logo
مدن أفغانية على طريق الحرير التاريخي

مدن أفغانية على طريق الحرير التاريخي

الجزيرةمنذ 2 أيام
" طريق الحرير" اسم أطلقه الجغرافي الألماني فرديناند فون ريشتهوفن في أواسط القرن الـ19 على طرق برية وبحرية طولها 12 ألف كيلومتر، ربطت آسيا والشرق الأوسط وأوروبا بروابط تجارية وثقافية ودينية وفلسفية لمئات السنين. وشبهه المؤرخ البريطاني بيتر فرانكوبان بـ"جهاز عصبي مركزي للعالم، يربط بين الأشخاص والأماكن لا تراه العين المجردة".
عبر "طريق الحرير" من مدن عريقة، كان لها شأن كبير في فترات متفرقة من التاريخ، مثل مرو والريّ وبلخ وبخارى و سمرقند و بغداد ، وغيرها من المدن والحواضر التي شكلت جسرا ربط المحيط الهادي بالبحر الأبيض المتوسط.
على امتداد طريق الحرير، نقلت القوافل التجارية بضائع مختلفة، وفي مقدمتها الحرير الذي احتكرت الصين سر صناعته لأكثر من ألفي عام، إضافة إلى التوابل والشاي والورق والبارود، ولم يكن الطريق ممرا تجاريا فحسب، بل شكل أيضا فضاء للتفاعل الثقافي والديني على مر التاريخ.
وتفرعت مسارات الطريق في أفغانستان -التي عُرفت قديما باسم "آريانا"- وانتشرت عبر أراضيها من الشرق عبر ممر واخان، الذي يصل الصين بجنوب آسيا وشبه القارة الهندية، ومن الشمال حيث يمتد من وسط آسيا إلى إيران مرورا بمدن خراسان و"باميان" و"بلخ" و"هرات" و"قندهار".
وكانت الدول المتعاقبة على حكم المنطقة مدركة أهمية هذا الشريان الحيوي، فحرصت على تأمينه عبر القبائل المحلية تارة، وعبر جيوشها تارة أخرى.
بلخ (أم البلاد)
مدينة بلخ -التي عرفت قديما باسم (باكتريا)- واحدة من أقدم مدن العالم، كانت أحد المراكز الهامة للديانتين الزرادشتية و البوذية ، وتضم كهوفا وآثارا شاهدة على تلك الحقب التاريخية.
شكلت بعد الفتح الإسلامي -إلى جانب كل من "هرات" و"نيسابور" و"مرو"- أجزاء خراسان الأربعة، قبل أن تصبح لاحقا عاصمتها وموطنا لكبار العلماء والأدباء والشعراء، أبرزهم العالم والطبيب ابن سينا والشاعر الصوفي جلال الدين الرومي والفيلسوف ناصر خسرو والعالم الفقيه إبراهيم بن أدهم.
تقع المدينة على ضفاف نهر جيحون (آمو داريا)، الذي يفصل بينها وبين أوزبكستان، حيث توجد سمرقند وبخارى، ونظرا لأهميتها الثقافية والحضارية أطلق عليها بعض المؤرخين لقب "أم البلاد".
شكلت معبرا مهما لقوافل "طريق الحرير"، إذ تقع في سهل واسع يفصل بين جبال هندكوش ونهر جيحون (آمو داريا)، تتقاطع فيه عدة مسارات يمكن العبور من خلالها نحو الغرب حيث "هرات" ومنها إلى إيران، أو باتجاه الشرق حيث توجد "سمرقند" وآسيا الوسطى، ومن ثم إلى الصين.
وغالبا ما كانت القوافل المارة عبر المدينة تحمل الحرير والعاج والأحجار الكريمة والتوابل والعطور وغيرها، كما حملت الرهبان البوذيين الذين جاؤوا إلى بلخ مبشرين بالدين الجديد ومنها انتقل إلى الصين واليابان. وبعد الفتح الإسلامي جاءت هذه القوافل بالتجار المسلمين الذين نشروا الإسلام في المنطقة وأوصلوه إلى الصين.
ممر واخان
هو ممر حيوي يقع في منطقة جبلية بشمال شرق ولاية بدخشان، تحده طاجكستان شمالا و باكستان جنوبا، وتمتد حدوده مع الصين شرقا على مسافة تقدر بأكثر من 350 كيلومترا.
