
درس حوات مراكش البليغ!
اسماعيل الحلوتي
في ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة وهزالة الأجور وتدني القدرة الشرائية لمعظم الأسر المغربية، أمام تصاعد موجة غلاء الأسعار التي أصبحت تعرف ارتفاعا قياسيا وغير مسبوق في كل المواد الغذائية، وخاصة اللحوم والأسماك، لدرجة أن السردين الذي اشتهر باسم "سمك الفقراء" صار هو أيضا صعب المنال حتى بالنسبة للطبقات المتوسطة، حيث يتراوح ثمن الكيلوغرام الواحد ما بين 25 و30 درهم في الآونة الأخيرة، بعد أن كان لا يتجاوز 10 دراهم في أحلك الظروف خلال السنوات الماضية...
فوجئ المغاربة وهم على بعد أيام قليلة من حلول الشهر الفضيل رمضان، الذي يقبل فيه المغاربة على استهلاك السمك بكثرة، بانتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي توثق لانخفاض سعر السردين إلى أدنى المستويات، ليس بسبب النسخة السابعة من مبادرة "الحوت بثمن معقول" التي أطلقتها وزارة الصيد البحري، عبر توفير أربعة آلاف طن من الأسماك في أربعين مدينة مغربية خلال شهر رمضان، لضبط أسعار وتخفيف العبء على المواطنين، وإنما لإقدام أحد باعة السمك الشباب من أبناء مدينة مراكش على بيع السردين بثمن 5 دراهم فقط للكيلو غرام الواحد في أحد أسواق المدينة، وهو المدعو "عبد الإله" والملقب باسم "مول الحوت"، الذي أكد من خلال صفحته على موقع "تيك توك" أن السر في ذلك يعود لتعامله المباشر مع الصيادين في موانئ الدار البيضاء والصويرة وغيرها، ما يمكنه من تفادي الوسطاء والاكتفاء بهامش ربح لا يتعدى درهمين في الكيلو الواحد. أي نعم، صدقوا أو لا تصدقوا، فالسردين بخمسة دراهم فقط في الوقت الذي ما انفكت فيه أسعار الأسماك تحلق في السماء، مما أثار حفيظة الوسطاء والمضاربين وأدخل البهجة على قلوب الكثير من البسطاء.
ومما زاد من منسوب الاستغراب ليس فقط بالنسبة لساكنة مراكش، بل لجميع المغاربة في ربوع المملكة، هو خروج الشاب عبد الإله "مول الحوت" في عدد من مقاطع فيديو ليعطي درسا بليغا في القناعة وقيم التعاون لكل أولئك الذين أعمى الجشع أبصارهم وبصائرهم، حيث لم يكن يتوقف عن الحديث بانشراح والسعادة تلمع في عينيه من خلف نظارته الطبية عن المنافسة الشريفة، والتعبير عن رغبته الجامحة في إسعاد الفقراء ومساعدتهم في اقتناء "السردين" بثمن بخس لا يتجاوز 6 دراهم رغم ما يتطلب الأمر من مصاريف النقل وغيره، ليعيد بذلك الجدل حول دور الوسطاء والمضاربين في التلاعب بأسعار الأسماك، أمام غياب المراقبة وآليات ضبط السوق وضمان أسعار معقولة لخدمة المستهلك والصيادين والتجار.
فما أحدثه الشاب المراكشي من ضجة عارمة وهز الرأي العام الوطني، جعل عددا من المعنيين والخبراء يدخلون على الخط، حيث أشار أحد الخبراء الاقتصاديين إلى أن المشكل الحقيقي الذي يواجه الاقتصاد الوطني يكمن في تراخي السلطات وعدم قيامها بالمتعين من الرقابة الفعالة والدائمة على الأسواق، وخاصة ما يتعلق بجودة المنتجات والأسعار، مما يفسح المجال أمام المضاربين والسماسرة الذين يتحينون الفرص لإلهاب الأسعار، ويؤدي بالتالي إلى إلحاق الضرر بالمنتجين المحليين، الذين يجدون أنفسهم أمام منافسة غير عادلة مع الوسطاء الذين يحققون أرباحا خيالية.
