عدد الشهداء الصحفيين في غزّة يرتفع
إلى 231 منذ بداية العدوان الصهيونيعدد الشهداء الصحفيين في غزّة يرتفعب. مأعلن المكتب الإعلامي بغزّة أمس الأربعاء عن ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 231 منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزّة فيما قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إن الاحتلال الصهيوني سجل جريمة جديدة في سجله الدموي باغتياله الصحفية ولاء الجعبري إثر استهداف طائراته لشقتها السكنية.وقال المكتب الإعلامي الحكومي في تصريح صحفي إن عدد الشهداء الصحفيين ارتفع إلى 231 منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزّة وذلك بعد الإعلان عن استشهاد صحفيين هما تامر الزعانين الذي يعمل مصورا صحفيا مع عدة وسائل إعلامية وولاء الجعبري والتي تعمل أيضا محررة صحفية مع عدد من وسائل الإعلام. وعبر المكتب الإعلامي عن إدانته لاستهداف وقتل واغتيال الاحتلال الصهيوني للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزّة.
وحمل الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجرائم النكراء الوحشية. وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة وممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية ولحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزّة.وتتعمد قوات الاحتلال خلال عدوانها على غزّة استهداف الصحفيين والمؤسسات الإعلامية حيث أصابت ما يقرب من 400 صحفي واعتقلت 40 آخرين ودمرت غالبية مقرات المؤسسات المحلية والدولية العاملة في القطاع كما أجبرت كافة الإذاعات المحلية على الإغلاق بسبب التهجير والنزوح وعدم توفر مقومات العمل الصحفي خاصة الكهرباء والإنترنت.جريمة جديدة
أكّدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أمس الأربعاء أن الاحتلال الصهيوني قام باغتيال الصحفية ولاء الجعبري إثر استهداف طائراته لشقتها السكنية في حي تل الهوا جنوب غرب مدينة غزّة ما أدى إلى استشهادها مع زوجها وأطفالها في مشهد تقشعر له الأبدان.
وأكدت النقابة في بيان لها أنها تنظر إلى هذه الجريمة النكراء باعتبارها جزءا من سياسة ممنهجة ينتهجها الاحتلال الصهيوني لترهيب الصحفيين وكسر أقلامهم وإسكات عدساتهم عبر استهدافهم المباشر مع عائلاتهم داخل منازلهم.وقالت: لقد تجاوز الاحتلال كل الخطوط الحمراء ولم يعد يكتفي بقتل الصحفيين في ساحات التغطية الميدانية بل بات يتعمد قتلهم داخل بيوتهم وبين أطفالهم في محاولة لإطفاء نور الحقيقة وإخضاع الإعلام الفلسطيني بقوة النار والدم .*
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- إيطاليا تلغراف
مناظرة عصيد وطلال لحلو تحت مجهر هابرماس
