
كي لا نخدع أنفسنا
المتابع للإعلام الناطق بالعبرية، يكاد يتصور أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وصلت إلى الحضيض، فكثافة التحليلات والتعليقات التي تخلص إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخلى تماماً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير مسبوقة. لكن الرؤية المتأنية ربما تجد أن قدراً من هذه الموجة يعود أيضاً إلى انتقادات قطاع واسع من الإسرائيليين لنتنياهو، ليس فقط بسبب الحرب على غزة التي يراها أغلب العالم جرائم ضد الإنسانية، وإنما لأسباب داخلية أيضاً، منها ما يتعلق بنتنياهو وسياساته وحلفائه في الحكم من اليمين المتطرف.
المشكلة أننا في العالم العربي، ولأسباب تتعلق بإعلامنا وصحافتنا، نثق أكثر في الإعلام الإسرائيلي وتحليلاته، على افتراض أنه يتمتع بقدر من الحرية أوسع من ذلك المتاح لأغلب منافذ الإعلام العربية. لكن ذلك أيضاً تصور خاطئ، فكثير مما تنشره وتبثه منافذ الإعلام العبرية، خاصة في القضايا المتعلقة بالفلسطينيين أو العرب عموماً، إما تسريب مخابراتي وإما «معلومات من الأجهزة محسوبة بدقة» وليست بالضرورة صحيحة.
لكن الأمر لا يقتصر على الإعلام الإسرائيلي، الذي ربما يغالي في الأمر من باب الموقف من نتنياهو وحكومته، فالإعلام الأمريكي، ومعه الغربي في معظمه، يتحدث عن خلافات بين ترامب ونتنياهو. إنما مصدر كل ذلك تقرير في موقع أمريكي شهير (يهيمن عليه شخص مرتبط بإسرائيل)، نسب فيه إلى مصادر مجهولة أن مسؤولين أمريكيين ذكروا لمستشار نتنياهو أن ترامب «لا يقبل أن يتم التلاعب به»، لذا فإنه لا يريد التواصل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية!
وسواء كان التقرير صحيحاً، أم يروي «نصف حقيقة» لغرض ما، فقد التقطته وسائل الإعلام وبنت عليه «قصصاً وحكايات»، من أن ترامب أوقف الحرب على الحوثيين من دون مشاورة الإسرائيليين وترك نتنياهو مكشوفاً. وأن ترامب سبق وفاجأ نتنياهو بالإعلان عن مفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي ورفض طلب الإسرائيليين قصف المنشآت النووية الإيرانية. وأن ترامب سيعلن من الرياض خلال زيارته للسعودية ودول الخليج الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو وحكومته.
قد يكون كل ما سبق تبايناً في مواقف إسرائيل وأمريكا، لكن لا يتعين علينا أن نخدع أنفسنا بأن أمريكا وإسرائيل على طريق «خلاف عميق» يهدد ذلك التحالف العضوي بينهما.
مثال قريب، هو موقف الإدارة الأمريكية السابقة للرئيس جو بايدن الذي وصف نتنياهو مرة بأنه «يكذب كما يتنفس». ولم يكن هناك أي تفاهم شخصي بينهما، لكن إدارة ترامب أمدت إسرائيل بكل ما احتاجته وأكثر في حربها على غزة، ودافعت حتى عن مجازر ارتكبتها بحجة «الدفاع عن النفس».
فحتى لو سلمنا بأن هناك «غضباً» على نتنياهو، فإن ذلك لا يعني أبداً أن أمريكا ليست داعمة لإسرائيل، حتى لو كانت تلك التصرفات متجاوزة.
لا يريد المرء أن يسحب الأمر إلى الجهة المضادة، بافتراض أن ذلك «الخلاف الإعلامي» مقصود للتغطية على أمر ما يتصل بعمق العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، والموقف من تطورات قضايا المنطقة. فقد يكون في ذلك بعض «الشطط المضاد» ويقترب من تفسيرات المؤامرة التي ليست كلها ضارة أحياناً. إنما كي لا نخدع أنفسنا بتصور أن أمريكا وإسرائيل ليستا متفقتين على كل ما يتعلق بالمنطقة. نذكّر بأن أمريكا حين حملت إرث الإمبراطوريات الأوروبية المنهارة، كان من بين التركة، خاصة البريطانية، الرعاية التامة لدولة الاحتلال في فلسطين.
