
نبوءة هنتنغتون الخاطئة حول الصراع مع الإسلام
يتيه هنتنغتون بعيدًا في التواريخ القديمة فيتّبع خط سير الشعوب والحضارات والإمبراطوريات في كرّها وفرّها. ثم يرتد كموجة في بحر هائج إلى الأزمنة المعاصرة المثقلة بالصراعات والمعبّأة بتناقضات لا تلتئم.
ومن خلال كل ذلك تراه يلهث وراء البحث عن القوانين الحاكمة لصدام الحضارات. وحين يرسو على "جُودي" التناقضات الثقافية، يؤسس قواعد صارمة لحالة الاشتباك الدائم، خاصة في عمق دوائر الصدع التي ترشح بأسباب الحروب والتوترات الشديدة والعلاقات المعقدة.
واليوم بعد أكثر من ثلاثة عقود تفصلنا عن أول ظهور للكتاب (1993)، ها هو "صدام الحضارات" يستعيد راهنيته من خلال إطلاق المقاومة الفلسطينية جولة جديدة من الصراع سمّتها "طوفان الأقصى". وهي تطورات تطرح السؤال حول القدرة التفسيرية لتلك النظرية لمجريات الصراع الدولي، انطلاقًا من مفاهيمها الأساسية في الصدام الحضاري.
والحقيقة أننا لم نشأ التوسع في تفكيك الصورة المجملة للصدام مثلما حواها الكتاب. فالمجال لا يتسع لذلك. فآثرنا الاقتصار على الصراع في فلسطين باعتبارها المنطقة الأنموذج لذلك الصدام.
لقد جاء مؤتمر مالطا 1989 ليعلن عن نهاية الحرب الباردة. نهاية سيلد من خاصرتها نظام عالمي جديد من أهمّ ملامحه انتصار الليبرالية على الاقتصاد الموجّه، والديمقراطية على الشمولية. تمامًا مثلما انتصر الرهان الهيغلي على وعود الماركسية. وهو ما جرّأ فوكوياما سنة 1992 على التبشير "بنهاية التاريخ".
ولم يشذّ هنتنغتون عن تلك القاعدة في تتبّع وقائع الصراع الدولي. فقد رأى أنّ العالم قد تحوّل لأول مرة من "صراع أيديولوجي" بين معسكرين، إلى صراع حضاري "بين جماعات من حضارات مختلفة".
ومن ثم فقد أصبحت الحضارة هي المحور الجديد للسياسة الدولية. فخلف الصراعات والمواجهات وكل مظاهر التنافي الحدّي بين القوى تكمن قوة ثاوية: اسمها الهوية الثقافية للشعوب. فلم يعد الاقتصاد هو المحرك الأساسي للعلاقات الدولية مثلما ادعت الماركسية، ولا هي الأيديولوجيات مثلما عبرت عنها الحرب الباردة، بل هي الحضارة التي لا تفتأ تسلط أضواءها الكاشفة على التناقضات العميقة بين الأنساق. وقد وجدت تلك القاعدة ترجمتها في التوازنات الدولية الناشئة.
إن إعادة ترتيب النظام العالمي على أساس حضاري تعني انقلابًا تامًا في التراتبية الدولية. فتكون دول المركز في الحضارات هي مرجعية ذلك النظام من خلال الثقافة التي تشترك فيها مع الدول الأعضاء في نفس الحضارة. فـ "العوامل الثقافية المشتركة تعطي شرعية للقيادة ولدور دولة المركز في فرض النظام، بالنسبة لكل من الدول الأعضاء والقوى والمؤسسات الخارجية".
ومن ثمّ فإن المقومات الأساسية للنظام العالمي الجديد القائم على الحضارات تختزل في تصوّرات دولة المركز وعمقها الثقافي. وعلى قاعدة ذلك العامل الثقافي تبنى التراتبية الجديدة في العلاقات الدولية. فنخرج من توازنات الحرب الباردة التي قامت على وجود قوتين عظميين زائد كتلتهما الدولية، زائد مناطق نفوذهما في العالم الثالث، إلى توازنات جديدة نقطة ارتكازها الدولة المركز في القطب الحضاري زائد الدولة الإقليمية التي تشترك معها في الأساس الثقافي، زائد منطقة النفوذ.