إيطاليا تلغراف نشر في 26 يوليو 2025 الساعة 17 و 53 دقيقة إيطاليا تلغراف سعيد الغماز-كاتب وباحث في سياق النقاش العمومي حول قضايا الفكر والهوية والتحديث في المغرب، تبرز مناظرة أحمد عصيد وطلال لحلو باعتبارها لحظة نوعية تستحق الوقوف عندها بعمق. لقد استحضرتُ، وأنا أتابع أطوار هذه المناظرة، مقولة للمفكر الألماني يورغن هابرماس، تُعد بمثابة حجر الزاوية في نظريته حول الفضاء العمومي: 'لا يرقى الفكر إلا في الفضاء العمومي، حيث يخضع للنقاش العقلاني والحجج المقنعة.' وإذا كانت هذه المقولة تعبّر عن جوهر المشروع الحداثي الذي يدعو إليه هابرماس، فإنها تُعد مدخلًا منهجيًا لفهم ما جرى بين المتناظِرين، وتفكيك المشهد الثقافي والإعلامي الذي أحاط بالمناظرة. نبدأ من الإطار الذي نُظِّمت فيه المناظرة: أحمد عصيد، مثقف بارز ومثير للجدل، يَشغل حيزًا إعلاميًا شبه دائم، حيث يُقدَّم باعتباره 'صوت الحداثة والعقلانية'. في المقابل، لا يعرف كثيرون طلال لحلو إلا من خلال هذه المناظرة، رغم تكوينه الأكاديمي المتين وإنتاجه العلمي الوازن. ولولا تمكن طلال من فرض ذاته في هذه المناظرة، بحكم ثقافته الواسعة وتخصصه العلمي إلى جانب تحليله العقلاني المرتكز على الأرقام والدراسات والبحوث الأكاديمية، لما سمع عنه أحد، ولما استضافه الإعلام العمومي. هذا التفاوت في الحضور الإعلامي لا يعكس بالضرورة تفاوتا في القيمة الفكرية، بل يكشف عن اختلال في منطق 'التمثيل الإعلامي'، ويطرح سؤالا حارقا: هل الإعلام العمومي يُتيح فعلا فضاء ديمقراطيا لتداول الأفكار؟ أم أنه يُعيد إنتاج نخب فكرية بعينها، ويُقصي أخرى قد تكون أقدر على التأثير المعرفي؟ في هذا السياق، تؤكد المناظرة أن إقصاء الأصوات القادرة على المحاججة العميقة، كطلال لحلو، لا يخدم التنوع الفكري، بل يكرِّس فكرا أحاديا يتهرب من الامتحان العمومي. حين يتحدث أحمد عصيد في برامج إذاعية أو لقاءات تلفزيونية، غالبا ما يُمنح فسحة خَطابية خالية من المُعترِض أو المحاور القوي. هذا النوع من الحضور قد يمنح وهم السيطرة الفكرية، لكنه في الواقع يُضعف القدرة على المحاججة أمام عقل نقدي مستند إلى المعرفة. مناظرة ميدي1 أخرجت عصيد من 'منطقة الراحة الفكرية'، وعرَّضته لاختبار علني أمام مثقف لا يعتمد على الإنشاء، بقدر ما يستند إلى تحليل معرفي عقلاني مُمَنهج. وهنا تتجلى تماما أطروحة هابرماس: 'الفكر لا يرقى إلا حين يُمتحن في فضاء عمومي مفتوح، يخضع فيه لقواعد النقاش والحجاج'. من الملاحظات اللافتة في هذه المناظرة، تلك المتعلقة بالكفاءة اللغوية. جرت المناظرة باللغة الفرنسية، وهنا ظهر التفوق الواضح لطلال لحلو، الذي يكتب ويتحدث بالفرنسية بطلاقة فكرية ومُعجمية متقدمة، بل يُمكن القول إنه يتقنها بدرجة تسمح له بفهم بنياتها الثقافية والفلسفية. في المقابل، بدا عصيد ضعيفًا لغويا في هذا السياق، مما أثَّر على قدرته في التعبير والدفاع عن أفكاره. وهذا التفاوت لا يتعلق فقط باللغة، بل بالقدرة على التفكير من داخل المنظومة المعرفية الغربية التي يُدافع عنها عصيد. فهل من الممكن أن يُدافع شخص عن فكر لا يُتقن لغته ولا يفكك آلياته وبنياته؟ هابرماس نفسه يعتبر اللغة أداة مركزية في بناء الفضاء العمومي، ويشدد على أن النقاش العمومي يتأسس على كفاءة لغوية تسمح بتداول الأفكار بوضوح، وتجعل البرهان قابلا للفهم والنقد. في هذا الإطار أستحصر مقولة هابرماس 'اللغة ليست فقط وسيلة للإعلام، بل فضاء للفهم المتبادل، ولتَكْوِين الرأي والحكم العقلاني'. فاللغة ليست أداة فقط، بل هي البنية التي تساعد على الفهم وتفكيك بنيات المجتمع. من هذا المنطلق