تظهر تلك «الخلافات»، إعلامياً على الأقل، في أوقات الأزمات الكبرى والتطورات الحاسمة في المنطقة، كما هو الحال الآن. يذكر أنه في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وبينما كان وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر يقود مفاوضات فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل التي قادت إلى اتفاقيات كامب ديفيد، ظهر مثل هذا الخلاف. فقد انتقد كيسنجر «تصلب» إسرائيل في المفاوضات بما هدد «الدبلوماسية المكوكية» التي كان يقوم بها بين تل أبيب والقاهرة.
كانت حكومة إسحق رابين وقتها تعتبر كيسنجر، وهو يهودي أصلاً، حليفاً وليس وسيطاً، بينما حاول الوزير الأمريكي، وربما لأنه يهودي أيضاً لا يريد أن يبدو إسرائيلياً، أن يكون وسيطاً كما أرادت إدارة الرئيس جيرالد فورد وقتها. وحين صعّد الإسرائيليون الحملة على كيسنجر، أرسل جيرالد فورد برسالة صارمة إلى رابين وحكومته حسمت الأمر وسهلت مهمة كيسنجر.
كان فورد وإدارته، بما فيها كيسنجر، حريصاً على إسرائيل ومستقبلها وأمنها بالعمل على إنجاز اتفاقيتها مع مصر. ولم يرد للتشدد الإسرائيلي أن يفسد جهود إدارته التي ظلت داعماً قوياً لإسرائيل في النهاية. ورغم أنه لا مجال للمقارنة بين رابين ونتنياهو ولا بين فورد وترامب، فإن استخدام المثال فقط لتوضيح أن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل مهما تعرضت لتباين شخصي فإنها راسخة تماماً. ولنتذكر ذلك جيداً كي لا نخدع أنفسنا ونتصور أنه يمكن اللعب على «شقاق» أمريكي-إسرائيلي مهما حدث.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 31 دقائق
- العين الإخبارية
«بوتين ليس مستعدًا لإنهاء الحرب».. ترامب يصدم الأوروبيين بشأن أوكرانيا
أخبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القادة الأوروبيين بأن الرئيس الروسي بوتين غير مستعد لإنهاء حرب أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه يحقق مكاسب على الأرض. جاء هذا الاعتراف بعد محادثة استمرت أكثر من ساعتين بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبوتين، في أول اعتراف علني من ترامب بهذا الموقف، رغم إدلائه بتصريحات متضاربة حول نوايا بوتين. رغم إدراك ترامب أن بوتين ليس مستعدًا للسلام، لكنه لم يتخذ خطوات عملية لزيادة الضغط على روسيا، كما كان يطالب به القادة الأوروبيون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ففي مكالمة سابقة يوم الأحد، ألمح ترامب إلى إمكانية فرض عقوبات إضافية على روسيا إذا رفض بوتين وقف إطلاق النار، لكنه تراجع عن ذلك في مكالمته مع القادة الأوروبيين يوم الإثنين، وأوضح أنه يفضل المضي قدمًا في المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في الفاتيكان. شارك في مكالمة الإثنين كل من زيلينسكي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وقد جاءت هذه المكالمة بعد حملة دبلوماسية أوروبية مكثفة استمرت حوالي عشرة أيام، هدفها دفع ترامب للضغط على بوتين للقبول بوقف إطلاق النار. ورغم فشل الأوروبيين في دفع ترامب لفرض عقوبات جديدة، إلا أنهم رأوا في المكالمة فرصة لتوضيح الموقف للجميع، بما في ذلك ترامب نفسه، بأن بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في الوقت الراهن. كما أكدت للأوروبيين أن مسؤولية دعم أوكرانيا تقع بشكل رئيسي على عاتقهم، مع توقعات بأن تواصل الولايات المتحدة تصدير الأسلحة طالما أن أوروبا أو أوكرانيا تدفع ثمنها. بعد المكالمة، صرح ترامب للصحفيين قائلاً: "هذه ليست حربي. لقد تورطنا في أمر لم يكن ينبغي أن نشارك فيه". وأشار إلى أنه سيرسل وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص كيث كيلوغ إلى المحادثات المرتقبة في الفاتيكان، رغم أنه بدا أقل التزامًا بدور أمريكي فاعل في هذه المحادثات. وقد أصر بعض