينة هي حاضرة قديمة تعود جذورها إلى حقبة ما بعد ميلاد المسيح حين كانت تضم ديراً مسيحياً للقديس جرمانوس، منح المدينة اسمها. سكنها الدروز في القرن الحادي عشر بعد هجرتهم من مصر عقب ضعف الدولة الفاطمية. فعندما تعرضوا للتضييق، استقروا في مناطق متفرقة من بلاد الشام، منها جبل الشوف في لبنان، وجبل السماق شمالاً (قرب إدلب)، وقريتان قرب دمشق هما جرمانا وصحنايا. يؤكد يعرب أن جرمانا كانت تاريخياً مدينة منفتحة على التنوع، سكنها المسيحيون والدروز بداية، لكنها جذبت لاحقاً سكان من معتقدات مختلفة، ما أذكى التسامح الطائفي والديني. "كانت منطقة مرغوبة، بجوار الغوطة، فيها نهر وطبيعة وهواء عليل، فتوسعت وتحوّلت إلى المدينة الأكثر تنوعاً وحرية في سوريا". جرمانا: مدينة اللاجئين لكنّ محطات التحوّل الكبرى بدأت مع موجات الهجرة المعاصرة. ففي عام 2003، استقبلت جرمانا أول موجة من اللاجئين العراقيين، خصوصاً المسيحيين، ما خلق ضغطاً عمرانياً واقتصادياً، فأُنشئت أحياء جديدة وسرعان ما صارت المدينة تضج بالحياة. ثم بدأت الثورة السورية عام 2011 التي تحولت صراعاً مسلحاً، وجلبت معها نازحين من مدن دير الزور ودرعا وإدلب وحلب والغوطة. عشرات الأحياء بُنيت بسرعة، ما أضاف طبقات سكّانية جديدة، وخلق احتكاكات مستمرة بين فئات ومناطق وعشائر مختلفة. وبحسب يعرب، فإن عدد سكان جرمانا اليوم يُقدّر بنحو مليون نسمة. ولا يشكل الدروز – رغم رمزية وجودهم – أكثر من 25 في المئة من السكان، بينما أبناء المدينة الأصليين لا يتجاوزون 6 أو 7 في المئة، بحسب تقديرات. لم نستطع في بي بي سي الاطلاع على السجلات الرسمية التي تُظهر التغيرات الديموغرافية على مدار السنوات الأخيرة. ومع ذلك، تبقى الإدارة اليومية للمدينة بيد "الهيئة الروحية للدروز"، إلى جانب هيئة مدنية يعمل الجميع على احترامها والتعامل معها كمرجعية. فبحسب الناشط السياسي مروان حمزة، وهو ابن المنطقة: "الدروز لهم الكلمة الفصل" في إدارة المدينة؛ فغالبية المراكز الإدارية الرسمية، بما في ذلك رئاسة البلدية، يديرها أفراد من الطائفة الدرزية، بينما تلعب المشيخة الدينية الدور الأبرز في رسم السياسات المحلية، سواء داخل الطائفة أو في علاقتها مع باقي مكونات المدينة، كما يوضّح. بعد عام 2011، ومع نزوح عدد كبير من سكان السويداء إلى جرمانا، تعزز هذا الدور أكثر. يوضح حمزة أن "أي بيان يصدر عن المشيخة أو دار الطائفة يُنفذ فوراً من جميع السكان، وليس من الدروز فقط"، في إشارة إلى احترام السلطة الدينية العليا وقدرتها على ضبط الشارع. ويتابع: "خلال الأحداث الأخيرة، كانت بيانات المشايخ في جرمانا بمثابة صمّام أمان، إذ ساهمت بشكل كبير في تهدئة التوتر ومنع تصاعد الصدامات". لكن هذا التنوع كان سيفاً ذا حدين. فكما شكّل مصدر غنى، كان أيضاً نواةً قابلة للاشتعال. "ما حصل في الأيام الماضية كان مجرد نتيجة لتراكم احتكاكات قديمة"، يروي يعرب، مشيراً إلى حادثة انتشار تسجيل صوتي مزور لشخص يسب النبي محمد، قيل إنه رجل درزي من