
ثقافة : الساحر الذى كتب الشعر.. حكاية ويليام ييتس بين الجنيات والأشباح والمسرح
الجمعة 13 يونيو 2025 10:30 مساءً
نافذة على العالم - فى مثل هذا اليوم 13 يونيو من عام 1865، ولد صبي فى دبلن كان قدره أن يسير على الحد الفاصل بين الواقع والأسطورة، بين السياسة والشعر، بين الضوء وظلال العالم الآخر، هو ويليام بتلر ييتس، أحد أكثر شعراء العالم إثارة للدهشة، ليس فقط لقصائده التي تفيض بالسحر، بل لعقيدته الراسخة في عالم الأشباح والجنيات، وإيمانه بأن وراء الحجاب عوالم لا يراها سوى الشعراء.
حين رأى الشبح لأول مرة
نشأ ييتس وسط عائلة تحب الفن والمعرفة، كان والده محاميًا ورسامًا، يقرأ له ولأشقائه قصص "شكسبير" و"جوسر" و"السير والتر سكوت"، لكنه ما كان ليستمع فقط، بل عاش الحكايات.
وفي منزل جده الذي كان يطل على نهر التيمز في لندن، حيث كانت سفن التجارة تُبحر وتعود، قال الطفل ذو العشرة أعوام إنه رأى أول شبح في حياته، لم يكن الأمر غريبًا في بيئة كان خدم المنازل فيها يتحدثون بلا تردد عن الأرواح، والبيوت المسكونة، والليل الذي لا يخلو من حضور غير مرئي.
الجنيات يخطفن الناس.. وييتس يكتب
تسللت هذه المشاهد إلى قصائده، ومنها قصيدته الشهيرة "الطفل المسروق" التي بنيت على أسطورة أيرلندية تقول إن الجنيات تخطف الناس لتأخذهم إلى عالمها الغامض.
لم تكن هذه القصائد خيالًا عابرًا، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن انغماسه العميق في العوالم الخفية، وهو ما دفعه في العشرين من عمره لتأسيس "جمعية دبلن لعلوم السحر"، التي كانت ملتقى للمهتمين بالفلسفة الهندية، والروحانيات، والتجارب الروحية، وتطورت الجمعية لاحقًا إلى "جمعية دبلن لتشارك الحكمة"، وانضم بعدها ييتس إلى "نظام البزوغ الذهبي"، وهي منظمة سرية تدرس السحر بشكل عملي ومنظم.
من الظل إلى المسرح.. ييتس كاتبًا وطنيا
لكن ييتس لم يكن مشغولًا بالغيب وحده، ففي عام 1889، أسس "المسرح الأدبي الأيرلندي"، ليكون صوتًا للهوية الثقافية لأيرلندا، وكتب لمسرحه أعمالًا ذات طابع وطني، أبرزها "الكونتيسة كاثلين"، وساهم في صياغة شكل جديد من المسرح ينتمي لروح بلاده، ويخاطب شعبها.
قلب السلطة والجلوس تحت قبة البرلمان
حين استقلت أيرلندا، لم يقف ييتس في الظل، بل جلس تحت قبة البرلمان عضوًا في مجلس الشيوخ من عام 1922 إلى 1928، مدافعًا عن الفن، عن التراث، عن حرية الإبداع.
كان يرى أن الشاعر لا يجب أن يكون معزولًا عن مجتمعه، بل صوتًا من أصواته الكبرى، وأن على الدولة أن تصون الثقافة كما تصون حدودها.
نوبل.. ووداع الساحر الأخير
في عام 1923، منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل في الأدب، اعترافًا بمكانته كأحد أعمدة الشعر العالمي، وكمجدد للأدب الأيرلندي.