وهو من أكثر المناطق ارتفاعا في العالم، إذ يصل متوسط ارتفاعه إلى 4 آلاف متر فوق سطح البحر، ويشكل جزءا من منطقة أكبر تسمى "بامير" يطلق عليها "سقف العالم".
كان ممر واخان أحد الفروع الجنوبية لطريق الحرير، الذي يربط الصين بأريانا القديمة (أفغانستان) ومنها إلى القارة الهندية، عبر منه الرحالة الشهير ماركو بولو إلى الصين وذكره في كتاب رحلاته.
وكانت القوافل التجارية تسلك هذا الممر للوصول إلى بدخشان، التي تضم أكبر احتياطي عالمي من حجر اللازورد، إذ كان يُنقل منها إلى مصر ، لكونه أحد الأحجار المقدسة في الحضارة المصرية القديمة.
واحتفظت جنبات الأودية في المدينة بآثار الاستراحات التي بنيت على طول الطريق، حيث كانت تتوقف القوافل للراحة.
باميان
وتقع في واد واسع بين سلسلة جبال هندكوش وجبال بابا الواقعة وسط أفغانستان، وكانت إحدى المحطات المهمة لعبور قوافل طريق الحرير، وشكلت موضع اهتمام التجار والحجاج والمستكشفين، إذ كانت أهم مركز بوذي في العالم لفترات زمنية طويلة، نظرا لضمها أكثر من 50 معبدا وفق اكتشافات أثرية حديثة.
وتضم باميان أكبر تمثالين لبوذا في العالم، مما جعل منها موقعا بارزا يستقطب السياح وعلماء الآثار، وفي المنطقة مساحات زراعية شاسعة بفضل بحيرات "بند أمير"، وهي مجموعة بحيرات مرتفعة تتميز بزرقة تعكس لون اللازورد، ومحاطة بتكوينات جيولوجية طبيعية لم تتأثر بالنشاط البشري.
ومن المعالم التاريخية التي تدل على أهمية المنطقة قديما وجود خان "شش بول" (الجسور الستة)، وهو أحد أكبر الخانات -أو ما يسمى بـ"كروان سراي" (منزل القافلة باللغة الفارسية) في المنطقة، الذي كان محطة رئيسية للقوافل التجارية يستخدمها التجار للراحة وتبادل البضائع قبل متابعة سيرهم جنوبا إلى قندهار وشبه القارة الهندية، أو شمالا عبر بروان وبدخشان إلى بلخ، ومنها إلى بخارى والصين.
هرات
تلقب بـ "لؤلؤة أفغانستان"، وهي موطن العلم والأدب والشعر والتصوف، وتعج بآثار شاهدة على مكانتها عبر التاريخ، ذكرها معظم المؤرخين في كتبهم، تتميز بموقعها الإستراتيجي على مفترق طرق يربط بين وسط آسيا وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط، وتعرف بخصوبة أراضيها بفضل مياه نهر "هريرود".
وشكلت مناراتها الشاهقة على مدى التاريخ معالم تهدي العابرين والقوافل إلى المدينة، وهي 10 منارات أمرت السلطانة غوهر شاد ببنائها إبان الحقبة التيمورية، وتمثل إلى جانب "قلعة اختيار الدين" و"المسجد الجامع الكبير" معالم تدل على فن العمارة آنذاك.
وتحتضن المدينة أضرحة بعض العلماء المسلمين أمثال عبد الله الأنصاري وفخر الدين الرازي وعبد الرحمن الجامي وغيرهم.
وتمر بالمدينة 4 فروع من طريق الحرير، الأول بمحاذاة نهر هريرود مرورا بمدينة سرخس وصولا إلى مرو، والثاني من الشمال الشرقي عبر غرجستان والمرغاب، وينتهي إلى مرو أيضا، والثالث من الجنوب عبر آسفراز وفراه ويتفرع إلى خطين أحدهما نحو بُست والآخر إلى سيستان، أما الرابع فيربط هرات بمدينة نيسابور، وتؤدي هذه الفروع إلى إيران، ومنها إلى آسيا الصغرى ثم أوروبا.
قندهار
هي ثاني أكبر مدن أفغانستان وعاصمتها القديمة، وتختزن تاريخا يمتد إلى نحو 5 آلاف عام قبل الميلاد، إذ نشأت فيها إحدى أقدم المستوطنات البشرية والقرى الزراعية في العالم. احتلها الإسكندر الأكبر وأطلق عليها اسم "الإسكندرية".