السويداء. فقامت جماعات متطرفة بالاعتداء على أهل جرمانا، في مشهد يدل على مدى استعداد النفوس للاشتعال بفعل الشحن الطائفي المسبق، بحسب وصفه. وفي السويداء، خرجت بيانات دينية من مشيخة العقل – الجهة الدينية العليا للطائفة الدرزية – تندد بالتسجيل وتؤكد عدم صحته، داعية إلى التهدئة و"عدم الانجرار خلف الفتنة". وأصدر الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية لدروز سوريا، بياناً يُدين الإساءة ويشدد على احترام الرموز الدينية لجميع الطوائف، مع التأكيد على أن الصوت ليس لأحد من مشايخ السويداء. وأصدرت وزارة الأوقاف لاحقاً موقفاً مقتضباً يدعو للوحدة الوطنية و"رفض الفتنة". موقف جرمانا من الثورة السورية؟ منذ الأيام الأولى للحرب السورية، اختارت جرمانا موقعاً حذراً: "حياداً إيجابياً" بحسب يعرب. فالدروز في سوريا لم يقفوا بشكل صريح مع النظام، لكنهم لم يواجهوه أيضاً. في جرمانا، فرض الموقع الجغرافي حساسيات إضافية، فهي البوابة التي تفصل العاصمة عن الغوطة الثائرة - الريف الدمشقي ذو الغالبية السنية. في سنوات الثورة، لعبت المدينة دور الوسيط غير المُعلن: طلبت من القرى المجاورة عدم الاعتداء عليها مقابل عدم السماح بدخول قوات النظام من جهتها، وفقاً لمروان. أما مؤسسات الدولة داخل جرمانا، فقد بقيت قائمة حتى في لحظات انهيار السلطة في مناطق سورية أخرى. "البلدية، المحكمة، السجل المدني... لم تُمس"، يقول يعرب، بعكس كثير من مدن سوريا التي شهدت عمليات سلب ونهب واسعة. بعد التسوية التي جرت في الغوطة في 2018، عاد قسم من المهجرين إلى بلداتهم، فانخفض عدد السكان قليلاً. وفي المقابل، خضعت المدينة لترتيبات أمنية مع النظام. جرى التفاوض حول سلاح الفصائل المحلية، فرفض سكان المدينة تسليمه بالكامل. بدلاً من ذلك، سُلّمت الأسلحة الثقيلة فقط، فيما دُمجت عناصر الحماية المحلية ضمن قوات الأمن العام، وارتدوا زيّه الرسمي، ليتحول أبناء جرمانا إلى "أمن عام" بشكل رسمي، في صيغة ترضية لجميع الأطراف، وفقاً ليعرب. رغم هذه "التهدئة الشكلية"، تبقى جرمانا مدينة على حافة الانفجار. "فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"، يصف يعرب. فهي "مرآة سوريا المصغرة: جميلة، متنوعة، ومتوترة. وتنتظر شرارة". أما تفاعل جرمانا مع انتفاضة السويداء لعام 2023، فلم يكن مفاجئاً، بحسب نيروز ساتيك. "رغم أن المظاهرات لم تكن حاشدة بفعل القبضة الأمنية الصارمة في ريف دمشق، إلا أن الإيقاع السياسي فيها كان متقارباً مع حراك السويداء، بما يعكس ارتباطاً وجدانياً وثقافياً مستمراً مع الجنوب السوري". تعرضت جرمانا خلال الحرب لعشرات التفجيرات وعمليات الاغتيال، أبرزها الهجوم على موقف للسيارات عام 2012 أودى بحياة العشرات، وتفجيرات أخرى عامي 2013 و2015. مرحلة ما بعد الأسد مع سقوط النظام السوري في ديسمبر/ كانون الأول 2024، احتفل سكان جرمانا كغيرهم في أنحاء سوريا. وفي مساء الجمعة 28 فبراير/شباط 2025، اندلع اشتباك مسلح عند أحد الحواجز المحلية في