ظل ييتس يكتب حتى سن الثالثة والسبعين، بقلب مليء بالشعر والعجائب، قبل أن يغادر هذا العالم في 28 يناير 1939، تاركًا وراءه آثار شاعر لم يكتف بأن يكتب القصيدة، بل عاش داخلها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ يوم واحد
- بوابة الأهرام
تلك الأيام نعم .. كل النهايات حزينة ياعزمى»
ظل الشاعر عزمى عبدالوهاب مشغولا بالنهايات لسنوات طويلة، نهايات الحياة للمبدعين من الشعراء والأدباء والفلاسفة، مع مرور السنوات تراكمت لديه صور عديدة لنهايات مفجعة تحوى دراما إنسانية يعجز الخيال عن تصورها لمبدعين ملهمين ضمها كتابه كل النهايات حزينة! فأى خيال ذلك الذى يتصور إقدام كاتب مثل هيمنجواى على الانتحار رغم شهرته المطبقة وحصوله على جائزة نوبل. استيقظ صاحب العجوز والبحر صباح الأحد قبل السابعة وفتح مخزن البدروم واختار بندقية بماسورتين وضعها على الأرض ووضع جبهته على الماسورتين وفجر رأسه بالكامل. أما الشاعرة سيلفيا بلاث التى ارتبطت بقصة حب درامية مع الشاعر الإنجليزى تيدهيوز فقد وضعت رأسها فى فرن البوتاجاز لتموت منتحرة فى الثلاثين من عمرها. الغريب أن زوجها هيوز عاش طويلا وتزوج من امرأة أخرى ماتت منتحرة أيضا!. الشاعر والأديب إدجار آلان بو كان تجسيدا للعبقرية والثقافة الموسوعية، وصفه بودلير بالرجل الذى اجتاز قمم الفن الوعرة. هذا المبدع الذى يعد من أكثر الأدباء تأثيرا عاش حياة الفقر والبؤس، وحين ماتت زوجته عجز عن دفنها لولا أن الجيران تبرعوا بدفع نفقات الدفن. حاول الانتحار وعاش فى عالم الأشباح حتى عثرت عليه الشرطة ملقى على الرصيف، ومات فى المستشفى وحيدا لم يعلم أقاربه بموته إلا من الصحف. فى كتابه الصادر عن الهيئة المصرية للكتاب يحكى عزمى عبدالوهاب أن الحرب العالمية الثانية أصابت الكتاب بالاكتئاب، وقرر الروائى الألمانى ستيفان زفاريج التوقف عن كل أنشطته، بما فيها إلقاء المحاضرات التى كانت مصدر دخل مهما له. الاكتئاب مع الغربة وصعوبة تعلم اللغة البرتغالية قادا ستيفان وزوجته إلى الانتحار بعد أن كتب الزوجان 190 رسالة يودعان أفراد العائلة والأصدقاء والناشرين. دخل الزوجان إلى حجرتهما, ارتدى ستيفان بدلة أنيقة وارتدت زوجته «لوت» «الكيمونو الياباني» ثم تناولا عددا كبيرا من الحبوب المنومة وتعانقا فى فراشهما. نجح عزمى عبدالوهاب ببراعة شديدة فى أن يفسر حياة عشرات من المبدعين والكتاب والفلاسفة العالميين، وأن يصنع نسيجا متماسكا يحكى قصة حياتهم وإبداعهم وصولا إلى تلك النهايات الحزينة والمفجعة فى الموت، لكنه لم يكتب عن شعراء وكتاب عرب، معللا ذلك بأن حياة هؤلاء على الأغلب تخلو من الدراما إلا قليلا، وحتى هذه الدراما يجرى التكتم عليها بطريقة «اذكروا محاسن موتاكم». ألقى عزمى عبدالوهاب فى وجوهنا بعنوان كل النهايات حزينة لا ليذكرنا بالمصير المؤلم فقط للمبدعين، لكنه يريد أن يقول: هذه الحياة لا تستحق كل هذا العناء والصراع، فالنهايات حزينة للجميع وليس للمبدعين فقط.