وهو ما يعكس أهمية دولة المركز في الفرز الإستراتيجي الجديد الذي أفضى إلى مجموعة من الكتل الحضارية تتزعم كل كتلة فيها دولة مركز.
فالولايات المتحدة دولة مركز في الغرب الحضاري، وروسيا دولة مركز في الكتلة الأرثوذكسية، والصين دولة مركز في القطب الكنوفيشيوسي. في حين أنّ "حضارات الإسلام وأميركا اللاتينية وأفريقيا، ليس لها دول مركز". وهو غياب يعود بالأساس إلى مفاعيل الاستعمار الغربي في تفتيت تلك الكيانات الحضارية. وهو التفتيت الذي يحمل الكثير من نذر الصدام.
صدام الحضارات
إن الكتاب أشبه ما يكون بنبوءة استشرف هنتنغتون من خلالها محركات الصراع في الأزمنة القادمة. فلم يكن الصراع المقصود "الآن وهنا" ولكنه كان قراءة في "كفّ" المستقبل. وهو ينظر إلى ذلك المستقبل بعين "الحتمية التاريخية". فيكون "صدام الحضارات" بمثابة "الطور الأخير في عملية تطور النزاعات في العالم الحديث" مثلما يقول.
فالحضارة في تعريف هنتنغتون "مزيج معقد من الأخلاق والدين والتعليم والفن والفلسفة والتكنولوجيا والرخاء المادي". وحين ربطها بالصدام فقد تحولت إلى "براديغم" يستهدي به في تفسير التناقضات بين شعوب تعرّف نفسها دائمًا انطلاقًا من هُويّتها الحضارية ومخزونها الثقافي. فـ"نحن الحضارية، وهم الذين خارج تلك الحضارية، من الثوابت في التاريخ الإنساني". فالحروب بين دول من حضارات مختلفة تكون أكثر ضراوة ودموية عند استشعار تهديد الهُوية.
وفي هذا السياق، يؤكد هنتنغتون أن العلاقات بين الحضارات ستكون أكثر عدوانية، خاصة بين الإسلام وجيرانه. وأن أخطر الصراعات في المستقبل ستكون "نتيجة تفاعل الغطرسة الغربية والتعصب الإسلامي والتوكيد الصيني". ويتوقف كثيرًا عند تفاصيل الغطرسة الغربية فنراه يتتبع تفاصيل تشكلها بين الخط التاريخي والخط الثقافي.
خط تارخي يفصل بين الشعوب الغربية المسيحية والشعوب الإسلامية والأرثوذكسية. وقد ارتبط تاريخيًا بالإمبراطورية الرومانية في القرن العاشر.
وخط ثقافي يرتبط بالتقسيم التاريخي بين الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية العثمانية، فهو الحد الثقافي لأوروبا، أي أنّ "أوروبا تنتهي حيث تنتهي المسيحية الغربية ويبدأ الإسلام والأرثوذكسية.
وبعد زوال "الخطر الأحمر" أصبح ذلك الخط الفاصل هو الحد السياسي والاقتصادي لأوروبا والغرب. وقد كيّف سقوط الشيوعية نظرة الغرب إلى نفسه وإلى العالم. فرأى أن أيديولوجيته الليبرالية يمكن أن تحكم العالم. فكانت العولمة صدى لتلك الأطروحة الظافرة. وهو ما زاد من احتمالات الصدام. فما يراه الغرب قيمًا نبيلة يراه الآخرون محض استعمار.
خطوط الصدع
يجري الصدام حسب هنتنغتون عند خطوط التقسيم الحضاري، خطوط الصدع أو دول الصدع. وهي الدول التي "تركب الحدود على مناطق التماس بين الحضارات". فتندلع صراعات لا حد لها عند خطوط التقسيم بين الدول أو الجماعات المنتمية إلى حضارات مختلفة.
وقد يجري الصراع داخل الدولة نفسها. وهو يرى أن المعنيّين أكثر بصراعات خطوط التقسيم هم أساسًا المسلمون. وأحيانًا أخرى "تكون القضية قضية صراع للسيطرة على أراضٍ. وقد يكون هدف أحد المشاركين فيها على الأقل هو انتزاع أرض وتحريرها من آخرين بطردهم أو قتلهم أو القيام بالعملين معًا، وغالبًا ما تكون الأرض المتنازع عليها رمزًا لهوية وتاريخ طرف من طرفي الصراع أو لهما معًا، قد تكون أرضًا مقدسة لهما فيها حق لا يجوز المساس به".