المدينة، أسفر عن مقتل موظف في وزارة الدفاع السورية، يُدعى أحمد الخطيب، وإصابة عنصر أمني آخر بجروح بالغة. التحقيقات الأولية أشارت إلى أن منفذي الهجوم ينتمون إلى مجموعة مسلحة محلية، يُعتقد أنها تحتفظ بصلات تنظيمية مع أجهزة النظام السابق. وبعد ساعات من الحادثة، رفضت الميليشيا تسليم المتهمين للسلطات، رغم المحاولات المتكررة للتهدئة من أطراف مدنية ودينية. بحلول مساء الأحد 2 مارس/آذار، تحوّل التوتر إلى حالة من الانفلات، مع قيام مجموعات مسلحة بنصب حواجز عشوائية وفرض سيطرة على بعض مداخل المدينة. واستُخدمت هذه الحواجز في عمليات تفتيش واحتجاز وإطلاق نار في بعض المناطق السكنية، مما أثار ذعر الأهالي. عقب ذلك بيوم واحد، أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية الجديدة عن بدء عملية أمنية رسمية في جرمانا، هدفها إنهاء "الفوضى الأمنية" وملاحقة الجناة، إضافة إلى تفكيك النقاط المسلحة غير النظامية التي انتشرت. العملية الأمنية شملت انتشاراً لعناصر الشرطة العسكرية، وإغلاق بعض الطرق المؤدية إلى الأحياء الشرقية، فيما سُجّلت اعتقالات محدودة بحق أفراد يُشتبه بضلوعهم في الهجوم أو في أعمال تخريب لاحقة. يأتي التصعيد الأخير في جرمانا في لحظة دقيقة تمر بها سوريا، حيث لا تزال الحكومة الجديدة - التي تشكّلت بعد انهيار النظام السابق في ديسمبر/ كانون الأول - تحاول إعادة ترتيب مؤسّساتها، وسط مشهد أمني لم يستقر بعد. فبينما تعلن السلطات أن الجماعات المسلحة قد أُدمجت بالكامل ضمن هيكل الدولة الجديدة، لا تزال تقارير محلية تتحدث عن مجموعات تتحرك بشكل منفصل، يُقال إنها لم تخضع بعد للقيادة المركزية، ما يجعل مدناً مثل جرمانا أكثر عرضة للاشتباكات الداخلية. لكن هذه الرواية لا تحظى بإجماع. فبحسب عدد من سكان المدينة ونشطاء سياسيين تحدثوا لـبي بي سي، فإن تحميل المسؤولية لما يُوصف بـ"الفصائل غير المنضبطة" لم يعد مقنعاً، خاصة أن قائد الحكومة أحمد الشرع كان قد رعى بنفسه سلسلة من المصالحات، أفضت إلى إدماج معظم المقاتلين في أجهزة الدولة، بما فيها قوات الأمن العام والشرطة المحلية. BBC اقتصاد هش اليوم، يعيش سكان جرمانا في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. المدينة، مثل غيرها من ضواحي دمشق، تعاني من ارتفاع هائل في الإيجارات والأسعار، وانقطاع مستمر للكهرباء والماء. الكهرباء في جرمانا، كما في باقي مناطق سوريا، تُقطع معظم ساعات اليوم، تُقسم إلى أربع دورات، وتتوفر لمدة ساعة ونصف كل ست ساعات، ما يعني نحو خمس إلى ست ساعات تتوفر فيها الكهرباء يومياً. لكن بعض الأحياء تعتمد على مولّدات خاصة وخطوط بديلة تُباع خدماتها بأسعار مرتفعة. أما الإيجارات، فتتفاوت بشكل كبير حسب المنطقة ومستوى البناء. في الأحياء المكتظة، يمكن العثور على شقق صغيرة مكتظة وغير مؤهلة للإقامة مقابل 50 دولاراً شهرياً. في المقابل، قد تصل الإيجارات في المناطق الجيدة إلى 500 دولار، مع متوسط عام يتراوح بين 200 و300 دولار للشقق المتوسطة. أما