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
ثقافة : الساحر الذى كتب الشعر.. حكاية ويليام ييتس بين الجنيات والأشباح والمسرح
الجمعة 13 يونيو 2025 10:30 مساءً نافذة على العالم - فى مثل هذا اليوم 13 يونيو من عام 1865، ولد صبي فى دبلن كان قدره أن يسير على الحد الفاصل بين الواقع والأسطورة، بين السياسة والشعر، بين الضوء وظلال العالم الآخر، هو ويليام بتلر ييتس، أحد أكثر شعراء العالم إثارة للدهشة، ليس فقط لقصائده التي تفيض بالسحر، بل لعقيدته الراسخة في عالم الأشباح والجنيات، وإيمانه بأن وراء الحجاب عوالم لا يراها سوى الشعراء. حين رأى الشبح لأول مرة نشأ ييتس وسط عائلة تحب الفن والمعرفة، كان والده محاميًا ورسامًا، يقرأ له ولأشقائه قصص "شكسبير" و"جوسر" و"السير والتر سكوت"، لكنه ما كان ليستمع فقط، بل عاش الحكايات. وفي منزل جده الذي كان يطل على نهر التيمز في لندن، حيث كانت سفن التجارة تُبحر وتعود، قال الطفل ذو العشرة أعوام إنه رأى أول شبح في حياته، لم يكن الأمر غريبًا في بيئة كان خدم المنازل فيها يتحدثون بلا تردد عن الأرواح، والبيوت المسكونة، والليل الذي لا يخلو من حضور غير مرئي. الجنيات يخطفن الناس.. وييتس يكتب تسللت هذه المشاهد إلى قصائده، ومنها قصيدته الشهيرة "الطفل المسروق" التي بنيت على أسطورة أيرلندية تقول إن الجنيات تخطف الناس لتأخذهم إلى عالمها الغامض. لم تكن هذه القصائد خيالًا عابرًا، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن انغماسه العميق في العوالم الخفية، وهو ما دفعه في العشرين من عمره لتأسيس "جمعية دبلن لعلوم السحر"، التي كانت ملتقى للمهتمين بالفلسفة الهندية، والروحانيات، والتجارب الروحية، وتطورت الجمعية لاحقًا إلى "جمعية دبلن لتشارك الحكمة"، وانضم بعدها ييتس إلى "نظام البزوغ الذهبي"، وهي منظمة سرية تدرس السحر بشكل عملي ومنظم. من الظل إلى المسرح.. ييتس كاتبًا وطنيا لكن ييتس لم يكن مشغولًا بالغيب وحده، ففي عام 1889، أسس "المسرح الأدبي الأيرلندي"، ليكون صوتًا للهوية الثقافية لأيرلندا، وكتب لمسرحه أعمالًا ذات طابع وطني، أبرزها "الكونتيسة كاثلين"، وساهم في صياغة شكل جديد من المسرح ينتمي لروح بلاده، ويخاطب شعبها. قلب السلطة والجلوس تحت قبة البرلمان حين استقلت أيرلندا، لم يقف ييتس في الظل، بل جلس تحت قبة البرلمان عضوًا في مجلس الشيوخ من عام 1922 إلى 1928، مدافعًا عن الفن، عن التراث، عن حرية الإبداع. كان يرى أن الشاعر لا يجب أن يكون معزولًا عن مجتمعه، بل صوتًا من أصواته الكبرى، وأن على الدولة أن تصون الثقافة كما تصون حدودها. نوبل.. ووداع الساحر الأخير في عام 1923، منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل في الأدب، اعترافًا بمكانته كأحد أعمدة الشعر العالمي، وكمجدد للأدب الأيرلندي. ظل ييتس يكتب حتى سن الثالثة والسبعين، بقلب مليء بالشعر والعجائب، قبل أن يغادر هذا العالم في 28 يناير 1939، تاركًا وراءه آثار شاعر لم يكتف بأن يكتب القصيدة، بل عاش داخلها.


الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
"في بيتنا رجل" أبرزها.. أعمال أدبية جسدتها زبيدة ثروت في السينما
بمناسبة ذكرى ميلادها.. في الرابع عشر من يونيو عام 1940، وُلدت الفنانة زبيدة ثروت بمدينة الإسكندرية، لتحمل معها ملامح ناعمة وصوتًا هادئًا وشخصية فنية آسرة، جعلتها تُلقب لاحقًا بـ"قطة السينما العربية"، وعلى الرغم من بداياتها الصغيرة، فقد استطاعت أن تحفر لنفسها مكانة خاصة في ذاكرة الفن العربي، حيث كانت إحدى نجمات العصر الذهبي للسينما المصرية. بدأت أولى خطواتها على شاشة السينما عام 1956 من خلال دور صغير في فيلم "دليلة" أمام العندليب عبد الحليم حافظ والفنانة شادية، لكن هذا الظهور الأول لم يكن إلا بداية لسلسلة طويلة من الأعمال المؤثرة، فقد تميزت زبيدة ثروت برصيد فني ثري، لم يكن فقط متنوعًا من حيث الأدوار، بل امتاز أيضًا بارتباطه العميق بالأدب العربي، إذ كانت شريكة في تقديم عدد كبير من الأفلام التي استندت إلى نصوص أدبية لأهم الكُتّاب المصريين، ما جعلها بمثابة جسر حيّ بين الرواية والشاشة الكبيرة. وفي التقرير التالي؛ يستعرض "الدستور" أدوارها في الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية.. من أوائل هذه الأعمال كان فيلم "عاشت للحب"، الذي أُنتج عام 1959 مقتبسًا عن رواية "شجرة اللبلاب" للأديب محمد عبد الحليم عبد الله، وقد جسدت فيه زبيدة شخصية "زينب"، الفتاة التي تحاول أن تنتزع من قلب "حسني" – الذي يعاني من عقدة نفسية تجاه النساء – خوفه القديم، وتقوده إلى دروب الحب والتسامح. وفي عام 1961، شاركت في فيلم "في بيتنا رجل"، أحد أبرز أفلام الحقبة الوطنية، والمأخوذ عن قصة للكاتب إحسان عبد القدوس، وقدمت فيه دور "نوال"، الفتاة التي تقع في حب مناضل سياسي مطارد من الاحتلال الإنجليزي، في سياق درامي مشحون بالصراع بين الحب والانتماء والنضال. واستمرارًا لعلاقتها الوطيدة بالأدب، جسدت زبيدة ثروت عام 1962 دور "زينب" في فيلم "سلوى في مهب الريح" المأخوذ عن قصة للأديب محمود تيمور، والفيلم يعكس جانبًا نفسيًا عميقًا من خلال قصة فتاة تتعرض للسيطرة الذهنية من قِبل طبيب يستخدم التنويم المغناطيسي، في سرد يجمع بين الإثارة والتحليل النفسي والاجتماعي. وفي عام 1970، شاركت في فيلم "الحب الضائع"، المأخوذ عن رواية لعميد الأدب العربي طه حسين، وتدور قصته حول صديقتين يفرقهما حب رجل واحد، في دراما إنسانية راقية تناولت مشاعر الغيرة والتضحية بين الحب والصداقة، وجسدت زبيدة ثروت دور "سامية"، التي تدخل في صراع نفسي مع صديقتها المقربة، بعد أن تعلق بها زوج الأخيرة. كما شاركت عام 1971 في فيلم "حادثة شرف"، وهو مقتبس عن قصة للكاتب يوسف إدريس، وقدمت فيه شخصية "بنات"، فتاة من أجمل بنات إحدى العزب، تواجه مأساة تهز حياتها بعد أن تحاول مقاومة شاب غريب حاول الاعتداء عليها، وفي 1975، أطلّت على جمهورها من خلال فيلم "المذنبون"، الذي كتبه نجيب محفوظ، الحائز على نوبل في الأدب، وأدت زبيدة ثروت دور "منى"، الزوجة الخائنة المتورطة في شبكة علاقات معقدة داخل عالم فاسد من كبار المسؤولين. وفي العام ذاته، شاركت في فيلم "لا شيء يهم"، المقتبس عن رواية جديدة لإحسان عبد القدوس، أدّت فيه دور "سناء"، التي تتزوج من زميلها الفنان "محمد" (نور الشريف)، لكنه يهرب من المسؤولية حين تعلمه بأنها حامل. وفي عام 1976، خاضت زبيدة ثروت تجربة جديدة في فيلم "لقاء هناك"، المأخوذ عن قصة للكاتب ثروت أباظة، وأدّت فيه دور "ليلى"، الفتاة التي تحب ابن عمها "عباس"، الطالب الذي يعيش صراعًا بين التدين والانفتاح، وبين الحب والعقيدة. تعاني ليلى أثناء الولادة، ما يدفع عباس إلى إعادة اكتشاف إيمانه بالله في لحظة إنسانية مؤثرة.