إذ لا يكفي إطلاق تلك الحملات التي تفرضها بعض الأحداث والمناسبات، في ضبط الأسعار ومراقبة جودة المنتجات وتسجيل المخالفات، وإنما يتعين على الدولة اتخاذ ما يلزم من إجراءات بحزم قصد ضمان تنفيذ القوانين المرتبطة بحركية الأسواق، بدل انتظار حدوث مخالفات وغيرها من الأمور اللافتة للانتباه، كما هو الشأن بالنسبة للحوات المراكشي الذي أزعج المستفيدين من غلاء أسعار السمك والسردين تحديدا، حيث سارعت لجنة ولائية مختلطة يوم الثلاثاء 25 فبراير 2025 إلى شن حملة واسعة استهدفت مراقبة جودة المنتجات الغذائية المعروضة للبيع، أدت إلى إغلاق سبعة محلات ومن ضمنها محل المعني بالأمر، بدعوى ارتكاب عدة مخالفات وحفاظا على السلامة الصحية للمواطنات والمواطنين..
فبصرف النظر عما خلفه هذا الحدث من ردود فعل متباينة، وتسليطه الضوء على ما يتعرض إليه المواطن من ظلم، يتساءل الكثير من المغاربة حول من يستفيد مما تزخر به بلادنا من ثروة سمكية هائلة، حيث تحتل المملكة المغربية المرتبة 13 عالميا والأولى عربيا، وتنتج ما لا يقل عن مليون ونصف المليون طن من الأسماك سنويا، مستفيدة من الواجهتين البحريتين المطلتين على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض اللتين حباها الله بهما؟ فأين تذهب كل هذه الثروة الطبيعية؟
إنه فضلا عن الدرس البليغ حول قيم القناعة والتآزر الذي لقنه الشاب المراكشي "مول الحوت" لعدد من المفسدين والمسؤولين، فإن هذا الحدث يجعلنا نتساءل عن مدى استفادة المغاربة من خيرات بلادهم، ولاسيما ما يتعلق منها بالثروة السمكية، في ظل فرض ضريبة قاسية على الصيادين ويضر حرية المنافسة والأسعار، إضافة إلى عدم خضوع تدبيرها لأي مراقبة حقيقية، وغياب الشفافية في توزيع رخص الصيد في أعالي البحار، وإبرام اتفاقيات الصيد البحري مع دول أجنبية، حتى وإن كان ذلك محدودا، وسوء توزيع وتسويق المنتوج البحري وتعدد الفاعلين، والتصدير نحو الخارج...

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ ساعة واحدة
- أكادير 24
عامل إنزكان يدشن قنطرة 'النخيل' لربط إنزكان بأيت ملول وتيسير حركة المرور عبر واد سوس
agadir24 – أكادير24 أشرف عامل عمالة إنزكان أيت ملول، إسماعيل أبو الحقوق، صباح اليوم الخميس 23 ماي 2025، على تدشين قنطرة 'النخيل' الجديدة، المنجزة على مستوى واد سوس، وذلك في إطار تعزيز البنيات التحتية الطرقية بالمنطقة. وشهد حفل التدشين الذي احتضنته مدينة أيت ملول، حضور عدد من نواب وأعضاء المجلس الجماعي، إلى جانب رؤساء الجماعات الترابية التابعة للعمالة، وممثلي المصالح الخارجية، وشخصيات مدنية وعسكرية وإعلامية. وتمتد هذه القنطرة على الطريق الجديدة التي تربط بين حي النخيل بإنزكان وحي تمزارت بأيت ملول، حيث يُرتقب أن تساهم بشكل كبير في تسهيل حركة التنقل بين الضفتين، وتخفيف الضغط عن المنشآت الفنية القائمة، خاصة خلال أوقات الذروة. كما يُنتظر أن تلعب القنطرة دورًا محوريًا في تحسين الولوج إلى المرافق التجارية والاقتصادية المهمة بالمنطقة، بما في ذلك سوق الجملة ونصف الجملة بمدينة إنزكان، إلى جانب تعزيز الربط المجالي داخل تراب العمالة. وقد بلغت الكلفة الإجمالية لهذا المشروع البنيوي حوالي 36 مليون درهم، تم تمويله بشراكة بين جماعة أيت ملول، جماعة إنزكان، مجلس عمالة إنزكان أيت ملول، جهة سوس ماسة، وزارة التجهيز والماء، وبتنسيق مع عمالة إنزكان أيت ملول. ويُعد هذا المشروع نموذجًا للتقائية البرامج التنموية والتنسيق المؤسساتي، حيث يندرج في إطار رؤية شاملة لتحسين ظروف عيش الساكنة وتعزيز الربط بين مكونات النسيج الحضري للمنطقة.