المحلات التجارية، فتصل إيجاراتها إلى أرقام خيالية، حيث يؤجر بعضها بأكثر من 2000 دولار شهرياً. علماً أن تسعة من كل عشرة أشخاص في سوريا يعيشون في فقر وإن واحداً من كل أربعة عاطل عن العمل، وفقاً للأمم المتحدة. الكثير من العائلات تقطن في أحياء مكتظة، بعضها بلا بنى تحتية، خصوصاً العائلات النازحة. ومع ذلك، لا تزال المدينة تنبض بالحياة. مقاهٍ، أسواق، مدارس خاصة، ومراكز تدريب. في ظل هذا التنوّع، يُحافظ الناس على نوع من التعايش الصامت. يلتقي الدروز والمسيحيون والسنة في الأسواق والمدارس، ويفصلهم فقط صراع سياسي.

تستهدف شخصين وشركة.. عقوبات أمريكية جديدة على إيران
تستهدف شخصين وشركة.. عقوبات أمريكية جديدة على إيران

شفق نيوز

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

تستهدف شخصين وشركة.. عقوبات أمريكية جديدة على إيران

شفق نيوز/ أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، يوم الاثنين، فرض عقوبات جديدة على شخصين وشركة في إيران، فيما تزامنت هذه العقوبات الجديدة مع الجولة الرابعة من المباحثات بشأن برنامج طهران النووي. وأوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية في إطار العقوبات الجديدة اسمَي مواطنين إيرانيين، هما "محمد رضا صديقي صابر" و"أحمد حقيقت‌ طلب"، إلى قائمة العقوبات. كما أُضيفت شركة "فناوران آینده‌ نكر بویا بارس" إلى قائمة العقوبات أيضاً، وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن هذه الشركة تقع في المنطقة الصناعية شمس ‌آباد بطهران وتنشط في مجال التقنيات الحساسة. وتأتي العقوبات الجديدة بينما بدأت إيران والولايات المتحدة أمس الأحد، في العاصمة العُمانية مسقط، جولة رابعة من المباحثات بشأن برنامج طهران النووي، سبقها تجديد الجمهورية الإسلامية تمسّكها بتخصيب اليورانيوم، وهي مسألة سبق لواشنطن ان اعتبرتها "خطاً أحمر". ويقود المحادثات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وبدأت المباحثات بعدما بعث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برسالة إلى القيادة الإيرانية يحثّها فيها على التفاوض، ملوّحا باحتمال اللجوء إلى الخيار العسكري ضدها في حال فشل ذلك. وبينما أكد الطرفان تحقيق تقدم في المباحثات، تعكس مواقفهما تباينا بشأن تخصيب اليورانيوم. وتهدف المحادثات إلى إبرام اتفاق جديد يحول دون تمكين إيران من تطوير أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات التي تشل اقتصادها. وتصاعد التوتر بشأن البرنامج النووي الإيراني منذ أن سحب ترامب في 2018 الولايات المتحدة من الاتفاق الذي أبرمته طهران مع القوى الكبرى عام 2015، وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية. ونصّ الاتفاق على تقييد أنشطة طهران النووية مقابل رفع العقوبات عنها. وبقيت الجمهورية الإسلامية ملتزمة بالاتفاق لعام بعد الانسحاب الأمريكي، قبل أن تبدأ بالتراجع عنه تدريجاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store