تُعد الموطن الرئيسي للقبائل البشتونية في أفغانستان، وتحظى بمكانة بارزة بين المدن الأفغانية، إذ كان لها الدور الأبرز في تاريخ البلاد الحديث من خلال الثورات والحركات التي انطلقت منها وشكلت مسار الأحداث في البلاد.
كانت المدينة قديما معبرا لقوافل "طريق الحرير" لا سيما عبر الفرع الجنوبي الذي تمر منه القوافل القادمة من مدينة "غزني" لتمر من قندهار في اتجاه شبه القارة الهندية جنوبا أو نحو إيران غربا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن
تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن

منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل/نيسان فتح باب التعدين في أعماق المحيطات، بما فيها المياه الدولية، دق دعاة حماية البيئة ناقوس الخطر بشأن الآثار البيئية الخطيرة لذلك. واستجابت العديد من التحالفات العابرة للحدود لتحذيرات الخبراء من "إبادة بيئية" يتم التحضير لها في خضم صراع دولي على المعادن النادرة. وفي سياق توجهاتها للتخلص من السياسات البيئية والمناخية وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، قدّر ت إدارة الرئيس ترامب أن التعدين في أعماق البحار قد يضيف 300 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، ويستحدث 100 ألف وظيفة جديدة، على مدى 10 سنوات. ورغم أن الصين والاتحاد الأوروبي، ومنظمات، ومؤسسات دولية، وجمعيات غير حكومية رفضت التوجه الأميركي، يتخوف العلماء من خفوت الأصوات المعارضة، وبدء صراع دولي على معادن قاع البحار والمحيطات قد لا تحمد عقباه. وتتعلق عمليات الاستخراج أساسا بما يسمى العقيدات المتعددة المعادن، وهي نوع من الحصى بحجم حبات البطاطا تشكلت عادة عبر مئات آلاف أو ملايين السنين تكون غنية بالمعادن مثل المنغنيز والنيكل والكوبالت والنحاس والمعادن النادرة، وهي مواطن أساسية لكائنات البحر العميق. وباتت هذه المعادن، ذات أهمية بالغة في صناعة المركبات الكهربائية والألواح الشمسية، وفي الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، وغيرها من الصناعات الدقيقة. ويتطلب استخراج تلك العقيدات تعدينا في قاع البحار العميقة بواسطة الحفر أو الجرف أو التفجيرات، أو وسائل أخرى، وغالبا ما تتم في مناطق عميقة ومجهولة، ولا تمتلك إلا بعض الدول والشركات الكبرى القدرة على تعدينها، ما سيجعلها احتكارا لتلك القوى الدولية. مناطق مجهولة حتى الآن لم يستكشف البشر سوى أقل من 0.001% من قاع البحار العميقة، أي ما يعادل عُشر مساحة بلجيكا تقريبا. ولذلك، يفتقر العلماء إلى فهم كاف لهذه النظم البيئية الغامضة. ويضم قاع البحر العميق براكين تحت الماء وسلاسل جبلية وسهولا سحيقة. وتحتضن تلك المنطقة مجموعة متنوعة من الأنواع الفريدة التي تتكيف مع الظروف القاسية، مثل قلة ضوء الشمس والضغط العالي. ويحذر العلماء من أن بعض كائنات المحيط العميق قديمة للغاية، فبعض الأسماك فيها تعيش مئات السنين، وتعيش الشعاب المرجانية آلاف السنين، بينما يصل عمر الإسفنج البحري أحيانا إلى 11 ألف سنة. وقد تكون آلاف الكائنات فيها غير مكتشفة بعد، وهي كلها "أنظمة بيئية لا تتجدد ضمن مقاييس الزمن البشري. وإذا فُقدت، فيكون ذلك إلى الأبد"، حسب فرح عبيد الله الناشطة البيئية، ومؤسسة ومديرة منظمة "نحن والمحيط" في إسبانيا. وفي غياب المعرفة الكاملة عن النظم البحرية في تلك الأعماق السحيقة، من غير المعروف كيف ستكون آثار التعدين على وظائفها البيئية بشكل كامل، لكن الأبحاث تظهر حتى الآن أن تعدين أعماق المحيطات قد يُخلف آثارا بيئية كارثية، ومن بينها: -تدمير الموائل: يمكن أن تؤدي أنشطة التعدين إلى تدمير موائل قاع البحر إلى ما هو أبعد من نقطة التعافي، مما يؤثر على الأنواع القاعية مثل الديدان والمحار والإسفنج ونجم البحر وكائنات أخرى غير مكتشفة بعد. -أعمدة الرواسب: يُؤدي التعدين في قاع البحار العميقة إلى رفع الرواسب، مما يؤثر على الأنواع المهاجرة مثل