القادة الأوروبيين على أن تكون نتيجة المحادثات في الفاتيكان وقف إطلاق نار غير مشروط، لكن ترامب اعترض على هذا الوصف، قائلاً إنه لم يستخدمه قط، رغم أنه دعا سابقًا إلى وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا. وفي النهاية، وافق الأوروبيون على التخلي عن إصرارهم على استخدام مصطلح "غير مشروط". تصاعدت الحملة الدبلوماسية الأوروبية بعد تولي المستشار الألماني فريدريش ميرتس منصبه، حيث أظهر ميرتس موقفًا أكثر صرامة تجاه روسيا مقارنة بسلفه، وقام ائتلافه الحاكم بتعديل الدستور الألماني لزيادة الإنفاق العسكري ودعم أوكرانيا. وفي 10 مايو/أيار، زار ميرتس وماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك كييف، وحثوا زيلينسكي على الامتثال لدعوة ترامب لوقف إطلاق النار، مهددين بفرض عقوبات جديدة على روسيا إذا لم تقبل. رد بوتين على الضغوط الأوروبية والأمريكية باقتراح أول مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا منذ بداية الحرب، ما دفع ترامب إلى تبني العرض واقتراح المشاركة في المحادثات التي عُقدت في إسطنبول، لكن بوتين لم يحضر وأرسل ممثلين من مستوى منخفض قدموا مطالب رفضتها أوكرانيا تمامًا. بعد هذا الإخفاق، جدد الأوروبيون ضغوطهم على ترامب لزيادة الضغط على روسيا، ووافقوا على فرض عقوبات محدودة، مع استمرار العمل على حزمة إجراءات أقوى. من جانبه، أعلن ترامب أنه رتب مكالمة مع بوتين، مؤكدًا أن فرص السلام تعتمد على تواصلهما المباشر. aXA6IDgyLjIxLjIyOS44NSA= جزيرة ام اند امز PL


صحيفة الخليج
منذ 34 دقائق
- صحيفة الخليج
النواب الأمريكي يوافق على مشروع قانون ترامب الضخم لخفض الضرائب
واشنطن-أ ف ب صوّت مجلس النواب الأمريكي الذي يهيمن عليه الجمهوريون، الخميس، لصالح إقرار مشروع قانون ضخم للسياسة الداخلية، تشمل أبرز نقاطه تمديد خفض الضرائب الذي بدأ فيه خلال ولايته الأولى، وذلك بعد نقاشات مكثّفة جرت خلال الليل. وسيتم حالياً رفع «القانون الكبير والجميل»، كما أطلق عليه ترامب، والذي يخفض الإنفاق على برنامج التأمين الصحي الحكومي «ميدك إيد» Medicaid والمساعدات الغذائية، إلى مجلس الشيوخ؛ حيث يتوقع أن يخضع لتغييرات كبيرة.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
الكشف عن جنسية ثانية يحملها قتيل حادث المتحف اليهودي بواشنطن
وقالت المصادر إن المواطن الإسرائيلي يارون ليشينسكي "كان يحمل جواز سفر ألمانيا". ونقلت شبكة "سي إن إن" عن السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة الأميركية يحيئيل لايتر قوله إن الشخصين اللذين قتلا في الهجوم هما "شاب وشابة كانا على وشك الخطوبة". وأضاف لايتر: "اشترى الشاب خاتما هذا الأسبوع من أجل خطبة صديقته في الأسبوع القادم بالقدس". وأوضح أن القتيلين كانا يحضران فعالية في المتحف اليهودي بواشنطن. ونشرت السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة صورة للقتيلين اللذين سقطا في حادث إطلاق النار بالقرب من المتحف اليهودي في واشنطن. وأرفقت السفارة الصورة بمنشور جاء فيه: "كان يارون وسارة صديقين وزميلين لنا. كانا في ريعان شبابهما". وأضافت: "هذا المساء، أطلق إرهابي النار عليهما وأرداهما قتيلين أثناء خروجهما من فعالية في متحف اليهود في العاصمة واشنطن، يشعر جميع موظفي السفارة بالحزن والأسى لمقتلهما. تعجز الكلمات عن وصف مدى حزننا إزاء هذه الخسارة الفادحة". وتابعت: "قلوبنا مع أسرتيهما، وستكون السفارة إلى جانبهما في هذا المصاب الجلل". وأعلنت الشرطة الأميركية أنها حددت هوية المشتبه به في تنفيذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل موظفين اثنين بالسفارة الإسرائيلية في إطلاق نار قرب المتحف اليهودي في واشنطن. وقالت شرطة واشنطن إنها حددت هوية المشتبه به بأنه إلياس رودريغيز ويبلغ من العمر 30 عاما.