الهابرماسي، يمكننا القول إن إتقان طلال لحلو للغة الفرنسية، ساعده على فهم جيد للمجتمع الغربي، ومكنه من تفكيك بنياته المجتمعية أكثر من أحمد عصيد. في هذا الإطار، بدا لحلو متفوقا، ليس فقط في التعبير، بل في القدرة على جعل الخطاب مُقنِعا، مُدَعَّما بالدراسات والأبحاث، ومتصلا بجذور الفكر الأوروبي نفسه. جانب آخر ميَّز لحلو هو اعتماده على أدوات التحليل العلمي، وعلى الأرقام والمعطيات المدروسة، فيما بقي خطاب عصيد أقرب إلى الإنشاء والتوصيف المعياري. مثلًا، عندما تحدث عصيد عن حرية المرأة في الغرب، لم يستند في طرحه إلى أية دراسة، بل اكتفى بإطلاق الأحكام بأسلوب لا يخرج عن التوصيف الأدبي. في المقابل، فَنَّد لحلو هذا الطرح انطلاقًا من مقاربات اقتصادية وسوسيولوجية، اعتبرت أن المرأة الغربية صارت أداة إنتاج في السوق الرأسمالي، وأن خطاب 'التحرر' مجرد واجهة. لحلو يعتبر أن ادعاء الغرب لتحرير المرأة، إنما هو لإخفاء توظيفها في آلة رأسمالية لتحقيق المزيد من الأرباح، في عالم رأسمالي يبحث عن الربح بأي طريقة، ولو باستغلال جسد المرأة الغربية، بعد جعلها أكثر جمالا وإغراء، بفعل مساحيق التجميل وشعارات المُودَة. هذا التباين يُحيلنا إلى إشكالية العلاقة بين المعرفة والسلطة الرمزية في الإعلام: من يحظى بالبروز المكثف في الإعلام العمومي كما هو حال عصيد، لا يعني بالضرورة أنه يمتلك الحقائق أو يعكس الحقيقة. بل إن غياب المنافسة الفكرية الجدية يجعل الأفكار سائلة، عاجزة عن اختبار ذاتها أمام النقد. المناظرة كانت، من وجهة نظر سوسيولوجية، تمرينا مُهِما على النقاش العمومي. التفاعل الكبير مع المناظرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبلوغها أرقام مشاهدة فاقت تلك المسجلة لحفلات موسيقية، يُبيِّن تعطشا حقيقيا داخل المجتمع المغربي لنقاش جاد، يبتعد عن سطحية الترفيه ويقترب من جوهر الأسئلة المجتمعية. الأرقام لا تكذب وتعكس الحقيقة كاملة. في الموقع الإلكتروني لقناة ميدي1 الذي بث المحاضرة، وصل عدد المشاهدات إلى حدود كتابة هذا المقال رقم 231.000. وإذا أخذنا بعين الاعتبار مشاهدي القناة التلفزية مدي1، وتقاسم الحسابات للمناظرة في وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا نكون أمام رقم يتجاوز بكثير المليون مشاهدة. أذكر على سبيل المثال قناة رحلة TV التي وصل فيها رقم المشاهدات 464.000 متفوقا على قناة ميدي1. الصفحة الرسمية لأحمد عصيد على الفايسبوك، بلغ فيها الرقم 25.000 مشاهدة إلى حدود كتابة هذا المقال، وبلغ الرقم على صفحة طلال لحلو 546.000 مشاهدة. أي أن المشاهدات على صفحة طلال لحلو بلَغَت 22 مرة عدد المشاهدات على قناة أحمد عصيد. وهو رقم بالغ الأهمية، أترك للمحللين والمتخصصين في علم الاجتماع تحليله وسبر أغواره. علما أننا أمام متناظِرَيْن، الأول يجد أبواب الإعلام العمومي مفتوحة أمامه بالمطلق، والثاني لا يكاد يظهر في هذا الإعلام العمومي. لكن وسائل التواصل الاجتماعي تعكس الحقيقة بالمطلق، وتتنافى مع الحقيقة الناقصة في الإعلام العمومي. ثقافة المناظرة لا تعني الانتصار أو الهزيمة، بل اختبار الأفكار أمام بعضها، وتحرير النقاش من الاستقطاب