أسماك القرش والسلاحف. ويمكن أن يلحق ضررا أكبر بمصايد الأسماك العالمية، وقد وصلت 57.3% من المخزونات السمكية بالفعل إلى الحد الأقصى للصيد، بينما تعاني 35.4% منها من الصيد الجائر. -تعطيل شبكة الغذاء: إن استهداف العقيدات المتعددة المعادن من شأنه أن يؤدي إلى تغيير شبكات الغذاء الغذائية وغير الغذائية مثل الإسفنج الزجاجي الذي يدعم الحياة البحرية. – التلوث الضوئي والضوضائي: تؤدي عمليات مركبات التعدين في قاع البحر، والحفر والتجريف، والمتفجرات، والاهتزازات إلى تلوث ضوئي وضوضائي يتجاوز الحدود المسموح بها للعديد من أنواع الحيتان. – تفريغ السموم واحتياطيات الكربون: يمكن أن يؤدي التعدين وأدواته إلى نشر النفايات وإثارة مخزونات الكربون في أعماق المحيطات، مما يؤثر بشكل كبير على تنظيم المناخ في المحيطات والكوكب ككل. مخاطر حمّى التعدين يشير الخبراء إلى أن بدء التعدين في أعماق البحار دون تقييمات بيئية واضحة قد يسفر عن عواقب طويلة الأمد على الكوكب والمجتمعات ومصادر العيش. وفي أسوأ الأحوال، قد يسبب انهيارا بيئيا واسع النطاق لن يتعافى منه الكوكب. ويدعو ائتلاف الحفاظ على أعماق البحار السلطة الدولية لقاع البحار إلى التفاوض بشأن الشروط التنظيمية للتعدين في قاع البحار. وأيدت حتى الآن 37 دولة حظرا مؤقتا على أنشطة التعدين في قاع المحيط. وتتماشى هذه المعارضة العابرة للحدود مع معارضة من مجتمعات السكان الأصليين والمنظمات البيئية، وأكثر من 930 عالما ومشرعا من أكثر من 70 دولة. وتقول فرح عبيد الله "إن التعدين لم يبدأ بعد، لكن إذا سُمح له بالانطلاق، فلن يحدث فقط دمارا بيئيا هائلا، بل سيطلق عصرا جديدا من الاستعمار." إعلان وتضيف "نحن نتحدث عن المحيط الدولي، أي الأعماق التي تنتمي للجميع، لا لأي دولة بعينها. إذا سُمح لبضع دول بالسيطرة عليه، فسيبدأ سباق جديد شبيه بحمى الذهب، تستعمر فيه الدول الغنية هذا الفضاء المشترك من جديد". وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، أمضت السلطة الدولية لقاع البحار أكثر من 10 سنوات في وضع لوائح للإشراف على استغلال معادن قاع البحار في المياه الدولية. وبعد فشلها في وضع معايير للتعدين التجاري في أعماق البحار في يوليو/تموز 2023، خططت لمناقشة المبادئ التوجيهية المستقبلية ووضع اللمسات الأخيرة على القواعد بحلول دورتها في يوليو/تموز 2025. و رغم المفاوضات المكثفة، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن اللائحة، ولم تُمنح أي تراخيص للتعدين. ومن شأن ذلك أن يوقف حتى الآن جميع أنشطة التعدين التجارية في المياه الدولية، إلى أن يتمكن العلماء من إجراء تقييمات شاملة للأثر ووضع لوائح بيئية صارمة. ويتطلب ذلك إعداد تقارير ومراقبة شفافة للتغلب على المشكلات العالقة وضمان الامتثال لاتفاقية التنوع البيولوجي. وفي حين يجادل مؤيدو التعدين في قاع البحار العميقة بأن استخراج المعادن من أعماق المحيطات أمر بالغ الأهمية للتحول نحو الطاقة الخضراء، يرى العلماء بأن هناك بدائل أكثر استدامة وسهولة يمكن النظر فيها، دون اللجوء إلى تدمير أحد أكثر النظم البيئية حساسية وأهمية في استقرار الكوكب. وتشكل المحيطات 70% من سطح الكوكب، ولها تأثير عميق على الحياة بأسرها، إذ تنظم المناخ العالمي، وتنتج غالبية الأكسجين الذي نتنفسه، وتمتص ثاني أكسيد الكربون، وتحتضن شبكة بيئية معقدة تحافظ على دورة الحياة على الأرض. وتعد أيضا أكبر "بالوعة كربون"، مما يجعلها عنصرا حاسما في مواجهة تغير المناخ. ومع أن العالم سيظل بحاجة دائمة للمعادن، لا سيما مع توجهه نحو مستقبل طاقة أكثر خضرة. فإن وسائل الحصول عليها يجب أن تكون مستدامة لما فيه مصلحة الكوكب، حسب الخبراء. وسيمنح وقف التعدين في أعماق البحار المجتمع العلمي وقتا أكثر للدراسة والفهم، واكتشاف بدائل أكثر أمانا، وإعادة صياغة سياسات المحيطات لحماية النظام البيئي البحري الواسع من أضرار لا يمكن إصلاحها.

مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر
مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر

في ظل التسارع الكبير لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها المتزايد على المجتمعات والاقتصادات، تسعى الحكومات والهيئات التنظيمية حول العالم إلى وضع أطر قانونية وأخلاقية تضمن الاستخدام المسؤول والآمن لهذه التقنيات. وتقول الباحثة إيزابيلا ويلكنسون -في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)- إن قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي يعد الإطار القانوني الأكثر شمولا في العالم لتنظيم الذكاء الاصطناعي. وبدأت قواعده المتعلقة بنماذج الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر. وتضيف أن هذا القانون يعد معقدا، ويتضمن التزامات صارمة على الشركات التي تقدم أنظمة ذكاء اصطناعي تستخدم داخل الاتحاد الأوروبي ، مثل شركتي "أوبن إيه آي" و"ديب مايند". ولمساعدة هذه الشركات على الامتثال للمتطلبات القانونية، ألزم القانون بوضع مدونة ممارسات خاصة بنماذج "جي بي إيه آي". وتعد هذه المدونة وثيقة توجيهية، فهي عبارة عن مجموعة من الإرشادات غير الملزمة قانونيا، تهدف إلى مساعدة الشركات في إثبات التزامها في مجالات مثل الشفافية وحقوق النشر والسلامة. ومن الجدير بالذكر أن مقدمي نماذج "جي بي إيه آي" الذين يختارون عدم التوقيع على المدونة يظلون ملزمين بالامتثال لمتطلبات قانون الذكاء الاصطناعي، لكن يسمح لهم بالإبلاغ عن كيفية التزامهم بالقانون بطرق أخرى مختلفة. وبعد عملية استغرقت قرابة عام، وشهدت مشاركة علماء وباحثين عالميين بارزين في مجال الذكاء الاصطناعي، نُشرت المدونة أخيرا في أوائل يوليو/تموز. وقد أثارت عملية إعدادها الكثير من الجدل والانتقادات. ورغم ذلك، يمكن أن يكون للمدونة دور محوري في تشكيل وتوجيه منظومة الحوكمة العالمية الفعالة للذكاء الاصطناعي، ولا سيما تلك المتعلقة بنماذج "جي بي إيه آي" التي تنطوي على مخاطر نظامية. جدل الشفافية وحقوق النشر وشابت عملية إعداد قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي خلافات ونزاعات مستمرة. كما أثارت عملية صياغة المدونة المصاحبة للقانون جدلا واسعا، إذ أعادت إلى الواجهة نقاشات قديمة داخل الاتحاد الأوروبي حول الشفافية وحقوق النشر، وعمّقت في الوقت ذاته قضايا حديثة تتعلق بتأثير شركات التكنولوجيا الكبرى. وتتعلق بعض الخلافات بطريقة إعداد المدونة؛ فقد اتهمت جهات من المجتمع المدني القائمين على صياغة المدونة ومكتب الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي بمنح شركات التكنولوجيا الأميركية امتيازات خاصة في الوصول والتأثير. وفي المقابل، رحّب البعض الآخر بشمولية العملية، لكنه اعتبر أن سرعة الصياغة والمعرفة التقنية المطلوبة لمتابعتها شكّلتا حاجزين يحولان دون مشاركة أوسع. أما محتوى المدونة نفسها فقد أثار أيضا انقسامات. على سبيل المثال، كانت مسألة الشفافية محورا رئيسيا للخلاف؛ إذ طالبت مجموعات من المجتمع المدني وأكاديميون بأن تدفع المدونة نحو قدر أكبر من الشفافية في كيفية عمل نماذج الذكاء الاصطناعي تقنيا، وكذلك في كيفية توصيل هذه المعلومات إلى الجمهور، بينما رأى آخرون أن مسودة المدونة تضعف الحماية الممنوحة للحقوق الأساسية لمستخدمي هذه الأنظمة. وعلى الرغم من وجود بعض الانقسامات داخل القطاع الصناعي الأوروبي، فإن الرسالة العامة كانت واضحة وهي أن قانون