وهذا الكلام فيه بعض وجاهة. فقد كان المسلمون غالبًا موضوعًا للإخضاع والاحتلال عند خطوط التماس، أو في عمق الدول التي لا تدين بالإسلام مثل الصين، أو الهند، أو ميانمار.. ولعل فلسطين هي خلاصة ذلك الصراع.
الصراع الحضاري في فلسطين
مع نهاية الدولة العثمانية أصبح الإسلام -عكس الحضارات الغربية والأرثوذكسية والصينية- "يفتقر إلى دولة مركز". وقد أجّج ذلك الفراغ مطامع الاستعمار والصهيونية. ولكن ما لم يدركه هنتنغتون أن الفراغ السياسي الناتج عن غياب دولة الأمة، قد عبّأه العمق الحضاري الذي تمتاز به القضية الفلسطينية.
لذلك لا عجب أن تتبوأ القضية الفلسطينية منذ منتصف القرن العشرين موقع القضية المركزية للأمة. والمشكلة الأساسية في أطروحة هنتنغتون أنه لم ينظر إلى الصراع في فلسطين على أنه صراع مركزي ذو طبيعة استثنائية، بل تعامل معه بوصفه أحد الصراعات الإثنية أو العرقية التي تشق العالم المعاصر. فهو ينتمي لحروب خطوط الصدع، مثله مثل حرب الهند، وباكستان أو بين المسلمين والمسيحيين في السودان وغيرها، لذلك فقد حضر في كتابه كمثال للاستدلال به كلما اقتضت حاجته النظرية.
يرى هنتنغتون أن "رعاية الغرب في قمة قوته في مواجهة الإسلام، لوطن يهودي في الشرق الأوسط، وضعت الأساس لعداء عربي إسرائيلي مستمر".
وفي الخلفية الحضارية للصراع ينظر هنتنغتون إلى فلسطين من خلال انتمائها للإسلام، في حين يضع إسرائيل ضمن الدائرة المسيحية اليهودية. ملاحظًا أن الغرب قد أضفى على ذلك المشروع طابعًا دينيًا، وجعله "ضمن مكونات البُعد الديني في الحضارة الغربية".
وقد دلت صفحات التاريخ على صراع عميق ومستمر بين الإسلام والمسيحية. فـ"كلاهما كان الآخر بالنسبة للآخر". والاحتكاك بين الجانبين كان يثير دائمًا قضايا الهوية والانتماء.
وخلال معظم جولات الصراع كان "الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك". وعلى الرغم من محاولة هنتنغتون البحث في حقيقة الإسلام، فإن تصوره لم يستطع النفاذ إلى العمق الفلسفي والوجودي لذلك الدين. فتردّت قراءته في مفاهيم مختزلة عن العنف والدم ونبذ الآخر. فسار على تخوم "العمق الحضاري" للصراع دون أن يلجه. فجاء صورة باهتة، بالكاد تنطق بأحكام الجغرافيا الخرائطية منزوعة السلاح الحضاري. ليصبح الصراع في فلسطين صراعًا محكومًا بنظرية "خطوط الصدع"، أو خطوط "التقسيم الحضاري".
وهي مقاربة متهافتة إذا نظرنا إليها من زاوية الجغرافيا الفلسطينية بحد ذاتها. ففلسطين لا تقع ضمن خطوط الصدع مثلما يسميها هنتنغتون، أي الدول الواقعة على التماس بين حضارتَين، بل إنها – بمنطق التاريخ والجغرافيا- جزء من أرض الشام. وتقع في عمق الخريطة العربية. فهي الخط الفاصل بين الجناح الشرقي والجناح الغربي للأمة.
ولم يكن استقدام يهود الشتات من أصقاع الأرض إلا لضرورة السيطرة على "سُرّة" العالم. ومن ثم تأبيد واقعة التجزئة والتخلف والإلحاق الحضاري. فتقاطع الاستعمار مع الصهيونية لإنتاج تلك الحالة الطارئة.
لقد رأى هنتنعتون وهو يبحث عن منطقة التناقض بين الإسلام والغرب أن الصراع في عمقه هو صراع بين القيم الدينية والقيم العلمانية. وهو الاستنتاج الذي حرم الرجل النفاذ إلى عمق الصراع فظل معلقًا في سطحه.