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
المنصوري تشرف بزاكورة على توقيع إتفاقية لتأهيل دواوير وأحياء ناقصة التجهيز
زنقة 20 ا الرباط قادت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، زيارة ميدانية لجهة درعة تافيلالت، أمس الأربعاء 21 ماي الجاري، همّت تتبع تقدم مشاريع حماية التراث، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية لتنمية مراكز حضرية وقروية، بحضور عامل إقليم زاكورة ومسؤولين محليين. وفي إطار زيارتها الميدانية لجهة درعة تافيلالت، قامت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، يوم الأربعاء 20 ماي 2025، بمعية عامل إقليم زاكورة، بزيارة تفقدية لقصر أمزرو بعد استكمال أشغال ترميمه، وذلك في إطار تنزيل برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بالمغرب على الصعيد المحلي. وأثناء هذه الزيارة، عبرت الوزيرة عن اعتزازها بنجاح مشروع ترميم قصر أمزرو، الذي بلغت كلفته 9.7 ملايين درهم، واستفادت منه 27 أسرة عبر ترميم 27 مسكناً. وشملت الاشغال تجديد الممرات، وترميم الأبراج، وتغطية الأزقة، وإعادة تأهيل المسجد والمعبد اليهودي، ومعالجة التسربات، وكذا تبليط الأرضيات. واثناء هذه الزيارة، أكدت السيدة فاطمة الزهراء المنصوري أن: «هذا المشروع لا يقتصر فقط على ترميم البنايات و المرافق، بل هو مشروع يعيد الاعتبار لتراث غني و يعيد الأمل لساكنة عريقة، عبر ادماجها في قلب التنمية المحلية.» ووقفت الوزيرة عن كثب على حصيلة البرنامج الوطني، حيث تم ترميم وتأهيل 22 قصراً عبر مختلف جهات المملكة بغلاف مالي بلغ حوالي 156 مليون درهم. وعلى مستوى إقليم زاكورة، همت الإنجازات ترميم كل من قصر أمزرو وقصر تيسركات، بالإضافة إلى دعم الأنشطة المدرة للدخل ومبادرات تقوية القدرات المحلية، وذلك بكلفة إجمالية تقدر بـ 16.5 مليون درهم. وفي نفس اليوم، وفي إطار تنزيل سياسة المدينة، أشرفت الوزيرة على توقيع اتفاقيتين جديدتين تندرجان ضمن مشاريع التأهيل والتنمية الحضرية والقروية. و في هذا الاطار، قالت الوزيرة في تصريح للصحافة إن: «هذا البرنامج يأتي لتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز، وضمان العيش الكريم للمواطنين، في إطار العدالة المجالية و التقائية السياسات العمومية التي نحرص عليها جميعا» وتتعلق الاتفاقية الأولى بمشروع تأهيل المركز القروي الصاعد تازارين (إقليم زاكورة) برسم الفترة 2025-2026، باستثمار إجمالي قدره 90 مليون درهم، منها 30 مليون درهم مساهمة من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. ويستهدف هذا المشروع 13.894 نسمة أي ما يساوي2.254 أسرة، ويشمل هذا البرنامج تأهيل الدواوير التابعة للمركز، تأهيل الأحياء الناقصة التجهيز، تهيئة مداخل المركز، إحداث فضاءات خضراء وساحات عمومية. إنجاز وتهيئة ملاعب القرب، توسيع فضاء السوق الأسبوعي ومحيطه و كذا بناء مركب تجاري مدمج مكان السوق القديم. أما الاتفاقية الثانية، فترتبط بمشروع