الذكاء الاصطناعي ومدونته يتجاوزان الحدود. ففي أوائل يوليو/تموز، دعا رؤساء كبرى الشركات الأوروبية إلى وقف تنفيذ القانون والمدونة لمدة عامين، مشيرين إلى مخاوف بشأن تعقيد القانون وتأثيره السلبي على القدرة التنافسية للاقتصاد الأوروبي. وعبّرت شركات من خارج الاتحاد الأوروبي أيضا عن مجموعة من المخاوف بشأن قواعد الاتحاد الخاصة بالذكاء الاصطناعي، فقد تعهد رئيس الشؤون القانونية في شركة غوغل ، كينت ووكر، بالتوقيع على المدونة، لكنه أشار إلى أنها قد تؤدي إلى "إبطاء تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي في أوروبا". أما شركات كبرى أخرى مثل "أنثروبيك" و"أوبن إيه آي" فقد وقعت على المدونة. في المقابل، لم تكن شركة "ميتا" قد وقعت عليها حتى لحظة إعداد هذا التقرير. وقد صرح مدير الشؤون العالمية في "ميتا"، جويل كابلان، مؤخرا بأن "المبالغة في نصوص المدونة سيخنق تطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة في أوروبا". تعزيز التنافسية وقد تبنى بعض صُناع السياسات المؤثرين هذه الانتقادات، ففي تقرير بارز صدر العام الماضي عن الاتحاد الأوروبي أعده ماريو دراجي، ورد أن العقبات التنظيمية "المرهقة" التي تعوق الابتكار في قطاع التكنولوجيا، ومن بينها قانون الذكاء الاصطناعي، تضعف القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي. ويطالب دراجي وعدد من صناع السياسات الآخرين بتبسيط تلك الأطر التنظيمية، ليس فقط في مجال الذكاء الاصطناعي، باعتباره وسيلة لتعزيز التنافسية الأوروبية. وترتبط النقاشات حول تعزيز التنافسية ارتباطا وثيقا بالحديث عن تعزيز السيادة الأوروبية على البنية التحتية التكنولوجية، وخلق بدائل حقيقية للذكاء الاصطناعي القادم من الولايات المتحدة والصين. وأصبح هذا الموضوع أكثر بروزا في الأشهر الأخيرة، مع اتخاذ دول مثل المملكة المتحدة موقفا رافضا للتسرع في تنظيم الذكاء الاصطناعي، ومع التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة في الولايات المتحدة بخطة عمل تهدف إلى إزالة الحواجز التنظيمية. وفي الواقع، فإن الإدارة الأميركية الحالية تعارض بشدة النهج الذي تتبعه بروكسل، فقد وجّه جيه دي فانس ، نائب الرئيس الأميركي، انتقادات حادة للتنظيمات الأوروبية خلال قمة للذكاء الاصطناعي في باريس في فبراير/شباط الماضي، قائلا: "نحن بحاجة إلى نظام تنظيمي دولي يدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدلا من خنقها". وتقول ويلكنسون إن اتفاق التجارة الأخير بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يبدو أنه زاد من حالة الغموض، بعدما لم يستبعد وزير التجارة الأميركي إجراء مزيد من المحادثات بشأن ما وصفته بـ"هجوم الاتحاد الأوروبي على شركاتنا التكنولوجية". وأثارت "مدونة الممارسات" جدلا واسعا، إذ تأتي في وقت تتجه فيه الحكومات عالميا بعيدا عن التنظيمات الصارمة نحو أطر أكثر مرونة. ورغم الجدل المثار حولها، من المرجّح أن يكون للمدونة تأثير عالمي. فكثيرا ما يحتذى بعناصر من تشريعات وتوجيهات الاتحاد الأوروبي في بلدان أخرى، رغم أن مدى حدوث ذلك في مجال الذكاء الاصطناعي لا يزال موضع نقاش حاد. وقد يكون للمدونة دور حيوي في تشكيل وتوجيه الحوكمة العالمية الفعالة للذكاء الاصطناعي. وحققت المدونة هدفين رئيسيين: أولا: أوضحت الالتزامات الواردة في أكثر تشريعات الذكاء الاصطناعي شمولا في العالم. ثانيا: من خلال ذلك، زوّد واضعو المدونة لصانعي القرار