فتلك المعايير النسبية لا تصلح لأن تكون حاملًا موضوعيًا لصراع من أعقد الصراعات في التاريخ. إضافة إلى ما يكتنفها من صعوبة حين الفرز بين القوى.
ففي سنة 1968 مثلًا، أعلنت حركة فتح وهي التي قادت النضال الفلسطيني في ستينيات القرن الماضي أن مشروعها السياسي يهدف إلى بناء "الدولة الفلسطينية العلمانية الديمقراطية". فأين تتمايز القوى المتقابلة؟ إضافة إلى أنه قد جرى مع دولة الاستقلال التبني الواسع للأنموذج الغربي في السياسة في العالم العربي، والعالم الثالث.
لذلك ينتقل هنتنغتون إلى التركيز على أهمية الأرض والمقدسات وقيمة القدس في المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية. فيقر بأنّ "المكان له مغزى تاريخي وثقافي وعاطفي عميق لدى كل طرف"، ولكنه يعجز عن استنطاق النصوص المؤسسة لعظمة المكان كي ينفذ إلى عمق الصراع.
صحيح أنه أدرك أن الصراع صراع جذري لا يقبل الحلول الوسطى. ولكنه لم يدرك أنه صراع بين وجهتي نظر تجاه الكون والحياة والإنسان، تصدران عن قاعدتين فلسفيتين متمايزتين. وحين يهرب من كل ذلك إلى تحديد طبيعة العدو، فإنه يرى في مفرد الصهيونية جمْع الغرب الحضاري.
يرى هنتنغتون أن الكيان المحتل ليس إلا جزءًا من الغرب الحضاري. فإسرائيل ليست قوة قائمة بذاتها بل هي قوة قائمة بغيرها. زرعها الغرب في قلب الأمة لأسباب حضارية وإستراتيجية. وقد ارتبطت بذلك الغرب برابط "القربى الثقافية". وهي الصلة التي تجعل من الدول الأعضاء في الحضارة الواحدة أسرة واحدة.
وتأخذ الدولة المركز دائمًا على عاتقها "توفير الدعم والنظام للأقارب"، فهي علاقة تبادلية. إذ كثيرًا ما قدم الإسرائيليون أنفسهم على أنهم خط الدفاع الأساسي عن الغرب، بالأمس ضد خطر الشيوعية والاتحاد السوفياتي، واليوم ضد "خطر الأصولية الإسلامية على نطاق منطقة الشرق الأوسط كلها".
ومن ثم يمكن أن نفهم كيف تداعت الدول الغربية إلى إسناد دولة الاحتلال بعد إطلاق عملية طوفان الأقصى. وكيف فتحت خطوط الإمداد لتوفير احتياجاتها من العتاد والسلاح بل والمشاركة الميدانية في العدوان على غزة. وهي صلة القربى التي بررت لألمانيا المتورطة في "المحرقة النازية"، أن تتورط في محرقة غزة؛ فتصرّح وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك "كلنا صهاينة على نحو ما".
لقد دافع هنتنغتون عن فكرة "صدام الحضارات". ورغم فقدان النظرية للاتساق العلمي، فإنها تمثل إسهامًا في عقل الصراع الحضاري في فلسطين. فهذه المنازلة التاريخية في غزة تعكس تصادمًا بين مشروعين حضاريين: واحد قام على مركزية الله في الوجود، وآخر نهض على مركزية الإنسان في الوجود. فخلف الرؤية الحضارية يكمن جوهر الصراع.