الأيديولوجي. وفي هذا السياق، فإن دور الإعلام العمومي لا يجب أن يكون دعم طرف فكري على حساب آخر، بل توفير أرضية تعددية تسمح للأفكار بالتفاعل، وللرأي العام بالاختيار عن وعي. لقد كشفت مناظرة عصيد وطلال لحلو عن الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسة الإعلامية والثقافية بالمغرب. لا يتعلق الأمر بمن انتصر أو انهزم، بل بالسؤال التالي: هل نُريد فضاءً عموميا ناضجا، تُتاح فيه الفُرَص المتكافئة للأفكار كي تُختَبَر بالحجة لا بالشهرة؟ أم أننا سنستمر في إنتاج نخب إعلامية تُستثنى من المحاسبة الفكرية؟ في ضوء أطروحة هابرماس، يمكن القول إن رقي المجتمع مرهون برقي نقاشه، وإن الفكر لا يصبح أداة للتغيير إلا حين يغادر أبراجه العاجية، ليُواجه محك العقل العمومي. عند إقصاء بعض الأصوات من الإعلام العمومي، كما هو الحال مع طلال لحلو مقارنة بأحمد عصيد، فإننا نفرغ الفضاء العمومي من معناه الهابرماسي. وأختم حديثي بالقول 'عندما يُحتكر الحديث من طرف واحد، ويغيب التفاعل الحجاجي العقلاني، فإن ما يُقدَّم ليس فكرا حقيقيا، بل رأيا مُغلفا بالشرعية الإعلامية الزائفة'. ففتح الإعلام العمومي لجميع الآراء، بما في ذلك أفكار طلال لحلو، ضرورة في مجتمع له طموح تنموي ورؤية في الإقلاع الاقتصادي. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف السابق مظاهرات في تشيلي تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- إيطاليا تلغراف
كزافييه كوبولاني وصناعة الفراغ الجغرافي: في تفكيك الخرائط الاستعماريّة وإعادة إنتاج المجال السياسي المغاربي
إيطاليا تلغراف * الدكتور شَنْفَار عَبْدُ اللَّه – مدخل تأسيسي: حين يتحوّل الخط المستقيم إلى قدر جيوسياسي هل ترسم الخرائط الدول، أم أن الدول تفرض خرائطها بأثر رجعي لتُخفي عنف التأسيس؟ وما الذي يجعل من ترسيمٍ استعمارٍي بسيطٍ على ورق الجيوش، أساسًا لشرعيّة سياسيّة لاحقة؟ ليست هذه أسئلة تاريخيّة محضة؛ بل محاولة لكشف اللحظة التي تحوّلت فيها المعرفة إلى استعمار ناعم، والمجال إلى فراغ مُفترض وجب ملؤه بسلطة جديدة. في هذا السياق العام، يظهر اسم (كزافييه كوبولاني)، ليس فقط كضابط ميداني فرنسي، بل كمهندس لنموذج جغرافي سياسي يعيد تشكيل المجال المغاربي على أنقاض أنماط سيادة تقليديّة. – أولًا: كوبولاني وهندسة 'الفراغ' الرمزي: الزوايا الصوفيّة كمجال سيادة مستهدف إلى أي مدى يمكن اعتبار بناء الكيان الموريتاني فعلًا استعماريًا محضًا لا يعكس تحوّلًا ذاتيًا في البنية السياسيّة للمنطقة؟ منذ حلوله بالسودان الفرنسي سنة 1898، لم يتصرف كوبولاني كموظف إداري، بل كمخطط جيو-أنثروبولوجي مسكون بهاجس السيطرة على شبكة الزوايا الصوفيّة، باعتبارها النسيج المؤسِّس لامتداد السيادة الرمزيّة للمخزن المغربي جنوب الأطلس. في كتابه المرجعي (Les confréries religieuses musulmanes)، لم يكتف بجمع المعطيات حول التصوُّف، بل رسم خريطة استخباراتية دقيقة للبنى الاجتماعيّة والروحيّة التي كانت تقاوم التشظي السياسي. فما قام به، بحسب المؤرخة (جنيفيف فيويومان)، هو تحويل الزوايا من فاعل ديني-اجتماعي إلى 'قضية أمنيّة' ينبغي ضبطها معرفيًا قبل تطويعها عسكريًا. لكن، هل كانت هذه المعرفة الإبستيمولوجيّة بريئة؟ أم أنها شكّلت الحاضنة النظرية لتفكيك السيادة الترابيّة، عبر نزع الشرعيّة عن البنيات التقليديّة غير المُمركزة؟ – ثانيًا: الزوايا الصوفيّة والبيعة: سيادة شبكيّة في مواجهة هندسة الخطوط هل تمثّل الزوايا نمطًا بديلًا من السيادة خارج منطق الدولة الترابيّة؟ قبل أن تُرسم الحدود بالمسطرة فوق خرائط القيادات العسكريّة الفرنسيه، كانت السيادة في الجنوب تُمارس عبر شبكات ولاء ديني وبيعة رمزية، تتجاوز منطق المركز وتعيد تعريف المجال من الداخل. الزوايا الصوفيّة الكبرى، وعلى رأسها زاوية الشيخ ماء العينين، لم تكن مجرد طرق صوفيّة دينيّة، بل مراكز إشعاع سياسي واجتماعي عابر للقبيلة. لقد شكّلت امتدادًا عضويًا للمخزن المغربي، من دون أن تذوب فيه كليًا، مما منحها موقعًا رماديًا بين الدولة والمجتمع. وهذا ما جعلها مستهدفة بالضبط: إذ لا يمكن استيعابها ضمن النموذج الكولونيالي إلا عبر تفكيك منطقها وتمفصلاتها الداخليّة. فهل كان انهيار هذا النمط الزوايي ناتجًا عن ضعفه الهيكلي؟ أم عن تحوّل الخرائط نفسها إلى أدوات لإلغاء التمثّل الرمزي للسلطة في المجال؟ – ثالثًا: خرائط من ورق: من التخطيط العسكري إلى إنتاج الدولة هل يمكن لدولة أن تُولد من خريطة؟ سنة 1904، تلقى كوبولاني أوامر من رئيس الحكومة الفرنسية بإعادة هندسة جنوب المغرب سياسيًا. فكان أن رسم على مكتبه في سان-لويس حدود كيانين: 'موريتانيا الغربية' و'الصحراء الغربية'. خطوط مستقيمة بدت وكأنها تُبتر الذاكرة لا الأرض فحسب، وتُعلّق سيادة الخرائط على مشجب الدولة المقبلة. هذا الترسيم لم يكن فعلاً إداريًا عابرًا، بل لحظة تأسيس ميتافيزيقية لكيانات لم تكن موجودة قبل تدخل القلم الكولونيالي. فهل يمكن بعد ذلك الحديث عن 'سيادة' تتجاوز من أنشأها؟ وكيف نتعامل مع واقع سياسي نشأ على أساس خطوط لا على أساس شعوب؟ – رابعًا: مقاومات رمزيّة بلا تراب: حين تصبح البيعة فعلًا جيوسياسيًا هل كانت مقاومة الزوايا فعلاً دفاعيًا أم مشروعًا سياسيًا موازيًا؟ لقد واجه مشروع كوبولاني مقاومة من ثلاثة مراكز زوايا: 1. الشيخ ماء العينين، 2. الشيخ سعد بوه، 3. والشيخ سيدي بابا. هذه القوى لم تعتمد السلاح وحده، بل شرعت في حشد الرمزية، وإعادة تأويل البيعة كوسيلة لتوحيد القبائل على قاعدة ولاء سياسي عابر للجغرافيا الاستعمارية. لقد مثّلت الزوايا شكلًا متقدّمًا من المقاومة الرمزية، غير أن مفعولها السياسي ظل محصورًا في بعدها القيمي، مما جعلها عاجزة عن مجاراة آليات التفتيت الإداري الحدودي. فهل خسرت الزوايا المعركة لأنها لم تكن تُدرك منطق الدولة الحديثة؟ أم لأنها كانت تُراهن على ذاكرة مشتركة لم تعد تكفي أمام سلطة الخريطة المدعومة بالبندقية؟ خامسًا: حين تُصبح الخريطة قدرًا: في منطق السيادة المؤجلة هل يمكن اليوم تحرير الجغرافيا من الذاكرة الاستعمارية؟ يبدو أن ما فعله كوبولاني لم يكن مجرد ترسيم حدود، بل تفكيكًا منهجيًا للسيادة المغربية التاريخيّة في الجنوب، عبر نزع الشرعيّة الرمزيّة التي مثّلتها الزوايا. وحتى حين تنازلت فرنسا عن 'الصحراء الغربية' لصالح إسبانيا، ظلت الحدود الكولونياليّة قائمة، تُربك كل محاولات إعادة بناء المجال ضمن منطق وطني موحّد. أليس هذا تأكيدًا على أن الجغرافيا قد تُصاغ خارج إرادة سكانها، وتُحوّل إلى معطى فوقي تُبنى عليه السياسات والسرديات؟ – سادسًا: بين فقه الدولة وفقه الجماعة: الفتوى حين تُغفل السياق العام هل يُطلب من الفقيه أن يُفتي بمنطق الجماعة العابرة للحدود، أم ضمن الدولة الحديثة بصفتها الحاضن الشرعي للأمة؟ تصريح الشيخ محمد الحسن ولد الددو حول الصحراء المغربية يكشف تناقضًا بين تصور فقهي كلاسيكي وتمثل حديث للسيادة. ففي حين ترتكز الدولة الوطنيّة المعاصرة على منطق السيادة القانونية والاعتراف الدولي، لا يزال بعض الفقهاء يتعاملون مع الجغرافيا الإسلامية كجسد رمزي موحد، متجاهلين أن ذلك التصور يُفضي إلى فوضى سياسية، ويُبرر دون قصد، تدخلات خارجيّة باسم التضامن الديني. فهل ما زال الفقيه معفيًا من فهم التوازنات الجيوسياسية؟ أم أن فقه المرحلة يقتضي إعادة تأهيل الخطاب الديني بمنطق الدولة لا بمنطق الجماعة؟ – سابعًا: نحو فقه بذاكرة سياسية: بين البيان الشرعي وإدراك المآل السيادي ما الحاجة اليوم إلى فقه يُدرك التاريخ ولا يتجاهله؟ إن ما صدر عن الشيخ الددو، رغم مقامه العلمي، يكشف غيابًا مقلقًا للوعي بالمآلات. إذ كيف يمكن لفقيه أن يُصدر فتوى في قضيّة ذات حساسية سيادية دون معرفةٍ معمقة بالجذور الجغرافية، والمسارات القانونيّة، والتراكمات الرمزية التي رسخت مغربية الصحراء؟ أليس هذا تغافلًا عن مسؤولية الكلمة، وتفريطًا ضمنيًا في وحدة المجال المغاربي، الذي لا يزال ضحية لمشاريع تفتيتيّة تُدار باسم تقرير المصير، بينما تُنتج مزيدًا من الانقسام والتبعيّة؟ – خلاصة مفتوحة: حين تُفقد الفتوى شروطها: أي دور للفقيه في زمن الخرائط؟ هل تظل الفتوى حجة إذا فُقدت شروطها المعرفية والسياسية؟ وهل يُعقل أن يستمر الفقيه في إصدار أحكامه خارج سياق الدولة، ودون إدراك لتعقيدات الجغرافيا السياسية؟ إن تصحيح الزلة الفقهية لا يكون بالخصومة، بل بإعادة توجيه الخطاب نحو المقاصد الكبرى: صون السيادة، حفظ المجال، وتثبيت الشرعية بمفهومها المركب. ربما يكون السؤال الأعمق هو: هل نحتاج إلى فقه جديد لا يُقدّس الخرائط، ولكن أيضًا لا يتجاهلها؟ فقه لا يُنتج الانقسام باسم المبادئ، بل يُعيد وصل ما قُطع، بوعي تاريخي، وضمير استراتيجي، وعقل سياسي يميّز بين الشرعي والمشروع، وبين البيان والانحياز. *************** (*) – نبذة موجزة حول الدكتور شَنْفَار عَبْدُ اللَّهِ؛ مفكّر وباحث مغربي متخصّص في العلوم القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وناشط في الرصد والتحليل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي. له عدة إسهامات فكريّة ومقالات تحليليّة ترصد التحوّلات المجتمعيّة وتقدّم قراءات نقديّة للتحديات الراهنة في المغرب والعالم العربي والإسلامي، من أبرز مؤلفاته: الإدارة المغربية ومتطلبات التنمية (2000). الفاعلون المحليّون والسياسات العموميّة المحليّة (2015)، والفاعلون في السياسات العموميّة الترابيّة (2020). إيطاليا تلغراف التالي صرخة فلسطينية في غزة جراء المجاعة التي تفتك بأهالي القطاع