في المستقبل دليلا عمليا لصنع قرارات ديمقراطية بشأن الذكاء الاصطناعي. فالعملية الشفافة والشاملة التي أنتجت المدونة توفر للعالم دروسا مستفادة، سواء في شكل تحذيرات من المزالق أو كنماذج للممارسات المثلى. وتخضع حوكمة التكنولوجيا لتطور دائم، وستشهد المدونة بدورها نسخا مستقبلية جديدة. ويفتح هذا فرصة لبروكسل لتعزيز مصداقيتها وشرعيتها، والاستفادة من الروابط الإستراتيجية مع الأبحاث المتقدمة، وربط جهود الحوكمة الأخرى حول العالم. وتقول ويلكنسون إنه ينبغي على بروكسل، وتحديدا مكتب الذكاء الاصطناعي التابع لها، وكذلك الهيئات التنظيمية الوطنية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، أن تتخذ خطوات ملموسة لترسيخ نفسها كمركز تميز لصناعة حوكمة ذكاء اصطناعي ديمقراطية، قابلة للتطور، وخاضعة للمساءلة. وترى أن توثيق النجاحات والإخفاقات في تصميم المدونة من شأنه أن يضمن كونها وثيقة حية قابلة للتعديل، مما يعزز بدوره قدرات الهيئات التنظيمية في أماكن أخرى من العالم. ولتحقيق ذلك، لا بد أن يضمن مكتب الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي إمكانية استفادة المنظمين في دول أخرى من الدروس المستخلصة من تصميم المدونة، وبناء التماسك عند الحاجة، سواء اختاروا تنظيما صارما وشاملا أو نهجا أكثر مرونة. وتضيف أنه يمكن الاستفادة من نماذج قائمة حاليا، مثل المنتديات المستقلة والدولية القائمة على التنسيق بين الهيئات التنظيمية وتعزيز القدرات في مجال السلامة الرقمية، إذ يمكن أن تقدم هذه النماذج إطارا يحتذى به، إلى جانب تطوير أدوات استشرافية للقضايا القانونية الجديدة والمعقدة التي قد تظهر مستقبلا. كما ينبغي على مكتب الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي أن ينشر نتائج تطوير المدونة بشكل نشط ضمن شبكة المعاهد الدولية المعنية بسلامة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الهيئات الدولية، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تتولى حاليا الإشراف على إطار التقارير الطوعية لمزودي نماذج الذكاء الاصطناعي. وقد يُسهم هذا في تعزيز الاتساق حول المبادئ الأساسية الخاصة بالحوكمة الشفافة المبنية على مشاركة أصحاب المصلحة.

نيوزويك: الولايات المتحدة تستعد لإطلاق إحدى طائراتها الفضائية السرية
نيوزويك: الولايات المتحدة تستعد لإطلاق إحدى طائراتها الفضائية السرية

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

نيوزويك: الولايات المتحدة تستعد لإطلاق إحدى طائراتها الفضائية السرية

قالت مجلة نيوزويك إن الولايات المتحدة تستعد لإطلاق إحدى طائراتها الفضائية السرية في وقت لاحق من هذا الشهر، في سباق مع الزمن للحفاظ على هيمنتها الفضائية، في الوقت الذي يقلص فيه خصومها الفجوة بسرعة. وصرح متحدث باسم وزارة القوات الجوية الأميركية للمجلة بأن المركبة الفضائية، المعروفة باسم مركبة الاختبار المدارية " إكس-37 بي" (X-37B) منصة فضائية ديناميكية مخصصة للتجارب التكنولوجية، حيث تتيح كل مهمة فرصا مستمرة للتعلم. وقالت الزميلة في معهد هدسون ريبيكا ل. هاينريشز إن "إكس-37 بي"، من خلال اختبار تقنيات جديدة في المدار، تساعد الولايات المتحدة على حماية مصالحها في الفضاء بشكل أفضل، وفي الاستعداد للقتال والفوز إذا اختار الخصوم روسيا والصين الدخول في صراع. وطورت روسيا والصين، وهما شبه حليفتين في إطار شراكتهما الإستراتيجية غير المحدودة، تقنيات قد تهدد مصالح الولايات المتحدة في الفضاء -حسب المجلة- تشمل أقمارا صناعية مصممة لتعطيل أو إتلاف الأصول المدارية، وسلاحا نوويا فضائيا، حسبما ورد. وتصف الولايات المتحدة، في إستراتيجيتها الدفاعية الفضائية، الخصمين بأنهما "أكبر تهديد إستراتيجي"، بسبب تطويرهما واختبارهما ونشرهما قدرات فضائية مضادة، وقد أنشأت واشنطن قوة الفضاء خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب الأولى عام 2019 لمواجهة هذه التحديات. ما طائرة إكس-37 بي؟ طائرة X-37B، التي تشبه مكوكات الفضاء المتقاعدة، هي برنامج اختبار تجريبي مصمم لعرض تقنيات منصة فضائية غير مأهولة وموثوقة وقابلة لإعادة الاستخدام، وقد بنت شركة بوينغ مركبتين فضائيتين منها، يبلغ طول كل منهما 29 قدما ووزنها 11 ألف رطل، وقد قطع هذا الأسطول منذ إطلاقه لأول مرة عام 2010، أكثر من 1.3 مليار ميل، وقضى أكثر من 4 آلاف يوم في المدار في 7 مهمات، استمرت أطولها 908 أيام. إعلان وعرضت المجلة بالتفصيل 7 مهام لإكس-37 بي، رغم أن هاينريشز أكدت أن البنتاغون نادرا ما يكشف عن تفاصيل كل مهمة من مهام إكس-37 بي، وخاصة الحمولات، لحرصه على إخفائها. انتهت أولى هذه المهام عام 2010 وكانت مهمة افتتاحية، تثبت إمكانية إرسال المركبات الفضائية غير المأهولة إلى المدار واستعادتها بأمان، وتبعتها مهام أخرى لأهداف مختلفة، انتهت آخرها بتاريخ 7 مارس/آذار 2025، وكانت أهدافها هي العمل في أنظمة مدارية جديدة، وتجربة تقنيات الوعي بمجال الفضاء، ودراسة آثار الإشعاع على مواد ناسا. المهمة القادمة أما المهمة القادمة فتقرر إطلاقها، بالشراكة مع مكتب القدرات السريعة التابع لسلاح الجو الأميركي، من مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا يوم 21 أغسطس/آب، حسبما أعلنته قوة الفضاء الأميركية، وستُحمل المركبة الفضائية على متن صاروخ سبيس إكس فالكون 9. وستشمل المهمة -حسب المجلة- عروضا توضيحية وتجارب تشغيلية تشمل ما وصفته قوة الفضاء الأميركية في بيان صحفي بأنه "تقنيات الجيل التالي"، بما في ذلك اتصالات الليزر وأعلى مستشعر كمي بالقصور الذاتي أداء على الإطلاق تم اختباره في الفضاء. وصرح المتحدث باسم وزارة سلاح الجو الأميركي بأن تقنيات الاتصالات بالليزر تعزز مرونة هياكل الفضاء الأميركية المدنية والوطنية من خلال توفير قدرات نقل بيانات فضائية "أسرع وأكثر موثوقية ومرونة"، وصرحت قوة الفضاء الأميركية بأن هذه التقنية مفيدة للملاحة في "البيئات التي لا يتوفر فيها نظام تحديد المواقع العالمي، وبالتالي ستعزز مرونة الملاحة للمركبات الفضائية الأميركية في مواجهة التهديدات الحالية والناشئة، بالإضافة إلى تعزيز السفر والاستكشاف الفضائي لمسافات طويلة". وقالت ريبيكا إل. هاينريشز "إن شراكة روسيا والصين لتطوير التقنيات الرئيسية تمتد إلى الفضاء، مشيرة إلى أنهما حولتا مجال الفضاء إلى سلاح، رغم تشجيع الولايات المتحدة للدول على استخدام الفضاء للأغراض السلمية". وخلصت المجلة إلى أن المهم الآن هو معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكشف عن جوانب من برنامج إكس-37 بي لتظهر لروسيا والصين ما هي قادرة عليه بهدف تعزيز الردع، وهل من الممكن الاستفادة من التقنيات التي ساهم البرنامج في تطويرها في درع الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية"، الذي سيكون المرة الأولى التي تنشر فيها الولايات المتحدة أسلحة في الفضاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store