ومما لا شك فيه أنّ الصراع مع الصهيونية هو استمرار للصراع مع الغرب نفسه، فقد ورثت الحركة الصهيونية عن الغرب إمبرياليته وقاعدته الفلسفية التي كان يجري في ضوئها الفرز النشيط بين فسطاط المتمدّنين وفسطاط البرابرة، وتسويغ نهج العنف والعسف من منطلق تحضير وتمدين أولئك الذين لا حضارة لهم. الإسطوانة المشروخة نفسها يرددها نتنياهو ببلاهة لتبرير حرب التطهير العرقي على غزة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
إيران تحمّل واشنطن مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية
استبقت إيران جولة المحادثات الجديدة مع الولايات المتحدة التي تنطلق غدا الجمعة في روما بتحميل الإدارة الأميركية مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، وتعهدت باتخاذ "إجراءات خاصة" لحماية تلك المنشآت. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الخميس "إن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية في حالة شن إسرائيل هجوما على المنشآت النووية الإيرانية". وكتب عراقجي على منصة "إكس" بعد أن وجّه رسائل إلى مسؤولي الأمم المتحدة على ما يبدو "لقد دعوت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات وقائية فعالة ضد استمرار التهديدات الإسرائيلية، والتي إن لم تُكبح فستجبر إيران على اتخاذ تدابير خاصة للدفاع عن منشآتها وموادها النووية". وأضاف "ستتوافق طبيعة ومحتوى ومدى إجراءاتنا مع الإجراءات الوقائية التي تتخذها هذه الهيئات الدولية وتتناسب معها وفقا لواجباتها والتزاماتها القانونية". من جهته، قال الحرس الثوري الإيراني اليوم إن إسرائيل ستتعرض لـ"رد مدمر وحاسم" إذا هاجمت إيران. ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن المتحدث باسم الحرس الثوري علي محمد نائيني قوله "يحاولون تخويفنا بالحرب، لكنهم يخطئون في حساباتهم، إذ يجهلون الدعم الشعبي والعسكري القوي الذي يمكن للجمهورية الإسلامية حشده في ظروف الحرب". التهديد الإسرائيلي ولم يقدم عراقجي أو الحرس الثوري أي تفاصيل عما ستفعله طهران، لكن تصريحاتهما تأتي في أعقاب تقرير لشبكة "سي إن إن" أول أمس الثلاثاء أفاد بأن الولايات المتحدة "لديها معلومات استخباراتية جديدة تشير إلى أن إسرائيل تجري استعدادات لضرب المنشآت النووية الإيرانية". ونقلت الشبكة عن مسؤولين استخباراتيين قولهم إنه "لم يتضح بعد ما إذا كان القادة الإسرائيليون اتخذوا قرارا نهائيا"، مشيرة إلى وجود خلاف في الآراء داخل الحكومة الأميركية بشأن ما إذا كان الإسرائيليون سيقررون في نهاية المطاف تنفيذ الضربات. وسبق أن هدد مسؤولون إسرائيليون -بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- مرارا وتكرارا بضرب المواقع النووية الإيرانية، لمنعها من امتلاك سلاح نووي إذا ما اختارت السعي لامتلاكه. عقبة التخصيب وتأتي التصريحات الإيرانية اليوم قبل جولة التفاوض الخامسة الولايات المتحدة وإيران يوم غد الجمعة في العاصمة الإيطالية روما بشأن اتفاق محتمل من شأنه أن يمكّن طهران من الحد من تخصيب اليورانيوم أو إيقافه تماما مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. وستعقد جولة غد وسط خلافات حادة بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران، والذي تقول الولايات المتحدة إنه قد يفضي إلى تطوير قنابل نووية، وتنفي إيران أي نية لذلك. ويقول دبلوماسيون إن انهيار المفاوضات الأميركية الإيرانية أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد لا يقلل من مخاوف إسرائيل بشأن تطوير إيران أسلحة نووية قد يحفز تل أبيب على شن ضربات ضد خصمها الإقليمي. ووفقا لوسائل إعلام رسمية، وصف الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي أول أمس الثلاثاء مطالب الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم بأنها "مبالغ فيها ومثيرة للاستياء"، معبرا عن شكوكه إزاء نجاح المحادثات بشأن اتفاق نووي جديد. يذكر أن إيران وإسرائيل تبادلتا في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي هجمات مباشرة العام الماضي، مما زاد خطر اندلاع صراع إقليمي.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
رئيس تشيلي: ما تقوم به إسرائيل في غزة تطهير عرقي