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
ناصري يستقبل السفير المصري
استقبل رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري ، اليوم الأحد، سفير جمهورية مصر العربية لدى الجزائر، مختار جميل توفيق وريدة، الذي أدى له زيارة وداع على إثر انتهاء مهامه ببلادنا. وحسب بيان لمجلس الأمة، وبعد أن هنأ ناصري ، السفير المصري بالعيد الوطني لبلاده. ذكر بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع الجزائر ومصر، والتي شكلت على الدوام نموذجا في التضامن والتعاون. مؤكدا أن هذا الرصيد التاريخي المشترك هو ما يجعل العلاقات بين البلدين متميزة. وأن البلدين يفتخران بتاريخهما المشترك ولهما أمل في المستقبل. كما أبرز رئيس مجلس الأمة الديناميكية التي تعرفها العلاقات الثنائية، والتي تتجسد من خلال الحرص المشترك الذي يوليه رئيسا البلدين، لتعزيز روابط الأخوة. والارتقاء بالتعاون البيني في شتى المجالات وتوسيعه وتوطيده، بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين الشقيقين. كما أكد عزوز ناصري على أهمية دفع آليات التعاون الثنائي، من خلال تفعيل أطر التشاور والتنسيق على مختلف المستويات. وتكثيف العمل المشترك لتطوير التعاون الاقتصادي في إطار مبدأ رابح رابح. وكذا زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة، خاصة على ضوء ما يتيح قانون الاستثمار وقانون المناجم من امتيازات. وفي سياق حديثه عن القضايا الإقليمية والدولية، نوه رئيس مجلس الأمة بـتوافق الرؤى بين الجزائر ومصر حول العديد من القضايا. وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. مشدّدا على ضرورة تكثيف العمل لإنهاء الإبادة والتهجير التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وعلى أهمية التنسيق داخل المحافل الدولية من أجل تمكينه من استرجاع حقوقه المشروعة،. وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما ذكر عزوز ناصري، بثوابت الدبلوماسية الجزائرية القائمة على مبدأ احترام سيادة الدول. والسعي للحل السلمي لكل النزاعات انطلاقا من قناعتها بأن الأمن والاستقرار هما أساس ضمان التنمية والازدهار. وذكر رئيس مجلس الأمة أيضا، بأهمية التنسيق بين البلدين في إطار السعي نحو حلحلة الأزمات التي تعيشها القارة الافريقية. بوساطة ومساعي افريقية. مذكرا بضرورة العمل على اصلاح منظمة الأمم المتحدة وتمكين القارة من مقعد دائم في مجلس الأمن، يضمن الدفاع عن مصالح شعوبها. ومن جهته، عبّر سفير مصر، عن تقديره لجودة العلاقات الثنائية، وعن التعاون الكبير الذي لقيه خلال فترة أداء مهامه بالجزائر. كما أشاد بتوفر الإرادة السياسية لدى قائدي البلدين من أجل رفع التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي الى درجة الامتياز. في مختلف المجالات، خدمة لمصالح الشعبين الشقيقين. منوها بكون التقارب الجزائري المصري ازداد صلابة في السنوات الأخيرة. كما ذكر السفير بالتحديات الكبرى التي تواجهها الدول الوطنية، في الحفاظ على سيادتها. واستقلالية قرارها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة والمتضاربة.