التأهيل الحضري لمدينتي زاكورة وأكدز، بكلفة إجمالية قدرها 150 مليون درهم خلال الفترة 2025-2027، لفائدة 6.120 أسرة موزعة على 10 أحياء (7 بزاكورة و3 بأكدز). وبرنامج زاكورة، الموجه لفائدة 4.255 أسرة باستثمار إجمالي قدره 100 مليون درهم، يهم تأهيل 7 أحياء ناقصة التجهيز ، تعبيد الطرق والأرصفة، الإنارة العمومية و ايضا تصريف مياه الأمطار. أما بالنسبة لبرنامج أكدز ، الموجه لفائدة 1.865 أسرة باستثمار قدره 50 مليون درهم، فهو يخص تأهيل 3 أحياء ناقصة التجهيز و تهيئة ساحتين عموميتين، بالإضافة إلى تعبيد الطرق والأرصفة، الإنارة العمومية، تصريف مياه الأمطار و كذا تهيئة ملاعب القرب والمساحات الخضراء. وتندرج هذه المشاريع في صلب الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الرامية إلى النهوض بالمجالات الترابية، وحماية التراث الوطني، وتحقيق تنمية بشرية عادلة ومتوازنة ومستدامة. وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقيات الخمس الموقعة في إطار هذه الزيارة تهم ما مجموعه 37 جماعة بجهة درعة تافيلالت، من بينها 34 جماعة قروية. كما أن 14 جماعة أخرى كانت قد استفادت سابقا من اتفاقيات مماثلة. وبذلك تكون الوزيرة قد وقعت، في المجمل،على اتفاقيات تهم 48 جماعة من أصل 58 جماعة قروية بالأقاليم الثلاثة المعنية.


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
رئيس الباطرونا: لقجع نجح في حصول المغرب على تنظيم المونديال وإيجاد التمويل اللازم للمشاريع الإستراتيجية الضخمة
زنقة 20 | الرباط قال شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن تنظيم كأس أفريقيا 2025 و كأس العالم 2030 يبرز الثقة التي يحظى بها المغرب على الصعيد العالمي، و أيضا التطور الملحوظ على كافة الأصعدة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. لعلج وخلال عرض قدمته بمركب محمد السادس لكرة القدم بسلا، ذكر أن تنظيم هاذين الحدثين فرصة تاريخية تستدعي تظافر جهود جميع الفاعلين في القطاعين العام و الخاص. لعلج، أكد أن تنظيم الكان و المونديال فرصة للإقلاع الإقتصادي و الشروع في تنزيل مشاريع استراتيجية من قبيل تعميم الجيل الخامس من الاتصالات 5G (70 في المائة في أفق سنة 2030) و الرفع من الطاقة الإستيعابية للمطارات، و تطوير الشبكة السككية عبر إطلاق قطار فائق السرعة LGV و القطارات الجهوية RER، وتوسيع شبكة الطرق السيارة. و قال لعلج أن هذه الإستثمارات الإستراتيجية سيكون لها تأثير إيجابي على الإقتصاد الوطني مستقبلا، مشيرا الى أن المغرب يستهدف استقبال 26 مليون سائح في أفق سنة 2030. و ذكر لعلج، أن دراسات تتوقع استثمارات تبلغ ألف مليار درهم لاستضافة المونديال وهو ما يعادل الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب سنويا. لعلج أشاد بالعمل الذي يقوم به فوزي لقجع ، من جهة المساهمة في نجاح حصول على المغرب على استضافة البطولتين ، و ايضا إيجاد الهوامش المالية لتمويل المشاريع المونديالية الضخمة.