قال رئيس تشيلي غابرييل بوريك -اليوم الخميس- إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة تطهير عرقي، معتبرا أن الضالعين في ذلك "مجرمو حرب وستحاسبهم الإنسانية". وفي منشور على منصة "إكس"، قال بوريك إن "الحكومة الإسرائيلية تقوم بتطهير عرقي في غزة، ووصل الأمر إلى حد أن آلاف الأطفال قد يموتون في الساعات القادمة لأن إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات الإنسانية". وأضاف أن "من يقومون بهذا ومن يغضون الطرف عنه، مجرمو حرب وستحاسبهم الإنسانية بطريقة أو بأخرى، وتمارس تشيلي الضغوط اللازمة على جميع المنابر لوضع حد لهذه الوحشية". من جانبه، أدان وزير الخارجية التشيلي ألبيرتو فان كلافرين -في منشور على "إكس"- العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة. وتوجه كلافرين بالنداء إلى المجتمع الدولي قائلا "ندين الهجمات العشوائية الخطيرة والمتكررة ضد المدنيين في غزة واستمرار عرقلة المساعدات الإنسانية، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك فورا لوقف هذه الوحشية". وتواصل إسرائيل سياسة تجويع لنحو 2.4 مليون غزي، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود منذ 2 مارس/آذار الماضي، مما أدخل القطاع في مجاعة غير مسبوقة. في حين وسع الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية إبادته في قطاع غزة، معلنا عملية برية في شمال وجنوب القطاع، لترتفع حصيلة الإبادة في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أكثر من 53 ألفا و655 شهيدا و121 ألفا و950 مصابا.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
برلمانيون حول العالم يحذرون من مجاعة بغزة ويطالبون إسرائيل بإنهاء الحصار
أطلق عشرات البرلمانيين من مختلف أنحاء العالم نداء عاجلا يدعون فيه إلى التحرك الفوري لإنهاء المجاعة في قطاع غزة، محذرين من خطورة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة جراء ما وصفوها بسياسات الاحتلال الإسرائيلي المتعمدة لعرقلة وصول المساعدات. وأكد البرلمانيون -في بيان مشترك- أن الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود، مما وضع أكثر من مليوني فلسطيني في مواجهة مجاعة تهدد حياتهم. ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فقد نفدت الإمدادات الغذائية في القطاع، وأضحى أكثر من 80% من السكان يعتمدون على مساعدات أصبحت شبه معدومة. ورصدت المنظمات الدولية -بينها "يونيسيف" و"أنقذوا الأطفال"- انتشار مشاهد مروعة لأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، حيث فقد بعضهم القدرة حتى على البكاء، في حين قضى ما لا يقل عن 3100 طفل دون سن الخامسة بسبب نقص الغذاء، في وقت يتزايد فيه عدد الضحايا من الأطفال نتيجة الجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها. مطالب البرلمانيين وتطرق البيان إلى مطالب عشرات البرلمانيين من مختلف دول العالم، ومنها: الفتح الفوري وغير المشروط لجميع المعابر إلى غزة، بما في ذلك معبر رفح. إزالة جميع العراقيل أمام دخول المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود والماء والدواء من قبل أي طرف. ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني وتسهيل عملياتهم على الأرض. مراقبة دولية لضمان الامتثال للقانون الإنساني ومنع استخدام التجويع أداة للحرب. وحذّر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن تقييد إسرائيل المساعدات الإنسانية قد يرقى إلى استخدام "الجوع سلاح حرب"، وهو ما يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، حسب ما جاء في بيان البرلمانيين. وكانت اللجنة الخاصة للأمم المتحدة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية قد رأت أن هناك "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن الحصار الإسرائيلي يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وفيما يتعلق بالمسؤولية القانونية، شدد البرلمانيون على أن القانون الدولي -خاصة اتفاقية جنيف الرابعة- يحظر تجويع المدنيين ويُلزم جميع الأطراف بالسماح بدخول المساعدات. ودعا البرلمانيون حكومتي إسرائيل ومصر إلى فتح جميع المعابر مع غزة فورا ودون شروط، مطالبين بإزالة أي عراقيل أمام دخول المساعدات، وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، بالإضافة إلى وجود رقابة دولية لمنع استخدام التجويع سلاحا للحرب. واختتم البيان بالتأكيد على أن الحياد ليس خيارا في ظل كارثة إنسانية تهدد حياة الملايين، مطالبين المجتمع الدولي بتكثيف الجهود للضغط من أجل كسر الحصار وتأمين الإغاثة العاجلة لقطاع غزة. يأتي ذلك بعد مرور نحو 20 شهرا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، مما أدى إلى استشهاد نحو 54 ألفا وإصابة أكثر من 122 ألفا، بالإضافة إلى أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم ولا تستطيع فرق الدفاع المدني الوصول إليهم.